منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 12 Jul 2011, 12:55 PM
مصطفى عجو مصطفى عجو غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: البويرة
المشاركات: 22
افتراضي فتوى حول استغلال الأوضاع (مقال جديد للشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله)

فتوى حول استغلال الأوضاع


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
فضيلة الشيخ/ محمد بن عبد الله الإمام - حفظكم الله -

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ: ما حكم الشرع فيما حصل – ويحصل – في هذه الأزمة بسبب الفتنة الحاصلة في بلدنا اليمنية، من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، مما سبّب ارتفاعاً واسعاً في المواد الغذائية الأساسية، وأجور النقل، كما عطّل حركة الناس، وتضرروا تضرراً بالغاً.
ومن المعلوم لدى الجميع أن أسعار المشتقات النفطية، من بترول، وديزل وغاز؛ هي بسعرها المعروف قبل وجود هذه الأزمة، لكن بعض الناس حملَهم الجشع والطمع، وعدم الرجوع إلى أهل العلم لسؤالهم واستفتائهم فيما سيقدمون عليه من هذه التجارة بالاستغلال السيء لحاجة الناس، وعدم الرحمة بهم، فرفعوا الأسعار رفعاً بالغاً – كما هو معلوم عند الجميع – سالكين في ذلك طرقاً شتى من الحيل في الحصول عليها وبيعها بهذه الأسعار، مما حصل الضرر للجميع.
فنرجو منكم البيان الشافي، والجواب الكافي.
وجزاكم الله خيراً.



الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
أما بعد:

فلا يخفى على القراء الكرام أنَّ أول ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أنْ قدم المدينة أن آخى بين المهاجرين والأنصار، وذلك لأن المهاجرين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم، وتركوا آباءهم وإخوانهم، وقد نزل بهم ما نزل من الحاجة الماسة إلى المواساة، ومَدَّ يد العون إليهم، فقام الأنصار بمواساتهم خير قيام، وبذلوا كل غال ونفيس في سبيل تحقيق هذه الأخوة الإيمانية، فهذا سعد بن الربيع رضي الله عنه لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الرحمن بن عوف قال له: (تعال أشاطرك مالي... فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في مالك وأهلك، دلوني على السوق). فانظر إلى مدى البذل عند سعد؟! وانظر إلى مدى عزة نفس عبدالرحمن؟! ولا يخفى أيضاً ما فعله الأشعريون رضي الله عنهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الأشعريين إذا أرملوا، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم).

ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (أهل اليمن أرق أفئدة، وألين قلوباً) ولا يتحقق هذا اللين والرقة إلا بمثل هذا التعاون والبذل، وقد نزل بأهل اليمن في هذه الأيام مصيبة عظيمة لم تكن في الحُسبان، ولم تَدُر في الخيال، ولكن هكذا يبتلي الله عباده، لحكمة بالغة من تكفير سيئات، ورفع درجات، ورجوع وإنابة إليه، وقد ظهرت الحكمة التي وصف نبينا صلى الله عليه وسلم أهل اليمن بها في هذه الفتنة العظيمة في كثير من المواقف من الصبر والتحمل والتناصر والابتعاد عن تأجيجها وإشعالها، وهذا كله من لطف الله بهم، وقد ظهرت مواقف مؤخراً فيها من الإضرار ما يستدعي البيان والتحذير من ذلك لئلا يعظم الشر، ويكثر الضرر، ومن ذلك ما ذُكر في السؤال، من رفع أسعار المشتقات النفطية، وقد كَثُر طرح هذا السؤال علينا من كثير ممن يهمه معرفة الحكم الشرعي في هذا، ويهمه رفع الضرر عن إخوانه المسلمين، وإخماد الفتنة الحاصلة، لهذا نقول في الجواب عن هذا السؤال:

ما يفعله هؤلاء الناس الذين تقدَّم بيانُ حالهم في السؤال المذكور يعتبر محرماً، ولا يجوز لهم فعله لأمور:

أولاً: فيه الوقوع في الاحتكار الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: (لا يحتكر إلا خاطئ)، ومعنى (خاطئ): آثم. وذلك عند أن يقوم هؤلاء بخزنه ومنع بيعه لعامة الناس، لغرض الحصول على أسعار مرتفعة.


ثانياً: فيه الربح الفاحش، الزائد عن الجائز شرعاً، الذي يرفضه عرف الناس المعتبر، لمافيه من الضرر البالغ بمصالحهم، وهذا يعتبر من الظلم لهم، ومن شؤم الظلم وقبحه أنْ حرَّمه الله على نفسه وجعله محرماً بين عباده، كما في الحديث القدسي المعروف. ومن وقع في شيء من ظلم العباد فلا يأمن من أخذ الله له، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الظلم ظلمات يوم القيامة).


ثالثاً: فيه مساهمة كبيرة في زيادة المحن وتأجيج الفتن في البلاد، مع أن الواجب تعاون الجميع على إخماد الفتن، ورفع المحن، فنبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا أخبركم بخيركم من شركم ؟ قال فسكتوا فقال ذلك ثلاث مرات فقال رجل بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره) . ويقول: (إن لهذا الخير خزائن ، ولتلك الخزائن مفاتيح ، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير ، مغلاقا للشر ، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر ، مغلاقا للخير).

رابعاً: فيه إضرار بمعيشة الناس، لاعتمادهم في أغلب معيشتهم على هذه المشتقات، في مزارعهم، ومصانعهم، ووسائل نقلهم، وغير ذلك، وهذا الإضرار بهم محرم لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) وقوله: (من ضار ضار الله به).

خامساً: فيه التضييق والتعسير على الناس، مما أدى إلى عجز كثير منهم عن شراء هذه المشتقات مع حاجتهم الماسة لها، مع أن الواجب عليهم التيسير على الناس، لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (يسروا ولا تعسروا)، ويقول: (من يسر على معسر يسر الله عليه)، وهذا التضييق الذين يقومون به على المسلمين مما يدخل تحت قول نبينا صلى الله عليه وسلم: (من شاق شاق الله عليه).


سادساً: فيه استغلال لحاجة الناس وضرروتهم، بسبب ما نزل بهم، والواجب في مثل هذه الأحوال التفريج عن المسلمين، وكشف ضررهم، وتسهيل حاجتهم، لا زيادة الإضرار بهم. فنبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (من فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة).

سابعاً: ظهور هؤلاء الذين رفعوا سعر هذه المشتقات بصفات سيئة من جشع وطمع وقسوة تنافي الأخلاق الإسلامية التي يجب على المسلم أن يتحلى بها، خصوصاً في مثل هذه النوازل، فأين هؤلاء من قوله صلى الله عليه وسلم: (من لا يَرحم لا يُرحم)، وقوله: (الراحمون يرحمهم الرحمن) وقوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

ومما لا يجوز، ويُعتبر من المحرم، ويدخل في حكم ما سبق ذكره: ما يقوم به بعض الناس من مزاحمتهم في شراء المشتقات النفطية، لا لحاجته الخاصة به، وإنما ليبيعه للمحتاجين بأسعار مرتفعة استغلالاً لحاجتهم الماسة.

ثم أذكر جميع إخواني المسلمين بأن يعلموا أن البركة في الأموال والأرزاق من الله لمن تحرى الحلال والكسب الطيب، وإن كان قليلاً، وأن لا يغتروا بكثرة المال الذي لم يتحروا فيه الكسب الطيب، وليعلموا أن المال الحرام والمشبوه تنزع منه البركة، ويكون وبالاً على صاحبه، مع ما يجازى عليه يوم القيامة.


وفي الختام: أدعو كل من له قدرة ووجاهة ومكانة بين الناس أن يسعى سعياً حثيثاً ويبذل جهداً كبيراً في إصلاح مثل هذه الأعمال السيئة، التي أضرت بعامة الناس وزادت في تأجيج الفتن، وعلى الجميع أن يحققوا الاتصاف بالصفات التي مدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم بها من اللين والرقة والحكمة.

هذا، وينبغي أن يكون معلوماً لدى الجميع أن بعد العسر يسراً، وبعد الشدة فرجاً، فالله يقول: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} فعلى الجميع اللجوء إلى الله، والتوبة إليه، فما نزل ما نزل إلا بذنب، ولن يرفع إلا بتوبة صادقة.


والله نسأل، وبأسمائه الحسنى نتوسل أن يصلح البلاد والعباد، وأن يجعلنا وإياكم مفاتيح خير مغاليق شر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


محمد بن عبد الله الإمام
في 10 شعبان 1432هـ دار الحديث - معبر

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013