منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 Jan 2010, 06:04 PM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي " تأمّلاتٌ في قول الله عزّ و جلّ { وما قدروا الله حقّ قدره }" للشّيخ حسن آيت علجت الجزائري حفظه الله


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



تأمّلات في قول الله عزّ و جلّ { و ما قدروا الله حقّ قدره }


للشّيخ الفاضل :


حسن آيت علجت الجزائري


- حفظه الله و رعاه -






لقد ذكر الله هذه الجملة : { وما قدروا الله حقّ قدره } في ثلاثة مواضع من كتابه العزيز :

الموضع الأول : في سورة الأنعام : { و ما قدروا الله حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا و هدى للنّاس تجعلونه قراطيس تبدونها و تخفون كثيرا و علّمتم مالم تعلموا أنتم و لا آباؤكم قل الله ثمّ ذرهم في خوضهم يلعبون } [الأنعام:91].

الموضع الثّاني : في سورة الحجّ : { يا أيّها النّاس ضرب مثل فاستمعوا له إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذّباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب ما قدروا الله حقّ قدره إنّ الله لقويّ عزيز }[الحج:73-74]

الموضع الثّالث : في سورة الزّمر : { و ما قدروا الله حقّ قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السّماوات مطويّات بيمينه سبحانه و تعالى عمّا يشركون }[الزمر:67].

و لعلماء التّفسير في هذه الجملة : { وما قدروا الله حقّ قدره } أربعة تأويلات ذكرها الماورديّ في " النّكت و العيون " (2/141) :

أحدها : و ما عظّموه حقّ عظمته ، قاله الحسن البصري ، و الفرّاء ، و الزّجاج .
و الثّاني : و ما عرفوه حقّ معرفته ، قاله أبو عبيدة.
و الثّالث : و ما وصفوه حقّ صفته ، قاله الخليل .
و الرّابع : و ما آمنوا بأنّ الله على كل شيء قدير ، قاله ابن عباس رضي الله عنه.

و على هذا ، فإنّ هذه الأقوال تدور على ثلاثة أمور :

الأوّل : إثبات توحيد الله عزّ و جلّ و عظمته .
الثّاني : إثبات صفاته السّنيّة العليا من : تكليمه سبحانه لرسله ، و إرساله إيّاهم ، و من قبضه الأرضين ، و طيّه للسّماوات بيمينه يوم القيامة .
الثّالث : إثبات قدرته على البعث و إحياء الموتى.

ففي سورة الحج ، ذكر سبحانه هذه الجملة في معرض إثبات وحدانيّته ، و أنّه لا يستحق العبادة إلا هو ، و في سورة الأنعام ، في معرض إثبات ما أنزله – جلّ و علاّ – على رسله ، و في سورة الزّمر في معرض إثبات المعاد و قيام النّاس لربّ العالمين.

و هذه الأصول الثّلاثة ، و هي : التّوحيد ، و النّبوّات ، و المعاد ، هي الأصول الاعتقاديّة التي اتّفقت عليها جميع الملل ، و جاءت بها جميع الرّسل عليهم الصّلاة و السّلام .
و عامة السّور المكّيّة تضمّنت هذه الأصول التي اتّفقت عليها رسل الله ، إذ كان الخطاب فيها يتضمّن الدّعوة لمن لا يقرّ بأصل الرّسالة (1).

لهذا نجد أنّ السّور التي وردت فيها هذه الجملة : { و ما قدروا الله حقّ قدره } و هي سور : الأنعام ، و الحجّ ، و الزّمر ، و هي سور مكّيّة ، على خلاف في سورة الحجّ ، و من المعلوم أنّ الاعتناء في السّور المكّيّة ، إنّما هو بمسائل الاعتقاد – أو المسائل العلميّة الخبريّة - ، من تقرير التّوحيد ، و المعاد ، و النّبوّة ، و أمّا تقرير الأحكام و الشّرائع – أو المسائل العمليّة الطلبيّة – فمظنّة السّور المدنيّة (2).

من أجل ذلك ، نجد أنّ في كلّ موطن من المواطن الثّلاثة التي ذكرت فيه هذه الجملة ، ردّا على صنف ممّن تنكّب طريق الحقّ في باب الاعتقادات فلم يقدر ربّ العالمين حقّ قدره (3). :

الصّنف الأوّل : المشركون الذين عبدوا مع الله غيره ، و هم المذكورون في سورة الحجّ.

الصّنف الثّاني : المعطّلة النّفاة للصّفات الإلهيّة العليا ، الذين ينكرون أنّ يكون لله عزّ و جلّ يدان ، فضلا عن أن يقبض بهما شيئا ، و هم المذكورون في سورة الزّمر.

و قد روى البخاريّ – و اللّفظ له - ، و مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال : جاء حبر من اليهود فقال : " إنّه إذا كان يوم القيامة ، جعل الله السّماوات على إصبع ، و الأرضين على إصبع ، و و الماء و الثّرى على إصبع ، و الخلائق على إصبع ، ثمّ يهزّهنّ ، ثمّ يقول : أنا الملك ، أنا الملك " ، فلقد رأيت النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم يضحك حتى بدت نواجذه تعجّبا و تصديقا لقوله ، ثم قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : { و ما قدروا الله حقّ قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السّماوات مطويّات بيمينه سبحانه و تعالى عمّا يشركون }[الزّمر:67].

و من ذلك أيضا ، ما رواه ابن عمر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر : { و ما قدروا الله حقّ قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السّماوات مطويّات بيمينه سبحانه و تعالى عمّا يشركون }[الزّمر:67]، و رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول هكذا بيده ، و يحرّكها ، يقبل بها و يدبر : " يمجّد الرّب نفسه : أنا الجبّار ، أنا المتكبّر ، أنا الملك ، أنا العزيز ، أنا الكريم " فرجف برسول الله صلّى الله عليه و سلّم المنبر حتّى قلنا ليخرّنّ به (4).

الصّنف الثّالث :
منكروا النّبوّات ، الذين ينكرون إنزال شيء على البشر ، فيكذّبون بذلك بإرسال الله عزّ و جلّ للرّسل ، و إنزال كتبه عليهم.

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله في " الجواب الكافي "(ص220) مبيّنا هذا المعنى : " فما قدر الله حقّ قدره من عبد معه غيره ، كما قال تعالى : { يا أيّها النّاس ضرب مثل فاستمعوا له إنّ الذين تدعون من دونه لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذّباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطّالب و المطلوب ما قدروا الله حقّ قدره إنّ الله لقويّ عزيز}[الحجّ:73-74] ، فما قدر الله حقّ قدره من عبد معه من لا يقدر على خلق أضعف حيوان و أصغره ، و إن يسلبهم الذّباب شيئا ممّا عليه ، لم يقدروا على الاستعاذة منه ، و قال تعالى : { و ما قدروا الله حقّ قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السّماوات مطويّات بيمينه سبحانه و تعالى عمّا يشركون }[الزّمر:67] ، فما قدر – من هذا شأنه و عظمته – حقّ قدره من أشرك معه في عبادته من ليس له شيء من ذلك ألبتّة ، بل هو أعجز شيء و أضعفه ، فما قدر القويّ العزيز حقّ قدره من أشرك معه الضّعيف الذّليل ، و كذلك ما قدره حقّ قدره من قال : إنّه لم يرسل إلى خلقه رسولا ، و لا أنزل كتابا ، بل نسبه إلى ما لا يليق به ، و لا يحسن منه ، من : إهمال خلقه و تضييعهم ، و تركهم سدى ، و خلقهم باطلا عبثا ، و كذا ما قدره حقّ قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى ، و صفاته العلى : فنفى سمعه ، و بصره ، و إرادته ، و اختياره ، و علوّه فوق خلقه ، و كلامه و تكليمه لمن شاء من خلقه بما يريد " ... إلى آخر كلامه.

فيتقرّر من هذا أنّ في هذه الجملة ردّا على المشركين و المعطّلين الجاحدين لتوحيده و لصفاته ، و ردّا على منكري كتبه و رسله ، و هذان هما أصلا الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله و أنّ محمدا رسول الله (5) .

و دلّت هذه الجملة على أنّ لله جلّ و علا قدرا عظيما ، فكما أنّه لا يحصي ثناءه سبحانه أحد من خلقه ، كذلك لا يحصي تعظيمه أحد من خلقه التّعظيم الذي يستحقّه جلّ في علاه ، و لهذا قال أعلم الخلق بالله عزّ و جلّ ، ألا و هو عبده و رسوله محمد صلّى الله عليه و سلّم : " لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك " (6) .

فهو سبحانه و تعالى : { ذو الجلال و الإكرام }[الرّحمن:27] ، أي : أهل أن يجلّ في نفسه ، و أهل أن يكرم .

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة في " المجموع "(16/320) : " و العباد لا يحصون ثناءا عليه ، فهو كما أثنى على نفسه ، كذلك هو أهل أن يجلّ و أن يكرم ، و هو سبحانه يجلّ نفسه و يكرم نفسه ، و العباد لا يحصون إجلاله و إكرامه ، و الإجلال : من جنس التّعظيم ، و الإكرام : من جنس الحبّ و الحمد ، و هذا كقوله : { له الملك و له الحمد }[التّغابن:1] ، فله الإجلال و الملك ، و له الإكرام و الحمد " اه.

و في هذا جاء حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعا إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : " إنّ من إجلال الله : إكرام ذي الشّيبة المسلم ، و حامل القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه ، و إكرام ذي السّلطان المقسط " (7).

و لما كان الأمر بهذه المثابة ، أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بالإكثار من الدّعاء ب : " يا ذا الجلال و الإكرام " ، ففي الحديث المرويّ عن جماعة من الصّحابة مرفوعا : " ألظّوا ب : يا ذا الجلال و الإكرام " (8).

قال ابن الأثير في " النّهاية "(4/252) : ْ أي : الزموه ، و اثبتوا عليه ، و أكثروا من قوله ، و التّلفظ به في دعائكم ، يقال : ألظّ بالشّيء ، يلظّ ، إلظاظا : إذا لزمه ، و ثابر عليه " اه.

و قد أنكر نبيّ الله نوح عليه السّلام على قومه عدم تعظيمهم لربّ العالمين فقال : { مالكم لا ترجون لله وقارا }[نوح:13] ، أي : لا تعاملونه معاملة من توقّرونه ، و الوقار : العظمة ، اسم من التّوقير و هو : التّعظيم ، و منه قوله تعالى : { و توقّروه }[الفتح:9] (9).

و هذا التّعظيم الذي يجب على العبد نحو خالقه – جلّ و علا – هو أحد ركني العبادة التي خلقه الله عزّ و جلّ لأجلها ، ذلك بأنّ " العبادة مبنيّة على أمرين عظيمين ، هما : المحبّة و التّعظيم ، النّاتج عنهما : { إنّهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين }[الأنبياء:90] ، فبالمحبّة تكون الرّغبة ، و بالتّعظيم تكون الرّهبة و الخوف ، و لهذا كانت العبادة أوامر و نواهي :

- أوامر مبنيّة على الرّغبة ، و طلب الوصول إلى الآمر.

- و نواهي مبنيّة على التّعظيم ، و الرّهبة من هذا العظيم "
(10).

فتضمّنت هذه الجملة أحد الرّكنين الذين تقوم عليهما عبادة الإنسان لربّه عزّ و جلّ و هو التّعظيم.

و الله تعالى أعلم ، و الحمد لله ربّ العالمين .





الحواشي :


(1) انظر : " فتاوى ابن تيمية "(15/159- 160) ، و " شرح العقيدة الأصفهانية "(ص211).
(2) انظر : " فتاوى ابن تيمية (8/24) ، و " الصواعق المرسلة " لابن القيم (4/1363-1364).
(3) انظر " التبيان في أقسام القرآن " لابن القيم (ص140).
(4) صحيح : أخرجه أحمد – و السياق له - ، و ابن أبي عاصم في " السنة " ، و ابن خزيمة في " التوحيد " . انظر : " الصحيحة " (7/1/596-597).
(5) انظر : " الصواعق المرسلة " لابن القيم (4/1363).
(6) رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها (485).
(7) حسن : رواه أبو داود . " صحيح الترغيب " (98).
(8) صحيح : رواه أحمد و الحاكم . " الصحيحة " (1536).
(9) انظر : " تفسير البغوي " (ص231) ، و " الفوائد " لابن القيم (ص242- ط : دار النفائس).
(10) قاله العلامة ابن عثيمين في " شرح الواسطية " (1/24-25 ، ط : ابن الجوزي).




انظر: مجلة " الإصلاح " السّنة الثّانية - العدد الثّامن - ربيع الأوّل / ربيع الثّاني 1429ه .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07 May 2010, 10:18 PM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي

يرفع للفائدة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07 May 2010, 11:49 PM
صبري عادل الجزائري صبري عادل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: عنابة
المشاركات: 173
إرسال رسالة عبر MSN إلى صبري عادل الجزائري
افتراضي

باب
قول الله تعالى :
{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ }
ختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه بهذه الترجمة و ذكر النصوص الدالة على عظمة الرب العظيم وكبريائه، ومجده وجلاله وخضوع المخلوقات بأسرها لعزه ، لأن هذه النعوت العظيمة والأوصاف الكاملة أكبر الأدلة والبراهين على أنه المعبود وحده، والمحمود وحده ، الذي يجب أن يبذل له غاية الذل والتعظيم وغاية الحب والتأله ، وأنه الحق وما سواه باطل ، وهذه حقيقة التوحيد ولبه وروحه وسر الإخلاص .
فنسأل الله أن يملأ قلوبنا من معرفته ومحبته والإنابة إليه ، إنه جواد كريم .

من القول السديد بقلم العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08 May 2010, 08:20 AM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي

بارك الله فيك أخي الفاضل
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تزكية, حسن آيت علجت, وماقدرواالله


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013