منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 07 Mar 2010, 10:00 AM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي " من أسباب التّأخّر عن الزّواج " مقال للشّيخ عبد العزيز بن محمّد السّدحان حفظه الله .


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .


" من أسباب التّأخّر عن الزّواج "


بقلم فضيلة الشّيخ :


عبد العزيز بن محمد السدحان


- حفظه الله -






لقد جاء الإسلام بكل ما يكفل للناس استقرار حياتهم ، جاء بما ينظم و يهيء الحياة الهانئة ، ففي تعاليمه و أحكامه و آدابه تجتمع خصال الخير كلها ، و تنتفي خصال الشر كلها . و إن من الأمور التي جاء بها الإسلام الحث على الزواج لما في ذلك من المصالح الكثيرة.

فإن من سنة الله تعالى في خلقه أن جعل المرأة سكنا للرجل { و من آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } ، وصفت المرأة بالسكن لأن السكن مأوى يأوي إليه صاحبه فيجد فيه الطمأنينة و الدعة ، و عليه فالمرأة سكن للرجل في جميع شؤونه ، سكن حسي و معنوي ، سكن يغض بصره ، و يحصن فرجه ، سكن ينشر شمله و يبقي اسمه و رسمه.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى : " ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم و جعل بينهم مودة و هي المحبة ، و رحمة و هي الرأفة ، فإن الرجل يمسك المرأة ، إما لمحبته لها ، أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد أو محتاجة إليه في الإنفاق ، أو للألفة بينهما و غير ذلك " انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

لقد تكاثرت النصوص الشرعية في الحث على الزواج ، بل و الأمر به و من تلك النصوص:

قوله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع ...} ، و قوله صلى الله عليه و سلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم " .

ولما كان الأمر كذلك كان على المسلم أن يحرص على المبادرة إلى ذلك الأمر الذي فيه مصالح كثيرة منها:

طاعة ربه تعالى و الاقتداء بنبيه صلى الله عليه و سلم ، و كذلك غض بصره و تحصين فرجه ، و بقاء ذكره و ذريته ، إضافة إلى جريان الأجر عليه بسبب صلاح ولده و دعائه له.

و مع هذا الترغيب الشرعي و تلك المصالح الكثيرة إلا أنه يوجد في البيوت كثير من الذكور و الإناث لم يحظوا بذلك الخير و المصالح الكثيرة.

و هؤلاء في الجملة على أقسام كثيرة:

قسم منهم حبسهم نوع من العذر كمرض و ما شابهه ، و منهم من حبسه عدم القدرة المالية ، و هؤلاء و أولئك ينتظرون زوال عذرهم ليلحقوا بذلك الركب ، و يدركوا من الفضائل و المصالح ما أدرك غيرهم . و قسم آخر عزف عن الزواج متذرعا بمشاغله من الدراسة أو عمل ، و هذا على خلل ، بل و قد يأثم كثيرا إذا كان ممن تتوق نفسه إليه مع قدرته عليه و خشيته على نفسه ، و النصوص في ذلك دالة على وجوب الأمر بالزواج لمن كان هذا شأنه . و قسم آخر تأخر عن أمر زواجه راغما لا راغبا ، و مضطرا لا مختارا ، و ذلك لعدم قدرته على تكاليف الزواج الباهضة التي تفرضها بعض العادات أو الأقاليم أو الأجناس ، و هذا الأمر يبوء بإثمه أولئك الأولياء الذين وقفوا عثرة في طريقه و طريق أمثاله ، أولئك الأولياء الذين جعلوا من بناتهم سلعا تجارية يساومون عليها ، فمن دفع أكثر كان إلى حوزها أقرب ، فبؤسا لأولئك الأولياء الذين راعوا جيوبهم و شهواتهم و لم يراعوا مسؤوليتهم و براءة ذمتهم.

إن غلاء المهور من قواصم الظهور ، غلاء المهور كم أخرت من بناء بيوت ، تمكث الفتاة ردحا من الزمن تنتظر دورها لتنضم إلى ركب الزوجية ، فتصبح زوجة و أما لها كيان مستقل تشعر فيه بدورها و مسؤوليتها ، تتمنى تلك المسكينة أن تشعر بما يشعر به مثيلاتها في بيت الزوجية و الأمومة ، إلا أن تلك الظاهرة أعني غلاء المهور لا تعرف إلا و لا ذمة عند بعض الأولياء الذين يعدونها من مظاهر الفخر و القوامة ، و لا يقبلون في سبيل التنازل عنها صرفا و لا عدلا.

غلاء المهور كم تحمل بسببه من ديون ، بل كم تسبب في هدم بيوت بعد قيامها ، لما يولد في نفس الزوج من الشحناء على زوجته و آل زوجته ن يمكث أحدهم دهرا طويلا في سداد ديونه التي أثقلت كاهله ، حتى اضطر بعض الأزواج إلى مفارقة بلد والديه كرها ليأوي إلى سكن أقل كلفة ، ليوفر بعض المال في سبيل سداد دينه ، و آخر آلى على نفسه عدم زيارة أهل زوجته حتى يقضي ديونه التي تحملها بسببهم.

فيا لله العجب:

أي بركة يجنيها الوالي لنفسه أو ابنته أو زوجها و قد جعل من زواجها هدما لا بناءا و تفرقا لا تجمعا ؟!

إن من بركة بناء بيت الزوجية كون الصداق يسيرا كما قال صلى الله عليه و سلم : " خير الصداق أيسره " . و عن أبي العجفاء السلمي قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " ألا لا تغالوا صدق النساء ، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله عز و جل ، كان أولاكم به النبي صلى الله عليه و سلم " .

و بكل حال فليتق الله تعالى أولئك الأولياء الذين جعلوا من مغالاة المهور عثرات في طريق بناتهم و أبناء المسلمين ، كل ذلك في سبيل الموافقة لعادات قبلية أو إقليمية يعز عليه التنازل عنها ، بل يرى في تركها نقصا في حقه و هضما لشخصه ، و هذا من الجهل المركب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه و سلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة ، و هن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، و كذلك صداق أمهات المؤمنين و هذا مع القدرة و اليسار ، فأما الفقير و نحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة ما لا يقدر على وفائه من غير مشقة " ( مجموع الفتاوى : 32/194 ).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى بعد سياق بعض الأحاديث المتعلقة بالصداق : " ... و تضمن أن النغالاة في المهر مكروهة في النكاح ، و أنها من قلة بركته و عسره " ( الزاد : 5 / 178 ).

و قال بعض أهل العلم : " الغلو في المهور إذا ترتبت عليه مضايقة الأكفاء و انصرافهم عن الزواج أو عجزهم عن دفع المهر ، و ترتب على ذلك بوار النساء و تعريض الشباب و الشابات للخنا و الفساد أو نقص النسل أو غير ذلك ، فإن الغلو يكون محرما بالإجماع " ( كتاب " مسائل تكثر الحاجة إليها " : ص 41 ).

و مما ينبغي أن ينبه عليه في هذا المقام أمران اثنان:

الأول : ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقال : " و ما يفعله بعض أهل الجفاء و الخيلاء و الرياء من تكثير المهر للرياء و الفخر ، و هم لا يقصدون أخذه من الزوج ، و هو ينوي ألا يعطيهم إياه ، فهذا منكر قبيح مخالف للسنة خارج عن الشريعة " انتهى كلامه رحمه الله تعالى . ( مجموع الفتاوى : 32 / 193 – 194 ).

و الأمر الثاني : هو أن بعض الأولياء يأخذ من الزوج مهرا مرتفعا ، و عند كتابة عقد النكاح يأمر العاقد أن يكتب عشر معشار ما أخذ من الزوج ، يزعم أن مسألة المهر لا تهمه و أن المهم هو ذات الزوج ، و هذا كمثل الذي يتشبع بما لم يعط ، و فيه مضرة على الزوج في حالة انفصاله عن الزوجة بالمخالعة إذ قد يجحد أهلها حقيقة صداقه ، و هناك أضرار أخرى كذلك ، و كان الأولى بالمسلم أن يكون صادقا في قوله و فعله سواءا كان ذلك له أم عليه.


- انتهى -


انظر: مجلة الدعوة – العدد 1651 – 29 ربيع الأول 1419ه – ص ( 26 ) .

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013