منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 06 Aug 2019, 07:24 AM
وليد ساسان وليد ساسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 77
افتراضي خلافات كثيرة في وسائل التواصل مردها إلى الجهل بحكمة الشرع :

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

قال الإمام الأوزاعي - رحمة الله عليه - ( إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل و منعهم العمل ). وروي عن غيره بمثله.

إن مما يراه جميعنا في وسائل التواصل كثرة الخلافات، وانتشار القلاقل والخصومات المبنية على قلة العلم وسوء الفهم، فإننا نرى كل من وهبه الله هاتفا صار كاتبا فقيها، يعترض على أهل الكتابة من طلبة العلم محكما عقله العليل في ما وهبهم الله من حكمة وتريث، ملزما لهم بإلزامات لاتثبت في جملتها، وإن ثبت بعضها فلعلة قادحة جاء تأخيرها، فعمت الفوضى وانتشر البلاء، والله المستعان.

وإن مما يحسن التنبيه عليه موضوع مهم إذا فقهناه قلت الخصومة بيننا ونقص الخلاف، وهو باب الاستدراكات الفاشلة، فإنك لا تكاد تكتب منشورا إلا وتجد معترضا على جزئيات لا يصح الاستدراك عليها تخرج عن الحد بطبيعتها، يستلزم خروجها عنه؛ طريقة العرب في كلامها، وثقافة اللفظ وحقيقة البيان.

ولذلك أردت أن أسوق بعض الأمثلة من بحر زاخر من الأمثلة لما يسعه الخلاف في الظاهر والصواب بخلافه، ولما يفتح باب الاعتراض عليك فيما تقوله أو تكتبه والحق معك لا مع المعترض.
(1)
إن مما استقر عليه الناس في دينهم أننا نجدهم يقولون للواحد منهم قبل وقوع العارض المؤذي:(اعقلها وتوكل)، ويقولون له إذا ألمت الملمة و وقعت البلية
(لا يمنع حذر من قدر) أو (إذا جاء القضاء ضاق الفضاء)و(قدر الله وماشاء فعل) ونحوها.
ومع ذلك فإنك تجد من يعترض على الناصح القائل: ( اعقلها وتوكل) بالقول : !لا يمنع حذر من قدر! فيُحدث الخلط يسبب الخلاف والفوضى.
(2)
وكذلك من عمل السلف رحمهم الله في النصح أنهم إذا جاءهم المسرف على نفسه المتكل على عفو ربه، ذكروه بعذاب الله وبطشه، واذا جاءهم القانط ذكروه بعفو الله وكرمه ، وإذا جاءهم معتدل المزاج سووا له بينهما، فإذا رآك من لا يعرف طريقتهم ولم يسبر فعلهم تسير بسيرهم في نصحك لمن قد ثبت عندك انه من أحد الصنفين المائلين ربما اعترض بالمساواة في النصح، والعدل في التذكير، وهذا قد أفسد من حيث اراد الإصلاح وظلم من حيث طلب العدل، فما زاد إلا أن زرع الخلاف وفرق الكلمة وشوش على الناصح والمنصوح وحاد بالكلام عن سِكته، ومال به عن منهجه.

(3)

ومنه كذلك أنك ترى الغني البخيل فيلزم عليك أن ترغبه بفضل الصدقات و تحذره من البخل والامساك، وترى السائل المتسول فتحذره من سؤال الناس وتذكره بفضل التعفف، فيكون بذلك توازن في المجتمع بين هذا وذاك، ونشر للوسطية التي بعث بها الأنبياء.
فلو أننا ملنا إلى الغني فقط بالتذكير لاستظهر عليه الفقير وقهره، ولو كان الميل إلى الفقير فقط بالترهيب لمنع حقا قد أوجبه الله له.

فإذا سمعك أهل الظواهر تنصح الغني بنصيحة وقتية ظرفية خلطوا عليك هذا بذاك وشوشوا عليك فرصتك بالجدال والعراك.

وعلى هذا سار المنذري رحمه الله في كتاب الترغيب والترهيب
فتراه يبوب: باب في الترغيب في الصدقات يتبعه بباب في الترهيب من سؤال الناس.

وإنما مرد هذا كله إلى الحق الذي بعث الله به أنبياءه وأنزل به كتبه، وهو دين العدل و الوسطية وهو من الكلام في دين الله.

وتبقى المعركة بين الغلو والتفريط قائمة إلى قيام الساعة سواء أكانت في القضايا الكلية أم في الجزئيات.

قال أحد السلف ما أمر الله بأمر إلا وكان للشيطان فيه نزعتان إما إلى غلو وإفراط أو إلى جفاء وتفريط ولا يبالي الشيطان بأيهما ظفر.
وهذا باب قد أتى ابن القيم رحمه الله على جدار شبهته في كتابه إغاثة اللهفان فكسر أساسه، وففتت حجاره.

من فقه ابن القيم في هذا الباب :

ومراعاة لما سبق أجاب ابن القيم رحمه الله عن شبهة في حديث كثر اللغط فيه "..… فحاج آدم موسى."

والذي ظاهره أنه احتجاج بالقدر على المعصية.

ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» مَرَّتَيْنِ

قال ابن القيم في شفاء العليل(ص18) بعد أن ساق بعض التوجيهات للحديث: قال وقد يتوجه جواب آخر وهو أن الاحتاج بالقدر على الذنب ينفع في موضع، ويضر في موضع:

فينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه وترك معاودته كما فعل آدم، فيكون في ذكر القدر إذ ذاك من التوحيد ومعرفة أسماء الرب وصفاته…

وأما الموضع الذي يضرّ الاحتجاج به ففي الحال والمستقبل؛ بأن يرتكب فعلًا محرمًا، أو يترك واجبًا، فيلومه عليه لائم، فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره، فيبطل بالاحتجاج به حقًّا، ويرتكب باطلًا، كما احتجّ به المصرّون على شركهم وعبادتهم غير الله فقالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148]، {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20]، فاحتجّوا به مصوّبين لما هم عليه، وأنهم لم يندموا على فعله، ولم يعزموا على تركه، ولم يقروا بفساده، فهذا ضدّ احتجاج من تبين له خطأ نفسه، وندم وعزم كل العزم على أن لا يعود، فإذا لامه لائم بعد ذلك قال: كان ما كان بقدر الله” اه.

ولعل من أكبر البلاء الذي يسبب الخلاف بيننا هو هجراننا للسان سلفنا وبيانهم.

ولعل أكثر الناس عذرا لك، هم أكثرهم نجاحا في المجتمع،
ولو كان نجاحا دنيويا، فالفاشل لم يجرب فيطلب الكمال لغيره، والناجح وصل على خطوات التعثر فهو اعذر للسائرين إذ يقيس سيرهم بسيره.
ولذلك فإنه لا تكاد ان تجد خلافا بين أهل الحرف والصناعات مرده إلى سوء الفهم.
وابحث في كل مشوش على الناس ولن تجده إلا بطالا، يطلب الكمال لغيره وهو منه براء.

ولهذا قال بعض السلف:: أَهْلَكَ الناسَ رجلان .. نِصْفُ عالِم، ونِصفُ طبيب !.. هذا يهلك الأبدان، وذاك يهلك الأديان.

والحمد لله رب العالمين.

بقلم: وليد ساسان.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013