09 Oct 2010, 08:47 AM
|
وفقه الله وغفر له
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: الجزائر
المشاركات: 473
|
|
معنى الرحمة المضافة إلى الله سبحانه (مخلوقة أو غير مخلوقة) للشيخ الفاضل محمد علي فركوس -حفظه الله-
.:: في معنى الرحمة المضافة إلى الله سبحانه ::.
للشّيخ الفَاضِل أبي عَبدِ المعِزّ مُحمَّد عَلي فَركُوس - حفظه الله -
السـؤال:
مِنَ المعلومِ من عقيدةِ أهلِ السّنةِ والجماعةِ أنّ الرّحمةَ صفةٌ مِن صفاتِ اللهِ تعالى، وأنّ صفاتِه سبحانه ليستْ مخلوقةً، لكنْ ثمّةَ أحاديثُ تدلّ بظاهرِها على أنّ الرّحمةَ مخلوقةٌ، فنرجو منكم حفظكم الله أن تُجَلُّوا لنا هذه المسألةَ بما يرفع الإشكالَ.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فاعلمْ –رحمك اللهُ- أنّ الرّحمةَ المضافةَ إلى اللهِ تعالى إن كانتْ مِن إضافةِ صفةِ إلى موصوفٍ فليستْ مخلوقةً لأنّها ملازمةٌ لذاتِه تعالى ولا تنفكّ عنها كسائرِ صفاتِه، ومنه قولُه تعالى : ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 56] وقولُه تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف: 58]، ﴿فَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [البقرة: 64]. وصفةُ اللهِ تعالى داخلةٌ في مسمّى أسمائِه، فمَنْ حلف بصفةِ رحمةِ اللهِ أو بغيرِها مِن صفاتِ اللهِ تعالى أو استعاذ بها، فإنّما حلف باللهِ واستعاذ به تعالى، يشهد له قولُه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ»(١ ).
- أمّا إذا أُضيفتِ الرّحمةُ إلى اللهِ تعالى إضافةَ مفعولٍ إلى فاعلٍ، أو إضافةَ مخلوقٍ إلى خالقٍ فهي رحمةٌ مخلوقةٌ، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا﴾ [فصلت: 50]، وقولُه تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً﴾ [هود: 9]، ومنه تسميةُ المطرِ رحمةً كقولِه تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الأعراف: 57]، وفي الحديثِ: «احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: فِيَّ الجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُمْ. قال : فَقَضَى بَيْنَهُمَا: إِنَّكِ الْجَنَّةُ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا»(٢ )، فجعل الجنّةَ رحمتَه مع أنّها مخلوقةٌ، وقولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَأنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابّةُ حَافِرهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ»(٣ )، وفي لفظِ البخاريِّ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ»(٤ ).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 27 شوال 1431ﮬ الموافق ﻟ: 06 أكتوبر 2010م
ـــــــــــــــــــــ
١- أخرجه التّرمذيّ في «الدّعوات» رقم (3524) من حديث أنس رضي الله عنه، وحسّنه الألبانيّ في «السّلسلة الصّحيحة»: (1/ 449) رقم (227 ).
٢- أخرجه مسلم في «الجنّة وصفة نعيمها وأهلها» (2/ 1304) رقم (2846)، وأحمد: (3/ 79) رقم (1754)، من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه.
٣- أخرجه مسلم في «التّوبة» (2/ 1262) رقم (2751)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٤- أخرجه البخاريّ في «الرّقاق» (3/ 321) رقم (6469) باب الرّجاء مع الخوف، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
|