لا يخفى على الجميع أن من أسباب الخلاف الواقع بين المسلمين اليوم التعصب ، والتعصب الممقوت للشيء هو التمسك به مع العلم ببطلانه ، قال الإمام محمد بن عبدالوهاب في مسائل الجاهلية : " المسألة الثالثة والتسعون ، أن تعصب الإنسان لطائفته على الحق والباطل أمر لا بد منه عندهم " ا.هـ . والتعصب منه ما يكون تعصباً لشخص ، أو منهج مخالف لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنه ما يكون تعصباً لحزب أو أو رأي . وهذا التعصب هو من أشد أسباب الخلاف فتكاً بالأمة ، خصوصاً إذا صاحب هذا التعصب محاربةً للحق وسعياً في نفيه .فأهل الجاهلية كان التعصب ديدن كثير منهم ، ولهذا ذكر الله تعالى عنهم في كتابه ذلك ، فقال :{وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } سورة فصّلت ( آية 26 ) وقال الله تعالى منكراً عليهم { أفلم يدّبروا القول أم جاءهم ما لم يأتِ آباءهم الأولين }سورة المؤمنون ( آية 68 ) كما أن الله تعالى أخبر عن أهل الكتاب أنهم يتعصبون لطائفتهم على ما هم واقعون فيه من الباطل فقال سبحانه : {قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم } ، قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مسائل الجاهلية : " المسالة الثانية والثلاثون :كفرهم بالحق إذا كان مع من لا يهوونه ، كما قال تعالى : { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } "ا.هـ قال العلامة صالح الفوزان في شرح مسائل الجاهلية ( ص 128-130 ) : " هذه المسألة من أخطر المسائل وهي كفرهم بالحق إذا كان مع من لا يهوونه ، أي لا يحبونه ، فيتركون الحق الذي معه تعصباً ؛ لكراهتهم للشخص فيتركون الحق من أجله "ا.هـ وقال : " ومثل هذا موجود الآن ، إذا كانت طائفة أو جماعة تبغض أحد العلماء ، فإنهم يرفضون ما معه من الحق ، وأن يُعتِّموا عليه فيزهدوا فيه، ويحذروا من مؤلفاته، ومن أشرطته ، ولو كانت حقاً . لماذا ؟ لا لشيء ولكن لأنهم لا يحبون هذا الشخص !" ا.هـ وقال : " الحاصل أن المسلم يجب عليه أن يقبل الحق ، ولا تحمله عداوته الشخصية ، و أغراضه النفسية ، والإشاعات التي تشاع عن بعض أهل الحق على رفض ما يقوله هذا العالم بل ينتفع به " ا.هـ
وقال حفظه الله وأعلى قدره في ( ص 119) " {نؤمن بما أنزل علينا}و هذا يشمل من يقول: أنا لا أتبع إلا فلانا من العلماء ،ـ والواجب أن يقبل الحق ولا يتعصب لإمامه "ا.هـ فما الداعي لصاحب الحق ، الطالب له ، الراجي نجاته يوم القيامة أن يتعصب لما معه من رأي ، فإنك يا صاحب الحق والسنّة ، ينبغي لك أن تتأمل في كل رأي خالفك ، وتعرضه على الدليل من الكتاب والسنّة بفهم السلف ، فما وافق الدليل فأنت أولى الناس به ، وما خالفه ، فأنت أولى الناس بالإعراض عنه ، فلا يحملنك ما معك من العلم ، أو ما عندك من الجاه ، من النظر فيما عند خصمك فلا تعجلن أخي في رده والإعراض عنه ، كما لا تعجلن في الدخول فيه وقبوله ، حتى يتبين لك صوابه ، وكونه على السنّة والأثر .