السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الاخوة الكرام انطلاقا من قوله تعالى مخبراً عن موسى والخضر عليهما السلام : [ هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ] . وقوله تعالى : [ فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ] . قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله تعالى- : [ نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم ]. فإنه من الضروري تعلم الأدب قبل تعلم العلم *** و رحم الله أم مالك بن أنس فلما كان - رحمه الله – صبيا كانت تعممه وتقول له : اذهب الى المسجد عند ربيعة و خذ من أدبه قبل علمه *** ورحم الله الحسين بن علي لابنه : يا بني إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت ، ولا تقطع على أحد حديثا و إن طال حتى يمسك *** فإن من أسباب المصائب والمحن والفتن التي حلت بنا معشر طلاب العلم أننا نبذنا الأدب والتأدب وراء ظهورنا و هجرنا السمت الصالح والهدي الصالح ، و شرعنا في الطلب ولم نتزين بحلية أهله ، فنشأت الـ ... التي أثمرت الـ... ، فكان من الواجب علينا البدء من حيث يجب البدء *** ألا وهي البدء بدراسة آداب طلب العلم الشرعي التي لولاها لن تستقيم مسيرته ولن يتعلم التواضع والذل للعلم والعلماء ، ولن يؤدي حقوق أقرانه ، ولن يحسن أدب السؤال ، ولا إنصاف من زلّ . *** تأملوا معي جيداً هذه الكلمات : [ قال الإمام البخاري رحمه الله: باب من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث، ثم أجاب السائل حدثنا محمد بن سنان ، قال: حدثنا فليح (ح)، وحدثني إبراهيم بن المنذر ، قال: حدثنا محمد بن فليح ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني: هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال: (بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال؛ فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه، قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) . هذا هو الباب الثاني من كتاب العلم للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، وقد افتتح هذا الكتاب بقوله: (باب فضل العلم) فلنتصور أنك بعدما سمعت الأحاديث والآيات في فضل العلم أن تكون تمتعت بذلك، ورغبت أن تكون إما متعلماً على سبيل النجاة، أو أن تكون عالماً، ولكل قسم من هذين القسمين عُدة، فالمتعلم على سبيل النجاة يسمع ويعمل، أما المتعلم ليُعلم فإنه يسمع ليعمل ثم يعلم. فبعد أن علمت فضل العلم والعلماء، وأن العلم يتبارى الناس في الانتساب إليه، وإن لم يكونوا من أهله؛ لأنه شرف (كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من ليس بأهله، وكفى بالجهل عاراً أن يتبرأ منه من هو فيه)، فبعدما علمت فضل العلم والعلماء، ومنزلة العلم والعلماء، نتصور أنك ستقبل وتنضم إلى قافلة العلماء، فحينئذ عقد الإمام البخاري رحمه الله الباب الثاني على اعتبار أنك تريد أن تنضم إلى سفينة العلماء، فقال: باب من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه، فأتم الحديث ثم أجاب السائل. ذكر البخاري رحمه الله طرفاً من أدب طالب العلم، إذن الباب الذي ينبغي عليك أن تضع فيه أول خطوة، هو باب الأدب، العلم بلا أدب وبال على صاحبه، لا تدخل العلم إلا من باب الأدب، بينما كان النبي عليه الصلاة والسلام يحدث الناس، جاء أعرابي فقطع عليه حديثه، فهل هذا أدب؟ يعني هل يجوز لك أن تقطع على الشيخ كلامه لتسأل أم تنتظر؟ الإمام البخاري عندما ذكر هذا الحديث إنما ذكره كنموذج؛ ليقول: إن أول شيء ينبغي أن يتحلى به طالب العلم هو يتعلم الأدب. فإذا كان السائل جافياً -مثل هذا الأعرابي- فهل لك أن تعرض عنه أم تقدر حال السائل؟ فدلنا بذلك على أن طالب العلم ينبغي أن يتحلى بآداب، كما أن الشيخ ينبغي أن يتحلى بآداب. وقيل: إنه لا يصلح للقيادة من لم يتعلم الجندية، جندي يسمع ويطيع، فإذا صار قائداً كان قائداً ناجحاً، لذلك نقول لطلاب العلم: إذا لم تتعلم الأدب في مطلع طلبك للعلم لا يمكن أن تورثه، وتكون أول جانٍ عليه؛ لأن هذه المسألة سلف ودين ] . *** فرأيت أن أقترح على المشرفين على هذا الموقع فتح قسم خاص بالآداب الشرعية
***
مـــا رأيكم ؟
التعديل الأخير تم بواسطة أبو سلمى رشيد ; 03 Jun 2008 الساعة 03:02 AM
و اعلم أن هذا المنبر شامل لكل ما ليس في باقي المنابر : من عقيدة و منهج و فقه و علومه و كذلك الآداب ؛ بل إنه منذ افتتاح المنتدى و نحن مع موضوع " لنطلب هذا قبل طلب العلم" و هو كتاب العلم للشيخ العثيمين -رحمه الله رحمة واسعة- الذي ذكر فيه جملة من آداب طلب العلم و التأصيل فيه http://tasfiatarbia.com/vb/showthread.php?t=590
ملاحظة: و من أهم آداب طلب العلم أخذه عن أهله لا عن من هب و دب ، ممن جمع بين الغث و السمين و أتى بالعجائب ( كالحويني -مثلا- إليك هذا الموضوع) فقد قال ابن سيرين -رحمه الله- : " إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم " و لا زال العلماء يتناقلون هذا الأثر و ينقلونه و ينصحون بهذا الأدب العظيم لمن أراد النجاة و العلم الصحيح ؛ فتنبه -أحسن الله عاقبتك-.
اقتراح فتح قسم خاص بالآداب الشرعية
العرض العادي
