منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 Jan 2010, 11:00 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي إعلان النكير على عمليات التفجير (جمع مواد و مقالات علمية للرد على أهل التفجير)

الحمد لله وحده ؛ و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ؛ و على آله و صحبه , من اتبع هديه ؛ أما بعد :


قال الله - تعالى - : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92) وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93) )) [النساء]

عن سالم بن أبي الجعد : أن بن عباس سئل عمن قتل مؤمنا متعمدا ثم تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى فقال بن عباس : وأنى له التوبة سمعت نبيكم -صلى الله عليه وسلم -يقول : (( يجيء متعلقا بالقاتل تشخب أوداجه دما فيقول :أي رب ظن سل هذا فيم قتلني )) ؛ ثم قال :والله لقد أنزلها الله ثم ما نسخها . صححه الشيخ الألباني -رحمه الله -


فالله المستعان على ما يخلفه الخوارج في بلاد الإسلام , من خراب و تدمير و تفجير و ترويع ؛ مصداقا لقوله - صلى الله عليه و سلم - : ( ( يقتلون أهل الإسلام , و يذرون أهل الأوثان ))

فكثيرا ما يطلع علينا هؤلاء بتفجيرات في بلدنا و غيره ؛ يزعمون أنهم يهدفون ممثلي الدولة و إداراتها ؛ و يكذبون أنهم يحرصون على عدم قتل المواطنين , و أنهم يحاولون ما استطاعوا لاجتناب ذلك !

لكنهم يتناسون أن جل ضحاياهم مواطنون عاديون مسلمون

فماذا أنتم قائلون لربكم حين يسألكم عن قتلهم ؟!!

آلغاية تبرر الوسيلة ؟!!!

هذه قاعدة يهودية كافرة , ليست من حكم الله

و الله - تعالى - قال : (( و من لم يحكم بما أنزل الله فأوْلائك هم الكافرون ))

هذه الآية التي لا تكادون تقرؤون سواها

لكنكم تقرؤونها ولا تفقهونها !

مصداقا لقوله - صلى الله عليه و سلم - فيكم: (( يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ))

تأمل يا من وقع في هذا الأمر العظيم :

حرف " من " يَعُّمُّ كل من حكم بغير ما أنزل الله ؛ و ليس الحكام فقط !

حرف " ما " يفيد العموم ؛ يعني كل حكم الله ؛ ليس شؤون السياسة فقط !

و شرائع الإسلام كلها حكم الله

و إنه من حكم الله - عز و جل - تحريم قتل المسلمين ؛ و تحريم قتل المعاهدين و الذميين

قال - تعالى - : (( وَ قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )) [البقرة: 190]

إنكم - و الله - حكمتم بغير ما أنزل الله ؛ فقتلتم من لم يعتد عليكم

بل , إنكم قتلتم من عصم الله و رسوله - صلى الله عليه و سلم - دماءهم

قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ؛ فمن قال لا إله إلا الله ، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ؛ وحسابه على الله ))

أستعجلتم حساب ألائك؟!

قال - صلى الله عليه و سلم - : (( و حسابه على ربه )) و عصم دماءهم

ألكم حق في الربوبية ؟!!

أم اتخذتم عند الله عهدا ؟!

ما لكم كيف تحكمون ؟!!

تقتلون الناس لفرض حكم الله - بزعمكم - , و أنتم لا تحكمون به؟!!

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) )) [الصف ]

لهذا كفر بعض أهل العلم الخوارج ، لأنهم يستحلون قتل المسلمين ؛ و من استحل الحرام قلبيا فهو كافر !


و الآن أترككم مع أقوال أئمة العصر حول هذه التفجيرات التي روعت المسلمين ؛ و جعلتهم يُضطهدون في أرض الله بعد أن كانوا آمنين


قال الله - تعالى - : ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ))
فأسأل الله أن يلعن من فَجَّرَ ، و من خَطَّطَ و دَبَّرَ , و من رضي و ما أنكر !


" ما يفعله أبناء فلسطين من تلغيم أنفسهم ليقتلوا اليهود غلط " الشيخ بن باز -رحمه الله -

" العمليات الانتحارية في الزمن الحاضر كلها غير مشروعة" محدث العصر الشيخ الألباني -رحمه الله -


العمليات الانتحارية قتل للنفس بغير حق وصاحبها ليس بشهيد الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -
"

العمليات الانتحارية محرمة والفاعل لها قاتل لنفسه
"
الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -"

العمليات الانتحارية لا تجوز لأنها قتل للنفس
" الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله -

"
الحركات الاستشهادية ليست مشروعة وليست من الجهاد" الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله -

الإسلام لم يأت بالاغتيالات وإنما نشأت من الأهواء والجهل"
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله" -


"حكم الاغتيالات والتفجيرات في بلاد الكفار
" الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله -

الانقلابات والثورات ليست من الإسلام ولا يقوم بها إلا من لا يهتم بمصالحها
" الشيخ صالح اللحيدان -حفظه الله" -


"التفجيرات: فجور وجرائم متعددة" الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله -

"تفجير مباني الكفار ليس من الجهاد" الشيخ عبد المحسن العبيكان -حفظه الله -

حكم قتل المعاهدين والمستأمنين" الشيخ ابن باز -رحمه الله" -

"من هو الذمي والمستأمن والمعاهد" الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -

إحترام المعاهدين والمستأمنين من محاسن الإسلام وقتلهم جرم كبير
" الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-


"هدي الإسلام في التعامل مع الكافر المعاهد"الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله


"الرد على من يجيز قتل الكفار المعاهدين" الشيخ صالح الفوزان

معنى حديث : "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" العلاّمة الشيخ صالح الفوزان


"حرمة قتل المعاهد والذمي والمستأمن" الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله -


التعديل الأخير تم بواسطة أبو نعيم إحسان ; 12 Jan 2010 الساعة 09:35 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 Jan 2010, 11:03 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي


السلفيون بريئون من الأعمال الإرهابية


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد :

فإنَّ الله أرسل رسوله بالهدى ، ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وإنَّ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي ترجمة عملية لشريعة الله سبحانه وتعالى ؛ التي أوحاها إليه ، والتي أمره الله باتباعها في قوله تعالى : )ثمَّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون * إنَّهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإنَّ الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ( ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغدر ، والخيانة ، ويأمر بالصدق والعفاف ، والأمانة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيـل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا ، وليدا )) رواه مسلم ، وفي رواية الطبراني في المعجم الصغير برقم الحديث 340 : (( ولا تجبنوا ، ولا تقتلوا وليدا ، ولا امرأة ، ولا شيخا كبيرا )) فحرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الغدر ، وحرَّم الخيانة التي يستعملها الإرهابيون ، وحرم قتل النساء والأطفال ، والشيوخ ؛ الذين لايستطيعون القتال ولايُقاتلون ؛ حرَّم قتل هؤلاء ، وحرَّم الإفساد ، فالله سبحانه وتعالى يقول : ) ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعا إنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين ( وأخبر أنَّه لايحب المفسدين ، وأخبر أنَّه لايهدي كيد الخائنين .
وعلى هذه الطريقة سار أصحابه ، فكانوا إذا أتوا قوماً من الكفار يدعونهم إلى الإسلام أولاً فإن أبو وكانوا أهل كتاب دعوهم إلى الجزية ، فإن أبوا أعلنوا لهم القتال ، وأخبروهم أنَّهم سيقاتلونهم ، فيقاتلونهم بعد الإعلان لهم ، أمَّا إذا كان الكفار وثنيين فإنَّهم يخيرون بين الدخول في الإسلام أو القتال ، ويقاتلونهم بعد إعلان القتال لهم .
أمَّا ما يعمله الإرهابيون في هذا الزمن ؛ الذين يلبسون الأحزمة الناسفة أو يقودون السيارات المفخخة ، فإذا وجدوا مجموعة من الناس ، فجَّر اللابس نفسه أو فجَّر سيارته ونفسه ، فهذا أمرٌ ينبني على الخيانة ، فالإسلام بعيدٌ عنه كل البعد ، ولايقره أبداً .
وإنَّ ما يُعمل الآن من الأعمال الإنتحارية في بريطانيا أو غيرها من البلدان ؛ إنَّما يعملـها ويخطط لها التكفيريون الخوارج ؛ الذين ذمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان ؛ سفهاء الأحلام ؛ يقولون من خير قول البرية ؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ؛ لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهــم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة )) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (( شرُّ قتلى تحـت أديـم السماء )) وقال : (( خير قتلى من قتلوه )) وقال : (( طوبى لمن قتلهـم أو قتلوه )) وقال : (( أين ما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجراً عند الله )) وقـال عنهــم : (( كلاب النار )) وقال : (( لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد )) وفي رواية : (( قتل ثمود )) وقال عنهم : (( أما إنَّه ستمرق مارقةٌ يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثمَّ لايعودون إليه حتى يرجع السهم على فُوَقِه )) ومعنى (( مرق )) خرج من الجانب الآخر ؛ والخوارج يمرقون من الدين ؛ أي يخرجون منه لايعلق بهم منه شيء .
وعلى هذا فمن المعلوم أنَّ الإسلام بريءٌ من هذه التصرفات الهوجاء الرَّعناء ، وإنَّه ليشجب فاعليها ، وينكر أفعالهم .
وإنَّ الذين يتهمون السلفيين الذين يتبعون كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويسيرون على نهج الصحابة ؛ إنَّ الذين يتهمونهم بالتفجيرات في بريطانيا أو غيرها ؛ والتي تشتمل على قتل الأنفس ، وإتلاف الأموال ، وإراقة الدماء ، وإخافة الناس ، والخروج على الدولـة .
إنَّ الذين يتهمون السلفيين بهذا هم الذين يفعلون هذه المناكر ، ويريدون أن يلصقوها بغيرهم هم أصحاب تنظيم القاعدة ؛ الذين يتابعون أسامة بن لادن ، والمسعري ، وسعد الفقيه ، وأمثالهم لأنَّ هؤلاء تربوا على كتب المكفرين من أمثال سيد قطب ، ومن معه في هذا المنهج الخاطـئ الذين يكفرون أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم بغير حق ؛ بل يكفرون بالمعاصي ، والمعاصي لايسلم منها أحد .
والحقيقة أنَّه لايجوز أن نكفِّر أحداً من المسلمين إلاَّ من كفره الله سبحانه وتعالى كالمشركين شركاً أكبر ؛ قال الله عز وجل : ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ( وقال سبحانه : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر لابرهان له به فإنَّما حسابه عند ربه إنَّه لايفلح الكافرون ( وقال سبحانه وتعالى : ) ولاتدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين ( وقال سبحانه وتعالى على لسان عيسى بن مريم أنَّه قال : ) يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنَّه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( هذه هي الحقيقة التي لايجوز لأحدٍ أن يحيد عنها ، ومن زعم خلاف ذلك من المكفرين ؛ الذين يكفرون الموحدين المصلين الصائمين فهو مبطلٌ ، وداعٍ إلى الباطل ؛ هذه هي الحقيقة التي لايجوز الشك فيها ، ولا الميل عنها ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

أملاها


الشيخ / أحمد بن يحيى النَّجمي -رحمه الله


22 / 7 / 1426 هـ
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 Jan 2010, 11:04 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

و هنــــا تفريغ شريط " إعلان النكير على أهل التفجير " للشيخ محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله تعالى -
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 Jan 2010, 11:04 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

بيان هام وعاجل من المفتي إلي عموم المسلمين فضلية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ


أصدر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بيانا بمناسبة إقامة حملة التضامن ضد الإرهاب وانعقاد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض يوم غد السبت فيما يلي نصه ..


من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ إلى عموم إخوانه المسلمين .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ..
فالحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه .
إخواني إن أعظم نعمة أنعم الله بها علينا هي هدايتنا لهذا الدين العظيم ولولا هداية الله لما اهتدينا فله الحمد ظاهرا وباطنا هذا الدين دين الإسلام هو الدين الذي أكمله الله وأتمه ورضيه لنا دينا يقول تعالى : { أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً } فهو الدين الكامل التام في العقائد والعبادات والمعاملات الكامل في بيان الشؤون الأسرية والقضائية وغيرها مما فيه صلاح العباد في دنياهم واستقامة أمر معاشهم وفيه أيضا سعادتهم في أخراهم فالواجب على العباد الرضا بهذا الدين وقبوله والتسليم له والانقياد لأوامره والانزجار عن نواهيه رضا بما رضيه الله لنا { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ولأن الله سبحانه لا يقبل من العباد دينا سواه {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ } .
وهذه الشريعة العظيمة جاءت بأمور كلية لا يجوز لأحد كائنا من كان مخالفتها من ذلك أن الشريعة العظيمة جاءت بتحقيق المصالح وتكميلها وبدفع المفاسد وتقليلها .
وجاءت بتقديم المصالح العامة على المصالح القاصرة وجاءت هذه الشريعة بالعدل في جميع الأمور الخاصة والعامة وتحريم الظلم أيا كان نوعه ودوافعه وجاءت بالحفاظ على الكليات الخمس الدين والنفس والمال والعقل والنسل .
فهذه الكليات العظيمة وغيرها من كليات الشريعة وجزئياتها يجب علينا التواصي بحفظها وتطبيقها وعدم الإخلال بها فإن هذا هو سبيل النجاة يقول الله عز وجل {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .
والتذكير بهذه الأمور وغيرها من شريعة الله واجب ويتأكد الوجوب والبيان ويحرم الكتمان أو تأخير البيان عند الحاجة إليه فمتى احتاج أهل الإسلام لبيان شيء من شرع الله وجب البدار ببيانه وحرم تأخير البيان أو كتمانه وحاجة الأمة للبيان تكون عند إقدامهم على شيء من الأفعال أو الأقوال عبادة أو غيرها ويجهلون صفتها أو حكمها فيجب بيان ذلك وقد يكون بأن يرى العالم من العباد من يتقحمون مالا يجوز لهم ويرتكبون ما لا يحل حينئذ يجب عليه البيان ويحرم عليه السكوت إبراء لذمته ونصحا لأمته وخروجا من العهدة يقول تعالى { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ } .
وإن مما ظهر في زماننا وعظم خطره واشتد على أهل الإسلام أثره ما كان من بعض أبناء المسلمين الذين استهوتهم شياطين الإنس والجن فصدوهم عن الصراط المستقيم حتى عادوا أسلحة موجهة ضد الإسلام وأهل الإسلام فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وأمر هؤلاء وأمثالهم وإن كان واضحا عند من أنار الله بصيرته إلا أن بيان جرمهم وعظيم خطرهم في هذه الأوقات واجب وتأخير ذلك أو كتمانه من قبل أهل العلم محرم وقد ظهر الإنكار عليهم بحمد الله من أهل العلم مجتمعين ومنفردين فلم يبق لهم مستمسك إلا الهوى .
ولمعرفة حكم أفعالهم نعد بعض جرائمهم فمنها ..



1 / التصدي للكلام في دين الله عز وجل بغير علم يؤهلهم لذلك .
2 / نسبة ما يفعلونه من الجرائم إلى دين الإسلام .
3 / تكفير المسلمين .
4 / قتلهم للمسلمين .
5 / قتلهم للمستأمنين .
6 / إعلانهم الخروج عن طاعة ولي الأمر في هذه البلاد .
7 / إعلانهم استهداف بعض الأماكن والأشخاص بالقتل والتفجير والتدمير .
8 / خفرهم ذمة ولي الأمر .
9 / اعتداؤهم على الممتلكات المحترمة وعلى أماكن حفظ الأمن في البلاد .
10 / سعيهم إلى الإخلال بأمن هذه البلاد .
11 / ترويعهم للآمنين في هذه البلاد .
12 / سعيهم لانتقاص هيبة هذه البلاد الإسلامية وتسليط الأعداء عليها وفتح ثغرات لأهل الكفر على أهل الإسلام









وغير ذلك من الجرائم البشعة والأمور العظيمة المنكرة التي لم تعد خفية فقد شاهدها الناس وعانوا منها وشهدوا عليهم بها وقانا الله شرها.
ومن المعلوم أن كل واحدة من العظائم السابقة محرمة ومن كبائر الذنوب فكيف بها مجتمعة .
ومن أدلة تحريم ذلك ..
قول الله تعالى .. { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ }.
ويقول سبحانه وتعالى .. {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) متفق عليه .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه ) أخرجه الإمام مسلم .
وقال تعالى في تحريم قتل المسلمين وغيرهم بغير حق .. { وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ } .
وقال .. {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } .
وأما تحريم الخروج على ولي الأمر فظاهر جدا فإن الله أمر بطاعته في قوله سبحانه .. { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم .. ( من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية ) أخرجه البخاري ومسلم .
وأما خفر الذمم ونقض العهود فإن الله تعالى يقول .. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } .
ويقول صلى الله عليه وسلم .. ( المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
قال البغوي في شرح السنة يسعى بذمتهم أدناهم أي أن واحدا من المسلمين إذا أمن كافرا حرم على عامة المسلمين دمه وإن كان هذا المجير أدناهم قبل أن يكون عبدا أو امرأة أو عينا تابعا أو نحو ذلك فلا يخفر ذمته. وكل ذلك تحقيقا للصدق الذي جاء به الإسلام والوفاء بالعهد وتحريم الغدر فالإسلام ليس دين الغدر والخيانة بل تلك صفات أهل النفاق.
وإذا كان هذا في أدنى المسلمين فكيف بذمة ولي الأمر وإذا كان الكافر قد دخل البلاد بأمان أو بما يعتقده هو أنه أمان وجب تأمينه وحرم الاعتداء عليه والغدر به .
هذه بعض الأدلة التي تبين شناعة تلك الأفعال أوردناها مختصرة لقصد التحذير من تلك الفعال وإلا فنصوص الكتاب والسنة بحمد الله جاءت وافية شافية في هذا الباب .

ثم إن من نظر إلى هذه الجرائم وما يترتب عليها من السعي في إخلال الأمن وترويع الناس واضطراب أحوالهم علم أن هذا ضرب من الحرابة والفساد التي حرمها الله أشد التحريم في قوله تعالى .. { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } .
ويقول تعالى ..{ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } .
وهذه الأفعال المشينة مخالفة لكليات الشريعة أصرح مخالفة ففيها من المفاسد مالا يحصى ولا مصلحة ظاهرة منها وفيها الاعتداء على المصالح العليا العامة لبلاد المسلمين وفيها الاعتداء على جملة من الضرورات الخمس كالدين والنفس والمال وفيها الظلم ظلم للنفس وظلم للغير بالاعتداء عليهم .
وأيضا فإن هذه الفعال فيها مخالفة لإجماع من يعتد برأيه في هذا العصر وإجماع السلف على ما ذكرنا حكمه وفيها مشاقة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأوامرهما وارتكاب لنواهيهما والله تعالى يقول .. { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً } .
فإذا تبين هذا وجب على الجميع تقوى الله عز وجل والتعاون على البر والتقوى والسعي فيما من شأنه اجتثاث هذا الخطر العظيم على الدين والدنيا وتوعية المسلمين بخطورة هذه المسالك الردية ونصيحة من وقعوا في هذا الطريق السيء المظلم أو تأثروا بتلك الأفكار والشبهات ومن نصح فلم يعتبر وأصر على باطله أو علم من حالة التخطيط لأعمال إجرامية وجب الإبلاغ عنه كفا لشره عن المسلمين وحقنا لدمائهم وردا له عن ظلمه لنفسه ولغيره والنبي صلى الله عليه وسلم يقول .. ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره ) أخرجه البخاري .
كما يجب على من آتاه الله العلم والبصيرة في دين الله مواصلة التحذير من هذا السبيل ونصيحة المسلمين وتكرار ذلك وتحصين شبابنا ضد هذه التيارات الخبيثة والتصدي لكشف شبه المشبهين الذين ينسبون لدين الله ما ليس منه فإن هذا من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله والله تعالى يقول .. { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }

وقى الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين الشرور والفتن وسائر المصائب والآفات وأقر أعيننا بعز دينه ونصرة عباده الموحدين في كل مكان ووفق الله ولاة أمرنا لما فيه الخير والصلاح والهداية للإسلام والمسلمين في كل مكان إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 Jan 2010, 11:04 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت .



الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :

فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف ابتداء من تاريخ 2\4\1419هـ ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها من التكفير والتفجير , وما ينشأ عنه من سفك الدماء , وتخريب المنشآت , ونظرا إلى خطورة هذا الأمر , وما يترتب عليه من إزهاق أرواح بريئة , وإتلاف أموال معصومة , وإخافة للناس , وزعزعة لأمنهم واستقرارهم , فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضح فيه حكم ذلك نصحا لله ولعباده , وإبراء للذمة وإزالة للبس في المفاهيم لدى من اشتبه عليهم الأمر في ذلك , فنقول وبالله التوفيق :

أولا : التكفير حكم شرعي , مرده إلى الله ورسوله , فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله , فكذلك التكفير , وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل , يكون كفرا أكبر مخرجا عن الملة .

ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله ؛ لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة , فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن , لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة , وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات , مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير , فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات ؛ ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر , فقال : " أيما امرىء قال لأخيه : يا كافر , فقد باء بها أحدهما , إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " . وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الإعتقاد كفر , ولا يكفر من اتصف به , لوجود مانع يمنع من كفره .

وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها , وانتفاء موانعها كما في الإرث , سببه القرابة - مثلا - وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين , وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به .
وقد ينطق المسلم بكلمة بالكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد , كما في قصة الذي قال :" اللهم أنت عبدي وأنا ربك " . أخطأ من شدة الفرح .

والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدم والمال , ومنع التوارث , وفسخ النكاح , وغيرها مما يترتب على الردة , فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة .
وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشد ؛ لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم , وإشاعة الفوضى , وسفك الدماء , وفساد العباد والبلاد , ولهذا منع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من منابذتهم , فقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان " . فأفاد قوله :" إلا أن تروا " , أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة . وأفاد قوله :" كفر " أنه لا يكفي الفسوق ولو كبُرَ , كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار , والإستئثار المحرم . وأفاد قوله : " بواحا " أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر , وأفاد قوله : " عندكم فيه من الله برهان " . أنه لابد من دليل صريح , بحيث يكون صحيح الثبوت , صريح الدلالة , فلا يكفي الدليل ضعيف السند , ولا غامض الدلالة . وأفاد قوله : " من الله " أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وهذه القيود تدل على خطورة الأمر .

وجملة القول : أن التسرع في التكفير له خطره العظيم ؛ لقول الله عز وجل : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به , سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) - الأعراف 33 - .


ثانيا : ما نجم عن هذا الإعتقاد الخاطىء من استباحة الدماء وانتهاك الأعراض , وسلب الأموال الخاصة والعامة , وتفجير المساكن والمركبات , وتخريب المنشآت , فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعا بإجماع المسلمين ؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة , وهتك لحرمة الأموال , وهتك لحرمات الأمن والإستقرار , وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم , وغدوهم ورواحهم , وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها .

وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم , وحرم انتهاكها , وشدد في ذلك , وكان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال في خطبة حجة الوداع :" إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا , في بلدكم هذا " . ثم قال صلى الله عليه وسلم :" ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد " . متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم :" كل المسلم على المسلم حرام , دمه وماله وعرضه " . وقال عليه الصلاة والسلام :" اتقوا الظلم , فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " .

وقد توعد الله سبحانه من قتل نفسا معصومة بأشد الوعيد , فقال سبحانه في حق المؤمن : (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )) - النساء 93 - .
وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ :(( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة )) - النساء 92 -
فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة , فكيف إذا قتل عمدا , فإن الجريمة تكون أعظم , والإثم يكون أكبر . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة " .


ثالثا : إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخطورة إطلاق ذلك , لما يترتب عليه من شرور وآثام , فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطىء , وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة , وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة , وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي , والإسلام بريء منه , وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه , وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف , وعقيدة ضالة , فهو يحمل إثمه وجرمه , فلا يحتسب عمله على الإسلام , ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام , المعتصمين بالكتاب والسنة , المستمسكين بحبل الله المتين , وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة ؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله .

قال الله تعالى : (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام , وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد )) . - البقرة 204 - 206 - .
والواجب على جميع المسلمين في كل مكان التواصي بالحق , والتناصح والتعاون على البر والتقوى , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة , والجدال بالتي هي أحسن , كما قال الله سبحانه وتعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) - المائدة 2 -
وقال سبحانه : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) - التوبة 71 - , وقال عز وجل : (( والعصر , إن الإنسان لفي خسر , إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .)) - سورة العصر -

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال: " لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين وعامتهم " , وقال عليه الصلاة والسلام :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " , والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكف البأس عن جميع المسلمين , وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد وقمع الفساد والمفسدين , وأن ينصر بهم دينه , ويعلي بهم كلمته , وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا في كل مكان , وأن ينصر بهم الحق , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

رئيس المجلس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى .


---------
المصدر : مطوية بعنوان بيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت

منقول
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 Jan 2010, 11:05 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

لاتسموهم بعد اليوم إلا بالخوارج / بيان المفتي العام للمملكة


الرياض 11 ربيع الآخر 1428 هـ الموافق 28 ابريل 2007 م



شدد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء على أن ما قامت به خلايا الفتنة الضالة يعد من كبائر الذنوب ومن ضلالات المبتدعة التي شابهوا فيها أهل الجاهلية وأن ما قاموا به من مبايعة لزعيم لهم على السمع والطاعة يعد خروجاً على ولي الأمر وهو مطابق لفعل الخوارج .

جاء ذلك في بيان أصدره سماحته اليوم إثر ما صدر عن وزارة الداخلية يوم أمس حول كشف وضبط خلايا متفرقة من الفئة الضالة فيما يلي نصه ..

من عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ إلى عموم إخوانه المسلمين :

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده :

وبعد :

فإن الله عز وجل قد أمتن على عباده بمنن عظيمة وآلاء جسيمة وأعظم نعم الله - عز وجل - على المسلمين أن هداهم لدين الإسلام وبعث فيهم نبيه محمدا - عليه الصلاة والسلام - ، يقول الله عز وجل: // لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين // .

وأنعم الله علينا بأن أخرجنا من ضلال الجاهلية وظلامها إلى نور الإسلام وعدله فإن الجاهلية كانوا يعيشون في ضلالات جاء الإسلام بكشفها وبيانها فمن أمور الجاهلية التي نبه عليها الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في مسائل الجاهلية قال ..

الثانية .. أنهم متفرقون في دينهم كما قال تعالى .. // كل حزب بما لديهم فرحون // وكذلك في دنياهم ويرون ذلك هو الصواب فأتى بالاجتماع في الدين بقوله .. // شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه // ، وقال تعالى // إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء // ونهانا عن مشابهتهم بقوله .. // ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيانات // ، ونهانا عن التفرق في الدين بقوله .. // واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا // .

الثالثة .. أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة ، والسمع والطاعة ذل ومهانة ، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بالصبر على جور الولاة ، وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة وغلظ في ذلك وأبدى وأعاد // .

هذا وإن البيان الصادر يوم الجمعة 10 / 4 / 1428هـ عن وزارة الداخلية حول تمكن قوات الأمن من القبض على خلايا إفسادية ارتكبت أمورا عظيمة هي من كبائر الذنوب ومن ضلالات المبتدعة التي شابهوا فيها أهل الجاهلية وأيضا أعدوا العدة وعزموا على أمور أخرى ، هي من كبائر الذنوب - عياذاً بالله من الضلال بعد الهدى - وإني إبراء للذمة وخروجا من العهدة وبيانا للحق ونصيحة لله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم لأوضح هنا عدة أمور ..

الأمر الأول .. أن ما قام به هؤلاء من مبايعة زعيم لهم على السمع والطاعة وإعداد العدة والاستعداد البدني والمالي والتسليح هذا كله خروج على ولي الأمر ، وهو مطابق لفعل الخوارج الأوائل الذين نبغوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم فقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم ، وأمروا بقتالهم ، امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال عنهم .. // يخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم، فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة // أخرجه الشيخان.

وفي بعض الروايات يقول صلى الله عليه وسلم .. // هم شر الخلق والخليقة // ، قال الإمام محمد بن الحسين الآجري - رحمه الله - .. // لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم - وإن صلوا وصاموا واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس ذلك بنافع لهم، لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذرنا الله عز وجل منهم، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم، وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم.

والخوارج هم الشٌّراة، الأنجاس الأرجاس، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج، يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين // انتهى كلامه - رحمه الله - من كتابه / الشريعة / .

ومنه يتضح خطورة هذا المذهب، وتحريم الانتساب إليه، بل وجوب قتال أهله لما يترتب عليه من مفاسد دينية ودنيوية واختلال للأمن، وضياع لبلاد الإسلام، وإدخال الوهن على المسلمين وتسليط الأعداء عليهم.

ومنه يعلم أن من خرج على إمام المسلمين، واستحل قتل المسلمين، فإنه خارجي، وإن صلى، وصام، وادعى ما ادعى.

ثانياً .. من المعلوم في دين الإسلام، أن اتخاذ الإمام واجب على أهل الإسلام، يقول الله تعالى: // يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم // .

والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة، منها ما أخرجه الشيخان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال .. // إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل، وعدل، كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره، كان عليه منه // . وعلى هذا جرى إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم من سائر المسلمين.

ثالثاً .. أن إمامة المسلمين تنعقد بأمور، منها أن يبايع أهل الحل والعقد الإمام، فإذا بايعوه، صحت إمامته، ووجبت على سائر المسلمين طاعته، ولزمتهم بيعته.

يقول عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - دعانا النبي صلى الله عليه وسلم - فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا .. // أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان // أخرجه الشيخان.

وفي حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظهم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا .. يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا قال .. // أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة // أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

وفي حديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال .. // اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل حبشي، كأن رأسه زبيبة // أخرجه البخاري ومسلم.

يقول ابن رجب - رحمه الله - وأما السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين، ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم، وطاعة ربهم، كما قال علي - رضي الله عنه - .. // إن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر، إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه، وحمل الفاجر فيها إلى أجله // .

وقال الحسن في الأمراء .. // هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود، والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن والله إن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر // انتهى كلام ابن رجب - رحمه الله - .

هذا وإنا - بحمد الله تعالى - نعيش في هذه البلاد السعودية المباركة، في ظل ولاية عادلة، قد انعقدت لها البيعة، وصحت إمامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على هذه البلاد وأهلها، ولزم الجميع السمع والطاعة بالمعروف، والبيعة ثابتة في عنق أهل البلاد السعودية كافة، لإجماع أهل الحل والعقد، على إمامته.

رابعاً .. أن من الكبائر العظيمة، والآثار الجسيمة، نقض البيعة، ومبايعة آخر، مع وجود الإمام وانعقاد البيعة له، وهذا خروج عن جماعة المسلمين، وهو محرم ومن كبائر الذنوب، يقول أبو هريرة - رضي الله عنه - .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. // من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية // أخرجه مسلم.

وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال .. // من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية // أخرجه البخاري ومسلم.

وفي حديث عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. // من مات وليست عليه طاعة، مات ميتة جاهلية، فإن خلعها من بعد عقدها في عنقه، لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة // أخرجه الإمام أحمد.

ولمسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال .. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .. // من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة، لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية // .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم .. // من أتاكم، وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه، كائناً من كان // أجره مسلم.

وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى كثيرة.

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لسويد بن غفلة .. // لعلك أن تخلف بعدي، فأطع الإمام، وإن كان عبداً حبشياً وإن ضربك، فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك، فقل: سمع وطاعة، دمي دون ديني // أخرجه مسلم.

وعلى هذا سار السلف - رضي الله عنهم - كلهم يوجب السمع والطاعة لإمام المسلمين، ويحرم الخروج عن جماعة المسلمين.

خامساً .. مما ظهر في البيان، استعداد هؤلاء بالسلاح، وتخطيطهم، للخروج على المسلمين، بذلك السلاح، ومعلوم أن حمل السلاح على أهل الإسلام من كبائر الذنوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم .. // من حمل علينا السلاح فليس منا // أخرجه الشيخان.

والخروج على المسلمين، وقتالهم، وسفك دمائهم، داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم // ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه // أخرجه مسلم.

سادساً ..

ومما ظهر في البيان، تخطيطهم لقتل شخصيات عامة في البلاد، وهذا من قتل المسلم بغير حق، والله تعالى يقول .. // ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً // .



ومما ظهر أيضا تخطيطهم، لإحداث فوضى في البلاد، وتدمير الممتلكات، وهذا من الإفساد في الأرض الذي قال الله عنه .. // إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم // .

ثامناً .. ومما ظهر أيضاً من البيان، أن هذه الفئة تكفر المسلمين وتستحل دماءهم، وهذه من أخطر جرائمهم، وأشدها وطئاً، ذلك أن تكفير المسلم ورد فيه وعيد شديد، يقول صلى الله عليه وسلم .. // إذا قال الرجل لأخيه .. يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال، وإلا رجعت عليه // أخرجه الشيخان.

ويقول صلى الله عليه وسلم .. // من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله // .

تاسعاً .. التواطؤ مع الجهات الخارجية ضد بلاد الإسلام، وهذه مثلبة عظمى، ومنقصة كبرى، إذ فيها إدخال الوهن على بلاد الإٍسلام، وأهل الإٍسلام، وهذا كصنيع المنافقين مع اليهود، ضد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة، وكذلك تواطؤهم مع المشركين ضد أهل الإسلام، ومن كان في قلبه إيمان صحيح، فلا يمكن أن يتعاون على أهل الإسلام وبلاد الإٍسلام.

وبعد هذا التقرير، والبيان، أوجه النصيحة إلى من تأثر بهذا الفكر الدخيل الخبيث، فأقول لهم اتقوا الله في أنفسكم، وفي أمتكم، وفي بلاد المسلمين، اتقوا الله، فلا تقحموا أنفسكم في أنواع من كبائر الذنوب، واتقوا الله، فلا تفتحوا على بلاد الإسلام وأهل الإسلام أبواباً من الشر تسلط الأعداء المتربصين، علينا، وتمكنهم من بلادنا.

وأنصح الجميع بالحرص على أمن البلاد، والجد في هذا الأمر، والتعاون مع الجهات المختصة، في الإبلاغ عن كل ما من شأنه زعزعة الأمن، فإن هذا من أوجب الواجبات، يقول الله تعالى .. // وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب // .

حفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، ووقانا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه سبحانه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،

المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء


منقول
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 Jan 2010, 11:06 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً !! ويحكم ... أفيقوا يا شباب !!



للشيخ العلامة عبد المحسن بن حمد العباد - حفظه الله -


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأَشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن سلك سبيلَه واهتدى بهديه إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد، فإنَّ للشيطان مدخلَين على المسلمين يَنْفذُ مِنهما إلى إغوائهم وإضلالهم.

أحدهما: أنَّه إذا كان المسلمُ من أهل التفريط والمعاصي، زيَّن له المعاصي والشهوات ليبقى بعيداً عن طاعة الله ورسوله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( حُفَّت الجنَّة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات ) رواه البخاري (6487)، ومسلم (2822).

والثاني: أنَّه إذا كان المسلم من أهل الطاعة والعبادة زيَّن له الإفراط والغلوَّ في الدِّين ليفسد عليه دينه، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ ) ، وقال: ( قُلْْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين؛ فإنَّما هلك مَن كان قبلكم بالغلوِّ في الدِّين )، وهو حديث صحيح، أخرجه النسائي وغيرُه، وهو من أحاديث حَجة الوداع، انظر تخريجه في السلسلة الصحيحة للألباني (1283).

ومِن مكائد الشيطان لهؤلاء المُفْرطين الغالين أنَّه يُزيِّن لهم اتِّباعَ الهوى وركوبَ رؤوسهم وسوءَ الفهم في الدِّين، ويُزهِّدهم في الرجوع إلى أهل

العلم؛ لئلاَّ يُبصِّروهم ويُرشدوهم إلى الصواب، وليبقوا في غيِّهم وضلالهم، قال الله عزَّ وجلَّ: ( وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ )، وقال:( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ )، وقال: ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ ) ، وقال: ( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ )، وقال:( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ).

وفي صحيح البخاري (4547)، ومسلم (2665) عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقال: ( إذا رأيتُم الذين يتَّبعون ما تَشَابَه مِنهُ فأولئك الذين سَمَّى الله فاحذروهم )، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من يُرِد الله به خيراً يفقِّهه في الدِّين ) رواه البخاري (71) ومسلم (1037)، وهو يدلُّ بِمَنْطُوقِهِ على أنَّ مِن علامة إرادة الله الخير بالعبد أن يفقهه في الدِّين، ويدلُّ بمفهومه على أنَّ مَن لَم يُرد الله به خيراً لم يحصل له الفقه في الدِّين، بل يُبتلى بسوء الفهم في الدِّين.

ومن سوء الفهم في الدِّين ما حصل للخوارج الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه وقاتلوه، فإنَّهم فهموا النصوصَ الشرعية فهماً خاطئاً مخالفاً لفهم الصحابة رضي الله عنهم، ولهذا لَمَّا ناظرهم ابن عباس رضي الله عنهما بيَّن لهم الفهمَ الصحيح للنصوص، فرجع مَن رجع منهم، وبقي من لم يرجع على ضلاله، وقصَّة مناظرته لهم في مستدرك الحاكم (2/150 ـ 152)، وهي بإسناد صحيح على شرط مسلم، وفيها قول ابن عباس: ( أتيتُكم من عند صحابة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، لأبلِّغكم ما يقولون، المخبرون بما يقولون، فعليهم نزل القرآن، وهم أعلمُ بالوحي منكم، وفيهم أُنزِل، وليس فيكم منهم أحد، فقال بعضُهم: لا تخاصموا قريشاً، فإنَّ الله يقول:( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ )، قال ابن عباس: وأَتيتُ قوماً لَم أرَ قوماً قَطُّ أشدَّ اجتهاداً منهم، مسهمة وُجوههم من السَّهر، كأنَّ أيديهم وركبهم تثنى عليهم، فمضى مَن حضر، فقال بعضُهم: لَنَكلِّمنَّه ولننظرنَّ ما يقول، قلت: أخبروني ماذا نقمتم على ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره والمهاجرين والأنصار؟ قالوا: ثلاثاً، قلت: ما هنَّ؟ قالوا: أمَّا إحداهنَّ فإنَّه حكم الرِّجالَ في أمر الله، وقال الله تعالى:( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ) ، وما للرِّجال وما للحكم، فقُلتُ: هذه واحدة، قالوا: وأمَّا الأُخرى فإنَّه قاتَلَ ولَم يَسْب ولَم يَغنَم، فَلَئِنْ كان الذي قاتل كُفَّاراً لقد حَلَّ سَبيُهم وغنيمتهم، ولئن كانوا مُؤمنين ما حَلَّ قتالُهم، قُلتُ: هذه ثنتان، فما الثالثة؟ قال: إنَّه مَحَا نفسَه من أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قلت: أَعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، فقلتُ لهم: أرأيتم إن قرأتُ عليكم مِن كتاب الله ومن سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ما يُردُّ به قولُكم أتَرضَون؟ قالوا: نعم! فقلتُ: أمَّا قولكم: حَكَّمَ الرِّجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم ما قد رُدَّ حُكمُه إلى الرِّجال في ثمن ربع درهم، في أرنب ونحوها من الصيد، فقال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ) إلى قوله: ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ )، فَنَشدتكم الله: أحُكم الرِّجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أَمْ حُكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟! وأن تعلموا أنَّ الله لو شاء لَحَكم ولَم يُصيِّر ذلك إلى الرِّجال، وفي المرأة وزوجها قال الله عزَّ وجلَّ:( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا )، فجعل الله حكم الرِّجال سُنة مأمونة، أخَرَجتُ مِن هذه؟ قالوا: نعم! قال: وأمَّا قولكم: قاتَل ولم يَسْب ولم يَغنم، أَتَسبُون أُمَّكم عائشة، ثمَّ تَستحلُّون منها ما يُستَحلُّ من غيرها؟! فلئن فعلتُم لقد كَفَرتُم، وهي أُمُّكم، ولئن قلتُم: ليست أمَّنا لقد كفرتُم؛ فإنَّ الله يقول: ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )، فأنتم تَدُورُونَ بين ضلالَتين، أيّهما صِرتُم إليها صِرتُم إلى ضلالة، فنظر بعضُهم إلى بعض، قلت: أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم! وأمَّا قولكم: مَحا اسمَه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمَن ترضَون وأريكم، قد سمعتُم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يوم الحُديبية كاتَبَ سُهيل بن عمرو وأبا سفيان بن حرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين: اكتب يا علي: هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله، فقال المشركون: لا والله! لو نعلم أنَّك رسول الله ما قاتلناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللَّهم إنَّك تعلمُ أنِّي رسول الله، اكتب يا علي: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله، فوالله لرسول الله خيرٌ من علي، وما أخرجه من النبوة حين محا نفسَه، قال عبد الله بن عباس: فرجع من القوم ألفان وقُتل سائرُهم على ضلالة ).

ففي هذه القصة أنَّ ألفين من الخوارج رجعوا عن باطلهم؛ للإيضاح والبيان الذي حصل من ابن عباس رضي الله عنهما، وفي ذلك دليلٌ على أنَّ الرجوعَ إلى أهل العلم فيه السلامة من الشرور والفتن، وقد قال الله عزَّ وجلَّ:( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ).

ومِمَّا يدلُّ على أنَّ الرجوع إلى أهل العلم خيرٌ للمسلمين في أمور دينهم ودنياهم ما رواه مسلم في صحيحه (191) عن يزيد الفقير قال: ( كنتُ قد شَغَفَنِي رأيٌ من رأي الخوارج، فخرجنا في عِصابةٍ ذوي عدد نريد أن نحجَّ، ثمَّ نخرجَ على الناس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يُحدِّث القومَ ـ جالسٌ إلى ساريةٍ ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنَّميِّين، قال: فقلتُ له: يا صاحبَ رسول الله! ما هذا الذي تُحدِّثون؟ والله يقول:( إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ )، و( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا ) ، فما هذا الذي تقولون؟ قال: فقال: أتقرأُ القرآنَ؟ قلتُ: نعم! قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام، يعني الذي يبعثه فيه؟ قلتُ: نعم! قال: فإنَّه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يُخرج اللهُ به مَن يُخرج. قال: ثمَّ نعتَ وضعَ الصِّراط ومرَّ الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال: غير أنَّه قد زعم أنَّ قوماً يَخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعني فيخرجون كأنَّهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنَّة فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنَّهم القراطيس. فرجعنا، قلنا: وَيْحَكم! أَتَروْنَ الشيخَ يَكذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فرجعنا، فلا - والله! - ما خرج منَّا غيرُ رَجل واحد، أو كما قال أبو نعيم). وأبو نعيم هو الفضل بن دكين هو أحد رجال الإسناد، وقد أورد ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى من سورة المائدة: ( يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا ) حديث جابر هذا عند ابن أبي حاتم وابن مردويه وغيرهما، وهو يدلُّ على أنَّ هذه العصابةَ ابتُليت بالإعجاب برأي الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار، وأنَّهم بلقائهم جابراً رضي الله عنه وبيانه لهم صاروا إلى ما أرشدهم إليه، وتركوا الباطلَ الذي فهموه، وأنَّهم عدلوا عن الخروج الذي همُّوا به بعد الحجِّ، وهذه من أعظم الفوائد التي يستفيدها المسلم برجوعه إلى أهل العلم.

ويدلُّ لخطورة الغلو في الدِّين والانحراف عن الحقِّ ومجانبة ما كان عليه أهل السنَّة والجماعة قوله صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه : ( إنَّ أخوفَ ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى إذا رُئيت بهجته عليه وكان ردءاً للإسلام، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك: الرامي أو المرمي؟ قال: بل الرامي ) رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى وابن حبان والبزار، انظر الصحيحة للألباني (3201).

وحَدَاثةُ السِّن مَظنَّة سُوء الفهم، يدلُّ لذلك ما رواه البخاري في صحيحه (4495) بإسناده إلى هشام بن عروة، عن أبيه أنَّه قال: (قلت لعائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السنِّ: أرأيتِ قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا )، فما أرى على أحد شيئاً أن لا يطوَّف بهما، فقالت عائشة: كلاَّ! لو كانت كما تقول كانت: فلا جناح عليه أن لا يطوَّف بهما، إنَّما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهلُّون لِمناة، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرَّجون أن يطوَّفوا بين الصفا والمروة، فلمَّا جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك، فأنزل الله ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ).
وعروة بن الزبير من خيار التابعين، وهو أحدُ الفقهاء السبعة بالمدينة في عصر التابعين، قد مهَّد لعُذره في خطئه في الفهم بكونه في ذلك الوقت الذي سأل فيه حديثَ السنِّ، وهو واضحٌ في أنَّ حداثةَ السنِّ مظنَّةُ سوء الفهم، وأنَّ الرجوع إلى أهل العلم فيه الخير والسلامة.


:: بأيِّ عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً؟! ::

بعد هذا التمهيد بذكر أنَّ الشيطانَ يدخل إلى أهل العبادة لإفساد دينهم من باب الإفراط والغلوِّ في الدِّين، كما حصل من الخوارج والعصابة التي شغفت برأيهم، وأنَّ طريق السلامة من الفتن الرجوع إلى أهل العلم، كما حصل رجوع ألفين من الخوارج بعد مناظرة ابن عباس رضي الله عنهما، وعدول العصابة عمَّا همَّت به من الباطل برجوعها إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

بعد هذا التمهيد أقول: ما أشبه الليلة بالبارحة! فإنَّ ما حصل من التفجير والتدمير في مدينة الرياض، وما عُثر عليه من أسلحة ومتفجِّرات في مكة والمدينة في أوائل هذا العام (1424هـ) هو نتيجة لإغواء الشيطان وتزيينه الإفراط والغلو لِمَن حصل منهم ذلك، وهذا الذي حصل من أقبح ما يكون في الإجرام والإفساد في الأرض، وأقبح منه أن يزيِّن الشيطان لِمَن قام به أنَّه من الجهاد، وبأيِّ عقل ودين يكون جهاداً قتل النفس وتقتيل المسلمين والمعاهدين وترويع الآمنين وترميل النساء وتيتيم الأطفال وتدمير المباني على من فيها؟!

وقد رأيت إيراد ما أمكن من نصوص الكتاب والسنة في مجيء الشرائع السابقة بتعظيم أمر القتل وخطره، وإيراد نصوص الكتاب والسنة في قتل المسلم نفسه وقتل غيره من المسلمين والمعاهدين عمداً وخطأ، وذلك لإقامة الحجة وبيان المحجَّة، وليهلك مَن هلك عن بيِّنة ويحيى من حيَّ عن بيِّنة.

وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يهدي من ضلَّ إلى الصواب ويخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن يقي المسلمين شرَّ الأشرار، إنَّه سميع مجيب.


:: ما جاء في تعظيم أمر القتل وخطره في الشرائع السابقة ::

قال الله عزَّ وجلَّ عن أحد ابني آدم: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، وقال الله عزَّ وجلَّ:( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تُقتل نفس ظلماً إلاَّ كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها؛ لأنَّه أول مَن سَنَّ القتل ) رواه البخاري (3335)، ومسلم (1677)، وقال الله عزَّ وجلَّ عن رسوله موسى صلى الله عليه وسلم أنَّه قال للخضر: ( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً )، وقال عنه: ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ . قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )، وفي صحيح مسلم (2905) عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: ( يا أهل العراق! ما أسْأَلَكُم عن الصغيرة وأركبَكم للكبيرة! سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ الفتنةَ تجيء من ههنا، وأومأ بيده نحو المشرق، من حيث يطلع قرنا الشيطان، وأنتم يضرب بعضُكم رقاب بعض، وإنَّما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ، فقال الله عزَّ وجلَّ له:( وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً )، وقول سالم بن عبد الله: ( ما أسألَكم عن الصغيرة وأركبَكم للكبيرة! ) يشير بذلك إلى ما جاء عن أبيه في صحيح البخاري (5994) أنَّه سأله رجل من أهل العراق عن دم البعوض، فقال: ( انظروا إلى هذا، يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وسمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا )، يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما.

وقال تعالى: ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) ، وقال تعالى:( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ).


:: ما جاء في قتل المسلم نفسه عمداً وخطأ ::

قال الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً .وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن قتل نفسَه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة ) رواه البخاري (6047)، ومسلم (176) عن ثابت بن الضحاك ، وروى البخاري (5778)، ومسلم (175) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن تردَّى من جبل فقتل نفسَه فهو في نار جهنَّم يتردَّى فيه خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومَن تحسَّى سُمًّا فقتل نفسَه فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنَّم خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسَه بحديدة فحديدتُه في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنَّم خالداً مخلَّداً فيها أبداً )، وفي صحيح البخاري (1365) عن أبي هريرة قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( الذي يخنق نفسَه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار ).
وهذا الحديث في مسند الإمام أحمد (9618) وغيره وفيه زيادة: ( والذي يتقحَّم فيها يتقحَّم في النار )، وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (3421).

وفي صحيح البخاري (1364)، ومسلم (180) عن الحسن قال: حدَّثنا جُندب رضي الله عنه في هذا المسجد فما نسينا وما نخاف أن ننسى، وما نخاف أن يكذب جُندب على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال: ( كان برجل جراح فقتلَ نفسَه، فقال الله: بدرنِي عبدي بنفسه، حرَّمت عليه الجنَّة )، وروى ابن حبان في صحيحه (موارد الظمآن 763) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه : ( أنَّ رجلاً كانت به جراحة، فأتى قرَناً له فأخذ مشقصاً، فذبح به نفسَه، فلم يُصلِّ عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم )، وقال الألباني في صحيح الترغيب (2457): ( صحيح لغيره ).

وأمَّا من قتل نفسه خطأ فهو معذور غير مأزور؛ لقول الله عزَّ وجلَّ:( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )، وقوله: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)، قال الله: (قَد فَعلتُ) رواه مسلم (126).


:: ما جاء في قتل المسلم بغير حقٍّ عمداً وخطأ ::

قتل المسلم يكون بحقٍّ وبغير حق، يكون بحقٍّ قصاصاً وحَدًّا، والقتل بغير حقٍّ يكون عمداً وخطأ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ في القتل عمداً: ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )، وقال: ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً .يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً .إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )، وقال الله تعالى في سورتي الأنعام والإسراء: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ )، وقال في سورة الأنعام: ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً ) ، وقال تعالى:( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدِّماء ) رواه البخاري (6864) ومسلم (1678)، وقد أكَّد صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجَّة الوداع حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم بتشبيهها بحرمة الزمان والمكان، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: ( خطبنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: أتدرون أيَّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننَّا أنَّه سيُسمِّيه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى! قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنَّه سيُسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس ذو الحجة؟ قلنا: بلى! قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنَّه سيُسمِّيه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى! قال: فإنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربَّكم، ألاَ هل بلَّغت؟ قالوا: نعم! قال: اللهمَّ اشهد، فليُبلِّغ الشاهدُ الغائبَ، فرُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضُكم رقابَ بعض ) رواه البخاري (67) و(1741)، ومسلم (1679)، وقد جاء هذا التأكيد أيضاً في حديث ابن عباس في صحيح البخاري (1739)، وحديث ابن عمر فيه أيضاً (1742)، وحديث جابر في صحيح مسلم (1218).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هنَّ؟ قال: الشرك بالله، والسِّحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحقِّ، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزَّحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) رواه البخاري (2766)، ومسلم (145).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يزال المؤمن في فُسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً )، وقال ابن عمر: ( إنَّ من وَرْطات الأمور التي لا مخرج لِمَن أوقع نفسَه فيها سفك الدم الحرام بغير حلِّه ) رواهما البخاري في صحيحه (6862 ، 6863).

وقال عبادة بن الصامت: ( كنَّا مع رسول الله في مجلس، فقال: تُبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفسَ التي حرَّم الله إلاَّ بالحقِّ، فمَن وفَّى منكم فأجره على الله، ومَن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفَّارةٌ له، ومَن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه فأمرُه إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذَّبه ) رواه البخاري (18) ومسلم (1709)، وهذا لفظ مسلم.

وعن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن حَمَلَ علينا السِّلاحَ فليس منَّا ) رواه البخاري (6874) ومسلم (161).

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلُّ دمُ امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنِّي رسول الله إلاَّ بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيِّب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة ) رواه البخاري (6878)، ومسلم (1676).

وعنه أيضاً: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( سبابُ المسلم فسوق، وقتاله كفر ) رواه البخاري (48)، ومسلم (116).

وعن ابن عباس: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: مُلحدٌ في الحرَم، و مبتغ في الإسلام سنَّة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حقٍّ ليهريق دمه ) رواه البخاري (6882).
وقال الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وفي صحيح البخاري (6896) عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أنَّ غلاماً قُتل غيلة، فقال عمر: لو اشترك فيها أهلُ صنعاء لَقَتَلتُهُم )، وقال مغيرة بن حكيم، عن أبيه: ( إنَّ أربعة قتلوا صبيًّا، فقال عمر ... ) مثله.

وفي صحيح البخاري (7152) عن جندب بن عبد الله قال: ( إنَّ أوَّل ما ينتن من الإنسان بطنُه، فمَن استطاع أن لا يأكل إلاَّ طيِّباً فليفعل، ومَن استطاع أن لا يُحال بينه وبين الجنَّة بملء كفٍّ من دم هراقه فليفعل )، قال الحافظ في الفتح (13/130): ( ووقع مرفوعاً عند الطبراني أيضاً من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جندب، ولفظه: ( تعلمون أنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحولنَّ بين أحدكم وبين الجنَّة وهو يراها ملءُ كفِّ دم من مسلم أهراقه بغير حلِّه)، وهذا لو لم يرِد مصرَّحاً برفعه لكان في حكم المرفوع؛ لأنَّه لا يُقال بالرأي، وهو وعيد شديد لقتل المسلم بغير حقٍّ ).

وقال صلى الله عليه وسلم : ( ومَن خرج على أمَّتي يضرب برَّها وفاجرَها، ولا يتحاش من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهدَه، فليس منِّي ولستُ منه ) رواه مسلم (1848).

وهذه أحاديثُ لَم ترد في الصحيحين مِمَّا أورده المنذري في الترغيب والترهيب، وأثبته الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/629 ـ 634):

عن البراء رضي الله عنه : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لَزَوَالُ الدنيا أهونُ على الله من قتل مؤمن بغير حق، ولو أنَّ أهلَ سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار ).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( لَزَوَالُ الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ).

وعن بُريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ).

وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أنَّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم الله في النار ).

وعن أبي بكرة رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أنَّ أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبَّهم الله جميعاً على وجوههم في النار ).

وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلاَّ الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمِّداً ).

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلُّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلاَّ الرجل يموت مشركاً، أو يقتل مؤمناً متعمِّداً ).

وعن أبي موسى رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أصبح إبليسُ بثَّ جنودَه، فيقول: مَن أخذل اليوم مسلماً أُلبسُه التاج، قال: فيجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى طلَّق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوَّج، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقَّ والديه، فيقول: يوشك أن يبرَّهما، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قَتَل، فيقول: أنت أنت، ويُلبسه التاج ).

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) رواه أبو داود، ثم روى عن خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغسَّاني عن قوله: ( فاغتبط )، فقال: ( الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أحدهم أنَّه على هدى لا يستغفر الله، يعني من ذلك ).

وعن أبي سعيد رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( يخرج عُنق من النار يتكلَّم، يقول: وُكلتُ اليوم بثلاثة: بكلِّ جبَّار عنيد، ومَن جعل مع الله إلَهاً آخر، ومن قتل نفساً بغير حق، فينطوي عليهم فيقذفهم في غمرات جهنَّم ).

وأمَّا قتل المؤمن خطأ ، فقد أوجب الله فيه الدية والكفارة، قال الله تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ) إلى قوله: ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً).


:: ما جاء في قتل المعاهد عمداً وخطأ ::

قتل الذمِّي والمعاهد والمستأمن حرام، وقد ورد الوعيد الشديد في ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه (3166) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً )، أورده البخاري هكذا في كتاب الجزية، ( باب إثم مَن قتل معاهداً بغير جُرم )، وأورده في كتاب الديات، في ( باب إثم من قتل ذمِّيًّا بغير جُرم )، ولفظه: ( مَن قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً )، قال الحافظ في الفتح (12/259): ( كذا ترجم بالذمِّيِّ، وأورد الخبر في المعاهد، وترجم في الجزية بلفظ: ( مَن قتل معاهداً )، كما هو ظاهر الخبر، والمراد به مَن له عهدٌ مع المسلمين سواء كان بعقد جزية أو هُدنة من سلطان أو أمان من مسلم ).

ورواه النسائي (4750) بلفظ: ( مَن قتل قتيلاً من أهل الذِّمَّة لم يجد ريح الجنَّة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً )، ورواه أيضاً (4749) بإسناد صحيح عن رجل من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن قتل رجلاً من أهل الذِّمَّة لم يجد ريح الجنَّة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً )، وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن قتل معاهداً في غير كُنهه حرَّم الله عليه الجنَّة ) رواه أبو داود (2760)، والنسائي (4747) بإسناد صحيح، وزاد النسائي (4748): ( أن يشمَّ ريحها ).

ومعنى ( في غير كُنهه ) أي: في غير وقته الذي يجوز قتله فيه حين لا عهد له، قاله المنذري في الترغيب والترهيب (2/635)، وقال: ( ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: (مَن قتل نفساً معاهدة بغير حقِّها لم يرح رائحة الجنَّة، وإنَّ ريحَ الجنَّة لتوجد من مسيرة مائة عام )، قال الألباني: ( صحيح لغيره ).
وأمَّا قتل المعاهد خطأ، فقد أوجب الله فيه الدية والكفارة، قال الله عزَّ وجلَّ: ( وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ).

وأقول في الختام: اتَّقوا الله أيُّها الشباب في أنفسكم، لا تكونوا فريسةً للشيطان، يجمع لكم بين خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واتَّقوا الله في المسلمين من الشيوخ والكهول والشباب، واتَّقوا الله في المسلمات من الأمَّهات والبنات والأخوات والعمَّات والخالات، واتَّقوا الله في الشيوخ الرُّكَّع والأطفال الرُّضَّع، واتَّقوا الله في الدماء المعصومة والأموال المحترمة،( فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )،( وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )، ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً )، ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ .وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )، أفيقوا من سُباتكم وانتبهوا من غفلتكم، ولا تكونوا مطيَّة للشيطان للإفساد في الأرض.

وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُفقِّه المسلمين بدينهم، وأن يحفظهم من مضلاَّت الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيِّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 Jan 2010, 11:08 PM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر MSN إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Yahoo إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى سفيان الجزائري
افتراضي جزاك الله خيراً

بارك الله فيك أخي إحسان
جمعٌ مبارك
جعله الله في ميزان حسناتك
واصل أخي الكريم
موفق إن شاء الله ...
نعوذ بالله من شرور
الخوارج = كلاب أهل النَّار
رد كيدهم في نحورهم
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 Jan 2010, 11:09 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي


نداء إلى المقاتلين في الجزائر



بســـــم الله الرحمن الرحيـــــم


هذا لقاءٌ جيّد في بيت العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله ـ مع الإخوة الجزائريين والذي قام بتفريغه الأخ حيدر -وفقه الله-


يجِبُ عليك الالتفات للنقاط التالِية :

1 ـ حذفُ بعضَ الكلِمات ، مِثل المكرّرة.

2 ـ تَشكِيل النَّص أو بعضهُ ( لما تقتضيه الحاجة )كما سمعتهُ مِن الشيخ ـ رحمه الله ـ

3 ـ مراجعة الآيات وكتابتها كما هي مَرسُومة في المصحف ، أمّا الأحاديث فأنقُلها كما سمعتها ولا أزيد عليها ولا أنقص

( هذا خاص بِصاحب علم ) .

4 ـ يبقَى أن أُشِير إلى :
. أنَّ الكَلِمة التي تحتهَا خَط ( ؟؟؟؟؟ ) فهي مكتُوبة كما فهِمتُها أنا وعلى القارئ أن يتأكد مِنها
. أنّ الكلِمة المُلونة بالأحمر (؟؟؟؟؟) فهي إضافة من عندي مثل (و ، مع ، ال ، في..)
. أنّ ما يوجد بين قوسين( ..... ) فهي كلمة غير مفهومة .

5 ـ أحيانا الشيخ يخرج عن الموضوع أو يشرح كلمة قالها أو سؤال وجواب فمثلُ هذا أخرجتُهُ من الموضوع وجعلتهُ في الهامِش

مع الترقيم مثل (1)


6 ـوأخيرًا لا أقبل أن يُعتمد على هذا التفريغ إلا ومعهُ المادة الصوتية أو أن يأذن من له علاقة بالشيخ .


هذا وأرجوا من الله سبحانه وتعالى أنْ يَكتُب لي الأجرَقَدرَ ما يستفِيدُ وينتفع به المسلمون مِن هذا العمل ، ومَن سَاهمَ أيضًافينشرِه .


عنــوان المحاضرة : نـــداء إلى المقاتـلين في الجزائــر.

الشـيخ : محمـد بن صالـح بن عثيمـين ـ رحمه الله تعالى ـ

مكــان وزمن المحاضرة : الجمعة 13 من صفر 1420هـ في بيت الشيخ

وقــت المحاضرة : 39 دقيقة .

لتحميل المحاضرة : اضغط هنا من نوع dat






التفريـــــــغ:









الإخوة : ..... (1) المُرسلين سيّدنَا محمد وعلى آلِه وصحبِهِ أجمعين .

أمّا بعد :

فقد حضرنا إلى بَيت فضيلَة والِدنا الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ حفِظه الله تعالى عصر يوم الجُمعة المُوافِق ل 13 من صفر عام

1420 هـ ، فأردنا بِذلك مُقابَلته وتوجيههُ ـ جزاهُ الله خير ـ والموضوع هو موضوع الجزائر ومعنا بعض الأسئلة المُهمّة لعلّ الله عزّ

وجلّ أن يَجعلَ إجابَته نِبراساً لِهدايةِ مَن أرادَ الحقَّ وطلبَه ، والآن مع فضيلة الشيخ في كلِمة توجيهيّة مَبدأيّة ثمّ نعود إلى الأسئلة
ـ إن شاء الله تعالى ـ

الشيخ : الحمدُ لله ربّ العالمين وأصلي وأسلِّمُ على نبينا محمد خاتَم النبيين وإمامُ المتَّقينَ وعلى آلهِ وأصحابِهِ ومَن تبِعهُم بإحسانٍ إلى


يوم الدّين .

أمّا بعد :

فإنّني مَسرور في هذا اليوم المُبارك يومَ الجُمعة 13 مِن شهر صفر عامَ 1420 هـ أنْ حَضَرَ إليَّ إخوة مِن الجزائِريين في بيتي عصرَ هذا

اليوم في عُنيزة إحدى مُدن القصيم في المملكة العربية السعودية ، فأشكُرُهُم على هذا اللقاء ، وقد طلبوا مِني أنْ يكونَ هذا اللقاء

مُسجّلا في الفيديو ـ بالصورَةِ والصوت ـ ولكِن نظراً لِكراهةِ أن تظهَرَ صورتي طلبتُ مِنهُم أنْ يكونَ هذا اللِقاء بالصوت وفيهِ كِفايةٌ

إن شاء الله .

أيّها الإخوةُ الجزائريون : إنّكُم مِنّا وبِنا ، الأمةُ واحِدة أمةٌ مُسلِمة ، الرسولُ واحِد محمد بن عبدِ الله بن عبدِ المطّلِب الهاشِمي القُرشي

إلهُنا واحِد وهُو ربُّ العالمين ، والمُؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيان يشدُّ بعضهُ بعضاً ، فمَثلُ المؤمِنين في توادِّهم وتراكُمِهم وتعاطُفهِم مثلُ الجسدِ

الواحِد إذا اشتكى مِنهُ عضوٌ تَداعَ لهُ سائِرُ الجسد بالصحة ( ... ) ، ومازَالت مُشكِلةُ الجزائر في نفوسِنا منذُ أن قامَت الفِتنة عام

1992 في السنة الميلادية وإلى يومِنا هذا ، ولا يُمكن أنْ نَظنَّ بالإخوةِ المُقاتِلين إلا أنّهُم إن شاء الله تعالى يُريدون تَثبيتَ الإسلام في

الجزائر لأنّها بِلادٌ تَحرّرت مِن سيطرةِ الكُفر واتَّضحَ لها النور وفيها القوم الشُجعان الذين تَتَبيَّنُ شجاعَتُهُم حينما كانَ الاستِعمارَ

الفِرنسي حتى فَكَّهُم الله تبارك وتعالى مِنهُ ، هذا ما نَظُنُّهُ في إخوانِنا المُقاتِلين ولكِنَّ النيّة تحتاجُ إلى حِكمة في مُعالجَةِ الأمور ، والحِكمةُ

مُوافَقةُ الشَرع ، والشرعُ مُطابِقٌ للعَقل ولِذلِك ينعى اللهُ تبارك وتعالى على كُفار فُقدان العقل فيقولُ مثلاً : ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ

يَعْقِلُونَ وإذا كانَ هذا هو الدّينُ الإسلامي أنهُ مَبني على الحِكمة التي هِيَ الشرع والعقل فإنَّ الواجِب على مُعتَنِقي الإسلام ألاَّ

تَحمِلهُ العاطفة على الخروج عن مُقتضى الشَرع والعَقل ، لأنّهُ إنْ كانَ الأمرُ كذلِك أصبحت العاطِفةُ عاصفةً مدَمِّرة ، كما يَشهَدُ

بِذلِك الواقِع في قديمِ الزمان وحديثِه ، وإنّني أقدِّم لإخواني في الجزائِر المٌقاتِلين والمُسالِمين و الحُكومة والشَعب النصيحَة التي أرجوا الله

تبارك وتعالى أن تكونَ خالِصةً له نافِعةً لِعِباده ، وهِيَ أن يلتَئِمُوا وأنْ يَعتَصِموا بحَبلِ الله جميعاً ولا يَتفرَّقوا وأنْ يَضعوا السيف (2)

ويئوبوا إلى التفاهُم والتناصُح ، فإنّي أظن أنَّ كِلا الطائِفتين (3) قد ملّوا وسَئِموا لكِن لا يدرونَ كيفَ يعمَلون ، ولقَد بلغَني أخيراً ولا

أدري هل هو واقع أو لا أنّ الحُكومة طلَبت مِن المُقاتِلين وضعَ السِّلاح ، وأنَّ مَن وضَعَ سِلاحه وآبَ إلى حظيرةِ الأمة فإنّهُ لا شيءَ

عليهِ ، هكذا سَمِعتُم ؟

الإخوة : نعم صحيح .

الشيخ : إذا كانَ هذا الواقع فلم يبقى لأحدٍ عُذر ، فأقول لإخواني المُقاتلين في ( ... ) والمغارات وقِمَمِ الجِبال هاتوا ، أقبِلوا هَلِّموا

إلى السِلم فالسِلمُ خير ، ثمّ بعدَ أنْ ( ... ) الأمور وتَغمَد الجِراح يكون التفاهُم ، سواءٌ كانَ التفاهُم مِن بين الجزائريين ، يَجتَمع

العُلماء والأمراء ويَدرسُونَ الوضع أو كانَ الأمر يعود إلى مُحكّمينَ مِن عُلماءَ المُسلمين ورُؤساء المُسلمين حتى تَكون الأمور جارية

على ما يُحِبُّهُ الله ويرضى ، أمّا البقاءُ هكذا قومٌ في الجِبال وفي بُطونِ الأودية وفي المغارات يَتربَّصونَ الدوائِر حتى قيلَ لي أنهُم يقتُلون

مَن ليس بِمُقاتل كأنّما يقولونَ بقولِ القائِل : ( مَن لم يكُن معي فهوَ عليّ ) وهذا غلط ، لو أنّ هؤلاءِ المُقاتِلين وضعوا السِّلاح

وسلَّموا أنفُسهُم ما دامَت العدالة قد فَتَحت لهُم الباب واغتَنموا هذِهِ الفُرصة وحضروا إلى الحُكومة ، لا أقول يحضُرون هكذا جميعاً

لكِن يحضُر رؤساءهُم فإذا وجدوا الصِدقَ مِنَ الحكومة أمكَنَ أنْ يأتيَ الآخرون ، لحَصَلَ في هذا خيرٌ كبير لأنّنا لا ندري إلى أيِّ حدٍّ

تَنتَهي هذِهِ المُشكِلة ، إذا لم تُعالَج وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الخَصمين نَزَّلَ ما في نفسِه وما يُريد ، إذ لا يُمكِن الصُلح بينَ اثنين مُتَخاصِمين على

أنْ يُعطى كلُّ واحِدٍ مِنهما ما يُريدُه لأنّنا لو حاوَلنا هذا لكُنّا كالذي يُريدُ أنْ يَجمَع بين النقيضينِ أو الضدّين .

أكَرِّر نصيحةِ لإخواني المُقاتِلين الذينَ فتَحَ الله لهُم الباب أن يَرجِعوا ويَضعوا السِّلاح وكما قُلت ليس على السبيل الجَماعي ولكِن

بِنزول رُؤَساءهِم وقُوّادهم حتى يَتبيَّن صدقُ الحُكومة ، فيَحصُل بِذلِك خيرٌ كثير وتُحقنُ دماء وتُحمى أموال .

نسألُ الله سبحانه وتعالى لإخوانِنا الجزائريين أنْ يَجمعَ الله كلِمتَهُم على الحق وأنْ يُوفِّقَهُم لِما فيهِ خيرُ الدّين والدنيا إنهُ على كلِّ شيءٍ

قدير ونُفسِح المجال للأسئلة ونسألُ الله أنْ يُوفِّقنا للصواب وأخبِرُ إخواني المُشاهِدين أنَّ ما يُشاهِدونهُ الآن مِن الرفوف التي فيها الكُتب

والدفّاية التي تدفئ الجوّ في الشتاء وكذلِكَ اللوحة التي على بابِ المجلِس كُتِبَ فيها ( كفّارةُ المجلِس ) أنَّ هذا هو بيتُنا حقاً ، وأنّنا

نتشرّف لِكلِّ الجزائريين يزورنا في هذا المكان كما قيل المُتواضِع ونسألُ الله التوفيق للجميع .

الإخوة : بارك الله فيكم ، فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة وأصول الدّين ...

الشيخ ( مُقاطعا ) : غلط غلط ، أنا أستاذ وأيضاً هيئة كِبار العُلماء أهم ، رُدّها أستاذ .

الإخوة : فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء المملكة العربية السعودية وإمام وخطيب الجامِع الكبير

بعُنيزة في القصيم وأستاذ مُشارِك بكلّية الشريعة ...

الشيخ ( مُقاطعا ) : ما هو مُشارك ، أستاذ .

الإخوة : طيّب ، هذه كلها ...

الشيخ ( مُقاطعا ) : لا أعِد ، أعِد ..

الإخوة : فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء المملكة العربية السعودية وأستاذ بكلّية الشريعة وأصول

الدّين بجامِعة الإمام ـ محمد بن سعود ـ الإسلامية فرع القصيم وإمام وخطيب الجامِع الكبير بعُنيزة في القصيم ، نأمل أنْ تتفضلوا على

الإجابة على بعض الأسئلة الهامة .

الشيخ ( مُقاطعا ) : كيف على بعض ، كيف على بعض .. على الأسئلة ، لأنك لو تقول على بعض معناها أن بعضها ما سئلت .

الإخوة : نعم ، عل الأسئلة الهامة الوارِدة الآن ، أوّلُها :

ما رأيُ فضيلَتِكم في ظاهِرة التكفير ؟ أي تكفير حُكام المسلمين بالجُملة ؟

الشيخ : نعم ، الحمدُ لله ، يجِب أنْ نَعلم أنَّ التكفير و التَحليل والتَحريم والإباحة وغيرَها أحكام شَرعِيّة ، لا تُتَلقَّى إلا مِن الشرع ،

وإذا كانَ أحدٌ لا يُخالِف في أنَّ الإيجاب و التحليل والتحريم إلى الله ورسولِه فإنهُ يَجِب أنْ لا يُخالِف في أنَّ التكفيرَ إلى اللهِ ورسولِه

لأنَّ خَطرَ التكفير أعظَم مِن خطر الإيجاب أو التَحريم أو الإباحَة ، وإنّي لأعجَب كيفَ ينفَخُ الشيطان في نفُوسِ بعض الناس فيتَهاوَنُوا

في التكفير ، ولكِنّهُم يَحتَرِمون الأحكام الشرعيّة في الواجِب والمُحرم والمُباح مع أنَّ الأول أخطَر ، فأقول : التكفير وعدم التكفير

ليسَ راجِعاً إلى فُلان وفُلان ، بل هو إلى كِتاب الله وسنة رسولِهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فمن كفَّرهُ اللهُ وجَبَ أن نُكفِّرهُ

أيَّن كان حتى لو كانَ الأب أو الأم ومَن لم يُكفِّره الله ورسوله فهو مُسلم ، والأصل في المُسلم أنهُ مسلمٌ حقيقة حتى يقومَ دليل على

أنهُ ليسَ بِمسلم حقيقة وأنهُ مُنافق ، أرأيتُم قِصةَ أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ حِبُّ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ

وابن حِبِّه ، لمّا أتى لِمُشرك لِيقتله قال المُشرِك ـ لا إله إلا الله ـ فَقَتلهُ أسامة ، ظناً مِنهُ أنَّ المُشرك إنّما قالها تَعوذاً مِن القتل فبلغَ ذلِك

النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالَ لأسامة ﴿ أقتَلتَهُ بعدَ أنْ قالَ لا إله إلا الله قالَ : نعم ، كَرَّر عليه قال : ﴿ أقتَلتَهُ بعدَ أنْ قالَ لا

إله إلا الله قال : نعم يا رسول إنّما قالها تعوُّذاً (4) ، فقال : ﴿ أشقَقتَ عن قلبِه ، وماذا تَصنعُ بلا إله إلا الله إذا جاءت يومَ

القِيامة مع أنَّ الذي يبدوا لي كما بدا لأسامة أنَّ نُطق الرجل بِهذه الكلمة ليسَ إلا تعوُّذاً مِن القتل ومعَ ذلِك حَكَمَ النبي ـ صلى الله

عليه وسلم ـ بِظاهِر اللفظ وأنهُ مَعصومُ الدم وأنّ هذا القاتِلُ سَيُسألُ يوم القِيامة ، ثمَّ إنَّ التكفير لهُ شُروط مِنها أنْ يكونَ فاعِلُ الكفرِ

أو قائلُ الكفر مُختاراً ، فإنْ كانَ غيرَ مُختار فلا حُكمَ لقولِه ولا لِفعلِه كقولِ الله تبارك وتعالى ﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ

أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ والآية لا فرقَ فيها بين القولِ

والفِعل ، ثمَّ إنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حدّثناَ عن رجُل كانَ مُسرِفاً على نفسِه وأمرَ أهلهُ إذا مات أنْ يُحرِقوهُ و يَذروهُ في اليَّم

وقالَ إن قدِرَ الله عليه ليُعذبنَّهُ عذاباً لا يُعذبهُ أحداً مِن العالمين ، ففعَلَ أهلهُ ذلِك ، فجَمعهُ مَن يقولُ للشيءِ كُن فيكون فهو الله عزّ

وجلّ وسألهُ : لِما فعلتَ هذا ؟ فأخبرهُ أنهُ فعلَ ذلِك خوفاً مِن الله (5) معَ أنَّ التعدي على ربك كلِمة كُفر لا شكَّ فِيها ، لكِن نظراً

لكونِهِ لم يتصوَّر ولم يملِك نفسَه إلا أن يُعبِّرَ بهذا التعبير جعلهُ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطَأً مَعفُواً عنه ، وذلِك لعدَم القصد ،

ومِن شروط الكُفر أنْ لا يكونَ الإنسان مُتأوِلاً تَأويلاً له وجه خاصةً مِن شروط الكُفر في ما يكونُ تكفيره حينَ يكونُ كفراً أنْ لا

يكونَ الإنسان مُتأوِلاً تَأويلاً يُعذرُ بهِ فإنْ كانَ مُتأوِلاً تَأويلاً يُعذَرُ به فقد أخبَرَ النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنَّ المُجتهِد مِن هذهِ الأمة

إذا بذلَ جُهده وأخطأ فلهُ أجرٌ واحد والخطأ مغفور لكِن يجِبُ عليهِ إذا بانَ له الخطأ أنْ يَرجِعَ إلى الحق ، وحينئذٍ لا يَحِلُّ لأحَد أنْ

يُكَفِّر مَن لم يدلَّ الكِتاب والسنة على كُفره فإن فعَل عادَ إليهِ لأنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر أنّ مَن دعَ رجلا بالكفر أو قال

يا عدو الله ولمْ يَكُن كذلِك رجَعَ إلى القائِل ، فالمَسألةُ خطيرةً جِداً ، فإذا قالَ قائِل : إذا فعَلَ أحدٌ فِعلاً نَشُك هل هو يَكفُر بهِ أو لا

يَكفُر وهو مُسلم فالأصل عدَم الكُفر ولا يجوز أنْ نُقدِمَ على تَكفيرِهِ مع الشك ، ورُبّما تكون هذِهِ هيَ نُقطة التحوُّل ، فإنَّ بعضَ

الناس يحكُم على شيءٍ بأنهُ كُفر ثمَّ يُكفِّر مَن قامَ بهِ معَ أنهُ عِندَ التأمُّل ليسَ بِكُفر أو عِندَ التأمُّل لا يكونُ فاعِلهُ كافِراً أو قائِلهُ كافِراً

إمّا لِغلبَة وإمّا لِجهل وإمّا لِنِسيان وما أشبَهَ ذلِك ، الجوابُ واضِح الآن .



الإخوة : نعم ، شيخ كذلِك ( ... ) لا تُسجَّل ، سَيسمَعُ ناس كثيرون فلو تَفعلون كما تفعلون في الحَرم مِن تبسيط الكلام لأنَّ فيه

عوام كثيرين سيحضرون لسماع هذا الكلام لا يفهمهُ إلا طلبة العِلم فَكُلَّما بَسَّطتُم وسهَّلتُم الكلام حتى يَفهَمهُ عامة الناس أولى

وأفضل ، السُؤال يا شيخ : ما حُكمُ ما يُنسبُ إليكُم ـ حفظكُم الله ـ مِن تأييد الجماعات المُسلَّحة الخارِجة على الحُكومة الجزائرية

وأنّكُم معهُم إلا أنكُم عاجِزون على التصريحِ بذلِك لأسبابٍ أمنيّة وسياسية ؟

الشيخ : هذا ليسَ بِصحيح ولا يُمكِن أنْ نؤلِّب أحداً على الحُكومة لأنّ هذا تحصُلُ بِهِ فتنة كبيرة إذ أنّ هؤلاءِ الذين يريدون أن يقابلُ

الحكومة ليسَ عِندهم القدرَة ما يُمكِن أنْ يَغلِبوا الحكومَةَ بِه فلا يَبقى إلا القتل وإراقَةَ الدّماء والفِتنة كما هو الوَاقع ، وما أكثَرَ الذي

يُنسَبُ إلينا هُنا في السعودية أو خارِج السعودية وليسَ لهُ أصل عِندنا ، والحَامِل لِذلك والله أعلم أنّ الناس لهُم أهواء فإذا هوّوا شيئاً

نسبوهُ إلى عالِم مِن العُلماء مِن أجلِ أنْ يكونَ لهُ قبول وهذِهِ مسألة خطيرة ، وليسَ الكذِبُ عليَّ أو على غيري مِن العُلماء بِغريبٍ إذا

كانَ الكَذِب وقَع على الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالى ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ فأرجوا مِن

إخواننا في الجزائر وغيرِ الجزائر إذا سمِعوا عَنَّا شيئاً تُنكِرُهُ أفئِدَتهُم أنْ يتَّصِلوا بِنا ويَستَفهِمُ فرُبَّما نُسِبَ إلينا ما لم نقُلهُ .

الإخوة : بارك الله فيكم ، تتَردَّدُ كلِمة الطواغيت على ألسِنةِ كثيرٍ مِن الشباب يَصِفونَ بِها حُكَّامهُم ، فما رأيُكُم في ذلِك ؟

الشيخ : رأيِ في ذلِك أنَّ هذا غلط ، لأنّ كلِمة طاغوت عِندَ العامة كلمةٌ كبيرة تَهتَزُّ لها الجِبال ، فإذا قالوا هذا طاغوت معناه أنه لا

يَتِمُّ الإيمان إلا بالكُفرِ بِهِ ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ، ثمَّ إنَّ كلِمة الطاغوت مشتقّة مِن

الطُغيان ، والطُغيانُ قد يكونُ عاماً وقد يكونُ خاصاً بِمعنى أنهُ قد يكون الإنسان طُغيانهُ في مسألةٍ ما وهو في أخرى مُعتَدِل غير طاغي

فَوَصْف الإنسان بالطاغوتيّة المُطلقة غلَط وبُهتان والواجِبُ التفصيل فيما يقتضي التفصيل ، صحيحٌ أنّ زُعماءُ الكُفر الموجودينَ الآن

يُمكِن أنْ نسميهِم طواغيت لكِن رجلٌ مسلم يُصلّي ويحج ويصوم ويتصدّق أخطأ في مسألةٍ ما نقول إنهُ طاغوت على الإطلاق ؟ لا

نستطيع هذا ، فالله عزّ وجلّ يقول في كِتابهِ العزيز ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ

عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى والحقّ مَقبول مِن أيِّ أحدٍ جاء بِه (6) ... وفي ليلةٍ مِن الليالي جاءهُ شخص بِصفةِ فقير

فأخذَ مِن الطعام فأمسَكهُ أبو هريرة ( ... ) وأطلَقه ولمّا غدا على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قالَ لهُ ( ... )

فأطلقتُه فقالَ : ﴿ إنهُ كَذَبَكَ وسيعود ، يقولُ أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : فعلِمتُ أنهُ سيعود لقولِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

وسيعود ، فارتَقبهُ تِلك الليلة الثانية وجاءَ وأخَذَ مِن الطعام وأمسَكهُ أبو هريرة فقال : إنهُ ذو عِيال وذو حاجة فأطلقهُ أبو هريرة ، وفي

الصباح أتى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقالَ ما فعَلَ ( ... ) البارِحة ، فقال إنهُ زعَمَ أنه ذو حاجةٍ وذو عِيال فأطلَقته

فقالَ ﴿ إنهُ كَذَبَكَ وسيعود ، في الليلة الثالِثة عاد ، وأصرَّ أبو هريرة أن يَرفعهُ إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال

لهُ : ألا أدُلُّكَ على آية إذا قرأتَها لم يَزل عليك مِن الله حافِظ ولا يَقربُك الشيطان حتى تُصبِح ، فقالَ : بلى ، قالَ : آيةُ الكرسي

﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ

مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ

الْعَظِيمُ فلمّا أصبح أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبرهُ بِما قال ، قال : ﴿ صدقَكَ وهو كذوب ، فَقبِلَ النبي ـ صلى الله

عليه وسلم ـ الحقّ وأقرَّ وهو مِن الشيطان ، المُشرِكون إذا فعلوا فاحِشة قالوا وَجَدنا عليها آبائنا والله أمَرنا بِها ، فاحتَجُّوا بأمرين ،

أنهُم وجدوا عليها أبائهم وأنَّ الله أمرنا بِها فقال الله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء فنفى هذا لأنهُ باطِل وسَكَتَ عن قولِهِم

وجدنا عليهِ آبائنا لأنهُ حق ، فهذا أولاً جاءَ الحق مِن قِبل الشيطان فقُبِل ومِن قِبل المُشركين فقُبل ، واستمِع إلى الثالِث ، جاءَ حبرٌ مِن

اليهود إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا مُحمد إنّ نَجِدُ أنّ الله تعالى يَجعلُ السموات على إصبع والأراضينَ على إصبع

وذكَر بقية الحديث ، فضحِكَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تصديقاً لِقولِ الحَبر ، ثمَّ قرأ ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً

قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ فهُنا أقرَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولَ اليهودي

لأنهُ حق ، فالمُهِّم أنَّ الواجِب علينا الرُجوعَ إلى الحقّ مِن أيّ مصدرٍ كان وأنْ نَرُدَّ الباطِل مِن أيّ مصدرٍ كان ، نعم .

الإخوة : بارك الله فيكم ، تَنطَلِق بعضُ الجماعات في مُحاربةِ أنظِمتِها مِن قاعدةٍ تقول : إنّ مُحاربةَ الدول الإسلامية أولى مِن مُحاربة

الدول الكافِرة كفراً أصلياً لأنّ الدُول الإسلامية مُرتدة (7) والمُرتد مُقدمٌ في المُحاربة على الكافِر ، فما مدى صِحَّة هذِه القاعِدة ؟

الشيخ : هذهِ القاعِدة هي قاعِدة الخوارِج الذين يَقتلون المُسلمين ويدعونَ الكافرين ، وهيَ باطِلة ، والواجِب أنْ نَلتَمِسَ العُذرَ لِكلِّ

مَن أخطأَ . . (8)


(1) هكذا .
(2) أي : يُلقُوه .
(3) الحُكومة والمُقاتلين .
(4) يعني : يُريد الخَلاص مِن القتل .
(5) انقِطاع مُدتهُ حوالي الدقيقة .
(6) انقِطاع مُدتهُ حوالي الدقيقة .
(7) الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله .
(8) انقِطاعٌ تام وبقي مِن اللقاء حوالي 4 دقائق .





رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 Jan 2010, 11:11 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

وجه شبه عظيم و خطير بين الخوارج الأولين و أحفادهم المعاصرين !


ذكر السيوطي -رحمه الله - في كتابه " تنوير الحوالك " نقلا عن ابن رشيق :

" وكان الخوارج بتكفيرهم الناس لا يقبلون خبر أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم - فلم يعرفوا بذلك شيئا من سننه وأحكامه المبينة لمجمل القرآن عن مراداته في خطابه" اهـ

فسبحان الله ! هذا عين ما حجبهم اليوم عن معرفة الهدي النبوي القويم !

الخوارج الأولون تركوا الأخذ عمن دون رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فجهلوا سنته و هديه - صلى الله عليه وسلم - لأنهم يكفرونهم ؛ بل منهم من كان يترك ما ورد عن النبي - صلى الله عليه و سلم - إذا كان يخالف ظاهر القرآن

و اليوم نرى أحفادهم عزلوا العلماء و تركوا الأخذ عنهم , زاعمين أنهم عملاء اليهود و أمريكا , و علماء السلاطين و البلاط ؛ فكان عاقبتهم أن جهلوا سنة النبي - صلى الله عليه و سلم - و هديه سيرا على خطى أسلافهم المارقين !

فزاغوا عن الهدى و فُتنوا !


قال - تعالى - : ((فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))

فيا من بقي متعلقا بهذا الفكر :

اتقوا الله و التفوا بعلماء الأمة

فالله لم -و لن- يهملنا

أمرنا بالرجوع إليهم إن كنا لا نعلم

و ما الذي نعلمه و قد خرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا ؟!


كلفنا بالصلاة و الزكاة وغيرها من العبادات

و لا يمكننا معرفة أحكامها إلا بالرجوع إليهم

و الذين تأخذون دينكم عنهم يستهزؤون بهذه الأمور , و يسمونها قشورا ؛ و يسخرون من العلماء الذي يُعّلِّمون هذه الأمور للناس ؛ و ديدينهم الحكم و الحاكم

فلنَرَ أي الفريقين أحق بالعلم و الاتباع إن كنتم صادقين !

قال - صلى الله عليه و سلم - : (( إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ،ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ))

فعلَّق - صلى الله عليه وسلم - رفع الذلة عن أمة الإسلام برجوعها إلى دينها

لكن ماذا يقصد بدينها الذي إن رجعت إليه رفع الله عنها الذل ؟!

أهو التكالب على الكراسي في البرلمنات ؟

أم تفجير و تدمير البنايات ، و ترويع الآمنين و الإفساد في الأرض ؟


لنبحث الجواب في السنة



جاء في حديث جبريل - عليه السلام - المعروف أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - :

(( يا محمد أخبرني عن الإسلام ؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - :الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ......

قال: فأخبرني عن الإيمان

قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ......

قال: فأخبرني عن الإحسان

قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك

قال: فأخبرني عن الساعة

قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل

قال: فأخبرني عن أماراتها

قال: أن تلد الأمة ربتها ؛ وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان .


ثم انطلق فلبثت ثلاثا ثم قال: يا عمر هل تدري من السائل؟ قلت : الله ورسوله أعلم ؛ قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم))


الله أكبر !

مثال رائع لتفسير السنة بالسنة !

جعل الدين كل ما ذكره لجبريل - عليه السلام - من أركان الإسلام و الإيمان و الإحسان

فهل أرشده للتكالب على الرياسة و الكراسي ؟!!



فانتبهوا معشر المغرورين المخدوعين بدعاة الخروج و التفجير !

حجبوكم عن علمائكم ؛ و زينوا لكم سوء عملكم باسم حب الإسلام !

فاحذروهم فإن ((قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس ))

فتركوكم في بلدانكم تخربونها , و تتحسرون بالشذوذ !

و هم يتنعّمون بلذّات الدنيا عند طواغيت بريطانيا و أخواتها !


فتفطنوا لكيدهم قبل أن تنتقلوا إلى قائمة المفجرين


و توبوا إلى ربكم قبل أن تكونوا ممن وردت هذه الآية فيهم (( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ))

اللهم أرنا و إياهم الحق حقا و ارزقنا اتباعه ؛ و أرنا وإياهم الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه

و لا تجعله ملتبسا علينا فنضل
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11 Jan 2010, 11:20 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

كلمة الشيخ اللحيدان -حفظه الله تعالى- بعد تفجيرات شعبان 1429 هـ بالجزائر:


السائل يقول :
سماحة الشيخ هل من نصيحة لأهل الجزائر وما يحدث في هذه الأيام من عمليات انتحارية ذهب بسببها كثير من الأنفس البريئة المعصومة ؟

جواب فضيلة الشيخ صالح اللحيدان :
نسأل الله أن يهديهم ، وأن يجمع كلمتهم على الحق ، ويوفقهم للاجتماع على خيرهم ، وأن يوفقهم للسمع والطاعة لإصلاح دولة الجزائر ، لتقوم بأمر الله – جل وعلا – وأمر رسوله – صلى الله عليه وسلم - .

كان عليهم أن يتشاوروا فيما بينهم ، وأن يحققوا قول الله في ثنائه على المؤمنين : ﴿ وأمرهم شورى بينهم ﴾ ؛ وما يختلفون فيه يرجعونه إلى كتاب الله : ﴿ وما اختلفتم فيه من شيء فأمره إلى الله ﴾ فيرد إلى كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- : ﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ﴾ ؛ لا نجعل هذا العبث والجور والظلم وقتل الأنفس من نساء وشيوخ وأطفال وتدمير أموال ؛ لأن هذا من إفساد الحرث والنسل نسأل الله العافية .

فنسأل الله أن يهديهم ، وأن يحقق لهم اجتماع الكلمة ، وتعظيم الشريعة ، والتعاون في ما بينهم على البر والتقوى ، وأن يفتأ هذه العقبة عن الأصلحين ، وأن يهدي عامة الناس للرجوع إلى أهل العلم والتقى والصلاح والفلاح ، وأن يوفق العلماء أن يقوموا بحق العلم من البيان والنصح وجمع الكلمة والإرشاد إلى الخير .

كما نسأله -جل وعلا- أن يرفع عن جميع بلاد المسلمين كل ذلة وبلية إنه مجيب الدعاء.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11 Jan 2010, 11:21 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

كلمة الشيخ عز الدين رمضاني بعد تفجيرات شعبان 1429 هـ بالجزائر :


تعلمون -معشر الحضور- ما يحدث في بلاد المسلمين -على وجه العموم ، وفي بلادنا على وجه الخصوص من الأمور التي يستنكرها العاقل ، فضلا عن المسلم الفقيه البصير بأحكام وتعاليم دينه .

ولا يخفى عليكم ما للمؤمن من حُرمة عظيمة عند الله -سبحانه وتعالى- ؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يستغل المجامع العظيمة كالجمعة و أيام الحج نالحج الأكبر ؛ فكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يذكرهم بهذا الأمر ، وهو وجوب الحفاظ وعدم الاعتداء على حرمة المسلم في ماله وفي عرضه وفي دمه .

هذه ثلاثة أمور جاء الشرع بالتنبيه عليها ؛ إذ لا يجوز لمسلم أن يأخذ مال أخيه المسلم نهبا أو سرقة أو غشا أو احتيالا ؛ لأنه لا يحل لمسلم أن يأخذ مال أخيه إلا بطيب نفسٍ ، حتى ولو أعطاه ذلك المال وهو مُكرِه أو مُكرَه لهذا الفعل ، فإن هذا لا يكون حلالا على الآخذ ؛ والله – سبحانه وتعالى – في آية عظيمة في سورة البقرة -وهي أطول آية في القرآن الكريم- في قوله – جل وعلا- :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾ هذه الآية قال عنها بعض أهل العلم أنها أرجى آية في كتاب الله ؛ وقالوا أن وجه الرجاء فيها أن الله -سبحانه وتعالى- حافظ فيها على مال المسلم ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ؛ فأوجب ما أوجب من الأحكام في حفظه والمحافظة عليه ؛ قالوا إذا كان هذا في المحافظة على مال المسلم -الذي هو في الأصل مال الله- يأتي وينهب ، فما بالكم بحرمة دم المسلم .

وكذلك ما جاء في الحفاظ على عرض المسلم ؛ عرض المسلم مصان ، سواءً في نفسه أو في أهله ؛ وتعلمون ما جاء من النصوص الكثيرة نصوص الوعيد في من يغتاب المسلمين ويتعرض لنهب أعراضهم ويتكلم فيهم بغير حق ، أو يتكلم في أهلهم وذويهم ، ما جاء من الوعيد الشديد في ذلك .

وكل هذا فإنه لا يصل ذلك التحذير الذي جاء في عدم الاعتداء أو المساس بحرمة المسلم في دمه ؛ ولهذا حرم الله -سبحانه و تعالى- لغير الحاكم أن ينفذ الحدود ؛ فبعض الحدود فيها إزهاق للنفس أو إزهاق للروح ، ولكن هذا بحق ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى – شرع القصاص لتكون الحياة في ناس كما قال الله – سبحانه وتعالى - : ﴿ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ﴾ ومع ذلك فإن الحاكم إذا لم ينفذ هذه الحدود -لسبب أو لآخر- فإنه لا يجوز لأحد غيره أن يتولى هذه المهمة ؛ ولهذا لابد أن يصبر الناس على ما ينالهم من الأذى ؛ ولهذا لا يستطيع الإنسان أن يقيم الحد بنفسه .

هذا إذا كان الإنسان معتديا ، إذا كان الإنسان ظالما ،إذا كان الإنسان يسرق ، ويفعل و إلى غير ذلك ؛ لا يجوز للناس أن يقيموا عليه الحد ؛ لا يجوز أن يقطعوا يده ولا أن يزهقوا روحه ، إلا للحاكم الذي يرى المصلحة في إقامة الحد عليه .

إذن فما بالكم -أيها الإخوة- إذا كان الإنسان هكذا من تلقاء نفسه يزهق أرواح إخوانه المسلمين بغير ذنب وبغير حق .
لا شك أن مثل هذا الأمر لا يخاطب به أمثالكم ممن يفهمون هذه الأمور ؛ ولكن أنا أريد أن أبين أمرا مهما جدا ،وهو أن الناس قد لا يصلون إلى مثل هذه الأمور ؛ لا يصلون إلى مثل هذه الانحرافات في السلوكات وفي العمل وفي التنفيذ ، إلا بعد أن يستقر في أذهانهم ذلك الفهم الرذيل المذلول المعوج ، الذي ليس عليه أثرة من علم ، ولا يبنى على أساس فهم سليم من علماء هذه الأمة من الأولين والآخرين ،و من المتقدمين والمعاصرين .

الإنسان- أيها الإخوة- لا يجوز له أن يجتهد في فهم النصوص بنفسه ؛ الله – سبحانه وتعالى – جعل لهذه الأمة علماء وفقهاء ودعاة ح وقد يجتمعون على بعض الأمور ، وقد يتفقون وقد لا يتفقون ، وهم يبينون أحكام الله – سبحانه وتعالى - ؛ إذن فيجب على غيرهم أن يطيعوهم ويتبعوهم .

ولذلك جاء في أصل من أصول أهل السنة والجماعة كما يقول " ابن أبي زيد القيراوني " وغيرهم ممن كتبوا في عقيدة المسلمين : وتجب الطاعة لأئمة المسلمين ـمن حكامهم وعلمائهم لأن الله – سبحانه وتعالى – يقول : ﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ﴾ ؛ وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن قول الله – عز وجل- : ﴿ و أولي الأمر منكم ﴾ المقصود بهم: الأمراء والعلماء .
فالصلاح وإزالة الفساد والتقويم هذا كله راجع إلى هذين الصنفين ؛ إلى الأمراء و إلى الحكام .
إذن فما على الناس إلا أن ينصاغوا وينقادوا و يطيعوا وأن لا يجتهدوا بأهوائهم .

أقول لعل الأمر الذي أوصل كثيرا من الناس إلى مثل هذه الانحرافات في السلوكات وفي العمل هو جهلهم بأحكام دينهم ؛ ولهذا لابد علينا -نحن الآن- حتى يعمل الإنسان للمدى البعيد أن يستأصل مثل هذه الفهوم الضالة ؛ وذلك بنصح الناس ،وتعليمهم ، وهدايتهم إلى الأصل الأصيل ، إلى القرآن وإلى السنة كما فهمها الأسلاف ؛ إلى أقوال أهل العلم الذين كانوا كثيرا ما يُذَكِّرون في كتبهم وفي مقالاتهم و في أحاديثهم يحذرون من مجالسة أهل البدع و الأهواء ، ويجمعون على وجوب هجر أهل البدع و أهل الأهواء ، لأن في مجالستهم ضرر على الإنسان .

كل ما وقع فيه كثير من الناس -من الفساد والإفساد في الأرض- فهو نتيجة هذه الخلطة السيئة لمن هب ودب ؛ فكل من سُمع له كلام أو خطبة أو حديث ، ربما قد يسحر العقول ويأخذ بالألباب ؛ ترى الناس يأتون إليه من كل حدب وصوب ؛ ويلقون أسماعهم وقلوبهم لسماع هذا الحديث ؛ ولعل قد يكون فيه من الفساد ومن البعد عن فهم الدين الصحيح ما الله – سبحانه وتعالى – به عليم .

إذن أيها الإخوة إذا أردنا أن نزيل مثل هذه الرواسب مثل هذه المفاهيم الضالة من عقول شبابنا خاصة ، فعلينا أن نبذل ما في وسعنا من الجهود في العلم والتعليم وبذل النصيحة لهؤلاء حتى نتمكن من استئصال هذه الأفكار الضالة ؛ وحينئذ ، وربما بعد وقت طويل يفهم الناس ما الذي يجب عليهم في دين الله – سبحانه وتعالى – وأن كثيرا من الأمور لا يصلح للإنسان أن يجتهد فيها ، وإنما هي من نصيب ، و من عمل العلماء والحكام والأمراء.

وهذا ربما الحديث قد يكون فيه الكلام كثير ، ولكن حسبي أن ننبه إلى هذا الذي جرى وتعلمون ما وقع في هذا الأسبوع المنصرم من هذا التقتيل الأعمى والإبادة وإزهاق أرواح المؤمنين بغير ذنب ولا سبب في ذلك ولا ذريعة تشفع لهم في مثل هذا الفعل .

فلا شك أن المؤمن بعيد عن مثل هذه الأمور و لا يمكن له أن يرضى بها ؛ بل عليه أن يسأل الله- سبحانه وتعالى - ويدعو الله – سبحانه وتعالى – بأن يزيل عنا مثل هذه الانحرافات ومثل هذه الأفكار الضالة وأن يستأصلها من عقول شبابنا ؛ وأن يهدي إخواننا وجميع الناس من هذه الأمور التي تقود بهم إلى مثل هذه الأفعال الشنيعة حين يرتكبون مثل هذه المجازر هنا وهناك في حق الصغير والكبير ؛ وهذا -كما قلنا- لاشك أنه ليس من عمل المسلمين وليس من عمل الذي يخاف الله – عز وجل – ويرجو لقاء الله – سبحانه وتعالى - ؛ لأن المؤمن يعلم أن الله – سبحانه وتعالى - لما نصح ولما ذكر صفات عباد الرحمن ، قال من جملة صفاتهم : ﴿ والذين لا يدعون مع الله إله آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ﴾ فكان من أعظم الذنوب: قتل النفس التي حرم الله بغير حق ؛ الذي جعله الله – سبحانه وتعالى – بعد نهيه عن الشرك ؛ فدل أنه من أكبر الذنوب وأعظم العظائم قتل النفس , ولهذا كما جاء في الحديث :(( لو أن أهل الأرض والسماء اجتمعوا على قتل امرئ مسلم لأكبهم الله – سبحانه وتعالى – على وجوههم في النار )) أو كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .

فحرمة المؤمن عظيمة ح فعظموا هذه الحرمات عباد الله ؛ و لا تستطيلوا في ذكر أعراض المسلمين والتهوين من حرماتهم ؛ فإن هذا الأمر يؤدي بكم إلى غضب الله – سبحانه وتعالى –

واللهَ – سبحانه وتعالى – نسأل أن يوفقنا لما فيه الخير ؛ وأن يجعل بلدنا وسائر بلاد المسلمين آمنا مطمئنا ، وأن يرزقنا الهداية والعمل الصالح إنه – سبحانه وتعالى – ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ؛ والحمد لله رب العالمين .
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12 Jan 2010, 09:41 AM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي

أحسن الله إليك أخي إحسان، وأسأل الله الكريم أن تكون هذه المقالات في الرد على المخالفين تحذيرا لإخواننا من غوائلهم، ونصحًا لأولئك المغرر بهم، لعلهم يرجعون.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 20 Jan 2010, 12:08 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

آمين ، و أحسن إليكم يا شيخ و بارك فيكم
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 14 Feb 2010, 11:42 AM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر MSN إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Yahoo إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى سفيان الجزائري
افتراضي الرَّد على الاستدلاَل بِجَوازِ التَّفجير العامِّ مَع الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّةِ

بحثٌ مستل مِن كِتاب الفذّ :
" تَميِيْزُ ذَوِي الْفَطن بَينَ شَرَفِ الجِهَادِ وَسَرَفِ الفِتَن "

الاستدلاَلُ على جَوازِ التَّفجير العامِّ برَمي التُّرس والرَّدُّ علَيه
ويليه
الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّةِ

بقلم:
فضيلة الشَّيخ
عبد المالك بن أحمد رمضاني الجزائري
حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

وصِنفٌ لم يُظهِروا التَّكفيرَ العامَّ، لَكنَّهم أظهَروا التَّقتيلَ العامَّ، كما هوَ شَأنُ التَّفجيراتِ العَشوائيَّةِ في الأَماكنِ العامَّةِ، وقد يَكونُ فِيهم مَن يَقْصرُ تَكفيرَه على الحكَّام وحَاشيِتهم من العَساكرِ والوُزراءِ وهَذا - وإنْ كانَ بوَّابةَ التَّكفيرِ العامِّ فإنَّني ذكَرتُه لتَوضيح واقعِهم ، وقد لَجأُوا إلى هَذا التَّصرُّفِ الغَريبِ لمَّا كثُرَ المدَّعونَ للجِهادِ من الجُبناءِ العَاجزِينَ عن المُواجِهةِ وجهاً لوَجهٍ ، وهَذا النَّوعُ من القِتالِ يُفعلُ اليَومَ ولا ضَرورة مُلجِئة إلَيه وإن زَعَموا أنَّهم يُريدونَ الوُصولَ إلى بَعضِهم فقَطْ ، فلمَّا كانَ المُستَهدَفونَ مُختِلطِينَ بغَيرِهم زعَموا أنَّهم اضطُرُّوا إلى إِصابةِ الجَميع !
ودَليلُ كَونِه من قِتالِ الفِتنةِ حَديثُ أبي هُريرة أيضاً ، لأنَّ فيهِ : " وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّها وَفَاجِرَهَا ، لاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنهَا ، وَلاَ يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي "، وكَذا النَّظرُ في مَقاصدِ الشَّريعةِ الَّتي تَنهَى عن الفَسادِ في الأَرض عُموماً ، وعن تَحْميل البَريءَ جِنايةَ الجانِي خُصوصاً كمِثل قَولهِ تَعالى : ﴿ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[ الأنعام ] ، ومِثل مَا رَواه البخاري (3014) ومسلم (1744) عَن ابن عُمر : " أنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْض مَغَازِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَقْتُولةً ، فَأَنْكَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ " ، وبيَّن أنَّ سببَ النَّهي هوَ أنَّها مَا جاءَت لتُقاتِل المُسلمِين ، فبأيِّ حقٍّ تُقتَل ؟! وذَلك ما رَواه أبو داود (2669) وصحَّحه الألبانيُّ عن رَبَاح بنِ رَبيعٍ قَالَ : " كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ ، فَرَأَى النَّاسَ مُجتَمعِينَ عَلَى شَيْءٍ ، فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ : انْظُرْ عَلاَمَ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ : علَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ ، فَقَالَ : مَا كاَنَتْ هَذِهِ لِتُقاتلَ ! قَالَ : وعَلى المُقَدِّمَةِ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ ، فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ : قُلْ لِخَالِدٍ: لاَ يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً ولاَ عَسِيفًا "
والأَصلُ في مَنع النَّاس إذَا كانُوا مُختلِطين الجَانِي والبَريء هوَ قَولُ الله عزوجل : ﴿ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُم عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَ الهَدْىَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلَُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَ نِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فيِ رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَو تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [ الفتح ]
فهؤلاَءِ كفَروا وصدُّوا أهلَ الإيمانِ بما فيهم رَسول الله صلى الله عليه وسلم عن المَسجدِ الحَرام، وحالُوا دونَ رُجوعِهم إلى وطَنِهم، معَ ذَلكَ فقَد جعَلَ اللهُ اختلاَطَ بعض المُسلمين بهم سَبباً في مَنع رَميِهم وقِتالِهم فهَل من مُعتبِر ؟!
وتَشبيهُه برَميِ التُّرس في غيرِ مَحلِّه ، لأنَّه لاَ يَكادُ يوجَد التُّرسُ اليَومَ ، ولاَ نَكادُ نَعرفُ اليَومَ أنَّ الكفَّارَ جعَلوا مُسلمين واجهةً في حربٍ بحيثُ لاَ يَتمكَّن المُسلمون من إِصابتِهم إلاَّ بَعدَ إِصابةِ الوَاجهةِ ، والتُّرسُ الَّذي جاءَ فيهِ كلاَمُ العُلماءِ هوَ في أكثَر صُوَره ، أن يَتحصَّنَ الكفَّارُ بحِصنٍ ثمَّ يَجعَلونَ المُسلمين الأُسارَى في الوَاجهةِ ، فلو ترَكوهم لرَماهم الكفَّارُ وقتَلوا بعدَهم الأُسارَى ، ولو رَماهم المُسلِمون لأَمكنَ أن يُصيبوا إِخوانَهم الأُسارَى معَهم لكن لاَ يَستطعون التَّخلصَ مِن الكفَّارِ إلاَّ بذَلكَ ، ولو تركوهم لاستَأصَلوهم واستَأصَلوا الأُسارَى ، ولاَ ريبَ أنَّ الحالةَ الثَّانية حالةُ اضطِرَارٍ وهيِ أخفُّ المَفسدتين ، إذْ لاَ مفرَّ من وُقوع إِحداهما ، فأينَ هَذه الصُّورة من فِعل التَّفجريِّين الجبُناء الَّذينَ يُفجِّرونَ ليُصيبوا الأَبرياءَ ثمَّ يَختفونَ ويُولُّون الأَدبار ؟!
والأَصلُ فيهِ النَّهي عن القِتالِ عندَ اختلاَطِ المُسلمِين بالكفَّار خَشيةَ إصابةِ المُسلمِينَ، كما في الآيةِ السَّابقةِ، قالَ ابنُ كَثير في تَفسيرِه :وقَولُه : " ﴿ وَلَوَ لاَ رِجَالٌ مُّؤمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤمِنَاتٌأي : بينَ أَظُهرهم ممَّن يَكتمُ إيمانَه ويُخفِيه مِنهم خِيفةً على أنفسِهم مِن قَومِهم ، لَكُنَّا سَلَّطناكم علَيهم فقَتَلتُموهم وأَبَدتُم خَضراءَهم ، ولَكن بينَ أَفنائِهم مِن المُؤمنين والمُؤمِناتِ أَقوامٌ لاَ تَعرفونَهم حالةَ القَتل ، ولهذا قالَ : ﴿لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئَوهُم فَتُصِيبَكُم مّنْهُم مَّعَرَّةٌ أي : ﴿ إثمٌ وغَرامةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخلَ اللهُ فيِ رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ أي : يؤخِّر عُقوبتهم ليُخلِّص مِن بينِ أَظهُرهم المُؤمِنين ، وليَرجعَ كَثيرٌ مِنهم إلى الإسلاَم ، ثمَّ قالَ﴿ لَوْ تَزَيَّلُوا أي : تَميَّزَ الكفَّارُ مِن المُؤمنينَ الَّذين بينَ أَظهُرهم﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا منْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا أي : لسلَّطْناكم علَيهم فلَقَتلتُموهم قَتلاً ذَريعاً " .
قالَ القرطبيُّ عندَ تَفسيرِ الآيةِ السَّابقةِ بعدَ أن نقَلَ عن مالِك رحمه الله استِدلاَلَه بها في المَنع رَمْي التُّرس ، قالَ : " قَد يَجوزُ قَتلُ التُّرس ولاَ يَكونُ فيهِ اختلاَفٌ إن شاء الله ، وذلكَ إذَا كانَت المَصلحةُ ضَروريَّةً كُلِّيَّةً قَطعيَّةً .
فمَعنَى كَونِها ضَروريَّةً: أنَّها لاَ يَحصلُ الوُصولُ إلى الكفَّارِ إلاَّ بقَتْل التُّرس.
ومَعنَى أنَّها كُلِّيَّةً:أنَّها قَاطعةٌ لكلِّ الأمَّة حتَّى يَحصلَ مِن قَتل التُّرس مَصلحةُ كلِّ المُسلمِين، فإنْ لم يَفعَل قَتَل الكفَّارُ التُّرس واستَولوا على كلِّ الأُمَّة.
ومَعنَى كَونِها قَطعيَّةً : أنَّ تلكَ المَصلحةَ حاصِلةٌ مِن قَتْل التُّرس قَطعًا .
قالَ عُلماؤُنا: وهَذهِ المَصلحةُ بهذِه القُيودِ لاَ يَنبَغي أن يُختلَف في اعتبارِها، لأنَّ الفَرضَ أنَّ التُّرس مَقتولٌ قَطعًا: فإمَّا بأَيدِي العدوِّ، فتَحصُل المَفسدةُ العَظيمةُ الَّتي هيَ استِيلاَءُ العدوِّ على كلِّ المُسلمِين.
وإمَّا بأَيدِي المُسلمِين فيَهلِك العدوُّ ويَنجُو المُسلِمون أَجمعونَ .
ولاَ يَتأتَّى لعاقِلٍ أن يَقولَ : لاَ يُقتَل التُّرسُ في هَذه الصُّورةِ بوَجهٍ ، لأنَّه يَلزمُ مِنه ذَهابُ التُّرس والإسلاَم والمُسلِمين، لكن لمَّا كانَت هَذهِ المَصلحةُ غَيرَ خاليةٍ مِن المَفسدةِ نفَرَت مِنها نَفسُ مَن لم يُمعِن النَّظرَ فيهَا ، فإنَّ تلكَ المَفسدةَ بالنَّسبةِ إلى مَا حصَلَ مِنها عدَمٌ أو كالعدَم ، واللهُ أَعلمُ "
فأينَ هيَ الضَّرورةُ هنا ؟!
وأينَ هيَ المَصلحةُ الكلِّيَّةُ بحيثُ لو لم يُفجِّر المُفجِّرونَ لقُتلَ سائرُ المُسلمِين؟!
وأينَ هيَ المَصلحةُ القَطعيَّةُ الحاصلةُ للمُسلمِين جَميعاً ، وهم لم يُحصِّلوها ولو لأَنفسِهم؟!
فإنَّهم يُفجِّرون ثمَّ يَختَفونَ اختِفاءَ الجَبانِ الذَّليلِ ، وعدوُّهم يَزدادُ بتَشغيِبهم هَذا تمكُّناً من مَنصبِه وأخذاً بالحِيطةِ لنَفسِه!
إنَّ أميرَهم في خَفاءٍ
ورايتَهم في عَماءٍ !
ومُقاتلَهم يَرمِي إِخوانَه قَبْل الأَعداءِ !
أهَذا جِهادٌ أم تَهوُّرٌ وغَباءٌ ؟!
وقد ورَدَ أيضاً مَا يدلُّ على تَضييقِ عمليَّةِ رَمْي التُّرس ، وذَلك في قصَّة قَتْل أبي رافِع عبدِ الله بن أبي الحُقَيق اليَهوديٍّ الَّذي كانَ يَشتمُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم ويُؤذِيه ويُحرِّضُ على قَتلِه ، ورِوايتُها في صَحيح البُخاري (4039) أنَّ عَبدَ الله بنَ عَتيك رضي الله عنه المنَتَدب لقَتلِه قالَ :
" فَانتَهَيْتُ إلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ لاَ أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِن البَيْتِ ؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ ! قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبه ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وأَنَا دَهِشٌ ! فَما أَغْنَيْتُ شَيْئًا وصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِن البَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمََّّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوتُ يَا أبَا رَافِعٍ ؟ فَقَالَ : لأُِمِّكَ الوَيْلُ ! إِنَّ رَجُلاً في البَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ ! قَالَ : فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ ، ثُمََّّ وَضَعْتُ ظبَةَ السَّيْفِ فِي بَطْنِه حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ ، فَعَرَفْتُ أنِّي قَتَلْتُه " .
وهُناكَ رِوايةٌ تَزيدُ هَذا البَحثَ وُضوحاً ، رَواها الواقِديُّ في المغازي (1/392،394) وابن هشام في السيرة (2/275) والبَيهقي في دلائل النبوَّة (4/34) بإسنادٍ حَسنٍ عن عبدِ الله بن كَعب بن مالِك قالَ : " فخرَجوا إلَيه ، فلمَّا جَاؤُوه صَعدوا إلَيه في عُلِّيَّةٍ (1) له ، فنوَّهَت بهم امرَأتُه فصاحَت، وكانَ قد نَهاهُم رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بَعثَهم عن قَتل النِّساءِ والوِلدان ، فجَعلَ الرَّجلُ يَحملُ علَيها السَّيفَ ، ثمَّ يَذكرُ نَهيَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم عن قَتْل النِّساءِ فيُمسِك يدَه ، قالَ : فابتَدروه بأَسيافِهم وتَحامَل علَيه عَبدُ الله بن أُنَيس في بَطنِه بالسَّيفِ حتَّى قَتلَه "، قال ابنُ تَيمية في الصَّارم المَسلول (2/258) بعدَ ذِكرِ القصَّة : " وإنَّما ذَكَرنا هَذا رَفعاً لوَهم مَن قد يَظنُّ أنَّ قتلَ النِّساء كانَ مبُاحاً عامَ الفَتح ثمَّ حَرُم بعدَ ذلكَ ، وإلاَّ فلاَ ريبَ عندَ أَهْل العِلْم أنَّ قتلَ النِّساءِ لم يَكُن مُباحاً قطُّ ، فإنَّ آياتِ القِتالِ وتَرتيبِ نُزولِها كلُّها دَليلٌ على أنَّ قتْل النِّساءِ لم يَكُن جائزاً ، هَذا معَ أنَّ أُولئك النِّساءَ اللاَّتي كنَّ ي حِصن ابن أبي الحُقيق إذ ذَّاكَ لم يَكن يَطمعُ هؤلاَءِ النَّفرُ في استِرقاقِهنَّ ، بل هنَّ مُمتنِعاتٌ عندَ أَهْل خَيبر قَبل فَتحها بمدَّةٍ ، مع أنَّ المَرأةَ قد صاحَت ، وخافُوا الشَّرَّ بصَوتِها ، ثمَّ أَمسَكوا عن قَتلِها لرَجائِهم أن يَنكفَّ شرُّها بالتَّهويلِ علَيها " .
إنَّ الشَّاهدَ من هَذهِ القصَّةَ أنَّ الصَّحابيَّ وجدَ اليَهوديَّ وَسطَ أَهلِ بَيتِه، فلِماذا حرَصَ على ألاَّ يَقتلَ غَيرَه ؟! معَ أنَّ عِيالَه كلَّهم يَهودٌ والبَيتُ مُظلمٌ لاَ يُمكنُه أن يُميِّزَ المَطلوبَ من غَيرِه ، وكانَ لاَ يسَعُه أن يَقتلَ الرَّجلَ حتَّى يُصيبَ مَن معَه والوَقتُ حِرجٌ وضيِّقٌ جدًّا ، وقد أَخطأَ ضَربَه مرَّتَين، وخَوفُ مَجيءِ مدَدِ اليَهوديِّ قَويٌّ ، لأنَّه في حِصنِه وقَريتِه ، والمَرأةُ كانَت تُريدُ أن تُشغِّب علَيهم ؟ لِماذَا لم يَفعَلْ مُمارسو التَّفجيراتِ العَشوائيَّةِ اليَومَ ؟! قالَ ابنَ حجَر في الفتح (6/147) في فَوائدِ القصَّة : " وقَالَ مَالِكٌ والأَوْزَاعِيُّ : لاَ يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ بِحَالٍ حتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الحَرْب بالنِّسَاءِ والصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وجَعَلُوا مَعَهُم النِّسَاءَ والصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهم ولاَ تَحرِيقُهم "
فأينَ أَهلُ التَّفجيرِ عن هَذه السِّيرةِ النَّبويَّةِ العَطِرة، وهَذا الوُقوفِ عندَ الأَمْر النَّبويِّ من هَذا الصَّحابيِّ الشُّجاع المِغوارِ ؟!
وأينَ طاعةُ التَّفجيريِّين رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم كما أطاعَه أَصحابُه رضي الله عنهم في أصعبِ حالةٍ وأَحرَجِها ؟!
فعُلِم بهَذا كلِّه أنَّ مَسألةَ رَمْي التُّرس مَسألةٌ ضيِّقةُ النِّطاقِ، فكيفَ بالتَّفجيرِ العامِّ؟! على أنَّها في وَقتِنا هَذا عِبارةٌ عن تخيُّلاتٍ وأَوهامٍ لاَ واقعَ لها، واللهُ المُستعانُ.
وأمَّا الاستِدلاَلُ لها بَرْمي أَهل الطَّائفِ بالمَنجَنيقِ ، فقَد ردَدتُ على ذَلكَ في كِتابي : تخليص العِبادِ من وَحشيَّة أبي القَتادِ الدَّاعي إلى قَتْل النِّسوانِ وفلَذاتِ الأَكْبادِ ( ص261 من الطبعة السَّادسة ) ونقلتُ تَضعيفَ أَهل العِلم لها .

الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّة

تَنبيهانِ مُهمَّانِ:

التَّنبيهُ الأَوَّل:
لقَد رَددتُ في هَذا الفَصل على مَسألةِ تَشبيهِ التَّفجيرِ العامِّ برَمْى التُّرس ، كما رددتُ على مَسألةِ الاغتِيالاَتِ وغَيرِهما بأَجوبةٍ تَفصيليَّةٍ لكن باختِصارٍ ، معَ أنَّه كانَ يَسعُني أن أُجيبَ في ذلكَ بجَوابٍ واحدٍ حَاسمٍ ، ألاَ وهوَ أن أَقولَ : إنَّ هَذه العمليَّات القِتاليَّةَ يُتكلَّمُ فيها عندَ تَوفُّرِ أمرَين :
أحدُهما: إثباتُ شَرعيَّةِ القِتالِ في الوَاقعةِ المُعيَّنةِ، لأنَّ تلكَ المَسائلَ المَردود علَيها مُتفرِّعةٌ عنه.
وثَانِيهما: أن تكونَ تلكَ بأَمرٍ مِن السُّلطانِ، وقد مرَّ دَليلُه قريباً
إنَ تلكَ القُيودَ التَّفصيليَّةَ الَّتي سبَقَ نقلُها في هَذه الفُروع الجِهاديَّةِ ذكَرَها العُلماءُ تِباعاً لفَرضيَّةِ الجِهادِ في الواقعةِ المعيَّّنةِ،أي حينَ يَكونُ الجِهادُ مشروعاً وكانَ رَميُ التُّرس مثلاً بأَمْر وتَقديرِه مع أَهْل الحلِّ والعَقدِ في هَذا الإختِصاص، وهَذانِ الأَمرانِ لاَ يَتكلَّم فيهما إلاَّ أُولُو الأَمرْ :
العُلماءُ والأمراءُ كما مرَّ قريباً، فأمَّا العُلماءُ فهُم الَّذين يَملكونَ القُدرة العلميَّةَ على الحُكم في الوَقائع والنَّوازل بما تَستحقُّه من تَشريع الجِهادِ أو عَدمِه، وأمَّا الأُمراءُ فهُم يَملكونَ النَّظرَ في الجِهةِ العَسكريَّةِ وقُدراتهم مع مَن معَهم مِن ذَوي الاختصاص كما يَملِكونَ حقَّ الأَمرَ والنَّهي.
وأمَّا إذَا حكَمَ أُولُو الأَمر بعدَم مشروعيَّةِ الجِهاد في الوَاقعةِ المُعيَّنةِ فلاَ كلاَمَ في التُّرس وقُيودِه وكَذا الاغتِيالاَت ومَا يَتبعُها ، لأنَّه يُقالُ : أَثبِتِ الأَصلَ ثمَّ أَتبِعْه بالبَحثِ العِلميِّ عن حُكْم الفَرع، أو يُقالُ: أَََثبتِ العرش ثم انقُشْ، وينبغي أن يُتنبَّهَ لهَذا ، لأنَّه الجَوابُ الحَاسمُ للمَسألةِ دونَ احتياجِ إلى التَّفصيلاَت السَّابقةِ ، فإنَّ كَثيرًا ممَّن يَطرقُها يَظلُّ يَستدلُّ لها أو علَيها غافلاً عن أصلِها الَّذي
هو حُكمُ تشريعِ القِتالِ في الواقعةِ المَبحوثةِ، فإنَّ القِتالَ حينَ لاَ يُشرَع في وَاقعةٍ مَا يَسقطُ بَحثُ رَمُي التُّرس وغَيرِه تَماماً، لأنَّه لاَ يُسألُ عنه وأَصلُ القِتالِ غيرُ مُثبتٍ، ولذَلكَ أَنصحُ كلَّ مَن يُفتَح معَه الكلامُ عن فُروعٍ جِهاديَّةٍ كهَذهِ أن يَكونَ يَقظًا حتَّى لاَ يُستدرَج لبَحثٍ فَرعيٍّ وأَصلُه غيرُ مَحرَّرٍ ولاَ مُقرَّرٍ ، ثمَّ يَخرجُ مُختلِفًا مع مُجادلةِ حولَ الخَيالاَتِ ، فمضن قالَ : لديَّ الأدلَّةُ على جَواز التَّفجيراتِ أو الاغتِيالاَتٍ، فقُلْ له قبلَ أن يَستكثِرَ أو يُثرثِر : وهَل حَكَمَ العُلماءُ الأَكابرُ على قِتالِكم مِن أصلهِ بأنَّه جِهادٌ ، أم أنَّكم تَنطلِقونَ من فَتاوَى الأَصاغرِ في المَواقع العَنكبوتيَّة؟! ولاَ يُزادُ على هَذا .
أنَا أعلمُ هؤلاَءِ المُقاتِلينَ اليَومَ الَّذينَ يَقومونَ بما ذُكِر يَعتبِرونَ العُلماءَ خَونةَ فلذَلكَ اتَّخذوا لهم رُؤوسًا غيرَهم يَرجِعونَ إليَهم في المَسائِل العِلميَّة ، كما أنَّهم يَعتبِرونَ السَّلاَطينَ اليومَ كَفَرَةً ، فلذَلكَ اتَّخذوا لهم أُمراءً يَأتمرونَ بأَمرِهم وإن كانُوا في الوَاقع مُتعدِّدِين بتَّعدُّدٍ جَماعاتِهم المختلِفَةٍ الآراء .
ولمَّا كانَ طَلبةُ العِلم الَّذينَ يَرجِعونَ إِليهم إن صحَّ اعتِبارُهم طلَبةٌ لاَ يَعرِفُونهم العُلماءُ في الغالبِ لانقِطاع أُصولهم العِلميَّةِ فَضلاً عن أن يَحظَوا مِنهم بتَزكيةٍ، ولمَّا كانَ أَميرُ هؤلاَءِ المُقاتلِين اليومَ بل أُمراؤُهم غَيرَ مُعترَف بهم عندَ العُلماءِ ، فلاَ داعيَ لبَحثِ تلكَ المَسائل ، وإنَّما بحَثتُها مِنَ قَبلُ بالتَّنفُّل، وعلى افِتراضِ التَّسليم والتَّخيُّل .
فعلى أَصحاب هَذه الأَفكارِ إِثبات المُقدِّماتِ الآتيةِ:
أ - أنَّ العُلماءَ خَونةٌ بالدَّليلِ الوَاضح لاَ الأَحاجِي المُختَرعة والحِكاياتِ المَقطوعةِ الأَسانيدِ.
ب – أنَّ الحكَّامَ كَفَروا بالدَّليلِ الواضِح أَيضاً لاَ العَواطف.
جـ - أنَّ قِتالَهم جِهادٌ مَشروعٌ.
د – لو فُرِض ذَلك ، هُنالكَ فقَطْ يُنظَر في القُيود الَّتي نَقلتُها آنفاً عن القُرطبيِّ وغيرِه : هَل تَنطبقُ على الفُروع القِتاليَّةِ المُراد بَحثُها ؟
وإذ لم يَفعَلوا إلى الآن وأَهلُ العِلم يُخالِفونَهم إلى الآن ، فلاَ داعيَ للبَحثِ معَهم في مِثل مَا سَبَقَ ، وتَبقَى إذاً تلكَ الدِّماءُ الَّتي يَتقرَّبونَ بها إلى الله دِماءَ فِتنةٍ ، ويومَ القِيامةِ يَتعلَّقُ أَصحابُها بأَعناقِهم يَقولُ أحدُهم : " أَيْ رَبِّ سَلْ هَذا فيمَ قَتلَني ؟! " كماصحَّ ذلكَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رَواه النَّسائي (3999) وابن ماجَه (2621)، نَسألُ اللهَ العافيَةَ.
والخلاَصةُ أنَّ هؤلاَءِ أسَّسوا حُكمَهم على سِلسلةٍ من المُخالفَاتٍ :
- فخالَفوا العُلماءَ في تَخوينهم .
- وخالَفوا العُلماءَ في تَكفيرِ حكَّامِهم.
- وخالَفوا العُلماءَ في ادِّعاءِ مشروعيَّةِ بل وُجوبِ الجِهادِ فيما هُم فيهِ.
- ثمَّ خالَفوا العُلماءَ في الأَحكام القِتاليَّةِ الأَخيرةِ، والفُقهاءُ يَقولونَ : مَا بُنيَ على فاسِدٍ فهوَ فاسِدٌ ، لأنَّ اللهَ يَقولُ : ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيـَنَهُ عَلَى تَقْوىَ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرُ أم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيـَنَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فيِ نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِى القَوْمَ الظَّالِمِينَ [ التوبة ]
التَّنبيهُ الثَّاني:
قِتالُ المُسلمِين أَهْلَ البَغي والخَوارجَ متَى أَذن فيهِ الإمامُ لاَ يَدخلُ تحتَ قِتالِ الفِتنةِ، ودَليلُه قولُ الله تَعالى : ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ [ الحجرات ]
وروَى البخاري (2691) ومسلم (1799) عن أنَس رضي الله عنه قَالَ: " قِيلَ للِنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ الله بنَ أُبيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ورَكِبَ حِمَاراً، فَانْطَلَقَ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلمَّا أتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِلَيْكَ عَنِّي، والله لَقَدْ أَذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ ! فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأَنْصَارِ مِنْهمْ: والله ! لَحِمَارُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ ! فَغَضِبَ لِعَبْدِ الله رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ والأَيدِي والنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ:
﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا[ الحجرات ] ، قالَ ابن المُنذر في الإشراف على مذاهب العُلماء (8/217): " وإذَا اعتَزلَت جَماعةٌ من الرَّعيَّة إمامَ المُسلمِينَ ومنَعوه حقًّا من الحُقوقِ، ولم يَعتلُّوا فيه بعلَّةٍ يَجبُ على الإِمام النَّظرُ فيه، ودَعاهم الإِمامُ إلى الخُروج ممَّا يجِبُ علَيهم، فلم يَقبَلوا قولَه وامتنَعوا من أَداءِ ذلكَ إلى الإِمام ، فحقٌّ على إِمام المُسلمِين حَربُهم وجِهادُهم ليَستخرج مِنهم الحقَّ الَّذي وجَبَ علَيهم ، وحقٌّ على الرَّعيَّةِ قِتالُهم مع إمامِهم إذَا استَعان الإِمامُ بهم ، كما فعلَ أبو بَكرٍ الصِّديقُ رضي الله عنه في قِتالِ مَن منَعَ الزَّكاةَ ... " ، إلى أن قالَ : " فَهذَا مع دلاَئل سُننِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم كالإِجماع من المُهاجرين والأَنصارِ على أنَّ الصِّدِّيقَ قامَ في ذلكَ بحقٍّ وجَبَ علَيه القِيامُ به (2)، وأمَّا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه فقَد بلَغَه عن القَوم الَّذينَ قاتَلوا كلاَمًا قبلَ أن يَقتُلوا عبدَ الله بنَ خبَّابٍ فلم يُقاتِِلْهم ، فلمَّا قَتلوا عبدَ الله بنَ خبَّاب قالَ لهم : أقِيدوني من ابن خبَّابٍ (3) ،قالُوا: كلُّنا قتَلَه ! فحِينئذٍ استحَلَّ قِتالَهم فقتَلَهم "
ثمَّ استدلَّ أيضًا بالحَديثِ الَّذي فيه الأَمرُ بقِتالِ الخَوَارج ، لأنَّ الغرضَ هوَ التَّنبيه فقَطْ .
واستَدلَّ ابن المُناصف في الإنجاد في أبواب الجهاد (2/652) بما نقَلتُه آنفًا عن ابن المُنذر ، وفي نُصرةِ الرَّعيَّةِ إِمامَهم على هَذا القِتالِ استدلَّ (2/653) بقَوله تَعالى : ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ [ المائدة ] ، وبحَديثِ عَبدَ بنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ في أُمَّةٍ قَبْلي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، ولَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " خرَّجَه مُسلمٌ (50) ، فجعَلَ الحَديثَ دَليلاً على قِتالِ أهل البَغي كما جعلَه دَليلاً على قِتالِ الخَوَارج .
لكن قد يُترَك قِتالُهم إذَا كانَ مُؤدِّياً إلى تَرويع عامَّةِ البلاَد ، وهَذا يَعرفُه أهلُ العِلم بالتَّشاورِ مع أُولى الأَمْر ، ونَظيرُه فِعلُ الصَّحابةِ زمَنَ اختلاَفِ ابن الزُّبِير رضي الله عنه مع بَني أميَّة ، فإنَّه قد مرَّ نقلُ امتِناعِهم من نُصرةِ إِحدَى الطَّائفَتين ، وأنَّهم اعتذَروا عن ذَلكَ بخَوفِ إراقةِ دِماءِ الأَبرِياء ، واللهُ وليُّ التَّوفيقِ .

الحواشي:
(1): العُلِّيَّة والعِلِّيَّة: هيَ الغُرفةُ كما في لسان العرب لابن منظور كلمَة ( علاَ ) .
(2): صرَّحَ بأنَّه إِجماعٌ ابنُ المناصِف في الإنجاد (2/656)
(3): أي طلَبَ مِنهم قاتِلَ ابنِ خبَّابٍ ليَقتصَّ منه .


كتبه على الجهاز في مجالس مختلفة
بعد مراجعةكان آخرها بعد العصر
ليوم: 06/02/2010- 21 صفر 1431هـ
سفيان ابن عبد الله الجزائري – غفر الله له
مَنْطِقة القَبائِل - حَرسَّها الله مِن الفِتَن

التعديل الأخير تم بواسطة أبو نعيم إحسان ; 14 Feb 2010 الساعة 11:54 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013