منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 Jun 2014, 09:50 PM
مصباح قريدي مصباح قريدي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 35
افتراضي حث سلفنا على هجر من خالف منهج نبينا صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أما بعد:
فهذه جملة من آثار أسلافنا الذين أمرنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم وسلوك سبيلهم ولزوم غرزهم، تبين لنا كيف نتعامل مع مخالفي سنة إمامِنا وقائدِنا -نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم -، وتحثنا على مباينتهم ومهاجرتهم والبعد عنهم، وكان سبب جمعي لها تطاول أحد المدعين للحكمة على مسائل الهجر.
وأحببت أن أفتتحها بنصيحة للإمام الأوزاعي وأختتمها بنصيحة له، فهو كما قال بعض السلف -كشاف لهذه الأمور-، وقد أخبرت الشيخ عبد المجيد جمعة بجمعي لهذه الآثار فقال لي: "أحسن ما فعلت"، فنذكر مستعينين بالله:
قال الأوزاعي رحمه الله كما في تاريخ دمشق [6/362]:
"اتقوا الله معشر المسلمين، واقبلوا نصح الناصحين، وعظة الواعظين، واعلموا أن هذا العلم دين فانظروا ماتصنعون وعمن تأخذون وبمن تقتدون ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون أفّاكون آثمون لا يرعوون ولا ينظرون ولا يتقون ولا مع ذلك يُؤمنون على تحريف ما تسمعون ويقولون ما لا يعلمون في سرد ما ينكرون وتسديد ما يفترون، والله محيط بما يعملون ، فكونوا لهم حذرين متهمين رافضين مجانبين، فإن علماءكم الأولون ومن صلح من المتأخرين كذلك كانوا يفعلون ويأمرون، واحذروا أن تكونوا لله مظاهرين، ولدينه هادمين، ولعراه ناقضين موهنين بتوقيرٍ لهم أو تعظيمٍ أشدّ من أن تأخذوا عنهم الدين وتكونوا بهم مقتدين ولهم مصدقين موادعين مؤالفين ، معينين لهم بما يصنعون على استهواء من يستهوون ، وتأليف من يتألفون من ضعفاء المسلمين لرأيهم الذي يرون، ودينهم الذي يدينون، وكفى بذلك مشاركة لهم فيما يعملون"
قال خالد الظفيري في كتابه إجماع العلماء على هجر والتحذير من أهل الأهواء:
فهذه نصيحة من إمام عالم مشفق على المسلمين، عرف أهل البدع وخَبَرَهُم ، وتَنَبَّه لطرائقهم وإفسادهم، فأخبر بأنهم كلهم أصحاب إفك وإثم وعدم تقوى، وأنهم أهل تحريف وقول على الله بلا علم، ثم وضح كيفية التعامل معهم وذلك بالحذر والتحذير والمجانبة والهجر، وأوضح أن توقير أهل البدع أو تعظيمهم بأخذ العلم والدين عنهم هدمٌ لعرى الدين وإعانة على نقضه. ا.هــ
وفي معنى الذي قاله هذا الإمام الجهبذ ما رواه الآجري وغيره عن عاصم الأحول عن أبي العالية، وبين فيه كذلك أن من أراد الله به خيرًا هداه لاتباع سبيل سلفنا الصالح،حيث قال: " تَعَلَّمُوا الْإِسْلَامَ، فَإِذَا تَعَلَّمْتُمُوهُ فَلَا تَرْغَبُوا عَنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَإِنَّهُ الْإِسْلَامُ، وَلَا تُحَرِّفُوا الصِّرَاطَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي عَلَيْهَا أَصْحَابُهُ، فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَهْوَاءَ الَّتِي تُلْقِي بَيْنَ النَّاسِ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَسَنَ فَقَالَ: صَدَقَ وَنَصَحَ، وَحَدَّثْتُ بِهِ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ أَحَدَّثْتَ بِهَذَا مُحَمَّدًا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: فَحَدِّثْهُ إِذَنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: عَلَامَة مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا: سُلُوكُ هَذَا الطَّرِيقِ , كِتَابُ اللَّهِ، وَسُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُنَنُ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ بَلَدٍ إِلَى آخِرِ مَا كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ الْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ طَرِيقَتِهِمْ، وَمُجَانَبَةُ كُلِّ مَذْهَبٍ يَذُمُّهُ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ" ا.هــ
وقد أخرج أئمة أهل السنة والجماعة في كتبهم المصنفة لبيان عقيدة القرون المشهود لهم بالخيرية آثارًا عن علمائنا الأولين ومن صلح من المتأخرين بأنهم كانوا كذلك يفعلون ويأمرون ، منهم الإمام أبو عبد الله محمد بن وضاح القرطبي رحمه الله تعالى في كتابه (البدع والنهي عنها) قال:
نا أَسَدٌ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْرِمَ دِينَهُ فَلْيَعْتَزِلْ مُخَالَطَةَ السُّلْطَانِ ، وَمُجَالَسَةَ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ، فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ أَلْصَقُ مِنَ الْجَرَبِ"
وروى رحمه الله عن أَسَد بْن مُوسَى أنَّه كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ:
" اعْلَمْ أَيْ أَخِي أَنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الْكِتَابِ إِلَيْكَ مَا ذَكَرَ أَهْلُ بِلَادِكَ مِنْ صَالِحِ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ إِنْصَافِكَ النَّاسَ وَحُسْنِ حَالِكَ مِمَّا أَظْهَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ ، وَعَيْبِكَ لِأَهْلِ الْبِدْعَةِ ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِكَ لَهُمْ ، وَطَعْنِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَمَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ، وَشَدَّ بِكَ ظَهْرَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِإِظْهَارِ عَيْبِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ , فَأَذَلَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، وَصَارُوا بِبِدْعَتِهِمْ مُسْتَتِرِينَ، فَأَبْشِرْ أَيْ أَخِي بِثَوَابِ ذَلِكَ، وَاعْتَدَّ بِهِ أَفْضَلَ حَسَنَاتِكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَإِحْيَاءِ سُنَّةِ رَسُولِهِ؟".......إلى أن قال : "وَإِيَاكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ أَخٌ ، أَوْ جَلِيسٌ، أَوْ صَاحِبٌ، فَإِنَّهُ جَاءَ الْأَثَرُ: مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ، وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ مَشَى فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ. وَجَاءَ: مَا مِنْ إِلَهٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ مِنْ صَاحِبِ هَوًى، وَقَدْ وَقَعَتِ اللَّعْنَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَلَا فَرِيضَةً وَلَا تَطَوُّعًا، وَكُلَّمَا ازْدَادُوا اجْتِهَادًا وَصَوْمًا وَصَلَاةً ازْدَادُوا مِنَ اللَّهِ بُعْدًا، فَارْفُضْ مَجَالِسَهُمْ، وَأَذِلَّهُمْ، وَأَبْعِدْهُمْ كَمَا أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَئِمَّةُ الْهُدَى بَعْدَهُ"
وعَن الحَسَنِ قَالَ: "لَا تُجَالِسْ صَاحِبَ بِدْعَةٍ؛ فَإِنَّهُ يُمْرِضُ قَلْبَكَ"
وعَن سُفْيَانَ الثَّورِيِّ قَالَ: " مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِتْنَةً لِغَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ فَيَزِلُّ بِهِ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ النَّارَ, وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَا تَكَلَّمُوا، وَإِنِّي وَاثِقٌ بِنَفْسِي، فَمَنْ أَمِنَ اللَّهَ عَلَى دِينِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ سَلَبَهُ إِيَّاهُ "
وعَن العَوَّامِ بنِ حَوْشَبٍ أنه كَانَ يَقُولُ: " وَاللَّهِ لَأَنْ أَرَى عِيسَى يُجَالِسُ أَصْحَابَ الْبَرَابِطِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْبَاطِلِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَاهُ يُجَالِسُ أَصْحَابَ الْخُصُومَاتِ, يَعْنِي: أَهْلَ الْبِدَعِ"
وعَن مُحَمَّدِ بنِ طَلحَةَ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: "لَا تُجَالِسُوا أَصْحَابَ الْبِدَعِ وَلَا تُكَلِّمُوهُمْ؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَرْتَدَّ قُلُوبُكُمْ"
وعَن الحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: "لَا تُجَالِسْ صَاحِبَ هَوًى؛ فَيَقْذِفَ فِي قَلْبِكَ مَا تَتْبَعُهُ عَلَيْهِ فَتَهْلِكَ, أَوْ تُخَالِفُهُ فَيَمْرَضَ قَلْبُكَ"
وقال (أي: ابن وضاح القرطبي): نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعْدٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، فَرَآنِي ابْنُ عَوْنٍ فَأَعْرَضَ عَنِّي شَهْرَيْنِ"
وعَن أَيُّوبَ قَالَ: "دَخَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ يَوْمًا رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى أَنْ أَقْرَأَهَا ثُمَّ أَخْرُجُ، فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا لَمَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِي، قَالَ: فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ, إِنِّي لَا أَزِيدُ عَلَى أَنْ أَقْرَأَ ثُمَّ أَخْرُجُ، قَالَ: فَقَامَ بِإِزَارِهِ يَشُدُّهُ عَلَيْهِ، وَتَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ، فَأَقْبَلْنَا عَلَى الرَّجُلِ فَقُلْنَا: قَدْ حَرَّجَ عَلَيْكَ إِلَّا خَرَجْتَ، أَفَيَحِلُّ لَكَ أَنْ تُخْرِجَ رَجُلًا مِنْ بَيْتِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا بَكْر، مَا عَلَيْكَ لَوْ قَرَأَ آيَةً ثُمَّ خَرَجَ؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّ قَلْبِي يَثْبُتُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَا بَالَيْتُ أَنْ يَقْرَأَ، وَلَكِنِّي خِفْتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي قَلْبِي شَيْئًا أَجْهَدُ أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْ قَلْبِي فَلَا أَسْتَطِيعُ "
ومن أولئكم الأئمة الإمام البربهاري في كتابه [شرح السنة] قال :
قال الفضيل بن عياض: "من عظم صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام، ومن تبسم في وجه مبتدع فقد استخف بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم، ومن زوج كريمته مبتدعا فقد قطع رحمها، ومن تبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع"
وقال: "آكل مع يهودي ونصراني، ولا آكل مع مبتدع، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد"
وقال: "إذا علم الله عز وجل من الرجل أنه مبغض لصاحب بدعة غفر له، وإن قل عمله ولايكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا نفاقا ومن أعرض بوجهه عن صاحب بدعة ملأ الله قلبه إيمانا، ومن انتهر صاحب بدعة آمنه الله يوم الفزع الأكبر، ومن أهان صاحب بدعة رفعه الله في الجنة مائة درجة فلا تكن تحب صاحب بدعة في الله أبدا"
وقال البربهاري نفسه رحمه الله: "إذا رأيت الرجل جالسا مع رجل من أهل الأهواء، فحذِّره وعرِّفه، فإن جلس معه بعدما علم فاتَّقِه، فإنه صاحب هوى."
ومنهم الإمام الآجري رحمه الله، فقد أخرج جملة طيبة من آثار أسلافنا في هذا الباب فقال:
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَا تُجَالِسْ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ مَمْرَضَةٌ لِلْقُلُوب"
وعن حَسَّان بنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيّ قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ يَقُولُ: مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ"
وعَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: "إِذَا لَقِيتَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فِي طَرِيقٍ فَخُذْ فِي غَيْرِهِ"
وعَنْ أَيُّوبَ قَالَ: كَانَ أَبُو قِلَابَةَ يَقُولُ: " لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، وَلَا تُجَادِلُوهُمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي الضَّلَالَةِ، أَوْ يُلْبِسُوا عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ بَعْضَ مَا لُبِّسَ عَلَيْهِمْ"
وعن سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ قَالَ لِأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ أَسْأَلُكَ عَنْ كَلِمَةٍ قَالَ: فَوَلَّى أَيُّوبُ، وَجَعَلَ يشير بإصبعه: ولا نصف كَلِمَةٍ وَلَا نِصْفِ كَلِمَةٍ "
وعَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ ، أَنَّهُ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْجَوْزَاءِ بِيَدِهِ، لأَنْ تَمْتَلِئَ دَارِي قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُجَاوِرَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَلَقَدْ دَخَلُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
وقال (أي: الآجري) رَحِمَهُ اللَّهُ: "يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ تَمَسَّكَ بِمَا رَسَمْنَاهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَهُوَ كِتَابُ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَهْجُرَ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَكُلَّ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ، وَجَمِيعَ الرَّوَافِضِ، وَجَمِيعَ النَّوَاصِبِ، وَكُلَّ مَنْ نَسَبَهُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ بِدْعَةَ ضَلَالَةٍ، وَصَحَّ عَنْهُ ذَلِكَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَلَّمَ وَلَا يُسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يُجَالَسَ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ، وَلَا يُزَوَّجَ وَلَا يتَزَوَّجَ إِلَيْهِ مَنْ عَرَفَهُ، وَلَا يُشَارِكَهُ وَلَا يُعَامِلَهُ وَلَا يُنَاظِرَهُ وَلَا يُجَادِلَهُ، بَلْ يُذِلّهُ بِالْهَوَانِ لَهُ، وَإِذَا لَقِيتَهُ فِي طَرِيقٍ أَخَذْتَ فِي غَيْرِهَا إِنْ أَمْكَنَكَ. فَإِنْ قَالَ: فَلِمَ لَا أُنَاظِرُهُ وَأُجَادِلُهُ وَأَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ؟ قِيلَ لَهُ: لَا يُؤْمَنُ عَلَيْكَ أَنْ تُنَاظِرَهَ وَتَسْمَعَ مِنْهُ كَلَامًا يُفْسِدُ عَلَيْكَ قَلْبَكَ وَيَخْدَعُكَ بِبَاطِلِهِ الَّذِي زَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَتَهْلِكَ أَنْتَ؛ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّكَ الْأَمْرُ إِلَى مُنَاظَرَتِهِ وَإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ, فَأَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكَ فَقَوْلُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَمُوَافِقٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وعلى دربهم رحمهم الله مضى ابن بطة العكبري في كتابه [الإبانة الكبرى] فأخرج:
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: "النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ عِبَادَةٌ، وَالنَّظَرُ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِي يَدْعُو إِلَى السُّنَّةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْبِدْعَةِ عِبَادَةٌ"
وعن الْفُضَيل قال: "الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ, فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائتَلَفَ, وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ, وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صاحب سُنَّةٍ يُمَالِي صَاحِبَ بِدْعَةٍ إِلَّا مِنَ النِّفَاقِ".
قَالَ الشَّيْخُ (وهو ابن بطة): "صَدَقَ الْفُضَيْلُ رَحْمَة اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِنَّا نَرَى ذَلِكَ عِيَانًا".
وعن الْفُضَيل قال: "صَاحِبُ بِدْعَةٍ، لَا تَأْمَنْهُ عَلَى دِينِكَ, وَلَا تُشَاوِرْهُ فِي أَمْرِكَ, وَلَا تَجْلِسْ إِلَيْهِ, وَمَنْ جَلَسَ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ أَوْرَثَهُ اللَّهُ الْعَمَى - يَعْنِي فِي قَلْبِهِ –"
وقَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطْلُبُونَ حِلَقَ الذِّكْرِ, فَانْظُرْ مَعَ مَنْ يَكُونُ مَجْلِسُكَ لَا يَكُنْ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ, فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ, وَعَلَامَةُ النِّفَاقِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ وَيَقْعُدَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ"
وقَالَ: "مَنْ جَلَسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ لَمْ يُعْطَ الْحِكْمَةَ"
وقَالَ: "مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ , وَأَخْرَجَ نُورَ الْإِسْلَامِ مِنْ قَلْبِهِ"
وقَالَ: "لَا تَجْلِسْ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ, فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكَ اللَّعْنَةُ"
وعَن مُحَمَّد بنِ النَّضرِ الْحَارِثِيِّ قَالَ: "مَنْ أَصْغَى بِسَمْعِهِ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ, وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ"
وعن أَحْمَدَ بن يُوسُفَ بنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "مَا أُبَالِي سَأَلْتُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ عَنْ دِينِي أَوْ زَنَيْتُ"
وعن مُسْلِم بن يَسَارٍقال: "لَا تُمَكِّنُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ مِنْ سَمْعِكَ فَيَصُبَّ فِيهَا مَا لَا تَقْدِرُ أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ قَلْبِكَ"
وعن سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ قال: "مَنْ أَصْغَى بِسَمْعِهِ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ خَرَجَ مِنْ عِصْمَةِ اللَّهِ , وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ"
وعن أَبي حَاتِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سِنَانٍ يَقُولُ: " لَئِنْ يُجَاوِرَنِي صَاحِبُ طُنْبُورٍ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُجَاوِرَنِي صَاحِبُ بِدْعَةٍ , لِأَنَّ صَاحِبَ الطُّنْبُورِ أَنْهَاهُ, وَأَكْسرُ الطُّنْبُورَ, وَالْمُبْتَدِعُ يُفْسِدُ النَّاسَ, وَالْجِيرَانَ, وَالْأَحْدَاثَ"
وعنه قَالَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سِنَانٍ , يَقُولُ: "إِذَا جَاوَرَ الرَّجُلَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ أَرَى لَهُ أَنْ يَبِيعَ دَارَهُ إِنْ أَمْكَنَهُ, وَلْيَتَحَوَّل، وَإِلَّا أَهْلَكَ وَلَدَهُ وَجِيرَانَهُ" فَنازع ابْنُ سِنَانٍ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ سَمِعَ مِنْكُمْ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ - قَالَهَا ثَلَاثًا - فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَاذِبٌ , فَيَتْبَعُهُ لِمَا يَرَى مِنَ الشُّبُهَاتِ). ا.هـ. رحمهم الله، أَفقِهْ بهم.
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ كَلِمَةً مِنْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ وَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِي أَنْ أُكَلِّمَهُ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ "
وعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى غُسْلِ مَيِّتٍ, فَخَرَجَ مَعَ الْقَوْمِ, فَلَمَّا كَشَفَ عَنْ وَجْهِ الْمَيِّتِ عَرَفَهُ, فَقَالَ: "أَقْبِلُوا قِبَلَ صَاحِبِكُمْ فَلَسْتُ أُغَسِّله , رَأَيْتُهُ يُمَاشِي صَاحِبَ بِدْعَةٍ"
وعن أبي قِلَابَةَ قال: "لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ, وَلَا تُجَادِلُوهُمْ, فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ, أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ"
وعَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: "لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ , فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ تَذْهَبُ بِنُورِ الْإِيمَانِ مِنَ الْقُلُوبِ, وَتسلب مَحَاسِنَ الْوُجُوهِ, وَتُورِثُ الْبِغْضَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ"
وعَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ أَنَّ طَاوُوسًا كَانَ جَالِسًا هُوَ وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ, فَجَاءَهُمَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ, فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَجْلِسَ, فَقَالَ لَهُ طَاوُوس: إِنْ جَلَسْتَ قُمْنَا, فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ إِنْ جَلَسْتَ - وَاللَّهِ - قُمْنَا, فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ .
وعن أَحْمَد بْن أَبِي الْحَوَارِي قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْبُسْرِيِّ - وَكَانَ مِنَ الْخَاشِعِينَ - مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَخْشَعَ مِنْهُ: "لَيْسَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ تَرُدَّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ, وَلَكِنَّ السُّنَّةَ عِنْدَنَا أَنْ لَا تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنْهُمْ"
وعن مُحَمَّد بْن عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَلَابِيّ قال: "كَانَ يُقَالُ يَتَكَاتَمُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا التَّآلُفَ وَالصُّحْبَةَ"
وعن مُصْعَب بْن سَعْدٍ قال: "لَا تُجَالِسْ مَفْتُونًا, فَإِنَّهُ لَنْ يُخْطِئَكَ إِحْدَى اثْنَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَفْتِنَكَ فَتَتْبَعَهُ, وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِيَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ"
وعن نُعَيْم بْن حَمَّادٍ قال : "رَآنِي ابنُ المُبَارَكِ مَعَ رَجُلٍ مِن أَهلِ الْأَهوَاءِ فَمَا كَلَّمَنِي، فَلَمَّا كَانَ فِي غَدٍ، رَآنِي فَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
يَا طَالِبَ العِلمِ صَارِم كُلَّ بَطَّالِ ... وَكُلَّ غَاو إِلَى الْأَهْوَاءِ مَيَّالِ
[ثم ذكر أبيات شعرية هذا أولها]
وعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ , يَقُولُ: "لَا يُمَكِّنْ أَحَدٌ مِنْكُمْ أُذُنَيْهِ مِن هَوًى أَبَدًا"
وعن عَبْد الصَّمَدِ خَادِم الْفُضَيْلِ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: "مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ , وَمَنْ كَانَ مَجْلِسُهُ مَعَ الْمَسَاكِينِ نَفَعَهُ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَجْلِسَ مَعَ مَنْ يُفْسِدُ عَلَيْكَ قَلْبَكَ , وَلَا تَجْلِسْ مَعَ صَاحِبِ هَوًى , فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ مَقْتَ اللَّهِ"
وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "لَئِنْ أُجَاوِرَ يَهُودِيًّا , وَنَصْرَانِيًّا , وَقِرَدَةً , وَخَنَازِيرَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُجَاوِرَنِي صَاحِبُ هَوًى يُمْرِضُ قَلْبِي"
وعَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: "خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ وَمَا كَانَ لَهُ هَوًى فَقَالَ: "اذْهَبُوا بِنَا حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَهُم، فَمَا رَجَعَ , حَتَّى أَخَذَ بِهَا , وَعَلَقَتْ قَلْبَهُ"
وعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ مُهَلْهَلٍ قَالَ: "لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْبِدْعَةِ إِذَا جَلَسْتَ إِلَيْهِ يُحَدِّثُكَ بِبِدْعَتِهِ ، حَذَرْتَهُ وَفَرَرْتَ مِنْهُ, وَلَكِنَّهُ يُحَدِّثُكَ بِأَحَادِيثِ السُّنَّةِ فِي بُدُوِّ مَجْلِسِهِ, ثُمَّ يُدْخِلُ عَلَيْكَ بِدْعَتَهُ , فَلَعَلَّهَا تَلْزَمُ قَلْبَكَ , فَمَتَى تَخْرُجُ مِنْ قَلْبِكَ؟"
وعن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مُبْتَدَعٍ دَاعِيَةٍ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ يُجَالسُ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "لَا يُجَالَسُ, وَلَا يُكَلَّمُ، لَعَلَّهُ يَتُوبُ"
وعن عَلِي بْن سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَدِمَ ثَوْرٌ الْمَدِينَةَ, فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَلَا تَأْتِيهِ, فَقَالَ: "لَا يُجْتَمَعُ عِنْدَ رَجُلٍ مُبْتَدَعٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَالَ: لَا تَأْتُوهُ "
وعَنْ شُعَيْب بْن حَرْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: "مَنْ يُجَالِسُ أَهْلَ الْبِدَعِ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ"
وعن الأوزَاعِي قيل له: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ: أَنَا أُجَالِسُ أَهْلَ السُّنَّةِ , وَأُجَالِسُ أَهْلَ الْبِدَعِ, فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هَذَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
قَالَ الشَّيْخُ(أي: ابن بطة): صَدَقَ الْأَوْزَاعِيُّ, أَقُولُ: إِنَّ هَذَا رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ, وَلَا الْكُفْرَ مِنَ الْإِيمَانِ, وَفِي مِثْلِ هَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ, وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ عَنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُم}
وعن حَنْبَل بْن إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ: «أَهْلُ الْبِدَعِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَالِسَهُمْ, وَلَا يُخَالِطَهُمْ , وَلَا يَأْنَسَ بِهِمْ"
وعن يَحْيَى بْن سَعِيدٍ الْقَطَّان قال: لَمَّا قَدِمَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْبَصْرَةَ جَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى أَمْرِ الرَّبِيعِ يَعْنِي ابْنَ صُبَيْحٍ وَقَدْرَهُ عِنْدَ النَّاسِ, سَأَلَ: أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُهُ؟ قَالُوا: مَا مَذْهَبُهُ إِلَّا السُّنَّةُ، قَالَ: مَنْ بِطَانَتُهُ؟ قَالُوا: أَهْلُ الْقَدَرِ قَالَ: هُوَ قَدَرِيٌّ.
قَالَ ابن بطة: رَحْمَة اللَّهِ في سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: لَقَدْ نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ فَصَدَقَ, وَقَالَ بِعِلمٍ فَوَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَمَا تُوجِبُهُ الْحِكْمَةُ وَيُدْرِكُهُ الْعِيَانُ وَيَعْرِفُهُ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ وَالْبَيَانِ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلّ: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ{
وقَالَ: "اعْلَمُوا إِخْوَانِي أَنِّي فَكَّرْتُ فِي السَّبَبِ الَّذِي أَخْرَجَ أَقْوَامًا مِنَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَاضْطَرَّهُمْ إِلَى الْبِدْعَةِ وَالشَّنَاعَةِ، وَفَتَحَ بَابَ الْبَلِيَّةِ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ وَحَجَبَ نُورَ الْحَقِّ عَنْ بَصِيرَتِهِمْ، فَوَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: الْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يُغْنِي، وَلَا يَضُرُّ الْعَاقِلَ جَهْلُهُ، وَلَا يَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ فَهْمُهُ.
وَالْآخَرِ: مُجَالَسَةِ مَنْ لَا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ، وَتُفْسِدُ الْقُلُوبَ صُحْبَتُهُ"
ومن أولئكم الأئمة الأعلام الإمام الأصبهاني في(الحجة في بيان المحجة) فقد حكى معتقد أهل السنة في هذا الباب فقال:
"وَلَا يجوز مجالسة أهل الْمعاصِي الَّذين ظهر فسقهم، وَلَا مجالسة أهل الْبدع الَّذين ظَهرت بدعهم"
وقال : "وَمن مَذْهَب أهل السّنة التورع فِي المآكل والمشارب والمناكح والتحرز من الْفَوَاحِش والقبائح، والتحريض عَلَى التحاب فِي الله عَزَّ وَجَلَّ، واتقاء الْجِدَال والمنازعة فِي أصُول الدّين، ومجانبة أهل الْأَهْوَاء والضلالة، وهجرهم ومباينتهم"
وقال : "عَلى الْمَرْء محبَّة أهل السّنة أَي مَوضِع كَانُوا رَجَاء محبَّة الله لَهُ كَمَا قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:" وَجَبت محبتي للمتحابين فِي والمتجالسين فِي والمتلاقين فِي "، وَعَلِيهِ بغض أهل الْبدع أَي مَوضِع كَانُوا حَتَّى يكون مِمَّن أحب فِي الله وَأبْغض فِي الله"
وقال: "وَأَصْحَاب الحَدِيث لَا يرَوْنَ الصَّلَاة خلف أهل الْبدع لِئَلَّا يرَاهُ الْعَامَّة فيفسدون بذلك"
وقال: "وَترك مجالسة أهل الْبِدْعَة ومعاشرتهم سنة، لِئَلَّا تعلق بقلوب ضعفاء الْمُسلمين بعض بدعتهم، وَحَتَّى يعلم النَّاس أَنهم أهل الْبِدْعَة، وَلِئَلَّا يكون مجالستهم ذَرِيعَة إِلَى ظُهُور بدعتهم."
وقال أبو يعلى في كتابه الإعتقاد :
"ويجب هجران أهل البدع والضلال كالمشبهة والمجسمة والأشعرية والمعتزلة والرافضة والمرجئة والقدرية والجهمية والخوارج والسالمية والكراميّة وبقية الفرق المذمومة."
وقال الإمام الصابوني رحمه الله في كتابه [عقيدة السلف أصحاب الحديث] بعد أن ذكر جملة من علماء السلف:
"وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم بعضاً، بل أجمعوا عليها كلها، واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم"
وقال أبو الحسن في كتابه الإبانة:
"وندين الله عز وجل بأنه يعلم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، وما كان وما يكون، وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، وبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين ، ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعة، ومجانبة أهل الأهواء."
وقال ابن أبي زمنين في [أصول السنة]:
قَالَ اَلنَّضْرُ: وَسَمِعْتُ أَبَا قِلَابَةَ يَقُولُ لِأَيُّوبَ: "يَا أَيُّوبُ اِحْفَظْ مِنِّي ثَلَاثًا: لَا تُقَاعِدْ أَهْلَ اَلْأَهْوَاءِ، وَلَا تَسْمَعْ مِنْهُمْ، وَلَا تُفَسِّرْ اَلْقُرْآنَ بِرَأْيِكَ، فَإِنَّكَ لَسْتَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ، وَانْظُرْ هَؤُلَاءِ اَلرَّهْطَ مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ".
وقال ابن أبي زمنين : "وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ اَلسُّنَّةِ يَعِيبُونَ أَهْلَ اَلْأَهْوَاءِ اَلْمُضِلَّةِ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَيُخَوِّفُونَ فِتْنَتَهُمْ وَيُخْبِرُونَ بِخَلَاقِهِمْ، وَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ غِيبَةً لَهُمْ وَلَا طَعْنًا عَلَيْهِمْ."

وقال ابن قدامة في كتابه [لمعة الإعتقاد]:
"ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة ، والإصغاء إلى كلامهم ، وكل محدثة في الدين بدعة"
وقال شيخ الإسلام في كتاب الاستقامة:
"وَلِهَذَا كَانَ السّلف يعدون كل من خرج عَن الشَّرِيعَة فِي شئ من الدّين من أهل الْأَهْوَاء ويجعلون أهل الْبدع هم أهل الْأَهْوَاء، ويذمونهم بذلك، ويأمرون بألا يُغترَّ بهم وَلَو أظهرُوا مَا أظهروه من الْعلم وَالْكَلَام وَالْحجاج أَو الْعِبَادَة وَالْأَحْوَال، مثل المكاشفات وخرق الْعَادَات، كَقَوْل يُونُس بن عبد الْأَعْلَى: قلت للشَّافِعِيّ: تَدْرِي يَا أَبَا عبد الله مَا كَانَ يَقُول فِيهِ صاحبنا أُرِيد اللَّيْث بن سعد وَغَيره، كَانَ يَقُول: لَو رَأَيْته يمشي على المَاء لَا تثق بِهِ وَلَا تعبأ بِهِ وَلَا تكَلمه، قَالَ الشَّافِعِي فَإِنَّهُ وَالله مَا قصر
وقال في مجموع الفتاوى [35/413]: "فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَاصِي وَالْمُبْتَدِعِ، هَلْ تَجُوزُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالشُّهْرَةِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ وَالْمُعَايَنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِفَاضَةُ فِي ذَلِكَ كَافِيَةً فَمَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمَا وَجْهُ حُجَّتِهِ؟ وَالدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ وَالْمُرَجِّحُ لَهَا، هَلْ يَجُوزُ السّتر عَلَيْهِ أَمْ يَتَأَكَّدُ إشْهَارُهُ لِيَحْذَرَهُ النَّاسُ، وَمَا حَدُّ الْبِدْعَةِ الَّتِي يُعَدُّ فِيهَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؟
الْجَوَابُ: مَا يُجَرَّحُ بِهِ الشَّاهِدُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ وَدِينِهِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِهِ إذَا عَلِمَهُ الشَّاهِدُ بِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا شَرْعِيًّا، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ طَوَائِفُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنْبَلِيَّةِ، وَغَيْرُهِمْ فِي كُتُبِهِمْ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، صَرَّحُوا فِيمَا إذَا جُرِّحَ الرَّجُلُ جَرْحًا مُفْسِدًا أَنَّهُ يُجَرِّحُهُ الْجَارِحُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ رَآهُ وَاسْتَفَاضَ،مَا أَعْلَمُ فِي هَذَا نِزَاعًا بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتِنَا فِي مِثْلِ عُمَرَ بْنِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَمْثَالِهِمَا وَاَلَّذِينَ بِمَا لَمْ يَعْلَمُوهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَيَشْهَدُونَ فِي مِثْلِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْلَانَ الْقَدَرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ الرَّافِضِيِّ، وَنَحْوِهِمْ مِنْ الظُّلْمِ وَالْبِدْعَةِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ "النَّبِيِّ: أَنَّهُ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ: وَجَبَتْ وَمُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: وَجَبَتْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا قَوْلُك وَجَبَتْ قَالَ: هَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا الْجَنَّةُ، وَهَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا النَّارُ. أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ".هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ تَفْسِيقَهُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ التَّحْذِيرَ مِنْهُ وَاتِّقَاءَ شَرِّهِ فَيُكْتَفَى بِمَا دُونَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ؛ وَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ. فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُخَالِطًا فِي السَّيْرِ لِأَهْلِ الشَّرِّ يُحَذَّرُ عَنْهُ.
و"الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ " مُسْتَحِقٌّ الْعُقُوبَةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَعُقُوبَتُهُ تَكُونُ تَارَةً بِالْقَتْلِ وَتَارَةً بِمَا دُونَهُ كَمَا قَتَلَ السَّلَفُ جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ وَالْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ وَغَيْلَانَ الْقَدَرِيَّ وَغَيْرَهُمْ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ أَوْ لَا يُمْكِنُ عُقُوبَتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ بِدْعَتِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا فَإِنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ.
والْبِدْعَةُ الَّتِي يُعَدُّ بِهَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ."ا.هــ
وقال [23/342]: "وَأَمَّا الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَخَلْفَ أَهْلِ الْفُجُورِ فَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ وَتَفْصِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ: لَكِنْ أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ فِي هَؤُلَاءِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الْإِمَامَةِ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ. فَإِنَّ مَنْ كَانَ مُظْهِرًا لِلْفُجُورِ أَوْ الْبِدَعِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَنَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ هَجْرُهُ لِيَنْتَهِيَ عَنْ فُجُورِهِ وَبِدْعَتِهِ؛ وَلِهَذَا فَرَّقَ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ بَيْنَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرِ الدَّاعِيَةِ فَإِنَّ الدَّاعِيَةَ أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ فَاسْتَحَقَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّاكِتِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَسَرَّ بِالذَّنْبِ فَهَذَا لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ فَإِنَّ الْخَطِيئَةَ إذَا خَفِيَتْ لَمْ تَضُرَّ إلَّا صَاحِبَهَا وَلَكِنْ إذَا أُعْلِنَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ ضَرَّتْ الْعَامَّةَ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمُنَافِقُونَ تُقْبَلُ مِنْهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ وَتُوكَلُ سَرَائِرُهُمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَنْ أَظْهَرَ الْكُفْرَ."
وقال [13/125]: "لَكِنَّ الْمَقْصُودَ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَهَجْرُ مَنْ أَظْهَرَ الْبِدْعَةَ فَإِذَا هُجِرَ وَلَمْ يُصَلَّ خَلْفَهُ وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ ذَلِكَ مَنْعًا لَهُ مِنْ إظْهَارِ الْبِدْعَةِ."
وقال في الفتاوى الكبرى [5/348]: "وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالْفَسَقَةِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِهِمْ"
وقال السيوطي رحمه الله في كتابه الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع :
"فعلى المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئاً من الأهواء والبدع معتقداً ويتهاون بشيء من السنن أن يهجره ويتبرأ منه، ويتركه حياً وميتاً، فلا يسلم عليه إذا لقيه، ولا يُجيبه إذا ناداه، والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة دون ما كان في حق الدين، فإن هجر أهل البدع والأهواء دائم إلى أن يتوبوا."
وروى عن أبي الحسن البغوي قال: "قد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم."
وعن سفيان الثوري قال: "من سمع مبتدعاً لم ينفعه الله بما سمع، ومن صافحه فقد نقض الإسلام عروة عروة."
وعن سليمان الهيثمي لما مرض بكى بكاء شديداً، فقيل له: ما يبكيك؟ الجزع من الموت؟ فقال: لا، ولكن مررت على قدري فسلمت عليه فأخاف أن يحاسبني ربي عليه.
وعن مالك قال: "بئس القوم هؤلاء أهل الأهواء، لا يسلم عليهم."
وأختم هذه التحف بكلمة للإمام الأوزاعي رحم الله الجميع :
"فَاصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ , وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ , وَقُلْ فِيمَا قَالُوا وَكُفَّ عَمَّا كَفُّوا, وَاسْلُكْ سَبِيلَ سَلَفِكَ الصَّالِحِ , فَإِنَّهُ يَسَعُكَ مَا وَسِعَهُمْ". أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى
وما على قول الأئمة مزيد، سوى الصلاة والسلام على قدوتهم وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم، وعادى من حاد عن منهجهم، وسُؤال من ثبتهم على ذلك تثبيتنا على صراطهم حتى نلقاه.


التعديل الأخير تم بواسطة مصباح قريدي ; 31 Jan 2018 الساعة 03:08 PM سبب آخر: أخطاء إملائية ونحوية
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, هجر, مسائل


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013