السـؤال: اشترطتُ على زوجي قبل العقد الشرعي التنازل على جميع حقوقه إذا أراد التعدّد إلاّ أنّ الشرط تمَّ بيني وبينه، والآن وبعد عشرة زوجية دامت خمس عشرة سنة، قرّر زوجي التعدّد ناقضا الشرط بحجّة أنه لم يُذكر أثناء العقد الشرعي. فما هو الموقف الشرعي الواجب اتخاذه معه؟
الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فاعلمي أنّ الشرطَ الذي يُحلّ حرامًا أو يُحرِّم حلالاً باطلٌ؛ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ»(١)، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا أَحَلَّ حَلاَلاً أَوْ حَرَّمَ حَرَامًا»(٢)، فاشتراطُ التنازلِ على كافَّة حقوق الزوج مع بقاء زوجته في العصمة معنى ذلك حِرمانه من حقّه في الفراش والطاعة وفي غيرها مع لزوم النفقة عليه لها ولأولادها، وهذا الحيف والجور في هذا الشرط ظاهر، فلو اشترطت عليه أن لا يعدّد وقَبِل شرطها أمكن والحال هذه أن تفسخ عقد الزوجية إن رغبت أن تلغيه، لكنها إذا اشترطت التنازل على كافة حقوقه فإنّ الشرط باطل والعقد صحيح، وزواجه من الثانية لا يؤثّر على العقد على الأولى، والواجب على المرأة أن ترضى بقضاء الله وبأحكامه، وما شرعه في حقّ الزوج ما دام يقوم بالواجبات اتجاهها. صانك الله من كلّ مكروه، ووفّقك لما يحبّ ويرضى، والزمي طاعة زوجك بالمعروف، فإنه جنّتك ونارك(٣).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 5 جمادى الأولى 1428ﻫ الموافق ﻟ: 22 مايو 2007م
١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب البيوع، باب البيع والشراء مع النساء: (2047)، ومسلم في «صحيحه» كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق: (3776)، والنسائي في «سننه» كتاب الطلاق، باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك: (3451)وابن ماجه في «سننه» كتاب، العتق، باب المكاتب: (2521)، وأحمد في «مسنده»: (25189)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٢- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الأقضية، باب في الصلح: (3594)، والحاكم في «المستدرك»: (2309)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (11618)، ن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. واخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الأحكام، باب ما ذكر عن رسول الله في الصلح بين الناس: (1352)، من حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (1303).
٣- أخرجه أحمد في «مسنده»: (18524)، والطبراني في «الكبير»: (25/183)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (14483)، من حديث حصيب بن محصن رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2612).