منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08 Nov 2017, 09:50 AM
محمد مزيان محمد مزيان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 42
افتراضي التواضع للحق

الحمد لله رب العالمين، وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه في الأولين وفي الآخرين وفي الملإ الأعلى إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن التواضع خلق يحبه الله تعالى ويحب أهله ،كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه) .

والتواضع رفعة للمؤمن ،كما قال صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه. رواه مسلم. فدل الحديث على أن من أراد رفعة القدر والمكانة فعليه أن يكون ذليلاً لله متواضعًا لمولاه، يكن رفيع القدر عند الناس.
وقال صلى الله عليه وسلم: ما من آدمي إلا في رأسه حَكَمَةٌ بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته و إذا تكبر قيل للملك دع حكمته. رواه الطبراني في الكبير وهو في الصحيحة.

والتواضع من أسباب دخول الجنة، لقوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. قال الحافظ ابن كثير: يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَنَعِيمَهَا الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، جَعَلَهَا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَوَاضِعِينَ.
فالواجب علينا أن نتحلى بهذا الخلق الذي أمرنا الله تعالى أن نتحلى به. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد ولا يبغي أحدٌ على أحد. رواه مسلم

وإن من أعظم التواضع التواضعَ للحق، بل هذا قمة التواضع: أن تقبل الحق وتخضع له.
سئل الفضيل بن عياض عن التواضع، فقال: يخضع للحق وينقاد له، ويقبله ممن قاله.
وقال ابن القيم: التواضع : أن يتواضع العبد لصولة الحق. يعني : أن يتلقى سلطان الحق بالخضوع له والذل والانقياد والدخول تحت رقه بحيث يكون الحق متصرفا فيه تصرف المالك في مملوكه فبهذا يحصل للعبد خلق التواضع.
ولهذا يجب على كل مسلم إذا تبين له الحق أن يتواضع له ويقبله، لأن الحق مطلب عزيز، كل العباد محتاجون إليه؛ حتى نبينا صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا كان من دعائه: اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك.

والحذر من الكبر واجب لأنه من أعظم موانع قبول الحق، قال صلى الله عليه وسلم: الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ. رواه مسلم
قال ابن السعدي –في بهجة قلوب الابرار-: جعل الكبر نوعين:
كبر النوع الأول: على الحق ، وهو رده وعدم قبوله ، فكل من رد الحق فإنه مستكبر عنه بحسب ما رد من الحق وذلك أنه فرض على العباد أن يخضعوا للحق الذي أرسل الله به رسله ، وأنزل به كتبه .
فالمتكبرون عن الانقياد للرسل بالكلية كفار مخلدون في النار ؛ فإنه جاءهم الحق على أيدي الرسل مؤيدا بالآيات والبراهين فقام الكبر في قلوبهم مانعا ، فردوه . قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ.
وأما المتكبرون عن الانقياد لبعض الحق الذي يخالف رأيهم وهواهم، فهم - وإن لم يكونوا كفارا - فإن معهم من موجبات العقاب بحسب ما معهم من الكبر. وما تأثروا به من الامتناع عن قبول الحق الذي تبين لهم بعد مجيء الشرع به. ولهذا أجمع العلماء أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يحل له أن يعدل عنها لقول أحد، كائنا من كان.
فيجب على طالب العلم أن يعزم عزما جازما على تقديم قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد، وأن يكون أصله الذي يرجع إليه ، وأساسه الذي يبني عليه : الاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، والاجتهاد في معرفة مراده ، وإتباعه في ذلك ، ظاهرا وباطنا .فمتى وفق لهذا الأمر الجليل فقد وفق للخير ، وصار خطؤه معفوا عنه؛ لأن قصده العام اتباع الشرع. فالخطأ معذور فيه إذا فعل مستطاعه من الاستدلال والاجتهاد في معرفة الحق ، وهذا هو المتواضع للحق .
وأما الكبر على الخلق - وهو النوع الثاني - : فهو غَمطهم واحتقارهم وذلك ناشئ عن عجب الإنسان بنفسه ، وتعاظمه عليهم . فالعجب بالنفس يحمل على التكبر على الخلق ، واحتقارهم والاستهزاء بهم ، وتنقيصهم بقوله وفعله
. اهـ

فحذار حذار من التكبر عموما، ومن التكبر عن قبول الحق خصوصا. فالمتكبر عن قبول الحق متوعد بأن يحرم فهم القرآن فيحرم معرفة الحق. لقوله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ. وقال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ. فهؤلاء يحرمون التوفيق والتبصير بالحق لأنهم لم يقبلوا به أول ما جاءهم.

وليعلم كل متكبر عن قبول الحق أنه في الحقيقة إنما يتكبر على الله تعالى. يقول الإمام ابن القيم: ومن تكبر عن الانقياد للحق ولو جاءه على يد صغير أو من يبغضه أو يعاديه فإنما تكبره على الله فإن الله هو الحق وكلامه حق ودينه حق والحق صفته ومنه وله فإذا رده العبد وتكبر عن قبوله : فإنما رد على الله وتكبر عليه.

وإن مما يتميز به أهل السنة والجماعة أنهم يدورون مع الحق حيث دار، وينقادون له متى ظهر لهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأهل السنة المحضة أولى الطوائف بهذا فإنهم يصْدقون ويصدّقون بالحق في كل ما جاء به وليس لهم هوى إلا مع الحق. منهاج السنة النبوية
وهذا من الفوارق بين أهل السنة والجماعة وأهل البدع والأهواء ومن ركن إليهم.


نسأل الله تعالى أن يثبتنا على التوحيد والسنة، وأن يرزقنا الانقياد للحق.
والحمد لله رب العالمين

التعديل الأخير تم بواسطة محمد مزيان ; 08 Nov 2017 الساعة 10:01 AM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, تزكية, تواضع

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013