باسم الله الرحمنِ الرّحيم
حدّثنا أخٌ في الله قال: دخلتُ يوم الجمعة إلى المسجد، فوجدتُ الناس بين مُصلّ وقارئ ومتعبّد، ولمّا آذنَ وقتُ الزوال بالدّخول، صعد الإمامُ المنبرَ فسمعتُهُ يقول:
الحمدُ لله مُجيبِ الدّعوات، قاضي الحاجاتِ ومُفرّجِ الكُرُبات، وصلى الله وسلم على النبيّ المصطفى ، وعلى من بآثارهم اقتفى، فهم أهل الصفا، والصدق والوفا، أمّا بعد:
فإنّ القلب ينعصرُ ألما، ويتفطّرُ دما، حين يرانا عن العلم التفتنا، وإلى اللهو تهافتنا، اشتغلنا بسَفاسف القشور، وتغافلنا عن أهوال النشور، غرقنا في مُستنقعِ الشهوات، وعصَفت بنا رياحُ الشّبُهات، نظلّ أمام الشاشات عاكِفين، ولِحَقّ الله مُضيّعين...
فحَتّامَ هذا الإعراضُ لا نتوب؟ أخبرني ماذا استفدنا من الفيسبوك واليوتيوب؟ هل استفدنا إلاّ كلامًا بذيئا، وصورًا رديئه، فلْنبشِر إِذن بالإثم لا هنيئًا ولا مريئا، أفلام ساقطة، ومقاطع هابطة، بلغت المشاهداتُ مائة مليون، قَسَت القلوبُ وَ شَحّت بالدّمعِ العُيون، وإنّا على هجر القرآن لمَحزُونون، وإنّا على مصائبِ الأمّة لمَفجُوعون، إلى الله المُشتكى، أين مَن تابَ وبَكى؟ واللهُ أكبر، أينَ مَن تهجّد ثمّ استغفر...
فاترُكوا إخواني مواقع الفِتنة، وهلمُّوا إلى الكتابِ والسُّنة، أليس فينا الدّعاةُ النّاصحُون، والأئمّة المُخلصون، يَدْعُون بالحِكمة والعِلمِ واللِّين، ابتداءً بالشيخ فركوس مُرورًا بالشيخ عزّالدين، حرّروا لنا مجلّة الإصلاح، تُنادي بأعلى الصوت: حيّ على الفلاح
يا باغيَ الخير ولم يبلُغهُ *** ويا طالب الحقّ ولم يحُزهُ
تعال أُنبّئكَ بخيرِ سيرة *** على علمٍ منّي وعلى بصيرة
كتابُ الله وسُنّةُ الرّسولِ*** هُما شفاءُ القلوبِ والعُقولِ
فلا تُخالفْ _يرعاكَ اللهُ_ الشريعه*** فِعلَ الخوارج، المعتزلة والشّيعه
وكذا القدريّة والمُرجئة والصّوفيّة*** والمُفوّضة والمُعطّلة والجهمِيّة
وكذا الحزبيّينَ والأشاعرة*** خسِرُوا الدّنيا كما خسروا الآخرة
أفلا اتّبَعوا كلامَ العُلماء*** الذين ورِثُوا العلمَ عنِ الأنبياء
الذين عُرفوا بسلامة العقيدة*** بالمنهجِ الحقّ والفتاوى السّديدة
جزاهمُ الله عَنّا خيرَ الجزاءِ*** فهُمْ أهلُ التّقى وأهلُ الوفاءِ
أسألُ اللهَ أن يرحمَ أمواتهُم*** كما أسألهُ أن يحفظَ أحياءهُم
هذا وقد أتَتْ خُطبتي إلى النّهاية، ربِّ ارفع راية التوحيد فوقَ كُلّ راية، ربِّ إنّي نصرتُ هذه الدّعوة بِقلَمي، وإنّه سهلٌ عليّ نصرُها بِدمي، ياسامعَ كلّ نجوى، ورافِعَ كُلّ بلوى، أعوذُ بكَ مِن غَلَطِ البَيانْ، ولَغَطِ اللّسانْ، وأن يكونَ السّجعُ مُتكلَّفًا كسجعِ الكُهّان...
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين.
قال الأخ: فشكرتُ الإمامَ على خُطبته، وأثنيتُ على فصاحته، وأعجبني شِعرُهُ الرّقيق، ودعوتُ له بالسّداد والتوفيق.
أهدي هذه "المَقامة!" لمن اشتَغل بالفيسبوك واليوتيوب وفرّط في جنب علاّم الغُيوب
العرض المتطور
