طليعةُ الردّ على جُذُور البلاء ( العُنوانُ والحاشيةُ وما كُتب على الغِلاف )
بسم الله الرحمن الرحيم
.
طليعةُ الردّ على جُذُور البلاء
العُنوانُ والحاشيةُ وما كُتب على الغِلاف
.
الحمدُ لله حمداً يليقُ بجلال وجهه الكريم الذي يتلذَّذُ بالنظر إليه أهلُ النّعيم نسألُه تبارك وتَعالى أن يجعلنا منهم . ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العليّ العظيم كتبَ العزَّة لنفسه ولرسوله وللمؤمنين. مُعزّ من أطاعهُ ومذلّ من عصاه .لا يردُّ بأسهُ عن القَوم المجرمين وأصلّي وأسلّم على نبيّنا محمّد صلَّى الله عليه وعلَى آله والصَّحب أجمعين وبعدُ:
أَذن اللهُ لِلمظلوم أن يدفع عَن دينه وعن نفسهِ " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" (39)الحج " وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ " (41) الشورى
_ولا أظنُّ أحداً من المنصِفين يمنعُ من دفع الصَّائل المعتدِي على الحُرمات
اللصُّ في داري وبين مَحارمي
يئد النُّفوس ويكتم الأَنفاسا
ويُقال لي لا تحرّك ساكنا
ولاَ تجرح له إحساسا
_ علَى نفسها جنت براقش . نَبحَت فَدلَّت على مكَانها فلقيتْ حتفها أو كالتّي حَفرت قَبرها بظِلفها وهذا يَصدُقُ على البوروبي الذي خَرج علينا بمُسودَّةٍ مملوءةٍ بالضلالِ سمَّاها " جُذور البلاءِ الحشْويَّة المتمسْلفة ضلالٌ في العقيدةِ ...ظلامٌ في المنهجِ " واللهُ من وراءِ القَصد هُو أعلمُ بحقيقةِ أمرِه. وَقد كَان إِمام أهلِ السُنَّة أحمدُ بنُ حنبل - رحمه الله عنه - يدعُو في سجوده ويقولُ : ( اللَهمَّ من كان مِن هذه الأمَّةِ على غير الحقِّ وهو يظنُّ أنَّه على الحقِّ ، فرُدَّهُ إلى الحقِّ ليكونَ منْ أهلِه ) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ( 2/ 307 ).
وأمَّا من كان صاحبَ هوى فاللهُ حَسيبهُ ولا يغترُّ بإمهال اللهِ لهُ. .الحاصلُ أنَّ هذه المسودَّةَ مليئةٌ بالجهالاتِ والسَّخافاتِ يغترُّ بها الجاهلُ يلبِّسُ بها على العوامِ ويتزلَّفُ بها إلى أعداءِ السنَّة من أحلاسِ الرَّفض وأربابِ الطُّرق المخالفةِ للإسلام .
ولولا خشيةُ اغترارِ الجهلةِ بهِ لتركناه ُيموتُ غيظاً ولكنَّا بلَونا هؤلاء فرأينا أنَّهم لا يَرعَوُون إلَّا
أن يُؤخذ علَى أيديهم . وقد قام البُوروبي بعدَ نشرِ المسودَّةِ زاهياً يدعُو إلى المُناظرةِ
فتمثَّلتُ قولَّ القائلِ:
لقد هَزُلت حتَّى بدَا من هُزالها كُلاها وحتَّى سَامها كلُّ مفلس
قال بنُ خزيمة في التَّوحيد:[ وَزَعَمَ بَعْضُ الْجَهْمِيَّةِ: أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدَيْهِ» أَيْ بِقُوَّتِهِ، فَزَعَمَ أَنَّ الْيَدَ هِيَ الْقُوَّةُ، وَهَذَا مِنَ التَّبْدِيلِ أَيْضًا، وَهُوَ جَهْلٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَالْقُوَّةُ إِنَّمَا تُسَمَّى الْأَيْدُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، لَا الْيَدُ، فَمَنْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْيَدِ وَالْأَيْدِ فَهُوَ إِلَى التَّعْلِيمِ وَالتَّسْلِيمِ إِلَى الْكَتَاتِيبِ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى التَّرَؤُسِ وَالْمُنَاظَرَةِ ]نقلا عن كتاب الأَشاعرة في ميزان أهل السنة لفيصل الجاسم ص630 الناشر المبرَّة الخيرية دولة الكويت
فما أَحوجَهُ أن يُصنَعَ به كما صنعَ عمرُ رضيَ الله عنهُ بصبيغ وﺇنَّ الله لَيزعُ بالسُّلطان مَنْ لم ْتَنفعهُ مواعظُ القرآنِ .
قال ابنُ تيميةَ في ردِّه على البَكرِي [ رأيتُ أنَّ مثلَ هذا لا يُخاطَب خِطابَ العلماء و إنَّما يستحقُّ التَّأديبَ البَليغ َو النَّكالَ الوجيعَ الذي يليقُ بمثلهِ من السُّفهاء إذا سلم َمن التَّكفير فإنَّهُ لجَهله ليسَ له ُخِبرةٌ بالأدلَّةِ الشرعيَّة التي تُتَلقَّى منها الأحكامُ ولاَ خبرةَ بأقوال أهل العلم الذين هم أئمةُ أهلِ الإسلامِ بل يريدُ أن يتكلَّمَ بنوعِ مشاركةٍ في فقهٍ و أصولٍ و تصوُّفٍ و مسائلَ كبارٍ بلا معرفة و لا تعرُّف و الله أعلمُ بسريرتهِ هلْ هو طالبُ رياسة بالباطلِ ? أو ضالٌّ يشبهُ الحالي بالعاطل ? أو اجتمعَ فيه الأمران وما هُو من الظَّالمين ببعيدٍ...] كتاب الاستغاثة في الردّ على البكري ص127 دراسة وتحقيق عبد الله بن دجين السهيلي
حَشْويَّة
ثُمَّ ﺇنَّ الزَّنادقةَ والجهميَّة همُ الذِّين يُطلقون هذا اللَّقبَ على أهلِ السُّنة
قال أبو حاتم: " [وعلامةُ أهل البدعِ الوقيعةُ في أهلِ الأثر وعلامةُ الزَّنادقة تسميتُهم أهل السُّنة حَشْويَّة يُريدون إبطَال الآثار] " شرح أصول ﺇعتقاد أهل السُّنة والجماعة للَّالكائي المجلد1ص173رسالة دكتوراة لأحمدَ بنِ مسعود بن حمدان
- عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ [عَلَامَةُ الْجَهْمِيَّةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ مُشَبِّهَةً، وَعَلَامَةُ الْقَدَرِيَّةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ مُجْبِرَةً، وَعَلَامَةُ الْمُرْجِئَةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ نُقْصَانِيَّةً، وَعَلَامَةُ الْمُعْتَزِلَةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ حَشَوِيَّةً، وَعَلَامَةُ الرَّافِضَةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ نَابِتَةً] شرح أصول اعتقاد أهل السُّنة والجماعة للَّالكائي المجلد2ص533
هذا لقبٌ درجَ على ألسنة أهلِ البدع ِكما قال الحاكمُ أبو عبدِ الله: " [وعلى هذا عهِدنا في أسفارنا وأوطاننا كلَّ من يُنسب إلى نوعٍ من الإلحاد والبدعِ لا ينظر إلى الطَّائفة المنصورة إلَّا بعينِ الحقارة ويسمِّيها الَحشوِيَّةً] " اهـ معرفة علوم الحديث ص 4
قال الذهبيُّ :
[وَأما لفظُ الحشويَّة فَلَيْسَ فِيهِ مَا يدلُّ على شخصٍ معيَّنٍ فَلَا يدْرِي من هم هَؤُلَاءِ وَإِن أردْت بالحشْويَّة أهلَ الحَدِيث فاعتقادهم هُوَ السُّنة الْمَحْضَة وَمَا ثَبت نَقله وَمَا فيهم من يعْتَقد وَلله الْحَمد مَا قلت فَبَان كَذبك فِي هَذَا وَغَيره وَأما لفظ المشبِّهة فَلَا ريب أَن أهل السنّة متفقون َعلى تَنْزِيه الله عَن مماثلة الْخلق فالمشبِّهة هم الَّذين يمثِّلون صِفَاته بِصِفَات خلقه وَأهل السّنة يصفونَ الله بِمَا وصف بِهِ نَفسه]ه
ص102 من المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
قال شيخ الاسلام :ﺇنَّ الجهميَّة والمعتزلةَ إلى اليوم يسمُّون من أثبت شيئاًمن الصِّفات مشبِّها كذباً منهم وافتراءً فالروافضُ تسمِّي أهلَ السُّنة نواصبَ والقدريةُ يسمُّونهم مُجبرةً والمرجئةُ يسمُّونهم شكَّاكاً والجهميَّة يسمُّونهم مشبِّهةً وأهلُ الكلام يسمُّونهم حشويَّة والمتصوِّفةُ يسمُّونهم محجوبين كما كانت قريشُ تسمِّي النبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تارةً مجنوناً وتارة ًشاعراً وتارة ًكاهناً وتارةً مفتريا ًوهذه علامةُ الإرث الصَّحيح والمتابعةُ التامة ..اه أقاويلُ الثِّقات ص115 تحقيق الأرنؤوط _مؤسسة الرسالة
هنيئا ًللبوروبي بهذه التَّركة التي استحقَّهاَ بالكَلالة بدُونِ مُزاحم وهنيئاً له بمتابعة الجهميَّة والمتكلِّمين .!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (3/ 185 - 186)
عن لفظ "الحشويَّة": (هذا اللَّفظُ أوَّلُ من ابتدعهُ المعتزلة، فإنَّهم يسمُّون الجماعَة والسوادَ الأعظَم الحشْوَ، كما تسمِّيهم الرَّافضةُ الجمهور، وحشْوُ النَّاس هم عمومُ الناس وجمهورهُم، وهُم غيرُ الأعيانِ المُتميِّزين، يقولون: هذا من حشوِ النَّاس، كما يُقال: هذا من جُمهورهم. وأوَّلُ من تكلَّم بهذا عمرُو بنُ عُبيد وقال: "كان عبدُ الله بن عُمرَ - رضي الله عنه - حشْوياًّ"، فالمعتزلةُ سمُّوا الجماعةَ حشْواً كما تسمِّيهم الرافضةُ الجمهور) اهـ.
وقال في بيان تلبيس الجهمية (1/ 242): (مسمَّى الحشْويَّة في لغة النَّاطقين به ليس اسماً لطائفةٍ معيَّنةٍ لها رئيسٌ قال مقالةً فاتَّبعتهُ، كالجهميَّة والكُلابية ِوالأشعريةِ، ولا اسماً لقولٍ معيَّن من قاله كان كذلك، والطَّائفة إنَّما تتميَّزُ بذكر قولِها أو بذِكر رئيسِها، ولهذا كان المؤمنون متميِّزون بكتاب الله وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلَّم -، فالقولُ الذي يدْعون إليه هو كتابُ الله، والإمامُ الذي يوجبونَ اتِّباعَهُ هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلَّم -) اهـ.
وقال ابنُ قتيبةُ في تَأويل مُختلفِ الحَديثِ (ص77) عن وصْف أهْل البدع لأهلِ الحديثِ: (وقد لقَّبوهم بالحشْويَّة، والنَّابتة، والمُجبرة، ورُبَّما قالوا: الجَبريَّة. وسمُّوهُم الغُثاء والغثر، وهذه كلُّها أنبازٌ لم يأتِ بها خبرٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -) اهـ.
وقال عبدُ القادر الجيلاني كما في الغُنية(1/ص176): (إنَّ الباطنيةَ تُسمِّي أهلَ الحَديث: حَشويَّة، لقَولهم بالأَخبار وتَعلِّقهم بالآثار) اهـ.
نقلا عن كتاب الأشاعرة في ميزان أهل السنّة لفَيصل الجاسم ص73 النّاشرُ المبرة الخيرية دولة الكويت
المُتمَسلفةُ أرادَهَا علَى وزنِ المُتصوِّفةِ ولكن غَلبَ عليهِ التحريفُ
ضَلالٌ في العَقيدةِ ...ظَلامٌ في المنهَج
_ الكتابُ والسنة ُأمانٌ من الضلال" وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "
قال الله تعالى "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) البقرة
وقالَ كَذلك " هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ" (9)الحديد
وقال أيضا " ألر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)إبراهيم
_ الكتاب ُوالسُنَّةُ أمان ٌمن الضَّلال "فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ"
لمَا ثبتَ في " المُوطَّأ " من قوله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم " تركتُ فيكم أَمرين لن تَضِلُّوا ما تَمسكتُم بِهما، كِتابُ الله وسُنّة رسُوله ". الحديثُ حسن بشواهده –انظر السلسلة الصحيخة ج4 رقم الحديث 1761
أما المَنهجُ فأهلُ السُنّة على منهجِ السَّلف وﺇنَّ هذا ليسيرٌ على من يسَّره اللهُ عليه إلَّا مَن أبَى لقَول رَسُولَ الله - صَلى الله عليه وسلم - : "كُلُّ أُمّتي يَدْخُلُونَ الجنَّةَ إلا مَنْ أَبَى". قَالُوا: يَا رَسولُ الله! وَمَنْ يَأبَى؟ قَالَ: "مَنْ أطَاعَني دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى".رواه البُخاري ولقول رَسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم " عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاءِ الراشدِين "
ماكُتب على غلا ف مُسودَّته نفيُ الكيف ِعن صفاتِ الله
هذا كلام ٌمجمل ٌلا يُقبلُ على إطلاقه
أهلُ السُنَّة لا يَنْفُونَ الْكَيْفَ مُطْلَقًا؛ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَا، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَنْفُونَ عِلْمَهُمْ بِالْكَيْفِ؛ إِذْ لَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ. شرحُ العقيدة الواسطية لمحمد بن خليل حسن هرّاس (المتوفى: 1395هـ) ص21 مؤسسةُ مكة للطباعة
مَا سَوَّدهُ البُوروبي على غِلافِ الكتاب ليس فيهِ التَّصريحُ بالإثبات ِمع أنَّهُ أصلٌ عظيمٌ في باب الأسماء والصِّفات عند أهلِ السُنَّة وهذا يدلُّ دلالةٌ واضحةٌ على أنَّهُ معطِّلٌ قال شيخُ الإسلام :وكانُوا إذا رأوُا الرَّجلَ قَد أغرقَ في نفي التَّشبيه ِمن غَير إثباتِ الصِّفاتِ قالُوا هذا جهميٌّ معطِّل ..اه مجموع الفتاوي ج5ص113نقلا عن أقاويل الثقات ص115
القاعدة ُالعامَّة ُعند السَّلف الصَّالح رَحمهم الله في باب الصِّفات هي إثباتُ ما أثبته اللهُ لنفسه أو أثبتهُ لهُ رسُولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونفيُ ما نفاه اللهُ عن نفسه أو نفاه عنه رسُولُه صلى اللهُ عليه وسلَّم،
والصِّفاتُ تنقسمُ إلى قسمين: صفاتٌ ثُبوتيةٌ، وصفاتٌ سلبيةٌ أو منفيةٌ.
والصفاتُ الثبوتية ُكثيرة ٌوهي الأصلُ، ولهذا أثبت اللهُ عز وجل لنفسه الحياةَ والعلم والقدرة والإرادة ونحوَ ذلك، ونفى اللهُ عز وجل عن نفسه نفياً مجملاً كقوله سبحانه وتعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255].
وكقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4]، وكقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65]، فهذا النفيُ جاء مجملاً؛ لأن النَّفي التفصيلي ليسَ فيه شيءٌ من الكمال والمدح، وإنَّما يكونُ الكمالُ بالإثبات التفصيليِّ والنَّفيِ المجملِ، هذَا بالإضَافةِ إلى أن النَّفيَ ينبغِي أن يتضمَّن إثباتَ كمالِ الضِّد، يعني: إذا نفينَا عن الله سُبحانهُ وتَعالَى مَثلاً {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255] فذلكَ لكمالِ علمهِ وحياتهِ وإحاطتهِ سبحانهُ وتعالَى بكلِّ شَيءٍ.
{لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سبأ:3] يعني: لكمالِ علمهِ، فهو سبحانه وتعالى يعلم ُكل شيءٍ، وَهكذا.
تفويضُ علمِ معناهَا لله تعالَى
تفويضُ معاني الصِّفاتِ حقيقتهُ الإعراضُ عنها وتجاهُلُها وهذا إعراضٌ عن تدبِّر القرآنِ الذِّي أَمَرنا اللهُ به فقال "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا "(24) محمد رسالةُ تصحيح المفاهيم من مجموع رسائل الجامي ص107 دار بن رجب
القولُ بالتفويض قدحٌ في النبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم أنَّهُ لم يُبلِّغِ البلاغَ المبين وقدحٌ في القرآنِ أنَّه غيرُ مفهوم وقدح ٌفي الصَّحابةِ أنهم كانُوا لا يعلمون الكتاب إلا أمانيَّ.وهذَا لاَ شكَّ في بُطلانهِ
قال مجاهدُ: عرضتُ المُصحفَ على ابن عَباسٍ من فاتحتهِ إلَى خاتمته أَقِفه عندَ كلِّ آية وأسألُه عنها.
وقال ابنُ مسعودٍ: ما في كتابِ اللهِ آيةٌ إلَّا وأنا أعلمُ فيم نزَلت.
وقال الحسن البصري: ما أنزل اللهُ آية إلا وهو يحبُّ أن يعلمَ ما أرادَ بها.
ولهذا كانُوا يجعلون القرآن يحيطُ بكل ما يُطلبُ من علمِ الدِّين، كمَا قال مسروقُ: ما نسألُ أصحابَ مُحمَّد عن شيءٍ إلا وعلمُه في القرآن، ولكن علمنا قصُر عنه انظر درء التعارض ج1ص202-205-207 طبعةُ جامعة بن سعود الأولى
تأويلُ ما يجبُ تأويله بضوابط
هذا القاعدة ُمخالفةٌ لإجماعِ السلف وإطباقهم على منع تأويل الصفات(وقد ذكرَ الاجماعَ مُحمَّدُ بنُ الحسن صاحبُ أبي حنيفة [شرح أصُول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة للَّالكائي المجلد3ص432 ] والحافظُ بنُ خزيمة [: ذمُّ التأويل لموفق الدين بن قُدامة المقدسي ص16 طبعة دار الفتح الشارقة]
والحافظُ بن ُعبد البرِّ[التمهيد ج7 ص 145 ]والقاضي أبو يعلى [إبطال التأويلات ج1 ص71 طبعة دار إيلاف الدولية ] والإمام ُبن ُقدامة[ تحريم ُالنظر في كتب أهل الكلام لابن قدامة ص10_11طبعةُ عالم الكتب الرياض] وشيخُ الاسلام بن ُتيمية [مجموع الفتاوي ج6 ص 394]
وقد خالف البُوروبي السَّلفَ وخالفَ عَقيدةَ الأَشعَريِّ الذِّي نصَّ على قاعدةِ السَّلفِ في هذَا البابِ فقال :
حكمُ كلامِ اللهِ تعالَى أن يَكُون عَلَى ظاهره وحقيقَتِهِ ولا يخرجُ الشيءُ عن ظاهره إلى المجازِ إلَّا بِحُجَّة الإبانة للأشعري (ص112).مكتبة المؤيد- الرياض
عدم ُالزِّيادة على النَصِّ
الواقع ُأنَّك لا تلتزم ُبهذا. وأنتَ ممَّنْ يحرِّفون الصِّفات الذاتية كالوجه والخبرية كالنزول
و يُؤَوِّلُون الإستواءَ بالإستيلاءِ
وهذا تحريفٌ مِن جِنس صَنيع اليهُود قَال بنُ القيِّم رحمهُ اللهُ في النُّونية:
أُمِر اليهودُ بأن يقولوا حطةٌ ... فأبوا وقالُوا حنطةٌ لهوان
وكذلك الجهمي قيل له استوى ... فأبى وزاد الحرف للنُّقصانِ
نونُ اليهود ولامُ الجهميِّ هُما ... في وحيِ ربِّ العرشِ زائدتان
والزيادةُ على النص قسم ٌمن أقسام التحريف .
(والتحريف ُفي باب الأسماء والصفات: هو تغيير ُألفاظ نصوص الأسماء والصفات أو معانيها عن مُراد الله بها.
2- أنواع ُالتحريف:
التحريفُ نوعان:
النوع ُالأولُ: تحريفُ اللفظ:
وتعريفُهُ: هو العدولُ باللفظ عن جهته إلى غيرها، وله أربعُ صُور:
الزيادةُ في اللفظ.
2- النقصانُ في اللَّفظ.
3- تغييرُ حركةٍ إعرابيةٍ.
4- تغييرُ حركةٍ غيرِ إعرابيةٍ.
ومن أمثلةِ تحريفِ اللَّفظ:
المثالُ الأولُ: تحريفُ إعرابِ قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} من الرفع إلى النَّصبِ، وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ} أي مُوسَى كلَّم اللهَ، ولم يكلِّمه الله، ولمَّا حرَّفها بعضُ الجهميَّة هذا التحريفَ قال َلَهُ بعضُ أهل التَّوحيد: فَكَيفَ تَصنعُ بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} فبهت المُحرِّف.
مثالٌ آخرُ: إنَّ بعضَ المُعطِّلَة سَأل بَعض أئِمَّة العَربيَّة: هل يُمكنُ أن يُقرأ العرشُ بالرفع في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقَصَدَ بهذا التَّحريف أن يكونَ الإستواء ُصفةً للمخلوق لَا للخَالق.
النَّوعُ الثَّاني: تَحريفُ المَعنى:
وتعريفُه: هو صرفُ اللَّفظ عن معناه الصَّحيحِ إلى غَيرهِ مَع بَقاء صورة اللَّفظ . أو نقول: تعريفُه: هو العدولُ بالمعنى عن وجهِهِ وحقيقته، وإعطاءُ اللَّفظ معنى لفظٍ آخر بقدر ما مشترك بينهما.
وهذا النوع ُهو الذي جال فيه أهلُ الكلام من المعطلة وصالُوا وتوسعُوا وسموه تأويلاً، وهو اصطلاح ٌفاسدٌ حادث ٌلم يعهد به استعمالٌ في اللُّغة .
ومن أَمثلة تحريفِ المعنى:
كقول المعطِّلة في معنى استوى: استولى في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} .
وفي معنى اليد في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} النعمةُ والقدرة.
وفي مَعنى المَجيء في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} وجاء أمرُ ربك.
وقد ذكر الله التَّحريف وذمَّه حيثُ ذكره، وهو مأخوذٌ في الأصل عن اليهود، فهمُ الراسخُون فيه، وهم شيوخُ المحرِّفين وسلفُهم، فإنَّهم حرَّفُوا كثيرًا من ألفاظ التَّوراة وما غُلبوا عن تحريف لفظه حرَّفُوا معناه، ولهذا وُصفوا بالتَّحريفِ في القُرآن دُون غَيرهم مِن الأمم.
وقد درجَ على آثارهم الرافضةُ، فهم أشبهُ بهم من القُذَّةِ بِالقُذَّة، وكذلك الجهميةُ، فإنَّهم سَلكُوا في تحريف النُّصوص مسالكَ إخوانهم في اليهود ). معتقد ُأهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات لمحمد بن خليفة بن علي التميمي ص71- 74طبعة دار ايلاف الدولية
تركُ الخَوضِ في المُتشابهات
[ والحقُّ أنَّه لم يُعرَف عن أحدٍ من الصَّحابةِ قطُّ أنَّهُ جَعَل آيات الصِّفاتِ مُتشابهات لا يعلمُ معناهَا إلَّا اللهُ تعالى. بل المنقولُ عنهم يدلُّ علَى خِلاف ذَلك . فكيف تكونُ آياتُ الصِّفات مُتشابهةً عندهم .وهُم لا يتنازعون في شيءٍ منها ]
الصواعقُ المرسلةُ في الرد على الجهمية والمعطلة1_213 نقلا عن موقف المتكلمين لسلبمان بن صالح الغصن ج1 ص416
وقال الشّنقيطي في المذكّرة :[آياتُ الصّفات لا يطلق ُعليها اسم المتشابه بهذا المعنى من غير تَفصيلٍ، لأن معناها معلومٌ في اللّغة العربيّةِ وليس متشابهاً، ولكن كيفية اتَّصَافِه جلّ وعلا بها ليست معلومةً للخلق، وإذا فسّرنا المتشابهَ بأنهُ هُو ما استأثرَ اللهُ بعلمه دُون خَلقه كَانت كَيفيةُ الاتِّصَافِ دَاخلةً فيه لا نفسَ الصّفة]المصدر نفسه ج1 ص420
_هذه القواعد ُالهشّة ُالتي يدندن ُحولها البُوروبي مخالفةٌ لعقيدة السَّلف ماعدا قاعدةُ ترك الزِّيادة على النّص التّي أوردها وهو بعيدٌ كلَّ البُعد عنها . ويُغني عنها قاعدةُ السّلف الصّالح رحمهُم اللهُ و هي إثباتُ ما أثبته اللهُ لنفسه أو أثبته له رسولُه صلى اللهُ عليه وسلم، ونفيُ ما نفاه الله ُعن نفسه أو نفاه عنه رسولُه صلى اللهُ عليه وسلم،
يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسولُه صلى اللهُ عليه وسلّم من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، إثباتٌ بلا تمثيل، وتنزيهٌ بلا تعطيل .
هذا ما يسَّر اللهُ بيانَه فيمَا يتعلَّقُ بغلاف مسودَّةِ البُوروبي .
وأهل السنَّة لكَ ولأمثالك بإذنِ اللهِ بالمرصَاد
فإن تنجُ منَّا تنجُ من ذي عَظيمة وإلاّ فإنِّي لاَ إخالُك ناَجيا.
والله نسأل أن لا يَكلَنا إلى أنفسنا طَرفةَ عينٍ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله العليِّ العظيم
جزاك الله خيرا شيخنا أبا الهمام وأعانك على الحق .
قال بن تيمية رحمه ﷲ "أئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي ﷺ بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمة".
*مجموع الفتاوي