منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05 Nov 2011, 07:51 AM
حاتم خضراوي حاتم خضراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: بومرداس
المشاركات: 1,115
إرسال رسالة عبر Skype إلى حاتم خضراوي
افتراضي -حقيقة الحج/للشيخ عمر الحاج مسعود-الكلمة الشهرية::راية الإصلاح::

حقيقة الحج

عمر الحاج مسعود


إنَّ الحجَّ مدرسةٌ لتطهير القلوب من أدرانها وتزكية النُّفوس من أوضارها وإصلاح الجوارح من فسادها وتجديدِ الإيمان ومراغمةِ الشَّيطان، مدرسة يتعلَّم فيها الحاجُّ المحافظةَ على الصَّلوات والتَّفرُّغَ للعبادة وكثرةَ الذِّكر والدُّعاء، وإيصالَ الخير إلى إخوانه والتَّعاونَ معهم على البرِّ والتَّقوى، ويتمرَّنُ فيها على حسن الخلق وطِيب الكلام والعفو والصَّبر وتحمُّل المشاقِّ ومجاهدة النَّفس ومخالفة الهوى وكفِّ الأذى وغضِّ البصر وملك اللِّسان، قال تعالى: ﴿اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ[البقرة: 197].


إنَّ موسم الحجِّ - وبخاصَّة يوم عرفة - أعظمُ مَجْمَع إسلاميٍّ يجتمع فيه المسلمون من سائر أصقاع الأرض على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، يوحِّدون ربَّهم الواحد الأحد، ويدعونه وحده لا شريك له، ويتقرَّبون إليه بأنواع من العبادات.
مقصدُهم واحد ولباسُهم واحد وكلامهم واحد، جمعتهم عقيدةُ التَّوحيد وكلمتُه: «لا إله إلا الله»، الَّتي تذوب أمامها كلُّ الرَّوابط والقوميَّات والأحزاب، قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ[المؤمنون: 52]، وهذه هي الرَّابطةُ الحقيقيَّةُ التي تجمع وتقرِّب، وتربِّي وتهذِّب.
وقد بيَّن النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذه الحقيقة أحسنَ بيان وأتمَّه، فقال في خُطْبَته وَسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟»قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ... قال: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ»[أخرجه أحمد (23489)، وسنده صحيح].
في ذلك المكان تزكو نفوسُهم وتَطيب أرواحُهم وتعلو هِممُهم، وتَبرُز قوَّتُهم ووَحدتُهم، وتتجسَّد أُخُوَّتُهم الإسلامية: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: 10]، فيشعر الحاجُّ المغربيُّ بأنَّه أخ للحاجِّ المشرقيِّ والآسيويِّ والأمريكيِّ، ويوقنون جميعًا بأنَّه لا فضل لأحد على أحد إلاَّ بالتَّقوى، قال تعالى:﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ[الحجرات: 13]، ويجدون من طَعم الإيمان وحَلاوة الطاعة ما لا يجدونه في غيره من الأماكن.
فليُجعلْ موسمُ الحجِّ مناسبةً لتجديد الإيمان وتعليم الجاهلين وتنبيه الغافلين، وموسمًا لشَحْذ الهمم وإحياء القلوب وإصلاح العيوب، وميدانًا للتَّعارفِ بين جميع المسلمين والتَّعاونِ فيما بينهم على البرِّ والتَّقوى، وجمعِ كلمتهم على التَّوحيد والسُّنَّة، والالتفاف حول علمائهم، وفرصةً لترسيخ عقيدة التَّوحيد وإرساءِ الأخلاق النَّبويَّة وتثبيتِ المبادئ الإسلاميَّة، وإبطالِ العادات الجاهليّة المنافية للحنيفِيّة السَّمْحة، ودعوةً للأمن والسَّلام والصِّدق والوفاء ورعايةِ الحقوق وحفظ الأمانات وأدائها إلى أهلها.
خطب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - النَّاسَ يوم عرفة وَقَال: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَىَّ مَوْضُوعٌ»[رواه مسلم (1218)].
وقال فَضالةُ بنُ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه -: قال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «أَلاَ أُخْبرُكُمْ بالمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»[أخرجه أحمد (23958)، وإسناده صحيح].
بهذه المقاصدِ الجليلة والمعاني النَّبيلة تحيا أمَّةُ الإسلام، وتظهرُ على أبنائها آثارُ الحجِّ الطَّيِّبةُ، ويُلَمُّ شَملُهم وتُجْمَع كلمتُهم على الحقِّ المبين، ويكونون متعاونين على الدَّعوة إليه والمنافحةِ عنه ومواجهةِ عُداته.
وهذا ممَّا يَغيظ أعداءَ الإسلام ويُحزِنهم، ويُقِضُّ عليهم مضجعَهم، ويُنَغِّصُ عليهم عَيشَهم، قال رئيس الوزراء البريطاني جلادستون لأعضاء البرلمان - وقد أمسك بيمينه القرآن الكريم -: «إنَّ العقبة الكؤود أمام استقرارنا بمستعمراتنا في بلاد المسلمين هي شيئان ولابدَّ من القضاء عليهما مهما كلَّفنا الأمر، أولهما هذا الكتاب، وسكت قليلاً وأشار بيده اليسرى نحو الشَّرق وقال: وهذه الكعبة».
فما أحوجَ المسلمين - حُكَّامًا ومحكومين - إلى تعظيم الكعبة والتَّنويه بالحجِّ، قال الله تعالى: ﴿جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ[المائدة: 97]، «أي: يُرْفَع عنهم بسبب تعظيمها السّوءُ، كما قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: «لو لم يحجَّ النَّاسُ هذا البيت لأطبق الله السَّماءَ على الأرض». [«تفسير ابن كثير» (1/413)]
فإذا عظَّموا البيت الحرام ويَمَّموه للحجِّ والعبادة، قام دينُهم وصلح شأنُهم واستقامت دنياهم، وتمَّ أمنُهم ونصَرَهم ربُّهم، وكمُلت في الدُّنيا والآخرة سعادتُهم.
ولا يخفى أنَّ تحقيق تلك المقاصد يحتاج إلى جهود أهل العلم وطلبته بالتَّعاون والتَّنسيق مع الجهات الوصيَّة والمسؤولة، ويفتقر إلى علم وصدق وإخلاص وتضحية ومجاهدة للنَّفس والهوى، وترفُّع عن حظوظ النَّفس ومصالحها من أجل خدمة الحجَّاج وإنجاح هذا العمل.
لذا ينبغي للبعثات والجهات المسؤولة القيامُ بالحُجَّاج وخدمتُهم وتوفيرُ أسبابِ العبادة والمعيشة والأمن حتَّى يؤدُّوا مناسكهم على أكمل وجه وأحسن هيئة، قال الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ[البقرة: 125]، كما ينبغي الحذر من التَّلاعب بأموالهم، وهضم حقوقهم وإهمالِ جاهلهم وتأخيرِ ضعيفهم.
إنَّها أمانةٌ يجب مراعاتُها، ومسؤوليَّةٌ ينبغي حفظُها، قال الله تعالى في وصف المؤمنين المفلحين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لأَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ[المؤمنون: 8]، وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»[متَّفق عليه].
فهل نحن في المستوى المطلوب للقيامِ بذلك وتحقيقِه، حتَّى يظهر للعالَمِين أنَّ الحجَّ توحيدٌ وعبادة وسُنَّة، وأخوَّةٌ واجتماع وقُوَّة؟
اللَّهمَّ أعنِ العاملين، واهدِ الغافلين، ووفِّقْ حُحَّاجَنا الميامين، والحمد لله ربِّ العالمين.


راية الإصلاح.


التعديل الأخير تم بواسطة حاتم خضراوي ; 05 Nov 2011 الساعة 07:57 AM سبب آخر: المصدر
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05 Nov 2011, 04:22 PM
أبو أسامة سمير الجزائري
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بوركتم
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013