منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31 Mar 2014, 12:21 PM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي تنبيهات مهمة على رسالة "منحة العلّام بشرح نواقض الإسلام"...الحلقة الثانية والأخيرة.

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذه الحلقة الثانية في بيان بعض الخلل والإخلال في ما جاء في رسالة "منحة العلام بشرح نواقض الإسلام"،من ذلك ما سوّد صاحبها هداه الله في أن أكثر الناس متلبّسون بنواقض الإسلام ومتلطّخون بدرن من أدران الكفر.
ويقرّر فيها عقيدة الخوارج وهو أن الحاكم الذي يرى وجوب الحكم بشريعة الله ولا يساويها ولا يفّضلها على غيرها من القوانين لكن حكم بالقوانين الوضعية التي وضعها بنفسه أو التي وضعها ممن كان قبله يقول في كفره محلّ خلاف –أي:بين أهل السنة-وهذا محض افتراء على أهل السنة ،وإنما الخلاف قائم حقيقةً لا ينكره أحد لكن بين أهل السنة والائتلاف وبين أهل الفرقة والاختلاف كما سنبينه بمشيئة الله تعالى.
وخوارج العصر يدخلون من خلال هذه المسألة -التي ضلت فيها أفهام وزلّت فيها أقدام- لتكفير الأعيان من حكام المسلمين بغير ضوابط شرعية ولا حدود مرعية ، والذي عليه أهل السنة السلفيين أنه لا يكفّر الحاكم -إذا كان هذا حاله- حتى يستحل ،وليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا حتى تتوفر فيه الشروط وتنتفي في حقه الموانع ومن هذه الشروط إقامة الحجة وإزالة الشبهة.
وتطرّق إلى مسألة تارك العمل بالكلية ويسميها بمسألة "جنس العمل",وعنده من التخبّطات الأخرى الشيء العجيب كما سنبيّن بعضها على وجه الإجمال ونترك بعضها والله المستعان وعليه التكلان.
قال هداه الله في "منحة العلام بشرح نواقض الإسلام"(ص : 24) -بعدما ذكر عدة صور من الحكم بغير ما أنزل الله- :"أن يحكم بغير ماأنزل الله لهوى في نفسه مع اعتقاد وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى ،وأن غيره لا يساويه ولا يفضله وهذا على قسمين :
الأول : أن يكون ذلك في أفراد المسائل ،فهذا ليس كفرا بالاتفاق.
الثاني : أن يكون عاما ،بأن يضع قوانين لنفسه أو يتبنى قوانين وضعت قبله ، ففيه خلاف والصحيح أنه لا يخرج من الملة ولكنه ذنب عظيم وصاحبه على خطر عظيم.اهـ

وقال أصلحه الله كما في "منحة العلام"(ص : 1):وكثير من الناس يظن أنه سالم وهو في الحقيقة متلبّس بناقض من نواقض الإسلام ،ومتلطّخ بدن من أدران الكفر.اهـ
وقال هداه الله كما في "منحة العلام"(ص : 38):ومن صور هذا النوع من الإعراض ، أن يتلفظ بالشهادة ولكنه يعرض من عمل الجوارح بالكلية ، فلا يعمل شيئا طوال عمره مع قدرته على ذلك ولم يمنعه منه مانع ، فهذا كفر بإجماع أهل السنة وهي المسألة المسماة بترك جنس العمل.حكى الإجماع على ذلك الحميدي والشافعي وأبو عبيد القاسم ابن سلام والآجري وابن تيمية.اهـ


قلت : أحببت أن نقف بعض الوقفات مع بعض كلامه الذي جانب فيه الصواب فأقول مستعينا بالله:
أولا :
أهل السنة والجماعة ينظرون إلى جنس الفعل إذا جنسه يكفّر به وقام الدليل على التّكفير به كفّروا به من غير أن ينظروا إلى قلّته وكثرته فمن سب الله وسب رسوله صلى الله عليه وسلم مرّة كُفّر ولو وقع منه السبّ ألف مرة يكفر كذلك، ومن أنكر آية من القرآن كفر ،ومن أنكر القرآن كلّه كفر أيضا وهكذا.
وإن كان جنس الفعل معصية حكموا على المتلبس بها بأنه عاص ولم يخرجوه من دائرة الإسلام –إذا لم يستحل المعصية- من غير النظر إلى قلّة فعل المعصية أو كثرتها فمن شرب الخمر مرة حكموا عليه بالفسق ومن شرب ألف مرّة حكموا كذلك عليه بالفسق ومن حكم بغير ما أنزل الله في مسألة أو في مائة أو في ألف مسألة حكموه عليه بأنه مسلم عاص ولم يخرجوه من دائرة الإسلام وهكذا.
ومن قال غير هذا فهو على غير سبيل المؤمنين ومتّبع مسلك الخوارج المارقين،مخالف لمذهب أهل السنة السلفيين ،موافق لأهل الأهواء والفرقة من القطبيين والسروريين ومن حذا حذوهم فتنبه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا صغيرة مع الإصرار.1 أي: أنها مع الإصرار تكون كبيرة، فلم يجعل الذي يتبنى الأحكام الوضعية مع قوله بوجوب الحكم بالشريعة أن كفره محل خلاف ؟؟
فحبر هذه الأمة المحمدية وغيره من السلف يقولون :( كفرٌ دون كفر) فلا ينبغي أننا نحمل كلامهم على التفرقة بين بين القليل وبين الكثير في هذه المسألة.

ثانيا :
إن حقيقة هذا القول هو قول الخوارج المكفّرين لأهل الإسلام بالمعاصي كما سنبيّنه ، فمسألة الحكم بغير ما أنزل الله مع اعتقاد وجوب الحكم به من غير تفضيل ولا مساواة لغيره من الأحكام الوضعية لا خلاف بين أهل السنة في الحكم عليه بالإسلام -إذا لم يستحل-، فالخلاف الذي تدندن حوله هو خلاف قائم حقيقةً لكن بين أهل السنة وأهل الأهواء فتنبه.
ثالثا:
مسألة الحكم بغير ما أنزل الله لا تختصّ بالحاكم الذي يلي أمور المسلمين فقط أو القاضي الذي يقضي بين الناس فقط- كما يدندن حوله خوارج العصر-؛ بل تشمل كل من عنده مسؤولية سواء كبُرت أم صغُرت كالعمال في المصانع وربّ البيت ومن كان تحته من زوجة وأولاد ،بل تشمل حتى العبد نفسه كمن ظلم نفسه بحلق اللحية وإسبال الثياب وسماع الموسيقى ونحو ذلك ، كل ذلك تشملهم الآيات الثلاثة من سورة المائدة التي تبيّن خطورة الحكم بغير ماأنزل الله فتنبّه.
لكن كما هو معلوم أن الأمانة التي حُمّلها ولي الأمر ليست كالأمانة التي حُمّلها رب البيت وهكذا ولكنهم كلهم مسؤول وكلهم سائلهم الله عن رعيّتهم كما دلت على ذلك الخبر عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( الفتاوى 18/170) : وكل من حكم بين اثنين فهو قاضٍ , سواءً كان : صاحب حربٍ , أو متولِّي دِيوان , أو منتصِباً للاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط ؛ فإن الصحابة كانوا يعدُّونه من الحكام.اهـ
فالشاهد : الذي لا يحكّم شرع الله تبارك وتعالى في بيته في أغلب أموره كمن أمر أهله بالتبرج وسماع الموسيقى ولا يحبّ من ولده أن يعفي لحيته ونحو ذلك -مع عدم استحلاله لهذه المحرمات- هل هذا في تكفيره محلّ خلاف بين أهل السنة كما تزعم هداك الله ؟؟؟؟
الجواب لا وألف لا ، وإنما الخلاف قائم بين الخوارج وأهل السنة السلفيين في تكفيره من عدمه فتنبّه .
ولأجل فساد هذا الإطلاق ذكر أهل العلم في قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [المائدة:44] . أن ظاهرها ليس بمرادٍ ؛ وأنه لا يجوز أخذها على إطلاقها.
قال ابن عبد البر رحمه الله ( التمهيد 17/16) : وقد ضلّتْ جماعة من أهل البدع من :الخوارج , والمعتزلة ,في هذا الباب فاحتجوا بآياتٍ من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [المائدة:44] ..اهـ
وقال الجصاص غفر الله له في "أحكام القرآن" ( 2/534): وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود .اهـ
وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله - كما في "تاريخه" - ( 10/183 , ترجمة الخليفة المأمون , ترجمة رقم : 5330 ) : أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب ,
أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ,أخبرنا أبو بكر بن دريد ,أخبرنا الحسن بن خضر قال :سمعت ابن أبي دؤاد يقول :أُدخل رجلٌ من الخوارج على المأمون ,فقال : ما حملك على خلافنا ؟قال : آيةٌ في كتاب الله تعالى .
قال : وما هي ؟
قال : قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .
فقال له المأمون : ألكَ عِلْمٌ بأنها مُنزَلة ؟
قال : نعم ,
قال : وما دليلك ؟
قال : إجماع الأمة .
قال : فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل فارضَ بإجماعهم في التأويل ,
قال : صدقتَ , السلام عليك يا أمير المؤمنين .اهـ
رابعا :
الذي يتعلق برسالة العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله "تحكيم القوانين " فالرد عليه من أوجه :
أولا :
هل الذي يتشدّق بأنه مع العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله في رسالة المشهورة "تحكيم القوانين"-في مسألة التشريع العام- متّبعٌ له في عقيدته ومنهجه ؟؟؟
الجواب لا وألف لا ، وإنما هم يتعلقون بخيوط العنكبوت كما قيل ، العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله مشرق ومن تمسّح به مغرّب فشتّان بين مشرّق ومغرّب ، فهو رحمه الله كان يكفر في مسألة التشريع كفرا مطلقا لا معينا لأنه اعتبره قرينةٌ تدل على اعتقاد كفري – كالتفضيل مثلاً – لا أنه كفر في ذاته، بينما خوارج زماننا يعتبرون التشريع كفراً في ذاته كأحمد الحازمي ومن حذا حذوه من التكفيرين، دليل ذلك أنهم يكفرون بمجرد التشريع لا اعتقاد التفضيل ،ويستدلون بنفس استدلالات الخوارج كآية سورة المائدة ونحوها، وأهل السنة يفرّقون بين الكفر المطلق وبين كفر المعين ، بمعنى أنه إذا حكم أهل العلم على مسألة معينة بكفر فاعلها لا يستلزم تنزيل الحكم على من فعل ذلك الكفر حتى تتوفّر فيه الشروط وتنتفي في حقّه الموانع فتنبه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : التكفير له شروط وموانع، قد تنتفي في حقِّ المعيَّن، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين.2
سئل شيخنا محمد بن عمر بازمول حفظه الله مانصه : بعض العلماء يرون كفر من لا يحكم بما أنزل في التشريع العام ,فلماذا لاينزل عليهم الحكم بأنهم تكفيريون هذه شبهة بعض الشباب .؟
فأجاب بقوله :
هؤلاء العلماء الذين يقولون بهذا القول لم ينزلوا الحكم على المعين، حتى تقام الحجة بثبوت الشروط وانتفاء الموانع.
بينما هؤلاء التكفيريين حكموا بأن التشريع كفر أكبر، ونزلوا الحكم على الحكام فكفروهم بدون تفصيل، فلم ينظروا في ثبوت الشروط و لا في انتفاء الموانع.
وهذا الفرق بين العلماء لما اختاروا هذا القول وبين التكفيريين الذين قالوا بهذا القول.
والراجح أنه لا يكفر بالتشريع العام، لأن العلماء مختلفون فيه، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما أذن بترك السمع والطاعة للحاكم إذا رأينا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان . ومعنى ذلك أن يكون الكفر ليس محل خلاف بين العلماء، وحيث إن العلماء اختلفوا في التشريع العام هل هو كفر مطلقا أو لا، فإنه ليس بكفر بواح عندنا فيه من الله برهان. فوجود الاختلاف بين العلماء في هذه المسألة يعني أن المخالف عنده مانع يمنع من التكفير وهو التأويل، وعليه ليس عندنا من الله برهان في أن هذا القول في المسألة كفر يكفر به والله اعلم.
والأصل أنه من الحكم بغير ما أنزل الله، فيدخل في التفصيل الوارد عن السلف في ذلك، والله الموفق.اهـ
ثانيا :
العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله لم يثبت عنه أبدا أنه كفّر بمسألة التشريع غيره من حكام عصره من بلدان أهل الإسلام ، بينما خوارج زماننا يتقربون إلى ربهم بتكفيرهم عينا ممن يتعلقون ويتمسحون بالعلامة بن إبراهيم رحمه الله.
ثالثا :
العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله لم يثبت عنه أبدا أنه رمى غيره من الذين خالفوه في هذه المسألة من علماء عصره منهم تلميذه العلامة ابن باز وغيره بالإرجاء .
بينما خوارج عصرنا في حلّهم وترحالهم يرمون الذين خالفوهم من العلماء في هذه المسألة بالإرجاء ،بل تعدّى بعضهم إلى تكفيرهم كما قال أحدهم فض الله فاه :"يا ابن عثيمين إلى الجحيم".
رابعا :
قد بين العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتوى له -وهي متأخرة عنها بخمس سنين لأن الطبعة الاولى للرسالة كانت في سنة 1380 هجرية – بكلام واضح جلي وأنه يشترط الاستحلال قال غفر الله له :
كما في "فتاويه" (1/80) : وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله: من تحكيم شريعته، والتقيد بها ، ونبذ ما خالفها من القوانين والأَوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل اللهُ بها من سُلطان ، والتي مَن حكم بها أَو تحاكم إليها معتقدًا صحة ذلك وجوازه فهو كافرٌ الكفرَ الناقلَ عن الملة ، وإن فعل ذلك (بدون اعتقاد) ذلك وجوازِه فهو كافرٌ الكفرَ العمليَّ الذي لا ينقلُ عن الملة» .هذه الفتوى مؤرخة بتاريخ : 9- 1-1385هـ .
سئل العلامة ابن باز رحمه الله : هل الشيخ محمد بنُ إبراهيم رحمه الله يرى تكفير الحكام على الإطلاق ؟
فأجاب بقوله: يرى تكفير من استحل الحكمَ بغير ما أنزلَ الله فإنه يكون بذلك كافرا.اهـ
خامسا :
قد ردّ أهل العلم على من قال بأن من سنّ القوانين الوضعية للناس مع اعتقاد وجوب الحكم بماأنزل الله من غير تفضيل ولا مساواة للقوانين الوضعية بأنه يحكم عليه بالكفر وبينوا أن هذا باطل وخلاف ماكان عليه السلف الصالح وبينوا ما يلزم من هذا القول من الخروج عليه والفتن التي تحصل من جرّاء ذلك.
وقد ردّ غير واحد من أهل العلم على ماذهب إليه العلامة محمد بن إبراهيم في رسالته المشهورة "تحكيم القوانين" -في بعض كلامه الذي يُفهم منه أنه يكفّر بذلك -منهم تلميذه العلامة ابن باز رحمه الله فقد سئل ـ رحمه الله ـ ما نصه : هناك فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ يستدل بها أصحاب التكفير هؤلاء على أن الشيخ لا يفرق بين حكم بغير شرع الله عز وجل مستحلاً ومن ليس كذلك كما هو التفريق المعروف عند العلماء؟؟.
فأجاب بقوله :
هذا الأمر مستقر عند العلماء أنَ من استحل ذلك فقد كفر، أما من لم يستحل ذلك كأن يحكم بالرِّشوة ونحوها؛ فهذا كفر دونَ كفر..
فقال السائل: هم يستدلون بفتوى الشيخ ابن إبراهيم؟!
فقال الشيخ رحمه الله : محمد بن إبراهيم ليس بمعصوم، فهو عالم من العلماء يخطئ ويصيب. اهـ.3
وقد سمعت غير واحد من أهل العلم كذلك يخطؤون الشيخ رحمه الله في هذه المسألة وينقلون عن الشيخ ابن باز رحمه الله أنه قال: شيخي رحمه الله وأخطأ.
سادسا:
أقوال أهل العلم في الحاكم الذي إذا سنّ القوانين أو حكم بقوانين وضعت قبله من غير استحلال في أنه لا يكفر :
1 ـ سئل العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله مانصه :هل تبديل القوانين يعتبر كفراً مخرجاً من الملة؟
إذا استباحها، فحكم بقانون غير الشريعة، يكون كافراً كفراً أكبر، أما إذا فعل ذلك لأسباب خاصة كان عاصياً لله من أجل الرشوة، أو من أجل إرضاء فلان، وهو يعلم أنه محرّم يكون كفراً دون كفر، أما إذا فعله مستحلاً له، يكون كفراً أكبر، كما قال ابن عباس في قوله: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، قال: ليس مثل من كفر بالله، لكنه كفر دون كفر.إلاَّ إذا استحل الحكم بالقانون أو استحل الحكم بكذا أو كذا غير الشريعة يكون كافراً، أما إذا فعله لرشوة أو لعداوة بينه وبين المحكوم عليه، أو لأجل إرضاء بعض الشعب، أو ما أشبه ذلك، هذا يكون كفراً دون كفر).
وسئل رحمه الله مانصه : ما حكم سن القوانين الوضعية ؟ وهل يجوز العمل بها ؟ وهل يكفر الحاكم بسنه هذه القوانين ؟
فأجاب بقوله :
إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها . أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر فهذا قانون باطل وإذا استحله الوالي كفر لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك .4
ونشرت جريدة الشرق الأوسط في عددها (6156) بتاريخ 12/5/1416 مقالة قال فيها: "اطلعت على الجواب المفيد القيّم الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وفقه الله المنشور في جريدة "الشرق الأوسط" وصحيفة "المسلمون" الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله – من غير تفصيل -، فألفيتها كلمة قيمة قد أصاب فيه الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين، وأوضح وفقه الله أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحلّ ذلك بقلبه، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من سلف الأمة.
ولا شك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى: ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، (...الظَّالِمُونَ )، ( ...الْفَاسِقُونَ )، هو الصواب، وقد أوضح وفقه الله أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان، وهكذا الفسق فسقان: أكبر وأصغر، فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنا أو الربا أو غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر، ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلماً أصغر وهكذا فسقه".
2 ـ سُئل الشيخ ابن عثيمين كما في شريط "التحرير في مسألة التكفير" بتاريخ (22/4/1420) سؤالاً مفاده:
إذا ألزم الحاكم الناس بشريعة مخالفة للكتاب والسنة مع اعترافه بأن الحق ما في الكتاب والسنة لكنه يرى إلزام الناس بهذا الشريعة شهوة أو لاعتبارات أخرى، هل يكون بفعله هذا كافراً أم لابد أن يُنظر في اعتقاده في هذه المسألة؟
فأجاب بقوله : "... أما في ما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو كما في كتابه العزيز، ينقسم إلى ثلاثة أقسام: كفر، وظلم، وفسق، على حسب الأسباب التي بُني عليها هذا الحكم، فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه أن بأن الحق فيما قضى الله به ؛ فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم، وأما إذا كان يشرع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة يرى أن ذلك من المصلحة وقد لبس عليه فيه فلا يكفر أيضاً، لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل بعلم الشريعة ويتصل بمن لا يعرف الحكم الشرعي، وهم يرونه عالماً كبيراً، فيحصل بذلك مخالفة، وإذا كان يعلم الشرع ولكنه حكم بهذا أو شرع هذا وجعله دستوراً يمشي الناس عليه؛ نعتقد أنه ظالم في ذلك وللحق الذي جاء في الكتاب والسنة أننا لا نستطيع أن نكفر هذا، وإنما نكفر من يرى أن الحكم بغير ما أنزل الله أولى أن يكون الناس عليه، أو مثل حكم الله عز وجل فإن هذا كافر لأنه يكذب بقول الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ) وقوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
وقال رحمه الله كما في "لقاء الباب المفتوح" الشريط رقم 51 الوجه ب مانصه :هناك قضية تثار الآن حول ما يناط للتشريع العام فيما يحكم به الحكام، ويستدل أصحاب هذا الرأي بفتواكم حفظكم الله في المجموع الثمين بأن هذا الكفر وأنه واضح؛ لأنه تبديل لشرع الله، كذلك ينسب هذا إلى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله. فالسؤال هنا: هل ترد موانع التكفير أو ما اشترطه أهل السنة والجماعة في إقامة الحجة على من حكم بغير ما أنزل الله تشريعاً عاماً؟
فأجاب بقوله :
كل إنسان فعل مكفراً فلا بد ألا يوجد فيه مانع التكفير، ولهذا جاء في الحديث الصحيح لما سألوه هل ننابذ الحكام؟ قال: [إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان] فلا بد من الكفر الصريح المعروف الذي لا يحتمل التأويل، فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يكفر صاحبه وإن قلنا إنه كفر.
فيفرق بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، قد تكون الفعلة فسقاً ولا يفسق الفاعل لوجود مانع يمنع من تفسيقه، وقد تكون كفراً ولا يكفر الفاعل لوجود ما يمنع من تكفيره، وما ضر الأمة الإسلامية في خروج الخوارج إلا هذا التأويل، فالخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب على جيش أهل الشام ، فلما حصلت المصالحة بين علي بن أبي طالب وأهل الشام خرجت الخوارج الذين كانوا معه عليه حتى قاتلهم وقتلهم والحمد لله، لكن الشاهد أنهم قالوا: حكمت بغير ما أنزل الله؛ لأنك حكمت البشر، فخرجوا عليه. فالتأويل الفاسد هو بلاء الأمة؛ فقد يكون الشيء غير كفرٍ فيعتقدها هذا الإنسان أنه كفر بواح فيخرج، وقد يكون الشيء كفراً لكن الفاعل ليس بكافر لوجود مانع يمنع من تكفيره، فيعتقد هذا الخارج أنه لا عذر له فيخرج. ولهذا يجب على الإنسان التحرز من التسرع في تكفير الناس أو تفسيق الناس، ربما يفعل الإنسان فعلاً فسقاً لا إشكال فيه، لكنه لا يدري، فإذا قلت: يا أخي! هذا حرام. قال: جزاك الله خيراً. وانتهى عنه. إذاً: كيف أحكم على إنسان بأنه فاسق دون أن تقوم عليه الحجة؟ فهؤلاء الذي تشير إليهم من حكام العرب والمسلمين قد يكونون معذورين لم تتبين لهم الحجة، أو بينت لهم وجاءهم من يلبس عليهم ويشبه عليهم. فلا بد من التأني في الأمر.اهـ
3 ـ سئل شيخنا صالح الفوزان حفظه الله مانصه: قلتم سلمكم الله أن الذي يظهر من الشرك بالله تعالى يعتبر مشركاً كالذي يذبح لغير الله وكالذي ينذر لغير الله . والسؤال ومن يعتبر الحكم بالقوانين الوضعية فلا يحكم عليه بالشرك والحالة هذه ؟
فأجاب بقوله :
لا .. ما يحكم عليه على طول حتى نستفصل منه ما الذي حمله على هذا وما الذي .. ونشوف هل هو يعتقد هذا أو لا يعتقده وهل يستبيح هذا الشئ أو ما يستبيحه ، لا بد من التفصيل هذا ، ولا تأخذوا منهج التكفير ومنهج الخوارج على طول وكل كافر لازم من التفصيل .. نعم.5 ..
وسئل أيضا وفقه الله مانصه :ما الحكم فيمن شرع شريعة عامة للناس بغير ما أنزل الله ثم ألزمهم بها؟
فأجاب بقوله :
إن كان يعتقد أن هذه الشريعة اللي حطها أو النظام اللي حطه مساوي أو أحسن أو جائز فهو مرتد عن دين الإسلام ..6 ".
وسئل أيضا حفظه الله مانصه : فضيلة الشيخ وفقكم الله , من حكم بالقوانين الوضعية وفتح المحاكم القانونية وأجبر الناس على التحاكم بها في أكثر الأمور ما عدا الأحوال الشخصية فهل هذا يعد كافرا ؟
فأجاب بقوله:
على التفصيل الذي سبق ، التفصيل الذي سبق عام ، إذا كان يرى أن هذا جائز أو أنه مخير أو أن القوانين أحسن فهذا لا شك في كفره . نعم.
4 ـ سُئل العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله مانصه : هل استبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية كفر في ذاته؟ أم يحتاج إلى الاستحلال القلبي والاعتقاد بجواز ذلك؟ وهل هناك فرق في الحكم مرة بغير ما أنزل الله، وجعل القوانين تشريعاً عاماً مع اعتقاد عدم جواز ذلك؟
فأجاب بقوله :
يبدو أنه لا فرق بين الحكم في مسألة، أو عشرة، أو مئة، أو ألف – أو أقل أو أكثر – لا فرق؛ ما دام الإنسان يعتبر نفسه أنه مخطئ، وأنه فعل أمراً منكراً، وأنه فعل معصية، وانه خائف من الذنب، فهذا كفر دون كفر.
وأما مع الاستحلال – ولو كان في مسألة واحدة، يستحل فيها الحكم بغير ما أنزل الله، يعتبر نفسه حلالاً-؛ فإنه يكون كافراً.7
5 ـ وسئل العلامة عبيد الجابري حفظه الله مانصه: أحسن الله إليكم وبارك الله فيكم، يقولُ السائل: هل هناك فرقٌ بين مسألةِ تنحية الشريعة واستبدالها بالقوانين؛ ومسألة الحكم بغير ما أنزل الله بدون تنحية الشريعة حيثُ حكم الأول يختلف عن الثاني؟
فأجاب بقوله :
هي كلّها يعني كِلا الأمرين إقصاء للشريعة يتَّفقان في هذا. لكن الأول يجعل منهجًا الذي يسمونه الدستور يقضي به القضاة وهو كله مخالف للشريعة، بينما الثاني لم يجعل منهجًا؛ حُكم كذا كذا، وإنما إذَا جاءته قضية من القضايا الشرعية التي يجبُ مردُّها إلى اللهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم حكَمَ فيها بالقانون.
فالأول جعل دستورا ومنهج يعني؛ يسير القضاة عليه، ويتلقونه على أنه واجب والذي لا يحكم به يستحق العقوبة، وكلاهما كفر؛ كلا الأمرين كفر، لكن الحاكم سواء كان هذا أو هذا؛ هذا يختلف – بارك الله فيكم -، فيحكم على من حكم بغير ما أنزل الله سواء كان مُنحِّيًا أو غير منحِّيا؛ من حكم بغير ما أنزل الله على سبيل العموم هذا كافر، لكن على سبيل التقييد والتعيين لهُ حالتان:
الحالةُ الأولى: حالُ الاستحلال؛ يستحل حكم القانون بعد علمِه بوجوبه، عن عِلم؛ وهذا لهُ صُوَر منها:
اعتقاده عدم صلاحية حكم الله في البشر.
والثانية: اعتقاد تفضيل حكم القانون على حكم الله.
والثالث: المساواة.
والرابع: عدم صلاحية حكم الله بين البشر في هذا الزمان، هذا مدري متى يأتي زمانه الذي يحكمُ فيه، يقصم الله ظهره - إن شاء الله – إن كان مستحِل له ليريح العباد والبلاد من شرِّه.
الثانية: حالة الجهل؛ يحكم جاهلًا لا يعلمُ من حكم الله شيئًا أبدًا، الجهل مانع من التكليف.
وثمَّة حالة ثالثة: هو أن يعلم حكم الله، ويعتقد أنَّه هو الواجب، وأنَّ الحكم بالقوانين محرَّم، لكن يحكم بالقوانين لِهوًى في نفسه، أو مجاملة للناس أو إلى غيرِ ذلك من الأمور، فهذا فاسِق.
فالأوَّل كافر، والثاني جاهل غير مكلَّف، والثالث فاسِق. نعم.اهـ

الملحوظة الثانية :
قولك كما في "منحة العلام"(ص : 38):ومن صور هذا النوع من الإعراض ، أن يتلفظ بالشهادة ولكنه يعرض من عمل الجوارح بالكلية ، فلا يعمل شيئا طوال عمره مع قدرته على ذلك ولم يمنعه منه مانع ، فهذا كفر بإجماع أهل السنة وهي المسألة المسماة بترك جنس العمل.
حكى الإجماع على ذلك الحميدي والشافعي وأبو عبيد القاسم ابن سلام والآجري وابن تيمية.اهـ

قلت : الذي يدعوا إلى الله على بصيرة يتعامل مع العقول حسب مقدرتها لا حسب مقدرته –هذا إذا كان له علم-،وقد فهم ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى:( ولكن كونوا ربانيين ) فقال: (كونوا حلماء فقهاء) وقال الإمام البخاري: (ويقال: الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره،وقد وردت أخبار وآثار ما يفيد النهي عن تحديث الناس بما لا تبلغه عقولهم منها :
ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا يبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله".
وعن هشام بن عروة عن أبيه رحمهما الله أنه قال: "ما حدثت أحداً بشئ من العلم قط لم يبلغه علمه إلا كان ضلالاً عليه" .
وكم وكم حذّر أهل العلم من الخوض في مثل هذه المسائل.
فالشاهد : لماذا تدخل في مسائل أنت في غنى عنها؟
وتحشر نفسك في خندق أنت ربما لا تريده؟؟
والخوض في هذه المسائل في عصرنا الحاضر قد عُرف بها الحدادية الفجرة الذين يسعَون جادّين –خيّب الله سعيهم- في التفرقة بين السلفيين وفي ضرب علماء أهل السنة.
وهل يوجد مسلم على وجه الأرض يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعمل شيئا ؟؟؟
بمعنى يعيش طيلة دهره لا يأتي بركن من أركان الإسلام ولا يحسن لوالديه ولا يبسط وجهه لهما أو لأحد من خلق الله أو.....؟؟؟
الجواب : هو أن هذه المسألة ذهنية لا وجود لها في الواقع.
وهل تستطيع أن تبين لنا معنى كلمة :"جنس العمل" الذي يستعملها بعض أهل الفتن لضرب الدعوة السلفية ، لأن كلمة "جنس"لها عدّة معان مختلفة وحمّالة وجوه ولا وجود لها في الوحيين وهذا ليس موضع بسطها.
وسأكتفي بنقل نصيحة لأحد أهل العلم في التحذير من الخوض في مثل هذه المسائل التي تقررها للمبتدئين من طلبة العلم ،قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله : جنس العمل وهو لفظ لا وجود له في الكتاب والسنة ولا خاصم به السلف ولا أدخلوه في قضايا الإيمان اتخذوه بديلا لما قرره السلف من أن العمل من الأيمان وأن الأيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي .....
2 ـ الذي لا يبدع من لايكفر تارك جنس العمل فهو عندهم مرجئ غال رمزا إلى تكفيره وحتى وإن كفر تارك جنس العمل فهو عندهم مرجئ لماذا ؟؟؟ لأنهم قد فصلوا ثوب الإرجاء ليقمصوا به أهل السنة شاؤو أم أبوا.اهـ
وقال حفظه الله في مقاله (كلمة حق حول جنس العمل): لكني لا أحب للسلفيين التعلق بلفظ "جنس العمل" لأمور::
أولها: أنه لفظ مجمل يحتمل هذه الصورة ويحتمل غيرها وهو ما يريده التكفيريون
ثانيها: كما قال أخونا حمد العتيق : " إنها مسألة غير عملية بمعنى أنه لا يمكن أن يقال : إن هناك زيداً - من الناس – قد شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ولم يعمل بعدها خيراً قط ، فإن هذا النفي المطلق لا يمكن لأحد إلا الله أن يحيط به " ، والأمر كما ذكر الأخ حمد. .
ثالثها: دندنة التكفيريين حوله لمقاصد سيئة منها رمي أئمة السنة بالإرجاء , فمن لا يكفر تارك الصلاة عندهم مرجيء أو أتي من شبهة الإرجاء ، ومن لا يكفر الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله تكفيراً مخرجاً من الملة فهو مرجيء وإن فصل على طريقة السلف وإن قال بكفر تارك الصلاة.
رابعها: من أجل ما في هذا اللفظ من الإجمال المشار إليه سلفاً يقع من إطلاقه من اللبس على كثير من الناس، و لما يوقع من الخلاف بين أهل السنة والشحناء والفتن بينهم ، ترجح لي أنه يجب الابتعاد عنه ، لأن الجنس قد يراد به الواحد وقد يراد به الكل وقد يراد به الغالب ، ومن هنا إذا دندن حوله السلفيون حصل بينهم الخلاف الذي يريده التكفيريون وتكثروا بمن يقول به منهم، فيقولون هذا فلان السلفي يقول بتكفير تارك جنس العمل فيجرون الناشيء إلى مذهبهم في تكفير الحكام على منهجهم وإلى رمي علماء السنة بالإرجاء ... الخ.
وأنصح السلفيين أن يلتزموا بقول السلف الشائع المتواتر من أول عهد السلف إلى يومنا هذا ألا وهو قولهم : إن الإيمان قول وعمل ، قول بالقلب واللسان وعمل بالقلب والجوارح ، أو إن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ، أو كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " الإيمان قول وعمل يزيد وينقص " .
أو كما قال البخاري : " كتبت عن ألف شيخ وزيادة ولم أكتب إلا عمن يقول الإيمان قول وعمل " ، ونحو هذه العبارات الموروثة عن السلف التي لا تخرج عن هذا المعنى فالتزام عبارات السلف فيه رد لضلال المرجئة ، وهو رد كاف شاف وفيه أمان وضمان للسلفيين من الاختلاف والقيل والقال، وحماية من استغلال التكفيريين لإطلاق بعض السلفيين لجنس العمل. .
ومن أصول أهل السنة وجوب سد الذرائع ، ووجوب درء المفاسد ، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح ، فإطلاق جنس العمل فيه مفاسد لما فيه من الإجمال الموقع في اللبس ولما يثيره من الاختلاف والفرقة فيجب اجتنابه .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله زاجرا عن إطلاق الألفاظ المجملة :
فعليك بالتفصيل والتبيين فالـ إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ أذهان والآراء كل زمـان.
فكيف نزج بدعوتنا وشبابنا في الصور المستبعدة أو المستحيلة وتشحن النفوس وتضيع الأوقات في القيل والقال بل توقع الشباب في الشبكة التي نصبها لهم التكفيريون ، فإذا كان لابد من الكلام فيها فيكون من العالم الفطن عند الحاجة كأن يسأله تكفيري عن كفر تارك جنس العمل فيقول له هذه كلمة مجملة فماذا تريد بها فبين لي ما تقصده ، فإن ذكر له صورا باطلة ردها عليه بالحجة والبرهان، وإن ذكر الصورة السابقة قال له هذا حق وأنا معك ولكني أحذرك من التلبيس على الناس بذكر غير هذه الصورة .
فهذا ما أقوله وأنصح به السلفيين في هذه المسالة وأنصحهم بشدة عن تعاطي أسباب الخلاف ومثيراته.
والحرص على ما يؤلف القلوب ويجمعها على الحق بالحكمة والرفق .
أسأل الله الكريم تبارك وتعالى أن يجمع كلمة أهل السنة والمسلمين عموماً على الحق والهدى وأن يجنبهم أسباب الخلاف والفتن ...اهـ

الملحوظة الثالثة :
قولك في "منحة العلام"(ص : 4) باعتبار محله من البدن –أي:الكفر-:
قلبي :ما يقوم بالقلب من الاعتقادات المكفرة كاعتقاد كسب الرسول صلى الله عليه وسلم.
قولي : وهو مايجري على اللسان من الأقوال المكفرة على وجه الاختيار مثل : سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واعتقاد وجود خالقين خالق النور وخالق الظلمة.
عملي :مايقوم بالجوارح من الأعمال التي جاء في النصوص وصفها بالكفر كالسجود للصنم وقتل الأنبياء والإستهانة بالمصحف.اهـ

قلت : اعتقاد وجود خالقين خالق النور وخالق الظلمة هو من قبيل الكفر الاعتقادي لا الكفر القولي فتنبه.
2 ـ الأقوال المكفّرة على وجه الاختيار غير مقتصرة على الكفر الأكبر كما قرّرته، بل تشمل حتى الكفر الأصغر الذي لا يخرج صاحبها من الإسلام كقول القائل ماشاء الله وشئت ،وتوكلت على الله وعليك ونحو ذلك.
3 ـ الأعمال المكفّرة على وجه الاختيار غير مقتصرة على الكفر الأكبر كما قرّرته بل تشمل الكفر الأصغر الذي لا يخرج صاحبها من الإسلام كقتل المؤمن بغير حق وكإتيان الرجل امرأة في دبرها و كترك الصلاة تهاونا وكسلا –على قول الجمهور إذا لم يكن جاحدا ولا مستحلا لها -ونحو ذلك .
4 ـ قولك : مايجري على اللسان من الأقوال المكفرة على وجه الاختيار مثل : سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
قلت : لو جرى على لسان العبد سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم التي يكفر صاحبها لكن لا على وجه الاختيار كما قيدته وإنما على سبيل الغضب ونحو ذلك هل يمتنع عن تكفيره حتى يكون على سبيل الاختيار؟
الذي عليه أهل السنة السلفيين أن سبّ الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم من صدر منه هذا الفعل الشنيع يكفر –اختار الكفر أو لم يختر-و يُخرج صاحبه من الإسلام إلى دائرة الكفر بإجماع أهل العلم ويطبّق عليه –إذا لم يتب- أحكام المرتدين، ولا يقبل منه دعوى العذر بالجهل أو لسبب غضب اعتراه8 أو قاله على وجه المزاح أو نحو ذلك بحال من الأحوال، لأنّ أصل هذا الدين العظيم مبني على تعظيم الله تعالى وإجلاله9 ، وتعظيم دينه وأنبيائه، فإذا كان الإستهزاء بشيء من ذلك يناقض هذا الأصل وينافيه فإنّ السبّ يناقضه أشدّ المناقضة، بل يتضمّن قدرًا زائدًا على الكفر ، وأما إذا صدر منه –أي:السبّ أو الاستهزاء- وهو فاقد الوعي كأن يكون به جنون أو يكون مغمًى عليه لا يعي ما يقول بحيث إذا ذكّر لا يتذكّره ولا يستحضره، أو تلفّظ بهذا الكفر على وجه الخطأ10 فهذا مانع من إصدار حكم التكفير عليه ، ومن أفضل من تكلّم في هذه المسألة -على حسب علمي القاصر- هو العلامة الإمام أبو العباس ابن تيمية الحراني رحمه الله في كتابه " الصارم المسلول على شاتم الرسول"، فمن أراد الوقوف على الكثير من الأدلّة في ذلك فليراجع هذا الكتاب النفيس ، -وغيره من كتب أهل السنة- .

الملحوظة الرابعة :
وقال أصلحه الله كما في "منحة العلام"(ص : 1):وكثير من الناس يظن أنه سالم وهو في الحقيقة متلبّس بناقض من نواقض الإسلام ،ومتلطّخ بدن من أدران الكفر.اهـ

قلت : لا يجوز للمسلم أن ينظر للمجتمعات الإسلامية ويرمي أكثرهم بالكفر، ونصيحتى لك يا أخي أن تبتعد عن مثل هذه العبارات التى يُشّم منها نفسٌ حاروريّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم.11
قال شيخ الإسلام رحمه الله : الحمد لله الحديث صحيح مشهور –أي:حديث الافتراق-في السنن والمساند؛ كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم، ولفظه : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة ) . وفي لفظ : ( على ثلاث وسبعين ملة ) وفي رواية قالوا : يا رسول الله، من الفرقة الناجية ؟ قال : ( من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) . وفي رواية قال : ( هي الجماعة، يد الله على الجماعة ) .
ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة والجماعة، وهم الجمهور الأكبر، والسواد الأعظم .
وأما الفرق الباقية، فإنهم أهل الشذوذ والتفرق والبدع والأهواء، ولا تبلغ الفرقة من هؤلاء قريبًا من مبلغ الفرقة الناجية، فضلا عن أن تكون بقدرها، بل قد تكون الفرقة منها في غاية القلة . وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع . فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة
.12
وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" (13/507)-عند شرحه قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} كلاما نفيسا لأبي المظفر السمعاني- فقال: "واستدل أبو المظفر بن السمعاني بآيات الباب وأحاديثه على فساد طريقة المتكلمين في تقسيم الأشياء إلى جسم وجوهر وعرض، قالوا فالجسم ما اجتمع من الافتراق والجوهر ما حمل العرض، والعرض ما لا يقوم بنفسه، وجعلوا الروح من الأعراض، وردوا الأخبار في خلق الروح قبل الجسد والعقل قبل الخلق، واعتمدوا على حدسهم وما يؤدي إليه نظرهم، ثم يعرضون عليه النصوص فما وافقه قبلوه وما خالفه ردوه، ثم ساق هذه الآيات ونظائرها من الأمر بالتبليغ، قال: وكان مما أمر بتبليغه التوحيد، بل هو أصل ما أمر به فلم يترك شيئا من أمور الدين أصوله وقواعده وشرائعه إلا بلغه، ثم لم يدع إلى الاستدلال بما تمسكوا به من الجوهر والعرض، ولا يوجد عنه ولا عن أحد من أصحابه من ذلك حرف واحد فما فوقه، فعرف بذلك أنهم ذهبوا خلاف مذهبهم وسلكوا غير سبيلهم بطريق محدث مخترع لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم، ويلزم من سلوكه العود على السلف بالطعن والقدح، ونسبتهم إلى قلة المعرفة واشتباه الطرق، فالحذر من الاشتغال بكلامهم والاكتراث بمقالاتهم؛ فإنها سريعة التهافت كثيرة التناقض، وما من كلام تسمعه لفرقة منهم إلا وتجد لخصومهم عليه كلاما يوازنه أو يقاربه، فكل بكل مقابل، وبعض ببعض معارض، وحسبك من قبيح ما يلزم من طريقتهم أنا إذا جرينا على ما قالوه وألزمنا الناس بما ذكروه لزم من ذلك تكفير العوام جميعا؛ لأنهم لا يعرفون إلا الاتباع المجرد، ولو عرض عليهم هذا الطريق ما فهمه أكثرهم فضلا عن أن يصير منهم صاحب نظر، وإنما غاية توحيدهم التزام ما وجدوا عليه أئمتهم في عقائد الدين والعض عليها بالنواجذ، والمواظبة على وظائف العبادات وملازمة الأذكار بقلوب سليمة طاهرة عن الشبه والشكوك، فتراهم لا يحيدون عما اعتقدوه ولو قطعوا إربا إربا، فهنيئا لهم هذا اليقين، وطوبى لهم هذه السلامة، فإذا كفر هؤلاء وهم السواد الأعظم وجمهور الأمة، فما هذا إلا طي بساط الإسلام وهدم منار الدين، والله المستعان".13

الملحوظة الخامسة :
قولك في "منحة العلام"(ص :4):ينقسم الكفر باعتبارات عديدة منها :
1 ـ باعتبار الحكم : إلى أكبر وأصغر:
أما الأكبر: فهو مخرج من الملة وهو أنواع سيأتي ذكرها.
وأما الأصغر: المضاد لكمال الإيمان الواجب مثل كفر النعمة.اهـ

قلت : كلمة المضاد التي ذكرتها في تعريفك للشرك الأصغر هل عرّف أحد من أهل العلم بهذا التعريف ؟؟؟؟
إذا كان الجواب لا ، اكتف بتعريفات أهل العلم ،وكما قيل ماترك السابق للاحق شيئا ،لأن الكلمة "مضاد" أتت بمعان عدّة وهي: المعاكس ،والنقيض ،والمخالفة ونحو ذلك."
جاء في "تاج العروس"(1/53):( كل مضادي ) أي مخالف ومعاند ومعارض.اهـ
وحينئذ تلزم بلوازم أنت في غنى عنها.
وفي هذه الرسالة التي سوّدها صاحبها مخالفات أخرى شرعية تركتها ،ونكتفي بما ذكرنا من الملاحظات والتنبيهات لعلّ الله أن ينفع بها من حفظها واطلع عليها ليحذرها ،وننصح صاحبها بأن يترك الخوض في المسائل التي لا يحسنها لأن هذا قبل وبعد من التّقوّل على الله بغير علم، وننصحه أن يعزو النقولات التي ينقلها إلى مصادرها ، والله أعلم وهو الموفق جلّ وعز وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه :
عبد الحميد الهضابي
1435/30/05
بمكة المكرمة

الحواشي :
1 ـ أخرجه ابن جرير في تفسيره (5/41)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/934) وسنده صحيح.
2 ـ "مجموع الفتاوى"(12/487)
3 ـ «فتاوى الشيخ ابن باز» ( 28/ 271) ، نُشر في مجلَّة الفُرقان ، العدد 100 ، في ربيع الثاني 1419هـ
4 ـ "مجموع فتاوى ابن باز"(7/120)
5 ـ .. "شرح نواقض الإسلام ش6 الوجه 2"
6 ـ شرح نواقض الإسلام
7 ـ "شرح سنن أبي داود" بتاريخ: 16/11/1420 :
8 ـ "والغضب عند أهل العلم له ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن يشتد غضبه حتى يفقد عقله، وحتى لا يبقى معه تمييز من شدة الغضب. فهذا حكمه حكم المجانين والمعاتية؛ لا يترتب على كلامه حكم؛ لا طلاقه، ولا سبّه، ولا غير ذلك، ويكون كالمجنون لا يترتب عليه حكم.
المرتبة الثانية: دون ذلك، أن يشتد معه الغضب ويغلب عليه الغضب جدًّا حتى يغير فكره، وحتى لا يضبط نفسه ويستولي عليه استيلاءً كاملاً، حتى يصير كالمكره والمدفوع الذي لا يستطيع التخلص مما في نفسه، لكنه دون الأول، فلم يَزُلْ شعوره بالكيلة، ولم يفقد عقله بالكلية، لكن معه شدة غضب بأسباب المسابة والمخاصمة والنزاع بينه وبين بعض الناس كأهله أو زوجته أو ابنه أو أميره أو غير ذلك.
فهذا اختلف فيه العلماء؛ فمنهم من قال: حكمه حكم الصاحي وحكم العاقل؛فتنفّذ فيه الأحكام، فيقع طلاقه، ويرتد بسبّه الدين، ويحكم بقتله ورِدَّته، ويُفرَّق بينه وبين زوجته.
ومنهم من قال: يُلحق بالأول الذي فقد عقله؛ لأنه أقرب إليه، ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق، لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب.
وهذا قول أظهر وأقرب، وأن حكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى، أي في عدم وقوع طلاقه، وفي عدم ردْته؛ لأنه يشبه فاقد الشعور بسبب شدة غضبه واستيلاء سلطان الغضب عليه حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك.
واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم، وجاء وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح، ولا بجر أخيه هارون وهو نبي مثله، ولو ألقاها تهاوناً بها وهو يعقل لكان هذا عظيماً، ولو جرَّ إنسان النبي بلحيته أو رأسه وآذاه لصار هذا كفراً.
لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم لله عزَّ وجلَّ على ما جرى من قومه سامحه الله، ولم يؤاخذه بإلقاء الألواح ولا بجر أخيه.
هذه من حجج الذين قالوا: إن طلاق هذا الذي اشتد به الغضب لا يقع، وهكذا سبّه لا تقع به ردّة، وهو قول قوي وظاهر، وله حجج أخرى كثيرة بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم، واختار هذا القول.
وهذا القول أرجح عندي وهو الذي أُفتي به؛ لأن من اشتد غضبه ينغلق عليه قصده، ويشبه المجنون بتصرفاته وكلامه القبيح، فهو أقرب إلى المجنون والمعتوه منه إلى العاقل السليم، وهذا قول أظهر وأقوى.
ولكن لا مانع من كونه يُؤدَّب بعض الأدب إذا فعل شيئاً من أسباب الردّة أو من وجوه الردّة، وذلك من باب الحيطة، ومن باب الحذر من التساهل بهذا الأمر، أو وقوعه منه مرة أخرى إذا أدَّب بالضرب أو بالسجن أو نحو ذلك، وهذا قد يكون فيه مصلحة كبيرة، لكن لا يحكم عليه بحكم المرتدين من أجل ما أصابه من شدة الغضب التي تشبه حال الجنون، والله المستعان.ُ
المرتبة الثالثة: فهو الغضب العادي، الذي لا يزول معه العقل، ولا يكون معه شدة تضيِّق عليه الخناق، وتفقده ضبط نفسه، بل هو دون ذلك، غضب عادي يتكدّر ويغضب، ولكنه سليم العقل سليم والتصرف.
فهذا عند أهل العلم تقع تصرفاته، ويقع بيعه وشراؤه وطلاقه وغير ذلك؛لأن غضبه خفيف لا يغير عليه قصده ولا قلبه. والله أعلم". قاله الشيخ ابن بازرحمه الله كما في "فتاوى نور على الدرب" المجلد الأول
9 ـ إن الإيمان بالله تعالى مبني على التعظيم والإجلال للرب عز وجل، ولا شك أن سب الله تعالى والاستهزاء به يناقض هذا التعظيم ولا يجامعه.يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : مبيناً أن سب الله تعالى أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أوالإستهزاءبالشريعة يناقض التوحيد:" فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله سبحانه، والرسالة لعبده ورسوله، ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام، الذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول، أو الفعل، كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلاً لما فيه من المنفعة والصلاح، إذ الاعتقادات الإيمانية تزكي النفوس وتصلحها فمتى لم توجب زكاة النفس ولا صلاحها، فما ذاك إلا لأنها لم ترسخ " الصارم المسلول " ( ص : 375 ) ،
ويقول العلامة السعدي :: إن الاستهزاء بالله ورسوله كفر يخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة." تيسير الكريم الرحمن "(ص : 343 )
10 ـ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَلّهُ أشدُّ فْرَحا بتوبةِ عبده -حين يَتُوبُ إليه- من أحدِكم كان على راحلته بأرضٍ فلاةٍ فَانْفَلَتتْ منه ، وعليها طعامُه وشرابهُ فَأَيسَ منها»، فأتَى شَجرة فاضطَجَع في ظِلِّها قد أيسَ من راحلته فبينا هو كذلك، إذا هو بها قائمةٌ عنده ، فأخذ بخِطامِها ، ثم قال من شِدَّة الفرح : اللهم أنت عَبْدي وأنا ربكَ ،أخطأ من شدة الفرح. أخرجه مسلم (2675).
11 ـ أخرجه مسلم ( 2623 ) .
12 ـ "مجموع الفاوى"(3/345 ـ 346)
13 ـ من كتاب "الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي" (ص: 172) للعلامة عبدالمحسن العباد


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الهضابي ; 31 Mar 2014 الساعة 04:20 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31 Mar 2014, 12:37 PM
حبيب المكي حبيب المكي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 120
افتراضي

جزاك الله أخي عبد الحميد هذا الكلام كما يقال سقوطه يغني عن إسقاطه
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31 Mar 2014, 05:23 PM
خالد أبو أنس خالد أبو أنس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: الجزائر/بومرداس/أولادموسى
المشاركات: 468
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الحميد على هذا البيان الشافي وعلى هذه التنبيهات المليحة
ونسأل الله عزوجل لكاتب الرسالة أن يهديه الله ويجلس لأهل العلم الفضلاء ليتعلم ويأخذ منهم العقيدة الصحيحة والمنهج السليم ولا ينسى أن يأخذ معه المشيخيين والمطبلين له المغترين به للجلوس في حلقات مشايخنا الفضلاء .
بلغ سلامي للشيخ ربيع و الشيخ محمد بن هادي والشيخ أحمد بازمول والشيخ البخاري و الشيخ عبيدالجابري ونسأل الله عزوجل أن يحفظهم ويخفظ مشايخنا و السلام عليكم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 31 Mar 2014, 05:24 PM
خالد أبو أنس خالد أبو أنس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: الجزائر/بومرداس/أولادموسى
المشاركات: 468
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الحميد على هذا البيان الشافي وعلى هذه التنبيهات المليحة
ونسأل الله عزوجل لكاتب الرسالة أن يهديه الله ويجلس لأهل العلم الفضلاء ليتعلم ويأخذ منهم العقيدة الصحيحة والمنهج السليم ولا ينسى أن يأخذ معه المشيخيين والمطبلين له المغترين به للجلوس في حلقات مشايخنا الفضلاء .
بلغ سلامي للشيخ ربيع و الشيخ محمد بن هادي والشيخ أحمد بازمول والشيخ البخاري و الشيخ عبيدالجابري ونسأل الله عزوجل أن يحفظهم ويحفظ مشايخنا و السلام عليكم

التعديل الأخير تم بواسطة خالد أبو أنس ; 31 Mar 2014 الساعة 05:30 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, منحةالعلام, مميز, نواقض, ردود


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013