[تفريغ خطبة جمعة] - الاستغاثة بالله عز وجل - لفضيلة الشيخ عمر الحاج مسعود حفظه اللهبتاريخ 21 صفر 1439 هـ الموافق لـ 10 نوفمبر 2017 م

[أم صهيب السلفية]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه،ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله،وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة.
كما قال الله تبارك وتعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}فاطر.
وفي الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم،قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته،فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته،فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته،فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فأستغفروني أغفر لكم .فالموفق لا يزال يسأل ربه عز وجل،سؤال المضطر،ويستعينه استعانة الملهوف،ويستغيثه استغاثة المستجير،إذا أصبح وإذا أنسى،يستغيث بربه،ويدعوه ويلح عليه في السؤال،فالله جل وعلا أرحم الراحمين،وأكرم الأكرمين.
ور يزال الموفق إذا نزلت به فاقة،أو أُصيب بشدة يستغيث بربه،ولا يسأل إلا ربه جل وعلا،الذي يجيب المضطر إذا دعاه،قال الله عز وجل:{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}الأنفال.
إذ تستغيثون ربكم،هذا في غزوة بدر استغاث المسلمون ربهم جل وعلا،سألوه الإغاثة والنصر على الأعداء،فأجابهم ربهم عز وجل،وأمدهم بألف من الملائكة مردفين،أي يردف بعضهم بعضا.
وفي صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم،استقبل يوم بدر القبلة ومد يديه وهتف بربه،أي استغاث وألح في الدعاء وقال:اللهم انجز لي ما وعدتني،آتني ما وعدتني،اللهم إن تُهلك هذه العصابة من الاسلام،لا تُعبد في الأرض.قال:وهو الولي الحميد.
ينزل الغيث وهو المطر الغزير،الذي يُغيث الله به العباد والبلاد والبهائم،وفي هذا إشارة إلى الإغاثة والنجدة والفرج من الله جل وعلا.
ونشكر الله سبحانه وتعالى ونحمده،على هذا الغيث النافع،اللهم اجعله غيثا نافعا،مُطرنا بفضل الله ورحمته.
كان النبي عليه الصلاة والسلام،إذا دعا في صلاة الاستسقاء قال:اللم اغثنا،اللهم اغثنا،اللهم اغثنا.
أي :هب لنا غيثا نافعا تُغيث به العباد والبلاد،والتكرار يدل على الإستغاثة وعلى الإلحاح،على الله عز وجل.
فهو الذي يُغيث عباده،وقال عز وجل:{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}النمل.

أو يستغيث بالأحياء الغائبين،أو بالأحياء الذين لا يقدرون على مطلبه،فهذا من الشرك بالله عز وجل،أما إذا استغاث واستعان بالحي القادر على الشيء،فهذا لا بأس به،أما أن يدعو ميتا أو أن يدعو غائبا،فهذا من الشرك بالله عز وجل.
{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ }،يفعل ذلك؟طبعا لا.
حتى الكفار كانوا يعلمون هذا،ولهذا إذا أُصيبوا بالشدة وأُصيبوا بالضُّر دعوا الله عز وجل.
كما قال سبحانه وتعالى:{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }العنكبوت.
فماذا نقول لبعض المسلمين،إذا أُصيبو بلاء وبالضر دعوا الموتى،يا سيدي فلان أعطيني،يا سيدس علان فرج كربي.
فاللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الموحدين المخلصين،والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله رب العالمين،والعاقبة للمتقين،والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين،وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال:يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.رواه الترمذي من حديث أنس،والحاكم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث،وعلم ابنته فاطمة رضي الله عنها،أن تقول إذا أصبحت وإذا أمست،يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث،أصلح لي شأني كله،ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين.رواه النسائي في الكبرى.
فهكذا العبد ينبغي أن يستغيث بالله وبرحمته،في الإستغاثة بصفة الله عز وجل،كلما أصبح وأمسى.
لأن الله إذا تخلى عنه طرفة عين،كان من الهالكين،في بحار شياطين الجن والإنس.
فالله هو الذي يُغيث العبد،ويحفظه ويعينه ويوفقه ويثبته،فينبغي للعبد أن يحافظ على هذا الدعاء،إذا أصبح وإذا أمسى.
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.
"يطيل السفر،أشعث أغبر،يمدّ يديه إلى السماء : يا رب يا رب" .إلى آخر الحديث.
يستغيث بالله بهذا الاسم يا رب يا رب،بربوبية الله عز وجل.
فهذا التكرار فيه معنى الإستغاثة،والإلحاح على الله عز وجل.
فإذا كان العبد يدعو ربه ويوحده،ويُلح في الدعاء ويقول:يا رب يا رب،يا الله يا أرحم الراحمين،يا خير الغافرين،يا ذا الجلال والإكرام،فالله يغيثه ويعطيه ويغفر له ويستجيب له،كما كان شأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
فهذا نبي الله زكريا عليه السلام،دعا ربه فقال:{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }الأنبياء.
فاستجاب الله له،وكذلك موسى عليه السلام:{ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }القصص.
{فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }الأنبياء.
والمقصود من هذا أن العبد ينبغي دائما،أن يستغيث بالله وأن يُلح في الدعاء وأن يكرر،فالله سبحانه وتعالى غني،والله عز وجل رحيم بعباده،هو أكرم الأكرمين،وأرحم الراحمين.
فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى .
أن يغفر لنا ويرحمنا وأن يغيثنا.
اللهم اغث قلوبنا بالعلم والإيمان والتقوى.
واغث بلادنا وسائر بلاد المسلمين،بالغيث النافع.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ،ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا.
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به.
واعفو عنا واغفر لنا وارحمنا،أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا ،ويسر أمورنا وفرج همومنا،واقض ديوننا.
إنك سميع قريب مجيب الدعاء.
وصل اللهم وبارك على نبينا ...


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى
تفريغ أم صهيب السلفية
مصدر التفريغ

http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=22065