هل لطالب العلم أن يرد على أهل البدع ؟

[هشام بنزهور أبو معاذ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل أصبت في هذه المسألة أم جانبت الصواب؟
هل لطالب العلم أن يرد على أهل البدع ؟
الجواب من وجوه:
أولا :هذا السؤال إنما أصبح أصحاب البدع يركزون عليه و ذلك لما رأوا الحملة التي بدأ يشنها طلبة العلم على بعض رموز الدعوة ممن تلبسوا ببدع مخالفة لمنهج أهل السنة و الجماعة.
الثاني:أن السؤال الذي من المفروض أن يطرح هو:هل أحسن طالب العلم الرد أم لا؟هذا هو السؤال الذي من المفروض أن نركز عليه، لأن الرد على المخالف إما رد محمود أو رد مذموم أو رد جائز.فالرد المحمود هو "الذي يحق الحق و يبطل الباطل و يهدف إلى الرشد"[الرد على المخالف للشيخ بكر أبو زيد] و أما الرد المذموم فهو "ما يكون لدفع الحق أو تحقيق العناد"[المصدر السابق]و الرد الجائز أو السائغ ما يحصل من الردود في محيط الخلاف السائغ في الفروعيات التي تتجاذبها الأدلة و تكافأت في نظر المجتهد "[المصدر السابق .أقول (هشام)قوله في الفروعيات تحتاج إلى وقفة ليس محلها الآن لكن باختصار المجتهد الذي يبذل وسعه في معرفة الحق و معلوم عنه سلامة القصد و المنهج فخطؤه مغتفر سواء في مسائل العقيدة أو الأحكام الشرعية و الرد عليه محمود مع احترام جهوده و شخصه و خير مثال على ذلك الحافظ بن حجر و النووي و غيرهم من العلماء الذين شذوا في بعض المسائل] .
و عليه فالناظر المنصف عليه أن ينظر في هذا الرد هل أصاب فيه أم أخطأ فإن أصاب فيه يبين للمردود عليه خطأه و ينصحه و إن ظلمه يكف الراد عن خطئه و يبين له و أما أن نجد ردا على بعض رموز الدعوة المنحرفين فنلبس على الناس و نضرب به عرض الحائط لأن صاحبه مجهول !!فلا.
الثالث :أن طالب العلم الذي يرد على بعض المبتدعة لا يعني ذلك تزكيته و أنه قد جاوز القنطرة و هذه المسألة اغتر بها كثير من الإخوة ليس فقط في مسألة الردود بل و حتى في العلوم الشرعية فيكفي بعض الطلبة أن يكتب رسالة في تخريجه لحديث أو في تحقيقه لمسألة فقهية فتجد الإخوة السلفيين يعظمونه و يلقبونه بأفخم الألقاب و هو مع ذاك مسكين فقير في بضاعته مازال لم يتم حتى مسائل كتب الفقه الشرعية –و مما ساعد على هذا الأمر انتشار الكتب بين القاصي و الداني و بإمكان أي شخص منا من يحسن القراءة و الكتابة أن يجمع كل الأقوال في مسألة ويصوغها صياغة فائقة و مبهرة فتظن أنت أن المتكلم هو من أهل العلم و هو على العكس من ذلك-.
و خير مثال على ما ذكرت الأشاعرة فقد اغتر بهم البعض و عدهم من أهل السنة و الجماعة لمجرد أنهم ردوا على كثير من ضلال المعتزلة !! و كذلك ما وقع في عصرنا هذا من أمثال أبي الحسن المأربي و عرعور و سلمان و سفر و المغراوي و غيرهم ممن لو نزلوا منزلتهم في بادئ الأمر و نودوا بأنهم طلاب علم ليس إلا لما وقع ما و قع ولكن قدر الله و ما شاء فعل و نحن ممن نستفيد من الأخطاء و المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين فطالب العلم يبقى طالب العلم و لا ينزل منزلة العلماء حتى إذا أخطأ في مسألة كان ذلك أرفق به و بنا .
الوجه الرابع :على طالب العلم أن يضع بين عينه هذه النصيحة الذهبية فقد حكى أبو العرب التميمي عن ابن فروخ "أنه كتب إلى مالك بن أنس أن بلدنا كثير البدع و أنه ألف لهم كلاما في الرد عليهم. و كتب إليه مالك يقول له:إنك إن ظننت ذلك بنفسك خفت أن تزل و أن تهلك [أو نحو ذلك ]لا يرد عليهم إلا من كان عالما ضابطا عارفا بما يقول لهم ،لا يقدرون أن يعرجوا عليه،فهذا لا بأس به،و أما غير ذلك فإني أخاف أن يكلمهم فيخطئ فيمضوا على خطئه أو يظفروا منه بشيء فيطغوا و يزدادوا تماديا على ذلك"اه قال الإمام الشاطبي معقبا :و هذا الكلام يقضي لمثلي بالإحجام دون الإقدام ،و شياع هذا المنكر و فشو العمل به،و تظاهر أصحابه ،يقضي لمن له هذا المقام منة بالإقدام دون الإحجام لأن البدع قد عمت و جرت أفراسها من غير مغبر ملء أعنتها"[الإعتصام(1/35 تحقيق سلمان مشهور] فتأمل قوله"لا يرد عليهم إلا من كان عالما ضابطا عارفا بما يقول لهم "فلم يقل عالما بكل أبواب الشرع بل يكفي أن يكون على اطلاع بالباب الذي يرد عليهم فيه و ن كان هذا لا يعني أن يكون جاهلا بمسائل الشريعة الأخرى و الله أعلم