قولك: " ثم إني أسأله، وبين يديه في اللوحة المخطوطة... الخ " الجواب:
ما تفضلت بنقله عن ابن حجر والشيخ بكر - عفا الله عنه -، لا يمكن أن يجعل قاعدة مطردة يحكم بها على كل موضع من المواضع التي تكلم فيها العلامة ابن القيم في الخلافيات، نعم جلّ كتبه كما ذكرا، لكنه قد يذكر الخلاف ولا يدلي برأيه، إما لأنه ذكره في موضع آخر أو لغير ذلك من الأسباب، وهذا لا يخفى عليك فيما أظن.
ثم من الجدير أن يشار في هذا المقام إلى أن العالم من العلماء قد يختلف عطاءه العلمي بتقدمه في السن، أو باختلاف نوع العلم الذي يصنف فيه، قال عبد السلام هارون في كتابه " تحقيق النصوص ونشرها " (45):
" بعض المؤلفين تتفاوت أقدارهم العلمية وتختلف اختلافا ظاهرا بتفاوت أعمارهم، وباختلاف ضروب التأليف التي يعالجونها " اهـ.
وخير مثال " كتاب الروح " لابن القيم، فقد ذكروا أنه ألفه في أوائل عمره، بل أجمع النقلة على أن تاريخ لقائه بشيخه ابن تيمية كان سنة 712 هـ ، وإذا عرف أنه ولد سنة 691 هـ، علمنا أن عمره لما التقى به كان 21 سنة، وهذه المدة كافيه لأمثاله للتأليف والتصنيف، ولولا أنه ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المؤلف الذي ينسب إليه كما ذكر الأستاذ إبراهيم، لما كان بعيدا أن يكون ألفه في أول طلبه للعلم، وإذا فتحنا باب الاحتمالات كما تفضلتم بذلك، لكان الأمر واسعا !!!
وقريب منه المنسك الذي كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في أول عمره، فإنه قال عنه:
" فإني كنت قد كتبت منسكا في أوائل عمري فذكرت فيه أدعية كثيرة وقلدت في الأحكام من اتبعته قبلي من العلماء "، [ " مجموع الفتاوى " (26/ 98) ]، وهذا ما أشرت إليه في بعض تعاليقي الآنفة.
وكيف يعتمد على كلام ابن حجر ويجعل قاعدة تنسف بها أقوال الأستاذ وغيره في موضوعنا هذا، ولو يطالع المطالع ترجمة ابن حجر لابن القيم يجد أنه ذكر فيها أنه غلب عَلَيْهِ حب ابن تَيمِية حَتَّى كَانَ لَا يخرج عَن شيء من أَقْوَاله بل ينتصر لَهُ فِي جَمِيع ذَلِك، [ "الدرر الكامنة" (5/ 138) ]، ولما قرأت هذه الكلام رجعت إلى كتاب الشيخ بكر " ابن القيم حياته وآثاره " (ص:141) فوجدته تكلم عليه بما لا مزيد فحمدت الله، فليُتنبه لهذا.
ثم أعود للتنبيه بأن العلماء وضعوا أسسا وقواعد لتحقيق النصوص وإخراجها، ونبهوا على أنها لا تكون كذلك في كل مخطوط يقع بين أيدينا، ودونك كلام شيخ المحققين في هذا العصر عبد السلام هارون، فقد قال في كتابه " تحقيق النصوص ونشرها " (41):
" لكل مخطوط ظروف خاصة تستدعي دراسة خاصة " اهـ، ولم يعدُ كلام الأخ خالد أن كان حكما على الكتاب اعتمادا على لوحة واحدة، وقد تقدم ما فيه.
وللتذكير: فإني لا أثبت نسبة هذا المخطوط لابن القيم كما لا أنفيها، والقرائن متكافئة، وقد تقدم التعليق على جلّ مقال الأخ خالد وبيان ما فيه، وفي ذلك الكفاية.
التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 07 Sep 2013 الساعة 06:33 PM
|