مفاسد الثورات والإنقلابات من كلام سيف الدين الآمدي الشافعي

[أبو الحسن نسيم]

الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهري،وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،أما بعد:

فقد نقل الشيخ العلامة سليمان الرحيلي-حفظه الله-في شرح رسالته الموسومة ب:أصول أهل السنة هداية وأمان في الشريط الثاني نقلا مفيدا عن سيف الدين الآمدي الشافعي في كتابه غاية المرام في علم الكلام ،يتحدث فيه عن وجوب نصب الإمام وأن بفقده يترتب من المفاسد الكبيرة في مقابل مصالح نزعه، وكأن هذا الإمام معاشر الإخوة يتحدث عن مفاسد الربيع العربي وعن الإنقلابات التي يترتب عليهما من خراب الديار وذهاب الأموال واتنهاك الأعراض ما الله به عليم،وقد نبه الشيخ سليمان -حفظه الله-أن هذا الكلام يتوافق مع واقع ما يسمى بالربيع العربي والإنقلابات التي تقع بين الفينة والأخرى ،وإننا لنسأل الله تعالى أن يرفع الضرر عن إخواننا المسلمين،وأن يرد عليهم الأمن والأمان في أوطانهم،كما نسأله أن يحفظ علينا أمننا وأن يعيذنا من شر الخوارج البغاة والمفسدين في الأرض إن ربنا لسميع الدعاء.

نص كلام الآمدي:قال –رحمه الله-:ص353:( والذي يشْهد لذَلِك وُقُوع الْفِتَن واختباط الْأُمَم عِنْد

موت وُلَاة الْأَمر من الْأَئِمَّة والسلاطين إِلَى حِين نصب مُطَاع آخر، وَأَن ذَلِك لَو دَامَ لزادت الهوشات،

وَبَطلَت المعيشات، وَعظم الْفساد فى الْعباد، وَصَارَ كل مَشْغُولًا بِحِفْظ نَفسه تَحت قَائِم سَيْفه، وَذَلِكَ مِمَّا

يفضى إِلَى رفع الدّين ،وهلاك النَّاس أَجْمَعِينَ، وَمِنْه قيل: الدّين أس ،وَالسُّلْطَان حارس الدّين وَالسُّلْطَان توأمان)

قوله:الهوشات: في مختار الصحاح 329،من الشاملة:( (الْهَوْشَةُ) الْفِتْنَةُ وَالْهَيْجُ وَالِاضْطِرَابُ)

التعليق:تأملوا معاشر الإخوة وكأن الآمدي يعيش بين أظهرنا وينظر في مفاسد الثورات والإنقلابات ويعدد تلك الشرور التي تنجم عنها:

-وقوع الفتن واختلاط الأمور وفسادها،كم ترتب على الثورات من قتل وتخريب وتدمير وأخذ للأموال بغير حق،والتعدي على الممتلكات.

-نقص الأرزاق،وتعطيل المصالح،مما يتسبب في المجاعات والأمراض والأوبئة.

-انتشار الفساد وكثرة المجرمين واللصوص،الذين يغتنمون تلك الأجواء لقطع الطريق والاعتداء على الناس.

-يصبح هم الناس كيف ينجو بنفسه وبأهله،ويشغل الناس عن تحصيل مصالحهم بالبحث عن طريق للسلامة على أنفسهم ولو أدى ذلك إلى الخروج والهروب كما نراه من اللاجئين الفرين من بؤر الحرب.

-يتضرر الناس في أديانهم،لأن عدم الاستقرار سيعطل كثيرا من العبادات،كم تضرر الناس في إقامة الصلوات لأنه يحبسون في دورهمنكم يمتنعون من إقامة الحلقات والدروس بسبب اختلال أمنهم،كم تقطع الطرق التي تؤدي إلى بيوت الله،كم تقل الأرزاق التي يستعينون بها على إقامة عبادة ربهم،كم تؤثر المخاوف والهموم في الخشوع والطمأنينة مما يحتاج إلى مجاهدة كبيرة إلى غير ذلك مما يؤثر في نفوسهم.

أدركوا يا أهل السنة نعم الله عليكم وبصروا الناس بخطروة الفكر الخارجي الذي من ورائه الدمار والهلاك،وحذروا أيضا من الفكر القطبي والسروري والإخواني الذي يبارك الثورات ويمدحها،وتأملوا ما ختم به هذا الإمام كلامه بقوله:وذلك مما يفضي إلى ضياع الدين وهلاك الناس أجمعين،وتذكروا دائما هذا الكلام: وَمِنْه قيل: الدّين أس ،وَالسُّلْطَان حارس الدّين ،وَالسُّلْطَان توأمان.

ولنختم بما قاله محمود شكري الألوسي في تفسيره روح المعاني لقوله تعالى:( وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)البقرة 251

قال رحمه الله ،من الشاملة 1/564:( وفي هذا تنبيه على فضيلة الملك، وأنه لولاه ما استتب أمر العالم، ولهذا قيل: الدين والملك توأمان ففي ارتفاع أحدهما ارتفاع الآخر لأن الدين أس والملك حارس وما لا أس له فمهدوم وما لا حارس له فضائع).

[أبو إكرام وليد فتحون]

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم .

[نسيم منصري]

زادكم الله من فضله و نفع بكم