منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 07 Mar 2010, 09:56 PM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي مـا أحـوجـنـا لـلـشـورى للشيخ سمير المبحوح

بسم الله الرحمن الرحيم
مـا أحـوجـنـا لـلـشـورى


الحمد لله ربِّ العالمين, و الصلاة و السلام على نبينا محمد , و على آله و صحبه أجمعين.

اهتم الإسلام كثيراً بمبدأ الشورى ,و جعلها مِن صفات المؤمنين , لأنّ حياتهم تقوم على الشورى, بل أمْرُهم كلُّه شورى بينهم , و ذلك لينتفع الناس بها , و يمارسونها في حياتهم وواقعهم , و مِن خلالها يتم التوصل إلى إيجاد الحلول الشرعية المناسبة لأوضاعهم و مشكلاتهم.

قال تعالى:" و أمْرُهم شورى بينهم " و قال :" فاعفُ عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر "

قال ابن عطية – رحمه الله - :" و الشورى مِن قواعد الشريعة و عزائم الأحكام , مَنْ لا يستشير أهل العلم و الدين , فعزله واجب , هذا ما لا خلاف فيه "
( تفسير ابن عطية 3 / 397 )
و قال ابن خويز منداد :" واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون , و فيما أشكل عليهم مِن أمور الدين , ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب , ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح , ووجوه الكتّاب و الوزراء و العمال فيما يتعلق بمصالح العباد و عماراتها "
( تفسير القرطبي 4 / 261 )
و إذا كان النبي – صلى الله عليه و سلم – المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى , قد أمره الله – عز و جل – أن يستشير أصحابه , فكيف بغيره مِن الأمراء و العلماء و طلاب العلم , فهي في حقهم أوجب .

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال:"ما رأيت أحداً قط كان أكثر مشورة لأصحابه مِن رسول الله

– صلى الله عليه و سلم– "
( رواه أحمد و الشافعي )
فشاور – صلى الله عليه و سلم – صحابته يوم بدر في الذهاب إلى العير , و شاورهم أين يكون المنزل , و شاورهم في أحد في القعود في المدينة أو الخروج إلى العدو , و شاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة , و شاورهم يوم الحديبية , و شاورهم في حادثة الإفك , وغيرها مِن المواقف .

قال – صلى الله عليه و سلم – لأبي بكر و عمر :" لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما "
( رواه أحمد و إسناده حسن )
و لقد مارس الصحابة – رضي الله عنهم – مِن بعد رسول الله – صلى الله عليه و سلم – الشورى في حياتهم , فقد كان أبو بكر- رضي الله عنه- يكثر مِن مشاورة عمر – رضي الله عنه- و كان أحياناً يجمع الصحابة – رضي الله عنهم - يستشيرهم في أمر لا يجد فيه نصاً مِن الكتاب و السنة , و استشار عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – الناس في الخليفة الذي يخلف عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – و ما حصل في سقيفة بني ساعدة فيمن يخلف رسول الله – صلى الله عليه و سلم- .

و إذا كانت المرأة الكافرة بلقيس ملكة سبأ باليمن لم تنفرد برأيها عندما جاءها الكتاب مِن نبي الله سلــيمـان – عليه السلام - يطلب منها الدخول في دين الله , بل استشارت الملأ مِن قومها , قال تعالى :" و قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون "

و لهذا نحن أولى بالشورى مِن هذه المرأة الكافرة و ألزمُ بها , يا مَنْ تنفردون بآرائكم بدون استشارة العلماء و إخوانكم مِن طلاب العلم , و ذلك لأنها الطريق السليم التي يُتوصل بها إلى أحسن و أفضل الآراء و الحلول لتحقيق المصالح العامة للأفراد و الجماعات و الدول , و هي سبب مِن أسباب النصر و التمكين . ففي أثناء الفتح الإسلامي لأرض فارس , طلب قائد جيش الفرس أنْ يلتقي بالقائد العربي قبل المعركة ليتفاوض معه في حقن الدماء , و بعد أنْ عرض الفارسي مقالته , قال العربي :أمهلني حتى أستشير القوم , فدُهش الفارسي و قال : ألستَ أمير الجند ؟ قال : بلى , قال الفارسي : إننا لا نُؤمِّر علينا مَنْ يشاور , قال له العربي : و لهذا نحن نهزمكم دائماً , أما نحن فلا نؤمِّر علينا مَنْ لا يشاور "
( الحرية السياسية في الإسلام ص 188 )
فعلى الأمراء و العلماء و طلبة العلم أنْ يتّخذوا بطانة صالحة لهم مِن أهل الحل و العقد مِن الأمناء و أصحاب العقول الراجحة , و مَن له حظ و افر في العلم و الدين , و أهل الاختصاص في أمور الحياة , لأنّ المستشار مؤتَمن , كما جاء في الحديث :" المستشار مؤتَمن"
( رواه ابن ماجه و الحديث صحيح )
و قال – صلى الله عليه و سلم - :" إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق : إنْ نسي ذكّره , و إن ذكر أعانه , و إذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره , و إن ذكر لم يُعِنْه "
( رواه أبو داود و الحديث صحيح )
قال الإمام القرطبي – رحمه الله - :" قال العلماء : وصِفة المستشار إنْ كان في الأحكام أنْ يكون عالماً ديِّناً , و قلما يكون ذلك إلا في عاقل . قال الحسن : ما كمُل دين أمريءٍ ما لم يكمل عقله , فإذا استُشير مَنْ هذه صفته و اجتهد في الصلاح و بذل جهده فوقعت الإشارة خطأ , فلا غرامة عليه "
( تفسير القرطبي 4 / 262 )
و النبي – صلى الله عليه و سلم – حثَّ على اتخاذ البطانة الصالحة التي تقوِّم ما اعوجَّ مِن سلوك أو تقصير , و خاصةً مِن أصحاب المكانة الرفيعة مِن الأمراء و العلماء .

قال – صلى الله عليه و سلم - :" ما بعث الله مِن نبي و لا استخلف مِن خليفة إلا كانت له بطانتان , بطانة تأمره بالمعروف و تحضّه عليه , و بطانة تأمره بالشر و تحضّه عليه , فالمعصوم مَنْ عصم اللهُ تعالى "
( رواه البخاري )
قال أبو عبيدة :" البطانة : الدخلاء , و الدخيل : هو الذي يدخل على الرئيس في مكان خلوته , و يُفضي إليه بسره , و يصدقه فيما يخبر به مما يخفى عليه مِن أمر رعيته و يعمل بمقتضاه "
( فتح الباري 13 / 190 )
و نقل ابن التين عن أشهب أنّه ينبغي للحاكم أنْ يخذ مَن يستكشف له أحوال الناس في السرّ , و ليكن ثقة مأموناً فطناً عاقلاً , لأنّ المصيبة إنما تدخل على الحاكم المأمون مِن قََبُوله قول مَن لا يوثق به إذا كان هو حسن الظن به , فيجب عليه أنْ يتثبت في مثل ذلك "
( المصدر نفسه 13 / 190 )
فما أحوجنا إلى مثل هذه البطانة الصالحة , التي تتقِ الله في الرعية و تخشاه , لأنّه ليس كل واحد منهم يصلح لأنْ يكون مِن أهل الشورى "

قال الإمام الزهري – رحمه الله - :" نِعم وزير العلم الرأي الحسن "
( رواه الدارمي في المقدمة )
و قال – صلى الله عليه و سلم – ما مِن نبي بعثه الله في أمةٍ قبلي إلا كان له مِن أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته و يتقيدون بأمره ..... الحديث "
( رواه مسلم )
قال قتادة - رحمه الله - : الحواري هو الذي يصلح للخلافة , و عنه : هو الوزير , و عن ابن عيينة : هو الناصر.

كما حذرنا الله – عزّ و جلّ – مِن اتخاذ البطانة السيئة , قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً مِن دونكم لا يألونكم خبالاً " قال ابن كثير – رحمه الله - : يقول الله تبارك و تعالى : ناهياً عباده المؤمنين مِن اتخاذ المنافقين بطانة : أي يطلعونهم على سرائرهم و ما يضمرونه لأعدائهم , و المنافقون بجهدهم و طاقاتهم لا يألون المؤمنين خبالاًُ , أي يسعون في مخالفتهم و ما يضرُّهم بكل ممكن , و بما يستطيعون مِن المكر و الخديعة "
( تفسير القرآن العظيم 1 / 595 )
و قدِمَ أبو موسى الأشعري على عمر – رضي الله عنهما – بحساب فرفعه إلى عمر فأعجبه , و جاء عمر بكتاب , فقال لأبي موسى : أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس ؟ فقال : إنه لا يدخل المسجد , فقال : لِمَ ! أجُنُبٌ هوَ ؟ قال : إنه نصراني , فانتهره , و قال : لا تُدنِهم و قد أقصاهم الله , و لا تكرمْهم و قد أهانهم الله , و لا تأمنْهم و قد خوّنهم الله "
( تفسير القرطبي 4 / 188 )
و لأهمية الشورى , يا حبّذا لو سلكنا نحن معشر طلاب العلم مسلك النبي – صلى الله عليه و سلم – و صحابته الكرام , مبدأ الشورى مع علمائنا و مشايخنا و إخواننا مِن طلبة العلم الثقات , مِن قبل أن نتعجل في إصدار الأحكام و اتخاذ القرارات الفردية , حتى نتدارك الأخطاء و العيوب التي فينا مِن قبل الندم , حين لا ينفع الندم , و نكون سبباً في انحراف بعض الشباب عن منهج الأنبياء و الرسل في الدعوة إلى الله , و بهذا نكون قد تفادينا كثيراً مما نعاني منه مِن الأنانية و حب الذات و الشهرة .


و آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

كتبه

سمير المبحوح

25 / ربيع الأول / 1431 هـ


التعديل الأخير تم بواسطة رائد علي أبو الكاس ; 07 Mar 2010 الساعة 09:59 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أخلاق, الشورى, تزكية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013