منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 06 Jun 2018, 02:25 PM
أبو حامد الإدريسي أبو حامد الإدريسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 36
افتراضي السَّحاب الغادق في تخريج رواية جعفر الصَّادق

السَّحاب الغادق في تخريج رواية جعفر الصَّادق


بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله بِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّه الصَّادق الأمين، نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:

فهذا تخريجٌ لحديثٍ يرويه الإمام مالك بن أنسٍ ــ رحمه الله ــ عن جعفر بن محمَّد؛ وهو الإمام أبو عبد الله جعفر الصَّادق ولد أبي جعفر محمَّد الباقر بن زين العابدين عليُّ بن الحسين الهاشميِّ العلويِّ المدنيِّ؛ أحد الأعلام (ت:148هـ)(1)؛ من آل البيت الكريم ــ وسيِّد بني هاشم في زمانه، وعمود الشَّرف ــ رضوان الله عليهم أجمعين، قد ورد مذكوراً ــ ولله الحمد ــ في جزءٍ مخطوطٍ نفيسٍ بعنوان "من حديث مالك بن أنسٍ لأبي الحسن الأزديِّ"؛ وهذا الجزءٌ نافع لو تمَّ له النَّشر وإخراجه للنَّاس إن شاء الله، وإلى أن يحين ذلك؛ نقف قليلاً مع هذا الحديث رواية ودراية وتخريجاً، وقد أسميناه بـ "السَّحاب الغادق في تخريج رواية جعفر الصَّادق".
فنقول:
أخرج أبو الحسن الأزديُّ البصريُّ في "جزءه"(م/17)؛ قال: حدَّثنا أبو بكر محمَّد بن عمر بن محمَّدٍ الورَّاق ببغداد، ثنا الحسين بن محمَّد بن عفير الأنصاريُّ، ثنا أبو محمَّدٍ المداينيُّ، عن مالك بن أنسٍ، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جدِّه عليُّ بن الحسين؛ قال:
"ماتت فاطمة رضي الله عنها بين المغرب والعشاء، فحضرها أبو بكرٍ وعمر وعثمان والزُّبير وعبد الرَّحمن بن عوف، فلمَّا وضعت ليصلِّي قال عليُّ رضي الله عنه: تقدَّم يا أبا بكر؛ قال: وأنت شاهدٌ يا أبا بكر؟ قال: نعم! تقدَّم فوالله لا يصلَّى عليها غيرك، فصلَّى عليها أبو بكرٍ رضي الله عنهم أجمعين؛ ودفنت ليلاً".
قلت: إسناده ضعيف؛ فيه شيخ المصنِّف هذا وهو أبو بكرٍ الورَّاق؛ فلا ندري من يكون، إذ لم نجد له ذكراً في كتب الرِّجال أبداً، أو من قد ترجم له؛ فهو مجهول.
ولذلك قال الحافظ في "الإصابة"(8/267): "وقد روى بعض المتروكين عن مالكٍ، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه نحوه، ووهَّاه الدَّارقطنيُّ وابن عديُّ".
والقصد من قوله "بعض المتروكين"؛ أنَّه يحتمل أمران:
(الأوَّل): إمَّا أنَّه قد قصد هذه الطَّريق التي أوردناها؛ وهذا مستبعدٌ هنا تماماً.
إذ كيف يكون رواتها من المتروكين؟! وهذا صاحب "الجزء" أمامنا؛ قد وثَّقه الإمام الذَّهبيُّ في "السِّير"(17/638)؛ فقال ــ وهو ــ: القاضي الإمام المحدِّث الثِّقة أبو الحسن محمَّد بن عليِّ بن محمَّد بن صخرٍ الأزديُّ البصريُّ الضَّرير، صاحب المجالس المعروفة وغير ذلك (ت:443هـ).
كما أنَّه قد سمَّاه أيضاً في "المعين في طبقات المحدِّثين" (ص/128/1419) بـ "مسند مكَّة".
له ترجمة وجيزة في "الوافي بالوفيَّات" للصَّفديِّ؛ وقال: كان كبير القدر عالي الإسناد بمصر والحجاز.
وأمَّا الحسين بن محمَّد ذاك؛ فهو الحسين بن محمَّد بن محمَّد بن عفير بن محمَّد بن سهل بن أبي حثمة أبو عبد الله الأنصاريُّ (ت:315هـ)؛ وقد ناهز ستَّة وتسعون سنة. روى الخطيب البغداديُّ في "تاريخه"(8/662) عن حمزة بن يوسف؛ قال: "سألت الدَّارقطنيُّ عن الحسين بن محمَّد بن محمَّد بن عفير؛ فقال: ثقةٌ".
وأمَّا أبو محمَّد المداينيُّ هذا؛ فهو أحد رواة الإمام مالك وتلامذته؛ وهو هشام بن بَهْرامٍ المدائنيُّ الصَّيدلانيُّ، وثَّقه محمَّد بن وارَة الحافظ ــ كما حكاه الذَّهبيُّ في "تاريخ الإسلام"(5/717) والمزِّيُّ في "تهذيب الكمال"(30/178) وغيرهما ــ، وكذا الخطيب البغداديُّ في "تاريخه"(16/71)، وذكره ابن حبَّان في كتاب "الثِّقات"؛ وقال عنه: "مستقيم الحديث".
وقال الذَّهبيُّ في "الكاشف"(2/335) والحافظ في "التَّقريب"(2/265): ثقةٌ.
(الثَّاني): وإمَّا أنَّه قد قصد بكلامه طريقاً أخرى غير هذه المخرَّجه، وهذا ممَّا يبدو فعلاً للنَّاظر الحاذق والمدقِّق الماهر، من أنَّه ثمَّة طريقاً رواتها كلُّهم من المتروكين، وعلى هذا الأساس ضعَّفها كما هو واضحٌ من سياق كلامه، وكما حكاه أيضا ــ أي هذا التَّضعيف ــ عن الإمامين الدَّارقطنيِّ وابن عديِّ.
وهذا الإحتمال هو الموافق لمراد الحافظ بلا شكٍّ، وهو الصَّواب إن شاء الله.
كما أنَّه يقصد بقوله: "نحوه"؛ هو ما قد جاء أيضاً في "الإصابة" قبل هذا من رواية الواقديِّ عن طريق الشَّعبيِّ؛ قال: "صلَّى أبو بكرٍ على فاطمة"؛ وقال: وهذا فيه ضعفٌ وانقطاع.
وقد ذكر هذه الرِّواية المخرَّجة هنا كلٌّ من محبِّ الدِّين الطَّبريِّ في "الرِّياض النَّضرة"(1/176) والعصاميِّ في "سمط النُّجوم"(1/536)، وعزواه فيهما إلى البصريِّ(2) وابن السمَّان في "الموافقة"(3).
فإذا عرفنا هذا جيِّداً رواية وتخريجاً، وجب حينها بالمثل أن نعرف بعض ما يستفاد من هذه الرِّواية، من جليل الفوائد ونفيس العوائد؛ ومنها:
(الفائدة الأولى): في معرفة أنَّ الإمام مالك هو من تلاميذ الإمام جعفر الصَّادق، وهو أيضاً من آل البيت كما ذكرنا ذلك سابقاً؛ فقد روى عنه كثيراً، في كتاب "الموطَّأ" وفي غيره.
أمَّا ما أخرجه في "موطَّئه" فنجملها كما جاءت فيه في أربعة عشر موضعاً:
(1) مالك، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه: "أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خطب خطبتين يوم الجمعة، وجلس بينهما". [كتاب الجمعة، باب: القراءة في صلاة الجمعة، والاحتباء، ومن تركها من غير عذر. من رواية يحيى بن يحيى اللَّيثي، ومثله رواية أبو مصعب الزُّهريِّ، والحدثانيُّ في كتاب الصَّلاة].
(2) مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: "أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غُسِّل في قميصٍ". [كتاب الجنائز، باب: غسل الميِّت. من رواية اللَّيثي]. وهذا من أفراده.
(3) مالك، عن جعفر بن محمَّد بن عليٍّ، عن أبيه؛ أنَّ عمر بن الخطَّاب ذكر المجوس؛ فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم. فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يقول: "سُنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب". [كتاب الزَّكاة، باب: جزية أهل الكتاب والمجوس، من رواية اللَّيثي، وأبو مصعب الزُّهريِّ في كتاب الصَّدقة، وكذا الشَّافعي]. وهذا من أفراده أيضاً؛ وهو منقطع.
(4) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه؛ أنَّ المقداد بن الأسود دخل على عليِّ بن أبي طالبٍ بالسُّقيا. وهو ينجع بكراتٍ له دقيقاً وخبطاً. فقال: هذا عثمان بن عفَّان ينهى عن أن يقرن بين الحجِّ والعمرة. فخرج عليٌّ وعلى يديه أثر الدَّقيق والخبط. فما أنسى أثر الدَّقيق والخبط على ذراعيه، حتَّى دخل على عثمان بن عفَّان. فقال: أنت تنهى عن أن يُقرن بين الحجِّ والعمرة؟ فقال عثمان: ذلك رأيي. فخرج عليٌّ مُغضباً؛ وهو يقول: "لبَّيك اللَّهم لبَّيك بحجَّةٍ وعمرةٍ معا". [كتاب الحجِّ، باب: القران في الحجِّ، من رواية اللَّيثي، وأبو مصعب الزُّهريِّ واكذا الحدثانيِّ في كتاب: المناسك]. وهذا أيضا من أفراده.
(5) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه: "أنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ كان يلبِّي في الحجِّ. حتَّى إذا زاغت الشَّمس من يوم عرفة قطع التَّلبية". [كتاب الحجِّ، باب: قطع التَّلبية، من رواية اللَّيثي، وعند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثانيِّ في المناسك]. وهذا من أفراده أيضا.
(6) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله؛ أنَّه قال: "رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رمل، من الحجر الأسود حتَّى انتهى إليه، ثلاثة أطواف". [كتاب الحجِّ، باب: الرَّمل في الطَّواف، من رواية اللَّيثي، وعند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثانيِّ في المناسك].
(7) مالك، عن جعفر بن محمَّد بن عليٍّ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله؛ أنَّه قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يقول حين خرج من المسجد، وهو يريد الصَّفا؛ وهو يقول: "نبدأ بما بدأ الله به". فبدأ بالصَّفا. [كتاب الحجِّ، باب: البدء بالصَّفا في الحجِّ، من رواية اللَّيثي، وعند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثاني في المناسك].
(8) مالك، عن جعفر بن محمَّد بن عليٍّ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله؛ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا وقف على الصَّفا يكبِّر ثلاثاً؛ ويقول: "لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير". يصنع ذلك ثلاث مرَّات، ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك. [كتاب الحجِّ، باب: البدء بالصَّفا في الحجِّ، من رواية اللَّيثي، وعند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثاني في المناسك].
(9) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله؛ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا نزل من الصَّفا مشى حتَّى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي، سعى حتَّى يخرج منه. [كتاب الحجِّ، باب: جامع السَّعي، من رواية اللَّيثي، وعند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثاني في المناسك].
(10) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، أنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ؛ كان يقول: (فما استيسر من الهدي)؛ شاة. [كتاب الحجِّ، باب: ما استيسر من الهدي، من رواية اللَّيثي، ومثله الشَّيباني، وعند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثاني في المناسك]. وهذا من أفراده أيضا.
(11) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالبٍ: "أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نحر بعض هديه، ونحر غيره بعضه". [كتاب الحجِّ، باب: العمل في النَّحر، من رواية اللَّيثي].
(12) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه؛ أنَّه قال: "وزنت فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شعر حسنٍ وحسينٍ وزينب وأمِّ كلثومٍ، فتصدَّقت بزنة ذلك فضَّة". [كتاب العقيقة، باب: ما جاء في العقيقة، من رواية اللَّيثي، وعند الشَّيباني وأبي مصعب الزُّهريِّ في الضَّحايا والحدثاني في الصَّيد والذَّبائح]. وهذا من أفراده أيضا.
(13) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالبٍ؛ أنَّه كان يقول: "إذا آلى الرَّجل من امرأته لم يقع عليه طلاق، وإن مضت الأربعة الأشهر حتَّى يوقف، فإمَّا أن يطلِّق وإمَّا أن يفيء". [كتاب الطَّلاق، باب: الإيلاء، من رواية اللَّيثي، وكذا عند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثاني]. وهذا من أفراده أيضا.
(14) مالك، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه: "أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قضى باليمين مع الشَّاهد". [كتاب الأقضية، باب: القضاء باليمين مع الشَّاهد، من رواية اللَّيثي، وكذا عند أبي مصعب الزُّهريِّ والحدثاني في القضاء، والشَّيبانيُّ في العتاق].
وأمَّا ما رواه في غير "الموطَّأ" كمثل ما جاء مثلاً في دواوين السنَّة أو في الأجزاء الحديثيَّة أو في غيرها؛ فكثيرٌ جداً، ونقصر منها فقط على ما رواه ابن حجر الهيتمي في "الصَّواعق المحرقة"(1/177)؛ فقال: وصحَّ عن مالكٍ، عن جعفر الصَّادق، عن أبيه الباقر، أنَّ علياً رضي الله عنه وقف على عمر بن الخطَّاب وهو مسجًّى؛ وقال: "ما أقلَّت الغبراء ولا أظلَّت الخضراء أحداً أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجًّى"(4).
وفي روايةٍ صحيحةٍ أنَّه قال له وهو مسجًّى: "صلَّى الله عليك، ودعا له".
ونحوه في "سمط النُّجوم" للعصاميِّ؛ وقال: فما أحوج علياً أن يقول ذلك تقيَّة، وما أحوج الباقر أن يرويه لابنه الصَّادق تقيَّة، وما أحوج الصَّادق أن يرويه لمالكٍ تقيَّة، فكيف يَسَعُ العاقلَ أن يترك مثل هذا الإسناد الصَّحيح، ويحمله على التقيَّة المنقوضِ أساسُها، المنكوث أمراسُها؟!
(الفائدة الثَّانية): وهي فيما رواه الذَّهبيُّ في كتابيه "السِّير"(6/256) و"التَّاريخ" (3/828) عن مصعب بن عبد الله؛ قال: سمعت الدَّراورديُّ؛ يقول: "لم يرو مالك عن جعفر حتَّى ظهر أمر بني العبَّاس".
كذا هو في "الكامل"(2/357) لابن عدي وفي "التَّاريخ الكبير"(2/332) لابن أبي خيثمة وفي "تهذيب الكمال"(5/76) للمزِّيِّ.
ورووا جميعاً عنه أيضاً؛ قال: "كان مالك لا يروي عن جعفر بن محمَّد حتَّى يضمَّه إلى آخر من أولئك الرُّفعاء، ثمَّ يجعله بعده".
(الفائدة الثَّالثة): في كون أنَّ ذاك المدائيَّ الرَّاوي عن الإمام مالك بن أنس هو أحدٌ من رواته وتلامذته، وقد عرفنا حاله آنفاً وأنَّه ثقةٌ.
(الفائدة الرَّابعة): وهي في معرفة الإختلاف الواقع على من صلَّى على فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي الله عنها، فمن أجل ذلك ــ وحتَّى يقف القارئ على حقيقة الأمر ــ ننقل هنا ما قد حكاه سبط ابن الجوزيِّ في كتابه "مرآة الزَّمان"(5/59)؛ قال: واختلفوا فيمن صلَّى عليها على أقوالٍ:
[أحدها]: عليٌّ والعبَّاس، ونزلا في حُفرتها ومعهما الفضل بن العبَّاس، وكان عليٌّ الإمام.
[والثَّاني]: أنَّ العبَّاس كان الإِمام؛ ذكر هذين القولين ابن إسحاق(5).
[والثَّالث]: عليٌّ وحده، ودَفَناها ليلًا؛ رواه ابن سعدٍ عن الواقديِّ؛ قال: سُئل ابن عبَّاس: متى دُفنت فاطمةُ؟ فقال: ليلًا. قيل: فمن صَلَّى عليها؟ قال: عليٌّ(6).
[والرَّابع]: أبو بكر، حكاه ابنُ سعد عن شَبَابة بن سَوَّارٍ بإسناده عن إبراهيم؛ قال: "صلّى أبو بكرٍ على فاطمة وكبَّر عليها أربعًا"(7).
وقال: قال الواقديُّ: والثَّبت عندنا أنَّ عليًا ــ عليه السَّلام(8) ــ دفنها ليلًا، وصلَّى عليها ومعه العبَّاس والفضل، ولم يُعلما بها أحدًا، ولا بايعا أبا بكرٍ إلاَّ بعد فاطمة. وشبابة بن سوَّار ضعَّفه الحُفَّاظ(9).
قلت: هذا ما تمَّ جمعه في هذه الرِّواية من الفوائد والتَّخريج، والله الموفَّق وهو الهادي إلى السَّبيل. وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً.

كتبه بقلمه راجي عفو ربِّه: أبو حامد الإدريسي
يوم الأربعاء 22 رمضان 1439هـ الموافق لـ 6 جوان 2018م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) أنظر ترجمته في: "سير أعلام النُّبلاء"(6/255) للذَّهبيِّ و"وفيات الأعيان"(1/327) لابن خلِّكان؛ وغيرهما. وروى الذَّهبيُّ إسحاق بن راهويه؛ قال: قلت للشَّافعيِّ: في مناظرة جرت كيف جعفر بن محمَّد عندك؟ قال: ثقةٌ. وروى عبَّاس عن يحيى ابن معين: جعفر بن محمَّدٍ ثقةٌ مأمون. وروى أحمد بن زهير والدَّارميُّ وأحمد ابن أبي مريم عن يحيى: ثقةٌ.
وأمَّا قول القطَّان فيه: "وفي نفسي منه شيء، مجالد أحب إلي منه"؛ فقد ردَّه الذّضهبيُّ بقوله: " قلت: هذه من زلقات يحيى القطَّان، بل أجمع أئمَّة هذا الشَّأن على أنَّ جعفراً أوثق من مجالد، ولم يلتفتوا إلى قول يحيى".
(2) في "جزء من فضائل أبي بكر وعمر" لأبي الحسن البصريِّ.
(3) يسمَّى "الموافقة بين أهل البيت والصَّحابة" للحافظ أبي سعيد السمَّان. لكنَّني لم أجده فيه، وهذا يعني ــ والله أعلم ــ أنَّ النُّسخة المطبوعة ناقصة.
(4) وهذا الأثر يروى أيضا عن:
ـــ من طريق أبي حنيفة، عن أبي جعفر محمَّد بن عليٍّ، عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه؛ أنَّه قال لعمر رضي الله عنه وهو مسجًّى: "ما أحدٌ أحبَّ إليَّ أن ألقى الله تعالى بمثل صحيفته من هذا المسجَّى". أخرجه أبي يوسف في "الآثار"(ص/215).
ـــ ومن طريق عون بن أبي جحيفة رضي الله عنه؛ قال: كنت عند عمر رضي الله عنه وهو مسجًّى بثوبه، قد قضى نحبه، فجاء عليٌّ رضي الله عنه فكشف الثَّوب عن وجهه؛ ثمَّ قال: "رحمة الله عليك أبا حفص؛ فوالله ما بقي بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحدٌ أحبَّ إليَّ أن ألقى الله تعالى بصحيفته منك". أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"(867)؛ وقال الشَّيخ شعيب الأرناؤوط: حسنٌ لغيره.
ـــ ومن طريق سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنَّ علياً دخل على عمر وهو مسجًّى؛ فقال: "صلَّى الله عليك"، ثمَّ قال: "ما من النَّاس أحدٌ أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بما في صحيفته من هذا المسجَّى". أخرجه الحاكم في "المستدرك"(3/100/4523) وابن شبَّة في "تاريخ المدينة"(3/937).
ـــ ومن طريق حاتم بن إسماعيل، عن جعفرٍ، عن أبيه؛ قال: جاء عليٌّ إلى عمر وهو مسجًّى؛ فقال: "ما على وجه الأرض أحدٌ أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجَّى". أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/359).
ـــ ومن طريق فضيل بن مرزوق، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه؛ قال: نظر عليٌّ إلى عمر وهو مسجًّى؛ فقال: "ما أحدٌ أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل صحيفته من هذا المسجَّى".
(5) أخرج ابن سعد من طريق عبيد اللَّه بن أبي بكر، عن عمرة؛ قالت: "صلَّى العبَّاس على فاطمة، ونزل هو وعليٌّ والفضل بن عبَّاس في حفرتها". كذا حكى الحافظ في "الإصابة"(8/267)، وكذا قال ابن الأثير في "أسد الغابة"(7/216)، والمزِّيِّ في "تهذيب الكمال"(35/252) وأبو نعيم في "معرفة الصَّحابة"(6/3185).
(6) أخرجه ابن سعد في "طبقاته"(8/25) عن عمر بن محمَّد بن عمر بن عليٍّ، عن أبيه، عن عليِّ بن حسينٍ؛ قال: "سألت ابن عبَّاس متى دفنتم فاطمة؟ فقال: دفنَّاها بليلٍ بعد هدأة قال: قلت: فمن صلى عليها؟ قال: عليٌّ".
وكذا قال ابن عبد البر في "الإستيعاب"(4/1898) وابن الأثير في "أسد الغابة"(7/216) والمزِّيِّ في "تهذيب الكمال"(35/252) وابن كثير في "البداية والنِّهاية"(5/307) وأبو نعيم في "معرفة الصَّحابة"(6/3192)؛ وروى عن اللَّيث بن سعد، عن عقيلٍ، عن ابن شهاب الزُّهريِّ؛ قال: "دفنت فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليلاً، وصلَّى عليها عليٌّ رضي الله عنهما".
وروى ابن الجوزيُّ في "المنتظم"(4/96) عن ابن عبَّاس وعروة ذلك.
(7) قال الحافظ: وروى الواقديّ، عن طريق الشّعبي، قال: صلّى أبو بكر على فاطمة، وهذا فيه ضعف وانقطاع. وحكاه المزِّيُّ في "تهذيب الكمال"(35/252). ورواه ابن الجوزيُّ في "المنتظم"(4/96) عن الشَّعبيِّ وإبراهيم ذلك.
(8) كان الأولى له أن يقول ــ مثل سائر السَّلف ــ: "رضي الله عنه". مخالفة بذلك للرَّوافض التي ملأت بها كتبهم، وحتَّى مجالسهم ومحافلهم وكلامهم لا تخلو من ذكر هذه اللَّفظة؛ والله المستعان.
(9) لم أجد هذه في "الطَّبقات الكبرى" لابن سعد، فلا أدري من أين أخذها السِّبط ابن الجوزيِّ، والأولى أن تكون مذكورة فيه باعتبار أنَّ الواقديَّ ذاك هو شيخ ابن سعدٍ هذا، كما أنَّ هذا الأخير ينقل ويروي عنه فيه كثيراً؛ فممَّا نستغرب من عدم وجودها فيه؛ والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 Jun 2018, 05:04 PM
أبو حامد الإدريسي أبو حامد الإدريسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 36
افتراضي

بسم الله والحمد لله والصَّلاة على رسول الله؛ وبعد:
فقد أفادنا أحد الإخوة الأفاضل بتدخُّله الجيِّد عبر الخاص، وعقَّب علينا مستدركاً على قولنا في (أبو بكر محمَّد بن عمر بن محمَّدٍ الورَّاق) أنَّه: "مجهول"، بقوله ــ جزاه الله خيراً، ومن خطِّه أنقل ــ: "وإنَّني أرى الأمر بخلاف ذلك، فالرَّجل معروفٌ عند المحدِّثين وله تراجم في كتبهم؛ فأبو بكر هذا هو: محمَّد بن عمر بن عليِّ بن خلف بن زنبور البغداديُّ الورَّاق؛ هكذا سمَّاه الخطيب".
قلت: هذا منه يدلُّ على حسن القراءة وعلى حسن المتابعة منه لنا ــ فجزاه الله خيراً ونفع به ــ ومع ذلك، وحتَّى تعمَّ الفائدة أردت أن أنشره هنا، مع ردِّي على تعقيبه بما يفيد في هذا الفنِّ الجليل؛ فأقول:
(أوَّلاً): قولي فيه أنَّه مجهول؛ أي جهالة حاله وليس جهالة عينه، كيف وقد روى عنه ذاك أبو الحسن الأزديُّ صاحب الجزء المشار إليه؛ فتنبَّه.
(ثانياً): ابتداء أنَّني كنت أظنُّ أبو بكرٍ الورَّاق ذاك أنَّه هو ــ وأعني به طبعاً ما ذكره الأخ الفاضل (محمَّد بن عمر بن عليِّ بن خلف بن زنبور البغداديُّ الورَّاق) ــ إلاَّ أنَّني تراجعت عن ذلك لاعتبارين هامَّين:
أحدهما: في ترجمته ــ أو من ترجم له ــ لا توجد البتَّة روايته عن الحسين بن محمَّد بن عفير الأنصاريُّ، ولا أنَّ الأزدي ذاك روى عن هذا الورَّاق.
والآخر: أنَّ في ترجمة الأنصاريِّ هذا المذكور لا توجد فيها أنَّ الورَّاق ممَّن روى عنه.
حينذاك؛ فإنَّه من الخطورة بمكان أن ندَّعي قائلين بأنَّ: (محمَّد بن عمر بن عليِّ بن خلف بن زنبور البغداديُّ الورَّاق) هو المشار إليه في السَّند، وخصوصاً مع عدم تصريحه في ترجمته ولا في ترجمة الأنصاري.
وحتَّى وإن قلنا باحتمال أن يكون هو ــ وهذا بعيد كما رأينا ــ فإنَّه ضعيف جداً كما قاله الخطيب. وضعَّفه أيضاً الذَّهبيُّ بقوله: "سمعنا من طريقه كتاب "البعث" لابن أبي داود، والثاني من رواية زغبة عن الليث، والثالث من "مسند" ابن مسعود لابن صاعد، وهذه الأجزاء من أعلى ما عندي مع ضعفه".
والله الموفَّق وهو الهادي إلى السَّبيل.
كتبه بقلمه أبو حامد الإدريسي
يوم 28 رمضان 1439هـ الموافق لـ 12 جوان 2018م
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, حديث, رواة, روايةجعفرالصادق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013