1- لا معبود إلا الله:
و هو قول أهل وحدة الوجود، و يلزم من هذا القول أن يكون كل معبود عبد بحق أو بباطل فهو الله، فيكون ما عبده المشركون من: الشمس، و القمر، و النجوم، و الأشجار، و الأحجار، و الملائكة، و الأنبياء، و الأولياء... و غير ذلك هي الله.
و هذا -و العياذ بالله- أعظم الكفر، و أقبحه على الإطلاق، و فيه إبطال رسالات جميع الرسل، و الكفر بجميع الكتب، أو جحود لجميع الشرائع، و تزكية لكل ذلك، و تزكية لكل كافر من أن يكون كافرا؛ إذ كل ما عبده من المخلوقات هو الله فلم يكن عندهم مشركا؛ بل موحدا، تعالى الله عما يقول الظالمون و الجاحدون علوا كبيرا. [1]
فلا بد من زيادة قيد "بحق" حتى يخرج ما عبد سوى الله بباطل.
2- لا خالق، أو لا قادر على الاختراع إلا الله:
و قال بهذا عامة المتكلمين، وهم جمهور الأشاعرة و الماتريدية، بناء على تقسيمهم المبتدع للتوحيد حيث قسموه إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيد الذات، بمعنى أن الله لا قسيم له؛ أي لا يتبعض و لا يتجزأ، و هذا من التعبيرات المحدثة التي قد يكون معناها صحيحا؛ و لكنهم بذلك نفوا كثيرا من الصفات، كالوجه، و اليدين، و علو الله على خلقه، و استوائه على عرشه ظانّين أنها لو ثبتت لله هذه الصفاتّ؛ لكان الله مركبا مبعّضا، فقولهم كلمة حق أُريد بها باطل.
الثاني: توحيد الصفات، بمعنى: لا شبيه له.
الثالث: توحيد الأفعال و الصنع؛ بمعنى: لا شريك له، فخالق العالم واحد، و بما أنهم لم يعتبروا توحيد العبادة قسما من أقسام التوحيد، و اهتموا في مقابل ذلك بتوحيد الربوبية الذي سموه توحيد الأفعال و الصنع؛ فسّروا الإله: بالقادر على الاختراع أو الخالق. [2]
مع أن هذا التفسير غير معروف عند أهل اللغة، و قد قال به المشركون؛ و لذلك احتج الله عليهم بمعرفته بقوله: {فلا تجعلوا لله أندادا و أنتم تعلمون} (البقرة: 22). أي: تعلمون أنه لا رب لكم غيره، فلو كان ما زعمه هؤلاء الجهّال، لم يكن بين يدي الرسول و بينهم نزاع؛ بل كانوا يبادرون إلى إجابته، و يلبون دعوته، قال تعالى: {و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولنّ خلقهن العزيز العليم} (الزخرف: 9). {و لئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ الله} (الزخرف: 87). [3]
3- لا حاكم إلا الله:
و قال بهذا الحزبيون و الحركيّون من أهل زماننا [4] بناء على جعلهم قسما رابعا للتوحيد سموه: توحيد الحاكميّة.
مع أن الحاكميّة داخلة في توحيد الألوهية من جهة فعل العباد، أو داخلة فيهما معا.
و لهذا لو اقتصر الناس على الحاكمية دون بقية أنواع العبادة لم يكونوا مسلمين، و من هنا لا يهتم أصحاب هذه الفكرة بتوحيد الألوهية، و لا ينهون عن الشرك؛ بل الشرك عندهم هو الشرك في الحاكمية فقط، و هو ما يسمونه بالشرك السياسي، أو شرك القصور.
أما الشرك الذي هو ضد التوحيد: فهو عندهم طاعة الحكام الظلمة؛ بل إن بعضهم وصف ما جاء به الرسول -صلى الله عليه و سلم- و الأنبياء قبله من النهي عن الشرك بـ: الشرك الساذج [5]، أي أن شرك الألوهية عندهم هو شرك العوام الساذج !! مع أن عبادة الأصنام و غيرها من شرك الألوهية هي سبب ضلال العالم.
و قد قال الله تعالى على لسان إبراهيم -عليه السلام- {ربِّ إنهن أضللن كثيرا من الناس} (إبراهيم: 36).
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
[1]: أنظر "معارج القبول" (2/516) للعلامة حافظ الحكمي.
[2]: كما فسره بذلك عبد القاهر البغدادي في "أصول الدين" (ص123)، و الرازي في "شرح الأسماء الحسنى" (ص124) و الشهرستاني في "الملل و النحل" (1/100)، و سيد قطب في "الظلال" (5/270)، و جماعة التبليغ كما في بياناتهم المشهورة.
[3]: أنظر "تيسير العزيز الحميد" (ص 76).
[4]: فسرها بذلك سيد قطب في كتابه "العدالة الاجتماعية" (182).
[5]: أنظر "كشف الشبهات" لفضيلة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- (ص 46).
"حسن الإفادة في توحيد الربوبية و العبادة" / للشيخ محمد بن موسى آل نصر.
* أنصح الإخوة باقتناء هذه الرسالة؛ فهي شاملة و جدّ مفيدة، سواء للتعلّم أو التذكير.