منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 Mar 2018, 04:59 PM
عبد الصمد بن أحمد السلمي عبد الصمد بن أحمد السلمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
الدولة: في بلد ممتدة أرجاؤه...وطيب هواءه وماؤه
المشاركات: 351
افتراضي خلاصة في حقيقة التصوف

خلاصة في حقيقة التصوّف

قال بعض السلف: ( من عبد الله بالحبّ وحده فهو زنديق )

وفي "شرح الواسطية" للإمام ابن عثيمين ما خلاصته : ( عبادة المحبة داخلة تحت الرغبة، وعكسها الخشية داخلة تحت الرهبة )




بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فهذه خلاصة في حقيقة التصوف :

قالوا - أي : المتصوفة -: التصوف خلق...وصدقوا - مع ضلالهم - فالتصوف خلقٌ؛ لأنّ التصوف معناه : العشق الإلهي.
قال الشاعر :
وما حبّي لفاحشة ولكن... رأيت الحبّ أخلاق الكرام

والحبّ في كلام الشعراء المقصود به : العشق.

وقالوا - وصدقوا أيضا -: وهو كذلك تخلّقٌ، تخلّقٌ بصفات المعشوق، وهذا هو الأخطر فيه...وإن كان كلّه خطيرا...

فالصوفي في ظاهره المشاهد خليق الثياب واللباس كمجنون ليلى، ظاهره الخبل والعته والتباله، لا ينتصر لنفسه أبدا؛ بل يحبّ من يشتمه ويضربه.. تلك هي أفضل الصور للصوفي ظاهرا...وقالوا لذلك : التصوف من الصّوف؛ لبعده عن الترف...وغيرها، بسبب عشقه للإله، وهذا من آثار هذا الخلق.

وفي باطنه - عقيدته - يريد أن يكون إلهي الفعال والتصرفات .... وهذا هو التخلّق بصفات الإله؛ وهو : السوفيا؛ بمعنى : عشاق الحكمة، والحكمة هي : الطبع الإلهي، لذلك يرفض الفلاسفة أن تكون أخلاقهم مثل أخلاق غيرهم من البشر.

فالتخلق بصفات الإله هي الغاية الحقيقية لخُلُق التصوف..

لذلك من قسم الفناء إلى ثلاثة أقسام :
- فناء إرادة.
- فناء شهود.
- فناء وجود.
ومن جعل المتصوفة الأوائل - دون المتأخرين - يلهجون بالأول؛ فإذا غلبهم السكر نطقوا بالثاني أصاب؛ - وإن لم يدرك المغزى جيدا -...

فمعنى الأول: فناء الإرادة؛ أي : لا أريد سوى الله في عشقي؛ لا جنّة ولا نار ، وما يقوم به السالك من مجاهدات في طريق الفناء الأول هو من باب ( عبدته لا طمعا في جنته ولا خوفا من ناره؛ بل حبا فيه ).

وهاته الدرجة هي التي يحصل بها اعتقاد الجبر المختصّ بمحبوبات المحبوب؛ كما قال أحدهم :

قَد صرتُ مُنْفَعِلاً لما يختارُه....منّي ففعلي كلّه طـــــــــــــــــــاعاتٌ


فأثبت اختيارا لمحبوبه، وأثبت لنفسه فعلا سمّاهُ : طاعاتٌ..

ولأنّ العاشق لا بدّ أن يخالف - بطبيعته البشرية - شيئا ما من محبوبات معشوقه لجأ إلى اعتقاد الجبر بتسمية أفعاله كلّها ( طاعات ) حتى لا يعتقد إعراض معشوقه وصدّه عنه....باطلٌ يجرُّ باطلاً.

مع أنّ بعضهم قد يتنبه إلى مخالفته لمحبوبات معشوقه، فيعود باللوم عليه؛ كما قال الحلاج واصفا حال العبد مع ربّهِ :
ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له...إياك إياك أن تبتل بالماء

وقال الآخر : ( ليس أضرّ على الخلق من الخالق )..

أليست هذه أحوال المجانين؟ وإن لم يكن جنونهم من العشق؛ فمن أين جاء؟
والحال كما قال أحدهم:
مجانين إلا أنّ سرّ جنونهم...عجيبٌ على أبوابه يسجد العقلُ

هو فقط : العشق الإلهي...بلا عجب..ولذلك قالوا : التصوف بني على الغلوّ، أي: الغلو في العشق حتى العته والجنون، وأفضل الناس عند المتصوّفة أشدُّهم هبلاً..

وما لم تفهم أن التصوف: هو ( العشق الإلهي ) فلن تفهم التصوف أبداً، بل ستبقى تحيط به من بعيد...ويبعدونك هم بتناقضاتهم وتقريراتهم...

وهو الذي يسمّيه ابن عربي ( دين الحب ) كما قال :
أدين بدين الحبّ أنّى توجّهت...ركائبُهُ فالحبّ ديني وإيماني

لكن هذا الفناء يعيبه أنه من آثار هذا الخُلُق، لا تَخَلُّقٌ بصفات المعشوق الذي هو الغاية الأسمى من الخُلُق؛ فالفراغ الرهيب موجود، والذي يسمّونه: ( الوجد )، كأنّ أحدهم يجد في نفسه فراغاً يطلب ملأهُ، فكان البحث عن الثاني: فناء الشهود..لأنّ من أعظم أمنيات العاشق في معشوقه أن يتخيل نفسَه حاملا لصفاته كأنه هو، ويتخيّل معشوقه حاملا لصفاته هو كأنّه هو؛ كما قال الشاعر :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا....نحن روحان حللنا بدنا

فالشاعر يقصد : كأنّنا كذلك، ليس الحقيقة الواقعية..
لكن المتصوفة جعلوها غاية يقطعون مفاوز الدرجات والمدارج - كما يسمونها -..يريدونها حقيقية..

وهذا ما لهج به الأوائل منهم - غالبا - ظنّا منهم أنّه كافٍ في مَلْءِ ذلك الفراغ في الرُّوح الذي يُحْدِثُهُ ذلك الخُلُقُ...

لكن الذي يعيب فناء الشهود أيضا هو الحينية الزائلة، كما أنه تخلّق في الصفات فقط مع اثنينية الذات، فهو إذن قاصرٌ عن تحقيق التخلّق التام الذي لا يفارق الذات ويملأ الفراغ دائما...لأنّه هو الذات.

لذلك لمّا جاء ابن عربي وأضرابه رأوها طريقة لا تلبي رغبات العاشق في التخلق بصفات الإله، وإنما هي لحظة سكر سرعان ما تنقضي وتعود الصفات البشرية للسالك ويعود ذلك الفراغ الرهيب قرّروا قطعها بالوحدة الملازمة للذات؛ بل كفّر من يقول بالحلول والاتحاد؛ لأنه متمسك بسراب زائل؛ لذلك قال :
الاتحاد محال لا يقول به.... إلا جهول به عن عقله شردا

وصدق الكذوب؛ فالاتحاد لحظة سكر زائلة بخلاف الوحدة الثابتة الدائمة في السكر والصحو.

يظهر هذا بــــــــــأنّ:
- الحلول والاتحاد يقومان على اثنينية الذات.
- الوحدة تقوم أحادية الذات.

لكن من الذي حقًّا يعشق الإله، أو أكثر من الآخر : الفاني فناء شهود، أم الفاني فناء وجود...؟

الجواب : الفاني فناء شهود هو العاشق؛ لأنه يتعب نفسه بفناء الإرادة حتى يفنى فناء الشهود، أما الفاني فناء وجود فهو واصل إلى الغاية...هو هو..فمن يعشق؟ وإن عشق فهو عاشقٌ نفسَهُ..فهو إذن لا يحتاج هذا الخلق...لذلك ظهر عند المتأخرين من الصوفية - بخلاف المتقدمين - من الترف ورغد العيش ما ظهر...فلمّا تخلّوْا عن هذا الخلق أو أكثره باطنا ذهبت آثاره أو أكثرها ظاهرا...

وما الذي جعل الأوائل يشيرون للفناء الثاني - غالبا - بدل الثالث الذي لهج به المتأخرون؟

الجواب : هو أن بعض المتقدمين منهم خالطهم شيء من الرهبة لما قام في نفوسهم من عظمة معشوقهم، وكذلك صلاح غالب المجتمع؛ لأنّه شيء جديد لم يعرفه السابقون، حجز آخرين عن ذلك شيئا ما على تفاوت بينهم من ادّعاء تلك الدعاوى الشيطانية..فاشتهروا بالأول وصرّحوا به ونادرا ما صرّحوا بالثاني وإن تجاسر بعضهم وصرّح به...فقيل عنه : زنديق..

والخلاصة :
- فناء الإرادة: من آثار العشق الإلهي = التصوف.
- فناء الشهود: من دعاوى التخلق الإلهي القاصرة الزائلة.
- فناء الوجود: هو دعوى التخلق الإلهي التام الملازم.

التصوف دسيسة فلسفية وثنية لا علاقة لها بالإسلام، والحبّ الذي جاء به الإسلام مخالف تماما للعشق الصوفي، الحبّ لله يكون بفعل الأوامر وترك النواهي، وما لم يصدّق فعلك اعتقادك في شيء نقص من حبك لربك مثله، فالحبّ لله والإيمان به مرتبطان زيادة ونقصا، وأعظم مظهر للإيمان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )، فلذة الإيمان وانشراح الصدر به هي نفسها لذة الحب الحقيقي لله لا فرق بينهما..وهي نفسها لذة الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم؛ فكلّما زاد الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم زاد الإيمان وزاد الحبّ لله تعالى.

وتقسيم الفناء إلى ثلاثة أقسام بدعة وضلالة، بل لفظ الفناء بدعة وضلالة؛ قال تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لكنني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء) وقال لبعض الصحابة : ( ولكن ساعة وساعة ) وقال للآخر :( وإن لنفسك عليك حقا ).

والشريعة جاءت بتحقيق التوحيد في العبادة، ولم تأت بالفناء في العبادة؛ فضلا أن تكون العبادة من أجل عشق الإله، لا لدخول جنة ولا لنجاة من نار.

ولفظ العشق لفظ منكر لا يصدر إلا من الفساق، فكيف يضاف لربّ العالمين؟
وبعض العلماء يقولون : لفظ العشق أخصّ من لفظ الحبّ بكونه متضمنا للشهوة..لكن يَرِدُ عليه أنّ العشق منه عفيف ومنه ماجن..

بل الفارق بينهما أن الحبّ - لا يُحْدثُ فراغا ولا وَلَهًا - بخلاف العشق، وإنّما هو ميل طبيعي يحدث انشراحا وراحة ويملأ القلب باليقين....وهي إذا خالطت بشاشته القلب سارعت الأعضاء للعمل بمقتضاهُ .

أما انشراح الصدر بالعشق الإلهي - كما يُسمّى - فتلك خديعة شيطانية وفراغ إبليسي وإن وجد صاحبها من اللذة ما وجد...

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, حقيقةالتصوف


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013