لقد أصبح الضعف اللغوي لفظا وكتابة ظاهرة العصر، بين كثير من أبناء المدارس والجامعات.
وصارت هذه الظاهرة تؤرق جفون المهتمين بلغة القرآن، ومعلم الحضارة العربية، فضجت الشكوى في كثير من البلدان العربية، وتنادت الصحف، والندوات، والمؤتمرات، والمجامع بأن هذا الضعف أصبح يهدد اللسان العربي واقعًا ومستقبلاً، بل الشخصية العربية، بل عقيدة الأمة الإسلامية، وكيانها، وصلتها بتراثها وجذورها.
ومما يساعد على تدارك هذا التصدع في أحصن جدار لغوي:
ـ أن نكون على ذكر دائم أن كل تعليم محدود بزمان وغاية إلا تعليم اللغة؛ فإنه يبدأ قبل المدرسة، ولا ينتهي أبدًا، ويستخدم في تحصيل كل العلوم.
ـ أن مفاهيم المدرسة وعلومها كثيرًا ما يصيبها النسيان ـ كما حدث لكثير من العلوم والنظريات التي تعلمناها في مراحل التعليم ـ إلا اللغة فإنها تزداد بالزمن والاستعمال تطورًا وغنىً وثراءً.
من أخطاء الطلاب:
ويمكن استعراض بعض الأخطاء التي يقع فيها الطلاب.
ـ الأخطاء النحوية:
ـ الاضطراب بين الياء والواو في إعراب جمع المذكر السالم.
ـ الاضطراب بين الألف والياء في إعراب المثنى.
ـ عدم إعمال الأفعال الناسخة وما شابهها.
ـ الاضطراب في إعراب الأمثال الخمسة(1).
ـ الاضطراب في إعراب الأسماء الخمسة.
ـ استعمال لغة "أكلوني البراغيث" في الكتابة والحديث كثيرًا.
ـ عدم حذف العلة من المضارع المجزوم معتل الآخر، ولذا نرى عبارة: (لا تنسى ذكر الله).
ـ عدم إعمال حروف الجر في بعض الأحيان.
ـ جر النعت إذا كان المنعوت منصوبًا بالكسرة.
هذه الحالات وغيرها من الأخطاء النحوية تدل على أنها تحتاج منا فرط عناية وتركيز لتصحيح لغتنا، وقد كان السلف يؤدبون أبناءهم على اللحن.
ـ الأخطاء اللغوية:
ـ إدخال (أل) على ما يلازم الإضافة؛ نحو: الكل يتمتع بالإجازة، والبعض يريد السفر.
ـ مجيء الجمع على غير القاعدة، مثل:
مدراء=مديرون.
فضلاء=أفاضل.
تعساء=تعسون.
أحفاد=حفدة.
تهنئات=تهاني.
تعازي=تعزيات.
ـ استعمال حروف الجر في غير موضعها.
ـ عدم الدقة في توظيف الدلالة اللغوية.
ـ مخالفة قواعد النسبة؛ نحو:
دُوَلي=دَولي.
صُحُفي=صَحَفي.
شَفَوي=شفَهِي.
ـ إثبات ياء المنقوص غير مقترن بأل؛ (ذهَبَ) فعل ماضِي.
وقد ترجع هذه الأخطاء وأمثالها إلى ما يورث من الصحف، والمجلات، والجرائد، ولغة إشارات المرور، أو اللوحات الإشهارية، التي قد طغت عليها العامية في بلدنا.
ظاهرة التسكين:
وهي ظاهرة تطغى على كثير ممن يعلو المنبر، ويشرح الكتب، ويمكن تسمية هذه القاعدة بـ"أسكن تسلم"، وترجع إلى:
ـ طغيان العامية على الألسنة؛ فالعامية تؤثر التسكين(2).
ـ عدم التمكن من إدراك محل الإعراب في الكلمات أثناء القراءة.
رداءة الخط والكتابة:
على الرغم من التقدم الحضاري الذي يكتف الحياة المعاصرة، والذي ظهر أثره في رقي الذوق وتحسس الجمال، إلا أن الخط يتقهقر، ويتخلف مع أن الجانب الجمالي الفني هو الغالب عليه، ويأسف المرء على ما وصلت إليه خطوط الطلاب مما يضيع عليهم كثيرًا من الدرجات(3).
الحواشي:
(1) والتي تعرف بـ(الأفعال الخمسة)، وتسميتها بالأمثال أولى؛ لأنها ليست محصورة بخمسة.
(2) ومن عجيب لهجتنا الجزائرية؛ أننا نبدأ بالساكن ونتوقف على المتحرك، في حين أن العرب تبدأ بالمتحرك وتتوقف على الساكن، ومن أمثلة ذلك: العرب تقول: أحمد، ونحن نقول ـ ترخيما ـ: حْميدَ.
(3) وأعرف شخصيا طالبا كان يدرس معي في الثانوية، لم يتحصل على شهادة التعليم الثانوي أكثر من مرة لرداءة خطه، فإنك لو رأيت كتابه ظننته مخطوطة.
اختصره وهذبه أبو عبد الله حسن بن داود ـ عفا الله عنه ـ، من بحث للدكتور: محمود عمار، بعنوان: مظاهر ضعف الطلاب في اللغة العربية.
التعديل الأخير تم بواسطة حسن بوقليل ; 07 Mar 2010 الساعة 02:28 PM
عود لسانك على القراءة، وسمعك على السماع، ومن لطيف ما يذكر أنني أعرف أحد العلماء المعاصرين ـ رحمه الله ـ، كان يحفظ القرآن في اللوح ـ على طريقة الشناقطة وأهل المغرب ـ، فكان أبوه يضربه، ويقول له: تعود على السماع يا بني، فكان هذا العالم يحفظ القصيدة من السماع الأول.
واعلم أن النفس سهلة الترويض، لكن مع الزمن ـ والتوفيق من الله ـ؛ فها هو الحيوان المفترس يصبح أليفا في (السيرك) بعدما كان زعيما في الغابة، فما بالك بمن كرمهم الله.
وفقني الله وإياك للعلم النافع، والعمل الصالح، والإخلاص والصدق في القول والعمل.