منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31 Jul 2014, 04:47 PM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي (الحلقة الأولى ) بيان افتراءات وتلبيسات الجهني في مقاله الجديد "لواء السنة المنشور لقمع المجادل عن ع

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
اطلعت على مقال لأحد الحدادية في منتدى "الآثام" عنونه صاحبه بـــــــ " لواء السنة المنشور لقمع المجادل عن عباد القبور (رد على ربيع المدخلي)" ، ورمى فيه أهل السنة السلفيين -السابقين منهم واللاحقين- القائلين بالعذر بالجهل بالإرجاء ، وغير ذلك من العظائم والبهتان ، فأحببت أن أناقشه وأبين جهله وتعدّيه على أهل السنة قديما وحديثا في رميه لهم بالإرجاء بحجة أنهم يشترطون الفهم في قيام الحجة ، وهذا ليس غريب على هذا الغرّ اللئيم فهو يمر المراحل التي مرّوا عليها إخوانه -كما بينت قبل في بعض الحلقات السابقة- حتى يصل إلى ماوصلوا إليه - إخوانه الحدادية من التكفير الصُّراح كالشلالي والحماماتي وعماد فراج وغيرهم وغيرهم –وستعلمنّ نبأه بعد حين ،فأقول مستعينا بالله تعالى :
قال الجهني الحدادي في مقاله "لواء السنة المنشور لقمع المجادل عن عباد القبور":" إن قيام الحجة لا يشترط له التعليم والتفهيم الذي يقول به بعض الناس اليوم . ففرق بين فهم الحجة وبلوغ الحجة , كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
وفيه دليل أيضا أن مجرد السماع كافٍ لقيام الحجة على أمة الدعوة .
وأمة الدعوة هم الذين أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الخلق .
وأمة الإجابة هم الذين استجابوا لدعوته ودخلوا في الإسلام .
وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث " من هذه الأمة " أي أمة الدعوة .
فهذا الحديث أصل عظيم في مسألة قيام الحجة , وتُحل به إشكالات كثيرة أثارها مرجئة هذا العصر , وفيه رد واضح على مسألة العذر بالجهل التي جادلوا بها عن عباد القبور .
فاليهودي الجاهل والنصراني الجاهل تُقام عليه الحجة بالسماع بالنبي صلى الله عليه وسلم . وعابد القبر يسمع القرآن والحديث ويعيش في أمة مسلمة , ويزعم هؤلاء المرجئة أنه معذور بالجهل...
والمقصود أن هذا الحديث حجة في المسألة , لو قوبل هذا الحديث بالرضى والتسليم والفهم السليم , لكن بُلينا بمن يترك دلالة الكتاب والسنة , ويتتبع المتشابه من كلام العلماء ليجادل عن أهل الشرك من عباد القبور .
وتعجب من حال هؤلاء حين تراهم يحتجون في المجادلة عن عباد القبور بكلام إمام كرس حياته كلها لجهاد أهل الشرك والخرافة والضلال , كشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله . لتعلم يقينا أن هؤلاء لا يحتجون بكلام الشيخ رحمه الله إلا إذا وافق هواهم , وأما كلامه الآخر الصريح في هذه المسالة الموافق للكتاب والسنة ووافقه عليه علماء الدعوة وأئمة السنة, لا يرفعون له رأسا ..
وقد انتهى أمر ابن جرجيس , فقد دفنه علماء الدعوة وأهالوا عليه التراب هو وكتبه وشبهاته وحزبه , لكن ظهر اليوم حزب جديد , يتعامل مع هذه المسألة بالمنهجية التي كان عليها داود بن جرجيس , أعني : الاحتجاج بالمتشابه من كلام أهل العلم في المجادلة عن عباد القبور , لكن هذا الحزب الجديد لا يقول بكل ما كان يقوله ابن جرجيس – حاشا لله – فهم موحدون يدعون إلى التوحيد , أما ابن جرجيس فداعية إلى الشرك والخرافة , لكن وافقوه في المجادلة عن عباد القبور في مسألة الحكم عليهم وأيضا في الموقف ممن يكفرهم , وقد تجرهم هذه الموافقات إلى طوام أخرى , الله أعلم بها
لكن المقصود أنهم وافقوا ابن جرجيس في أن عباد القبور الجهال – وهم السواد الأعظم من القبوريين – مسلمون , وعندهم أنه لا يجوز تكفيرهم إلا بعد البيان والتعريف, ووافقوه في أن المكفر للقبوريين الجهال قبل البيان والتعريف متشدد خارجي تكفيري, وهم بهذا المسلك ينصرون حزب ابن جرجيس على أئمة الدعوة, من حيث يشعرون أو لا يشعرون, ولما كان هذا الحزب الجديد هم من أهل التوحيد – كما ذكرت – صار أشد خطرا علينا من ابن جرجيس الواضح المفضوح...
يؤسفني أن أقول إن حامل راية الحزب الجديد حزب الإرجاء وإعذار المشركين هو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي , الذي جمع نصوصا من كلام العلماء المتشابه , فصار يحتج به في المجادلة عن المشركين من عباد القبور , وأنهم جهال معذرون بالجهل حتى يُعرفوا وتقام عليهم الحجة كما سأنقله عنه إن شاء الله بعد قليل, فأصبح الشباب في أمر مريج في الموقف من أهل الشرك والزندقة والإلحاد . وانتعشت سوق العذر بالجهل , حتى عُذر الملاحدة من أهل وَحدة الوجود , نسأل الله العافية !
هذا, وإن الأشد خطرا والأكثر ضررا عند ربيع المدخلي أنه لا يعذر عباد القبور بالجهل فحسب , بل ذهب يحارب مَن يُكفّرهم , ويرميه بالغلو والتشدد وأنه حدادي تكفيري خارجي !

أولا :
أقول : قولك :" تراهم يحتجون في المجادلة عن عباد القبور بكلام إمام كرّس حياته كلها لجهاد أهل الشرك والخرافة والضلال , كشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله . لتعلم يقينا أن هؤلاء لا يحتجون بكلام الشيخ رحمه الله إلا إذا وافق هواهم ".
هذا الكلام ردّ عليك لا لك ياأيها الجهول ، حيث أثبتّ أن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يعذر بالجهل.
فالسؤال الذي يحتاج إلى جواب صريح ، فلماذا ترمي أئمة السنة الذين قالوا بقول هذا الإمام بالإرجاء ؟
ويلزمك أن ترميه بالإرجاء ولابدّ.
ولماذا تحاربون الشيخ ربيعا حفظه الله فقط ، وتتركون من قال ونصر قوله مثل الشيخ عبد الله بسام وابن عثيمين ووصي الله عباس وغيرهم ، علما أنهم مسبوقون في ذلك من أفذاذ وفحول العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن القيم وغيرهم وغيرهم
وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على كذبكم وفجوركم وأنكم ليس همكم نصرة دين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما همكم إسقاط ومحاربة علماء السنة والتوحيد.
ثانيا :
قولك :" ووافقوه –أي:ابن جرجيس-في أن المكفر للقبوريين الجهال قبل البيان والتعريف متشدد خارجي تكفيري...
هذا, وإن الأشد خطرا والأكثر ضررا عند ربيع المدخلي أنه لا يعذر عباد القبور بالجهل فحسب , بل ذهب يحارب مَن يُكفّرهم , ويرميه بالغلو والتشدد وأنه حدادي تكفيري خارجي"

هذا من تلبيسك وتدليسك ياأيها الكذوب ، فالشيخ ربيع حفظه الله يرد عليك وعلى أمثالك الجهّال وذلك أنكم لا تقبلون ولا تقرّون بأن مسألة العذر بالجهل محل خلاف بين أهل العلم وإن كان القول بعدم العذر قول ضعيف كما قاله العلامة ابن عثيمين رحمه الله وذلك لأنه يصادم ما جاء في الوحيين.
وترمون من قال بالعذر بالجهل بالإرجاء كما هو صنيعك ، بل أخدانك كالحازمي والحماماتي والشلالي يرمونهم بالكفر وأبشر ستصل إلى ماوصلوا إليه ولابدّ .
وردّ عليك الشيخ حفظه الله وبين جهلك أنت وأمثالك من الحدادية في رميكم القائلين بأن تارك الصلاة تهاونا وكسلا لا يكفر بالإرجاء ، ولا يسعكم وما وسع السلف في اختلافهم في ذلك.
والشيخ ربيع حفظه الله له إخوان من أهل العلم لا يعذرون بالجهل وما بينهم وبينه إلا المحبة والأخوة والمودّة، ومعاذ الله أن يرميهم بأنهم تكفيريون أو نحو ذلك ، وهم معاذ الله أن يرموه بالإرجاء أو نحو ذلك ، لأنهم على علم يقين أن هذا القول قد قال به أئمة أجلّاء منهم شيخي الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ، ولهم أدلتهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثا :
قولك :" إن قيام الحجة لا يشترط له التعليم والتفهيم الذي يقول به بعض الناس اليوم . ففرق بين فهم الحجة وبلوغ الحجة , كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
وفيه دليل أيضا أن مجرد السماع كافٍ لقيام الحجة على أمة الدعوة .
وأمة الدعوة هم الذين أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الخلق .
وأمة الإجابة هم الذين استجابوا لدعوته ودخلوا في الإسلام .
وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث " من هذه الأمة " أي أمة الدعوة .
فهذا الحديث أصل عظيم في مسألة قيام الحجة , وتُحل به إشكالات كثيرة أثارها مرجئة هذا العصر , وفيه رد واضح على مسألة العذر بالجهل التي جادلوا بها عن عباد القبور ...
ويزعم هؤلاء المرجئة أنه معذور بالجهل...".

أقول : إن الله جلّ وعز حكم عدل لا يعذّب أحدا من خلقه ما لم تقم عليه الحجّة الرّسالية من الكتاب والسنّة كما قال جلّ ثناؤه : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [الإسراء: 15] وقال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } [النساء آية : 115] وقال تعالى: { وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } التوبة : 115 ] وقوله تعالى : {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى } [محمد آية : 25] و قوله تعالى: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم} [ محمد : 32 ] ونحو ذلك من الآيات.
،وعلى هذا فقيام الحجة لا يكفي فيه مجرد بلوغها بل لابد مع ذلك من فهمها-وإن رغم أنف الجهني-،وهذه الحجّة الرسالية ما يشترط أن يفهمها المخاطب فهما جليّا كفهم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وإنّما العبرة بفهم ما يطلب منه من ترك الشّرك وإفراد الله بالعبادة ، فلو أن رجلا فهم أن سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك بالله تعالى ،ثم ذهب يتعلّق بالمتشابهات كما تتعلق العنكبوت بخيوطها كما هو شأن أهل الأهواء قديما وحديثا فهذا لا يعذر بدعوى الجهل بحال من الأحوال ولو مات على هذا فهو خالد في نار جهنم والعياذ بالله ، و هذه المسألة ترجع للمبلِّغ فلابد أن يكون عالما بحيث لو أورد الشبّه التي ضلّ بسببها دحضها بالعلم فإن رأى أن المبلَّغ قد فهم مقصود ما يطلب منه من تحقيق التّوحيد وعدم الإشراك بالله ثم ردّ الحجة فإنه يحكم بكفره ، و تنطبق عليه أحكام الرّدّة ،ولا يشترط أن يعرف أن هذا هو الحقّ ،كما قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله :-بعد ما ردّ على من اشترط في قيام الحجة معرفة المخاطب بالحق-: إنما يشترط فهم المراد للمتكلم و المقصود من المخاطب ، لا أنه الحق .[1]
وهذا الصّنف هم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه أنهم أقيمت عليهم الحجّة فجحدوها عنادا واستكبارا كما قال تعالى:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } الآية [سورة النمل آية : 14] وقوله {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى} [ سورة طه آية : 134]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : -في تفسير قوله تعالى: { فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ }- قد علم أن المراد أنه يسمعه سمعا يتمكّن معه من فهم معناه، إذ المقصود لا يقوم بمجرد سمع لفظ لا يتمكن معه من فهم المعنى، فلو كان غير عربي لوجب أن يترجم له ما تقوم به عليه الحجة، ولو كان عربيا وفي القرآن ألفاظ غريبة ليست من لغته، وجب أن نبيّن له معناها، ولو سمع اللفظ كما يسمعه كثير من الناس ولم يفقه المعنى وطلب منا أن نفسره له ونبين له معناه، فعلينا ذلك، وإن سألنا عن سؤال يقدح في القرآن أجبناه عنه،كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أورد عليه بعض المشركين أو أهل الكتاب أو المسلمين سؤالا يوردونه على القرآن، فإنه كان يجيبهم عنه.[2]
وقال ابن القيم رحمه الله :العبرة في قيام الحجّة بأن يفهمها ذلك الشّخص المعيّن فهما يدرك به مخالفته للحجّة التي يكفر بخلافها ، و لا يشترط فهمه لها فهما دقيقا ، كما يفهمها أهل العلم و الإيمان ، كما لا يشترط إقراره بالفهم بل يرجع ذلك لتقدير المبلغ له هل فهمه أو لم يفهمه ، لأنّ كثيرا من أهل الكفر و النّفاق ينكرون الحجّة بعد فهمهم لها و علمهم بها كما أخبر الله تعالى بذلك عن قوم فرعون في قوله :{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } الآية [سورة النمل آية : 14]
و قال غفر الله له -مبيّنا أن الفهم شرط في قيام الحجّة- :إن قيام الحجّة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص؛فقد تقوم حجة الله على الكفّار في زمان دون زمان؛وفي بقعة وناحية دون أخرى؛كماأنها تقوم على شخص دون آخر؛إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون؛وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له؛فهذا بمنزلة الأصمّ الذي لا يسمع شيئا ولا يتمكّن من الفهم.[3]
و هذه المسألة -أي شرط فهم الحجة- "قد اختلف فيها كبار علماء نجد في مجلس الإمام عبد العزيز بن عبد الرّحمن بن فيصل آل سعود بمكة المكرمة فكانت الحجّة للشّيخ عبد الله بن بلهيد[4]بأنّ العبرة بفهم الحجة لا بمجرد بلوغها من غير فهم ، وأورد لهم نصا صريحا في هذا من كلام المحقق حقّا وحقيقة شيخ الإسلام ابن القيم عليه رحمة الله فقنعوا به" .[5]
قال الشّيخ عبد اللطيف بن عبد الرّحمن آل الشّيخ ـ رحمها الله ـ: وينبغي أن يعلم الفرق بين قيام الحجّة و فهم الحجّة ، فإن من بلغته دعوة الرّسل ، فقد قامت عليه الحجّة إذا كان على وجه يمكن معه العلم .[6]
وقال رحمه الله : تعريف أهل العلم للجهال بمباني الإسلام ، وأصول الإيمان والنصوص القطعية والمسائل الإجتماعية حجة عند أهل العلم ، تقوم بها الحجة ، وتترتب عليها أحكام ، أحكام الردة وغيرها ، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتبليغ عنه ، وحث على ذلك ، و قال الله في الإحتجاج و النذارة في كتابه { لأنذركم به ومن بلغ} [سورة الأنعام آية: 19] و من الذي يبلغ و ينقل نصوص الكتاب والسنة غير أهل العلم وورثة الرسل ؟
فإن كانت الحجّة لا تقوم بهم و ببيانهم أن هذا من عند الله ، و هذا كلام رسوله فلا حجة بالوحيين ، إذ النقل و التعريف يتوقف على أهل العلم ، كما أن بيان المعاني المقصودة و التأويلات المرادة يتوقف على أهل العلم ، و تقوم الحجة بهم ، وهم نوّاب الرّسول صلى الله عليه وسلم في الإبلاغ عنه و قيام الحجة بهم كما قال علي بن أبي طالب في حديث كمال بن زياد " بلى ، لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه ، كي لا تبطل حجج الله و بينات ...، وفي الحديث " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي أمر الله "وبالجملة فالحجة في كل زمان إنما تقوم بأهل العلم ورثة الأنبياء.[7]
وأرسل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رسالة وجهها لأحمد بن عبد الكريم و قال فيها غفر الله له :وأما عبارة الشّيخ -يقصد بالشّيخ هنا شيخ الإسلام ابن تيمية الحرّاني- التي لبّسوا بها عليك ، فهي أغلظ من هذا كلّه ، و لو نقول بها لكفّرنا كثيرا من المشاهير بأعيانهم ، فإنّه صرّح فيها بأنّ المعيّن لا يكفّر إلاّ إذا قامت عليه الحجّة فإن كان المعيّن لا يكفّر إلّا إذا قامت عليه الحجّة ، فمن المعلوم أن قيامها ليس معناه :
أن يفهم كلام الله ورسوله ، مثل فهم أبي بكر رضي الله عنه بل إذا بلغه كلام الله ورسوله ، وخلا من شيء يعذر به فهو كافر ، كما كان الكفاّر كلّهم تقوم عليهم الحجّة بالقرآن مع قول الله : {جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} [الكهف:57]. [8] وقوله تعالى : {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} [سورة الأنفال آية : 22].اهـ
فقول الشّيخ محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله :"وخلا من شيء يعذر به "فعدم فهم الخطاب من الشيء الذي يعذر به صاحبه فكلام الشيخ واضح جليّ في أنه يشترط الفهم الذي يفهم منه مقصود الخطاب.
وجاء في كتاب "مجموعة الرّسائل النجدية"(5/638) تعليقا لمحمد رشيد رضا على نصّ للشّيخ محمد بن عبد الوهّاب يقول فيه : "...و ليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهما جليا كما يفهمها من هداه الله و وفقّه و انقاد لأمره ".
فعلّق محمد رضا في حاشية الكتاب قائلا : هذا القيد الذي قيّد الشّيخ به الفهم هنا قد أزال اللّبس الذي يتبادر إلى الذّهن من بعض اطلاقاته في مواضع أخرى و اتّبعه فيه بعض علماء نجد فصار بعضهم يقول بأن الحجة تقوم على النّاس ببلوغ القرآن وإن لم يفهمه من بلغه مطلقا وهذا لا يعقل ولا يتّفق مع قوله تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } الآية [النساء آية : 115]
الذي بنى عليه المحقّقون قولهم : إن فهم الدّعوة بدليلها شرط لقيام الحجّة، وقد علمنا من هذا القيد أن الفهم الذي لا يشترطه الشيخ، هو فقه نصوص القرآن المؤثر في النفس، الحامل لها على ترك الباطل، كما يفقهها من اهتدى بها. ففهم التفقه في الحقيقة أخص من فهم المعنى اللغوي، كما يدل عليه استعمال القرآن، وحديث "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" متفق عليه، وفي رواية حسنة زيادة "ويلهمه رشده". والمشركون الذين شبههم الله بالصم البكم المختوم على قلوبهم، والمطبوع عليها، والمجعول عليها الأكنة: كلهم قد فهموا مدلول آيات القرآن في التوحيد والبعث والرسالة؛ لأنهم أهل اللغة وقد أنزلت بأفصح أساليبها؛ ولكنهم لم يهتدوا بها لثلاثة أسباب: "أحدها" العناد من الرؤساء. "ثانيها" التقليد من الدهماء. "ثالثها" الشبهات على الأصول الثلاثة، كزعمهم أن دعاء غير الله لا يضر إذا كان بقصد التقريب إليه تعالى والشفاعة عنده. وأن الرسول بشر مثلهم؛ فلا يعقل أن يكون رسولا من الله، وأنه تعالى لو أراد أن يبعث رسولا؛ لبعث ملكا، أو لأيَّدَهُ بملك يكون معه نذيراً. وأن البعث لا يُعْقَلُ.اهـ
قال الشيخ محمد الأمين الشّنقيطي رحمه الله: إن الله جلّ وعلا لا يعذب أحدا من خلقه ، لا في الدّنيا و لا في الآخرة حتى يبعث إليه رسولا ينذره و يحذره فيعصي ذلك الرّسول ، فيستمرّ على الكفر و المعصية بعد الإنذار والإعذار ......، و لابد أن يقطع حجّة كل أحد بإرسال الرّسل ، مبشّرين من أطاعهم بالجنّة ، ومنذرين من عصاهم بالنّار . وهذه الحجّة التي أوضح هنا قطعا بإرسال الرّسل مبشّرين ومنذرين ....ويوضح ما دلت عليه هذه الآيات المذكورة وأمثالها في القرآن العظيم من أنّ الله جلّ وعلى لا يعذب أحدا إلا بعد الإنذار والإعذار على ألسنة الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام تصريحه جلّ وعلا في آيات كثيرة بأنه لم يدخل أحدا النار إلا بعد الإنذار والإعذار على ألسنة الرّسل ، ومن ذلك قوله جل وعلا : :{ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير* قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء} [الملك:8-9][9]اهـ
فلو أن قرية من القرى أهلها ملتزمون بالإسلام التزاما إجماليا ، و مقرّون بالتوحيد إقرارا إجماليا ، و يتبرّؤون من عبادة غير الله على وجه العموم ، ويقولون : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويصلّون ويصومون ويزّكون ويحجّون ونحو ذلك من القُرَب، فأتتهم جماعة من الجماعات المحدثة على سبيل المثال جماعة التبليغ الصوفية القبورية[10] -باسم الإسلام- فدعوهم إلى البدع والشركيات باسم حبّ الصالحين وتوقيرهم و..، فأوقعوهم في شيء من هذه الضلالات والانحرافات وهم يريدون الحقّ وما قصّروا في طلبه[11] ،وما تبين لهم وجه المخالفة بحيث لو قلت لأحدهم لماذا تذبح للميت إن هذا هو الشرك الذي من فعله ومات عليه فهو في نار جهنم خالدا فيها أبد الآبدين ، لقال لك مباشرة معاذ الله "لا إله إلا الله محمد رسول الله "ما كنت أعلم أن هذا مصادم لما أنزلت به الكتب وجاءت به الرّسل وأستغفر الله وأتوب إليه وإنما أفتاني الشيخ الفلاني بكذا وكذا واستدّل لذلك بأدلة من الوحيين ،فمن كان هذا حاله لا يكفّر ولا يٌنزّل عليه أحكام الردّة لعدم قيام الحجّة عليه وعدم فهمه المحجّة كما قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } [النساء آية : 115] وقوله تعالى: { وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } التوبة : 115 ]
بل بعضهم إذا قرئ عليه الآيات التّي تأمر بالتوحيد فهم أن معناها هو إثبات وجوده وأنه هو القادر والخالق والرازق و...، -لهذا تجد مشايخهم من أرباب الطرق ومن حذا حذوهم يركّزون على توحيد الرّبوبية دون توحيدي الألوهية والأسماء والصفات- ، وإذا تليت عليه الآيات التي تحذّر من الشرك بالله تعالى قَصُر فهمه عن معنى الحقيقي للشّرك الذي كانت الخصومة بين الرّسل وأقوامهم-أي:في توحيد الألوهية- ، وفهم أن الشّرك المعني في القرآن هو عدم إيمانهم بوجود الله أو كشرك النّصارى الذي قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم أو الذين قالوا ثالث ثلاثة كما قال الله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} [سورة المائدة آية: 17] ، وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} [سورة المائدة آية: 73 أو كالذين اتّخذوا لله الصّاحبة والولد كما قال تعالى {قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني} [سورة يونس آية: 68] وقوله تعالى { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ….. سبحانه عما يشركون } [ التوبة 30 ، 31 ] .
أو كالذين قالوا أن لله البنات -سبحانه وتعالى عما يقولون الظالمون علوا كبيرا- ونحو ذلك.
فمن كان هذا حاله لا يكفّر حتى تقام عليه الحجّة وتبين له المحجة وذلك إذا لم يقصّر في طلب الحق،ولم يتبيّن له وجه المخالفة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :و نحن نعلم بالضرورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم ، لا بلفظ الإستغاثة ولا بغيرها ،كما أنه لم يشرع لأمته السجود للميت ولا إلى غير ميت ونحو ذلك ، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور ، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى و رسوله ، لكن لغلبة الجهل و قلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين ، لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .[12]
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : وإذا كنا : لا نكفّر من عبد الصّنم ، الذي على عبد القادر ، و الصّنم الذي على قبر أحمد البدوي و أمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبّههم.[13]
وقال أيضا :إنما يكفر من أشرك بالله في إلهيّته بعد ما نبيّن له الحجّة على بطلان الشرك.[14]
والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يكفر البوصيري مع ما عنده من الشرك الأكبر الظاهر الذي لا التباس فيه ، لأن من عقيدة الشيخ أنه لا يكفر حتى يقيم الحجة و قد افترى العراقي اللعين على الشيخ ـ رحمه الله ـ بعض الافتراءات من بينها أنه ـ رحمه الله ـ يكفر البوصيري.
فرد الشيخ هذه الفرية عليه قائلا " وقوله: إنّي أكفّر البوصيري لقوله: "يا أكرم الخلق" الخ . " جوابي فيها أن أقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}، ولكن قبله من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم، ويسب الصالحين، تشابهت قلوبهم، وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة وعيسى وعزيراً في النار، فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}[15]
و من المعلوم أن في طيات كلام البوصيري الشرك الظاهر الذي لا يخفى على أحد والذي لا يغفره الله عزوجل من ذلك غلوه في سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق منزلته.
سئل الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب غفر الله لهما :عن حال من صدر منه كفر ، من غير قصد منه ، بل هو جاهل ، هل يعذر ، سواء كان قولا ، أو فعلا ، أو توسلا ؟.
فأجاب : إذا فعل الإنسان الذي يؤمن بالله ورسوله ، ما يكون فعله كفرا ، أو اعتقاده كفرا ، جهلا منه بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا يكون عندنا كافرا ، ولا نحكم عليه بالكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية ، التي يكفر من خالفها .فإذا قامت عليه الحجة ، وبيّن له ما جاء به الرّسول صلى الله عليه وسلّم ، وأصرّ على فعل ذلك بعد قيام الحجّة عليه ، فهذا هو الذي يكفر ، وذلك لأنّ الكفر : إما يكون بمخالفة كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم ، وهذا مجمع عليه بين العلماء في الجملة .[16]
وقال الشيخ ابن عثيمبن رحمه الله : ولا يكفي مجرد بلوغ الحجة حتى يفهمها ؛ لأنه لو فرضنا أن إنساناً أعجميّاً وقرأنا عليه القرآن صباحا ومساء لكن لا يدري ما معناها : فهل قامت عليه الحجة ؟ قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ }.[17]
ياأيها الجهني الغيور على دين الله تبارك وتعالى والذي تكل بمكيال واحد ، تصدى للشيخ ابن عثيمين وارمه بالإرجاء مثلما تصديت للشيخ ربيع حفظهما الله ؟
لأنهما كليهما يشترطان الفهم في إقامة الحجة.
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
04/ 10 / 1435


الحواشي :
[1] ـ مصباح الظلام ( ص : 122 )
[2] ـ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ( 2 / 114 )
[3] ـ طريق الهجرتين ( 412 ـ 413 ) ( 414 )
[4] ـ هوالعلامة عبد الله بن سليمان بن سعود بن محمد المعروف بإبن بلهيد من كبار علماء نجد مات سنة " 1359" انظر علماء نجد للبسام ( 3 / 542
[5] ـ من تعليقات محمد لرشيد رضا من مجموعة الرسائل النجدية 4/ القسم 2 ص 515 بتصرف يسير
[6] ـ مجموعة الرسائل النجدية ( 5 / 638 )
[7] ـ مصباح الظلام (ص 123)
[9] ـ أضواء البيان ( 3 / 471 ـ 472 )
[10] ـ ولمعرفة ما عند هذه الجماعة من المخالفات ، انظر كتاب " القول البليغ في جماعة التبليغ "للتويجري فقد أجاد و أفاد ـ وكتاب " الأجوبة السديدة في المناهج الجديدة " للشيخ صالح الفوزان و"المورد العذب الزلال " للشيخ النجمي وكتاب "القطبية هي الفتنة فاعرفوها " للعدناني " و غيرها من الكتب المؤلفة في هذا الباب .
[12] ـ مجموع الفتاوى (20/32ـ 33 )
[13] ـ مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ( 3 / 11 )
[14] ـ مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ( 3 / 11 )
[15] ـ مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( 1/ 12 )
[16] ـ الدرر السنية في الأجوبة النجدية ( 10 / 239 )
[17] ـ " لقاءات الباب المفتوح " ( 48 / السؤال رقم 15 )


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الهضابي ; 01 Aug 2014 الساعة 11:15 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31 Jul 2014, 07:45 PM
خالد أبو أنس خالد أبو أنس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: الجزائر/بومرداس/أولادموسى
المشاركات: 468
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الحميد على نصرتك للحق وأهله وكشفك لأهل الباطل وأهله
أسأل الله عزوجل أن يوفقك لكل خير.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01 Aug 2014, 03:14 PM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي خالد وبارك فيك
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, الجهني, ردود


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013