الحمد لله، وصلى الله على نبيه وآله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فهذا مقال كتبته منذ حوالي شهر، وعرضته على بعض المشايخ والطلبة فأثنوا عليه خيرا ولله الحمد، وقد كنت متريثا قبل نشره، ولكني في زيارة قريبة للجزائر العاصمة رأيت مضمونه عيانا: طلاب تربَّو عند مشايخنا الأفاضل فكانوا نعم الرجال ونعم الثمرة.
وبإزاء ذلك رأيت في إحدى المناطق أحد هؤلاء المعترضين على المشايخ مسبلا في لباس إفرنجي ضيق ، وقلت في نفسي: سبحان الله، شتان بين الثرى والثريا، وشتان بين أحيمق جهول وبين متأدب عقول، وصدق الحافظ أبو القاسم ابن عساكر -رحمه الله-إذ قال : "اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، فإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب".
وإليكم إخواني ذاك المقال:
شغلوا بتأليف الرجال عن تأليف الكتب
الحمد لله و الصَّلاة و السلام على من لا نبيَّ بعده، أما بعد:
فدفاعا عن مشايخنا الأجلاء و عرفانا لبعض حقهم، وتأييدا لإخواني أكتب هذه الكلمات لعل الله جل و علا ينفعنا بها، و لا أدَّعي بهذا العلم ولا التمكُّنَ فيه، بل هو جهد الناقل والمرتب نسأل الله عفوه.
لما رأيت ما كتبه إخواننا الفضلاء في الدفاع عن مشايخنا وعلمائنا تذكرت أمورا كانت تحز في نفسي منذ أمد، و هي أمور عاينتها و عانيت منها، بل صدرت من أناس أعرفهم و أحوالَهم.
وهؤلاء الناس من الأغمار و أدعياء العلم كانت لهم قلوب مريضة و أحوال يرثى لها، و سأذكر بعض اعتراضاتهم مع شيء من التعقيب لتعرف حالهم و يحذرو، و هم ممن يتظاهر بالعلم والإنصاف .
• الاعتراض الأول:
"عدم الـتأليف أو قلته ".
فالجواب:
أولًا: سبحان الله! منذ متى كان عدم الـتأليف سببا للطعن في الرجال ، و هل كل العلماء لهم تصانيف؟ بل قد قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : "وَقَدْ أَوْعَبَتْ الْأُمَّةُ فِي كُلِّ فَنٍّ مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ إيعَابًا، فَمَنْ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ هَدَاهُ بِمَا يَبْلُغُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ أَعْمَاهُ لَمْ تَزِدْهُ كَثْرَةُ الْكُتُبِ إلَّا حَيْرَةً وَضَلَالًا؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ: "أَوَلَيْسَتْ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؟ فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟".
و قال ابن خلدون –رحمه الله- :"كثرة التصانيف مشغلة عن التحصيل" ،و اقرؤوا إن شئتم تاريخ تدوين السنة أو العلوم عموما.
هذا، وقد اختار كثير من العلماء ألا يؤلفوا، منهم الشيخ عبد الله الغديان كان يرى الاكتفاء بما ألَّفه علماؤنا رحمهم الله، وهكذا شيخه عبد الرَّزاق عفيفي رحمه الله كان يتمنى لو أتلفت كل الكتب ما عدا القرآن والسنة، يراها تشغل الناس عنها.
ثانيًا: إن هؤلاء المشايخ ممن تصدق فيهم مقولة العلامة ابن باديس -رحمه الله- لما سئل عن التأليف قال :"شغلت بتأليف الرجال عن تأليف الكتب"، فهؤلاء المشايخ قد ألفوا و أخرجوا رجالا يحملون راية الإصلاح و الدعوة إلى الله، بل لولا الله سبحانه جعلهم دعاة إليه و حماة للسنة في هذا البلد لما فرَّقنا بين سنة و بدعة، و لربَّما ما تعلمنا صفة الصلاة و لا الوضوء.
و هذا التأليف هو ليس إلا للعظماء، و به يذكرون، فما ترك محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلّم كتبا و لا مجلدات، و لا مخطوطات يتنافس عليها لصوص التراث لتحقيقها، أو بالأحرى لطمس جمالها، إنما خلّف لنا رجالا أعّدهم لحمل الأمانة و هي ثقيلة.. و خلّف لهم كتابا من عند الله، و من بعده سار العلماء على نهجه -صلوات ربي وسلامه عليه-.
و كذلك، عبّر عن هذا العلامة محمد البشير الإبراهيمي – رحمه الله- ، فقال: "لم يتسع وقتي للتأليف و الكتابة مع هذه الجهود التي تأكل الأعمار أكلا، و لكنني أتسلَّى بأنني ألّفت للشعب رجالا، و عملت لتحرير عقوله تمهيدا لتحرير أجساده، و صححت له دينه و لغته فأصبح عربيا مسلما، و صحّحت له موازين إدراكه فأصبح إنسانا أبيا، و حسبي هذا مقرّبا من رضى الرب و رضى الشعب".
ثالثا: إنَّ لبعض هؤلاء المشايخ كتبا نافعة و متينة، تدل على علم راسخ و تمكن، فابحثوا عنها إن كنتم مريدين للخير و الحق ، ومنها كتب الشيخ محمد علي فركوس و الشيخ عبد المجيد جمعة، أم أنكم ممن أولع بالاستيراد و احتقار أهل بلدكم؟ و لكم في ذلك سلف. وإن كان بعض هؤلاء يتقصد مشايخ معينين ممن ليست لهم تواليف.
وأزيدكم أني أعلم للشيخ عبد الغني عوسات حفظه الله أمورا مسودة لم يتفرغ بعد لتبييضها اشتغالا بالتنقل بين الولايات دعوةً إلى الله تعالى.
رابعا: أن هذا من مناقب الأشياخ في هذا البلد، وهو تواضعهم وهضمهم لأنفسهم ، و قد قال المتنبي قديما :
وكم من عائب قولا صحيحا """"""""وآفته من الفهم السقيم
و قال أيضا:
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ """" فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ
بارك الله فيك أخي مهدي نسأل الله ان تكون مهديا للحق حتى لقاء الحق
ومن المشائخ الذين تركوا التأليف العلامة محمد بن هادي ولما ذكر له ذلك قال ان دعت الحاجة الى ذلك وعنده كثير من التعليقات على كثر من الكتب مسودة
ليس كحال كثير من المحققين للكتب اليوم كما يقول الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله يريد يحقق كتاب فيضيف فيه كتابا آخر .
نسأل الله ان يبارك في مشايخنا السلفيين وان رغمت انوف المخذلين والمخالفين
جزاك الله خيرا أخي مهدي
و العجب لا ينقضي من حال الذين يطعنون في مشايخنا نقول لهم إن هؤلاء المشايخ حسبهم أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لتعليم الناس الحق فماذا قدمتم أنتم لأمتكم و شعبكم؟؟؟
بارك الله فيك ءاذا رأيت الرجل يحب الشيخ عبد الغاني عوسات والشيخ محمد فركوس و الشيخ عبد المجيد جمعة و ءاخوانهم من أهل العلم فاعلم أنه صاحب سنة ءانشاء الله
تنبيه : أخي محمد بلوافي الشيخ عبد الغني وليس الشيخ عبد الغاني ، لأن الله عزوجل من اسمائه الغني - أعرف بأنه خطا في الكتابة لكن لا باس با التذكير بارك الله فيك-
جزاك الله خيرا فإن دفاع عن العلماء من الدين ورحم الله السلف إذا قرأ طالب العلم في كتبهم يجدوا سبب تأليفهم إما لسؤال سأله بعض إخوانه أو لحاجة الناس إلى ذلك الموضوع لا لتكثر من التأليف وتباهي به كما هو حال كثير من المتأخرين إلا من رحم ربك كثير من كتبهم لا تسمن ولا تغني من جوع ويكفيك أن من قرب الساعة تفشي القلم وإن لله وإن إليه راجعون