منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 29 Apr 2015, 08:36 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي موت العالم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن أعظم المصائب وأشدها موت العالم، فبذهابه ينقص العلم ويزول، وتتبدد قوى الأمة وتضعف حتى تصبح في حالة مزرية كما هو مشاهد وملاحظ، قال الشاعر:
الأرض تحـيا إذا مـا عــاش عالـمها *** متى يمت عالم فيها يمت طرف
كالأرض تحيى إذا ما الغيث حل بها *** وإن أبى عــاد في أكـنافها التلف.
فموتههم-أي العلماء- ثلمة وظلمة، لأن قبضهم قبض للعلم فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»([1])، لهذا كان أهل السنة إذا مات فيهم العالم جزعوا، فقد نُعي إلى سفيان بن عيينه رحمه الله:عبد العزيز الدراوردي([2]) فجزع وأظهر الجزع-ولم يكن قد مات- فقلنا: «ما علمنا أنك تبلغ مثل هذا! قال: إنه من أهل السنة»([3])، وعن أيوب السختياني رحمه الله أنه قال: «إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي»([4]).
وقال حماد رحمه الله:« كَانَ أَيُّوبُ يَبْلُغُهُ مَوْتُ الْفَتَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَيُرَى ذَلِكَ فِيهِ، وَيَبْلُغُهُ مَوْتُ الرَّجُلِ يُذْكَرُ بِعِبَادَةٍ فَمَا يُرَى ذَلِكَ فِيهِ»([5]).
وكانوا يرون أن من تمنى موت العالم السني ممن يريد إطفاء نور الله، فعن حماد قال: «حضرت إلى أيوب السختياني وهو يغسل شعيب بن الحبحاب وهو يقول: إن الذين يتمنون موت أهل السنة يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون»([6]).
فأهل السنة قليل و موتهم خسارة كبيرة ولهذا كان السلف يؤكدون على الترؤف بأهل السنة فقد قال سفيان الثوري رحمه الله: «إذا بلغك عن رجل بالمشرق وآخر بالمغرب فابعث لهما بالسلام وادع لهما؛ ما أقل أهل السنة»([7]).
وعن يوسف بن أسباط رحمه الله قال : «قال سفيان رحمه الله: يا يوسف إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، وإذا بلغك عن آخر بالمغرب صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، فقد قل أهل السنة والجماعة»([8]).
وقال الإمام أحمد: «أحبوا أهل السنة على ما كان منهم»([9]).
فحبهم -أي أهل السنة- والدفاع عنهم في غيبتهم واجب، لأنهم أهل الحق وهم الطائفة المنصورة، فهم على خير كبير ونهج سليم وطريق قويم، لهذا كان السلف لا يخافون عليهم ويرجون لهم الخير من باب إحسان الظن بربهم الكريم الرحيم ألا يضيع أجر من تمسك بسنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ واستقام على أمره؛ ودعا إلى ذلك؛ وكابد المتاعب والمشاق في سبيل ذلك، وإنْ حدث منه شيء من التقصير والخلل؛ فالعبد ضعيف؛ ورحمة ربك خير مما يجمعون.
قال محمد بن عبد الله الأعلى: «سمعت معتمر بن سليمان يقول: دخلت على أبي وأنا منكسر. فقال: ما لك؟ قلت: مات صديق لي. قال: مات على السنة؟ قلت: نعم. قال: فلا تخف عليه»([10]).
وعن عمارة بن زاذان عن أيوب السختياني أنه قال له: «يا عمارة إذا كان الرجل صاحب سنة وجماعة فلا تسأل عن أي حال كان فيه»([11]).
رحم الله مشايخنا رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وإنَّ لله ما أخذَ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمَّى، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها. اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم وارفع درجتهم في عليين اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحشرنا معهم إنه وحده القادر على ذلك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.


=======
([1]): رواه البخاري (100) ومسلم (2673).
([2]): هو ابن عبيد الإمام العالم المحدث أبو محمد الجهني، مولاهم المدني الدراوردي. قيل: أصله من دراورد: قرية بخراسان، وروى سليمان الطبراني، عن أحمد بن رشدين، عن أحمد بن صالح قال: الدراوردي من أهل أصبهان، نزل المدينة. وكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل: أندرون؟ فلقبوه: الدراوردي. (انظر السير للذهبي).
([3]):شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي.
([4]):المصدر السابق رقم (25).
([5]): شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي.
([6]): المصدر السابق رقم (31).
([7]):المصدر السابق.
([8]):حلية الأولياء ( 7/34).
([9]):طبقات الحنابلة (1/ 342).
([10]): شرح أصول الاعتقاد لللالكائي (1/67).
([11]): المصدر السابق( 1/20).


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 29 Apr 2015 الساعة 08:44 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013