منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 13 Sep 2015, 07:01 PM
عبد الله بوزنون عبد الله بوزنون غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 187
افتراضي نصيحة ذهبية لطلاب العلم بقلم أمير البيان و أديب الجزائر الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

نصيحة ذهبية لطلاب العلم بقلم أمير البيان و أديب الجزائر الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:
فهذه شذرة نادرة و سبيكة ذهبية لأمير البيان في هذه البلاد فاح بها قلمه و جادت بها خاطرته نصح أبناءه الطلاب و خص المبتعثين و المهاجرين في سبيل العلم فأصاب بكلامه المحز و وقع مراده على الهدف فتجد في نصيحته ترك السياسة و هجران الجرائد و الانكباب على التحصيل بالمذاكرة و القراءة و عدم الاكتفاء بالمتون وحدها... إلى آخر ما تضمنته نصيحته الذهبية التي تصلح أن تكون نبراسا لكل طالب علم و مهاجر في سبيل تحصيله,و دونكم هذه النصيحة الغالية:
يقول رحمه الله:

"إلى أبنائي الطلبة المهاجرين في سبيل العلم أوجه النداء إلى جميع أبنائنا المهاجرين إلى الشرق العربي، أو إلى أطراف المغرب العربي، أو إلى أوربا، ثم أخصّص المهاجرين إلى تونس لأنهم كثرة، ولأن في أحوالهم لغيرهم عبرة.

إنكم يا أبناءَنا مناطُ آمالنا، ومستوح أمانينا، نعدكم لحمل الأمانة وهي ثقيلة، ولاستحقاق الإرث، وهو ذو تبعات وذو تكاليف، وننتظرُ منكم ما ينتظره المدلج في الظلام من تباشير الصبح.

وإنكم يا أبناءَنا فارقتم الأهل، وفيهم الآباء والأمهات، وفارقتم الديارَ التي خلعتم فيها التمائم، وفارقتم الوطن الذي له على كل حرّ كريم دَين! وفاؤه الحب، وكفاؤه النفع والجميل، وما هوّن فراقكم على آبائكم وهوّن فراقهم عليكم إلا الآمالُ اللائحة لكم ولهم في مستقبلكم، ولما تعودون به من علم يصحبه فخر، وحسنُ ذكر، وطيبُ أحدوثة.
إن آباءَكم يتخيّلون من وراء هجرتكم ما يعود به المجاهد المقدام من أجر وغنيمة، وما يرجع به التاجر المخاطر من أرباح وطرائف.
وإنكم لتتخيلون من وراء هجرتكم- وأنتم في ربيع الحياة- ما يفوق أفوافَ الربيع حُسنًا وجمالًا، ويفوق أزهارَه أريجًا وعطرًا.
........
يا أبنائي، إذا عرفتم هذا، وعرفتم واجبَ أنفسكم التي تحمّلت الأتعاب، وتجرّعت مرارة الاغتراب، وذاقت طعم الحاجة والشدة، وواجبَ آبائكم الذين غذَوا وربَّوا، وأجابوا داعيَ العلوم فيكم ولبّوا، وواجب الوطن المجدب الذي جعلكم روّاده إلى القطر، وأرسلكم وانتظر، ورجا من إيابكم الحيا والحياة؛ إذا عرفتم ذلك كله، فماذا أعددتم لهذه الواجبات؟

إنكم لا تضطلعون بهذه الواجبات إلا إذا انقطعتم لطلب العلم، وتبتلتم إليه تبتيلًا، وأنفقتم الدقائق والساعات في تحصيله، وعكفتم على أخذه من أفواه الرجال وبطون الكتب، واستثرتم كنوزَه بالبحث والمطالعة، وكثرة المناظرة والمراجعة، ووصلتم في طلبه سوادَ الليل ببياض النهار.

إن أسلافكم كانوا يعدّون الرحلة في سبيل العلم من شروط الكمال فيه، بل كانوا، في دولة الرواية، يعدّون الرحلة للقاء الرجال من شروط الوجوب؛ فكانوا يقطعون البراري والصحارى والقفار، ويلقون في سبيله المعاطب والأخطار، وكانوا يجوعون في سبيله ويعرون، ويظمأون ويضحون، لا يتشكّون الفاقة والنصَب، ولا يعدّون الراحة إلا التعب، ولكنهم لا يضيّعون أوقاتهم- إذا وصلوا إلى أمصار العلم ولقوا رجاله- في مثل ما تضيّعون فيه أوقاتكم من إسفاف ولغو، بل كانوا يحاسبون أنفسهم على الدقيقة أن تضيع إلا في استفادة وتحصيل.
فتعالوا نقارن سيرتكم بسيرتهم، وتحصيلكم، ثم نتحاسب على النتيجة!
كانوا يقيّدون وأنتم لا تقيّدون، وكانوا ينسخون الأصولَ بأيديهم ويضبطونها بالعرض والمقابلة حرفًا حرفًا وكلمة كلمة؛ وأنتم أراحتكم المطابع، ويسّرت لكم الكتب؛ ورُبّ تيسير جلب التعسير؛ فإن هذا التيسير رمى العقول بالكسل، والأيدي بالشلل، حتى لا تجريَ في إصلاح الأغلاط المتفشية في تلك الكتب.
وكانوا يرجعون بالرواية الواسعة والمحفوظ الغزير، وينقلون الجديد من العلم، والطريف من الآراء والمفيد من الكتب، من الشرق إلى الغرب، ومن الغرب إلى الشرق، فانظروا بماذا ترجعون أنتم اليوم؟
كانوا ينقطعون عن أهليهم وديارهم انقطاعًا متصلًا يدوم سنوات، وأنتم تزورون أهلكم ودياركم في كل موسم، وفي كل عطلة، ويزورونكم، وتخاطبونهم في اليوم الواحد ويخاطبونكم.

الحقيقة أننا لا نسمّي رحلتنا اليوم رحلةً إلا بضرب من التوسع، كما نسمّي السفر بالطائرة سفرًا، ونضعه بجنب السفر على الإبل....

يا أبناءنا، إن الحياة قسمان: حياة علمية، وحياة عملية، وإن الثانية منهما تنبني على الأولى قوّة وضعفًا، وإنتاجًا وعقمًا، وإنكم لا تكونون أقوياء في العمل إلا إذا كنتم أقوياء في العلم، ولا تكونون أقوياء في العلم إلا إذا انقطعتم له، ووقفتم عليه الوقتَ كله، إن العلم لا يعطي القياد إلا لمن مهره السهاد، وصرَف إليه أعنّة الاجتهاد.

[COLOR="Red"]
لا تعتمدوا على حلق الدروس وحدها، واعتمدوا معها على حلق المذاكرة، إن المذاكرة لقاحُ العلم فاشغلوا أوقاتكم حين تخرجون من الدرس بالمذاكرة في ذلك الدرس، إنكم إن تفعلوا تنفتح لكم أبواب من العلم، وتلحْ لكم آفاق واسعة من الفهم.

لا تقنعوا بالكتاب المقرّر، واقرأوا غيره من الكتب السهلة المبسوطة في ذلك العلم، تستحكم الملكة ويتسع الإدراك، وسينتهي الإصلاح الذي تقوم به إدارات جامعاتنا إلى اختيار كتب سهلة ممتعة في كل علم، تفرض عليكم قراءتها ومطالعتها، ثم كتب أخرى، في المعارف العامة، كالتاريخ، والأدب، والحكمة، والأخلاق، والتربية، فوطّنوا أنفسكم على ذلك من الآن، وروّضوها على اختيار النافع المفيد من الكتب؛ [COLOR="Red"]ومن العار الفاضح أن لا نرى في الكثير من أبنائنا الذين تخرّجوا من الزيتونة، واتّجهوا بفطرتهم إلى الأدب، من استوعب كتاب الأغاني قراءة، ولا في من اتجهوا إلى علوم الدين من استوعب قراءة الصحيحين والسنن؛ ولعمري ما سلاح الأديب إلا الأغاني وأمثاله،(1) ولا سلاح الفقيه إلا تلك الكتب وأشباهها.

لا تقطعوا الفاضل من أوقاتكم في ذرع الأزقة إلا بمقدار ما تستعيدون به النشاط البدني، ولا في الجلوس في المقاهي إلا بقدر ما تدفعون به الملل والركود، ولا في قراءة الجرائد إلا بقدر ما تطلعون به على الحوادث الكبرى، وتصلون به مجاري التاريخ.
خذوا من كل ذلك بمقدار، ووفّروا الوقت كله للدرس النافع والمطالعة المثمرة.

لا تعتمدوا على حفظ المتون وحدها، بل احفظوا كل ما يقوّي مادتكم اللغوية، وُيُنمّي ثروتكم الفكرية، ويُغذّي ملكتكم البيانية؛ والقرآن القرآن! تعاهدوه بالحفظ وأحيوه بالتلاوة، وربّوا ألسنتكم على الاستشهاد به في اللغة والقواعد، وعلى الاستشهاد به في الدين والأخلاق، وعلى الاستظهار به في الجدل، وعلى الاعتماد عليه في الاعتبار بسنن الله في الكون.

اتركوا المناقشات الحزبية والخلافات السياسية لأهلها، المضطلعين بها، المنقطعين لها، ودعوا كل قافلة تسير في طريقها، وكل حامل لأمانة من أمانات الوطن مضطلعًا بحملها، قائمًا بعهده فيها، حتى تنتهي تلك الأمانات بطبيعتها إلى جيلكم، فتأخذوها بقوة واستحقاق، واعلموا أن كل مَن يدعوكم إلى ذلك إنما يدعوكم ليضلّكم عن سبيل العلم فهو مضلّ، وكل مضلّ مضرّ؛ أو ليتكثر بكم فهو غاشّ، وكل غاشّ ممقوت، أو ليلهيكم بما لا تحسنون عما تحسنون، فهو ماكر، وكل ماكر ممكور به؛ إن من يريد أن يتكثر بكم لا يتكثر إلا ليقللكم، ولا يتقوّى بكم حسًّا إلا على حساب إضعافكم معنى، فالحذر الحذر! فإن الوطن يرجو أن يبني بكم جيلًا قويّ الأسْر، شديد العزائم، سديد الآراء، متين العلم، متماسك الأجزاء، يدفع عنه هذه الفوضى السائدة في الآراء، وهذا الفتور البادي على الأعمال، وهذا الخمول المخيّم على الأفكار، وهذا الاضطراب المستحكم في الحياة، وهذا الخلاف المستمر على السفاسف، فإذا جاريتم هذه الأهواء المتباينة، واستجبتم لهذه الأصوات المتنافرة، ضيّعتم على الوطن جيلًا، وزدتم في بلائه ومحنته، وأطلتم مدة المرض بتأخير العلاج.
لا يعذلكم في حب وطنكم إلا ظالم، ولا يصرفكم عن إتقان وسائل النفع له إلا أظلم منه، أنتم اليوم جنود العلم فاستعدّوا لتكونوا غدًا جنود العمل.
إن وطنكم مفتقر إلى جيل قويّ البدن، قويّ الروح، مستكمل الأدوات من فضائل وعزائم، وإن هذا الجيل لمنتظرٌ تكوينه منكم، ومحال أن تخرج الحالة التي أنتم عليها جيلًا بهذه الصفات.
إننا نعلم أنكم تنطوون في أيام الطلب على خيالات وأماني من الراحة ورُفهنية العيش، وعلى آمال فسيحة في المستقبل، يوم تنتقلون إلى العمل، وتنتقلون إلى أهليكم تحملون الشهادات والألقاب.
وإن هذا هو منشأ القلق والاضطراب في نفوس الكثيرين من إخوانكم الذين يزاولون التعليم الآن.
فادفعوا عنكم هذه الخيالات، ووطنوا النفوس على أنكم تلقوْن من البلاء والمجهدة في الحياة العملية أضعاف ما تلقون منهما في الحياة العلمية.
لا أقول لكم هذا تهويلًا، ولكن أقوله ترويضًا، ومن وطّن نفسه على المكروه هانت عليه الشدائد، ووجد كل شيء ضاحكًا باسمًا جميلًا محبولًا.
ومن تخيّل الراحة وحكم أخيلتها في نفسه، ثم كذبته الآمال كان بين عذابين، أمضّهما كذب المخيلة.

يا أبنائي!
إن الزمن قد وضعكم وضعًا صيّركم جديرين بأن تطلبوا العلم لوجه الله، ولوجه العلم، لا للوظائف ولا للشهادات." اهـــ كلامه رحمه الله

آثار الشيخ البشير الإبراهيمي(3/201) بتصرف يسير.
(1) كتاب الأغاني كتاب ماجن قد حذر منه أهل العلم فلا يغتر بذكر الشيخ له .


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله بوزنون ; 13 Sep 2015 الساعة 09:05 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 Sep 2015, 11:46 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا الإمام عبد الله.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 Sep 2015, 01:17 PM
أبو زكرياء إسماعيل الجزائري أبو زكرياء إسماعيل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
الدولة: سطيف -حرسها الله بالتوحيد و السنة-
المشاركات: 259
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي عبد الله
و رحم الله شيخنا العلامة محمد البشير الإبراهيمي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 Sep 2015, 10:06 AM
أبو أسامة عيسى الشلفي أبو أسامة عيسى الشلفي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 92
افتراضي

مقال ماتع و نافع جزاك الله خير على نقلك المسدد لهذا الكلام من العلامة الابراهيمي الذي كان إمام من أئمة السلفية كما قال العلامة محمد علي فركوس

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أسامة عيسى الشلفي ; 17 Sep 2015 الساعة 10:10 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 Sep 2015, 05:49 PM
عبد الله بوزنون عبد الله بوزنون غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 187
افتراضي

بورك فيكم و جزيتم خيرا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, دعوة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013