الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أما بعد، فهذا بحول الله و قوته و فضله تعالى و نعمته "الجزءُ الثاني" من طليعة الرد على الحلبي
و قد كان أحد أعضاء منتدى الضرار الذي اتخذه الحلبي تفريقًا بينَ المسلمين و إرصادا لمن حارب السنة و أهلها، كتب مقالا يرميني فيه مفتريا كاذبا و الله حسيبه بالكفر، و تكلمت حينها بجملتين اثنتين تحمّلان صاحب المنتدى و متخذه مسؤوليته، بأنه يحمل وزر كل ذي وزر يكتب موضوعا عنده أو يعلق عليه.
و ردّ الحلبي ردًّا فاحشا حشْوُه التخليطُ و التخبيط لم يحدّد فيه للنزاع موضعا ولا جعلَ فيه منْ تكفير المسلمين مانعا، فوجهت إليه رسالة عاجلة ليرعويَ عن غيه و يرتدعَ عن فحشه فلم يرعوِ و لم يرتدعْ، و لم يتوقف عند حدِّ الدفاع عمن كفرَ المسلمين في صفحات منتداه، بل زاد في التكفير عليه، و قد حاول الحلبي محاولةً ساذجة مضحكة أن ينفي مسؤوليته عن كتابة الكاتبِين في منتداه، ثم غلا في تشدده فكفرني، ثم غلا في غلوه فلمز النبي صلى الله عليه و سلم و شتمه بأبي هو و أمي و نفسي صلى الله عليه و على آله و سلم.
و الحلبيُّ في هذا كلّه فلا يتوقفُ عند حدِّه و لا يجدي مع غلوه مراجعةٌ و لا رد، و كان لابد من الرد عليه في تخليطه و تخبيطه لدفع بغيه و عدوانه و كشف حاله في تشدده و غلوه و بيان مبلغ تعالمه و عقله، حتى يظهر مقدار ما يدعيه أو يدعى له من آثاره و علمه و هذا تفصيل ذلك الإجمال و الله المستعان.
أولا : النظرُ في محاولة تخلصه عن مسؤوليته عن منتدى ضراره
قال مخادعا مخاتلا و متشكيا متباكيا :"بسببِ معرفتي القديمة عنك و لا أراها إلا متجددةً لعلك لم تدخل إلى المنتدى قط، بالرغم من أن دخوله ليس من موجبات الغسل، و لو قد فعلت ـــ و قد لا ـــ لن = تفعل ـــ لواجهتك الصفحة و لا أقول الصفعة منه مصدَّرة الآية الكريمة {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} كلّ عضو مسؤول عما يكتب أمام الله جل و علا و أمام خلقه فلماذا تحملنا أوزار غيرنا أي ظلم أشد و أنكى" هذا تباكيه المقيت و دفاعه اللقيط، و تلك حجته الداحضة بلسانه السليط، و قد ذكرني وعظه مع سوء صينعه بما تكتبه شركات الدخان على علب التدخين "ضار جدا بالصحة"، و هذه الشركات هي التي تقوم بتصنيع الدخان و ترويجه.
أفرأيت يا حلبي : لو أن رجلا أباح بيتا بلا ضرورة ملجأة و لا حاجة دافعة للناس كافة، يفعل من يشاء ما يشاء و يغشى فيه من أراد ما يراد، و البيت يغشاه الأبرار و الفجار و الصالحون و الأشرار، و قد اكتفى صاحب البيت بأن يواجه الداخلين بصفحة لا صفعة كتب عليها قوله تعالى { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، يتلوها مباشرة كل داخل مسؤول عما يفعله و يقوله أمام الله جل و علا و أمام خلقه، و صاحب البيت يعلم يقينا أن أكثر الداخلين مجهول الحال، بل مجهول العين و أكثرهم قد اتخذ أسماءً مستعارة و ألقابا و معرّفات لا تدل على حقائق مألوفة و لا شخوص معروفة و هم يغشون بيته للفسق و الفجور و ارتكاب الآثام و مواقعة الشرور و إشاعة الفرقة و النزاع و إثارة الأحقاد و الصراع، فهل يُخرج هذا الرجل يا حلبي من الإثم و الخطيئة بما كتبه على الصفة الصفعة من تذكير ز تحذير و ترهيب و نذير، و قد أباحهم بيته بلا ضرورة ملجأة و لا حاجة دافعة يغشون فيه الخنا و يواقعون فيه الوزر و الفجور.
يا حلبي : بأي كتاب أم بأية سنّة تتخذ للناس مجلس غيبة و نميمة، تؤكل فيه لحوم المسلمين و تمزق فيه أعراضهم و يشهر فيه بهم ثم تدعي برأتك من الإثم و خلوصك من الوزر، ثم تغلوا يا شيخ الغلاة في ادعائك البراءة من الإثم و خلوصك من الإثم، بزعم أن ما تحمله من الإثم بسبب منتداك أرجى عملٍ لك عند الله، أين يذهب بك يا هذا، أما إني ناصحك شفقة عليك و رحمة بك، أن تعتزل الناس شهرا أو شهرين، أو سنة أو سنتين، لتخلو في ذلك بنفسك الأمارة بالسوء لتردعها عن مقارفة الآثام و احتقار الأوزار، و لتخرج فيه من واقعك الذي تدور فيه دوران الحمار في الطاحونة لتراجعه و تراقبه، و لتنظر منتهيا إلى ماضيك لتفحصه و تمحصه عسى أن تهدى بعد للخروج من سوء الإثم، و بذاءة الذنب إلى حقيقة المتاب و الصدق المهاب.
أما إنك ياحلبي : لا تجهل أن المتسبب كالمباشر أو تعلم ذلك و تتجاهله، و لن ينجيك من الإثم تجاهله فإن الناقد بصير و الله سبحانه مطلع على سريرتك خبير بطويتك عليم بذات صدرك و هو اللطيف الخبير، و لن ينجيك من الإثم جهلك فقد أزلتُه و أعلمتُك، و صرت على بينةٍ من أمرك، فاحذرْ عقاب من يراك و يسمعك و هو السميع البصير.
و قد اجتهدتُ في تقريب المسألةِ لفهمِك بالمثال تقريبا كبيرا، و بذلتُ من الوسع لتفهيمك خطورة ما تقوم به على دينك و آخرتك شيئا كثيرا، عسى أن تتأمل أنت، نعم أنت، فيما يواجهك من الصفحة أو الصفعة مما جعلته في صدر منتداك من قول الله عز و جل {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ليكونَ حاجزا لك عن الإثم، و مانعا لك من الجهل، و إلا تفعل فمثلك ما ضربه الهذلي مثلا في قوله :
فلا تك كالثور الذي دفنت......له حديدة حذف ثم ظل يثيرها
فإلم ينفعْك قوله فأذكرك بقول نويفل بن لقيط :
فلا تك حفارا بظلفك إنما...... تصيب السهام الغي من كان غاويا
و سأذكّر الحلبي ببعض ما ينشرُ في منتداه من تكفير المسلمين، و طعن في عقيدتهم، و ما يصدر منه هو من ثناء على ذلك و تعضيدٍ له مقالا في منتدى الحلبي لسبَّاب تكفيري جاهل من الجزائر الحبيبة الطيبة يقال له "الطّيباوي" و الحق أنه "النجساوي"، و "النجساوي" هذا بحاجة إلى أن ينصبه أهل السنة في الجرائر الحبيبة الطيبة، أن ينصبوه في باحة غرضا ليبصق عليه كلٌّ منهم بصقة من لعابه الطَّاهر، فإذا أغرقوه في لعابهم الطهور فلعل "النجساوي" أن يتطهر به من نجاسته و دنسه، عسى أن يكون آدميا بعد خنزيريته.
و السؤال الآن للحلبي : ما الحكم عندك في من يكون عميلا للعلمانيين أمسلم هو ؟ أم كافر كفرا أكبر؟ أم منافق نفاقا أكبر؟ فيمن يتحزب للميس و هديل و واهل و السويدس قال "النجساوي" فظ الله فاه في منتداك يا حلبي و عليك وزره :"هذا الذي يدافع عن العلمانيين و دستورهم بالسكوت حيث يجب النصح" و قال أعمى الله بصره في منتداك يا حلبي و عليك وزره :" و من أول يوم متحزب للميس و هديل و وائل و سويدس " و قال قصم الله ظهرك و ظهره في منتداك يا حلبي و عليك وزره عندما يصف:" كذاب منغمس في الجهل و الجهالة و العمالة للعمانيين" إلى آخر نهيقه في منتداك يا حلبي، و ظهرت أنت يا حلبي يا شيخ التكفريين الغلاة لكي تعلق على ما كتب "النجساوي" في مكنتداك بقولك "جزاكم الله خيرا يا أبا هارون على هذه المساهمة الكريمة و في الرد على شر هذه الشرذمة اللئيمة التي يزين بعضهم لبعض أقبح السوء بخصائصه الذميمة " أخزاك الله يا حلبي أتجزي هذا الجرو خيرا على تكفيره للمسلمين فجزاه الله جزاء الكلاب العاويات، و جزاك مثله، ويحك أتصف مشاركة هذا الجرو التكفيري في تكفير مسلم و الاستطالة في عرضه بالكريمة، بل أتصف مشاركة هذا التكفيري الهالك و فيها لمز برسول الله عيسى عليه الصلاة و السلام و إزراء به بالكريمة، أمثل هذا التكفيري في منتداك يا حلبي مما تعدُّه أرجى أعمالك عند الله، ألست تحمل هذا الجرو و وزر الجراء التي دخلت لتنعته بالشيخ تارة، و الأستاذ تارة، و الأخ تارات، أوقد أعماك حقدك عن رؤية سطور تكفيره و زكم أفك أشرك عن شم نجاسته أسأل الله أن يعاملك و أن يعامله و أمثالكما بعدله .
يا حلبي : اعلم قدرك و الزم حدَّك و دعك من تهويشك، و اخرج من تهريجك و اعلم أنك لم تتأصل تأصلا علميا و لم تُعد إعدادا سلفيا و لم تتخصص تخصصا منهجيا أقبلْ على شأنك و اعتنِ بأمرك و توقف عن الكلام و الكتابة، و أقبلْ على التعلم و الطلب و ليكنْ قولَ الشاعر القديم دائما على ذكر و هو:
ملك القناعة لا يخشى عليه و لا ..........يحتاج فيه إلى الأنصار و الخول
فيما اعتراضك لج البحر تركبه ................و أنت تكفيك منه مصة الوشل
و مع أن الحلبي الحدادي رأسان في طاقية إلا أني أسألك يا حلبي: ألا تعلم أن أكثر الذين يناصرونك و يدافعون عنك هم من الحدادية؟ ألا تعلم أن الحدادية بعد الروافض أنجس أهل البدع و هم مع ذلك يناصرونك؟ و معهم في مانصرتك و المنافحة عنك القطبيون و الإخوانيون و النتعصبون و الحاقدون، هؤلاء جميعا منهم من يبدعك ومنهم من يضللك و منهم من يخطئك بل ومنهم من يكفرك، و هذه مع ذلك هي المعركة التي جعلت فيها "الميدان يا حميدان" فجعلت الميدان فيها صفحات منتداك، و ستلقى الله تعالى بأقذراها و أوظارها في كفة سيئاتك لأن وقائعها و أحداثها تدور في بيتك و تحت عينيك و بماركتك و مشاركتك، و لتحملن إن شاء الله أوزارك و أوزار و أوزارا مع أوزارهم و الله الموعد.
فكم برزت تدعي الحلم و الأناة في التعامل مع الخصوم، و تزعم الحرص على لم الشمل و جمع الصف في منتدى ضرارك، و هأنت ذا تكذبُ فعالُك مقالك و تأوي إليك من يكفر المسلمين و من يختلق الكذب عليهم، و من يتتبع عوراتهم و يستطيل في أعراضهم، ومن يلمز بعض الأنبياء و يزري به، و أنت مع ذلك تقبلهم و تعدلهم، علمك العلامة الإلباني أن تعدل من لا تعرف حاله؟ بل من لا تعرف عينه؟ بل من لا تعرف رجل هو أم امرأة؟ أبرٌّ هو أم فاجر؟ بل لا تعرف أمسلم هو أم كافر؟ و هل يبعد أن يكون بين أعضاء منتداك كفار أصليون و أهل كتاب و وثنيون و روافض مجرمون يشاركون جميعا كما يشارك المسلمون و يبغون الفتنة و يشيعون الكذب بين لنا ما الذي يمنع من ذلك يا حلبي.
ثانيا : النظر في اجرمه من وزر و اقترفه من إثم في حق رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم بلمزه و شتمه بأبي و أمي هو ونفسي صلى الله عليه و على آله و سلم و ما اقترفه في حق أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه من لمز و شتم و اقترفه في حقي من تكفير
و قبل الشروع في ذلك تفصيلا في ذكره أذكر أكبر الأسباب التي أدت بهذا المتعالم المتفاصح إلى هذه المهاوي السحيقة من الإثم و الوزر و الافتراء و البهت، هو ضعفه الفاضح في معرفة لغة العرب و ذوقه السقيم المسف في فهم مفرداتها، فضلا عن جهله بتركيبها و أساليبها، و عجزا عن الإحاطة بمعانيها، و إنما مثله مثل العجمي المبتدئ في تعلم العربية بمعرفة معاني بعض ألفاظها في جمل قريبة المعنى، سافرة الوضوح فلا يعرف للفظ سوى ذلك المعنى الواحد لا يتجاوزه، و إذا جاء اللفظ في غير سياقه المعروف له خطَّأه و خطأ قائله، وهو المخطئ و رده و أنكر القول به و هو المنكر، فهذا بعينه حال الحلبي مع المفردات و التراكيب و الأساليب و النصوص، مثال ذلك عنده أني لما قلت له : "لقد صار منتداك مباءة لكل جرثومة حاقدة على السنة و أهلها" علق بقوله الفاضح لجهله المحيط ببراهين عيه و حصره في بره و بحره و سهله و ووعره : "و أما الجرثومة فهل لما قلتها أدركت حقيقة معناها، أي هذا المتبجح المتفاصح أم أنك استمعلها على المعنى الشائع الذائع، لا مانع من أن تراجع، و ليكن إذا القاموس المحيط فلا أراه بعيدا عن متناول يدك أو يد من هو عين لك، إن كان / كنتما = تعرف (ان) طريقة المراجعة فيه، و ليست هي عسرة التعلم إن شاء الله"، و على قدر بذائتك يا حلبي و تسفلك و حقدك الذي ينضح به قولك إلا أني فرحت لك فرحا صادقا بألف ليلة بيضاء بألف، علي الحلبي عرف القاموس المحيط "أيا زماني أيا زماني" هاته مقتبسة من تخريفك الآن اطمأننت عليك بعض الاطمئنان يا حلبي و لكن دعني أختبرك حتى أطمئن عليك تمام الاطمئنان كيف تبحث في القاموس المحيط عن "أيا زماني يا علي يا زلباني" و تعالى على حجر عمك يا حلبي حتى يعلمك مما علمه الله و لا تنس و أنت على حجر عمك قول العقاد :
و إن كان يسوؤك و ينوؤك ......مرحاضه أفخر أثوابنا
و نحن لا نقصر عن عذره طرطوره ....ملقا على ظهره و حجره الم في خصره
اعلم يا بني أن الأصوليين قرروا كما في "روضة الناظر" و "نشر البنود" و غيرهما من كتبهم أن الأصل أن تقدم الحقيقة الشرعية لتفسير نصوص الشرع ما لم يأت ما يدل على تقديم الحقيقة اللغوية أو العرفية فإلم يكن للفظ معنى شرعي، قدمت الحقيقة العرفية في تفسيره و بيان المراد منه ما لم يأت ما يدل على تقديم الحقيقة اللغوية، فإلم يكن للفظ معنى شرعي و لا عرفي فسر بحسب اللغة،و قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى في مذكرة أصول الفقه:"اعلم أن التحقيق حمل اللفظ على الحقيقة الشرعية ثم العرفية ثم اللغوية"
و الآن يا علي يا ابني : لفظ الجرثومة ما هي حقيقته الشرعية تقول : ليس له حقيقة شرعية جدع يا علي، و هو كذلك يا بني و كما قرر الأصوليون كما ذكرت فاكر يا علي نقدم الحقيقة العرفية على الحقيقة اللغوية
و الحقيقة العرفية يا علي نوعان :
1 ـ عرفية عامة : و هي ما تعارف عليه أهل العرف عامة
فمثلا : لفظ الدابة في اللغة اسم لكل ما يدب على الأرض من إنسان و حيوان غير أن العرف خصصه بذوات الأربع أو فيما له حافر فقط كالفرس و البغل و الحمار.
2 ـ و عرفية خاصة : و هي ما تعارف عليه بعض الطوائف من الألفاظ التي جعلوها لمعنى عندهم.
فمثلا : لفظ الجزم في اللغة يعني القطع كما القاموس المحيط، كما فين يا علي ؟ كما في القاموس المحيط يا ولدي، و لكنه عند النحويين نوع من أنواع الإعراب يعني الجزم، قال بن بدران رحمه الله تعالى في المدخل :"و متى ورد اللفظ وجب حمله على الحقيقة في بابه لغة أو شرعا أو عرفا" و عليه إذا قلت لك يا حلبي لقد صار منتداك مباءة لكل جرثومة حاقدة على السنة و أهلها، يجب عليك كما قال بن بدران لا بن رسلان حمل لفظ الجرثومة على الحقيقة العرفية و الجرثومة في الحقيقية العرفية هي واحدة الجراثيم، و هي الحييات التي تسبب بقدر الله تعالى الأمراض و الأسقام، و لن تبلغ من إفهام ولدك الذي يدرس الأحياء مبلغا يرضاه إذا استفسرك عن معنى الجرثومة في درسه فلم تذكر له الحقيقة العرفية، و لكن إذا استفسرك عن معنى الجرثومة فذكرت الحقيقة اللغوية و هي: أن الجرثومة هي الأصل و الغلصمة و التراب المجتمع حول أصول الشجر و قرية النمل ،كما في القاموس و غيره إذا ذكرت له هذه الحقيقة اللغوية فقال لك :ما معنى أن جرثومة السل تسبب بقدر الله السلَّ و أن جرثومة الكوليرا تسبب بقدر الله الكوليرا فأجبت بقولك على حسب الحقيقة اللغوية أصل السلِّ يسبب السل و كذلك الغلصمة تسبب السل و التراب المجتمع حول أصول الشجر يسببه و كذلك قرية النمل تسببه و قلت له و كذلك الشأن في الكوليرا يا بني .
إذا ذكرت ذلك له فأخبرك أنه لم يفهم شيئا، قال له فما أنت فاعل يا حلبي؟ هوِّن عليك أجيبك أنا ستقول له يا بني احمد الله أن رزقك أبا مثلي أعرف الحقائق اللغوية و أجيبك بها، و أعرف المراجعة في القاموس المحيط، فعمك رسلان لا يعرف طريقة المراجعة فيه فإذا قال لك فأخبرني الذي يقوله عمي رسلان عن الجرثومة حتى أحكم عليه، فأخبرته أنت بما ذكرت لك من الحقيقة العرفية فقال هذا هو ما يفهم حقا، و الآن فقط فهمت ما سألتك عنه إن قال لك ذلك فما أنت قائل له و ما أنت فاعل به يا حلبي؟ إياك أن تعنفه أو تضربه أو تثرب عليه يا حلبي.
و لما كان الشيئ بالشيئ يذكر فعلى ذكر قرية النمل في معنى الجرثومة اللغوي، لو قال لك ولدك يا حلبي : لقد لعمونا اليوم في الكمياء أن المادة تتكون من جزيئات، و أن الجزيئات تتركب من ذرات فالماء مثلا مكونٌ من جزيئات و كل جزيء مكون من ذرة من الأكسجين و ذرتين من الهيدروجين، فما معنى الذرة يا أبتاه ؟ اعتدلت أنت و تنحنحت و بسطت و تمخضت بأصبعيك فحذفتها فما أخطأت وجه الولد ثم قلت له: يا ولدي الذرة واحدة الذر و الذر صغار النمل، فالذرة النملة الصغيرة كما في القاموس المحيط ،و هو علم وقع لأبيك منه قدر صالح و لم يقع لعمك رسلان منه شيئ، إذا قال لك الولد ما معنى ما درسناه اليوم في الكيمياء من أن جزيء الماء يتكون من ذرة من الأكسجين و ذرتين من الهيدروجين؟ معنى ذلك أن جزيء الماء يتكون من نملة من الأكسجين و نملتين من الهيدروجين فكم نملة يتكون منها الماء في الكوب الذي بيدك يا أبتهاه؟ و هل نمل الأكسجين كنمل الهيدروجين حذو النملة بالنملة؟ أم لكل خصائصه؟ و هل من كل من نمل الأكسجين و نمل الهدذروجين ذكور و إناث؟ أم من كل جنس واحد منعا للاختلاط في الأكواب؟ و كم تتفس من نمل الأكسجين في كل نفس يا حلبياه يا أبتاه؟ أجبه يا حلبي يا أيها المتحذلق العيي و احذر أن تجيبه بغير القاموس المحيط يا حلبي، هذه طريقة الحلبي في فهم اللغة يا عباد الله .
و قد تورط المسكين ، المسكين بحق في لمز النبي صلى الله عليه و سلم و شتمه بسبب تفاصحه و جهله و ضيق فقهه و سوء فهمه، و قبل أن نبين ما اجترمته يا حلبي في حق النبي صلى الله عليه و على آله و سلم سأذكر لك ما قصه العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله على حكم والده فيمن تورط في أقل بكثير مما تورطت فيه أنت من لمز للنبي صلى الله عليه و سلم و انتقاص لمقامه الرفيع بأبي هو و أمي و نفسي صلى الله عليه و على آله و سلم، قال العلامة أحمد محمد شاكر رحمه اله تعالى في مقاله "جهل و سوء أدب ثم إصرار و قحة و غرور" و كان مقاله موجها لمحمد زكي عبد القادر بسبب مقال كتبه اعتقد أنه يثني به على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فأساء الأدب فلما روجع أصر و استكبر فكتب الشيخ أحمد شاكر كلاما طويلا قال بعده : "و سأقص عليك من مثل ما فعلت، قصةً كانت في عصرنا ما أظنك أدركت عهدها، و لعلك سمعت بها عسى أن يكون لك فيها موعظة و عبرة : كان طه حسين طالبا بالجامعة المصرية القديمة حين كانت برئاسة الأمير فؤاد الملك فؤاد فيما بعد و تقرر إرساله يعني ــ طه حسين ــ لبعثة إلى أوروبا فأراد السلطان حسين أن يكرمه و يكرمه بعطفه و رعايته فاستقبله في قصره استقبالا كريما و حباه هديةً قيمةَ المغزى و المعنى، و كان من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف خطيبٌ فصيح متكلم مقتدر هو الشيخ محمد المهدي خطيب مسجد عزبان، و كان السلطان حسين مواظبا على صلاة الجمعة في حفل فخم جليل يحضره العلماء و الوزراء و الكبراء، و صلى الجمعة يوما ما بسجد المبدولي القريب قصر عابدين العامر و ندبت وزراة الأوقاف ذاك الخطيب لذلك اليوم و أراد الخطيب أن يمدح السلطان، و أن ينوه بما أكرم طه حسين و حق له أن يفعل، و لكن خانته فصاحته و غلبه حب التغالي في المدح فزل زلة لم تقم له قائمة بعدها، و أعتقد أنها كانت أخف من زلتك ــ الكلام شيخ أحمد شاكرــ و أعتقد أنها كانت أخف من زلتك إذ قال أثناء خطبته "جاءه الأعمى فما عبس و ما تولى" قال:" الشيخ أحمد شاكر و كان من شهود هذه الصلاة والدي الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر سابقا رحمه الله و قام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أن صلاتهم باطلة ، و أمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر فأعادوها ذلك لأن الخطيب كفر بما شتم رسول الله صلى الله علية و آله و سلم تعريضا لا تصريحا، لأن الله سبحانه عاتب على رسوله صلى الله عليه و سلم حين جاءه ابن أم مكتوم الأعمى و هو يحدث بعض صناديد قريش يدعوهم فعرض عن الأعمى قليلا حتى يفرغ من حديثه، فأنزل الله عتاب رسوله صلى الله عليه و سلم في هذه السورة الكريمة، ثم جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل يريد أن يتملق السلطان و هو عن تملقه غني و الحمد لله، فمدحه بما يوهم السامع أنه يريد إظهار منقبة لعظمته بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله و أستغفر من حكاية هذا فكان صنع الخطيب المسكين تعريضا برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا يرضى به مسلم، و في مقدمة من ينكره السلطان نفسه ثم ذهب الوالد رحمه الله فورا إلى قصر عابدين و قابل محمود شكري باشا و هو له صديق حميم و كان رئيس الديوان إذ ذاك و طلب أن يرفع الأمر إلى السلطان و أن يبلغه حكم الشرع في هذا بوجوب إعادة الصلاة التي بطلت بكفر الخطيب، فلم يتردد شكري باشا في قبول ما حمل من الأمانة، و أعتقد أن السلطان لم يتردد في قبول حكم الشرع بإعادة الصلاة، و كاد الأمر أن يقف عند هذا الحد لأن قوانينكم هذه التي تدينون لا تحمي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من سفه السفهاء و لا من حمق الحمقى و الأدعياء، ثم دخل فيه دخلاء السوء ممن يحرصون أشد الحرص فيما زعموا على حقوق الأفراد و يغلون أشد الغلو في هضم العلماء و هدمهم حتى يشغلوهم بأنفسم عن نصر دينهم و الذب عن حوضه، و كان ذلك الرجل الخطيب متصلا ببعض المستشارين الكبار اتصال التابع بالمتبوع يؤدي لهم كثيرا من الخدمات، فأشاروا عليه بأن يرفع دعوى جنحة مباشرة على أبي لأنه سبه سبا علنيا في المسجد و في ديوان السلطان، و أشفقَ من لم يعلم أن ينال أبي من ذلك السوء و ثار البلد و كثر اللغط، و وقف رجال كرام من رجال القضاء الأهلي قي ذلك مواقف مشرفة بين مسلم و قبطي كانوا يدا واحدة في الذب عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أنكر أي مساس و لو من بعيد بمقامه الكريم، و لم يعبأ والدي رحمه الله بقضية الخطيب و لا بمن وراءه من الكبار بل وكَّل عنه صديقه الأستاذ الكبير محمد بك أبو شادي، و كان موقفه في القضية أنه لم يحتكم في حكم الشرع في جريمة هذا لمجرم إلا علماء الأزهر لأن حكم المساس برسول الله صلى الله عيه وسلم و لو تعريضا معروف للدهماء، لا ينكره جاهل أو متعنت أو غبي و إنما نقطة البحث الصحيحة فيه عربية لغوية صرفية آلذي صدر من الرجل الجاني المدعي أنه مجني عليه تعريض بالمقام الكريم مقام الرسول الأعظم صلى الله عليه و سلم بدلالة اللغة و الاستعمال؟ أم ليس بتعريض؟ فلا يحتاج الفصل في هذا إلى علماء الأزهر خشية أن يظن بهم ما هم برءاء منه من العصبية بل هي نقطة عربية لغوية يكفي فيها رأي بعض المستشرقين الإفرنج ممن لا يظن بهم العصبية لرسول الله صلى الله عليه و سلم، بل هم مظنة الضد من ذلك فكان تصميم الوالد رحمه الله عزم على أنه إذا وصلت القضية إلى المحكمة و عرضت أن يطلب ندب خبراء مستشرقين ليحددوا بخبرتهم في لغة العرب دلالة كلام الخطيب من الوجهة العربية أهو تعريض أو لا ؟ ثم يكون الفصل القضائي طبقا لما يقرره الخبراء ثم دخلت الحكومة في الأمر خشية ما يكون من وراء هذه القضية من أحداث و أخطار و طوي بساطها قبل أن ينظرها القضاء و لكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى و أقسم بالله ــ يقول العلامة أحمد شاكر ــ لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين و بعد أن كان متعاليا متنفخا مستعزا بمن لاذ بهم من العظماء و الكبراء رأيته مَهينا ذليلا قادما على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة و صغار حتى لقد خجلت أن يراني و أنا أعرفه و هو يعرفني لا شفقة عليه فما كان موضعا للشفقة ولا شماتة فيه، فرجل نبيل يسموا على الشماتة و لكن لما رأيته من عبرة و موعظة ــ قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ــ وثق أيها الأستاذ زكي عبد القادر أنه لن يمسك في هذا البلد أحد بسوء، و لكن اعتبر بمن قبلك و انظر لما بيبن يديك و أن أمحظك النصح في الله مخلصا و قد ترتفع في الدنيا درجات و لكن احذر أن يريك الله آياته في فسك"، ثم قال رحمه الله:" فإن شئت أن تستفيد علما في الأمر الذي أوقعك فيه قلمك و أن تستيقن أنا نصحنا لك بالحق المبين ليس لنا من وراء ذلك مقصد أو هوى فاقرأ كتابا خاصا بهذه المسألة ألفه إمام عظيم من أئمة المسلمين، هو شيخ الإسلام بن تيمية و هو كاتبه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" كتاب ضخم يقع في ستمئة صفحة طبع في مطبعة حيدر أباد بالهند سنة اثنتين و عشرين و ثلاثمئة و ألف، و لم يدع قولا في هذه المسألة إلا سرده و لا برهانا إلا شرحه و بينه، و لئن قرأته لتجدن فيه علما جما لم يجُل بخاطرك أن ترى مثاله فيما تعرف من الكتب و المؤلفين، إن اهتديت فإنما تهتدي لنفسك و إن ضللت فإنما تضل عليها و ما أحد منا عليك بوكيل فولّانا الله و إياك بهدايته و جنبنا مواقع الفتن و مزالق الزلل و السلام على من اتبع الهدى"
و أرشدالحلبي إلى كتاب "الشفاء" للقاضي عياض فلينظر فيه حكم من استهزء بالنبي صلى الله عليه و سلم و لو كان تلويحا أو تريضا والذي قاله العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر لمحمد زكي عبد القادر هو بعينه ما أقوله لك يا حلبي و سبب ذلك من وجهين مجمل و مفصل :
1 ـ فأما المجمل : فهو أني لما كتبت للحلبي الرسالة العاجلة وصفت له فيها الحال و أوجزت فيها المقال و بيّنت له سوء قول الناس فيه و في منتداه، حتى قيل فيه هو "مرحاض عمومي" فآذاه الوصف فأفقده صوابه، ثم ادعى أن بعضهم سأله عن حكم وصف منتداه بأنه مراحيض بالجمع "أليس هذا قولا كفريا" فأجاب بما أعود إليه إن شاء الله تعالى من تكفير و تحميط، ثم استمر مريضه حتى أتى بكلام لمصطفى صادق الرافعي جعله تحت عنوان "أيا سامعي هذا كلام الأديب الرافعي في النهي و التحريض عن ذوق ذوي ذكر المراحيض" هو عنوان غث بارد متلف سخيف تنبعث منه رائحة كريهة كأنما بعثت من المراحيض، و هذا المتهور الذي لا يدري مواقع كلامه ينزّل كلام الرافعي لا على شعر العقاد وحده بل على كل من ذكر كلمة المراحيض في سياق، و قد ذكر رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم الكلمة في حديث صحيح فما حكم الحلبي إذا؟
2 ـ و أما المفصل : هو أن الحلبي لما ذكرت في الرسالة العاجلة ما قيل عن منتداه من كونه مرحاضا بالإفراد لا بالجمع عموميا كانت له مع المراحيض مراحل ثلاثة و هي :
المرحلة الأولى : رده في مقاله "نعم يا فلان هذا مقالي" راح كالهاذي يردد الكلمة مرات مع أنه استنكر قوله قال :"يوصلنا إلى مراحيضه العامة التي تغنى بتردادها أكثر من مرة" و قال "ليصل بك إلى محيط المراحيض" و قال :"من فنون سب جرثيم مراحيض تكفير راقصات" إلخ و قال : "سياقات و سباقات أدت إلى التجرثم و التمرحض" و لم يذكر في ذلك المقال اعتراضا شرعيا على الكلمة و لا حكما لمن قالها في منتداه، لأنه يعلم ألا تعلق لها بشيئ من ذلك و شغل نفسه في هرائه بمثله، و زعم شلطة مائلة يزعم علامة يساوي البعض علامة تعجب اقفل القوس و بمثل ذلكم أن جميع و سائر، و كل مع ما في كلامه من الركاكة و قد وضع كلمة "السائر" في غير ما أراد فما كما بين الحريري في أوهام الخواص و بمثل قوله معروف مكشوف مكسوف بجهلهم ملفوف و بتقليدهم محفوف، كأن به جنة معروف مكشوف مكسوف بجهلهم ملفوف و بتقليدهم محفوف، فرقية تقال على المصروع هذا ماذكر تماما
التذكير بسجع الكهان و زمزمتهم و بمثل قوله كحال التاجر المفلس الخاسر لما أدلس عما فيها من الاجتذال و الركاكة إلى غير ذلك مما ذكره و لو تتبع لأدى إلى نقل مقاله كله هذه هي المرحلة الأولى له مع المراحيض.
و أما المرحلة الثانية : فإفتاؤه في مقاله ا"لتمحيض بحكم قول البغيض المريض بوصف منتدى كل السلفيين بالمراحيض شفاه الله" ، و قد زعم أن بعض إخوانه الطيبين سأله عن حكم وصف المنتدى بالمرحاض هل هو قول كفري أو لا؟ و أجاب بأنه كذلك، و أن قائله إما أن يقرَّ على نفسِه بالحماقة و إما أن ينزل عليه وصف الكفر عينا، هكذا خط اللسق قال : "و إما أن تحكم عليه بالكفر واقعا" ثم راح يطيل الكلام في غير طائل و سبحان من جمع المتناقضان في مسلاخ هذا الآدمي حتى صار مرجئيا تكفيريا في آن و لله في خلقه شؤون.
المرحلة الثالة : له مع مراحيضه تعدى فيها على مقام الرسول صلى الله عليه و على آله و سلم فلمزه، و نزل عليه بأبي هو و أمي و نفسي ما ذكره الرافعي في العقاد كتب مقالا عنوانه "أيا سامعي هذا كلام الأديب الرافعي بالنهي و التحريض عن ذوق ذوي ذكر المراحيض" و العنوان مع ركاكته دال دلالة قاطعة على أن من ذكر كلمة المراحيض فهو ذو ذوق هابط و أخلاق سيئة، قد جعل كلمة المراحيض بين قوسين و أتبعها بعلامتي تعجب إحداهما داخل القوسين و الأخرى خارجهما و الذي يظهر أن وصف المنتدى آذاه و أشقاه، فراح يلتمس الوسائل لدفعه و رفعه و التنفير منه و الصد عنه فأعطاه حكما تكفيريا، و أراد مع ذلك أن ينفر منه بوصف من فاه بالكلمة بالغبي و فاسد الذوق دنيئ الحس و أنه من حثالة العامة مغموز في أصله و تربيته، و قد أدخل بتعميمه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أبا أيوب رضي الله عنه و كثيرا من السلف، و أصل ما ذكره الحلبي حاطب الليل الذي ظن الحية حبلا و الثعبان عصا أنه فيما يبدو لما آذاه الأمر و أثقله فزع إلى محركات البحث على الشبكة العنكبوتية ليبحث عن الكلمة التي آذته فدُل عن مقال من مقالات الرافعي فير العقاد، و هو من مقالات جمعت تحت اسم عام هو "على السفود" و في ذلك المقال نقد للرافعي ببعض شعر العقاد ذكر فيه كلمة "المرحاض" وآوى الحلبي إلى مرحاضه و إن كان الحلبي قد ارتضى طريقة الرافعي في سفافيده فلماذا فزع عندما أدخلناه السفود؟ و قد صدق فيه قول الرافعي :
و للسفود نار لو تلقت..... بجاحمها حديدا ظن شحما
و يشبو الصخر يتركه رمادا .......فكيف و قد رميتك فيه لحما
الحلبي يملأ الدنيا صراخا و عويلا إذا مسه أحد بلفظة يأباها أو كلمة يكرهها، مع إقذاعه و فحشه و قد ضرب الحلبي للناس مثلا سفود الرافعي الذي حمل فيه على العقاد أقذع حمل لأنه ذكر في بيت من شعره كلمة "المرحاض" فقال :
مرحاضه أفخر أثوابنا .....و نحن لا نقصر عن عذره طرطوره
نلقى على ظهره و........... حجره المرقوع في خصره
فقال الرافعي ناقدا:" إياك أن ترتاب أيها القارئ فهي مرحاضه، مرحاضه و أفخر أثواب العقاد مرحاض" ثم أقذر الرافعي غفر الله له يصف المرحاض وصفا مفصلا حتى أنه ذكر حرفين بفعل المرأة بابنها إلى أن وصل مما لم ير مانعا من ذكره لأنه يأخذ على العقاد استعمال الكلمة في الشعر لا في النثر.
قال الرافعي :"و الذين يرون أولاد العامة في الأزقة حين تجلس بهم أمهاتهم على الطريق، و تريد إحداهم أن تخ ثم وضع بعض النقاط الأفقية ابنها يرونها ترفع حجره المرقوع فتجعله في خصره، ثم تجلسه على ساقيها و قد جعلت بينهما فرجة هي مرحاض الطفل في الطريق العام، كما يصف العقاد في البيت الثاني تماما، هذه مسألة بسيكولوجية يريد بسيكولوجية يؤخذ منها بعض تاريخ العقاد و تربيته و أصله و ذوقِه الشعري أيضًا، و منْ أينَ تربَّى له هذا الذوقُ إلى آخره إلى آخره إلى آخره، وهي نص صريح في إثباتِ الرجل من حثالة الناس لا حول و لا قوة إلا بالله.
ينقل الحلبي هذا الكلام مستشهدا به و فيه أن كلمة مرحاض إذا فاه بها متكلم كانت نصا صريحا في إثبات أنه من حثالة الناس و أخذ منها بعض تاريخه و تربيته و أصله
يا حلبيُّ قد ذكرها النبيُّ صلى الله عليه و على آله و سلم في حديثٍ صحيحٍ هلّا استثنيتَه بأبي هو أمي و نفسي صلى الله عليه و على آله و سلم .
يا حلبي أيدفعك اللجاج في الخصومة إلى اعتساف السير في هذه المهالك و يدفعك التوق إلى الفلج الرخيص إلى هذه المسالك.
يا حلبي كل ما وجهه الرافعي للعقاد من أقذاع و نقد في هذا الموضع، هو محض تحامل منه و الداعي إليه لو فهمت استعمال كلمة المرحاض في الشعر، و قد قام الرافعي نفسه بوصف المرحاض وصفا تفصيليا يزيد في الشناعة على ذكر الكلمة مجردة، لو كان في ذكرها شناعة لا شك أن الرافعي غفر الله له كان يعلم أنها وردت في شعر رائق للعرض و مع هذا و لموطن الخصومة مع العقاد قال غفر الله له :"و نحن نظن أن رجلا مسلما متزوجا لو حلف بالطلاق أن لفظة مرحاضٍ لا تخرج من فم شاعر في نظمه إلا إذا كان غبيا متشاعرا فاسد الذوق لئيم الطبع دنيئ الحس لقرت يمينه و لم يقع عليه الطلاق" كذب و لم يقع عليه لا عليها و لم يقع عليه الطلاق و تكون هذه فتوى من الشرع في وصف العقاد و شعره حبذا لو رفع أحد الأدباء سؤالا في ذلك إلى العلماء و المفتين، هذا ما نقله الحلبي من كلام الرافعي غفر الله له و كلام الرافع واضح جلي أنه يعني به استعمال كلمة المرحاض في الشعر لا في النثر، قال قبل إيراد الشعر و نقده:"انظر ألفاظ الشاعر الجبار و ذوقه العجيب و قال في آخره : "و نحن نظن أن رجلا مسلما متزوجا لو حلف بالطلاق أن لفظة مرحاض لا تخرج من فم شاعر في نظمه إلا كان غبيا متشاعرا فاسد الذوق لئيم الطبع دنيئ الحس لبرت يمينه و لم يقع عليه الطلاق" كذا و تكون هذه فتوى في الشرع في وصف العقاد في وصف العقاد و شعره و قال أيضا : "و يؤخذ منها أي من الكلمة بعض تاريخ العقاد و تربيته و أصله و ذوقه الشعري" إذا موطن المؤاخذة عند الرافعي هو استعمال اللفظة في الشعر لا في النثر فقيد الرافعي و لم يطلق، و موضع النزاع عنده في استعمال الكلمة في الشعر لا في مطلق الكلام و مع أن كلام الرافعي لا يسلم لأن للكلام وجها و لكن نقده للشعر لا للنثر.
ثم جاء الحلبي فجعل كل من استعمل اللفظة في كلام فهي نص صريح في إثبات أنه من حثالة العامة و كانت مسألة بسيكولوجية يؤخذ منها تاريخ قائلها و تربيته و أصله و ذوقه، و لا مرية أن الحلبي يريد كل من استعمل كلمة المراحيض في كلامه فقد جعل عنوان مقاله في النهي و التحريض عن ذوق ذوي ذكر المراحيض و قال بعد ذكر كلام الرافعي في العقاد، هذا يقال في رسلان و أعاد الكلام كله مرة أخرى منزلا إياه عليَّ و أنا ما ذكرت له الكلمة في شعر و لا نظم و عرضي دون عرض رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم و روحي فداه صلى الله و سلم و بارك عليه، فأدخل الحلبي بهذا التعميم و التهور رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و بعض الصحابة رضي الله تبارك و تعالى عنهم
و للحلبي تعلق بالسلسلتين الصحيحة و الضعيفة للعلامة الألباني رحه الله و قد قال الحلبي ما قال في مقاله مع أنه في السلسلة الصحيحة عن أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول : "ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم أشد شيئ انتفاجا و أنتنه ريحا كأن ريحهم المراحيض قلت من هؤلاء قال : الزانون" الحديث و صححه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :"كأن ريحهم المراحيض " و لم يستثن الحلبي أحدا من كلام الرافعي بل أطلق كلامه و لم يقيده فإنا لله و إنا إليه راجعون.
أيها المسلمون هذا هو الحلبي أكد أنه راجع سلسلة الألباني الصحيحة و فيها أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم ذكر كلمة "المراحيض" في حديث ثابت صحيح، و الحلبي يحكم لا يستثن على من نطق بهذه الكلمة بما حكم به الرافعي على العقاد.
هل يتوب هذا المتهور الحلبي عما تورط فيه من لمز و شتم بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم أم يستكبر و يطغى، لا شك أنه يعلم حكم من عرَّض بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم فكيف بمن لمزه و شتمه بأبي و أمي هو و نفسي صلى الله و سلم و بارك عليه، و الحق أني أعجب للحلبي من ترديه في قوة جهله و انحرافه فإنه كما تورط فيما تورط فيه في حق النبي صلى الله و سلم عليه صرح برضاه عمن لمز عيسى عليه السلام و افترى عليه و ذلك أن "النجساوي" التكفيري كذب قطع الله يمينه في منتدى الحلبي:" أما الأخطاء و الأقوال المرجوحة فمن يعرف موقعا أو شخصا سلم منها فليخبرني حتى ننظر أنزل عيسى عليه السلام في قرية الشيخ المفبرك و لم نعلم به" و هكذا يستهزء هذا الغر الأحمق برسول من أولي العزم من الرسل و يعلق الحلبي على كلامه بقوله :"جزاك الله خيرا يا أبا هارون" و يحك يا حلبي يستهزء هذا "النجساوي" برسول من أولي العوم في منتداك و تقول :"له جزاك الله خيرا" و تطلب مني أن أبين أسباب ضلالك أوليس رضاك و ثناؤك على من ينتقص واحدا من ألي العزم من الرسل في تضليلك لقد طال كلام الحلبي الذي أراد أن يشتمني به من كلام الرافعي.
قال الصحابي الجليل أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه و قد أخرج البخاري عنه رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كما قال:" إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة و لا تستدبروها و لكن شرقوا أو غربوا" فقال أبو أيوب:" فقدمنا الشأم و وجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة فننحرف و نستغفر الله تعالى" فدخل أبو أيوب أيضا في تعميم المتهور الحلبي.
هذا هو الحلبي في فهمه و عقله في تهوره و جهله و رائده فيما تورط فيه الأديب الرافعي، و الرافعي بريئ مما اقترفه الحلبي لأنه خص العقاد في شعره، و جعل نقده للشعر و الشعراء، فجاء الحلبي فعممَ كلام الرافعي فوقع في الأمر الكبير و الخطب العظيم و لقد استشهد الرافعي بقول فولتير : "ذوقك أستاذك أستاذك" فنقلها الحلبي عن الرافعي و ليس التثريب عليه لنقله و لكن لاقتباسه، فصارت تبعته عليه و ارتضى الحلبي فولتير حكما على الكلام و لو دخل في ذلك كلام رسول الله صلى اله عليه و الله و سلم و كلام الصحابة رضي الله تعالى عنهم و إنا لله و إنا إليه راجعون
فلننظر كيف يخرج الحلبي من لمز النبي و شتمه و الاعتداء على بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و ليبين لنا كيف يخرج من لمز التكفيري الجزائري، من الجزائر الطيبة الحبيبة كيف يخرج من رضاه عن كلام ذلك التكفيري في لمز عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم.
ثالثا : إدعاء الحلبي أن قول القائل في وصف منتداه هو مرحاض قول كفري
و هذا الرجل كما مر ليس مؤصلا تأصيلا علميا بما يؤدي به إلى الفهم العجيب، و القول الغريب فيجعل للقول لوازم بعيدة لا تتطرأ إلا على ذهنه الكليلة و لا تدور إلا في فهمه السقيم، ثم يلزم باللازم قائل القول و يجعل لازم قوله قولا و لازم القول و ما يلزم من ثبوت القول ثبوته عقلا أو شرعا أو لغة، و لم يذكر في الكلام و لازم من قول الله و قول رسوله صلى الله عليه و سلم إذا صح أن يكون لازما فهو حق، و ذلك بأم كلام الله حق و كلام رسوله حق و لازم الحق حق، و لأن الله تعالى عالم بما يكون لازما من كلامه و كلام رسوله فيكون مرادا و الكلام هنا في اللازم من قول غير الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم و له كما قال العلامة بن عثيمين رحمه الله تعالى ثلاث حالات :
"الحالة الأولى : أن يذكر للقائل و يلتزم به هذا معلوم أنه إذا التزم به صار من قوله إذا ذكر اللازم للقائل و قال نعم هذا يلزم من قولي و أنا ملتزم به صار هذا اللازم قولا له للالتزامه إياه.
الحالة الثانية : أن يُذكر أن يذكر له و يمنع التلازم بينه و بين قوله
الحالة الثالثة : أن يكون اللازم مسكوتا عنه فلا يذكر بالاتزام و لا منع، فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل لأن يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم و يحتمل له فتبين له لزومه و بطلانه أن يرجع عن قوله لأن فساد اللازم يدل اللازم على فساد الملزوم، و لورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول".انتهى كلام بن عثيمين رحمه الله.
و قد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في درء التعارض الدلالات فقال :
"دلالة مطابقة :هي دلالة اللفظ على جميع المعنى الذي عناه المتكلم.
و دلالة التضمن : هي دلالة اللفظ على ما هو داخلا في ذلك المعنى.
و دلالة الالتزام : هي دلالة اللفظ على ما هو لازم لذلك المعنى خارج عم مفهوم اللفظ.
فدلالة المطابقة هي دلالة اللفظ على جميع هذه الماهية التي عناها المتكلم بلفظه و هو دلالة على تمام الماهية، و ذلك المدلول عليه بالمطابقة هو مقول في جوابِ ما هو؟ إذا قيل ما هو؟ بحسب الاسم و إذا سئل عما هو المراد بهذا اللفظ ذكر مجموع ما دل عليه بالمطابقة و المدلول عليه بالتضمن هو جزء هذا المدلول و هو جزء ماهيته و هو داخل في ذاته و أما اللازم لهذا المدلول فهو خارج عن حقيقته عرض لازم له فهذا تقسيم معقول و لكنه يقول شيخ الإسلام يعود إلى قصد المتكلم و مراده باللفظة" انتهى كلامه رحمه الله.
اللازم هو ما يمتنع انفكاكه عن الشيئ و هو قسمان :
1 ـ اللازم البين : و هو الذي يكفي تصوره مع تصور ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما.
2 ـ و اللازم غير البين : و هو الذي يفتقر جزم الذهن باللزوم بينهما إلى وسط.
و قد ذكر الحلبي الدلالات الثلاث و ذكر اللازم ز الملزوم و التلازم و ادعى أنني ألزمه بلوازم أقواله و لا تلزمني الشأن مع الحلبي فيها كالمثل القائل :"رمتني بدائها و انسلت"، فادعاؤه أن قول القائل عن منتداه هو "مرحاض عمومي" قول كفري، هو إلزام بغير لازم أصلا.
ثم غلا الحلبي في تحكمه فقال:" إما أن يرضى قائل هذا القول بوصف الحمق فيكون مانعا من تكفيره، و إما أن يحكم عليه بالكفر واقعا" هكذا إما و إما، فعلُ التكفيريين، و لما كان قائل ذلك القول لا يرضى بذلك الوصف إذا فقد وقع الكفر عليه كما وقع هو فيه هذا من الحلبي محض تخليط و تخبيط، فدلالة القول المذكور على ما ذهب إليه الحلبي دلالة التزام، و اللازم الذي ذكره السائل في سؤاله هو وجّه الحلبي إلى الإجابة بما أجاب به بسببه، هذا اللازم ليس بلازم أصلا لا بين و لا غير بين، و السؤال الذي ذكر الحلبي معناه هو :"ما الحكم الشرعي فيما وصف به فلان منتدى كل السلفيين" و تأمل في اللازم الذي ذكره "بعشرات الآلاف من مواضيعه و مشاركاته التي تحوي أيضا أضعاف هذه الآلاف من النصوص القرآنية الأحاديث النبوية الآثار السلفية بأه مراحيض أليس هذا قولا كفريا ؟" فأجاب الحلبي غير متلبث :"نعم هو كذلك لا شك و لا ريب" يا ولد،و مراده و مراد سائله هو أنه يلزم من وصف المنتدى وصف للآيات و الأحاديث بصفات الازدراء و الحط.
الحلبيو سائله يتوهمان لازما كفريا، و يكفران به مع أنه لا يلزم وصف المنتدى بالمرحاض وصفا لما فيه مما ذكره الحلبي و سائله، و بعيدا عن الجدل في إثبات لازم الحلبي المتخيل و نفيه، هذا أثر سلفي بإمام من أئمة التابعين هو الشعبي رحمه الله، و قد صح عنه هذا الأثر من أكثر من طريق، و فصل للنزاع هنا بعيدا عن التحكمات العقلية و القياسات المنطقية قال الشعبي رحمه الله :" لقد أبغض هؤلاء القوم هذا المسجد حتى لهو أبغض إلي من كناسة داري قيل من هم يا أبا عمرو قال هؤلاء الآرائيون أرأيت أرأيت ؟" أخرجه بن سعد في الطبقات و بن عبد البر في جامع بيان العلم و الخطيب في الفقيه و المتفقه و بن بطة في الإبانة الكبرى و البيهقي في المدخل و الهروي في ذم الكلام و بن حزم في الإحكام و هو صحيح عن الشعبي رحمه الله تعالى و من روايات هذا الأثر بهذا المعنى قول الشعبي رحمه الله :"و الله ما كان مجلس أحب إلي من المسجد" ثم قال:" لأن أجلس في سباطة أحب إلي من أن أجلس فيه ــ يعني المسجد ــ"
و الكناسة : هي ما يكنس من القمامة هي موضع إلقاء القمامة أيضا و السُّباطة : بالضم الكناسة و الموضع الذي يرمى فيه التراب و الأوساخ و ما يكنس من المنازل كما في النهاية لابن الأثير، و لا إخالك تجهلها يا حلبي.
المسجد ينادى فيه للصلاة و تقام فيه و تتلى فيها آيات الله و هي أعظم الفرائض العملية و يذكر فيه الله عز و جل و يعبد و يركع له فيه و يسجد و تعقد فيه مجالس التعليم و الذكر و تتلى فيه الآيات القرآنية و تسند فيه الأحاديث النبيوية، فهو مسجد في عهد التابعين في عهد الشعبي و العهد قريب و الزمان زمان و مع هذا كله فالشعبي رحمه يصرح أن المسجد صار أبغض إليه من الكناسة و هي المزبلة و أن الجلوس في سُباطة أي مزبلة أحب إليه من الجلوس في المسجد.
و على طريقة السؤال و الجواب الحلبي: ما الحكم الشرعي فيما وصف الإمام الشعبي المسجد ؟ فعشرات الآلاف من الصلوات و حلقات التلاوة و التحديث و الدعاء و الذكر التي تحوي أيضا أضعاف هذه الآلاف من النصوص القرآنية و الأحاديث النبوية و الآثار السلفية بأنه أبغض من المزبلة أليس هذا قولا كفريا؟
و إجابة الحلبي حتما هي "نعم هو كذلك لا شك و لا ريب و الشعبي إما أن يرضى بوصف الحكم مانعا من تكفيره و إما أن يحكم عليه بالكفر واقعا" على طريقة السؤال و الجواب الحلبية بهذا يظهر تهافت كلام الحلبي و سقوط حكمه و كما عبر الشعبي رحمه الله بما عبر به عن المسجد لما ظهرت فيه الآرائيين "أرأيت أرأيت؟" و لم من تعبيره أي لازم باطل كذلك تعبير عن منتدى الضرار بأنه "مرحاض عمومي" لما فيه من الأهواء و السباب و الاعتداء على المسلمين في أعراضهم و دينهم لا يلزم منه أي لازم باطل و ليس بقول كفري و إنما هو وصف مطابق كما في كلام الشعبي.
عن أبي إدريس الخولاني قال :"لأن أرى في المسجد نارا تظطرم أحب إلي من أرى فيه بدعة لا تغير "أخرجه بن بطة في الإبانة و اللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة و بم نصر في السنة و بن وضاح في البدع و النهي عنها و عزاه الشاطبي في الاعتصام لابن وهب و قد نقل علماؤنا سلفا و خلفا كلام الشعبي و كلام أبي إدريس و كلام غيرهما مما هو مثله أو قريب منه و لم يفهم واحد منهم قط ما فهمه الحلبي و ربعه من اللوازم الباطلة و الخيالات البعيدة و التحكمات الجائرة أم يحسب الحلبي ومن معه أن منتداهم بما فيه من صخب صاخب و شتم و لمز و تكفير و تفسيق و إثارةٍ للفتنة بين المسلمين صار أطهرَ و أشرف و أنزه من بيوت لله رب العالمين.
رابعا : اضطرابُ الحلبي بين الظاهر و اللازم
من حيل الحلبي المكشوفة أنه يدعي أن ظاهر كلامه الذي يؤخذ به لازم لا ظاهر، ثم يقول لا مباليا :"لا يلزمني" كما هي قاعدته الخلفية .
و الظاهر في اللغة :الواضح البين
و في الاصطلاح : ما دل بنفسه على معنى راجح مع احتمال غيره و مثاله قول النبي صلى الله عليه و على آله و سلم:"توضؤوا من لحوم الإبل" أخرجه أحمد و أبو داود، و الظاهر من المراد بالوضوء غسل الأعضاء على الصفة الشرعية مع مسح الرأس دون الوضوء الذي هو النظافة، و ظاهر الكلام هو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن و يسبق إلى الأفهام السليمة العارفة بلغة الخطاب أو المعنى الراجح، من الكلام.
فإذا قال الحلبي عن مسلم :"اسمه عبد الله" ليس له من اسمه من نصيب" فقلنا له كفرت قال" أخذتموني باللازم و أنتم لا تعرفون اللازم و لا الإلزام و الالتزام و الملزوم" إلخ هرائه، حسن فليخبرنا الحلبي بظاهر قوله فيمن اسمه عبد الله ليس له من اسمه من نصيب، اذكر لنا معناه و اذكر لنا لازمه بين لنا مراده، و كذلك بين لنا ظاهر قوله "من وقع في الحوبة التي لا يغسلها ماء زمزم عليه أي يقصد خاضعا صاحب العوالي بلا تعالي، ليقدم على المذبح الصدقات و يمسخ بين يديه القربات" بين لنا ظاهر كلامك هذا و بيبن لنا لازمه و بين لنا ظاهر كلام الغر الأحمق الذي جزيته خيرا على قوله و من "أما الأخطاء و الأقوال المرجوحة من يعرف موقعها أو شخصا سيلم منها حتى ننظر هل نزل عيسى عليه السلام في قرية الشيخ المفبرك و لم نعلم به" أليس هذا استهزاءا بعيسى عليه السلام و بالأحاديث التي أخبرت عن موضع نزوله و الأمور بين يدي نزوله أيجعل عيسى غرضا إن قلت ليس هذا ظاهر كلام "النجساوي" التكفيري الأحمق حسن فبين لنا ظاهره و بين لنا كما تطلب أنت اللازم، هذه أمور يطول الكلام فيها و أنت لا تحرر موضع النزاع في شيئ، و تفهم كثيرا من الأمور على غير وجهها، أو تفهمها معكوسة بقصد التشهير و التثريب، كقولك عما ذكرت لك من صنيعك من علامات الترقيم، فقد ادعيت كاذبا أني أهاجم علامات الترقيم، و قد كذبت، بأني أثمن ذلك و أستعمله، و لكن أستعمله كما يستعمله الأسوياء من البشر، أنت تبتدع بدعا حتى سميته علما، فقلت :"علم علامات الترقيم" ما شاء الله، أوكلما انحرف عن الجادة أحمق سمى انحرافه علما، و مما أتى به في سماجة أنه وجَّه السؤال إليّ،َ أفلا أخبرتنا من قديم أن علم علامات الترقيم كان سببا لاحتلال فلسطين، و أنا أقول له جهز جيشا كجيش صفوت حجازي و لكن سلحه أنت بعلامات ترقيم خشبية طويلة، و ليحملها كلٌّ على عاتقه و ليحرروا فلسطين بعلامات التعجب.
علامات الترقيم ذكرها المجمع اللغوي في القاهرة في نصف الصفحة كما تراها في تحقيق النصوص للدكيور رمضان عبد التواب رحمه الله و تجدها أيضا في كتاب عبد السلام هارون رحمه الله، و كذلك عند أحمد زكي باشا رحمه الله و عند غيره، إنما نهيتك عن الإسراف و دللتك على ما ينفعك فلا تسرف و كن من المقتصدين، و قد كنت ذكرت لك أني سأعود كتابتك و طريقك إن شاء الله، فلا تكن من المتعجلين.
خامسا : الافتراء و النهتان بقصد التشهيرو التنفير
و أكر ما يأتي به الحلبي و حزبه من دلك هم فيه تبع للحدادية المفترين و قد صار هؤلاء و هؤلاء يعيبون الخلق بما أحسن الله إليهم بالإحسان فيه هذا من الفجور في الخصومة؟ أو من الجهل؟ أو منهما معا؟
و مثاله أن الحلبي ما فتأ يذكر كلمات كالدبر و الراقصة و غيرها، تعييرا بذكرها و حطا على قائلها، و آفة هؤلاء من انحراف ذوقهم الإسلامي العربي، و خضوعه للذوق الغربي الإفرنجي، حتى ينفي الواحد منهم ببارد ورعه من ذكر لفظ رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم، و من عجب أنهم يؤصلون لذلك، مدعين أنه صنيع العلامة الألباني، ففي تعليق على "سؤال حول أثر و جواب مختصر فيه عبر توجب الحذر " و لا شك أنكم علمتم أن هذا العنوان من صكه، كما في مصلحة صك العملة، إفساد للذوق العربي و الإتيان مع ذلك بالسجع هو سجع الكهان حذو النعل بالنعل، "سؤال حول أثر و جواب مختصر فيه عبر توجب الحذر " قال المعلق :" إنه كان في مجلس قرآة لعمل اليوم و الليلة للنسائي فقرأ القارء حديث إبي بن كعب رضي الله عنه، قال كلمة ثم أتبها لا تلوموني إن النبي صلى الله عليه و سلم قال لنا :"من رأيتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعطوه و لا تكنوا قال فلم يتلفظ شيخنا يعني القارئ بهذه الكلمة وإنما كنى" و استحي أن يتلفظ بكلمة ذكرها الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قال :" و راعى الرجال و النساء الحاضرين المستمعين مع أنها من قول الصحابي" كذا قال، ثم أخبرنا أنه أخذ هذا عن الإمام الألباني رحمه الله، الذي أقرأه أو ذكر له هذا الحديث و كنى عن هذه الكلمة، و أضاف بما معناه "مع أن الصحابي ذكرها لكن شيخ الحديث في زماننا كنى و نحن نكني تبعا لشيخنا"، و نحن نذكرها تبعا لنبينا صلى الله عليه و على آله و سلم، هؤلاء قوم حمقى، و هم مع الألباني رحمه الله تعالى كالدبة التي قتلت صاحبها لتذب الذباب عن وجهه، وأنا أستغفر الله تعالى من هذا الكلام الذي أقطع أنه كذب عن الشيخ الألباني، أو جهل به أو واقعة عين عمم بعضهم حكمها بأن الشيخ كان أعظم تبجيلا للنبي و تعظيما للسنة، من أن يفعل ما نسب إليه، و في كلام المعلق السابق شيئ بغيض ينبغي أن يحرر ليعرف أهذا وقع منه قصدا؟ أم وقع نسيانا؟ أم وقع جهلا ؟ و ذلك قوله "مع أنها من قول الصحابي" قالها المعلق و قال:" مع أن الصحابي ذكرها " مع أنه قال :"أن الصحابي يروي عن النبي" صلى الله عليه و آله و سلم فلم يجرأ أن يقول أنها من قول النبي صلى الله عليه و سلم، و لم يجرأ أن يقول أن الصحابي ذكرها معأنه لو قال ذلك لانفضح أمره و علم كذبه على الألباني رحمه الله تعالى فإنه رحمه الله تعالى كان أعظم تبجيلا للنبي و تعظيما للسنة من أن يفعل ما نسب إليه "فهذا أحد أشرطة سلسلة الهدى و النور لشيخنا المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني : مع الشريط 620 على 1 : فلا ينبغي أن نغتر و نقول أن اللين دائما ينبغي أن يكون سمة المسم و صفته لا ، هذه هي الصفة الدائمة لكن أحيانا لابد من وضع الشدة في مكانهها المناسب ــ وعليكم السلام ــ و أخيرا آتي بمثال من أحاديث الرسول عليه السلام و هو قوله :" من تعزى بعزى الجاهلية فأعضوه بهن أبيه" هذا تعبير قد لا يستسيغه كثير من الناس، و لكن من كان يؤمن بالله و رسوله حقًّا، و عرف بأن هذا الحديث نطق به الرسول صلى الله عليه و سلم حينئذ سيكون هذا الحديث من جملة الأدلة أن الشدة أحيانا في محلها هي عين الحكمة، ما معنى الحديث؟ "من تعزى بعزى الجاهلية فأعضوه بهن أبيه" أي من تفاخر بآبائه في الجاهلية الذين كانوا في الشرك و ماتوا في الشرك فهذا تقولوا له تعض كذا تعض كذا يعني العضو هذا هو (...) المكني عنه بهذه العبارة اللطيفة في حديث الرسول لكن يقول لنا "أعضوه بهن أبيه" هذا شدة بلا شك و لكن هي الحكمة" هؤلاء قوم باردوا الورع يستحون من التلفظ بكلام الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و ما نطق به أصحابه رضي الله عنهم، و لا يستحون من الولوغ في أعراض المسلمين و سبهم و تكفيرهم، فتفجع و توجع بن عمر رضوان الله عليه قديما لما سأله بعض أهل العراق عن دم البعوض فنادى في الناس أن "اسمعوا هؤلاء فرطوا في دم الحسين، و يسألونني عن دم البعوض، هؤلاء قوم باردوا الورع" يستحون من التلفظ بكلام الرسول صلى الله عليه و سلم و ما نطق به أصحابه رضوان الله عليهم و لا يستحون من الولوغ في أعراض المسلمين و سبهم و تكفيرهم، و إلى أولئك الذين يدعون الانتساب إلى الألباني رحمه الله هاكم بعض ما تكلم به رحمه الله، اسمعوه بصوته رحمه الله ثم لوموا من شئتم ممن لم يتكلم بعشر معشار ما تكلم به الشيخ رحمه الله و أنتم تضيعون أوقاتكم و أوقات المسلمين بالممارات و الخصومات و السب و المجادلات، ثم خذوا على يد شيخكم الحلبي فإنه يوردكم الموارد "و من اتخذ الغرب له دليلا يمر به على جيف الكلاب"
اسمعوا الآن كلام العلامة الألباني رحمه الله في الشريط 179 من سلسلة الهدى و النور في الدقيقة 24 عند شرح حديث "ولا يبرك كما يبرك البعير" قال :"عليهم تأول الحديث أنه يهوي كما يهوي البعير يعني بلا مؤاخذة مثل ما يقولون عندنا بسورية (....)"
و في الدقيقة و العشرين من الشريط 191 من سلسلة الهدى و النور عند شرح قول السائل للنبي صلى الله عليه و آله و سلم لا ترد ـ يعني امرأته ـ يد لامس" قال : المعنى الصحيح لهذا الحديث هو : لا ترد يد لامس لا يعني الزوج أن زوجته قحبة تعرفون قحبة و إنما يعني أنها امرأة ساذجة يعني بسيطة يعني ما أدري (شو بتقولو) عندكم هنا (....)"
و في الدقيقة 46 من الشريط 212 من سلسلة الهدى و النور لما سئل عن معنى التخصر في الصلاة قال :" (......) أن ترى بعض الراقصات (...........) هذا هو التخصر (......)،لا هو بدل ما يحط يده اليمنى على اليسرى على الصدر هو ببيحط اليمنى على خاصرته اليمنى و اليسرى على خاصرته اليسرى كما تفعل الراقصة لكن الراقصة (....) هذا هو الاختصار في الصلاة".
و عند الدقيقة 34 من الشريط التاسع سئل فأجاب :"انتبه هل يجوز للزوج عند مداعبة زوجته أن يرضع من حلبيها أي من ثديها (...) جزاك الله خيرا أستاذنا و "إياك "
و عند ذكر الأعرابي الذي بال في مسجد النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال : لكن ليش أنتم تضيقوا أمرا وسع الله فيه مثل ذاك البدوي الذي دخل المسجد و لجهله بالشرع كشف ثوبه و شرررر إلى المسجد هاه هل الصحابة هجموا عليه؟ يا قليل أدب ما تستحي هذا بيت الله، هذا كذا الرسول عليه السلام {و إنك لعلى خلق عظيم} "دعوه لا تزرموه " اتركوه حتى ....."دعوه لا تزرموه".
إلى أمور كثيرة من هذا نأتي بها إن شاء الله إن احتجناها، و ألجأنا هؤلاء الحمقى إليها هي تدل على أن الألباني كان إنام أهل الحديث في هذا العصر حقا و صدقا، و أن بعض الذين ينتسبون إليه، هم أئمة أهل العصر "بالإتكيت" و مراعاة الذوق الغربي الإفرنحي ، و الله المستعان.
و لتعلم يا حلبي أن أكثر الذين يدافعون عنك من الحدادية و هم بين مبدع لك و مكفر، و لكنك لما أعمت عينَ بصيرتك خصومتُك، رُحت تستكثر بهم من قلة، و تستعز بهم من ذلة و لن يزيدوك إلا رهقا، و يكفي هذا بفضل الله تعالى الآن، فعندي ما يشغلني عنك و عن تخبيطك، و سأعود إليك إن شاء الله تعالى و بحوله و قوته لأحتسب عند الله تأديبك، و تهذيبك، و كف أذاك عن الناس.
و الله المستعان و عليه التكلان و هو حسبنا و نعم الوكيل، و صلى الله على نبينا و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا.
منتدى الحلبي التكفيري [ الجزء الثاني من طليعة الرد ] - للشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
العرض العادي
