منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 10 Feb 2010, 11:39 AM
أحمد خليل أحمد خليل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 79
افتراضي الذنوب هي سبب العقوبات

باسم الله الرحمن الرحيم

قال ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد)) (362/4):

"ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعلم أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه وأحوال أهله حادث بعد خلقه أسباب

اقتضت حدوثه، ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من

الآلام والأسقام والطواعين والقحوط والجدوب وسلب بركات الأرض وثمارها ونباتها وسلب منافعها أو نقصانها أمورا

متتابعة يتلو بعضها بعضا، فإن لم يتسع علمك لهذا فاكتف بقوله تعالى: ﴿ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي

الناس ﴾ (الروم: 41)، ونزل هذه الآية على أحوال العالم وطابق بين الواقع وبينها وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كل

وقت في الثمار والزرع والحيوان! وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة بعضها آخذ برقاب بعض، وكلما أحدث

الناس ظلما وفجورا أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم وأهويتهم ومياههم

وأبدانهم وخلقهم وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم، ولقد

كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكبر مما هي اليوم كما كانت أعظم، وقد روى الإمام أحمد بإسناده أنه (وجد في

خزائن بعض بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها: هذا كان ينبت أيام العدل)، وهذه القصة ذكرها

في مسنده على إثر حديث رواه(1).

وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة ثم بقيت منها بقية مرصدة لمن بقيت عليه بقية

من أعمالهم حكما قسطا وقضاء عدلا، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله في الطاعون: (إنه بقية

رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل)(2)، وكذلك سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم سبع ليال وثمانية أيام،

ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام، وفي نظيرها عظة وعبرة.

وقد جعل الله سبحانه وتعالى أعمال البر والفاجر مقتضيات لأثارها في هذا العالم اقتضاء لابد منه؛ فجعل منع الإحسان

والزكاة والصدقة سببا لمنع الغيث من السماء والقحط والجدب، وجعل ظلم المساكين والبخس في المكاييل والموازين

وتعدي القوي على الضعيف سببا لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا ولا يعطفون إن استعطفوا، وهم

في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في ولاتهم جائرين، وتارة بأمراض عامة، وتارة بهموم وآلام وغموض تحضرها نفوسهم

لا ينفكون عنها، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب العذاب أزا،

لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له، والعاقل يسير بصيرته بين أقطار العالم فيشاهده وينظر مواقع

عدل الله وحكمته، وحين إذ يتبين له أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك

سائرون، وإلى دار البوار صائرون، والله بالغ أمره لا معقب لحكمه ولا راد لأمره، وبالله التوفيق."




منقول للفائدة من كتاب "كما تكونوا يولى عليكم للشيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله"


--------------------------------------------------

(1) هو عنده (296/2)، وكذا عند ابن معين في ((تاريخه)) (3897) وابن أبي شيبة (35164).
(2) أخرجه الترمذي (1065) بسند صحيح.


التعديل الأخير تم بواسطة أحمد خليل ; 10 Feb 2010 الساعة 11:46 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013