تحذير الموحدين من القراءة بالتخفيف في آية [ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ]

[أبو عثمان سعيد مباركي]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداه إلى يوم يلقاه وبعد:

فقد لاحظة وللأسف بعض الأئمة لا يتقنون قراءة الفاتحة والأعظم من ذلك قول بعضهم وهو يقرأ سورة الفاتحة {إِيَاكَ نَعْبُدُ وَإِيَاكَ نَسْتَعِينُ} الفاتحة 5 {إيِّاكَ}

إذا خففت ولم تشدد صار معناها ضوء الشمس فكأنه يقول {ضَوْءُ الشَمْس نَعْبُدُ وَضَوْءُ الشَّمْس نَسْتَعِين} والله المستعان

ويجب على المسلم عند قراءته الفاتحة أن يقول {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} بالتشديد ونبه على هذا جمع كثير من الفقهاء والمحدثين وأهل اللغة منهم:

-ذكر ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره لسورة الفاتحة حيث قال المجلد 1 الصفحة 134 طبعة دار الإمام مالك "قَرَأ السَّبْعَة وَالجُمْهُور بِتَشْدِيدِ اليَّاء مِنَ {إِيَّاكَ} وَقَرَأَ عَمْرُو بْنُ فَايِد بِتَخْفِيفِهَا مَعَ الكَسْرِ وَهِيَ قِرَاءَةٌ شَاذَّة مَرْدُودَةٌ؛ لأَنَ "إِيَا" ضَوْءُ الشَمْسِ".

-وذكر ذلك الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى في شرحه للمعلقات "أَنَ إِيَاة الشَمْسِ هُوَ ضَوْءُهَا وَاللهُ أَعْلَم".

وذكر ذلك في المصنف لابن الجني في المجلد 2 الصفحة 143 قال طرفة ابن العبد:

سقته إياة الشمس إلا لثاته *** أسف ولم تكدم عليه بإثمد

-وذكر ذلك أيضاً الحافظ ابن حجر الهيثمي في كتابه الفتاوى الكبرى الفقهية على مذهب الإمام الشافعي رحمهم الله تعالى المجلد 1 الصفحة 225 قال: "تَرْكُ تَشْدِيد إِيّاكَ عَمْداً عَالِماً بمَعْنَاه كُفْرٌ لأَنَ الإِيَا ضَوْءُ الشَمْس. هَذَا إِنْ قَصَدَ ذَلِكَ, بخِلاَف مَا إِذَا قَصَدَ القِرَاءَةَ الشَاذَة, وَأَنَ إِيَا إِنَمَا خُفِفَت لِكَرَاهَةِ ثِقَلُ تَشْدِيدِهَا بَعْدَ كَسْرَة فَإِنَهُ يحْرُمُ ثمَ يحْتَمَل عَدَمْ بُطْلاَن صَلاَتِهِ لأنَ المَعْنَى لمْ يَتَغَيَّر عِنْدَ مُرَاعَاة ذَلِكَ القَصْدُ, وَيحتَمَل البُطْلان لأَنَ نَقْصُ الحَرْف فِي الشَاذَّة مُبْطِلٌ, وَإِنْ لم يَتَغَيَّر المَعْنَى. وَتَرْكُ الشَدَةِ كَتَرْكِ الحَرْفُ, وَالأَوَلُ أَوْجَهُ لمَا يَأْتِي مِنْ رَدِ عِلَة الثَانِي, أَوْ نَاسِياً أَوْ جَاهِلاً سَجَدَ للْسَهْوِ ا هـ. وَبمَا ذَكَرَهُ فِي إِيّاكَ صَرَّحَ الخَطَابِي وَالماوَرْدِي وَالرَوْيَانِي, وَيُوَافِقُ مَا قَالُوهُ مِنْ سُجُودِ السَهْوِ مَا يَأْتِي عَنْ التَتِمَةِ وَالبَحْرِ وَقَوْلُ الكِفَايَة: وَحَيْثُ بَطُلَت قِرَاءَتَهُ يَسْجُدُ لِلْسَهْوِ. وَهُوَ ظَاهِرُ لِلْقَاعِدَةِ الآتِيَةِ: أَنَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمُ: لاَ سُجُودَ لِلْسَهْوِ؛ لماَ مَرَ أَنَ الإِبْدَالَ وَتخْفِيفَ الشَدَةِ بِلاَ عُذْرٍ يُبْطِلاَنِ القِرَاءَةَ لاَ الصَلاَةْ".

-ويقول الإمام الشافعي وجماعة "إِنْ قَرَءَهَا بِدُون تَشْدِيد بَطُلَت صَلاَتَهُ" وقال بعضهم "إِنْ تَعَمَدَ فَيُخْشَى عَلَيْهِ الشِّركَ لأَنَ الإِيَا هُوَ ضَوْءُ الشَمْس فَيَصِيرُ مَعْنَاهَا شَمْسُكَ نَعْبُدُ بَدَلَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَالعِيَاذُ بِالله" فلهذا يجب التنبه يرحمكم الله.

ومن عنده ما يفيدنا به فليتفضل جزاكم الله خيرا.

فأسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يرزقني وإيّاكم العلم النافع والعمل الصالح والدعوة إليهما والصبر على الأذى فيهما أسأله بمنّه وفضله وكرمه أن يمنّ علينا بالجد في العلم وأن يزيدنا وأن يقوّي هممنا وأن يعلق قلوبنا به وأن يصرفنا عن هذه الدنيا كلّها بمنّه وفضله وكرمه