ذكر الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله فائدة في كتابه شرح العقيدة الطحاوية ج 1 ص 492 و 493
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
[المسألة السادسة] :
القبلة عن المتكلمين وطائفة من نُفَاة العلو وهي أنهم يقولون: إنَّ السّماء قبلة الدعاء.
إذا قال لهم قائل: فطرة الإنسان أنَّهُ إذا أراد أن يدعو اتَّجَهَ إلى السماء. قالوا: هذا لأنَّ السماء قبلة الدعاء.
وهذه الكلمة ربما ردَّدَها بعض المنتسبين إلى السنة قالوا: إنَّ السماء قبلة الدعاء.
وهذا باطل، الكلمة هذه باطلة، فالسماء ليست قبلة الدعاء، فأعظم الدعاء الصلاة، والصلاة سُمِّيَتْ صلاةً لما فيها من دعاء العبادة ودعاء المسألة، ومع ذلك جُعِلَت قبلة الصلاة إلى بيت الله الحرام
فقبلة الدعاء هي قبلة الصلاة،وهي قبلة الميّت التي يُوَجَّهُ إليها عند احتضاره ويُوَجَّهُ إليها عند دفنه، وهي مكة أو الكعبة التي شرّفها الله - عز وجل -.
إذاً لا يصح قول من يقول: إنَّ السماء قبلة الدعاء، بل المشروع للداعي أنَّهُ إذا أراد أن يدعو أن يتوجه إلى القبلة، فأكمل حالات الدعاء، إذا دعا يتوجه إلى القبلة، ثُمَّ إذا رفع يديه فإنه يرفعها ويتجه بوجهه وبصره إلى القبلة
قد يرفع وجهه إلى السماء، مثل ما حصل من النّبي صلى الله عليه وسلم في بدر رفع يديه شديداً حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فقال له أبو بكر رضي الله عنه (يا نَبِيَّ الله كَفَاك مُنَاشَدَتُك رَبّك ، فَإِنّه سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَك) (1) .
ورَفْعُ وَجْهِهِ وهذا لأجل الإلحاح في طلب الفرج من الله - عز وجل -، وليس لأجل أنَّ السّماء قبلة لأنَّ أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع فيه وجهه إلى السماء؛
بل في الصلاة وهي دعاء نهى فيها نبينا صلى الله عليه وسلم عن رفع البصر إلى السماء (2).
--------------------------------------------------------------------------
(1) أخرجه المسلم (1763) من حديث عمر رضي الله عنه وهو حديث طويل في غزوة بدر.
(2) أخرجه البخاري (750) من حديث أنس رضي الله عنه، وأخرجه مسلم (482) من حديث جابر رضي الله عنه ، (429) ومن حديث ابي هريرة رضي الله عنه
ولفظه :«لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ، عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ، إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ».