[لذَةُ الطّاعةِ]..لكاتبها: بوزيد بلقاسم/ مجلة الإصلاح/ العدد (33)/ لعام 1433هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقالٌ مهمٌّ نقلتُهُ -كتابةً- من مجلةِ الإصلاحِ، افتتاحيّةِ العددِ (33)/ لعام 1433هـ
كتبهُ مديرُها: بوزيد بلقاسم
عنوانه:
[لذّةُ الطّاعةِ]
رزقنا اللهُ إيَّاهَا..
جاءَ فيه:
"إنَّ الانغماسَ في الدنيا، والاشتغالَ بمظاهرها، والاهتمامَ الزّائدَ بمتاعها؛
يحجبُ العبدَ عن أعظمِ نعيمٍ، وأكبرِ فوزٍ يمكن تحقيقُهُ في هذه الحياةِ، وهو:
(التّلذّذ بالطاعاتِ والعباداتِ)!
فكثيرٌ منَا -اليومَ- تجدهُ مُقبِلاً على عباداتٍ متنوعةٍ، من صلاةٍ، وصيامٍ، وصدقةٍ، وتلاوةٍ للقرآنِ، وبِرٍّ بوالديهِ، ونحوها، لكنْ إذا فتَّشْتَ في حقيقةِ أمرهِ؛ ألفيتَهُ يُقبِلُ على هذهِ الطاعاتِ على وجهِ الإِلْفِ والعادةِ!
وقد يصلُ به الحالُ إلى أن يأتيَ بها على وجهِ السّآمةِ والمللِ والتّثاقلِ!
وسببُ هذه الحال: قلَّةُ العلمِ باللهِ تعالى، وبأسمائهِ، وصفاتهِ، وبشرعهِ، وأحكامهِ!
وإلاَّ، من عرفَ اللهَ تعالى حقَّ المعرفةِ؛ عَظُمَ أمرُ الله -سبحانه- في نفسِهِ!
فأينعتْ شجرةُ الإيمانِ واليقينِ في فؤادهِ!
فتتحولُ عنده أوقاتُ العبادةِ والطاعةِ إلى أفضلِ وأحلى أوقاتِ العُمر!!
ويجد فيها لذَّةً لا تُدانيهَا لذَّةٌ من لذائذِ الحياةِ ومُتَعِهَا!
لذا قالَ سيِّدُ العارفين باللهِ وبأمره، صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ:
«وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»!
أي: أنَّ غاية لذَّتِهِ، وذروة سعادتِهِ في عبادةِ الصلاةِ التي يجدُ فيها راحةَ نفسهِ، واطمئنانَ قلبِهِ!
فيفزَعُ إليها عندَ الشدائدِ والمضايقِ!
وهذا النوع من لذَّاتِ القلوبِ والنفوسِ؛ ذاقَهُ السّالكونَ دربَ نبيِّهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمتمسّكونَ بهديهِ وسنّتهِ؛ فجاهدُوا أنفسَهُمْ، وثابَروا، وصابَروا في ميدانِ الطّاعةِ؛ حتى ذاقوا حلاوتها؛ فلمَّا ذاقوها طلبُوا المزيدَ بزيادةِ الطّاعةِ!
فكلَّما ازدادتْ عبادتهم؛ زادتْ لذَّتُهمْ وفرحتُهُم!!!
فاجتهدوا في العبادةِ؛ ليزدادوا لذّةً إلى لذَّتِهِم!
ولن يذوقَ ما ذاقُوا إلاَّ من سلكَ سبيلَهم، ومن ذاقَ عرف!
حتى قالَ أحدُهم: "إني أدخلُ الصلاةَ فأحملُ همَّ خروجي منها! ويضيقُ صدري إذا عرفتُ أني خارجٌ منها!"
فمن صارَ قرةُ عينهِ في شيءٍ؛ فإنه يودُّ ألاَّ يفارقَهُ، ولا يخرجَ منه لحلاوتِهِ!
وفي "مدارج السالكين" (2/68):
"سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ - يَقُولُ: إِذَا لَمْ تَجِدْ لِلْعَمَلِ حَلَاوَةً فِي قَلْبِكَ وَانْشِرَاحًا، فَاتَّهِمُهُ، فَإِنَّ الرَّبَّ تَعَالَى شَكُورٌ!".
قالَ ابنُ القيِّمُ -معلِّقًا-:
"يَعْنِي أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يُثِيبَ الْعَامِلَ عَلَى عَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَلَاوَةٍ يَجِدُهَا فِي قَلْبِهِ، وَقُوَّةِ انْشِرَاحٍ، وَقُرَّةِ عَيْنٍ. فَحَيْثُ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فَعَمَلُهُ مَدْخُولٌ"!
فإذا فقدتَ لذَّةَ الطّاعةِ؛ فلا توجِّهِ التُّهمةَ إلاَّ إلى قلبكَ!
فالمطلوبُ: عمارتهُ بالإيمانِ، وحبِّ اللهِ، ومجاهدةِ النّفسِ، ومصابرتِها، وترويضها على الطّاعاتِ والنّوافلِ، والإكثار منها.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ(69)}[سورة العنكبوت].
ــــــــــــــــ
تمَّ المقالُ
نفعَ اللهُ به.
التعديل الأخير تم بواسطة ابنة السلف ; 24 Apr 2013 الساعة 11:34 AM
|