تفصيل في لازم المذهب بقلم : شيخنا الوالد أبي عبد المعز محمّد علي فركوس حفظه الله
تفصيل في لازم المذهب
بقلم :
شيخنا الوالد الدكتور
أبي عبد المعز محمّد علي فركوس حفظه الله ورعاه
أستاذ بكلية العلوم الإسلامية - جامعة الجزائر
نص السؤال 15 :
هل لازم المذهب مذهب ، وهل يجوز التكفير بلازمه ، أي هل يصحّ التكفير بالمآل ؟
الجواب :
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين ، أمَّا بعد :
فالذي عليه أهل التحقيق أنّ لازم المذهب إن صرّح به صاحبه أو أشار إليه ، أو التزمه (1) ، أو عُلم من حاله أنَّه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره ، فهو مذهب له.
فإن كان لازم قوله حقّ ، فإنّه يضاف إليه لازم الحقّ حقٌّ وكذلك لازم الباطل باطلٌ ، ذلك لأنّ لوازم الأقوال من جملة الأّدلة في الحكم على صحّتها أو فسادها ، حيث يُستَدلُّ بصّحة اللازم على صحّة الملزوم ، وبفساد اللازم على فساد الملزوم ، لذلك كان اللاّزم من قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم يثبت ويحكم به ، لأنّ كلام اللهُّ ورسوله حقّ ولازم الحقّ حقّ ، ولأنّ الله تعالى عالم بما يكون لازمًا من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيكون مرادًا (2)
أمّا إذا كان لازم قوله الذي لم يصّرح به ، أو لم يشر إليه ، ولم يلتزمه أو سكت عنه ، ولم يذكره بالتزام ولا منع ، أو صرّح بمنع التلازم بينه وبين قوله ، فالصحيح أنّ نسبة القول إليه تقويل له ما لم يقل ، ولا يُلزَم بما لم يَلتَزِمه ، ولا يؤاخذ به ، إذ " لا ينسب لساكت قول قائل " ، لأنّه قد يصدر منه ما يلزمه ، وهو ذاهل عن فساد اللاّزم ، ولو كان قريبًا ، لقصور علم المخلوق وعدم عصمته ، وعليه ، فإنّه بهذا الإعتبار لا يضاف إليه قول ، ولا يقوَّل ما لم يقل ، لكن غاية ما يستفيده منه معرفة اللاّزم فساد قول الخصم ، وتناقضه ولا يتعدّى به إلى التكفير بالمآل تقويل وافتراء يفتقر إلى دليل شرعيّ يسنده ، قال ابن تيمية رحمه الله : " ولو كان لازم المذهب مذهبًا للزم تكفير كلّ من قال عن الإستواء وغيره من الصفات إنّه مجاز ليس بحقيقة ، فإنّ لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شئ من أسمائه أو صفاته حقيقة " (3)
الحواشي :
(1): مثل أن يقال لمن يثبت وزن الأعمال في الآخرة ، ويلزمك القول بجواز وزن الأعراض ، فيصرّح بإثبات اللاّزم أو يلتزمه أو أنّه لا يمنع من التزامه بعد ظهوره كان يقول إنّ أحوال الآخرة مختلف عن أحوال الدنيا ، والله تعالى على كلّ شئ قدير ، ثمّ لا يمنع ذلك لما علم وجود في عصرنا موازين للحرارة والبرودة والإضاءة وغيرها من الأعراض ، فهذا اللاّزم حقّ يضاف إليه.
(2): انظر القواعد المثلى للعثيمين : (15)
(3): مجموع الفتاوى لابن تيمية (217/20).
المصدر : كتاب لشيخنا الوالد محمّد علي فركوس
مجالس تذكرية على مسائل منهجية ط- دار الرغائب والنفائس
كتبه على الجهاز بعد العصر
ليوم : الإثنين 28 مارس 2011 م / 22 ربيع ثانى 1432هـ
سفيان ابن عبد الله الجزائري - غفر الله له
التعديل الأخير تم بواسطة سفيان الجزائري ; 28 Mar 2011 الساعة 06:12 PM