منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 06 Apr 2018, 06:41 PM
أبو سهيل يوسف مرنيز أبو سهيل يوسف مرنيز غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2018
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 43
افتراضي إيّاك و الطعن في مشايخنا

الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين، وأصلّي وأسلّم على خير الورى أجمعين، وآله وصحبه والتّابعين، وبعد..
فمعلوم أيّها الإخوة أنّ علمائنا و مشايخنا هم مصابيح الدجى و صمام أمان للأمة ينيرون الطريق بنصائحهم و توجيهاتهم السديدة ، فقد قال اللّٰه سبحانه و تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } (1) ، و قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه اللّٰه : [ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ . وَهُوَ حَقٌّ ، وَلا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يَخْشَاهُ ] (2) ، فالواجب علينا أن نرجع إلى العلماء و نأخذ بنصائحهم و توجيهاتهم لقوله تعالى : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } (3) ، فقد قال الشيخ عبد الرّحمـٰن بن ناصر السَّعدي رحمه اللّٰه في شرحه لهذه الآية : [ هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيقدم عليه الإنسان ، أم فيحجم عنه؟
ثم قال تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُه} أي: في توفيقكم وتأديبكم، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون، { لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } لأنَّ الإنسان بطبعه ظالم جاهل، فلا تأمره نفسه إلا بالشر. فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به واجتهد في ذلك، لطف به ربه ووفقه لكل خير، وعصمه من الشيطان الرجيم ] (4) ، و ما جاء الأمر بسؤال أهل العلم إلَّا لأنَّه يجب قبول أقوالهم و الأخذ بكلامهم و إتباع توجيهاتهم ما دامت صوابًا و قائمة على الدليل من القرآن و السنَّة ، و لو لم نسأل العلماء لساد فينا الجهل ، و العلماء هم رأس الجماعة ، و هم الطائفة المنصورة و هم أهل الحديث كما قال الإمام أحمد رحمه اللّٰه ، و أجمل ما قيل في وصف العلماء هو ما قاله شيخ إبن القيِّم رحمه اللّٰه حيث قال : [ فقهاء الإسلام ، ومن دارت الفُتيا على أقوالهم بين الأنام ، الَّذين خُصّوا باستنباط الأحكام ، وعُنوا بضبط قواعد الحلال والحرام ، فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء ، بهم يهتدي الحيران في الظلماء ، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب ، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب ، قال تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } ] (5) ، فعن أبي الدرداء رضي اللّٰه عنه قال : سمعتُ رسولَ اللّٰه صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالحِيتَانُ فِي جَوْفِ المَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (6) ، وفي هذا الحديث النبويِّ بيانٌ للتكريم العظيم والمنزلة الكبيرة التي يحظى بها العالم والمتعلِّم، وإشارةٌ إلى أهمِّية العلم، لأنه الطريق المُوصِل إلى الجنَّة، وهو ميراث الأنبياء، وبه حياة القلوب وسعادة النفوس ، ولا شكَّ أنَّ تشبيه العلماء بالقمر ليلةَ البدر يُعَدُّ من البلاغة النبوية، فالقمر يضيء الآفاقَ ويمتدُّ نورُه، أمَّا الكواكب الأخرى فنورها ضئيلٌ، وإذا كان الجهل كالليل في ظلمته فإنَّ العلماء بمنزلة القمر ليلةَ البدر الذي يبدِّد الظلامَ ويزين السماء (7) ، فكفى بهذا شرفاً لأهل العلم العاملين بعلمهم بأنَّهم ورثة الأنبياء ، و من حقوق أهل العلم علينا احترامهم ، وتقديرهم ، يقول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في الحديث الصحيح : « ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه » (8) ، و القدح و الطعن و الإستنقاص من العلماء أمر خطير لا ينبغي السكوت عنه و هو ما نراه في الآونة الأخيرة من تطاول سفهاء الأحلام كمرابط و أبو حاتم البليدي و من يوافقهم في شيخنا و عالمنا الشيخ محمد علي فركوس حفظه اللّٰه و في إخوانه المشايخ كالشيخ جمعة و الشيخ أزهر ، وقال الإمام الحافظ ابن عساكر رحمه اللّٰه :[ اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاتِهِ وجعلني وإياك ممن يتقيه حق تقاته - أن لحومَ العلماءِ مسمومة، وعادةُ الله في هتكِ أستار منتقصيهم معلومة وأن من أطال لسانَه في العلماءِ بالثلبِ بلاه الله قبل موته بموت القلب {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ] (9) ، و قال الشيخ صالح الفوزان حفظه اللّٰه : [ فالغيبة والنميمة حرام وكبيرتان من كبائر الذنوب بين عامة الناس فكيف بالعلماء ! غيبة العلماء والوقيعة في العلماء ، والكلام في العلماء بما يجرحهم أشد أنواع الغيبة وأشد أنواع النميمة ؛ لأنه يترتب عليه فصل الأمة عن علمائها ، ويترتب عليه عدم الثقة بأهل العلم وإذا حصل هذا حصل الشر العظيم ] (10) ، أمَّا علماء الضلال فالواجب على كلِّ مسلم أن يحذر منهم فقد قال الشيخ صالح الفوزان حفظه اللّٰه : [ أما علماء الضلال خطر على الأمة وهم من أتباع الشيطان يزينون للناس الضلال والانحراف والبدع والخرافات والانصراف عن الدين الصحيح فيضلون الناس والعياذ بالله ، هؤلاء حذرنا الله سبحانه وتعالى منهم ، قال تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
وقال تعالى : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ • وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ • سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ } فهؤلاء علماء يجب علينا الحذر منهم ومن دسائسهم ومن شبهاتهم ومن تحريفهم لكلام الله وكلام رسوله ] (11)
و في الأخير أسأل اللّٰه تعالى أن يحفظ لنا مشايخنا و أن يمتعهم بالصحة و العافية و أن يحشرنا و إيَّاهم في جنة الفردوس رفقة النبي صلى اللّٰه عليه و سلم.



(1) سورة فاطر الآية 28.
(2) مجموع الفتاوى 7/539.
(3) سورة النساء الآية 83.
(4) تيسير الكريم الرحمـٰن في تفسير الكلام المنّان صفحة 170 ، طبعة دار إبن حزم.
(5) إعلام الموقعين 1/9.
(6) رواه أبو داود 3641 ، والترمذي 2682 ، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود 3641.
(7) منهج الإسلام في تزكية النفوس» لأنس أحمد كرزون 186/1.
(8) أخرجه أحمد 5/323 ، رقم 22807 ، و قال المنذري 1/64 : إسناده حسن ، والضياء من طريق الطبراني 8/361 ، رقم 445 ، قال الهيثمي 1/127 : رواه أحمد والطبراني في الكبير ، وإسناده حسن . وصححه الألباني في الصحيحة 2196.
(9) تبيين كذب المفتري صفحة 29-30.
(10) من كتاب " محاضرات في العقيدة والدعوة " 3/310.
(11) من كتاب " محاضرات في العقيدة والدعوة " 3/306.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013