منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 Dec 2014, 11:03 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي شُبَهٌ تجري على ألسنة الكثير من الناس، والردّ عليها.

تنبيه: [ من باب الأمانة العلمية، واعتبارا بما يقرره مشرفو هذا المنتدى المبارك، من عدم نقل المواضيع المتكررة، أو نسبتها إلى غير قائلها، وما شابه هذه الأمور، فأعلم إخواني الأفاضل أن من عادتي، قراءة الكتب أو الرسائل، ومن ثمّ استخلاص فوائدها، واختصار مباحثها، ونشرها في عناوين أراها مناسبة للمقال، حتى ينتفع بها إخواني الفضلاء، ولا أضيف إلى نفسي شيئا سوى بعض التعليقات من هنا وهناك، مع ذكري في آخر المقال الكتاب أو الرسالة المختصرة للمراجعة ]

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمّد وعلى آله، وصحبه، ومن تبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الإيمان بالله لا يتم إلا بالقيام بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تتم الطاعة إلا بالصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى، وقد أمر الله المؤمنين بهذه الصفات الموصلة إلى الفلاح بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].

قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآية: قال الحسن البصري: أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام، فلا يدعوه لسراء ولا لضراء، ولا لشدة ولا لرخاء حتى يموتوا مسلمين، وأن يصابروا الأعداء الذين يكتمون دينهم، وكذلك قال غير واحد من علماء السلف.اه.

وقد ابتلي المسلمون بفتن كثيرة يقوى بعضها بعضًا، ولا تزال في زيادة مستمرة، وبسرعة هائلة، يزينها الأعداء ومرضى القلوب بشبه كثيرة، منها ما يلي:

الشبهة الأولى


قولهم: الحاجة تدعو إلى هذا الأمر أو الضرورة، ويستدلون بقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] وقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] وغيرهما.

الجواب: نعم، يستدل بهما ولكن بالشروط المذكورة فقال: {فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} في آية الأنعام ذكر – تعالى – أنه فصل الحرام، وأن الكثير يضلون بأهوائهم بغير علم، وسماهم معتدين.
فلا بد من تمييز المسألة أهي ضرورة حقًا أم لا؟ وليس لكل إنسان تمييز كل مسألة وإنما للعلماء الذين أنار الله بصيرتهم، وشرح صدورهم للإسلام، العالمين بالأصول والفروع.
قال ابن تيمية – رحمه الله -: «لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات، ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم».اه [مجموع الفتاوى، ص203،ج19]
وقال – رحمه الله-: في الأصول الثلاثة، التي يعتمد عليها أهل السنة والجماعة في العلم والدين، وهي: الكتاب والسنة، والإجماع: «وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس، من أقوال وأعمال باطنه أو ظاهرة مما له تعلق بالدين».اه. [ العقيدة الواسطية في صفة أهل السنة، ومجموع الفتاوى ص157،ج3]
فعلى المسلم أن يتثبت في أمور دينه، ويحذر من الوقوع في الشبهات، فقد يقصد الأعداء بإيراد الشبهة تلبيس الحق على المسلمين، لأجل إفساد دينهم حسدًا عليه، أو لأغراض أخرى.
وتتجلى شبهة دعوى الضرورة في كثير من المسائل عند كثير من الناس، في حالتين لهم:
الأولى: الحالة النفسية، فثقل الطاعة على نفوسهم، وعد الصبر عليها، واستبعاد قبول الناس لها، ويأسهم الشديد في ذلك، والجبن والضعف المخيم عليهم عن إقامتها، توقعهم في هذه الشبهة.
وميل النفس إلى ما تهواه، ومحبتها للراحة، سبب لطلب الترخيص والوقوع في المحرمات.
الثانية: حالتهم الفعلية، فإذا تبينت المسألة التي وقعوا فيها، واتضحت بأنها ليست ضرورة كما زعموا، فلا تجدهم يرجعون عنها، بل هم في فرح وسرور بما يجري، غير متألمين ولا حزنين، وقد يسوؤهم ظهور الحق والتمسك به!
ولا غرابة فإن غالب هؤلاء الطالبين للترخصات: المعصية ظاهرة في وجوههم وأعمالهم وأخلاقهم، فحالهم تدل على أن طلبهم الترخص في مسألة ليس طلبًا للحق، وهم مع ذلك ليسوا من أهل العلم وإن ادعى بعضهم ذلك فأمرهم دائر بين الجهل والهوى.

الشبهة الثانية


قولهم: الوقت اختلف، والحالة تغيرت، فزمننا غير زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، يشيرون إلى ما حصل من الانقلاب الصناعي، وتقارب الأسواق، واختلاط البشر، وتشعب شؤون الحياة.

والجواب عن هذه الشبهة:
أنه وإن اختلف الوقت، وتغيرت الحال، فالشريعة الخالدة شاملة لجميع شؤون الخلق، في كل زمان ومكان، وفي كل حال من الأحوال إلى قيام الساعة، ارتضاها لنا الرب – جل وعلا – العالم بأن الوقت سيختلف، وأن الحال ستتغير، فهو عالم بما كان وما سيكون قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
فالقائل بهذه الشبهة لقصد إبطال حكم شرعي، طاعن في الشريعة، متنقص لعلم الرب، غير مؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك» أو جاهل ما في الكتاب والسنة مما جرى وما سيجري من الوقائع والحوادث؛ أو متبع لهواه، وقد جاء التحذير في ذلك في قوله تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49].

الشبهة الثالثة
وصفهم التمسك بالحق: جمودًا، وتأخرًا، وتشديدًا وتعقيدًا، وقد يصرح التارك للحق بقوله: «إنهم يعيبوننا» مع اعترافه به.

والجواب: أن هذه الكلمات من وساوس شياطين الإنس وشياطين الجن، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112].
فالجمود ينطبق على من أصر على المعصية، واستمر في إتباع هواه، والتأخر الحقيقي لمن تخلف عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واتبع غير سبيل المؤمنين.
أما التمسك بالشريعة، فحزم وقوة لا تشديدًا، فالشريعة جاءت بما يطاق، وإذا عرف الإنسان ثواب الأعمال الخيرة هانت عليه المشقة؛ وخوف بعض الناس ونفورهم من أهل الحق هيبة وعزة أودعها الله في المتمسك لا تنفيرًا منهم.
وأما وصفهم التمسك تعقيدًا، فإن كان المراد التوثيق والاعتقاد الجازم فصحيح، وإن أرادوا الوساوس التي تحدث القلق عند الإنسان والضيق فغير صحيح، لأن الآمر بالطاعة غير موسوس، وكذلك الممتثل، وما يحصل في نفسه من قلق هو بغض لأعداء الله، وضيق نفسه من انتهاك حرماته، وهذه علامة صدقه في إيمانه، وبذكر الله تطمئن القلوب.
وما في نفس المؤمن من القيام بالطاعة والتمسك بها فتمييز وخير، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالشريعة، وأمته أسوته في ذلك، قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43] وقال تعالى: {وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [الشورى: 15]، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18] وقال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».
فعلى المسلم أن يسأل عن الحق أهل العلم، ولا يكن همه ما تهواه نفسه، قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال».
أما عيب الناس للمؤمنين، والسخرية بهم، فهو سنة الكافرين مع أنبياء الله وأوليائه، ابتلاء للبشر حتى الرسل، قال تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10] فإذا صبر المؤمن فله الثواب، وعلى الساخر العقاب، علمًا بأن هناك من يثني على المؤمن في السماء وفي الأرض، كما أن العاصي يذم، فهل من مدكر؟
فالصراع بين أهل الحق وأهل الباطل سنة الله، ليظهر الصادق في إيمانه من الكاذب، قال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186] قال ابن كثير – رحمه الله -: فكل من قام بحق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر فلا بد أن يؤذى، فماله دواء إلا الصبر في الله والاستعانة بالله والرجوع إلى الله.

الشبهة الرابعة

قولهم: الآمر بالمعروف لم يعمل بما يأمرنا به، أو عنده من لا يعمل به، ويستدلون بقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] ويقذفونه بقولهم: «لا تغتر بالمظاهر».

والجواب: أن الحق يقبل من كل من جاء به، أما هذه الآية ففيها التوبيخ لمن يأمر بالمعروف ولا يعمل به، وليس فيها دليل على جواز ترك الطاعة المأمور بها، فعليك أن تنصحه وتعينه على نفسه ومن عنده، فالمؤمن مرآة أخيه.
«الدين النصيحة» يكررها الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة – رضي الله عنهم -: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» وذم الله بني إسرائيل حيث لم يتناهوا عن منكر فعلوه قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة].
ومن أشد ما يبتلى به المسلم أن يقال فيه: إن ظاهره يخالف باطنه، فهذا من الهمز واللمز، ومن لحن القول نسأل الله العافية، فالقائل لهذه الكلمة مظهر لنفاقه، كما قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30] وعلى فرض صحة ما يقوله في أخيه المسلم، فليس نصحًا، وإنما لقصد التشنيع به وتحطيمه، حتى يسكت عن الحق لكراهته له، ومن الجدال بالباطل، كما قال الله فيهم: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر: 5] فالله المستعان: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21].

للمزيد راجع رسالة: الرد على شبه تجري على ألسنة كثير من الناس، لمؤلفها سعد بن عبد الرحمان بن قاسم.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو سهيل محمد القبي ; 16 Dec 2014 الساعة 11:26 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, تزكية, شبه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013