منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 10 Apr 2020, 07:53 PM
أبو أنس يعقوب الجزائري أبو أنس يعقوب الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 382
افتراضي ‏مقال كتبته أرجو به نفعا لي ولإخواني الفضلاء .

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبعد.

سُئل الإمام ربيع بن هادي حفظه الله: هل يجوز لنا أن نسب من سبه أهل العلم؟ فأجاب:
[السب، لا ما تسب] لكن إذا بدع واحتجت إلى بيان حاله لنصح الناس فبين، تقول فيه فلان مبتدع، فلان عنده كذا، بارك الله فيكم، أما السب فلا، السب لا، لا تسبه، إذا سبه أنت لا تسبه، إذا حكم عليه حكم هو حق فيه، وإذا رأيت أناس يتضررون به، فأنت عليك أن تبين حاله، حتى يحذر الناس من شره ويسلمون من شره، وأما السب فلا، لا يفيد"[شريط بعنوان: الرد على أهل البدع جهاد].

وللأسف فإنّنا أصبحنا نرى بعضَ النّاس أغلب منشوراته وتعليقاته وردوده على المخالفين هي عبارة عن سب وشتم! وهذا خِلاف الهدي النبوي، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »–أخرجه أحمد حديث رقم 8952 عن أبي هريرة رضي الله عنه. وتعظم وتزداد المصيبة لمّا تُغلّف بغلاف نصرة الحق! والدفاع عن المنهج وعن العلماء!! وإنّا لله.

ولا ريب أنّ هذه الطريقة دخيلة على المنهج السلفي، وهي مخالفة لما كان عليه العلماء قديما وحديثا، فالفرق بينك وبينهم شاسع والبون واسع؛ بل إنّ هذه حيلة كلّ عاجزٍ مفتقرٍ للدليل؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني رحمه الله: « الشتيمة والوقيعة والتهجم عند النقاش حيلة العاجز وبضاعة المفلس فإنّ الرد بمجرد الشتم والتهويل لايعجز عنه أحد» [المجموع(186/4)].

وسلفنا الصالح كانوا يولّون اهتمامًا بالغًا بالأخلاق، وقد روي أنّ والدة الإمام مالك كانت ترسله صغيرًا إلى ربيعة الرأي، لا لشيء إلّا لأخذ الأدب والسمت من هذا الإمام العَلم، وممّا يُروى عن الأولين قولهم: الأدب قبل الطلب، ولا ينازع عاقلٌ بأنّ هذا هو منهج السلف؛ والآثار في هذا كثيرة، وما عليك أخي القارئ إلّا الاطّلاع في تراجم الأئمة لتقف على ما أقول لك.

وعلينا أن نسأل أنفسنا لماذا فتحنا حسابات في التواصل؟! هل لنجادل ونماري في مواقع التّواصل؛ أم الغاية تعليم الناس وإيصال الخير لهم ومن ذلكم إرشادهم لكلام علمائهم؟

وضع بين عينيك قول الله تبارك وتعالى: « وأعرض عن الجاهلين »، فتستريح وتُريح!؛ بل لعلّ الخير كله في إعراضك وعدم مجاراتك لهم! فالسكوت في موضعه حكمة! وقد روي عن الشافعي أنّه قال:

يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ ** فأكرهُ أن أكونَ له مجيبا
يزيدُ سفاهة ًفأزيدُ حلماً ** كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا

واعلم يا أخي أنّ هذه الدعوة النقيّة الأصل فيها هو اللّين والرفق، إلّا ما استدعى المقام للشدّة فيه، قال الله عز وجل: « واخفض جناحك للمؤمنين »، واللّه تبارك وتعالى حينما خاطبَ نبِيَيْهِ موسى وهارون أمرهما بأن يتلطفا بفرعون وهو الذي يُضرب به مثل السوء في الطغيان والظلم والجبروت! بل هو كافر! ومع هذا قال الله لهما: « فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ» [ سورة طه 44].
فما الذي يمنعك يا أخي أن تكون ليّنًا سهلا رفيقا رحيما خافضا جناحك؟

فعن عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ رواه مسلم.
4/635- وعنها: أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ رواه مسلم.
5/636- وعن أبي هريرةَ  قَالَ: بَال أَعْرَابيٌّ في المسجِد، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْه لِيَقَعُوا فِيهِ، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: دَعُوهُ، وَأَرِيقُوا عَلى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِن مَاءٍ، فَإِنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرِينَ ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ رواه البخاري.
6/637- وعن أَنسٍ ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا متفقٌ عَلَيْهِ.
7/638- وعن جرير بن عبداللَّه  قالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقُولُ: مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز رحمه الله معلقًا: ".. فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالرِّفق وعدم العجلة وعدم الشدة في الأمور .. فالإنسان في الدعوة إلى الله، وفي الأمر بالمعروف، وفي النَّهي عن المنكر، وفي ملاحظة أحوال أهل بيته، ومع جيرانه؛ كل ذلك بالرفق، في دعوته، وأمره، ونهيه، ونصيحته، وغير ذلك، عليه أن يتحرَّى الرفق في الأمر كله؛ لأنَّ هذا أجدى وأنفع من الشدة والغلظة.." [ موقع الشيخ].

واحذر أخي أن ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنّ منكم منفرّين »، والحذر أن تُأتَى الدعوة من قِبلك، وإيّاك إيّاك أن تكون مِعول هدم لهذه الدعوة، فتفسد ما يبنيه غيرك في لحظة.

قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ((المجموع)) (ص 14/90): « السلفية تحتاج إلى عقلاء؛ تحتاج إلى رحماء؛ تحتاج إلى حكماء؛ تحتاج قبل ذلك إلى علماء»اهـ.

وقال المحدث الألباني رحمه الله: " .. أنا ألاحظ مع الأسف أن الناس اليوم يهتمون بالجانب الأول ألا وهو العلم ولا يهتمون بالجانب الآخر ألا وهو الأخلاق والسلوك، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكاد يحصر دعوته من أجل محاسن الأخلاق ومكارمها حينما يأتي بأداة الحصر فيقول: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فإنما ذلك يعني أن مكارم الأخلاق جزء أساسي من دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام. والواقع أنني كنت في ابتداء طلبي للعلم وهداية الله عز وجل إياي إلى التوحيد الخالص واطلاعي على ما يعيشه العالم الإسلامي من البعد عن هذا التوحيد، كنت أظن أن المشكلة في العالم الإسلامي إنما هي فقط ابتعادهم عن فهمهم لحقيقة معنى لا اله إلا الله. ولكني مع الزمن صرت أتبيّن أن هناك مشكلة أخرى في هذا العالم تُضاف إلى المشكلة الأولى الأساسية - ألا وهي بُعدهم عن التوحيد - المشكلة الأخرى: «أنهم أكثرهم لا يتخلقون بأخلاق الإسلام الصحيحة إلا بقدر زهيد...» [فتاوى جدةشريط 34 (د. 4:38) ].

فهذه نقولات أرجو أن أنتفع بها وإخواني، ونسأل الله أن يهدينا ويرزقنا مكارم الأخلاق ويجنبنا مساوئها، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أبو أنس يعقوب السطيفي
صبيحة الإثنين 13 شعبان 1441 هجري

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 Apr 2020, 09:32 PM
طارق بن صغير طارق بن صغير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2019
المشاركات: 115
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل و نفعنا الله بهذه النصيحة الطيبة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 Apr 2020, 01:18 PM
أبو أنس يعقوب الجزائري أبو أنس يعقوب الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 382
افتراضي

وجزاك الله خيرا أخي الكريم طارق.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 Apr 2020, 11:02 PM
محسن سلاطنية محسن سلاطنية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 320
افتراضي

بارك الله فيك وأحسن إليك أخي يعقوب على هذا النقل الطيب لهذه التوجيهات الرشيدة ، نفعنا الله جميعا بتوجيهات علمائنا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013