منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 19 Dec 2007, 09:19 PM
بشير ابو عبد الرحمن بشير ابو عبد الرحمن غير متواجد حالياً
bachir-dellys.blogspot
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 600
إرسال رسالة عبر MSN إلى بشير ابو عبد الرحمن
افتراضي من كتاب الكون الأدلة من القرآن الكريم على ثبوت الأرض وعدم دورانها

من كتاب الكون الأدلة من القرآن الكريم على ثبوت الأرض وعدم دورانها

1- قوله عز وجل
{إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده}
قال القرطبي رحمه الله في "تفسير ه" 14/356ـ 357 وأن: في موضع نصب بمعنى كراهة أن تزولا أو لئلا تزولا أو يحمل على المعنى لأن المعنى أن الله يمنع السماوات والأرض أن تزولا فلا حاجة على هذا إلى إضمار وهذا قول الزجاج …إلى أن قال وقيل المراد بزوالهما يوم القيامة وعن إبراهيم قال دخل رجل من أصحاب بن مسعود إلى كعب الأحبار يتعلم منه العلم فلما رجع قال له بن مسعود ما الذي أصبت من كعب قال سمعت كعبا يقول إن السماء تدور على قطب مثل قطب الرحى في عمود على منكب ملك فقال له عبد الله وددت أنك انقلبت براحلتك ورحلها كذب كعب ما ترك يهوديته إن الله تعالى يقول إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا إن السماوات لا تدور ولو كانت تدور لكانت قد زالت وعن بن عباس نحوه وأنه قال لرجل مقبل من الشام من لقيت به قال كعبا قال وما سمعته يقول قال سمعته يقول إن السماوات على منكب ملك قال كذب كعب أما ترك يهوديته بعد إن الله تعالى يقول إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا والسماوات سبع والأرضون سبع ولكن لما ذكرهما أجراهما مجرى شيئين فعادت الكناية إليهما وهو كقوله تعالى أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ثم ختم الآية بقوله إنه كان حليما غفورا لأن المعنى فيما ذكره بعض أهل التأويل أن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا من كفر الكافرين وقولهم اتخذ الله ولدا. ا.هـ ما قاله القرطبي .
وقال ابن كثير في تفسيره 3/562 {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}: أي أن تضطرب عن أماكنهما كما قال عز وجل: {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} وقال {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} وذكر أثر ابن مسعود الذي ذكره القرطبي وقال بعد ذكره وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود .قلت: وهو كذلك
وقال الألوسي صاحب تفسير "روح المعاني" عند كلامه على الآية المذكورة " وقيل زوالهما دوارنهما فها ساكنتان وذكر قول ابن مسعود لكعب ثم قال والمنصور عند السلف أن السماوات لا تدور وإنها غير الأفلاك وكثير من الإسلاميين ذهبوا إلى أنها تدور وأنها ليست غير الأفلاك وأما الأرض فلا خلاف بين المسلمين في سكونها والفلاسفة مختلفون والمعظم على السكون ومنهم من ذهب إلى أنها متحركة وأن الطلوع والغروب بحركتها ورد ذلك في موضعه" 22/ص204
شبهة وجوابها
بعض المفسرين قالوا في تفسير المسك الإلهي للسماوات والأرض أن سبحانه يمسكهما عن الخروج عن الدوران وقالوا إذا خرجت الأرض والسماوات عن الدوران اختل نظامهما وهذا التفسير مرجوح للأمور الآتية:
‌أ- أن ابن مسعود قال في دوران لما أخبر بقول كعب الأحبار " وكفى بدوارنها زوالها ومعنى هذا أن الدوران من جملة الزوال الذي يمسك الله السماوات والأرض أن يحصل لهما .
‌ب- هذا القول هو قول أصحاب الأفلاك ادخله بعض المفسرين في تفسيرهم ولو أعتمدوا على قول السلف لما حصل لهم هذا وهو أيضاً خروج عن ظاهر الآية.
‌ج- تفسيرهم للزوال بإختلال نظامها يقتضي إلا في يوم القيامة والمحسوس بخلاف هذا فإن الأرض تتحرك في بعض الأحايين فيحصل ما يحصل من الخراب مع أنها ما خرجت عن نظامها لأن أصحاب هذا القول يرون أن خروجها عن النظام الانتقال من مكان إلى آخر فلم يحصل للأرض إنتقال عند الزلزال فبان بهذا ضعف التفسير .
2- قوله عزوجل
{وألقى في الألارض رواسي أن تميد بكم}
قال ابن جرير رحمه الله في تفسير 7/ (62) بعد ذكره للآية يقول تعالى ذكره ومن نعمه عليكم أيها الناس أيضاً أن ألقى في الأرض رواسي وهي جمع راسية وهي الثوابت في الأرض من الجبال وقوله {أن تميد بكم} وذلك كقوله يبين الله لكم أن تضلوا أن لا تضلوا وذلك لأنه جل ثناؤه أرسى الأرض بالجبال لئلا يميد خلقه الذي على ظهرها وقد كانت مائدة قبل أن ترسى بها .
وقال البغوي في تفسير هذه الآية " أي لئلا تميد بكم أي تتحرك وتميل والميد هو الاضطراب والتكفؤ ومنه قيل للدوار الذي يعتري راكب البحر ميد (3/ 421)
وقال ابن الجوزي في تفسيره في زاد المسير: وقال الزجاج كراهة أن تميد قال ماد الرجل يميد ميداً إذا اضطرب ..."(4/ 435)
وقال البقاعي في نظم الدرر " أي فيحصل لكم الميد وهو داور يعتري راكب البحر فهي ثابتة لأجل ذلك الإلقاء ثابتة مع إفضائها بالكرية التحرك (11/ 126) قلت: لا يفهم من كلام البقاعي أنها تتحرك وإنما معناه أن مقتضى كروية الأرض أن تتحرك ولكن قد ثبتها الله بالجبال وإلا نسب إليه التناقض لأنه قد قال " فهي ثابتة لأجل ذلك الإلقاء "
وقال الشنقيطي: عند هذه الآية الكريمة: ذكر جل وعلا في هاتين الآيتين أربع نعم من نعمه على خلقه مبيناً لهم عظيم منته عليهم بها الأولى إلقاؤه الجبال في الأرض لتثبت ولا تتحرك ..."أضواء البيان " 3/ 251
وقال السعدي في تفسيره عند هذه الآية " وهي الجبال العظام لئلا تميد بهم وتضطرب بالخلق فيتمكنون من حرث الأرض والبناء عليها والسير عليها ...[ 437]
وعلى كلٍ ظاهر الآية المذكورة أن الله خلق الأرض فاضطربت فخلق الجبال وأرساها عليها لتسكن وتستقر فلا تتحرك وعلى هذا الظاهر كثير من المفسرين أنهم يثبتون إستقرار مطلق للأرض بعد إلقاء الجبال عليها وينفون حركتها نفياً مطلقاً وسيأتي الجمع بين هذه الآية ة وبين قوله تعالى {الله الذي جعللكم الأرض قراراً} عندها
3: قوله تعالى
{ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً}
قال ابن جرير الطبري رحمه الله بعد ذكره لهذه الآية يقول تعالى ذكره معدداً على هؤلاء المشركين نعمه وأياديه عندهم وإحسانه إليهم وكفرانهم ما أنعم به عليهم ومتوعدهم بما أعد لهم عند ورودهم عليه من صنوف عقابه وأليم عذابه فقال لهم ألم نجعل الأرض لكم مهاداً تمتهدونها وتفترشونها
حدثنا ابن حميد ثنا مهران عن سعيد عن قتادة ألم نجعل الأرض مهاداً أي بساطاً والجبال للأرض أوتاداً أن تميد بكم إ.هـ.
وقال الشوكاني رحمه الله في" الفتح" [ 5/ 364 ]{ألم نجعل الأرض مهاداًوالجبال أوتاداً} أي قدرتنا على هذه الأمور المذكورة أعظم من قدرتنا على الإعادة بالبعث والمهاد الوطاء والفراش كما في قوله تعالى {الذي جعل لكم الأرض فراشاً ـ ـ قرأ الجمهور مهاداً وقرأ مجاهد وعيسى وبعض الكوفيين (مهداً) والمعنى أنها كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينوم عليه والأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسى الخيام بالأوتاد. إ.هـ وقال القرطبي [19/ 171] بعد ذكره لقوله عز وجل {والجبال أوتاداً} قال أي لتسكن ولا تتكفأ ولا تميل بأهلها . إ. هـ . وقال ابن كثير [ 4/ 464] {ألم نجعل الأرض مهاداً} ممهدة للخلائق ذلولاً قارة ساكنة ثابتة {والجبال أوتاداً} أي جعلها لها أوتاداً أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها إ. هـ .
وبنحو ما قاله هؤلاء قاله ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير والسيوطي في الدر المنثور
وقال ابن القيم في كتابه "مفتاح دار السعادة "[ 4/ 86] تحقيق الحلبي وهو يتحدث عن منافع لجبال " ومن منافعها ما ذكره الله في كتابه أنه جعلها للأرض أوتاداً تثبتها ورواسي بمنزلة مراسي السفن وأعظم بها منفعة وحكمة "
وقال السعدي: أي تمسك الأرض لئلا تضطرب بكم وتميد "[ 906]
وقال أبو بكر الجزائري في تفسيره في قوله {أوتاداً} أي تثبتها كما تثبت الخيمة بالأوتاد 5/500
قلت: فكل هؤلاء عباراتهم صريحة على أن الله جعل الجبال لكي تسكن الأرض ولا تتحرك وهذا من رحمة الله بعباده ولطفه بهم سبحانه فلو كانت الأرض تتحرك بأي نوع من أنواع الحركة لما استطاع أن يعيش عليها أحد فتأمل هذه الآيات وما فيها من الامتنان العظيم وفيها الرد على من قال إن الأرض تدور لأن الآيات ناطقة بأن الجبال تثبتها كما تثبت الخيمة فكما أن أوتاد الخيمة وضعت لتثبت الخيمة من التحرك فكذلك الجبال فمن قال إن الجبال وضعت لتنظم حركة الأرض فقد خالف الدليل الصريح والعقل المحسوس، ويقال لهؤلاء هل الجبال عندكم تنظم حركة الأرض وتسير معها أم أنها واقفة؟ فإن قالوا الجبال واقفة منظمة لحركة الأرض قيل لهم هذا عين التناقض لأن الجبال ملتصقة بالأرض تتحرك بحركتها وتقف بوقوفها وإن قالوا تسير سيرها قيل لهم خالفتم الآيات الصريحة في أن الجبال خلقها الله لإرساء الأرض
4: قوله تعالى
{ولو أن قراءنا سيرت به الجبال أو قطعت الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعاً}
قال ابن جرير في تفسيره [ 6/ 102 ] عند أن ذكرها اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم معناه وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قراءنا سيرت به الجبال أي يكفرون بالله ولو سير لهم الجبال بهذا القرآن وقالوا هو من المؤخر الذي معناه التقديم ــ وجعلوا جواب لو مقدماً قبلها وذلك أن الكلام على معنى قيلهم ولو أن هذا القرآن سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض لكفروا بالرحمن ذكر من قال ذلك وذكر أقوالاً عن السلف وذكر القول الثاني وهو أن جواب لو محذوف وهو لكان هذا القرآن أي لو نزل قرآن يسير الجبال كلن هذا القرآ ن وتقدير الجواب هو الراجح عند ابن جرير وغيره لأنه أسلوب من أساليب العرب وفيه إثبات عظمة القرآن .
وقال الشوكاني رحمه الله في " الفتح "[3/ 83] عند ذكر هذه الآية إن جامعة من الكفار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسير لهم جبال مكة حتى تتفسح فإنها ضيقة فأمره الله بأن يجيب عليهم بهذا الجواب المتضمن لتعظيم شأن القرآن وفساد رأي الكفار حيث لم يقتنعوا به وأصروا على تعنتهم وطلبهم ما لو فعله الله سبحانه لم يبق ما تقتضيه الحكمة الإلهية من إنزال الآيات التي يؤمن عندها جميع العباد ومعنى سيرت به الجبال أي بإنزاله وقراءته فسارت عن محل إستقرارها {أو قطعت به الأرض} أي تصدعت حتى صارت قطعاً متفرقة {أو كلم به الموتى} أي صاروا أحياء بقراءته عليهم فكانوا يفهمون عند تكليمهم به كما يفهمه الأحياء ..إ.هـ .
وقال ابن كثير رحمه الله [ 2/ 516] بعد أن ذكر الآية أي لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها أو تقطع به الأرض وتنشق أو تكلم به الموتى في قبورها لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره أو بطريق الأولى أن يكون كذلك لما فيه من الإعجاز الذي لا يستطيع الإنسان والجن عن آخرهم إذا اجتعموا أن يأتوا بمثله ولا بسورة من مثله ومع هذا فهؤلاء المشركون كافرون به جاحدون له إ.هـ .
قلت: هذه الآية الكريمة تدل على عظمة القرآن وما فيه من الزجر والإنذار لأنع غاية في التذكير ونهاية في الإنذار ومع هذا لم يؤمن به كفار قريش فيبين الله شدة كفرهم وعنادهم وذلك أنهم يعلمون علماً يقيناً أن الجبال لا تتحرك فلو جعل الله القرآن العظيم منزلاً عليها ثم سارت لما آمن كفار قريش فلو كانت الأرض تسير لكان سيرها في هذه الآية لغواً والقرآن يصان عن هذا لأن الله بين للكفار عظمة هذا القرآن وما فيه من الإنذار والإبلاغ وما هم عليه من الجحود فأنت ترى ذكر أقوال المفسرين المذكورين أنها متفقة على ثبوت الأرض والجبال فتأمل . وقد يقول قائل استدللت بالآية الكريمة على ثبوت الأرض وإنما فيها ذكر ثبوت الجبال فكيف هذا ؟ والجواب: ذكر ثبوت الجبال يستلزم ثبوت الأرض لأن الحركة والإضطراب المنسوبة إلى الأرض إنما حصلت قبل إرساء الجبال عليها والله المستعان .
5: قوله تعالى
{وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً}
الآية قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره [ 6/ 63] بعد ذكره للآية يقول تعالى ذكره والله الذي مد الأرض فبسطها طولاً وعرضاً وقوله وجعل فيها رواسي يقول جل ثناؤه وجعل في الأرض جبالاً ثابتة والرواسي جمع راسية يقال منه أرسيت الوتد في الأرض إذا أثبته
كما قال الشاعر
به خالدات ما يرمن وهامد وأشعث أرسته الوليدة بالقهر
يعني أثبته إ. هـ .
وقال الشوكاني رحمه الله [ 3/ 64] بعد ذكره للآية قال القراء بسطها طولاً وعرضاً وقال الأصم إن المد هو البسط إلى ما لايدرك منتهاه وهذا المد الظاهر للبصر لا ينافي كريتها في نفسها لتباعد أطرافها {وجعل فيها رواسي} أي جبال ثوابت راسية لأن الأرض ترسو به أي تثبت والإرساء الثبوت قال عنترة
فصرت عارفة لذلك حرة ترسوا إذا نفس الجبال تطلع
وقال جميل
أحبها والذي أرسى قواعده حتى إذا ظهرت آياته بطنا
وقال القرطبي رحمه الله [ 9/ 180] قوله تعالى {وهو الذي مد الأرض} لما بين آيات السماوات بين آيات الأرض أي بسط الأرض طولاً وعرضاً .
إلى أن قال .... مسألة في هذه الآية رد على من زعم أن الأرض كالكرة ورد على من زعم أن الأرض تهوي أبوابها عليها وزعم ابن الرواندي أن تحت الأرض جسماً صعاداً كالريح الصعادة وهي منحدرة فأعتدل الهاوي والصعاد في الجرم والقوة فتوافقا . وزعم آخرون أن الأرض مركبة من جسمين أحدهما منحدر والآخر مصعد فاعتدلا فلذلك وقفت والذي عليه المسلمون وأهل الكتاب القول بوقوف الأرض وسكونها ومدها وأن حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها إ. هـ . وبنحو ما قالوه قال ابن كثير وابن الجوزي .
وقال الألوسي في تفسيره روح المعاني [ 13/ 95] عند هذه الآية وما أشارت إليه هذه الآية ونتطقت به غيرها من الآيات من كون الجبال سبباً للإستقرار الأرض وأنها لولاها لمادت أمر لا يقوم على أصولنا دليل يأباه فنؤمن به وأن لم تعلم ما وجه ذلك على التحقيق .
وقال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية " أي خلقها للعباد ووسعها وبارك فيها ومهدها للعباد وأودع فيها من مصالحهم ما أودع وجعل فيها رواسي أي جبالاً عظيمة لئلا تميد بالخلق فإنه لولا الجبال لمادت بإهلها لأنهما على تيار الماء لا ثبوت لها ولا إستقرار إلا بالجبال الرواسي التي جعلها أوتاداً لها "[ 412]
قلت: ظاهر الآية الكريمة أن الله خلق الأرض ممتدة متسعة اتساعاً لا يدرك أبعاده وهذا الذي درج عليه المفسرون وجعلوا من قول من قال إن الله خلقها مدورة ثم مدها قولاً مرجوحاً ومدها لا يناف كرويتها البتة كما سيأتي بيانه في محله إن شاء الله.
6: قوله تعالى
{وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إداً تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً أن دعوا للرحمن ولداً}
قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره [ 7/ 98] عن ابن عباس قوله تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا قال إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت أن تزول منه لعظمة الله . إ. هـ .
وقال ابن كثير في تفسيره [ 3/ 139] بعد أن ذكر الآية أي يكاد ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم إعظاماً للرب وإجلالاً لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده وأنه لا إله إلا هو وأنه لا شريك ولا نظير له ولا ولد له ولا صاحبة ولا كفء بل هو الأحد الصمد
وفي كل شيء له آية تدل على أن الواحد

وذكر ما قاله ابن جرير
وقال محمد بن كعب القرضي: كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة يعني أنما ذكرته الآية سيحصل عند قيا م الساعة، ففي هذه الآية دليل على ثبوت الأرض والجبال وأنها تقارب الحركة والتشقق والتصدع والتهدهد عند حدوث الإشراك بالله والكفر، وإذا كانت الحركة والدوران لم تحصل لها عند الشرك والكفر دل هذا على عدم حصول حركة الأرض لأن أعظم ما يسبب حركتها وجود الكفر والشرك بالله سبحانه ومع هذا لم يحصل ذلك وانظر كيف جعل الله الهد للجبال لأن الأرض لو تحركت لكانت الجبال أشد حركة منها واعتبر بحالها عند الزلزال فإن الجبال يتساقط بعضها والحركة في الأرض أخف .
7: قوله تعالى
{وقد مكروا مكرهم وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال}

قال ابن جرير رحمه الله [ 6/ 162] إختلفت القراء في قوله لتزول منه فقرأ ذلك عامة قراء أهل الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائي وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بفتح اللام الأولى وفتح الثانية بمعنى وما كان مكرهم لتزول منه الجبال وقراءة الكسائي وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بفتح اللام الأولى ورفع الثانية والصواب من القراءة عندنا قراءة من قرا وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بكسر اللام الأولى وفتح الثانية بمعنى وما كان مكرهم لتزول منه الجبال وإنما قلنا ذلك هو الصواب أن اللام الأولى إذا فتحت فمعنى الكلام وقد كان مكرهم لتزول منه الجبال ولو كانت زالت لم تكن ثابتة وفي ثبوتها على حالتها ما يبين عن أنها لم تزل وأخرى إجماع الحجة من القراء على ذلك وفي ذلك كفاية عن الاستشهاد على صحتها وفساد غيرها بغير ه .
وقال القرطبي رحمه الله [ 9/ 381] بعد ذكره للآية وفي الجبال التي عنى زوالها بمكرهم وجهان:
أحدهما: جبال الأرض
الثاني الإسلام والقرآن لأن ثبوته ورسوخه كالجبال ...والجبال لا تزول ولكن العبارة عن تعظيم الشيء هكذا تكون .
وقال الشوكاني رحمه الله في " الفتح " [ 3/ 116] بعد أن ذكر شيئاً من كلام ابن جرير والإختلاف في القراءت وزوال الجبال مثل لعظم مكرهم وشدته: أي وإن الشأن كان مكرهم معداً لذلك .
وقال الزجاج: وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال فإن الله ينصر دينه . إ. هـ .
قلت: هذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن الجبال التي خلقها الله لتثبيت الأرض بعد أن كانت تتحرك باقية على ثبوتها ورسوها وإن وجد من أعمال الفجرة ما يكاد يحركها إلا أنها باقية على ثبوتها وإذا انتفت الحركة عن الجبال إلا لعارض فمن باب أولى أن تنتفي عن الأرض لأن الأرض قد ثقلت بالجبال وقرت بها والجبال أسرع إلى التحرك لانتصابها فافهم هذا يا لبيب .
8: قوله تعالى
{الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء}
قال ابن جرير رحمه الله تعالى في " تفسيره " [ 9/ 92] يقول تعالى ذكره الله الذي له الألوهية خاصة أيها الناس الذي جعل لكم الأرض التي انتم على ظهرها ـ كانا قرارا تستقرون عليها وتسكنون فوقها
وقال ابن كثير رحمه الله [ 4/ 87] بعد أن ذكر الآية:أي جعلها لكم مستقر بساطاً مهاداً تعيشون عليها وتتصرفون فيها وتمشون في مناكبها وأرساها بالجبال لئلا تميد بكم .
وقال البقاعي {الله}أي الذي له الإحاطة الكاملة بكل شيء {جعل} أي وحده {لكم الأرض} أي مع كونها فراشاً ممهداً {قرارا} مع كونها في غاية الثقل ولا ممسك لها سوى قدرته . إ. هـ . [ 17/ 104]
وقال أبو بكر الجزائري: أي قارة بكم لا تتحرك فيفسد ما عليها من إنشاء وتعمير ولا تتحول عليكم فتضطرب حياتكم فتهلكوا [ 4/ 548ـ 549]
وقال السعدي: أي قارة ساكنة مهيأة لكل مصالحكم تتمكنون من حرثها وغرسها والبناء عليها والسفر والإقامة فيها " [ 4/ 391]
وقال الشوكاني: أي موضع قرار فيها تحيون وفيها تموتون "الفتح" [ 4/ 498]
وعلى هذا التفسير صار المفسرون قديماً وحديثاً أن الآية أوضحت أن الأرض قارة وإنها في سياق الإمتنان الإلهي على العباد أن يجعل الأرض مهيأة لهم صالحة لسكناهم إياها فالقائلون بخلاف ظاهرها وبخلاف أقوال أهل العلم معارضون لها
استدل بهذه الآية بعض العلماء على أن الأرض خلقها الله قارة ثابتة في ذاتها
قلت: لا منافاة بين أن تكون الأرض قارة بسبب وضع الجبال عليها وهذا هو ظاهر الأدلة التي تتحدث عن إرساء الجبال وأن تكون قارة في ذاتها فوضعت الجبال عليها فزادها ثقلاً أكثر ومما يدل على هذا قوله سبحانه {أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي} النمل فقد جمع الله في هذه الآية بين ذكر الأرض قارة والجبال عليها مرسية لها .
9: قوله عز وجل
{ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ..}

قال ابن جرير رحمه الله [ 8/ 23] بعد أن ذكر الآية يقول تعالى ذكره ومن حججه أيها القوم على قدرته على ما يشاء قيام السماء والأرض بأمره خضوعاً له بالطاعة بغير عمد ترى
وقال ابن كثير رحمه الله [ 3/ 431] {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}كقوله {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} ...الآية وقوله {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} وكان عمر ابن الخطاب إذا اجتهد في اليمين قال والذي تقوم السماء والأرض بأمره أي هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها ثم إذا كان يوم القيامة بدلت الأرض غير الأرض والسماوات وخرجت الأموات من قبورها أحياء بأمره تعالى ودعائه إياهم . إ. هـ .
وقال القرطبي رحمه الله [ 14/ 91] {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} إن في محل رفع كما تقدم أي قيامها واستمساكها بقدرته بلا عمد . وقيل بتدبيره وحكمته أي يمسكها بغير عمد لمنافع الخلق وقيل بأمره بإذنه والمعنى واحد . إ. هـ .
قلت: تفسير العلماء للآية المذكورة بأمرين اثنين وهما قامتا بأمره بغير عمد ودامتا بأمره وكلاهما حق فإن دوامهما بأمره سبحانه إلى قيام الساعة. فوجه الاستدلال بهذه الآية أن الله أخبر أنه جعل الأرض ثابتة إلى قيام الساعة .
10: قوله تعالى
{أمن جعل الأرض قراراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً}
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في " تفسيره " [ 8/ 4] يقول تعالى ذكره أعبادة ما تشركون أيها الناس بربكم خر وهو لا يضر ولا ينفع أم الذي جعل الأرض لكم الأرض قرارا تستقرون عليها لا تميد بكم وجعل خلالها أنهاراً يقول بينها أنهارا وجعل لها رواسي وهي الجبال الثوابت وجعل بين البحرين حاجزاً بين العذب والملح أن يفسد أحدهما صاحبه . إ. هـ .
وقال ابن كثير رحمه الله [ 3/ 371] يقول تعالى {أمن جعل الأرض قرارا} أي قارة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا ترجف بهم فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة بل جعلها من فضله ورحمته مهاداً بساطاً ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك كما قال تعالى في الآية الأخرى {الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء} إلى أن قال {وجعل لها رواسي} أي جبالاً شامخة ترسي الأرض وتثبتها لئلا تميد بكم . إ. هـ .
وقال القرطبي رحمه الله [ 13/ 222] قوله تعالى {أمن جعل الأرض قراراً ] أي مستقراً وجعل لها رواسي يعني جبالاً ثوابت تمسكها وتمنعها من الحركة إ.هـ .
وقال الشوكاني رحمه الله في " الفتح " [ 4/ 146] {أمن جعل الأرض قرارا} القرار المستقر أي دحاها وسواها بحيث يمكن الإستقرار عليها ثم قال في الجبال كما قال القرطبي . إ. هـ .
11: قوله تعالى
{والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي}

قال ابن جرير رحمه الله [ 7/ 11] بعد أن ذكر الآية يعني تعالى ذكره بقوله والأرض مددناها والأرض دحوناها فبسطناها والقينا فيها رواسي يقول وألقينا في ظهورها رواسي يعني جبالاً ثابتة . إ. هـ .
وقال ابن كثير رحمه الله [ 7/ 396] والأرض مددناها أي وسعناها وفرشناها {وألقينا فيها رواسي} وهي الجبال لئلا تميد بأهلها وتضطرب فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها " والمفسرون على هذا الذي ذكرنا هاهنا.
قال السعدي في " تفسيره " [ 330] أي وسعناها يتمكن الآدميون والحيوانات كلها على الإمتداد بأرجائها والتناول من أرزاقها والسكون في نواحيها{وألقينا فيها رواسي} أي جبالاً عظاماً تحفظ الأرض بإذن الله أن تميد وتثبتها أن تزول .
12: قوله تعالى
{هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها}
قا ل ابن كثير رحمه الله [ 4/398] ...ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيرهم لهم الأرض وتذليله إياها لهم بأن جعلها قارة ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال . إ.هـ المراد منه
وقال الرازي في الكلام على هذه الآية:ت والمسألة الثانية الذلول من كل شيء المنقاد الذي يذل لك ومصدره الذل وهو الإنقياد واللين ومنه يقال دابة ذلول ,وفي وصف الأرض بالذلول أقوال منها: أنه تعالى سخرها لنا بأن أمسكها في جو الهواء ولو كانت متحركة على الإستقامة أو الإستدارة لم تكن منقادة لنا .
وقال ابن القيم: أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلول منقادة للوطء عليها وحفرها وشقها والبناء عليها ولم يجعلها مستعصية ممتنعة على من أراد ذلك منها إلى قوله والمقصود أنه سبحانه جعل لنا الأرض كالجمل الذلول كيفما يقاد ينقاد وحسن التعبير بمناكبها طرفها وفجاجها لما تقدم من وصفها بكونها ذلول فالماشي يطأ على مناكبها وهو أعلى شيء فيها ولهذا فسرت المناكب بالجبال كمناكب الإنسان وهي أعاليه . الفوائد [ 20ـ 21]
قلت: إثبات دوران الأرض ينافي أنها ذلول بل ينافي أن تكون صالحة للحياة عليها فانظروا إلى هذه المعارضة لكلام الله بل وللواقع المحسوس والمشاهد .
13: قوله تعالى
{ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور}
قال ابن الجوزي: {تدور} قال مقاتل: والمعنى تدور بكم إلى الأرض السفلى " [ 8/ 322]
وقال السمعاني: أي تضطرب وتدور ...[ 6/ 12]
وقال الشوكاني: أي تضطرب وتتحرك على خلاف ما كانت عليه من السكون ""الفتح "[ 5/ 262
وقال الرازي قالوا معناه أن الله يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تضطرب وتتحرك فتعلوا عليهم وهو يخسفون فيها فيذهبون فوقهم تمور [ 30/ 70]
وقال الألوسي: ترتج وتهتز إهتزازاً شديداً وأصل المور التردد في المجيء والذهاب . " روح المعاني [ 29/ 16]
وقال ابن عاشور " المود الإرتجاج والإضطراب " التحرير " [ 28/ 35]
قلت: وبقية عامة المفسرين قديماً وحديثاً على هذا أن مور الأرض ذهابها ومجيئها واضطرابها فدلت الاية الكريمة على أن الأرض لا تدور ولا تتحرك إلا بإذن الله عقوبة للخلق ولهذا قال ابن كثير رحمه الله عند آية المور " وهذا أيضاً من لطفه ورحمته بخلقه أنه قادر على تعذيبهم بسبب كفر بعضهم به وعبادتهم معه غيره وهو مع هذا يحلم ويصفح ويؤجل ولا يعجل كما قال تعالى {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دآبة ولكن يؤخرهم إلى أجلٍ مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا} [ 8/ 180]
14: قوله تعالى
{ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياءً وأمواتاً وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقينا كم ماء فراتاً}
قال ابن جرير رحمه الله [ 10/ 145] بعد ذكره الآية يقول تعالى ذكره ...وجعلنا في الأرض جبالاً ثابتة فيها باذخات شاهقات . إ. هـ .
وقال ابن كثير رحمه الله [ 4/ 461] بعد ذكره للآية الجبال أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب .
وقال الشوكاني رحمه الله [ 5/ 358] بعد ذكره للآية أي جبالاً طوالاً والرواسي الثوابت والشامخات الطوال وكل عالٍ فهو شامخ . إ. هـ .
وقال السعدي في تفسيره [904] أي ما أمننا عليكم وأنعمنا بتسخير الأرض لمصالحكم فجعلناها {كفاتا} لكم {أحياء} في الدور {وأمواتا} والقبور فكما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومننه فكذلك القبور رحمة في حقهم وستراً لهم عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها {وجعلنا فيها رواسي} أي جبالاً ترسي الأرض لئلا تميد بأهلها فثبتها الله بالجبال الراسيات الشامخات أي الطوال العراض ".
15: قوله تعالى
{لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً}
قال القرطبي رحمه الله {ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني} ضرب له مثالاً مما هو أقوى من بنيته واثبت فإن ثبت الجبل وسكن فسوف تراني وإن لم يسكن فإنك لا تطيق رؤيتي كما ان الجبل لا يطيق رؤيتي . إ.هـ .
وقال الشوكاني رحمه الله [ 2/ 243 ] بعد ذكر الآية معناه أنك لا تثبت لرؤيتي ولا يثبت ما هو أعظم منك جرماً وصلابة وقوة وهو الجبل فانظر إليه فإن استقر مكانه ولم يتزلزل عند رؤيتي له فسوف تراني وإن ضعف عن ذلك فأنت منه أضعف . إ. هـ .
قلت: وجه الإستدلال بالآية أن الجبل لم يتحرك من مكانه إلا بعد التجلي له وإلا فهو ثابت مستقر كما يدل عليه قوله سبحانه {فإن استقر مكانه فسوف تراني} وهكذا كل الجبال والأرض ثابتة لا يتحرك منها جزء إلا بأمر الله .
16: قوله
{والأرض فرشناها فنعم الماهدون}
قال ابن جرير رحمه الله [ 9/ 6] بعد ذكر الآية ...يقول تعالى ذكره والأرض جعلناها فراشاً للخلق فنعم الماهدون لهم نحن . إ. هـ .
وقال ابن كثير رحمه الله [ 4/ 238] بعد ذكر الآية أي جعلها فراشاً للمخلوقات {فنعم الماهدون} أي فنعم الماهدون نحن لهم والمعنى في الجمع والتعظيم مهدنا الفراش مهداً بسطته وطأته وتمهيد الأمور تسويتها وإصلاحها . إ. هـ .
فانظر وفقك الله كيف اخبرنا ربنا بأنه جعل الأرض فراشاً وامتن علينا بذلك ولو كانت تدور وتتحرك دائماً بإستمرار لقال "والأرض أدرناها فنعم الدائرون " ولو كانت تدور لامتن الله علينا بذلك واكثر من ذلك كما أكثر سبحانه من الإمتنان علينا بجعلها قارة ولكنك لا تجد آية واحدة فيها ذكر دوران الأرض لاصريحة ولا ظاهرة فضلاً عن أن تجد الإمتنان على العباد بالدوران بها .
17: قوله سبحانه
{والله جعل لكم الأرض بساطاً لتسلكوا منها سبلاً فجاجاً }
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله [ 4/ 427] بعد ذكره للآية أي بسطها ومهدها وأقرها وثبتها بالجبال الراسيات الشامخات . إ.هـ المراد
وقال ابن جرير رحمه الله [ 10/ 61] بعد أن ذكر الآية يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل نوح لقومه مذكرهم نعم ربه والله جعل لكم الأرض بساطاً تستقرون عليها وتمتهدونها وقوله لتسلكا منها سبلاً فجاجاً يقول لتسلكوا منها طرقاً صعباً متفرقة والفجاج جمع فج وهو الطريق . إ. هـ .
18: قوله تعالى
{والأرض وضعها للأنام}
الرحمن قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره [ 7/ 490] أي كما رفع السماء وضع الأرض ومهدها وأرساها بالجبال الراسيات الشامخات لتستقر لما على وجهها من الأنام وهم الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم والسنتهم في سائر أقطارها وأرجائها " .
وقال أبو حيان الغرناطي في تفسيره [ 10/ 57] أي حفظها مدحوة على الماء لينتفع بها"
وقال الشوكاني في " الفتح " [ 5/ 132] أي بسطها على الماء لجميع الخلق مما له روح وحياة ولا وجه لتخصيص الأنام بالإنس والجن "
وقال الشنقيطي في " أضواء البيان " [ 7/ 738] ذكر جل وعلا في هذه الآية أنه وضع الأرض للأنام وهو الخلق لأن وضع الأرض لهم على هذا الشكل العظيم القابل لجميع أنواع الإنتفاع من إجراء الأنهار وحفر الآبار وزرع الحبوب والثمار ودفن الأموات وغير ذلك من أنواع المنافع من أعظم الآيات وأكبر الآلاء التي هي النعم ولذا قال بعده {فبأي ألاء ربكما تكذبان}
قلت: من لم يعترف بنعمة إستقرار الأرض وثباتها فقد جحد هذه النعمة العظيمة.
19: قوله تعالى
{والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعاً لكم ولأنعامكم}
وعامة المفسرين على تفسير دحاها بتفسيريين وهما:
1: بسطها
2: أن معنى دحاها أي اخرج منها ماءها ومرعاها وهذا أظهر في الآية والآية صالحة للمعنين
20: قوله تعالى
{والأرض وما طحاها}
قال القرطبي في "تفسيره " أي بسطها كذا قال عامة المفسرين [ 20/ 50]
21: قوله تعالى
{قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في اربعة أيام سواء للسائلين}
قال السمعاني أي جبالاً رواسي وسماها رواسي لثبوتها " تفسير القرآن " [ 5/ 38]
وقال الشوكاني في قوله {وجعل فيها رواسي} معطوف على خلق أي كيف تكفرون بالذي خلق الأرض وجعل فيها رواسي أي جبالاً ثوابت من فوقها .." فتح القدير [ 4/ 507] وسيأتي الكلام على الجمع بين هذه الآية والآيات التي ظاهرها التعارض معها.
22: قوله تعالى
{ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} الكهف قال ابن كثير رحمه الله يقول تعالى هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم لا يملكون شيئاً ولا أشهدتهم خلقي للسموات والأرض ولا كانوا غذ ذاك موجودين يقول تعالى أنا المستقل بخلق الأشياء كلها ومدبر ها ومقدرها وحدي وليس معي في ذلك شريك ولا وزير ولا مشير ولا نظير ولا نظير ...[ 5/ 169]
وقال ابن عطية .. الضمير في أشهدتهم عائد على الكفار وعلى الناس بالجملة فتتضمن الآية الرد على طوائف المنجمين وأهل الطبائع والمتحكمين من الأطباء وسواهم من كل متخرص في هذه الأشياء [ 9/ 332ـ 333]
وذكر القرطبي مثل كلام ابن عطية [ 11/ 3]
قال الألولسي وفي الآية تهكم بالكفار وإيذان بكمال ركاكة عقولهم وسخافة آرائهم حيث لا يفهمون الأمر الجلي الذي لا يكاد يشتبه على البله والصبيان فيحتاجون إلى التصريح به وإيثار نفي الإشهاد على نفي شهودهم ونفي إتخاذهم أعواناً على نفي كونهم كذلك للإشعار بأنهم مقهورون تحت قدرته تعالى تابعون لمشئيته وإرادته [ 15/ 296]
قلت: كلام المفسرين في هذه الآية على قسمين منهم من جعلها في إبليس وذريته وجنوده ومنهم من جعلها في الكفار ولا تناف بين القولين فإن أصحاب القول الأول نظروا إلى السياق فوقع منهم الذكر لظاهر السياق مع أن السياق يتضمن الرد على جميع الكفار لأنهم أتباع لإبليس. وأصحاب القول الثاني صرحوا بما كان تابعاً وجعلوه داخل في الرد وهذا أعظم فائدة فعلى هذه الآية فيها رد مقحم وتهكم واضحٌ بأصحاب النظريات حول السماوات والأرض وما بينهما لأنهم تكلموا في المخلوقات العظيمة بجهلٍ وإفساد وتخرص وأوهام فيا رب لكم الحمد على هذا البيان والإيضاح .
23: قوله تعالى
{اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشاً}
قال الرازي في " تفسيره "[ 2/ 102] واعلم أن كون الأرض فراشاً مشروط بأمور:
الشرط الأول: كونها ساكنة وذلك أنها لو كانت متحركة لكانت حركتها بالإستقامة أو بالإستدارة فإن كانت بالإستقامة لما كانت فراشاً لنا على الإطلاق لأن من طفر من موضع عالٍ كان يجب أن لايصل إلى الأرض لأن الأرض هاوية ...أما لو كانت حركتها بالإستدارة لم يكمل إنتفاعنا بها لأن حركة الأرض مثلاً إذا كانت إلى المشرق والإنسان يريد أن يتحرك إلى جانب المغرب ولا شك أن حركة الأرض أسرع فكان يجب أن يبقى الإنسان على مكانه وأنه لا يمكنه الوصول إلى حيث يريد فلما أمكن ذلك علمنا أن الأرض غير متحركة لا بالاستدارة ولا بالاستقامة فهي ساكنة
قلت:، هذا تقرير عقلي عظيم فدونك إياه .
أخي القارىء رأيت وضوح هذه الآيات المتكاثرة في بيان وقوف الأرض واستقرارها وربما لم يخطر ببالك أن الآيات بهذه الكثرة والوضوح بالله عليك أيعقل أن نرد هذه الآيات كلها لأجل نظرية قد ثبت بطلانها سابقاً ولاحقاً والأدلة على سكون الأرض من القرآن ليست محصورة فيما ذكرت ها هنا بل بقيت أدلة أخرى كثيرة ومنها الآتي:
ومن الأدلة على استقرار الأرض أنها مركز الكون

الأدلة كثيرة على أن الأرض مركز الأثقال ومنها قوله تعالى{أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء} سبأ والشاهد من قوله تعالى {أو نسقط عليهم كسفاً من السماء} وقال تعالى {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} وقال تعالى إخباراً عن قوم شعيب {فأسقط علينا كسفاً من السماء} الشعراء وقال تعالى {مخبراً عن كفار قريش {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} الأنفال وقال تعالى {وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون} وقال تعالى {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} الأنبياء وقال تعالى {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين} المطففين وقال تعالى {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} المطففين
قال ابن تيمية: ومن علم أن الأفلاك مستديرة وأن المحيط الذي هو السقف هو أعلى عليين وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه ـ وهو قعر الأرض ـ هو سجين واسفل سافلين علم من مقابلة الله بين أعلى عليين وبين سجين "مجموع الفتاوى "[ 25/ 196ـ 197]
فاتضح من هذه الآيات أن الأرض محط لما ينزل من السماء فما نزل من السماء فمقره الأرض في أي جهة من جهاتها وكذلك ما يسقط مما بين السماء والأرض فمقره واستقراره الأرض وكذلك الشمس والقمر والنجوم والكواكب تدور حول الأرض وهذا يدل على بطلان قول أصحاب الهيئة القائلين بان الأرض سابحة في الجو ولا شط أن قولهم فيه إبطال لما دلت عليه هذه الآيات ومكابرة للمعقول والمحسوس فما أحمل البقاء مع القرآن وترك ترهات هؤلاء قال تعالى {والأرض وضعها للأنام} الرحمن ذكر الشنقيطي عند هذه الآية فقال ذكر الله جل وعلا هذه الآية أنه وضع الأرض للأنام وهو الخل لأن وضع الأرض لهم على هذا الشكل العظيم القابل لجميع أنواع الإنتفاع من إجراء الأنهار وحفر الآبار وزرع الحبوب والثمار ودفن الأموات وغير ذلك من أنواع الإنتفاع من أعظم الآيات واكبر الآلاء التي هي النعم ولهذا قال تعالى بعد {فبأي آلاء ربكما تكذبان} [ 7/ 738]
وقال ابن كثير عند قوله تعالى {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} فذكر أنه خلق الأرض في يومين والأصل أن يبدأ بالأساس ثم بعده السقف كما قال عز وجل {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات} الآية 7/ 165 وقد تقدم الكلام على مركز الكون عند أرباب الأفلاك قديماً وحديثاً فأغنى عن إعادته.


الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله


التعديل الأخير تم بواسطة بشير ابو عبد الرحمن ; 19 Dec 2007 الساعة 09:41 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لمن يعاني من نسيان القرآن الكريم تفضّل بالدخول **لن تجد مثل هذه النصيحة** أبو أنس عبد الهادي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 8 02 May 2008 01:53 AM
أوجه الإعجاز في القرآن الكريم وسيم بن معن الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 0 04 Jan 2008 06:51 PM
حرمة القرآن الكريم (لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله) بشير ابو عبد الرحمن الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 0 21 Dec 2007 02:36 PM
تحريم استخدام آيات القرآن الكريم للتنبيه والانتظار في الجوال ... أبو تميم يوسف الخميسي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 05 Dec 2007 10:21 PM


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013