منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 17 Dec 2016, 10:45 PM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي روضة العقلاء في تتمة نزهة الفضلاء في المشابهة بين العلم والماء

روضة العقلاء في تتمة نزهة الفضلاء في المشابهة بين العلم والماء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أمّا بعد :
فإنّي قد سرّحتُ الطّرْف في مقالةٍ سبك صاحبها مبانيها فأتقن وحبك معانيها فأحسن، جمع فيها إضمامة من اللطائف المُفَوفةِ والمُلح المزخرفةِ في أوجه تشابه العلم بالماء فأجاد فيها وأفاد ،فهي نزهةٌ تبهج الفؤاد كما عنون وأراد ، وكان قد ختمها بإضاءةٍ ألذَّ من الشّهْد هي بحقٍ واسطةُ العِقد فجزاه ربّي جنة الخلد ** .
ثمّ إني بعد التأمل والمعاينة لاحت لي بعض المعاني من ذلك القبيل فنسجتها على منواله وجعلتها ثلاثَ شربات كما أشار هو في مقاله وهي :

***


الأولى: التعليم حال الصغر والسقيا في زمن البذر

تأملت قولهم "العلم في الصغر كالنقش على الحجر" مع ما نحن فيه من مشابهة العلم بالماء فلاح لي أنه كما أن خير الأزمان في الطلب والتعليم هو الصبا،فإن خير الأزمان في معاهدة الزرع والنبات بالسقيا هو وقت البذر ، فهذا إذا عاهدته من حينه بالماء أثمر وأينع وثبت ونبت فإن غفلت عن سقياه يبس أو كاد ،والصبي كذلك إذا تعوهد بالانشغال بالعلم والانكباب على الطلب منذ الصبا فلا يلبث حتى يصير في عداد الحذاق فإن غفلت عنه تبلد أو كاد، وفي هذا يقول الشاعر :

وإن من أدبته في الصبا …. كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا ناضرا … بعد الذي أبصرت من يبسه





الثانية: طغيان العلم وطغيان الماء

لا يزال الكتاب والأدباء يتخذون من الماء مصدرا للإلهام ومضربا للمثل في الخفة واللطافة ، و لكن قد ينقلب في أي لحظة هذا العذب الزلال إلى عذابٍ و موج كالجبال فيكون رِيُّ الأمس مهلكا للنفس و ما حديث الاستسقاء والاستصحاء منكم ببعيد.

ففي الصحيحين عن أنس بن مالك "قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ المَوَاشِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الجِبَالِ وَالآكَامِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» ، فَانْجَابَتْ عَنِ المَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ”.

ففي الأولى هلكت المواشي وانقطعت السبل لغياب الماء وفقدانه وفي الأخرى لغزارته وطغيانه فسبحان الله فكل شيءٍ عنده بقدره وميزانه.

وكذلك شأن العلم فأهله هم المثل الأسمى في التقوى والديانة والتروي والصيانة ، بعلمهم سادوا النّاس وبأدبهم كانوا لهم كالنبراس .
و لكن قد ينقلب طالب العلم بسبب طغيان علمه فيهلك ، فتجده ذا نشوة استعلاء على الأنام يسفه الأفهام وينزل الأحكام ويزدري بأقوال الأئمة الأعلام فإذا تُعقِّب قوله غضب ولم يتحمل ، و هل ما يجري اليوم من فوضى في الإفتاء والتجني على مقام الفقهاء إلاّ من آثار هذه الدهياء ؟.



الثالثة: لا يستطاع الماء و العلم براحة الجسم

فإنّ الماء العذب حلو المشرب عزيز المطلب ،كان الناس إلى عهد قريبٍ - خصوصا في الأماكن التي تندر فيها العيون والأبار - يتكلفون عناء التنقل والبحث للظفر بشربةٍ لهم ولدوابهم فمن باحث عن عين مستعذبة ومن حافر لبئر ومنقب في بطون الأرض ، فإذا ظفروا بعينٍ حطّوا الرحال وسكنوا فإذا نضبت عينهم عاودوا الرحلة وهكذا حياتهم.


وكذلك شأن العلم الصحيح فهو بعيد الشأو عزيزٌ ذو بأو وقد أحسن من وصفه بقوله "طلبته فوجدته بعيد المراد ، لا يصاد بالسهام ، ولا يرى في المنام ،ولا يورث عن الآباء والأعمام فتوسلت إليه بافتراش المدارِ ، واستناد الحجر ، وإدمان السهر وكثرة النظر ، وإعمال الفكر ومتابعة السفر ، وركوب الخطر فوجدته شيئاً لا يصلح إلا للغرس ولا يغرس إلا في النفس ، ولا يسقي إلا بالدرس” (عوائق الطلب ص20 للبرجس رحمه الله)
لمّا أدرك السلف هذا المعنى قالوا "لا يستطاع العلم براحة الجسم” (صحيح مسلم برقم 612).

فكان الواحد فيهم لكلفه بالاستفادة و شغفه بالاستزادة يتحمل كل هذه المشقة مع بعد الشقة ولسان حاله "إن العلم لا يحصل إلا لمن اعتضد الدفاتر ، وحمل المحابر ، وقطع القفار ، وواصل في الطلب الليل والنهار” (عوائق الطلب)

ثمّ هاهنا لطيفة حسنةٌ وهي أن أسباب الظفر بالماء والحصول عليه تيسرت و سهلت ، فالواحد في بيته والماء يأتيه متى شاء شرب دون أدنى مشقةٍ.

وكذلك العلم فإن أسباب طلبه و سماعه قد تيسرت، فبضغطة زرٍّ تسمع درس العالم في البلاد البعيدة على المباشر كأنك جاث بركبتيك في حلقته.

و مع ذلك فلا يُستغنى عن ماء الآبار اللذيذة والعيون العذبة إذ هي الأصل فلو استطاع الواحد ألا يشرب إلا منها لفعل.

وكذلك العلم فلا يستغني الطالب بالأشرطة و الإذاعات عن الأخذ مشافهة من أفواه الأشياخ إذ هي الأصل في الطلب.


موافقة عجيبة (لا تكاد تصدق)


بعد أن أتممت نظم تلك المعاني في قالبها ترددت قليلا في نشرها ، لكن حدثت معي الجمعة الماضية موافقتان عجيبتان بينهما سويعة من الزمن ،كانتا السبب في إغرائي أن أمضي في نشر هذه المقالة.

أولاهن أني أتيت متأخرا إلى مسجد القدس لحضور الجمعة فقصدت قاعة الصلاة السفلية، فإذ هي مكتظة عن آخرها فلمّا صعد الشيخ أزهر المنبر وندب النّاسَ للتقدم، اندفعتُ مع جمهرة من الواقفين في الباب لعلي أظفر بمكان لكني لم أجد فبقيت واقفا وسط المسجد،والشيخ قد أتى على خطبة الحاجة فلم يبق لي إلا أن أجلس في تلك السنتمترات القليلة، فأحرجتُ مَنْ كانا قدامي وخلفي أن ضايقتهما في جلستهما، ولكم أن تتصوروا من الذي كان أمامي وقد لزقت بظهره :
إنه كاتب نزهة الفضلاء ولعله يعذرني بتتمتي على مقالته !! هذه الأولى.

وأختها الأعجب منها أنّي لمّا قضيت الصلاة دخلت مكتبة العلم الصافي (الصحيح) و قلبت بعض الأقراص على غير عادتي ،فوقعت عيناي على قرصٍ عنوانه روضة العقلاء ونزهة الفضلاء … فسبحان ربّ الأرض والسماء.

وهنا انتهى القصد والأَمَم فارتفع سنّ القلم والحمد لله أولا وآخراً.

وكتبه أبو أنس ليلة 18 ربيع الأول 1438
من الجزائر المحروسة
_________________________________
** : المقال المقصود هو نزهة الفضلاء في المشابهة بين العلم والماء للعضو فتحي إدريس حفظه الله وبارك فيه ، تجده في هذا الرابط http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=13469


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس حباك عبد الرحمن ; 18 Dec 2016 الساعة 01:25 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 Dec 2016, 08:09 AM
أبوعبيد الله عبد الله مسعود أبوعبيد الله عبد الله مسعود غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2016
المشاركات: 76
افتراضي

جزاك الله خيرا أبا أنس على هذا الطرح المميز ولعلي أضيف على عجل ثلاثة وجوه :

الوجه الأول : أن الماء يُحفظ من أن يختلط به ما يلوثه من مخلفات زراعية ومواد كيميائية ...
كذلك العلم يُحفظ من أن تدخله شبه المبطلين وبدع المبتدعين و نظريات الفلاسفة والمتكلمين ...
الوجه الثاني: من دخل الماء وهو لايحسن السباحة ولا يكون معه من يعلمه ويحرسه سيغرق
كذلك العلم من دخله ولم يأتي البيوت من أبوابها ولم يأخذه على شيخ مفيد ناصح فإنه سيغرق.
الوجه الثالث:من عنده علم ولم يعمل به ولم ينفعه علمه مع الحاجة إليه كان ذلك العلم حجة على صاحبه وكلا عليه
كذلك من عنده ماء ولم يشرب منه ولم ينتفع به كان
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ........والماء فوق ظهورها محمول
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 Dec 2016, 08:28 AM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي

آمين وإياك أخي الحبيب.
أطربتني إضافتك كثيرا فبارك الله فيك على هذا الربط البديع.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 Dec 2016, 02:08 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي الحبيب أبا أنسٍ على التَّتمات الحسنة النَّافعة، فقد أجدت وأفدت، فبارك الله فيك وحفظك على هذه المقالة المكمِّلة التي أضفت على المقال حسنا وبهاء، وأما الموقفان فهما عجيبان كما ذكرت، وقد حزنت أنه فاتني لقاؤك أخي الفاضل عوضنا الله خيرًا.
وبارك الله في أخي الحبيب أبي عبيد الله على إضافاته الماتعة على عجل، ولعله يتفرغ أكثر حتى يتحفنا بما يجول في فكره وخياله.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 Dec 2016, 07:39 AM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي

آمين وإياك أبا حذيفة.
سرّني مرورك كثيرا ودعواتك لأخيك ، أمّا عن حُسن التتمة -إن كان الأمر كذلك- فمن حسن الموضوع الأم اكتسبت حسنها وبهاءها فأجزل الله لك المثوبة والعطاء...
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 Dec 2016, 12:04 PM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي

جزاكما الله خيرا ( صاحب الروضة و صاحب النزهة ) فقد أمتعتما و أفدتما .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 Dec 2016, 01:32 PM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي

وإياك أبا عمر، سررت بمرورك أخي.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03 Jan 2017, 08:42 PM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 759
افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مشابهة العلم والماء

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013