منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 Sep 2013, 10:16 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي رد العلامة ابن باديس على شيخه الطاهر بن عاشور في مسألة قراءة القرآن على الموتى

شيخ الإسلام بتونس يقاوم السنة، ويؤيد البدعة، ويغري السلطة بالمسلمين!!

-الجزء الأول -


نطق (شيخ الإسلام) - والحمد لله- بعد سكوت مألوف منذ السنين الطوال، وإن كان أتى بما لا يرضي الله ورسوله، والحق ودليله، فقد نطق على كل حال. ولقد كان نطقه متوقعا لدينا. فقد كان المقال المنشور بالعدد الحادي عشر من (البصائر) الموجه إلى علماء الزيتونة عامة وشيخي الإسلام به خاصة، قنبلة وقعت وسط أولئك النائمين والمتناومين أزعجتهم في مراقدهم ونبهت من كان غافلا عنهم من الناس، حتى لقد تسابق الناس إلى ذلك العدد يطلبونه بأضعاف ثمنه كما أخبرني تلامذتي الذين رجعوا من تونس لتعطيل القراءة بجامع الزيتونة بسبب البلاغ المشهور وما لحق تلامذة الجامع من سجن وتغريب.
إننا نشكر لشيخ الإسلام المالكي هبوطه إلى الميدان، وإن كان هبط إليه هبوط المغيظ المحنق الذي أنساه الغيظ والحنق ما يناسب مقامه من التحري والاتزان، فتعثر في أذيال العجب والتعظم عثرات أهوت به مرات في مهاوي الخطأ والتناقض حتى تردى في هوة إذاية أنصار السنة باللسان، ومحاولة إذايتهم بيد العدوان.
شيخ الإسلام يقاوم السنة- ويؤيد البدعة-! ويغري (السلطة) بالمسلمين!! هذا- والله- عظيم وإن كان القارىء يود أن يعرف من هو هذا الذي تحلى بهذا اللقب وأتى بهذه الشنع التي لا يأتيبها من ينتمي انتماء صادقا للإسلام من عامة المسلمين فكيف بشيخ الإسلام؟ نعم كل أحد يتعجب نهاية العجب أن يصدر هذا من شيخ الإسلام. ويزيد كاتب هذه السطور عجبا آخر فوق عجب كل أحد أن شيخه وأستاذه وصديقه الشيخ الطاهر بن عاشور هو الذي يأتي بهذا الباطل ويرتكب هذا الذنب.
إنني امرؤ جبلت على حب شيوخي وأساتذتي وعلى احترامهم إلى حد بعيد، وخصوصا بعضهم، وأستاذي هذا من ذلك الخصوص، ولكن ماذا أصنع إذا ابتليت بهم في ميدان الدفاع عن الحق ونصرته؟ لا يسعني وأنا مسلم أدين بقوله تعالى:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[التوبة:24]، إلا مقاومتهم ورد عاديتهم عن الحق وأهله.
دعونى- يا قرائي الأفاضل- أحدثكم عن شيء من حقيقة هذا الرجل كما عرفته وعن علاقتي به وأثره في حياتي فإن هذا وفاء لحق تلك الصحبة والأستاذية يهوِّن عليَّ ما أجابهه به بعد.
عرفت هذا الأستاذ في جامع الزيتونة، وهو ثاني الرجلين اللذين يشار إليهما بالرسوخ في العلم والتحقيق في النظر والسمو والاتساع في التفكير أولهما العلامة الأستاذ شيخنا (محمد النخلي)([1]) القيرواني رحمه الله، وثانيهنا العلامة الأستاذ شيخنا (الطاهر بن عاشور)([2]) وكانا كما يشار إليهما بالصفات التي ذكرنا يشار إليهما بالضلال والبدعة وما هو أكثر من ذلك لأنهما كانا يحبذان آراء الأستاذ (محمد عبده)([3]) في الإصلاح ويناضلان عنها ويبثانها فيمن يقرأ عليهما وكان هذا مما استطاع به الوسط الزيتوني أن يصرفني عنهما، وما تخلصت من تلك البيئة الجامدة واتصلت بهما حتى حصلت على شهادة العالمية ووجدت لنفسي حرية الاختيار. فاتصلت بهما عامين كاملين كان لهما في حياتي العلمية أعظم الأثر على أن الأستاذ ابن عاشور اتصلت به قبل نيل الشهادة بسنة فكان ذلك تمهيدا لاتصالي الوثيق بالأستاذ النخلي. وإن أنس فلا أنسى دورسًا قرأتها من ديوان الحماسة على الأستاذ ابن عاشور، وكانت من أول ما قرأت عليه فقد حببتني في الأدب والتفقه في كلام العرب وبثت في روحًا جديداً في فهم المنظوم والمنثور وأحيت مني الشعور بعز العروبة والاعتزاز بها كما أعتز بالإسلام.
مات الأستاذ النخلي على ما عاش عليه، وبقي الأستاذ ابن عاشور حتى دخل سلك القضاء فخبت تلك الشعلة وتبدلت تلك الروح فحدثني من حضر دروسه في التفسير أنه- وهو من أعرف إنكاره على الطرق اللفظية ([4]) وأساليبها- قد أصبح لا يخرج عن المألوف في الجامع من المناقشات اللفظية على طريقة عبد الحكيم في مماحكاته وطرائق أمثاله وبقي حتى تقلد خطة شيخ الإسلام، ووقف هو وزميله الحنفي في مسألة التجنيس المعروفة منذ بضع سنوات، ذلك الموقف حتى أصبح اسمه لا يذكر عند الأمة التونسية إلا بما يذكر به مثله. وها هو اليوم يتقدم بمقال نشره بجرييدة (الزهرة) في عدد يوم الإثنين الرابع عشر من هذا الشهر الحرم يقاوم فيه السنة ويؤيد فيه البدعة ويغري السلطة بالمسلمين.
فهل ابن عاشور هذا اللقب بشيخ الإسلام، هو ابن عاشور أستاذي الذي أعرف؟ لا! ذلك رجل آخر مضى قضى عليه القضاء وأقبرته المشيخة، وقد أديت له حقه بما ذكرته به. وهذا مخلوق آخر ليس موقفه اليوم أول مواقفه ولا أحسبه يكون آخرها. وإنني لا أود أن يكون آخرها. فإن المسلمين اليوم بأشد الحاجة إلى معرفة ما ينطوي عليه مثله ممن ينتحلون ألقابا مخترعة في الإسلام، ولا يفضحهم مثل مقال هذا الرجل.
وموعدنا بالرد عليه للعدد ([5]) الآتي إن شاء الله، والله المستعان .


========
[1]: هو :محمد بن محمد بن حمودة النخلي القصراوي القيرواني من مواليد مدينة القيروان.
[2]: هو محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة وفروعه بتونس. مولده ووفاته ودراسته بها. عين (عام 1932) شيخا للإسلام مالكيا. وهو من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة. له مصنفات مطبوعة، من أشهرها (مقاصد الشريعة الإسلامية) و (أصول النظام الاجتماعي في الإسلام) و (التحرير والتنوير) في تفسير القرآن، ، و (الوقف وآثاره في الإسلام) و (أصول الإنشاء والخطابة) و (موجز البلاغة) ، ومما عني بتحقيقه ونشره (ديوان بشار بن برد) أربعة أجزاء. وكتب كثيرا في المجلات).انظر: الأعلام للزركلي (6/174).
[3]:محمد عبده : (هو محمَّد عبده بن خير الله المصري من آل التركماني، فقيهٌ متكلِّمٌ كاتبٌ صحفيٌّ سياسيٌّ، له رحلاتٌ وأنشأ مجلَّة «العروة الوثقى» مع جمال الدين الأفغاني، عُيِّن قاضيًا ثمَّ مفتيًا للديار المصرية، وأُوخذ بانتهاجه -في نشاطه الدعوي- منهجَ التوفيق والتقارب بين الإسلام والحضارة الغربية وغيرها من المؤاخذات، من آثاره: رسالةٌ في وحدة الوجود، و«فلسلفة الاجتماع والتاريخ»، و«شرح نهج البلاغة»، و«شرح البصائر النصيرية»، تُوفِّي سنة 1323ﻫ). نبذة عن حياة الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس - رحمه الله– للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله. انظر : موقع الشيخ ، قسم ضيف الموقع.
و انظر ترجمة محمد عبده في معجم المؤلِّفين لعمر رضاكحالة (3/ 474) طبعة الرسالة
[4]:الذين قالوا: (ألفاظهم بالقرآن مخلوقة ، و كلام الله تعالى عندهم ليس بمسموع).انظر: عقائد الثلاث والسبعين فرقة(1/294).
وقد فصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في هذه المسألة تفصيلا رائعا راجعه في كتابه القيم درء تعارض العقل والنقل (1/256-278).
[5]: و في الأصل : لعدد .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 Sep 2013, 10:21 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

شيخ الإسلام بتونس يقاوم السنة، ويؤيد البدعة، ويغري السلطة بالمسلمين!!

-الجزء الثاني -

سئل فضيلته عن حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت، وحول قبره عند دفنه، فأجاب بقوله: (أن السنة في المحتضر وفي تشييع الجنازة وفي الدفن هو الصمت للتفكر والاعتبار. فإذا نطق الحاضر فليكن نطقه بالدعاء للميت، بالمغفرة والرحمة فإن دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب مرجوة الإجابة. وأما قراءة القرآن عن الميت حين موته وحين تشييع جنازته وحين دفنه فلم تكن معمولا بها في زمان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وزمان الصحابة، إذ لم ينقل ذلك في الصحيح من كتب السنة والأثر مع توفر الدواعي على نقله لو كان موجودا. إلا الأثر المروي في قراءة سورة يس عند رأس الميت، عند موته على خلاف فيه، ولهذا كان ترك القراءة هو السنة وكان أفضل من القراءة في المواطن الثلاثة المذكورة).
هذه هي السنة وقد بينها أوضح تبيين، وعللها أحسن تعليل، ثم أنظر إليه كيف أخذ يقاومها فقال: (وحينئذ فتكون قراءة القرآن في تلك المواطن إما مكروهة وإما مباحة غير سنة، فتكون مندوبة في جميعها وإما مندوبة في بعضها دون بعض).
إذا كان ترك القراءة هو السنة، فالقراءة قطعا بدعة إذ ما فعله النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- من القربات ففعله سنة وما تركه مما يحسب قرابة مع وجود سببه فتركه هو السنة وفعله قطعا بدعة. والقراءة في هذه المواطن الثلاثة التي حسب أنها قربة قد وجد سببها في زمنه فمات الناس وشيع جنائزهم وحضر دفنهم، ولم يفعل هذا الذي حسب- اليوم- قربة ومن المستحيل- شرعا- أن يترك قربة مع وجود سببها بين يديه ثم يهتدي إليها من يجيء من بعده ويسبق هو إلى قربة فاتت محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه والسلف الصالح من أمته. ولا يكون الإقدام على إحداث شيء للتقرب به مع ترك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- له مع وجود سببه إلا افتئاتا عليه وتشريعا من بعده وادعاءً - ضمنيا- للتفوق عليه في معرفة ما يتقرب به والحرص عليه، والهداية إليه، فلن يكون فعل ما تركه- والحالة ما ذكر- من المباحات أبدا بل لا يكون إلا من البدع المنكرات. فبطل قوله: (وإما مباحة غير سنة).بعد هذه المقاومة بالباطل فرع عليها مقاومة بالتناقض فقال: (فتكون مندوبة في جميعها وإما مندوبة في بعضها).
أفيجهل أحد أن المباح هو ما استوى فعله وتركه وأن المندوب هو ما ترجح فعله على تركه. أو أن المباح من حيث ذاته غير مطلوب الفعل ولا مطلوب الترك، وأن المندوب مطلوب الفعل فكيف يتصور أن القراءة إذا كانت مباحة تكون مندوبة في الجميع أو في البعض، أم كيف يتفرع الضد عن ضده؟؟ ولما ثبت أن ترك القراءة هو السنة وأن القراءة بدعة فأقل ما يقال فيها أنها مكروهة، ولا خلاف بين المالكية، أن الكراهة هي مذهب مالك وجمهور أصحابه، وقد نقل فضيلته سماع أشهب من العتبية قال: (سئل مالك عن قراءة يس عند رأس الميت، فقال: ما سمعت بهذا وما هو من عمل الناس)([1]) ، فهذا تصريح منه بأنه رده لأنه محدث ليس عليه عمل السلف من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.
وإذا كان هذا قوله فيما جاء فيه أثر وهو قراءة يس عند رأس الميت([2]) فغير هذا الوطن مما لا أثر فيه، أولى وأحرى بالكراهة. والتعليل بأنه ليس عليه عمل الناس يفيد أن مجرد فعل القراءة مكروه لأنه عمل مخالف لعملهم دون التفات إلى أنه اعتقد أن ذلك سنة أو لم يعتقد. إذ ما فعله إلا وهو ويعتقد أنه قربة في تلك المواطن فيكون قصد القربة بما لم يجعله الشارع قربة، وهذا مقتض للكراهة، فقصد القربة وحده كاف في الكراهة دون حاجة إلى اعتقاد أنه سنة وبهذا بطل تأويل من تأول كلام مالك بمن قصد أنه سنة.
وبعد أن ثبت أن قراءة القرآن العظيم في تلك المواطن بدعة، وأنها مكروهة فهل هي كراهة تنزيه أو تحريم؟ ذهب الإمام الشاطبي إلى أن الكراهة حيثما عبر بها في البدعة فهي كراهة تحريم على تفاوت مراتبها في ذلك وساق على ذلك جملة من الأدلة الكافية في الباب السادس ([3]) من كتابه الاعتصام، فأجمل فضيلته في الإشارة إلى مذهب الشاطبي إجمالا أظهره به مظهر من تكلم في خصوص هذه المسألة فتوهم وتقوَّل على الإمام فقال: (وليس المراد بالكراهة الحرمة كما توهمه الشاطبي في كتاب الاعتصام مستندا إلى أن الإمام قد يعبر بالكراهة ويعني بها الحرمة لأن كلام مالك لم يقع فيه لفظ الكراهة بل هي من تعبير فقهاء مذهبه تفسيرا لمراده. لأن علماء مذهبه متفقون على أنَّ مراد مالك من كلامه في المدونة وفي السماع هو الكراهة بالمعنى المصطلح عليه في الفقه، ولأن دليل التحريم لا وجود له فحمل كلام مالك عليه تقول عليه والإقدام على التحريم ليس بالهين إذ لم تقم عليه الأدلة الصريحة).
لم ينصف فضيلته الشاطبي في الصورة التي صور بها كلامه وفيما رواه به. وكل ذلك لأجل أن يتوصل إلى تهوين ارتكاب بدعة القراءة في المواطن الثلاثة لأنها من المكروه الذي لا يعاقب على فعله ونحن نذكر فيما يلي ما هو تلخيص لبعض ما استدل به الشاطبي وزيادة عليه:
إن من ابتدع مثل هذه البدعة التي هي تقرب فيما لم يكن قربة كأنه يرى أن طاعة لله بقيت تنقص هذه الشريعة فهو يستدركها وأن محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- خفيت عليه قربة هو اهتدى إليها أو لم تخف عليه ولكنه كتمها. وهذه كلها مهلكات لصاحبيها فلا يكون ما أوقعه فيها من ابتداع تلك التي يحسبها قربة إلا محرما. وقد قال مالك فيما سمعه من ابن الماجشون: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة:03] فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا)([4])، هذا من جهة النظر المؤيد بكلام مالك. وأما من جهة الأثر فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقول في خطبته: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)([5]) وفيه عن أبي هرير قال : قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم : (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)([6]). ووجه الدليل من الحديثين أنه سمى في الحديث الأول البدعة شراً وضلالا فعم ولم يخص، وأثبت الإثم لمرتكب الضلالة والدَّاعي إليها والإثم لا يكون إلا في الحرام فيكون النظر هكذا: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة يؤثم صاحبها، فكل بدعة يؤثم صاحبها، وكل ما يؤثم عليه فهو حرام: فكل بدعة حرام).
وقد دخلت بدعة اختراع القرب في قوله: (وكل بدعة ضلالة) بمقتضى عموم اللفظ. ويدل على دخولها ما ثبت في الصحيح أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- رد على من قال أما أنا فأقوم الليل، ولا أنام، وعلى من قال أما أنا فلا أنكح النساء، وعلى من قال أما أنا فأصوم ولا أفطر، رد عليهم بقوله: (من رغب عن سنتي فليس مني)([7]) ولم يكن ما التزموه إلا فعل مندوب في أصله أو ترك مندوب ومع ذلك رد عليهم بتلك العبارة التي هي أشد شيء في الإنكار فكل من أراد أن يتقرب بما لم يكن قربة فهو مردود عليه بمثل هذه العبارة الشديدة في الإنكار. ويدل أيضا على دخولها ما ثبت في الصحيح عن قيس بن حازم قال: دخل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- على امرأة من قيس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال: ما لها، فقال: حجت مصمتة، قال لها: (تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية)([8]) فهذه أرادت أن تتقرب بما ليس قربة فجعل عملها من عمل الجاهلية وقال: أنه لا يحل فكل مريد للتقرب بما لم يكن قربة فيقال في فعله ما قيل في فعلها. ووجه الدليل من الحديثين أن التقرب بما ليس قربة أنكر أشد الإنكار وقيل فيه لا يحل، وقيل فيه من عمل الجاهلية فلا يكون بعد هذا كله إلا ضلالا فيدخل- قطعا- في عموم قوله: (وكل بدعة ضلالة) فيثبت له التحريم بالنظر المتقدم.


- يتبع -
=====

[1]:انظر : كتاب الجنائز من البيان والتحصيل (2/234) طبعة دار الغرب الإسلامي.
[2]: حديث: (اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ) أخرجه أبو داود (3121) و ابن ماجة (1448).
قال ابن حجرفي التلخيص الحبير (2/212-213) مؤسسة قرطبة : (أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم من حديث سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار ولم يقل النسائي وابن ماجة عن أبيه .
وأعله بن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه.
ونقل أبو بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال : هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن . ولا يصح في الباب حديث).
و ضعفه الألباني في الإرواء (3/150) رقم (688).
[3]: في أحكام البدع الحقيقية و الإضافية و الفرق بينهما.
[4]: الاعتصام بتحقيق مشهور ، الباب الثاني : في ذم البدع و سوء منقلب أصحابها (1/62).
[5]: صحيح مسلم كتاب الجمعة ، باب تخفيف الصلاة و الخطبة رقم (2005).
[6]: صحيح مسلم كتاب العلم ، باب من سن سنة حسنة أو سيئة ، و من دعا إلى هدى أو ضلالة ، رقم (2804).
[7]: صحيح البخاري كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح لقوله تعالى : (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء)[النساء: 03] رقم (5063) ، و مسلم في كتاب النكاح ، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه و وجد مؤنة ، و اشتغال من عجز عن المؤمن بالصوم ، رقم (3403).
[8]: صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار ، باب أيام الجاهلية رقم (3834).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 26 Mar 2014 الساعة 05:59 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 Sep 2013, 10:46 PM
عبد الرحمن بن براهم عبد الرحمن بن براهم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 71
افتراضي

رحم الله الإمام ابن باديس، لم يصده حبه لشيخه و أستاذه و صديقه كما وصفه أن يرد عليه باطله و ضلاله

بل تبرّأ منه بعدما تبدّل و تغيّر، فسبحان الله ليت من يتعصب لشيخه بعدما تغيّر و تبدّل أن يستفيد من كلمات هذا الإمام

اقتباس:
إنني امرؤ جبلت على حب شيوخي وأساتذتي وعلى احترامهم إلى حد بعيد، وخصوصا بعضهم، وأستاذي هذا من ذلك الخصوص، ولكن ماذا أصنع إذا ابتليت بهم في ميدان الدفاع عن الحق ونصرته؟ لا يسعني وأنا مسلم أدين بقوله تعالى:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[التوبة:24]، إلا مقاومتهم ورد عاديتهم عن الحق وأهله.


بارك الله فيك أخي بلال على هذه الاختيارات فقد أمتعتنا بها
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 Sep 2013, 10:51 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

و فيك بارك أخي الحبيب
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 Sep 2013, 04:21 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

شيخ الإسلام بتونس
يقاوم السنة، ويؤيد البدعة، ويغري السلطة بالمسلمين!!
-الجزء الثالث -

ودخول بدعة التقرب بما ليس قربة مثل القراءة في المواطن الثلاثة، قد فهمه مالك وجاء في كلامه ما هو صريح في ذلك. فروي في- الموطأ- حديث أن النيَّ- صلى الله عليه وآله وسلم- رأى رجلا قائما في الشمس فقال:( ما بال هذا؟ فقالوا: نذر أن لا يتكلم ولا يستظل من الشمس ولا يجلس ويصوم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: مروه فليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صومه)([1]) قال مالك: (أمره أن يتم ما كان لله طاعة (وهو الصيام) ويترك ما كان لله معصية)([2]). وروى قوله- صلى الله عليه وآله وسلم-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)([3])، قال مالك: معنى قوله- صلى الله عليه وآله وسلم-: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه): ( أن ينذر الرجل أن يمشي إلى الشام أو إلى مصر أو إلى الرَّبَذَةِ)([4]).
فقد جعل مالك القيام للشمس وترك الكلام ونذر المشي إلى الأماكن المذكورة معاصي، وفسر لفظ المعصية في الحديث بها، مع أنها في نفسها أشياء مباحات، لكنه لما أجراها مجرى القربة- وليست قربة- حتى نذر التقرب بها وصارت معاصي لله وليس سبب المعصية أنه نذر التقرب بها حتى أنه لو فعلها متقربا دون نذر لكانت مباحة، بل مجرد التقرب بها وليست هي قربة موجب لكونها معصية عند مالك. والدليل على ذلك ما حكاه ابن العربي([5]) عن الزبير بن بكار قال : ( [سمعت سفيان بن عيينة يقول : ] ([6]) سمعت مالكا بن أنس، واتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-. فقال إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال الرجل: وأي فتنة في هذه؟ إنما هي أميال أزيدها، قال مالك: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إني سمعت الله يقول: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[النور:63])([7]).
فهذا الرجل لا نذر في كلامه وقد أراد الإحرام- وهو في نفسه عبادة- من موضع فاضل لا بقعة أشرف منه وهو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وموضع قبره. وأراد أن يزيد أميالا تقرباً لله تعالى بإيقاع الإحرام بذلك الموضع الشريف وزيادة التعب بالأميال. ومع ذلك رده مالك عن ذلك وبيَّن له قبح فعله بما يراه لنفسه من السبق وقرأ عليه الآية مستدلا بها وما كان مثل هذا داخلا في الآية عنده ألا وهو يراه حراما.
فهذا هو مستند الشاطبي في فهم كلام مالك والحكم بأنه يرى في كل بدعة تقرب بما ليس قربة الحرمة لا كراهة التنزيه. فلم يكن متوهما ولا متقولا ولا مقدما على التحريم بدون دليل.
وقد بان مما تقدم أن الحكم على بدعة التقرب بما ليس قربة محكوم عليها بالضلالة والحرمة وأن ذلك هو مذهب إمام دار الهجرة، وبعد ثبوت الحق بالدليل، سقط كل قال وقيل، ونزيد على ذلك الآن ما قاله فقهاؤنا المتأخرون في بدع الجنائز من القراءة ونحوها: (سئل أبو سعيد بن لب كبير فقهاء غرناطة في عصره عما يفعله الناس في جنائزهم حين حملها من جهرهم بالتهليل والتصلية والتبشير والتنذير ونحو ذلك على صوت واحد أمام الجنازة. كيف حكم ذلك في الشرع؟. فأجاب: السنة في اتباع الجنائز الصمت والتفكر والاعتبار. خرَّج ابن المبارك أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا اتبع جنازة أكثر الصمت وأكثر حديث نفسه. قال فكانوا يرون أنه يحدث نفسه بأمر الميت وما يرد عليه وما هو مسؤول عنه([8]). وذكر ذلك أن مطرفا كان يلقى الرجل من إخوانه في الجنازة وعسى أن يكون غائبا فما يزيد على التسليم يعرض عنه اشتغالا بما هو فيه)([9]) فهكذا كان السلف الصالح.
واتباعهم سنة ومخالفتهم بدعة: وذكر الله والصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وآه وسلم- عمل صالح مرغب فيه في الجملة لكن للشرع توقيت وتحديد في وظائف الأعمال، وتخصيص يختلف باختلاف الأحوال والصلاة وإن كانت مناجاة الرب، وفي ذلك قرة عين العبد، تدخل في أوقات تحت ترجمة الكراهة والمنع. والله يحكم ما يريد )([10]). إ.هـ، وقال أبو سعيد في جواب آخر: (أن ذكر الله والصلاة على رسوله عليه السلام من أفضل الأعمال وجميعه حسن لكن للشرع وظائف وقَّتها وأذكار عيَّنها في أوقات وقتها، فوضع وظيفة موضع أخرى بدعة، وإقرار الوظائف في محلها سنة، وتبقى وظائف الأعمال في حَمل الجنائز إنما هو الصمت والتفكر والاعتبار. وتبديل هذه الوظائف بغيرها تشريع. ومن البدع في الدين...)([11]). إ. هـ.
وقال أبو سعيد في جواب آخر: (المنقول عن السلف الصالح- رضي الله عنهم- في المشي مع الجنائز هو الصمت والتفكر في فتنة القبر وسؤاله وشدائده وأهواله. وكان أحدهم إذا قدم من سفره فيلقاه أحد إخوانه بين يدي الجنائز لم يزد على السلام إقبالا على الصمت، واشتغالا بالتفكر في أحوال القبر، والخير كله في اتباعهم وموافقتهم في فعل ما فعلوه. وترك ما تركوه)([12]).إ. هـ.
نقل هذا كله الوانشريسي في المعيار وهذه هي فتوى أبي سعيد بن لب في موضوعنا المنطبقة على كل ما أحدث من الأوضاع بقصد التقرب وليست قربة في هذه المواضع وإن كانت حسنة في أصلها وقد رأيت إنكاره لها، فترك هذا كله فضيلة. ونقل كلاما آخر لأبي سعيد خارجا عن الموضوع كما سنبينه عندما ننتهي إليه. ونعود الآن إلى بقية ما قاله فقهاؤنا عليهم الرحمة والرضوان.
وسئل الإمام عبد الله العبدوسي ما حكم القراءة بين يدي الجنازة، وكذلك ما يفعله الفقراء (هم الإخوان الطرقيون) أمامها؟.
فأجاب: (وكذلك يجب قطع الفقراء من الذكر أمامها على ما جرت به العادة لأنه بدعة ومباهاة. ويقال لولي الجنازة ما تعطيه للفقراء تأثم عليه. أعطه للمساكين صدقة عن وليك الميت فذلك أنفع وأبقى لكما إلى الآخرة. والجنازة على الاعتبار والتذكير والاستبصار والإقبال على أمر الآخرة. وكان السلف الصالح- رضي الله عنهم- يبكون ويحزنون حتى لا يدري الغريب بينهم ولي الميت من غيره) إ. هـ. نقلها من المعيار.
وأنت تراه كيف أفتى بوجوب تغيير هذه البدعة المنكرة وجعل ما يعطى للقائمين بها جالبا للإثم على من أعطى. ذلك لأنه أعان على المنكر. والمعين على المنكر كفاعله.
وعقد الونشريسي فصلا ([13]) قبيل نوازل النكاح ذكر فيه البدع فجزم ببدعية هذه المحدثات عند الجنائز فقال: (ومنها الذكر الجهري أمام الجنائز فإن السنة في اتباع الجنازة الصمت والتفكر والاعتبار وهو فعل السلف. واتباعهم سنة، ومخالفتهم بدعة. وقد قال مالك: لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها)([14])إ. هـ.
فهذه أقوال الفقهاء أهل الفتوى الجارية على أصل مذهب مالك الجاري على مقتضى تلك الأدلة التي بينا، وعليها بنينا.


-يتبع-


========

[1]: الموطأ برواية يحي بن يحي الليثي ، كتاب النذور و الأيمان ، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله.
و الحديث مرسل و قد وصله البخاري بنحوه في كتاب الأيمان و النذور ، باب النذر فيما لا يملك ، و في معصية رقم (6704) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
[2]: الموطأ برواية يحي بن يحي الليثي ، كتاب النذور و الأيمان ، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله.
و في رواية أبي مصعب الزهري المدني :إلى قوله : (أمره بكفارة فقط).
[3]: الموطأ برواية يحي بن يحي الليثي ، كتاب النذور و الأيمان ، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله.
[4]: الموطأ برواية يحي بن يحي الليثي ، كتاب النذور و الأيمان ، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله.
[5]: أحكام القرآن للابن العربي المالكي (3/432) : قال : (أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الأزدي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي ، أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوة ، حدثنا جرهمي بن أبي العلاء ، قال سمعت الزبير بن بكار يقول : سمعت سفيان بن عيينة..) و ذكره.
[6]: ساقطة و قد أثبتها مشهور عند تحقيقه للاعتصام.
[7]:انظر : الاعتصام للشاطبي ، الباب الثاني في ذم البدع وسوء منقلب أصحابها (1/227-228) بتحقيق مشهور.
[8]: انظر : الزهد لابن المبارك رقم (230) بتحقيق أحمد فريد. قال : أخبرنا عبد العزيز بن أبي رواد قال : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم) وذكر الحديث.
و عبد العزيز بن أبي رواد : (و اسمه ميمون ، و قيل : أيمن ، يمن بن بدر المكي مولى المهلب بن أبي صفرة ) تهذيب التهذيب (2/585). و قال ابن حجر في التقريب : ( صدوق عابد ربما وهم ، و رمي بالإرجاء) التقريب (ص:485) ط. الرسالة. و هو لم يور عن الصحابة رضي الله عنهم ، و لهذا فالحديث معضل و الله أعلم.
[9]: الزهد لابن المبارك رقم (231) . و هو موقوف على مطرف بسند ضعيف . قال أخبرنا صالح المري عن بديل قال : (كان مطرف...) .
و صالح المري هو : ( صالح بن بشبر بن وادع المُرِّي ، بضم الميم و تشديد الراء ، أبو بشر البصري ، القاصُ الزاهدُ : ضعيف.) تقريب التهذيب (ص:347)ط.الرسالة.
[10]:انظر : المعيار للونشريسي (1/313-314).
[11]: انظر : المعيار للونشريسي (1/314).
[12]: المصدر السابق.
[13]: فصل بعنوان : فصلٌ أذكر فيه المستحسن من البدع و غيرها.
[14]:انظر : المعيار (2/472).
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 Sep 2013, 09:54 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

شيخ الإسلام بتونس
يقاوم السنة، ويؤيد البدعة، ويغري السلطة بالمسلمين!!

- الجزء الرابع -

لو أردنا الاقتصار في المسألة على ما أقمناه من الاستدلال عليها.
ثم ما ذكرنا من أنها قول مالك ومشهور مذهبه، وما نقلنا من فتوى أهل الفتوى من المتأخرين- لكفانا ذلك في بيان الحق بدليله والتأيد بالسابقين إليه. ولكن رأينا في ما نقله فضيلته إبهاما وإيهاما وتحريفا، فوجب أن نتتبعه بالبيان.
قال فضيلته: (وذهب اللخمي ([1]) وابن يونس وابن رشد وابن العربي والقرطبي وابن الحاجب ([2]) وابن عرفة من أئمة المالكية إلى أن القراءة مستحبة في المواطن الثلاثة، إذا أريد إهداء ثوابها إلى الميت).
هنا مسألتان إحداهما هي انتفاع الميت بإهداء القراءة إليه هكذا على الإطلاق، وهذه ليست محل النزاع. والأخرى هي قراءة الجماعة على الميت عند موته وعند رفعه وعند دفنه على قبره. وهذه هي محل الكلام. وكلامه يوهم بصريحه أن هؤلاء الأئمة كلهم يستحبون القراءة في المواطن الثلاثة، وقد كان عليه أن يبين مأخذه لا أن يلقي به على هذا الإهمال والإجمال. والذين ذكرهم الموافق في مسألة قراءة يس عند موته هم ابن حبيب وابن رشد وابن يونس واللخمي ولم يقل في المواطن الثلاثة كما قال فضيلته وأما ابن العربي والقرطبي فجاءا في كلام للعبدوسي هكذا: (وأما القراءة على القبر فنص ابن رشد في الأجوبة، وابن العربي في أحكام القرآن له، والقرطبي في التذكرة، على أنه ينتفع بالقراءة أعني الميت سواء قرأ على القبر أو قرأ في البيت وبعث الثواب له أو في بلد إلى بلد. وأما شهاب الدين القرافي في القواعد فنص على أنه لا ينتفع بذلك إلا إذا قرأ على القبر مشافهة وهو قول خارج عن المذهب). نقل هذه الفتوى من المعيار([3]) ونقلها كنون. وكلام هؤلاء الأئمة إنما هو في أن القراءة يصل ثوابها دون توقف على القراءة على القبر خلافا لمن شرط ذلك وهو القرافي وليس هو فيما اتخذ سنة للتقرب من القراءة عند دفن الميت على قبره الذي هو موضوعنا. والعبدوسي الذي نقل هذا عنهم هو الذي أفتى- كما قدمنا- بما هو مذهب السلف من السكوت والاعتبار. فلم يفهم من كلام هؤلاء الأئمة- قطعا- خلاف ما أفتى به. وليس عندي مختصر ابن الحاجب ولا مختصر ابن عرفة حتى أعرف ما قالا. وأحسب أنه لو كان لهما قول مقابل لمذهب مالك لذكره شراح مختصر خليل وحواشيهم.
ثم قال فضيلته: (وذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله ووافقهما عياض والقرافي من المالكية وبعض الحنفية إلى استحباب القراءة عند القبر خاصة) وكان عليه - أيضا- أن يذكر مأخذه وأحسبه استند في هذا النقل المجمل المبهم على ما نقله كنون والرهوني والحطاب من كلام القرافي، وقد وقع منهم اختصار في نقله أدى إلى اضطراب فيه، فقال الرهوني نقلا عن القرافي: (مذهب أحمد بن حنبل وأبي حنيفة أن القراءة يحصل ثوابها للميت إذا قرىء عند القبر حصل للميت أجر المستمع)([4]) فأوهم أن القراءة عند القبر شرط في مذهبهما ووقع غيره في هذا الوهم فنقل عنهما التفريق بين القراءة عند القبر وعند غيره. ونحن ننقل لك كلام القرافي من الفرق الثاني والسبعين بعد المائة لتتجلى لك حقيقة مذهبهما وموضوع كلامهما.
قال القرافي([5]): (وقسم اختلف فيه هل فيه حجر (أي منع للعامل من نقله لغيره) أم لا؟. وهو الصيام والحج وقراءة القرآن فلا يحصل شيء من ذلك للميت عند مالك والشافعي رضي الله عنهما. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل يصل ثواب القراءة للميت)([6]).
فأنت ترى أن الشافعي موافق لمالك خلافا لما زعمه فضيلته، وأن موضوع الكلام في وصول القراءة للميت لا في اتخاذها قربة في المواطن الثلاثة. خلافا لما أوهمه الرهوني وتوهمه غيره وخرج به فضيلته عن الموضوع.
ثم قال القرافي في الفرق المذكور: (ومن الفقهاء من يقول إذا قرىء عند القبر حصل للميت أجر المستمع، وهو لا يصح أيضا لانعقاد الإجماع على أن الثواب، يتبع الأمر والنهي فما لا أمر فيه ولا نهي لا ثواب فيه بدليل المباحات وأرباب الفترات. والموتى انقطع عنهم الأوامر والنواهي. وإذا لم يكونوا مأمورين لا يكون لهم ثواب وإن كانوا مستمعين. ألا ترى أن البهائم تسمع أصواتنا بالقراءة ولا ثواب لها لعدم الأمر لها بالاستماع فكذلك الموتى. والذي يتجه أن يقال ولا يقع فيه خلاف أنه يحصل لهم بركة القراءة لا ثوابها كما تحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده فإن البركة لا تتوقف على الأمر)([7]).
فالقرافي بعد ما أيد مذهب مالك ورد على مخالفه ثم على رأي بعض الفقهاء اختار حصول البركة بالقراءة للأموات عند قبورهم، وهو رأي- كما قال العبدوسي فيما تقدم- خارج عن المذهب، ولسنا نكتفي في رده بمجرد أنه خارج عن المذهب بل نرده بأن تحصيل البركة للأموات من خير ما يتقرب به العبد لربه في نفع إخوانه الذين سبقوه إلى الدار الآخرة وما كانت لتفوت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نستدركها عليه فقد حصر الدفن للأموات ولقد زار أهل المقابر وما جاء عنه إلا الدعاء، وما لم يجيء عنه ويدعى أنه قربة فهو البدعة وكل بدعة ضلالة إلى آخر الاستدلال المتقدم.
وأما ما نسبه للقاضي عياض فأصله في شرحه على مسلم في حديث القبرين اللذين مر بهما النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: (أما أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله، ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا. ثم قال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا)([8]).
ونقل الأبي كلام عياض فقال: (وأخذت منه تلاوة القرآن على القبر لأنه إذا رجي التخفيف بتسبيح الشجر فالقرآن أولى)([9]) فنقول أن هذا من القياس في العبادات وهو مردود في مذهب مالك، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم- كانوا يحفظون القرآن فلو أن قراءة القرآن للتخفيف على الأموات مشروعة لكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- قرأ وأمرهم بالقراءة لكنه لم يقرأ ولم يأمرهم بالقراءة واقتصر على وضع فلقتي العسيب([10]). ومعاذ الله أن يترك الأحرى إلى غير الأحرى كما يقتضيه التمسك بالقياس وأما أمر العسيب والتخفيف به ما دام رطبا فهو كما قال الإمام المازري: (فلعله أوحى إليه أن يخفف عنهما ما داما رطبين ولا وجه يظهر غيره)([11]) وكما قال الأبي: (والأظهر أنه من سر الغيب الذي اطلعه الله عليه)([12]) ولا يخفى أن كلام هذين الإمامين مما يرد ذلك القياس، لأن القياس حيث يكون ينبني على العلة المشتركة ومبنى ما هنا على سر غيبي خاص.


...

عرض فضيلته في القسم الثاني من كلامه إلى حكم تغيير بدعة القراءة في المواطن الثلاثة فقال: (أقصى حكمها في النهي أن تكون من قبيل المكروه والمكروه لا يغير على فاعله).
ونحق قد بينا بالاستدلال المتقدم أن بدعة التقرب بما لم يشرع التقرب به في موطن من المواطن لا تكون إلا حراما وأن كراهتها عند مالك كراهة التحريم فيجب تغييرها كما يجب تغيير المحرمات.
وعلى ذلك جاءت فتوى العبدوسي المتقدمة: (وكذلك يجب قطع الفقراء من الذكر أمامها على ما جرت به العادة)، ثم لا نسلم له أن المكروه كراهة التنزيه لا يغير على فاعله. فإن المكروه منهي عنه ومن نهى عن شيء فقد أنكره فهو داخل في المنكر على قدر درجته في والنهي عن المكروه. وقال القرافي في أواخر فروقه: المسألة الخامسة من التأدية إلى إحداهما والمضار والمفاسد مطلوب زوالها ولا تزال إلا بالتغيير كل بحسب منزلته في الضرر والفساد.
والمكروه منهي عنه ونحن مأمورون بتبليغ أوامر الله ونواهيه. وقد نص أصحاب حواشي الرسالة وغيرهم أنه يستحب الأمر بالمندُوب والنهي عن المكروه.
وقال القرافي في أواخر فروقه: (المسألة الخامسة المندوبات والمكروهات يدخلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل الإرشاد للورع ولما هو أولى من غير تعنيف ولا توبيخ بل يكون ذلك من باب التعاون على البر والتقوى)([13]). لكن فضيلته لا يريد هذا التعاون الذي قد يدرب الناس على الإنكار فيترقوا فيه إلى ما يضر بنواح معينة فهو لهذا يزعم أن غاية هذه البدع أن تكون مكروهة وأن المكروه لا يغير ثم يغري السلطة بالمغيرين!
ثم قال فضيلته- مستدلا على عدم التغيير-: (وقد جرى عمل كثير من بلاد الإسلام على اتباع قول الذين رأوا الاستحباب فلأهل الميت الخيار أن يتبعوا السنة أو يتبعوا المستحب).
ومعاذ الله أن يكون الترك هو السنة ويكون الفعل مستحبا. إذ معنى هذا أن سنة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وطريقته هي ترك المستحب فعاش في جميع حياته تاركا لهذا المستحب معرضا عنه زاهدا فيه حتى جاءت الخلوف فأقبلت عليه وتمسكت به فنقول لمن جاء يستفتينا أنت مخير إن شئت تمسكت بسنة محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- وهي الترك، وإن شئت تمسكت بهذا المستحب الذي أحدثته الخلوف. لا كلا! ما كان مقابلا للسنة إلا البدعة. وما كانت البدعة إلا ضلالة إلى آخر الاستدلال المتقدم وقد تقدمت مناقشتنا له فيمن نسب إليهم الاستحباب.
ثم أراد فضيلته أن يستدل على أن ما جرى عليه عمل الناس من الخلافات لا يغير فقال: (قال أبو سعيد بن لب كبير فقهاء غرناطة في عصره وهو القرن الثامن: أن ما جرى عليه عمل الناس وتقادم في عرفهم وعاداتهم ينبغي أن يلتمس لهم مخرج شرعي على ما أمكن من وفاق أو خلاف (أي بين العلماء) إذ لا يلزم ارتباط العمل بمذهب معين أو بمشهور من قول قائل).
ما يجري، به عمل الناس ينقسم إلى قسمين قسم المعاملات وقسم العبادات. وقسم المعاملات هو الذي يتسع النظر فيه بالمصلحة والقياس والأعراف وهو الذي تجب توسعته على الناس بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات المتقدمة، وفي هذا القسم جاء كلام أبي سعيد هذا وغيره وفيه نقله الفقهاء وأنت تراه كيف يعبر بالعرف والعادة. أما قسم العبادات فإنه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص منه فلا يقبل منه إلا ما ثبت عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فلا يتقرب إلا بما تقرب به وعلى الوجه الذي كان تقربه به ومن نقص فقد أخال ومن زاد فقد ابتدع وشرع وذلك هو الظلام والضلال: ومن هذا القسم التقرب بالقراءة في المواطن الثلاثة بعد ما ثبت أن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- تركها وفيها جاء كلام ابن سعيد الذي نقلناه عنه فيما تقدم. فمن العجيب- ولا عجب مع الغرض- أن يقلب فضيلته الحال فيهمل كلام أبي سعيد الذي هو في موضوعنا ويأتي بكلام له في موضوع آخر وينزل قوله في قسم المعاملات على ما هو من قسم العبادات.
ثم فرع على ما أبطلناه من رأيه فقال: (وعليه فكل من يتصدى لمنع أقارب الأموات من تشييع جنائزهم بالقراءة فقد أنكر عليهم بغير علم واجترأ عليهم بالتدخل في خاصة أمورهم بدون سبب يحق له ذلك)، وإذا ثبت أن ذلك بدعة وضلالة قد أنكرها أهل العلم فمن منع منها منع بعلم. ولو ترك كل مرتكب بدعة ضالة لأن منعه تدخل في خاصة أموره لعم الفساد وغرقت السفينة كما في الحديث المشهور([14]).
ثم بين فضيلته ما هو شأن العالم في الإنكار فقال: (وإنما شأن العالم في مثل هذا أن يرغبهم في التأسي بالسنة وبيان أنها الحالة الفضلى بقول لين).
وإذا بان أن هذه بدعة وهي ضلالة فإنها تغير بدرجات التغيير الثلاث فمن استطاع تغييرها باليد فلا يجوز له الاقتصار على اللسان، ثم إننا والله لقد وددنا لو ظفرنا بهذا الذي قلت منك يا صاحب الفضيلة وددنا لو أنك قمت مرة واحدة من عمرك- وأنت شيخ الإسلام- فرغبت الناس بالتأسي بالسنة وبينت أنها الحالة الفضلى بقولك اللين، وكلامك العذب الرقيق. ولكن- وياللأسف- كانت أول قومة قمتها هي قومتك هاته التي نحن في معالجتها ودفع أضرارها وغسل أوضارها.
ثم جاء فضيلته بالداهية الدهياء: (فإن هم تجاوزوا ذلك فحق على (ولاة الأمور) في البلدان أن يدفعوا عن أهل المآثم عادية من يتصدى بزعمه لتغيير المنكر دون أن يعلم، من كل من تزبب قبل أن يتحصرم).
أرأيت كيف يغري السلطة بالمصلحين أرأيت كيف يستكبر إنكار من ينكر البدعة، ويسميه عاديا وهو هو الذي لم ينبس ([15]) ببنت شفة أمام أي عادية من عوادي الزمان؟ .. ليس هذا مقام رد فأرد عليك مثل ما تقدمه. ولكنه مقام ظلم وتحريش وتحقيق نكل الأمر فيه إلى العزيز الحكيم.
إلى هنا ننتهي من البحث الذي بنيناه على النظر والاستدلال لا على مجرد سرد الأقوال. وقد وعد فضيلته بأنه سيتبع فتواه ببيان تأصيل أحكامها ونحن لبيانه هذا من المنتظرين والعاقبة للمتقين([16]).




======

[1] : هو أبو الحسن علي بن محمد الربعي الصفاقصي القيرواني الأصل ، المعروف باللخمي ، فقيه مالكي حافظ ، حاز رئاسة الفقهاء في إفريقية جملة ، و هو أحد الأئمة المعتمدة ترجيحاتهم في (مختصر خليل) ، له تعليق على (المدونة) مشهور بـ (التبصرة) ، و له اختيارات خالف فيها من تقدمه ، توفي سنة (478هـ). انظر: الإعلام بمنثور تراجم المشاهير و الأعلام للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله (ص:252-253).
[2] : هو أبو عمرو جمال الدين عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي، المقرئ النحوي الأصولي، والفقيه المالكي المعروف بابن الحاجب المصري، كان بارعًا في العلوم الأصولية، وتحقيق علم العربية ومذهب مالك، له تصانيف مفيدة منها: الجامع بين الأمهات، والمختصر، والكافية، والشافية في النحو والصرف، توفي سنة (646ﻫ). انظر: الإعلام بمنثور تراجم المشاهير و الأعلام للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله (ص:240-241).
[3] : المعيار (1/321).
[4] : انظر: حاشية الإمام الرهوني على شرح الزرقاني (2/221).
[5] : هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي المصري، الشهير بالقرافي، أحد الأعلام المشهورين في المذهب المالكي، كان حافظا مفوها، بارعا في العلوم الشرعية والعقلية، انتهت إليه رئاسة المالكية، وله مصنفات قيّمة منها: «الذخيرة» في الفقة، و«الفروق» في القواعد الفقهية، و«شرح المحصول للرازي» و«تنقيح الفصول وشرحه» في أصول الفقه، توفي سنة (684ﻫ-1285م) . انظر: الإعلام بمنثور تراجم المشاهير و الأعلام للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله (ص:22-23).
[6] : الفروق للقرافي (3/342-343).
[7] : الفروق للقرافي (3/346).
[8] : صحيح مسلم ، كتاب الطهارة ، باب الدليل على نجاسة البول و وجوب الاستبراء منه ، رقم (677).
[9] : صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم للأبي وشرحه مكمل إكمال الإكمال للسنوسي (2/73).
[10] : و العسيب كما في اللسان : جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها ، و جاء في الإكمال للأبي (2/73) : (العسيب من النخل كالقضيب من الشجر و الرطب الأخضر).
[11] : المُعْلِم بفوائد مسلم للمازري (1/367).
[12] : الإكمال للأبي (2/73).
[13] : الفروق للقرافي (4/438) ، الفرق السبعون والمائتان بين قاعدة ما يجب النهي عنه من المفاسد ، وما يحرم وما يندب ، المسألة الخامسة.
[14] : عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا). أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الشركة ، باب هل يقرع في القسمة و الاستهام فيه؟ ، رقم (2493 ).
[15] : جاء في اللسان : (نَبَسَ يَنْبِسُ نَبْساً هو أَقل الكلام وما نَبَس أَي ما تحركَتْ شفتاه بشيء وما نَبَسَ بكلمة أَي ما تكلم)إ.هـ، و معنى لم ينبس ببنت شفة أي لم يتكلم بكلمة أو لم يفتح فاه و الله أعلم.
[16] : انظر هذا الرد النفيس في الآثار (3/ من ص : 73 إلى ص: 92) و هناك ردود أخرى سأنقلها فيما بعد إن شاء الله تعالى.

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 23 Sep 2013 الساعة 10:31 PM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 Sep 2013, 09:37 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

حول فتوى القراءة على الأموات
لماذا التذييل، بدل التدليل والتأصيل؟

-1 -


وعد الشيخ الطاهر بن عاشور في آخر فتواه التي فرغنا من نقضها أنه سيتبعها بأدلتها فقال: (هذا حاصل هذا الجواب بما تضمنه البعض من أقوال أهل المذهب أتيت به واقتصرت فيه على ذلك دون تطويل ولا تأصيل، لقصد إحاطة أصناف المستفتين بحكم هذه المسألة. وسأتبعه ببيان تأصيل أحكامه ليزداد أهل النظر فإنهم يحبون أن يلحقوا الفروع بأصولها، ويميزوا عن خليط ثفالها خالص منخولها).
ومعنى هذا أنه ذكر الأقوال مجردة ولم يذكر أدلتها من الكتاب والسنة وأنه سيذكر أدلة تلك الأقوال ليتميز القوي منها بقوة مدركة من الضعيف لضعف مدركه. وقد قلنا في آخر نقضنا لفتواه: (وعد فضيلته بأنه سيتبع فتواه ببيان تأصيل أحكامها، ونحن لبيانه هذا من المنتظرين؟ )([1]).
وكنا ننتظر منه أمرين أحدهما دفاعه عن فتواه إن كان له عنها من دفاع، وثانيهما وفاؤه بما وعد. فأما الثاني فإنه لم يكتب فيه حرفا إلى الآن وأنى له أن يأتي بأدلة من الكتاب والسنة لما يعترف هو نفسه أنه خلاف السنة. وإننا نتحداه ونقول له إنه لن يستطيع أن يأتي على بدعة القراءة على الأموات في المواطن الثلاثة بسنة ثابتة من قول أو عمل أو تقرير فليأت بشيء من ذلك إن كان من الصادقين.
وأما الأول فإنه حاد فيه عن صريح الدفاع واكتفى فيه بمثال نشرته جريدة الزهرة تحت عنوان (تذييل للفتوى في قراءة القرآن في الجنازة) ولعله اكتفى أيضا بما كتبه أولئك المجاهيل الذين قمشوا مسائل وأقاويل من غير فهم ولا تطبيق، وبعثروها في مقالات طويلة حالكة سداها البغض والبذاء ولحمتها الخبط والمهاترة، ثم أمضوها بإمضاءات مستعارة جبنا عن منازلة من يصارحهم باسمه أو لبقية ما من حياء من المجاهرة بذلك السقط والهذر.
فأما إذا كان فضيلته اكتفى بهؤلاء فإنه لمزر به أن يكون هؤلاء الذين لا يستطيعون الظهور في كتابة علمية دينية انصاره، ثم كيف يكونون أنصاره وهم يستحون- إن كانوا يستحون- من التظاهر بنصرته؟ لا يا مولانا إن في الدنيا علماء وإنه يعز علينا- والله- أن لا يكون من ينصرك إلا بمثل ذلك الجهل الظاهر من جاهل مختف وإنك ترتاح له وتكتفي به، ونحن من ناحيتنا نربأ بأنفسنا عن تضييع الوقت في مطالعة ما لا يساوي نظرة إليه فضلا عن الاشتغال بالرد عليه ومن ذا يرضى بمخاطبة من يتستر في موضوع ديني معروف فيه الراد والمردود عليه، فما دين هؤلاء الجبناء المجاهيل وما قيمتهم وما هي النواحي التي تحركهم؟
أما قيمتهم العلمية والأخلاقية فقد عرفناها من كتابتهم وأما غيرها فإننا منه مستريبون، وإذا كانوا مسلمين حقيقة ومستقلين في إرادتهم فليصرحوا بأسمائهم إن كانوا من أنفسهم واثقين.
وأما إذا كان فضيلته يكتفي بذلك التذييل فها نحن نعرض لنقضه وإبطال ما زاده من الباطل فيه بعد بيان ما كان دفعه إليه بدل التدليل الذي عجز عنه بعدما كان وعد به.


***


بينما كانت الأمة التونسية- كسائر الأمم الإسلامية- تتألم من المضار التي تلحقها من بدع المآتم التي أساسها بدعة القراءة على الأموات التي تجمع الناس فتنفق على أكلهم وشربهم الأموال وتبذر الثروات وتثقل الكواهل بالديون ويتعدى على أموال الأيتام ويتحمل الضعيف المحال ما يتركه على أسوأ حال.
بينما الأمة التونسية هكذا والمصلحون منها يعالجون حالتها إذا بشيخ الإسلام ورئيس مجلس الشورى المالكي يطلع عليها بفتوى غريبة تقرر تلك البدعة وتؤيدها وتتلمس التأويلات البعيدة لتسويغ ويلاتها، فأعظمت ذلك الأمة التونسية، واستنكرته مثلما أعظمناه نحن واستنكرناه فبادر الصحافي الكبير السياسي المحنك الأستاذ محمد الجعائبي في جريدته (الصواب) ذات الثلاثين سنة في خدمة الأمة التونسية بصدق وثبات وتضحية فكتب مقالا تحت عنوان (فتوى ضد البدع والضلالات والقراءة على الميت وفي الجنائز) ونشر فتوى لشيخنا أبي الفضل المالكي شيخ الجامع الأزهر سابقا رحمه الله مؤرخة بـ 4 ربيع الثاني 1334هـ، وكانت هذه الفتوى ردا مفحما على فتوى الشيخ ابن عاشور وكتب الأستاذ العجائبي تصديرا عليها قال فيه: (فكان جواب الشيخ محررا على أبدع أسلوب قد اقتصر فيه على السؤال دون أن يحاول التحريش أو الإملاء على أولياء الأمر بما يجب اتخاذه من التدابير تاركا ما لله لله وما لقيصر لقيصر) ولا يخفى ما في كلام الأستاذ شيخ الصحافة التونسية من الإنكار والاستهجان تعريضا بفتوى الشيخ ابن عاشور، وأثر هذا أخذت الأسئلة ترد على شيخ الإسلام لا تستطيع أن تصرح بالإنكار- ومن يستطيع مصارحة شيخ الإسلام بالإنكار- ولكنها لم تستطع محوه من بين السطور ونحن ننقل من تلك الأسئلة ما يفهم منه ذلك الإنكار وما يصور الحالة المنكرة التي يتألم إخواننا التونسيون- مثلنا- منها ويريد شيخ الإسلام بفتواه- الغريبة تقريرها.
سأل الشيخ مصطفى الشنوفي من حمام الأنف، ونشرت سؤاله الزهرة فقال:( إن سؤالنا الذي نطلب إماطة اللثام عن دخيلته وتحقيق ما ينتابه من أحكام هو ما يلي: بعد وضع الحالة التي عليها القراء وكذا الأمكنة والمستمعون، بل قل المتفرجون تحت أعين الباحثين.
وهاك ما كل الناس على اطلاع تام عليه حيث أنه متكرر صباحا مساء كل يوم.
يموت مسلم فيذهب وليه طائعا أو تحت تأثير خوف العار لاستئجار جماعة تصدوا لإيجار ما يحفظونه من كتاب الله تعالى، بعد المماكسة طبعا وفعلا عندما يقترب أمد المأتم تراهم زرافات بحالة لا نقول أنها منفردة إذ هذا ليس من توابع ما نحن فيه إلا أننا نريد أن نأخذ بيد الشيخ حفظه الله ونطلعه وما نخاله جاهلا لكن هذا من باب التذكير فحسب.
جماعة الطرق تتلو أحزابا بها من الخلط ما لا يخفى مما يكون في غالب الأحيان وفي كثير من الجمل موجبا للتوبة مما تضمنه من الكفر الغير المقصود مع كونه في اعتقادهم يستحق عليه أجزل المثوبات كل هذا مقصود به استمطار الرحمة على جثمان الفقيد.
جماعة القراء تتلو قرآنا يبرأ منه جميع بدور القراء، ما هو شاذ وما هو ليس بشاذ، فترى مدودا لا ندري كم مقياسها، أثلاثة ألفات أم أربعة، بل ربما نقول ولا نرى أنفسنا جازفنا في التعبير أنها تبلغ في بعض الأحيان الستة والسبعة على أقل تقدير مع ما يتبع هذا من زلزلة استغفر الله، بل قلقلة في عرف القراءات وهي حسب الاشتهاء لا عند الاقتضاء مع الوقف الذي ما أنزل الله به من سلطان على أن معدل السير في الساعة تبلغ إن كان هناك مأتم ثان مزمع ([2]) على الحضور فيه العشرة أحزاب في الساعة، إذاً يكتفون في الغالب بأوائل الكلم أو ترخيمها حتى يتسنى لساداتنا القراء انتهاز المأتم الثاني كيلا يفوت. كل هذا مع تفاوت في الصياح تبعا لمركز الفقيد من حيث الوجاهة وترقب أوفر الجزاء. ولا نريد التعليق على ختم القرآن المزعوم الذي تتفرق فيه الأسفار على عشرة أنفار، بينا مرتل يجوِّد ثمنا أو ربعا على أكثر تقدير، يجوِّد كما يريد لا كما يقول الشاطبي نرى بعضهم يهمهم والآخر يكمل بقية حديثه الذي بدأه مع صاحبه خارج الدار أما القاريء فتراه يقلب صفحات السفر بسرعة يستحيل كونه حقق نظره فيها فضلا على تمكنه من تلاوتها، أما الجلوس فعلى غاية الاحتشام والاحترام لجلال القرآن.
فهل هذا هو القرآن وهل هاته تلاوته وهل هؤلاء الأشخاص الذين يجوز لهم قراءته، وهل لناس أن يستمعوهم؟
لنخرج من الدار ولنشاهد أكبر مهزلة يبرأ منها الإسلام صياح وعويل من الدار وآذان وتكبير وصلاة على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وسورة البقرة ويس وتبارك وجمهرة وتخريج وأحزاب قادرية ([3]) ومدائح عيساوية ([4])وطيبية ([5]) وشاذلية ([6]) وتيجانية ([7]).


خبز وزيتون ومغفرة من الله:
يريد الكل إحتكار الأسماع فتراه يجهد نفسه في الصياح حتى إنك لا تشاهد إلا أوداجا منتفخة وعيونا بارزة ودماء للوجوه متصاعدة.
جمعية أصوات وأنواع قراءات:
ثم تجتاز المزابل والصوابيط ([8]) والطرقات القذرة التي من فرط نتنها يعد اجتيازها نصرا من الله لنصل للمقبرة ولنلق نظرة مجردة على تلكم الجماعة عندما يقع لحد الميت: تقرأ سورة يس فالبعض جالس على الأرض والآخر فوق قبر والآخر متوسده مع تعدد في أنواع الجلوس ولا تنس فكل لا يطيق مفارقة نعله المحبوب أما القلب فيفكر هل يكون ممن يقاول في جنازة السيد فلان الذي توفي صبيحة هذا اليوم واللسان يتلو والعين ترهق شيخ القراء، كم تناول من الأجر من ذوي الميت وهل أخفى شيئا لنفسه.
هاته صورة مصغرة مما هو واقع وعمت به البلوى والذي يشاركنا في مشاهدة أدواره جمع التونسيين.
فهل تجوز قراءة القرآن في الأماكن القذرة على قارعة الطريق وعدم الاحتشام في تلاوة القرآن والخشوع والله بر في آياته.
والخلاصة أننا نتقدم بغاية الاحترام لفضيلة شيخ الإسلام المالكي والحنفي كل ما على ما يقتضيه أصل مذهبه الزكي ونلتمس من علماء الشريعة السمحة أن يفتون بحكم الله المنطبق على زماننا الذي اختلط فيه الحلال بالحرام وأن تكون فتياهم تعالج المسألة كما هي واقعة لا كما هي في النظر المجرد ولا نخالهم إلا فاعلين).
وكتب الشيخ محمد بن ابراهيم التوزري يقول: (إنني أرفع إلى حضرتكم السامية هذه الأسئلة راجيا التكرم بإيضاح الجواب عن كل مسألة على حدتها ونص الأسئلة: ما قولكم دام مجدكم، هل سنة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- تنسخ بعد وفاته باختلاف الزمان (أم لا)؟وهل فعل وقول العلماء يصح أن يكون دليلا على جواز فعل ما كان مخالفا للسنة أو فعل الصحابة والسلف الصالح- رضي الله تعالى عنهم- (أم لا)؟ وهل العرف الحادث من الناس يصح جعله دليلا على جواز رفع الصوت خلف الجنازة (أم لا)؟
وهل رفع الصوت خلف الجنازة مظنة التشويش على المتفكر السائر مع الجنازة (أم لا)؟ وهل إذا ادعى المتفكر التشويش برفع الصوت خلف الجنازة يصدق (أم لا)؟ .وهل يأثم من يشوش غيره برفع الصوت خلف الجنازة (أم لا)؟ أفيدوا مأجورين ولكم مني جزيل الشكر ومن الله الثواب.
وكتب الشيخ التهامي عزيز البانقي القرقني يقول:
(وحيث ثبت أن السنة في المحتضر وفي تشييع الجنازة وفي الدفن هو الصمت ظهر أن قراءة القرآن في المواقع الثلاثة خلاف السنة، وخلاف السنة إنما هو البدعة. وقد حكم بالكراهة مطلقا في ذلك أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة ([9]) في شرحه لمختصر البخاري ([10]) حيث قال: مذهب مالك كراهة القرآن في هاته المواقع لأننا مكلفون بالتفكير والاعتبار ومكلفون بالتدبر في القرآن فآل الأمر إلى إسقاط أحد العملين إ. هـ
وما أشبه عصر ابن لب وابن سراج والمواق بهذا العصر وأهله وها أنا سائل جنابكم يا صاحب السماحة والفضيلة بقطع النظر عن الكراهة أو الجواز:
هل تلك الصيغة يقرأ بها مشيعو الجنائز قول الله تعالى كنطقهم بلفظة غفور بدون واو ورحيم بدون ياء وعذاب بدون ألف ويجعلون لا النافية لام ابتداء ونون المتكلم ومعه غيره نون جمع المؤنث ويقطعون كلمات الله محافظة على الصيغة وعلى أصواتهم أَيُبَاحُ لهم القراءة بهاته الصفة سواء كانوا مع الجنازة أو في مواقع أخرى أم يحرم عليهم.
وهل تلك الأجرة التي يأخذها مشيعو الجنازة من أولياء الميت على القراءة جائز أم لا؟ وهل تعد صدقة أم لا؟ وهل تدخل في مؤن التجهيز ويقضي بها أن شح بعض الورثة أم لا؟ فالرجاء منكم أن تجيبوا جوابا شافيا أبقاكم الله ملجأ للسائلين ومفيدا للطالبين (انتهى).
ولا يخفى ما في هذه الأسئلة من الرد على الفتوى والإنكار عليها والتنبيه على خروجها عن الموضوع وعدم مطابقتها لصورة الواقع وتعريضها بأن المفتي تعمد الإغضاء عما يعلمه كل أحد ويشاهده من المضار والمفاسد بسبب القراءة على الجنائز وذهب بفتواه يتأول ويتحمل لما هو من عالم الخيال.
ولما أحرجته هذه الأسئلة أجاب عنها بذلك التذييل ولما كان هذا التذيبل قد اشتمل على الباطل والخطأ مثل الفتوى فإننا سنعرض لبيان ما فيه من ذلك في العدد القادم إن شاء الله ([11]).


-يتبع-

=====

[1] : انظر : شيخ الإسلام بتونس يقاوم السنة، ويؤيد البدعة، ويغري السلطة بالمسلمين!!(الجزء الخامس) ، الآثار(3/92).
[2] :جاء في مختار الصحاح عند مادة (ز م ع) : (قال الخليل أزْمَعَ على الأمر ثبت على عزمه وقال الكسائي يقال أزمع الأمر ولا يقال أزمع عليه وقال الفراء يقال أزمع الأمر وأزمع عليه كما يقال أجمع الأمر وأجمع عليه و الزَّمَعُ بفتحتين الدهش وقد زَمِعَ أي خرق من خوف وبابه طرب).
و يقال : سفر مزمع عليه أي متفق عليه ، و أزمع على الأمر أي عزم عليه.
[3] : هي أحد الطرق الصوفية تسمى بالطريقة القادرية البودشيشية و قد تاسست على يد عبد القادر الجيلالي ، و البودشيشية نسبة إلى حمزة القادري بودشيشي وقد لقب بهذا اللقب،لأنه كان يطعم الناس طعام الدشيشة أيام المجاعة بزاويته، فاشتُهر بذلك، وعرفت الطريقة منذ ذلك الوقت بالطريقة القادرية البودشيشية.
[4] : الطريقة العيساوية و التي تعرف عندنا بالعيساوة ، تنتسب هذه الطائفة إلى محمد بن عيسى المغربي و تشتهر باستعمالها للمدائح بصوت مرتفع واستخدام نوع من الموسيقى مع الرقص و المجون و فعل بعض الأشياء كإدخال الإبر في أجسادهم و لعق الآلات الحادة و غيرها من المخازي و الله المستعان.
[5] : الطريقة الطيبية نسبة إلى مؤسسها عبد الله الشريف العلمي اليملحي الإدريسي .
[6] : الطريقة الشاذلية نسبة إلى مؤسسها أبي الحسن علي بن عبد الله.
[7] : التيجانية نسبة إلى أبى العبَّاس أحمد بن محمَّد بن المختار بن أحمد بن محمَّد بن سالمٍ التجاني، نسبةً إلى (بني توجين) أصحاب (تاهرت) و(تاكدمت) من البربر، إخوان بني زيان ملوك تلمسان وبني مرينٍ ملوك المغرب الأقصى، وبنو توجين هم أخوال أحمد التجاني، ولمَّا طال مقامه بينهم نُسب إليهم.
و راجع في هذا مقال بعنوان : (الحقُّ المبين في كشف شبهاتٍ من عقائد التجانيين ) لإدارة موقع الشيخ فركوس حفظه الله.
[8] : كلمة عامية تونسية معناها : الجزء الذي عليه سقف من زنقة مفردة (صباط) . آثار ابن باديس (3/97).
و الصباط كلمة إسبانية تعني الحذاء و الله تعالى أعلم.
[9] : هو عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة أبو محمد الأزدي الأندلسي الملكي ، كان عالما بالحديث، من كتبه ( جمع النهاية ) وهو اختصار لصحيح البخاري و يعرف بمختصر ابن أبي جمرة.
[10] :المعروف بـ: (بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها شرح مختصر صحيح البخاري).
[11] : آثار ابن باديس (93/3-100).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 18 Sep 2013 الساعة 09:40 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 Sep 2013, 10:03 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

حول فتوى القراءة على الأموات
لماذا التذييل، بدل التدليل والتأصيل؟

-2 -


كان أصل السؤال عن القراءة عند تشييع الجنازة وحول الميت وعند القبر. وكان جوابه عنه هكذا: ( إن السنة في المحتضر وفي تشييع الجنازة وفي الدفن هو الصمت والتفكر والاعتبار. فإذا نطق الحاضر فليكن نطقه بالدعاء للميت والرحمة فإن دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب مرجوة الإجابة. وأما قراءة القرآن عن الميت حين موته وحين تشييع جنازته وحين دفنه فلم تكن معمولا بها في زمن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وزمن الصحابة. إذ لم ينقل ذلك في الصحيح من كتب السنة والأثر مع توفر الدواعي على نقله لو كان موجودا. إلا الأثر المروي في قراءة سورة يس عند رأس الميت عند موته على خلاف فيه. ولهذا كان ترك القراءة هو السنة وكان أفضل من القراءة في المواطن الثلاثة المذكورة).
ثم أخذ بعد هذا الجواب الواضح البين يقاوم ما فيه من صريح السنة مما فرغنا من رده عليه. وأما في تذييل الفتوى فإنه قال هكذا: (اعلم أن موضوع الفتوى الصادرة منا هو أن قول مالك أن السنة في تشييع الجنازة السكوت. والقراءة في الجنازة مكروهة عنده وأنها عند فريق من العلماء مستحبة غير مكروهة لقصد انتفاع الميت بثوابها).
وهذا كلام قاصر على خصوص القراءة عند التشييع فلنقصر كلامنا اليوم معه فيه. وقد زعم أن القراءة عند التشييع عند فريق من العلماء مستحبة. ونقول أنه لم يقل باستحبابها واحد من الأئمة- رضي الله عنهم- ولا من شيوخ مذاهبهم ولا ذكرها متن من المتون التي يدرس بها فقههم في الأمصار. فهو مطالب بأن يثبت هذا الفريق ولو بواحد من هؤلاء ولن يستطيع- ولا محالة- إثبات المعدوم، وفيما نقلناه في كلامنا السابق ما يدل على الاتفاق على بدعتها، ونزيد هنا قول الإمام ابن شامة الشافعي ([1]) المتوفى سنة 665هـ في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث) قال: (وفيما يفعله الناس اليوم في الجنائز بدع كثيرة ومخالفة لما ثبت في السنة من ترك الإسراع بها والقرب منها والإنصات فيها ومن قراءتهم القرآن بالألحان)([2]).
ثم قال فضيلته: (فمدرك مالك هو التيمن بقصد التأسي بالفعل الواقع في زمن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وزمن أصحابه فالمراد بالسنة عنده الطريقة التي كان عليها رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-).
نعم السنة هي الطريقة التي كان عليها- صلى الله عليه وآله وسلم- فيما يفعل ويترك، ونحن مأمورون باتباعه في هذه الطريقة، بقوله تعالى: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[آل عمران:31]([3]) والتأسي به فيما فعل وفيما ترك يمن ومخالفته شؤم، ولنا به أسوة حسنة فالقراءة عند التشييع تركها فتركها من سنته أي من طريقته فهو سنة وفعلها ليس من طريقته فهو بدعة. والخير في الاتباع، والشر في الابتداع
.

وخير أمور الناس ما كان سنة *** وشر الأمور المحدثات البدائع.

هذا هو البيان الواضح لمدرك الإمام- رحمه الله- لا كما توهمه عبارة فضيلته من تهوين أمر الاتباع بأنه قصد التيمن والتبرك وأن الترك لا يدخل في لفظ السنة لأنها هي الطريقة.
ثم قال: (ولما كان مالك لا يرى وصول ثواب القراءة للميت لم يوجد في نظره ما يعارض مقصد التأسي فلذلك قال بكراهة القراءة فيها).
مذهب مالك أن ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- من الطاعات في موطن مع وجود المقتضي لفعله بحسب الظاهر فإنه يترك دون التفات إلى ذلك الذي يظهر أنه مقتضى إذ يترك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- تبين أنه ليس بمقتضى في الشرع ففعل تلك الطاعة عليه اعتبار لما ألغاه الشارع واعتداد بما طرحه. وفي هذا معاندة له وافتيات عليه، ولهذا منع الذي أراد أن يحرم من المسجد النبوي وقرأ عليه قوله تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[النور:63]. وقد تقدم تفصيل هذا في سابق كلامنا، فلو أن مالكا كان يقول بوصول ثواب القراءة لما قال بها في التشييع لأن السنة فيه هي تركها، والدعاء المتفق على نفعه لا يقول به مالك في الركوع لأن السنة فيه هي تركه، وهكذا ما هنا.
ثم قال: ( وأما الذين خالفوه فمدركهم أن السكوت ترك فلا يدل على استحباب السكوت ولا على كراهة ضده).
قد علمت مما تقدم أن هؤلاء الذين يزعم أنهم مخالفون لمالك في سنة ترك القراءة في التشييع لا وجود لهم في الأمة ولا في شيوخ مذاهبهم ومع ذلك فقد أخذ فضيلته يقرر في مدركهم فزعم أن السكوت ترك وأن الترك لا يدل على استحباب السكوت ولا على كراهة ضده، ومقتضى هذا الاستدلال من السنة النبوية يكون بالفعل دون الترك وهذا باطل والحق أنه كما يستدل بفعله- صلى الله عليه وآله وسلم- يستدل بتركه. والتقرب إلى الله بترك ما تركه كالتقرب إليه بفعل ما فعله. ومن فعل ما تركه كمن ترك ما فعله وكما لا يتقرب إلى الله تعالى بترك ما فعله كذلك لا يتقرب إليه بفعل ما تركه، وهاك من كلام الأئمة ما يثبت لك هذا الأصل ويعرفك بدليله:
قال ابن السمعاني: [إذا ترك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم- شيئا وجب علينا متابعته فيه ألا ترى أنه- صلى الله عليه وآله وسلم- لما قدم إليه الضب فأمسك عنه وترك أكله، أمسك عنه الصحابة وتركه إلى أن قال لهم: أنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه. وأذن لهم في أكله([4])]، نقله الشوكاني ([5])في (إرشاد الفحول)([6])، وفي أوائل الجزء الرابع من (الموافقات) للإمام الشاطبي بحث واف في الاستدلال بتركه - صلى الله عليه وآله وسلم- وذكر أنواعه، وقال القسطلاني ([7]) في كتابه (المواهب اللدنية): (وتركه- صلى الله عليه وآله وسلم- سنة كما أن فعله سنة فليس لنا أن نسوي بين فعله وتركه فنأتي من القول في الوضع الذي تركه بنظير ما أتى به في الموضع الذي فعله) ([8]) وقال ابن حجر الهيتمي: (ألا ترى أن الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان أنكروا الأذان لغير الصلوات الخمس كالعيدين وإن لم يكن فيه نهي، وكرهوا استلام الركنين الشاميين، والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة قياسا على الطواف. وكذا تركه - صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى فيكون تركه سنة وفعله بدعة مذمومة)([9]).
و النقول على هذا الأصل- وهو الاستدلال بتركه- كثيرة والأدلة فيه ثابتة واضحة وقد اعتنى ببسطة الأستاذ (محمد أحمد العدوي)([10]) حفظه الله في كتابه (أصول في البدع والسنن) بسطا كافيا لمن هدَاه الله ([11]).


-يتبع-

======

[1] : هو الإمام الحافظ العلامة شهاب الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد المقدسي ، الدمشقي ، الشافعي المعروف بـ: (أبي شامة) لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الأيسر.
[2] : الباعث على إنكار البدع والحوادث ، فصل : بدع الجنائز (ص:270) بتحقيق مشهور آل سلمان.
[3] : قال الحسن البصري وغيره من السلف : (زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية) . انظر : تفسير ابن كثير.
[4] : جاء هذا الحديث عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم منهم ابن عباس رضي الله عنه أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الهبة و فضلها و التحريض عليها ، باب قبول الهدية ، رقم (2575) ، و مسلم ، كتاب الصيد و الذبائح ، باب إباحة الضي ، رقم (5039)، و أبو داود ، كتاب الأطعمة ، باب في أكل الضب ، رقم (3793) ، و غيرهم.
[5] : هو أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن محمّد الشوكاني ثمّ الصنعاني اليمني الفقيه المحدّث الأصولي النظّار، عرف بالإمام المجتهد، ولد بهجرة شوكان سنة (1172 هـ ‑ 1758م) ونشأ بصنعاء، كان فريد عصره ونادر دهره، له مؤلّفات في التفسير كفتح القدير، والحديث كنيل الأوطار، والأصول كإرشاد الفحول، توفّي سنة (1250- 1834 م).لإعلام بمنثور تراجم المشاهير و الأعلام للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله (ص:371).
[6] : إرشاد الفحول ، المقصد الثاني في السنة : البحث العاشر تركه صلى الله عليه وسلم (1/225) ط. دار الفضيلة.
[7] : أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبو العباس، شهاب الدين: من علماء الحديث. مولده ووفاته في القاهرة. له (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري - ط) عشرة أجزاء. و (المواهب اللدنية في المنح المحمدية - ط) في السيرة النبوية.
انظر ترجمته في كتاب الأعلام للزركلي.
[8] : المواهب اللدنية (4/73) ط. المكتب الإسلامي.
[9] : انظر هذا الكلام في الفتاوى الحديثية للهيثمي .
[10] : شغل منصب المفتش العام للوعظ والإرشاد بالأزهر.
[11] : آثار ابن باديس (100/3-104).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 19 Sep 2013 الساعة 10:07 PM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 Sep 2013, 09:09 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

حول فتوى القراءة على الأموات
لماذا التذييل، بدل التدليل والتأصيل؟

-3 -



الاستدلال بترك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أصل عظيم في الدين. والعمل النبوي دائر بين الفعل والترك، ولهذا تكلم علماء الأصول على تركه كما تكلموا على فعله. وقد ذكرنا جملة من كلامهم فيما قدمنا، غير أن تقرير هذا الأصل الذي يهدم بدعا كثيرة من فصل ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مما يتأكدُ مزيد تثبيته وبيانه. إذ بالغفلة عنه ارتكبت بدع وزيدت زيادات ليست مما زيدت عليه في شيء. وحسبك أن مثل هذا العالم يقرر في ذيل فتواه أن (السكوت ترك فلا يدل على استحباب السكوت ولا على كراهة ضده) فالترك إذاً ليس دليلاً شرعياً، ولهذا أردنا أن نعود إلى بيان هذا الأصل ونقل كلام أئمة الأصول والنظر فيه.
قال الإمام الشاطبي في آخر الجزء الثاني من كتاب الموافقات:
(والجهة الرابعة مما يعرف به مقصد الشارع السكوت عن شرع التسبب أو شرعية العمل مع قيام المعنى المقتضى له. وبيان ذلك أن سكوت الشارع عن الحكم على ضربين :
أحدهما: أن يسكت عنه لأنه لا داعية له تقتضيه ولا موجب يقرر لأجله كالنوازل التي حدثت بعد رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فإنها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذاك فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها. وما أحدثه السلف الصالح راجع إلى هذا القسم، كجمع المصحف وتدوين العلم وتضمين الصناع وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر في زمن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ولم تكن من نوازل زمانه ولا عرض للعمل بها موجب يقتضيها فهذا القسم جارية فروعه على أصوله المقررة شرعا بلا إشكال. فالقصد الشرعي فيها معروف من الجهات المذكورة قبل.
والثاني : أن يسكت عنه وموجبه المقتضى له قائم، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجودا ثم لم يشرع الحكم ولا نبه عليه كان ذلك صريحا في أن الزائد على ما كان هناك بدعة زائدة ومخالفة لما قصد الشارع إذ فهم من قصده الوقوف عند ما حد هنالك لا الزيادة عليه ولا النقصان منه ومثال هذا سجود الشكر في مذهب مالك، وهو الذي قرر هذا المعنى في العتبية من سماع أشهب وابن نافع)([1]) ، ثم نقل كلام مالك وبينه، وتطبيق هذا الأصل على مسألتنا أن تقول: (إن المقتضي للقراءة- وهو حصول البركة للميت ووصول الثواب إليه- قائم ومع قيامه فقد ترك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- القراءة ففهم من هذا الترك مع قيام المقتضى أن قصد الشارع هو الوقوف عندما بين من السكوت والاعتبار، وأن زيادة القراءة في ذلك الموطن بدعة زائدة ومخالفة لما قصد الشارع وإن كانت عبادة من حيث ذاتها، كما قال مالك في سجود الشكر عند الأمر تُحبه (لا يفعل ليس هذا مما مضى من أمر الناس) ([2]) وإن كان السجود في نفسه عبادة، ثم قال أبو إسحاق الشاطبي في آخر الفصل المذكور : (وعلى هذا النحو جرى بعضهم في تحريم نكاح المحلل وأنها بدعة منكرة من حيث وجد في زمانه عليه السلام المعنى المقتضي للتخفيف والترخيص للزوجين بإجازة التحليل ليرجعهما كما كانا أول مرة، لما لم يشرع ذلك مع حرص امرأة رفاعة على رجوعا إليه دل على أن التحليل ليس بمشروع لها ولا لغيرها. وهو أصل صحيح إذا اعتبر وصح به الفرق بين ما هو من البدع وما ليس منها. ودل على أن وجود المعنى المقتضى مع عدم التشريع دليل على قصد الشارع إلى عدم الزيادة ما كان موجودا قبل فإذا زاد الزائد ظهر أنه مخالف لقصد الشارع فبطل)([3]).
وقد قرر هذا الأصل الإمام ابن القيم في آخر الجزء الثامن من كتاب إعلام الموقعين عندما تكلم على ما ورد من السنن الثابتة من دون معارض. وطبق هذا الأصل على مسألتنا شيخنا الشيخ بخيت الحنفي مفتي الديار المصرية رحمه الله ([4]) في كتابه (أحسن الكلام) فقال: (وأما رفع صوت المشيعين للجنازة بنحو قرآن أو ذكر أو قصيدة بردة أو يمانية فهو مكروه لا سيما على الوجه الذي يفعل في هذا الزمان ولم يكن شيء منه موجودا في زمن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولا في زمن الصحابة والتابعين وغيرهم من السلف الصالح. بلهو مما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى لفعله فيكون تركه سنة، وفعله بدعة مذمومة شرعا كما هو الحكم في كل ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى لفعله)([5]) وقال أيضا: (وأما ما يفعل في زماننا أمام الجنائز من الأغاني ورفع الصوت بالبردة واليمانية على الوجه الذي يفعل في هذا الزمان والمشي بالمباخر فلا يقول بجوازه أحد)([6]).
فهذا الأصل العظيم الذي قرره مالك- رحمه الله- وهو أن ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضي فالدين تركة- وبينه أبو إسحاق الشاطبي- قد رأيت تقريره والاستدلال له والتفريع عليه من جماعة غير مالكية كابن السمعاني ([7]) والقسطلاني الشافعيين وابن القيم الحنبلي والشيخ بخيت الحنفي مع تطبيق هذا الأخير له على عين مسألتنا. فلم ينفرد به مالك من أئمة الاجتهاد والفتوى ولا أبو إسحاق الشاطبي من أئمة الأصول والنظر نقول هذا لأن المتأولين للبدع والمنكرات- مثل فضيلته- أصبحوا وكأنهم يتبرمون بقول مالك وشدته فيها ويحاولون التملص إلى أقوال ولو لم تكن منزلة قوله في الاستدلال والنظر حتى زعم فضيلته أن لمالك مخالفين في القراءة عند التشييع وجاء لهم بمدرك حاول أن يهدم به هذا الأصل العظيم. أما أبو إسحاق الشاطبي فقد صار يوصم عند بعض أنصار البدعة والمتأولين لها بالشذوذ وما ذنبه عندهم إلا نصرته للسنة بكتابه الفريد. في بابه كتاب (الاعتصام) وبفصول من كتابه الفريد الآخر كتاب (الموافقات).
ولقد كنا أيام الطلب بجامع الزيتونة- عمره الله- نسمع من شيوخنا كلهم الثناء العاطر على هذا الكتاب وصاحبه وكانت له عندهم منزلة عظيمة. وأحسن الدروس في المناظرات الامتحانية هو الذي رصعه صاحبه بكلام الشاطبي وأحسن فهمه وتنزيله فليت شعري ماذا يقول المتأولون للبدع والمنكرات- مثل فضيلته- فيه اليوم وقد أصبح حجة للمصلحين.
وقد بلغني أن كتاب (الموافقات) قد قرر تدريسه بالجامع - عمره الله- وأن الذي يدرسه للشيوخ هو الشيخ عبد العزيز جعيط ([8]) أحد المفتيين المالكيين والمترشح- فيما يظهر- لمشيخة الإسلام بعد عمر طويل- إن شاء الله- لشيخ الإسلام الحالي، ولعله مر في درسه على هذا الفصل الذي نقلناه من الموافقات في تقرير الأصل المتقدم أو قاربه. فماذا قال أو يقول فيه؟ إن هذا الأصل وهو أن ما تركه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى فالدين تركه والزيادة عليه بدعة مذمومة مخالفة لمقصد الشارع- هو حجة المصلحين في رد البدع الغالين والمتزيدين، فماذا قلت يا فضيلة الشيخ عبد العزيز أو ماذا تقول. بين! بين! فإنك تعرف وعيد الكاتمين. وإلا فعليك - لا قدر الله- إثم الهالكين والمعاندين([9]).


-يتبع-


=======

[1] : الإعتصام للشاطبي ، القسم الثاني من الكتاب فيما يرجع إلى مقاصد المكلف في التكليف وفيه مسائل:المسألة الثانية عشرة: الحيل : إثبات المقاصد التابعة في العبادات (156/3-157-158) بتحقيق مشهور.
[2] : انظر الإعتصام (3/158) بتحقيق مشهور.
[3] : انظر : الإعتصام (3/163) بتحقيق مشهور.
[4] : هو : شمس الدين محمد بخيت بن حسين المطيعي المصري الحنفي مفتي مصر سابقا. ولد ببلدة المطيعة التابعة لأسيوط بمصر سنة 1271هـ الموافق 1854م ، توفي سنة 1354هـ الموافق 1935م في القاهرة.
[5]: أنظر: أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة و البدعة من أحكام (ص:36).
[6]: أنظر: أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة و البدعة من أحكام (ص:38).
[7] : هو منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم ، الإمام أبو المظفر السمعاني التميمي المروزي الحنفي ثم الشافعي.
[8] : المعروف بمحمد العزيز ولد بمدينة تونس سنة 1886، عيّن مفتيا مالكيا في سنة 1919، توفي سنة 1389 هـ - 1970م
[9] : آثار ابن باديس (104/3-108).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 21 Sep 2013 الساعة 09:13 PM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23 Sep 2013, 07:28 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

حول فتوى القراءة على الأموات
لماذا التذييل، بدل التدليل والتأصيل؟

-4 -

قال فضيلته: (وقد عارضه، -أي الترك النبوي- قصد آخر حسن وهو التبرك بقراءة القرآن ووصول ثواب ذلك للميت، فهم يرون في السكوت في الجنازة فضيلة بركة التأسي وفي القراءة فضيلة وهي وصل الثواب للميت).
هذه هي حجة كل مبتدع ومحدث في الدين ما ليس منه ومتعبد بغير ما شرع الله لعباده بواسطة رسوله- عليه الصلاة والسلام- يفعل ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بدعوى أن في فعله خيرا وفضيلة وزيادة مفيدة، ويعارض التشريع الإلهي بالترك النبوي مع قيام المقتضى برأيه وهواه، واستدراكه ودعواه. ومن مقتضى منعه- قطعا- أن ذلك الخير وتلك الفضيلة والزيادة المفيدة قد فاتت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في السنين الطويلة التي عاشها تاركا لها فلم يفعلها ولم يبلغها وهو المأمور بالتبليغ المعصوم من الكتمان حتى تفطن لها هذا المبتدع فجاء بها وفاز بتحصيلها، وكانت من الفضائل التي رجح ميزانه بها وخلا منها ميزان محمد- عليه وآله الصلاة والسلام- (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا)[الكهف:05].
ولو جرى الأمر على هذا الأصل الباطل والقول الضال لأذن للعيدين والتراويح والكسوف والاستسقاء، وقيل أن عدمها في العهد النبوي ترك وهو لا يدل على استحباب عدم الآذان ولا على كراهة ضده وقد عارضه قصد آخر حسن وهو ما في الآذان من حصول الثواب للمؤذن والحاكي؟ ففي عدم الآذان فضيلة بركة التأسي وفي الآذان فضيلة حصول الثواب للمؤذن والحاكي. وهكذا يمكن أن تزاد عبادات كثيرة في غير مواضعها تركها النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى لها ويعارض تركه عليه السلام لها بما فيها من الفضائل الذي غفل عنه هو عليه السلام واهتدى إليه المبتدعون، وكفى بقول يؤدي إلى هذا ضلالا وشرا وفسادا.
نعم في قراءة القرآن العظيم لقارئه وسامعه كل البركة و وصول الثواب المُهدى، قال به جمع الأئمة عليهم الرحمة، غير أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وهو الرحيم بأمته الحريص على دلالتهم على الخير وما فيه الأجر والثواب لم يقرأ القرآن العظيم في هذا الموطن فدلنا على أن الترك هو الخير، وأن هذا الموطن ليس محلا للقراءة بل هو محل لعبادة أخرى هي عبادة التفكر والاعتبار. فالقراءة فيه بدعوى تلك المعارضة مخالفة ومشاقة له، وما هو أكبر من ذلك من دعوى الاهتداء إلى ما لم يهتد إليه عليه السلام.
ثم قال فضيلته: (و اعتضدوا بقراءة سورة يس).
لو كان لمن يقول بقراءة القرآن العظيم عند التشييع دليل من أثر أو صحيح نظر لأمكن أن يقال: (واعتضدوا بحديث يس)، لكن قد علمنا مما تقدم أنه لا دليل لهم إلا مشاقة الترك النبوي بتخيل الأفضلية ودعوى الاهتداء إلى ما لم يهتد إليه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مما تقدم لنا إبطاله فلا يمكن حينئذ أن يقال فيهم (اعتضدوا) ويبقى النظر في حديث قراءة يس نفسه فلنتكلم على سنده ومتنه ليتبين أنه خارج عن موضوعنا.
حديث قراءة يس:
عن معقل بن يَسَار قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: ( اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ ) ([1]) قال الحافظ في التلخيص (153) بنقل الأستاذ محمد حامد الفقي ([2]) : (رواه أحمد وأبو داود ([3]) والنسائي ([4]) وابن ماجة ([5])وابن حبان ([6]) والحاكم ([7]) من حديث سليمان التيمي عن أبي عثمان- وليس بالنهدي- عن أبيه عن معقل بن يسار ولم يقل النسائي و ابن ماجة عن أبيه.
وأعله ابن القطار بالاضطراب وبالوقف وبالجهالة لحال أبي عثمان وأبيه.
ونقل الإمام أبو بكر بن العربي المالكي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث)([8]) إ. هـ، وقد صححه الحاكم وابن حبان وهما معروفان بالتساهل في التصحيح وسكت عنه أبو داود وسكوته يقتضي عدم تضعيفه ولكنه لا يقتضي بلوغه درجة الصحيح وإذا ضم إليه ما ورد في معناه- ولم يبلغ منها شيء إلى درجة الحجة- إرتقى إلى رتبة الحسن لغيره.
هذا كلمة موجزة في سنده بينت لنا رتبته.
وأما متنه فإن المراد بقوله عليه الصلاة والسلام: (على موتاكم) من حضرتهم الموت.
قال ابن حبان في صحيحه ([9])- بنقل ابن حجر وغيره: (أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه- قال وكذلك قوله- صلى الله عليه وآله وسلم-: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)([10]) إ. هـ، ومما يدل على أن المراد من حضرته المنية ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، قال : (حدثنا أبو المغيرة ثنا صفوان قال كانت المشيخة يقولون إذا قرئت- يعني يس- لميت خفف عنه بها). وفي مسند الفردوس ([11])- بنقل ابن حجر- عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا: ( قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- : ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلاّ هَوَّن الله عليه)([12]) ، قال الصنعاني ([13]) شارح (بلوغ المرام): (وهذان يؤيدان ما قاله ابن حبان من أن المراد به المحتضر )([14])إ. هـ. وحديث أحمد المتقدم رواه جمع من شراح الحديث مختصرا كما رأيت وأصله في المسند ([15]) هكذا: (حدثنا أبو المغيرة ([16]) ثنا صفوان بن عمرو ([17]) عن المشيخة أنهم حضروا غضيف بن الحارث [الثمالي]([18]) حين اشتد سوقه فقال: هل أحد منكم يقرأ يس؟ قال فقرأها صالح بن شريح السكوني فلما بلغ أربعين آية منها قبض، قال: فكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها)([19]). قال الحافظ ابن حجر في (الإصابة)([20]): (وهو حديث حسن الإسناد). وغضيف المتوفى صحابي ([21]) وصالح الذي قرأها، له إدراك، فالمشيخة الذين حضروا بين صحابي وتابعي، والحديث وإن كان موقوفا فمثله لا يقال بالرأي، قال الحافظ: (فله حكم المرفوع)، وما في هذا الحديث صريح غاية الصراحة، بأن قراءة يس إنما هي على المحتضر ففيه (لما اشتد سوقه) والسوق قال أئمة اللغة: هو النزع. وكان المحتضر نفسه هو الذي قال: (هل فيكم أحد يقرأ يس) وقد فهم الأئمة- رضي الله عنهم- أنه في المحتضر، فأخرجه ابن ماجة تحت قوله: (باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر) وأخرجه البغوي في (المصابيح) تحت قوله: (باب ما يقال عند من حضره الميت)([22]). ومثله التبريزي في (المشكاة)([23])، وكذلك الإمام ابن أبي زيد فإنه ذكر رخصة بعض العلماء- وهو ابن حبيب- في قراءة يس- في (باب ما يفعل بالمحتضر ) من رسالته ، فقال هكذا: (وأرخص بعض العلماء في القراءة عند رأسه بسورة يس ولم يكن ذلك عند مالك أمرا معمولا به)([24]).
فبان بهذا كله أن حديث قراءة يس- على ما فيه كما عبر فضيلته في أصل الفتوى - خارج عن موضوعنا، لأن موضوعنا في القراءة على الميت بعد موته وهو الذي يفعله الناس ويسمونه (فدوة) وعند تشييعه كما يفعل (مروقية) تونس وغيرهم، وهو الذي قصر فضيلته الكلام عليه في التذييل كما تقدم، وبعد دفنه عند قبره. وليس لنا أن نقيس هذه المواطن على قراءة يس عند المحتضر لأن القياس لا يدخل في العبادات، ولأن المعنى الذي قصد من قراءتها- وهو التخفيف، عليه حال النزاع- معدوم في هذه المواطن.
ولهذا فنحن ما زلنا نطالب فضيلته بالإتيان بسنة صحيحة قولية أو فعلية تثبت مشروعية القراءة في موطن من هذه المواطن. وأنَّى له ذلك؟ ([25]).



-يتبع-


========

[1] : الحديث ضعفه العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في الإرواء (3/150) رقم (688).
[2] : الشيخ محمَّد حامد الفقي رحمه الله المولود بقرية نكلا العنب سنة (1310هـ - 1892م) ، قام بإنشاء جماعة أنصار السُّنَّة المحمدية سنة (1345 هـ - 1926م)بالتقريب ، واتخذ لها مركزا بعابدين ، توفي رحمه الله سنة (1378هـ - 1959م).
[3] : رقم (3121).
[4] : السنن الكبرى للنسائي ، كتاب عمل اليوم و الليلة ، باب ما يقرأ على الميت (9/394) رقم (10856 و 10847) ط. الرسالة.
[5] : رقم (1448).
[6] : أنظر : التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان للعلامة الألباني (5/32) رقم (2991)، و الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان لابن بلبان بتحقيق الأرنؤوط (7/269) رقم (3002).
[7] : المستدرك (1/753) الطبعة العلمية.
قال الحاكام : (أوقفه يحيى بن سعيد ، وغيره عن سليمان التيمي . والقول فيه قول ابن المبارك إذ الزيادة من الثقة مقبولة).
قال الألباني في الإرواء (3/151) : (هو كما قالا : أن القول فيه قول ابن المبارك ، ولكن للحديث علة أخرى قادحة أفصح عنها الذهبي نفسه في " الميزان " فقال في ترجمة أبي عثمان هذا : ( عن أبيه عن أنس ، لايعرف ، قال ابن المديني : لم يرو عنه غير سليمان التيمي . قلت : أما النهدي فثقة إمام " .
قلت- أي الألباني- : وتمام كلام ابن المديني : " وهو مجهول " . وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 2 / 326 ) على قاعدته في تعديل المجهولين ! ثم إن في الحديث علة أخرى وهي الاضطراب ، فبعض الرواة يقول : " عن أبي عثمان عن أبيه عن معقل " وبعضهم: " عن أبي عثمان عن معقل لا يقول : " عن أبيه " ، وأبوه غير معروف أيضا ! فهذه ثلاث علل : 1 - جهالة أبي عثمان . 2 - جهالة أبيه . 3 - الاضطراب).
[8] : التلخيص لابن حجر (212/2-213)ط. مؤسسة قرطبة.
[9] : التعليقات الحسان (5/32) رقم (2991)، و الإحسان بتحقيق الأرنؤوط (7/269) رقم (3002).
[10] : أنظر : التلخيص (2/213) ط. مؤسسة قرطبة.
[11] : الفردوس بمأثور الخطاب (4/32) رقم (6099) ط.العلمية.
[12] : أنظر التلخيص : (2/213) ط. مؤسسة قرطبة.
[13] : هو محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف بـ : (الأميرالصنعاني) ، ولد بمدينة كحلان، ونشأ وتوفي بصنعاء ، له نحو مئة مؤلف و من بينها سبل السلام، شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام.
[14] : سبل السلام بشرح بلوغ المرام بتحقيق صبحي حلاق (3/255).
[15] : المسند بتحقيق الأرنؤوط (171/28-172) رقم (16969).
[16] : هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي ، ثقة روى له الجماعة.
[17] :هو ابن هرم السكسكي الحمصي ، ثقة روى له البخاري في الأدب و مسلم في صحيحه.
[18] : ما بين معقوفتين لم تكن مثبة و قد أثبتها من المسند.
[19] :قال الألباني في الإرواء : فهذا سند صحيح إلى غضيف بن الحارث رضى الله عنه ، ورجاله ثقات غير المشيخة فإنهم لم يسموا ، فهم مجهولون ، لكن جهالتهم تنجبر بكثرتهم لا سيما وهم من التابعين . وصفوان هو ابن عمرو وقد وصله ورفعه عنه بعض الضعفاء بلفظ : " إذا قرئت . . . ) فضعيف مقطوع . وقد وصله بعض المتروكين والمتهمين بلفظ : إما من ميت يموت فيقرأ عنده ( يس ) إلا هون الله عليه " . رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 188 ) عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمر وعن شريح عن أبي الدرداء مرفوعا به . ومروان هذا قال أحمد والنسائي : " ليس بثقة " وقال الساجي وأبو عروبة الحراني : " يضع الحديث " . ومن طريقه رواه الديلمي إلا أنه قال : " عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . كما في " التلخيص " ( 153).
[20] : الإصابة في تمييز الصحابة (ت: التركي) (8/383).
[21] : هو الصحابي الجليل غضيف بن الحارث الثمالي ابن زنيم ، أبو أسماء السكوني الكندي الشامي.
[22] : مصابيح السنة طبعة دار المعرفة (1/353) حديث رقم (1153).
[23] : مشكاة المصابيح ، باب ما يقال عند من حضره الموت (1/508)رقم (1622) تحقيق محمد ناصر الدين الألباني.
[24] : رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص:39) ط. العلمية.
[25] : آثار عبد الحميد بن باديس (108/3-112).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 23 Sep 2013 الساعة 07:55 PM
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 23 Sep 2013, 07:33 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

حول فتوى القراءة على الأموات
لماذا التذييل، بدل التدليل والتأصيل؟

-5 -



حقا لقد صارت مسألة السنة في تشييع الجنازة- وهي الواضحة الجليلة- ذات ذيول ففضيلته قد جعل لفتواه تذييلا فلا تأصيل ولا تدليل. ونحن- بحكم العدوى الكتابية- قد جعلنا لردنا عليه هذا التذييل. ولكنه لم يخل من دليل.
كل ما يريده فضيلته هو بقاء تلك الحالة المنكرة البشعة من تشييع الجنائز التي نشرنا فيما مضى بيان بعض الكتاب من إخواننا التونسيين عنها، وهو يعلم أن لا بقاء لها إلا ببقاء تلك الفئة من (المروقية) قائمة بها، وأنها لا تقوم بها إلا بثمن فليفت حينئذ فضيلته- ولا بد- بتحليل ذلك الثمن وجواز أخذ الأجرة على القراءة، فلذا قال في تذييله: "وأما أخذ الأجرة على قراءة القرآن فاعلم أن أخذ الأجر على القراءة جائز باتفاق الأئمة الأربعة".
باتفاق الأئمة الأربعة! هذا باطل ما دعا إليه وحمل عليه إلا الحرص على بقاء هذه البدعة والعياذ بالله، والحقيقة هي أن الحنفية والحنابلة- كما هو مصرح به في كتبهم- لا يجيزون أخذ الأجرة على القراءة وحجتهم على ذلك أن الأجر دفع لأجل حصول ثواب القراءة للدافع لكان القارىء ما قرأ إلا لأجل ذلك الأجر فلم يكن عمله خالصا لله فلم يكن له عليه ثواب، فهو آثم لأنه أكل الأجر بالباطل والدافع آثم لأنه متسبب له في عمل بلا إخلاص وفي ذلك الأكل بالباطل، واستدلوا بحديث عبد الرحمن بن شبل: "قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: ( اقرؤا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به) ([1]) رواه أحمد بسند قال في مجمع الزوائد رجاله ثقاة ([2])، ورواه غيره، وأجابوا عن حديث ابن عباس- رضي الله عنهما-: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله). رواه البخاري ([3]) بأنه محمول على أخذ الأجر في تعليمه أو الرقية به مما يحصل مقابل الأجر لدافعه جمعا بين الأدلة، وقال بهذا بعض المالكية أيضا، وهو قول قوي- كما ترى- نظرا وأثرا، فأين هو الإجماع الذي يدعيه فضيلته؟.
إلى هنا وجب أن ننتهي من الحديث مع فضيلته. وبقيت لنا كلمة مع جريدة (الزهرة) التي تساءلت عن آداب الإسلام سنقولها لها- إن شاء الله- إذا إبنا من سفرنا مع وفد الأمة الجزائرية إلى باريس، فإلى اللقاء.



إنتهى بفضل الله تعالى .
======

[1] : صححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1168) وفي الصحيحة برقم (260).
[2] : مجمع الزوائد : كتاب التفسير ، باب اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه (7/250) رقم (11673)ط.العلمية.
و عند البزار كما في كشف الأستار (ط.الرسالة )، باب قراءة القرآن (92/3-93) رقم (2320) بلفظ : ( اقرؤوا القرآن و لا تأكلوا به و لا تستأثروا به و لا تجفوا عنه و لا تغلوا فيه).
[3] : صحيح البخاري : كتاب الطب ، باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب ، رقم (5737).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 23 Sep 2013 الساعة 11:17 PM
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 13 May 2014, 06:39 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

آمين بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 13 May 2014, 08:28 PM
أبو تراب عبد المصور بن العلمي أبو تراب عبد المصور بن العلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 189
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلال بريغت مشاهدة المشاركة
آمين بارك الله فيك
وفيك بارك الرحمن
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 13 May 2014, 10:46 PM
رضا عثمان رضا عثمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 86
افتراضي

بارك الله فيك أخي الكريم على نشر هذا الموضوع المفيد؛ وعلى الجهد الطيّب المبارك -إن شاء الله- المبذول؛ وجعله في ميزان حسناتك.

ومن باب الفائدة؛ فقد نشر هذه الفتوى الشيخ، صاحب الفضيلة، أبو عبد الرحمان محمود لقدر الجزائري تحت عنوان: "جواب سؤال عن سوء مقال".

فأجزل الله تعالى لكما الأجر والمثوبة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013