ْ ْالمُسمّيات الشّرعيّة لأهل السّنّة و الجماعة ْ للشّيخ الدّكتور عبد السّلام السّحيمي حفظه الله.

[أبو إبراهيم خليل الجزائري]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



" المُسمّيات الشّرعيّة لأهل السّنّة و الجماعة "


بقلم الشّيخ الدّكتور :


عبد السّلام بن سالم بن رجاء السّحيمي حفظه الله


- المدرّس بالجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة -

أهل الشيء هم أخص الناس به يقال في اللغة أهل الرجل أخص الناس به وأهل البيت سكانه وأهل الإسلام من يدين به وأهل المذهب من يدين به فمعنى أهل السنة أخص الناس بـها وأكثرهم تمسكاً بـها واتباعا لها قولاً وعملاً واعتقاداً ، وهذا اللفظ أصبح مصطلحاً يطلق ويراد به أحد معنيين : المعنى الأول معنى عام ويدخل فيه جميع من ينتسب للإسلام عدا الرافضة والمعنى الثاني معنى أخص وأضيق من المعني العام ويراد به أهل السنة المحضة الخالصة من البدع ويخرج به سائر أهل الأهواء والبدع كالخوارج والجهمية والمرجئة والشيعة وغيرهم من أهل البدع . يقول شيخ الإسلام: " فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الثلاثة فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول إن القرآن غير مخلوق وأن الله يرى في الآخرة ويثبت القدر وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة"( 1 ) إذاً فأهل السنة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنـهم تلقوا عنه مباشرة أصول الاعتقاد كما تلقوا أمور العبادة فهم أعرف الخلق بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأتبع لها ممن جاء بعدهم ، وأهل السنة أيضاً هم التابعون لهم بإحسان المقتفون أثرهم في كل عصر ومصر وعلى رأسهم أهل الحديث والأثر.

ولنشرع في التعريف بمسميات أهل السنة والجماعة باختصار :

أولاً : أهل السنة والجماعة :

هذا الاسم من الأسماء المشهورة التي عرف بـها أهل السنة وهو يطلق مقروناً بالسنة ؛فيقال : ( أهل السنة والجماعة) وقد يرد منفردا فيقال ( أهل السنة ) و يقال ( أهل الجماعة ) وهو قليل والغالب اقترانه بالسنة قال ابـن تيمية رحمــه الله:" فإن السنة مقرونة بالجماعة كما أن البدعة مقرونة بالفرقة فيقال أهل السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة" ( 2 ).

ومن أسباب تسميتهم بهذا الاسم أهل السنة والجماعة أنـهم قد تميزوا بميزتين عظيمتين:

الأولى: تمسكهم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى صاروا أهلها بخلاف سائر الفرق فهي تتمسك بآرائـها وأهوائـها وأقوال قادتـها فهي لا تنسب إلى السنة وإنـما تنسب إلى بدعها ، أو إلى أئمتهم أو إلى أفعالهم كما تقـدم .

والميزة الثانية: أنـهم أهل الجماعة لاجتماعهم على الحق وعدم تفرقهم بخلاف الفرق الأخرى فإنـهم لا يجتمعون على حق وإنـما يتبعون أهواءهم فلاحق يجمعهم.

يقول شيخ الإسلام في تعريف أهل السنة " هم المتمسكون بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم و ما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين و الانصار و الذين اتبعوهم بإحسان " ( 3 )


ثانياً : أهل الحديث :

من الأسماء التي يسمى بـها أهل السنة والجماعة (أهل الحديث) وهذا يرد كثيراً في كلام كثير من الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم قبله وبعده يذكرون أهل الحديث وأهل السنة مبينين اعتقادهم ولا يفرقون بين المصطلحين فهذا الإمام الصابوني يقول في عقيدته ( إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتـهم يشهدون لله تعالى بالوحدانية وللرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة والنبوة إلى أن يقول: وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف والتشبيه ومنّ عليهم بالتعريف والتفهيم ) ( 4 ).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " مذهب السلف أهل الحديث والسنة والجماعـة" ( 5 ) .

فالمراد بأهل الحديث في كتب عقائد السلف هم أهل السنة يقول ابن تيمية " ونحن لانعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته وروايته بل نعني بهم كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهراً وباطناً واتباعه باطناً وظاهراً وكذلك أهل القرآن" ( 6 ) .


ثالثاً : الأثرية أو أهل الأثر :

وهذا الاسم يطلقه كثير من أهل العلم ويريدون به أهل السنة والحديث :

قال ابن أبي حاتم الرازي : ْمذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بـن حنبـل " ( 7 ).

وقال في موضع آخر : ْوعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية و علامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة ، و علامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفة و نقصانية ، و علامة الرافضة تسميتهم أهل السنة ناصبة "( 8 ).

وورد ذلك في كلام كثير من الأئمة مثل أبي نصر السجزي وابن تيمية والسفاريني وغيرهم من أهل العلم.( 9 ) وسموا بذلك نسبة إلى الأثر وفي الاصطلاح الأثر: مرادفٌ للحديث .

ومعنى أهل الأثر كما يقول السفاريني " أي الذين إنـما يأخذون عقيدتـهم من المأثور عن الله جل شأنه في كتابه أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ثبت وصح عن السلف الصالح من الصحابة الكرام والتابعين لهم الفخام …" ( 10 ) وهذا بمعنى " أهل السنة " في إطلاق السلـف.(11 )

رابعاً : الفرقة الناجية:

أي الناجية من النار حيث استثناها النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفرق وقال: ( كلها في النار إلا واحدة) يعني ليست في النار( 12 ). قال الشيخ حافظ حكمي في معارج القبول( 13 ) :" و قد أخبر الصادق المصدوق أن الفرقة الناجية هم من كان على مثل ما كان عليه هو و أصحابه "

خامساً : الطائفة المنصورة :

وهذه التسمية مأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ( لا تـزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ) ( 14 ).

سادساً : السلفية أو السلفيون :

نسبة للسلف والسلف في اللغة جمع سالف والسالف المتقدم ، والسلف الجماعة المتقدمون ومنه قوله عزوجل { فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين } [ الزخرف آية 56 ] .

قال البغوي في تفسيرها ( … والسلف من تقدم من الآباء فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون )

وقال ابن الأثير : "سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه ، وذوي قرابته ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح"






الحواشي :

( 1 ) - منهاج السنة ( 2 / 163 ) .

( 2 ) - الاستقامة (1/42).

(3 ) - مجموع الفتاوى ( 2/375 )

( 4 ) - عقيدة السلف أصحاب الحديث ، ص ( 423 ) .

( 5 ) - درء تعارض العقل و النقل ، ( 1 / 203 ) .

( 6 ) – مجموع الفتاوى ( 4 / 95 )

( 7 ) - شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 1 / 179 ) .

( 8 ) - المصدر السابق ، الصفحة نفسها .

( 9 ) - انظر الرد على من أنكر الحرف و الصوت ص ( 175 ، 177 ، 179 ) و درء التعارض ( 6/266 ) و لوامــع الأنوار ( 1/64 )

( 10 ) - لوامع الأنوار ( 1 / 64 ).

( 11 ) – انظر : وسطية أهل السنة بين الفرق ، ص ( 119 )

( 12) - أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق (… وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة ) وفي رواية أخرى " ما أنا عليه وأصحابي .

( 13 ) - ( 1 / 19 )

( 14) - وقد أخطأ من فرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وإنـما هما شيء واحد.





المصدر :

من كتابه العجاب " كن سلفيا على الجادة " بتقريظ الشيخ الفوزان و الشيخ الفقيهي و الشيخ الجابري حفظ الله الجميع.