منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 12 Feb 2015, 03:07 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي حتى لا تصاب الدعوة السلفية في مقتل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمّد، وعلى آله، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإنه كُتب على دين الإسلام وأهلِهِ، منذ اللحظة الأولى لميلاده، أن يواجه أكبر التحديات، ويُجابَهَ بأجلِّ الصعوبات، ذلك لأنّ الكفر لا يملك إلا وجهه القبيح، يزينّه ربما، ولكنه لا يملك أن يغيّره.

تاريخ العداوة


لمّا خلق الله عزوجل أبانا آدم عليه السلام، وأسجد له ملائكتَه، وفضّله على خلقه، حسده إبليس واستكبر عن السجود له بعد أن كان يعبد الله تعالى معززا مكرّما، قال تعالى { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }[البقرة: 34]، ثم أسكن اللهُ سبحانه آدمَ جنتَه، وحذّره من وساوس إبليس وبيّن له عداوتَه، فقال تعالى { فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى }[طه: 117]، ولم يزل به يتظاهر له بالنصح حتى أغواه فأخرجه من الجنّة.
ثم انتقل العَدَاء والصراع بين الشيطان وذرية آدم إلى أن تقوم الساعة، واتخذ الشيطان من ذريته ومن بعض بني آدم من يعينه على المؤمنين، قال سبحانه { إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا }[الكهف: 50]
وهذه سنة كونية إلى قيام الساعة أن ابتلى الله تعالى عباده المؤمنين بأشكال وألوان من الأعداء، فالشيطان رأس الأعداء، والكفار على اختلاف مللهم عملاءُ له ومساعدون، ولم يزل أولياء الشيطان يعادون أولياءَ الله ودينَهم الحق، ويقفون في وجه دعوتهم، ويصدّون عن سبيلهم وطريقهم بشتى الوسائل والحيل والمكر والخداع، قال سبحانه { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا }[الفرقان: 31]
فأعداء الرسل هم أعداءُ الإسلام وأهله يتناصرون بمقتضى العداوة.

يا أبناء الدعوة .. الدعوة الدعوة


على أهل الدعوة إلى دين الإسلام الصافي، ألا يتنازلوا عن البيان، ولا عن البلاغ، لأنهما من أعظم وظائف الدعوة والدعاة، فإن حَجَبوه أو هادنوا فيه مسخوا دين الله عزوجل، وجعلوه ثوبا يرقعه أهل البدع بحسب أهواءهم، فيُصَوَّرُ على أنه الإسلام العظيم، ولا كذلك دينُ سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
وإليكم ـ إخواني القرّاء ـ أنموذجا واحدا على قولنا نختصره من حادثة هجرة بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة:
لمّا زاد الأذى بمكة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه، أذِنَ لهم بالهجرة إلى الحبشة، ففرّوا بإسلامهم إلى بلادِ رجلٍ لا يُظلم عنده أحد، فتبعتهم قريشٌ ولم تتركهم يأمنون في تلك البلاد.
فأرسلت قريشٌ رجلين محمّلين بالهدايا للنجاشي وبطارقته، فدفعوا الهدايا أولا للبطارقة، وافترى من افترى منهما على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنّ من السفهاء غلمانا قد خرجوا على معهود دينهم، وسفهوا أحلام قومهم ... فكَلِّمُوا النجاشيَ فيهم، حتى يَرُدَّهم إلى قومهم، لِيَرَوا فيهم رأيَهم.
فلمّا عُرِض الأمرُ على النجاشي، وقد دُفِعت إليه الهدايا مما يُحبّ، وكلّمَهُ بطارقتُه في أن يَرُدّ أولئك إلى قومهم وهم أولى بهم، قال: لا يكون حتى أسمع منهم.
فلمّا نزل ذلك بجعفر بن أبي طالب ومن معه من الصحابة، نزل بهم أمرٌ شديد.
فقالوا: إذا عُرِضنا عليه غدا، ماذا نقول ؟
فقال جعفر: نقول والله، ما بلّغَنَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولا نكتمُ منه شيئا.

كان النجاشي نصرانيا، وعنده بطارقته من رؤساء ملته وأهل دينه، فكيف يُواجِهُ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم القومَ، ـ وهم في قبضتهم ـ بما يكرهون.
فلما مَثَلوا بين يديه، سألهم عما أُرسل به الرجلُ الذي بُعث فيهم؟
فتكلّم جعفرٌ رضي الله عنه وأخبر بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حقيقة الدعوة، وقرأ عليه شيئا من سورة مريم، فبكى النجاشي وبطارقته، ثم قال: والله إن هذا والذي جاء به موسى، ليخرج من مشكاة واحدة.
فانصرف الرجلان المبعوثان من قريش، وقال أحدهما: لآتينّهم في غد بما يجعل النجاشي يطردهم ويرجعهم إلى قريش.
فلما أصبحَ غدَا على النجاشي، فقال: أيها المَلِك، إنهم ليقولون في ابن مريم قولا عظيما، فاستدعاهم.
فتشاور الصحابة رضي الله عنهم قبل أن يَمثُلُوا بين يديه، ماذا تقولون له؟
فقالوا: والله لا نقولُ إلا ما بلَّغَناهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نكتمُ من البلاغ شيئا. [ راجع كتب السير إذا أردت التوسع والمزيد ]
فرضي الله عن الصحابة أجمعين، بلغوا دين رب العالمين، ولم يتنازلوا ولم يكتموا منه شيئا، فنصرهم الله تعالى على أعدائهم، ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم.

لا تُصيبوا الدعوة في مقتل


من أكبر ما تصاب به الدعوة في مقتل، أن ينشغل الدعاة في الردّ على الاتهامات، وفي تبرير الأحكام، لأنه بسبب ذلك تبقى الدعوة حبيسةَ قفص الاتهام، وحينئذ يصاب أهل الدعوة بالذلة والمهانة، وربما دفعهم الغيظ والحنق إلى حماسةٍ متهوّرة، فيُحسَبُ ذلك على الدعوة بعدُ.
لأن أعداء الإسلام يحيكون المؤامرات، وينسجون الاتهامات للدعوة منذ جاء بها النبي صلى لله عليه، وإذا صار أهلها إلى التبرير ودفع التهم ذهبت ريحها.
تصاب الدعوة في مقتل، عندما يتحول الدعاةُ إلى مبررين مدافعين، والتهم تنهال عليهم، كلما فَرَغوا من شبهةٍ جاءتهم شبهة، وقد يتولد من ردّهم على الشبهة شبهةٌ، فأين بيان دين ربّنا، وأين بلاغ أمر نبيّنا للعالمين.

أسئلة بريئة وأمثلة واقعية


لا يخفى عليكم ـ إخواني ـ تلك الهجمات الشرسة التي يتعرض لها دين الإسلام، ورسول ربّ الأنام عليه الصلاة والسلام هذه الأيام من أهل الكفر والإلحاد ومن رضي بصنيعهم من أهل النفاق والعناد، سواء من الداخل أو الخارج، وهذا يبيّن العداوة التي يحملها هؤلاء في قلوبهم تجاه هذا الدين وأهله.
ـ روّجت بعض الصحف الإعلامية المحلية لشرّ وأخطر طائفة على أهل الإسلام، وهي الشيعة الرافضة، وصورتهم على أنهم يمثلون المذهب الموالي لآل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم يحملون همّ القضية الفلسطينية، وأنهم المتصدي الوحيد للكيان الصهيوني ووو.
ـ في صحيفة أخرى محلية تجرأ نكرة متطاول على ربّ العالمين بالسبّ والانتقاص علنا أمام الناس بوقاحة لا نظير لها، والعجيب من ذلك أنه وجد أناسا يدافعون عنه، رافعين شعار " حرية التعبير ".
ـ في صحيفة أخرى كذلك محلية تجرأت عجوز شمطاء على دين الإسلام وعلى الصحابة الكرام من الخلفاء الراشدين، والسلف الصالحين، والعلماء الربانيين، في صمت رهيب يندى له الجبين.
ـ في صحيفة دولية تجرأ كتابها على الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وراحوا يطعنون فيها طعنا يحرق قلب كل مسلم.
مما يجعلني ويجعل كل مسلم غيور على دينه يتساءل:
لماذا في هذا الوقت بالذات تهاطلت علينا هذه الهجمات ؟ لماذا هذه الجرأة ؟ أين الخلل ؟
الجواب:
ـ إذا لم نعرض الإسلام عرضا صحيحا، فكيف يعرفه الناس؟
ـ إذا لم نبيّن للناس دين الله ونحمل الأمانة، فمن يبيّن الدين للناس ويحمل أمانة التبليغ؟
ـ إن خُنّا أمانة الله؟ فمن ذا يؤتمن بعدنا؟
إذا أدّينا هذه الواجبات، فوالله سيجعل اللهُ عزوجل العزة للمؤمنين، وسيُمكِّن لنا الدين، كما مكّنه للذين من قبلنا، وسترجع المهابة للمسلمين، فلا يستطيع كافر أو منافق من هنا وهناك مسّ شيء من مقدّساتنا.

إخواني العداوة قديمة ومتيقنة


ـ فلماذا ننتظر ورود الشبهات حتى نردّ عليها ونبيّن بطلانها؟
ـ أما آن لكل واحد منا ـ بحسب ما آتاه الله عزوجل من فضل ـ أن يبلّغ دين الله عزوجل، ويبيّن محاسنه ومزاياه، وأن يبلّغ للأنام سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تطبيقا وتعليما.
ـ أما آن أن نبين للمسلمين خطر البدع في الدين وأهلها، قبل أن يقوم الجهّال بنشرها في وسائل الإعلام وغيرها.
نقول هذا: مع يقيننا أن ثلة من العلماء الربانيين والدعاة المصلحين قائمون ـ والحمد لله ـ بهذا الأمر العظيم، نسأل الله عزوجل أن يحفظهم، وأن يجعلنا وإخواننا سائرين في طريقهم ثابتين عليهم.

كتبه: أبو سهيل محمد في: 23/ربيع الثاني/1436


التعديل الأخير تم بواسطة أبو سهيل محمد القبي ; 12 Feb 2015 الساعة 05:35 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 Feb 2015, 04:33 PM
أبو ميمونة منور عشيش أبو ميمونة منور عشيش غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: أم البواقي / الجزائر
المشاركات: 582
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل ونفع بك، فعلا لا ينبغي أن يجرّ السّلفيّون وخاصّة في هذا الزّمن إلى معارك جانبيّة، تشغلهم عن الدّعوة إلى الله والتّعريف بهذا المنهج المبارك.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 Feb 2015, 09:05 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

وإياك أخي منور بوركت، وشكرا على مرورك ودعائك.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 Feb 2015, 08:15 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي محمد، تنبيه سديد.
فمن الخطأ البين أن ينشغل أهل السنة بالمخالفين ويتركوا دعوة الناس إلى الخير، بل لابد أن يكون الأصل هو دعوة الناس إلى الخير، مع استصحاب مجادلة المبطلين عند الحاجة، ولعلَّ هذا من أسباب تقديم الدَّعوة على المجادلة في الآية المشهورة التي هي دستور الدَّعوة إلى الله: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
وأذكرُ ـ أبا سهيل ـ أنه في وقت مضى كان عندنا بعض المخالفين، فاستشرت بعض من أثق في عقله وتوجيهه من الأشياخ، فقال ما معناه: اشتغلوا بدعوة الناس إلى الخير، واتركوا أهل الشبه والتشغيب، وحين ينتشر الخير لن يجد المخالفون إلا أن يدخلوا في الصف، أو ينقمعوا، وكذلك حصل...
فبارك الله فيك مرَّة أخرى.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 Feb 2015, 01:02 PM
حبيب المكي حبيب المكي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 120
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي على هذا النصح و البيان
و الدعوة السلفية كمل أشرت تقوم على أصلين و هما " التأصيل و التحذير " كما بين ذلك لشيخ الفاضل خالد الردادي في مقال ماتع له و على هذا يتنزل كلام الشيخ اﻷلباني في مقولته المشهورة " التصفية و التربية " ..و على هذا ينبغي أن تكون دعوة كل سلفي *
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 Feb 2015, 02:26 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي الفاضل أبا سهيل على لفتتك الطيِّبة، وبعثك الهمََّة في النُّفوس لهذا الأمر الشََّريف أكرمنا الله به وجعلنا من حملته وزمرته، نسأل الله الإعانة والتَّوفيق.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 Feb 2015, 10:36 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

جزاكم الله خيرا إخواني خالد وحبيب وفتحي على مروركم.
كما أذكر كلمة قالها الشيخ ابن باز رحمه الله: وهي أنه ينبغي على أهل السنة والجماعة أن يكونوا أنشط في الدعوة إلى الله تعالى، ولا يتركوا المجال لأهل البدع والأهواء، يعيثون فسادا في عقائد الناس وأخلاقهم ـ كما هو مشاهد الآن في بعض القنوات والله المستعان ـ فمتى تركوا ذلك ظهر أهل البدع وبثوا بدعهم.
ومن ثَمَّ لا يستطيع أن يقول سلفي: لماذا الناس يسمعون لأمثال هؤلاء، بل السلفي يسأل نفسه: لماذا لم نبلغ دين الله الصافي، ونحذر من هؤلاء المتصدرين الجاهلين.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 Feb 2015, 10:45 PM
إبراهيم بويران إبراهيم بويران غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 313
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله خيرا أخانا أبا سهيل على ما أبداه في هذا المقال من الغيرة على الدعوة التي نشكره عليها، ونسأل الله لنا وله التوفيق والسداد .
إلا أن لي بعض الملاحظات على هذا المقال فليتسع صدر الأخ لقبولها، فأقول:
مقال أخينا محمد وفقه الله موجهٌ إلى السلفيين، حيث قال في عنوانه: [معشر السلفيين، لا تُصيبوا الدعوة في مقتل] .
و مُوجَّهٌ بخاصَّةٍ إلى الدُّعاة منهم، كما صرَّح به في أكثر من موضع من مقاله، من ذلك قوله:« من أكبر ما تصاب به الدعوة في مقتل، أن ينشغل الدعاة في الردّ على الاتهامات..»، وقوله: « تصاب الدعوة في مقتل، عندما يتحول الدعاةُ إلى مبررين مدافعين »، إلى غير ذلك من المواضع .
والحقيقة أن هذا الموضوع الخطير أكبر منِّي ومن أخي محمد بكثير وكثير، فإن كان ولابدَّ من معالجته، فيكون من أهله، أو بنقل كلام كبار علماء السنة ومشايخها فيه الذي هم فرسان هذا الميدان، ، لكن مع الأسف لم أجد في مقال الأخ نقلا واحدًا عن عالم واحد من علماء السنة يؤيد رأيه وما قرَّره، بل لعلي أقول: إني وجدت في كلام العلماء ما ينقضه ويردُّه والله المستعان، و سأقتصر في ملاحظاتي على الفقرة التي عنون لها الأخ محمد بقوله:[ لا تُصيبوا الدعوة في مقتل]، حيث قال تحت هذا العنوان: « من أكبر ما تصاب به الدعوة في مقتل، أن ينشغل الدعاة في الردّ على الاتهامات، وفي تبرير الأحكام، لأنه بسبب ذلك تبقى الدعوة حبيسةَ قفص الاتهام، وحينئذ يصاب أهل الدعوة بالذلة والمهانة، وربما دفعهم الغيظ والحنق إلى حماسةٍ متهوّرة، فيُحسَبُ ذلك على الدعوة بعدُ.
لأن أعداء الإسلام يحيكون المؤامرات، وينسجون الاتهامات للدعوة منذ جاء بها النبي صلى لله عليه، وإذا صار أهلها إلى التبرير ودفع التهم ذهبت ريحها.
تصاب الدعوة في مقتل، عندما يتحول الدعاةُ إلى مبررين مدافعين، والتهم تنهال عليهم، كلما فَرَغوا من شبهةٍ جاءتهم شبهة، وقد يتولد من ردّهم على الشبهة شبهةٌ، فأين بيان دين ربّنا، وأين بلاغ أمر نبيّنا للعالمين»انتهى .
ولي على كلامه هذا ثلاث ملاحظات، أبدؤها بمعونة الله وتوفيقه:
** بالملاحظة الأولى **

قال أخونا الفاضل محمد القبي:« من أكبر ما تصاب به الدعوة في مقتل، أن ينشغل الدعاة في الردّ على الاتهامات، وفي تبرير الأحكام، لأنه بسبب ذلك تبقى الدعوة حبيسةَ قفص الاتهام » .
** أخي الفاضل محمد القبي وفقك الله: لا أشاطرك الرأي في كلامك هذا، بل أقول: إن من صميم الدعوة إلى الله وأُسُسِها عند أهل السنة إبطال اتهامات الخصوم و دحر افتراءاتهم على الدعوة والدين، فمن أعظم أنواع البلاغ : بيانُ حالِ الملبِّسين والمنحرفين الذين لو ترك أهل السنة بيان حالهم وكشف أباطيلهم لصيَّروا الإسلام ثوبا يُرقِّعه أهل البدع بحسب أهواءهم، بل قد أقول: إنه لا يتم إبلاغ الدين والدعوة على وجهها الصحيح إلا ببيان حال أهل الضلال، الذين شوَّهوا صورة الإسلام، ومنهج السلف، فكيف جعلتَ هذا الجهاد من أكبر ما يُصيب الدعوة في مقتلها؟ .
** و قولك بأن « من أكبر ما تصاب به الدعوة في مقتل، أن ينشغل الدعاة في الردّ على الاتهامات »، أبشِّرك أخي الفاضل أوَّلًا بأن دعاة السنة ومشايخها وعلماءها ليسوا بمنشغلين بهذه الردود عن العلم والدعوة والبلاغ وإقامة الحجة، بل هم ولله الحمد مجتهدون غاية الاجتهاد في تبليغ الدعوة، ونشر العلم ولا يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، وأقرب مثالٍ إليك مسافة ووضوحًا شيخنا العلامة محمد علي فركوس حفظه الله.
** ثم إن كلامك أخي؛ يُشبهُ إلى حدٍّ كبير- وإن كان بغير قصد منك-، ما يُروِّج له أعداء السلفية، و أهل الأهواء الحزبية عن أهل السنة تنفيرًا عنهم من أنهم شغلتهم الرُّدود على المخالفين عن العلم والدعوة، وأنه لا همَّ لهم ولا شغل إلا ذلك، وكذبوا في ذلك وفجروا .
قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « ما يقوله أهل الأهواء عن أهل السنة: أن شغلتهم الردود غير صحيح، لا؛ هم مشتغلون بالعلم النافع، ثم يردون على أهل الأهواء والبدع عند الحاجة إلى ذلك، وهذا شرف لهم؛ لأن هذا من باب النصيحة لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وسير منهم على طريقة السلف في حماية الدين .
يجب أن يعرف المسلمون من باكورة حياتهم طريق الهدى من طريق الضلال، يعرف كيف يمشي من أول الطريق، وإذا كان يتعلم هكذا، ولا يعرف الشبه ولا يعرف الرَّد عليها يضيع .
وقد يجلس عدد من الناس إلى عالم من العلماء لا يشعر بالبدع ونقدها وبيانها فَيَتِيه، ويتيهون عن منهج علماء السلف، الذي يعني يعلم الناس فقط الخير، وما يُبيِّن لهم الشر والبدع والضلالات، هذا يزرع وتأتي الحيوانات والحشرات تأكل زرعه .
ما حصل حماية، هذه حماية، كغيرها من الحمايات تمامًا، مثل التطعيمات ضد الأمراض، والحمايات الصحية من الأمراض البدنية، فالأمراض القلبية والنفسية تحتاج إلى حماية أكثر .
فنوجه هذا الكلام إلى طلاب العلم وإلى العلماء: أن يتقوا الله-تبارك وتعالى- وأن يعملوا بعلمهم، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، كل بحسب طاقته، لا بد من إنكار المنكر »[ "مجموعة كتب ورسائل الشيخ " (14/266-267)] .
وسُئل الشيخ ربيع حفظه الله: وسئل الشيخ ربيع حفظه الله: يَظنُّ كثير من الناس أنَّ الردَّ على أهل البدع والأهواء قاض على المسلك العلمي الذي اختطَّه الطالب في سيره إلى الله فهل هذا مفهوم صحيح؟
فأجاب الشيخ حفظه الله:« هذا مفهوم باطل، وهذا من أساليب أهل الباطل وأهل البدع ليخرسوا ألسنة أهل السنَّة.
فالانكار على أهل البدع من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وما تميَّزت هذه الأمَّة على سائر الأمم إلَّا بهذه الميزة...
وإنكار المنكر تطبيق عملي لِمَا يتعلَّمه الشاب المسلم من الفقه في دين الله تبارك وتعالى، ودراسته لكتاب الله وسنَّة رسوله الكريم -عليه الصلاة والسلام-...
إذا كان يرى أنَّ البدعة تنتشر، ولها دعاتها ولها حملتها ولها الذَّابُّون عنها، ولها المحاربون لأهل السنَّة فكيف يسكت؟، وقولهم: إن هذا يقضي على العلم: هذا كذب، هذا من العلم والتطبيق للعلم.
وعلى كلِّ حال فطالب العلم لابدَّ أن يُخصِّص أوقاتًا للتحصيل، ولابدَّ أن يكون جادًّا في التحصيل، ولا يستطيع أن يواجه المنكرات إلَّا بالعلم، فهو على كلِّ حال يحصِّل العلم وفي نفس الوقت يطبِّق، والله تبارك وتعالى يبارك لهذا المتعلِّم العامل في علمه، وقد تُنْزَع البركة لَمَّا يرى المنكرات قُدَّامَهُ يقول: لا، لا، لَمَّا أطلب العلم، يرى الضلالات وأهل الباطل يرفعون شعارات الباطل، ويدْعون الناس إليها ويُضلُّون الناس فيقول: لا، لا، ما سأشتغل بهذه الأشياء، أنا سأشتغل بالعلم يعني يتدرَّب على المداهنة ـ بارك الله فيك ـ »[ رسالة " أسئلة أبي رواحة المنهجية " (السؤال الحادي عشر) ] .
** الملاحظة الثانية**

قولك أخي محمد وفقك الله:« من أكبر ما تصاب به الدعوة في مقتل، أن ينشغل الدعاة في الردّ على الاتهامات، وفي تبرير الأحكام، لأنه بسبب ذلك تبقى الدعوة حبيسةَ قفص الاتهام، وحينئذ يصاب أهل الدعوة بالذلة والمهانة، وربما دفعهم الغيظ والحنق إلى حماسةٍ متهوّرة، فيُحسَبُ ذلك على الدعوة بعدُ » .
** أخي محمد وفقك الله: هل جهود أهل السنة في ردِّ شبهات أهل الباطل واتهاماتهم للدعوة وعلمائها، وتنقية الدعوة وتصفيتها من ضلالاتهم وأباطيلهم، يؤولُ بهم إلى الذِّلة والمهانة؟ هذا كلامٌ غريبٌ مُستغرب!!!!!! .
بل هو و الله من أفضل أنواع الجهاد في سبيل الله، الذي يؤول بهم إلى العزِّة والكرامة، وينالون به أفضل الدرجات عند الله .
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في " مجموع الفتاوى "(28/231-232):
« ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة, أو العبارات المخالفة للكتاب والسنة, فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين, حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال:« إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه, وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل ».
فبيَّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين, ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين, وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب, فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً, وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً »
وقال أيضا كما في" نقض المنطق " ( ص :12) : « الراد على أهل البدع مجاهد , حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل الجهاد » .
وهل الذَّب عن السنة الذي هو أفضل من الجهاد عند أئمة الدعوة إلا دحرٌ للاتهامات ولافتراءات الخصوم على الدعوة والدين؟
ومن هنا وقف الإمام أحمد في المحنة مُفنِّدًا لشبهات الجهمية والمعتزلة، عن دين الله وعن عقيدة أهل السنة نافيًا عنها التجسيم والتشبيه وغيرها من الشبه التي افتراها عليها الخصوم، كما فعل غيره من أهل السنة، ولم يقل أحدٌ من أهل السنة أن ما قام به الإمام أحمد يعتبر شغلة عن البلاغ والدعوة لأنه من صميمها، ولذلك شكر له أهل السنة مواقفه وعدُّوه بذلك من أفضل المجاهدين في سبيل الله، وبسبب موقفه الثابت بفضل الله وإصراره على تبرئة عقيدة المسلمين من القول بخلق القرآن، صار أهل السنة إلى العزة والكرامة .
وقل مثل ذلك في ما قام به شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلامذته وطلابه وأئمة الدعوة .
* وقولك أخي محمد:« وحينئذ يصاب أهل الدعوة بالذلة والمهانة، وربما دفعهم الغيظ والحنق إلى حماسةٍ متهوّرة، فيُحسَبُ ذلك على الدعوة بعدُ؛ لأن أعداء الإسلام يحيكون المؤامرات، وينسجون الاتهامات للدعوة منذ جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم » .
** برَّأ الله أهل السنة عمومًا ودعاة السنة خصوصًا وحاشاهم من الحماسات المتهوِّرة التي يُفرِزُها الغيظ والحنق من اتهامات أعداء الدعوة للدعوة وأهلها، فهذه بضاعة الحزبيين، ومن يستخدمهم الحزبيون ليُقاضوا به أغراضهم من العوام والدهماء، كما فعلوا في تلك المسيرات والمظاهرات التي زعموا أنهم ينصرون بها نبيهم .
وكيف يغتاظ أهل السنة لا سيما دعاتهم-إذ أن المقال موجه للدعاة- إلى درجة الحنق المُسبِّب للحماسات المُتهوِّرة، من اتهامات الخصوم لدعوتهم وعقيدتهم، أليسوا مقتنعين بأنهم على الحق؟ وأن دعوتهم هي التي تمثل الإسلام بمعناه ومفهومه الصحيح؟ فإن قلتَ: الكتاب، فهو معهم مُؤيِّدًا لعقائدهم ومناهجهم، وأخلاقهم، ومعاملاتهم، وإن قلتَ: السنة، فهي معهم وهم أهلها، وإن قلتَ: الإجماع ومنهج السلف، فهم أسعد الناس به، وإن قلتَ: العقل الصريح، والفطرة السليمة فهما شاهدان على سلامة منهجهم وصِحَّته، أفمن كان هذا حاله وواقعه يرتبكُ ويضطرب من اتهامات الخصوم لدعوته وعقيدته ، حتى يكاد يموت غيظا وحنقًا إلى درجة التهوُّر، والحماس الغير منضبط؟.
* وقولك أخي محمدوإذا صار أهلها إلى التبرير ودفع التهم ذهبت ريحها»
* لا أدري كيف تذهب ريح الدعوة، أي: قوتها، بسبب دفع القائمين عليها للشبه التي تُثار حولها؟، فإننا لا نعرف إلا أن ذلك من أعظم أسباب قوتها وصفائها ونقائها و وضوحها .

** الملاحظة الثالثة **
قولك أخي محمد:« تصاب الدعوة في مقتل، عندما يتحول الدعاةُ إلى مبررين مدافعين، والتهم تنهال عليهم، كلما فَرَغوا من شبهةٍ جاءتهم شبهة، وقد يتولد من ردّهم على الشبهة شبهةٌ، فأين بيان دين ربّنا، وأين بلاغ أمر نبيّنا للعالمين » .
* هذا الكلام منك أخي محمد وفقك الله نظريٌّ محض، بل هو أشبه ما يكون بالأفلام الخيالية التي لا حقيقة لها في الواقع، واعذرني إن قلتُ لك بأنه كلامٌ مرفوض وغير مقبول، حيث إنك صوَّرت فيه دعاة أهل السنة بصورتين مُزرِيَتين للغاية لا تمتُّ لواقعهم بِصلةٍ .
أما الصورة الأولى: فجعلتَ حالهم فيها كحال الملاكم الذي يُخفي رأسه من ضربات خصمه ويترك له العنان ليُمطر رأسه بوابلٍ من اللَّكمات والضربات القاضية، و هذا يستفاد من قولك:« تصاب الدعوة في مقتل، عندما يتحول الدعاةُ إلى مبررين مدافعين، والتهم تنهال عليهم »، بل أهل السنة جمعوا بين الدفاع عن الحق ورد الشبه والافتراءات عن الدعوة، وبين الهجوم ابتداءً على المخالفين بأصنافهم في عقر دارهم، ودكِّ حصونهم، وبأسلحتهم، كما قال ابن القيم عن شيخ الإسلام في نونيته:
وله المقامات الشهيرة في الورى ... قد قامها لله غير جبان
نصر الإله ودينه وكتابه ... .. ورسوله بالسيف والبرهان
أبدى فضائحهم وبين جهلهم ... وأرى تناقضهم بكل مكان
وأصَارهم والله تحت نعالِ أهل.... الحق بعد ملابس التيجان
وأصارهم تحت الحضيض وطالما ... كانوا هم الأعلام للبلدان
ومن العجائب أنه بسلاحهم ... أرداهمُ تحت الحضيض الداني
كانت نواصينا بأيديهم فما ....... منا لهم إلا أسير عان
فغدت نواصيهم بأيدينا فلا ... يلقوننا إلا بحبل أمان
وغدت ملوكهم مماليكا لأنصار...... الرسول بمنة الرحمن
وأتت جنودهمُ التي صالوا بها ... منقادةً لعساكر الايمان
وقل مثل هذا الكلام في علماء السنة في كل زمان بدءً من زمن الإمام أحمد وقبله وبعده، إلى يومنا هذا يصول أهل السنة ويجولون على أهل البدع، ويُنكِّلون بهم وليس عنك ببعيد ما يفعله بهم حامل راية الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله، وغيره، وقبله الشيخ مقبل والألباني و الجامي وغيرهم .
وأنصحك بإمعان النظر فيما ذكرته لك من النقول عن أهل العلم، و التفقه في منهج السلف في هذه المسائل، والمطالعة في كتبهم العظيمة التي نكَّلوا فيها بأهل البدع و الأهواء، وغزوهم في عقر دارهم .
فانظر إلى رد الإمام أحمد على الجهمية، ورد عثمان بن سعيد الدارمي على الجهمية، والرد على بشر المريسي، وكتاب " السنة " لعبد الله بن أحمد، و"السنة" للخلال، و"الشريعة" للأجري، و"الإبانتين" لابن بطة، و"شرح اعتقاد أهل السنة" لللالكائي، و"الحجة" للأصبهاني وغيرها من المؤلفات الكثيرة .
وانظر إلى مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية " كالمنهاج في الرد على الروافض" و"درء تعارض العقل والنقل" في الرد على الأشاعرة، و"نقض التأسيس" في الرد على الرازي في الدرجة الأولى، والرد على البكري " الاستغاثة " و"الرد على الأخنائي" وكتاب "الفتاوى الكبرى"، وانظر "مجموع الفتاوى" له وكم رد على الصوفية ولا سيما ابن عربي وابن سبعين والتلمساني، ردوداً مفصَّلةً مبيَّنة قائمة على الحجج والبراهين.
وكذلك كتب ابن القيم "كالصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" و"شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل"، وانظر إلى ردود أئمة الدعوة السلفية منذ قامت دعوة الإمام محمد ابن عبد الوهاب، ويكفيك منها الدرر السنية » .
أما الصورة الثانية: التي صوِّرتَ بها حال دعاة السنة فهي في قولك:« عندما يتحول الدعاةُ إلى مبررين مدافعين، والتهم تنهال عليهم، كلما فَرَغوا من شبهةٍ جاءتهم شبهة »، فصوَّرتهم للناس على أنهم في غاية الانشغال بشبهات الخصوم التي كأنها أقضَّت مضاجعهم، حتى استنفدت أوقاتهم كلها، فكلما فرغوا من الرِّد على شبهة وردت عليهم أخرى، فانشغلوا بالرد عليها كذلك، كلُّ ذلك في نظرك على حساب بيان الدين وتبليغ الرسالة بدليل قولك بعد هذا الكلام:« فأين بيان دين ربّنا، وأين بلاغ أمر نبيّنا للعالمين»، والجواب: شُغِل عنه دعاة السنة برد التهم والافتراءات على دعوتهم، كما هو لازم قولك .
وأقول: لن يُصدِّقك أحدٌ من العالمين و لو كان من خصوم أهل السنة في وصف دعاة السنة، بهذه الأوصاف هداك الله، فلم يحصل بيان دين الله، وبلاغ أمر نبيِّنا صلى الله عليه وسلم على الوجه المطلوب والمرضي والصحيح إلا من قبل دعاة السنة فهم فرسان هذا الميدان بلا منازع، ولم يشغلهم عن ذلك شاغلٌ، وردودهم على أهل البدع لم تشغلهم عن ذلك، بل هي من صميم بيانهم وبلاغهم لهذا الدين ولهذه الدعوة، بل لولا جهودهم في ذلك لما ظهرت الدعوة على حقيقتها، و لشُوِّهت صورة الإسلام والدعوة، ونفر الناس عنها.
ومن باب التذكير أقول: دعاة السنة هم حُرَّاس الدين، وهم أعظم الناس حِرصًا على تبليغه صافيًا نقيًّا من كل شائبة، فلذلك بذلوا الجهود الجبارة في دحر افتراءات المخالفين عن دعوتهم التي تمثل الإسلام الصحيح، فتبرئة الدعوة السلفية من اتهامات الخصوم، معناه تبرئة الإسلام .
وهذا الكلام منك أخي يهُزُّ-ولو بغير شعور منك- من مكانة دعاة السنة في النفوس، الذين شهد لهم المخالف قبل الموافق بالعلم الصحيح والعمل به، والدعوة إليه بالأساليب الشرعية، وأن لهم قصب السبق في ذلك .
ثم لا تنسى أخي محمد، بأن الردود على المخالفين ودحر افتراءاتهم واتهاماتهم فرضُ كفايةٍ إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وهذا هو حال دعاة السنة فليسوا كُلُّهم مشغولين بالرد على المخالف ورد اتهاماته، كما يُفهم من كلامك، إذا سلَّمنا لك جدلًا بأن من يقوم به شغله ذلك عن تبليغ الدعوة وبيان الدين، بل إنك قد أشرت إلى هذا في آخر مقالك حيث قلتَ:« نقول هذا: مع يقيننا أن ثلة من العلماء الربانيين والدعاة المصلحين قائمون ـ والحمد لله ـ بهذا الأمر العظيم، نسأل الله عز وجل أن يحفظهم » .
** وقولك أخي محمد عن دعاة السنة:« وقد يتولد من ردّهم على الشبهة شبهة».
كلامٌ عجيب!!، فلو تفضلت علينا بذكر أمثلة على ذلك، بل يترتب على ردِّ دعاة السنة لشبهات المخالفين بيان الحق وإيضاحه، وتجليته للناس، وإظهار رونق الإسلام و جماله، فحينذاك يرغب الناس في اتباعه والالتزام به .
وإن القارئ ليُخيَّل إليه عند قراءة هذا الكلام، أن الردود على أهل البدع ودحر افتراءاتهم على الدعوة من قبل دعاة السنة مفسدةٌ محضةٌ أو راجحة لا مصلحة فيها، ولا يسلم صاحبها من أمرين لا ثالث لهما، أحلاهما مرٌّ:
فإمَّا أن ينشغل هو بهذه الردود عن البلاغ والدعوة، ونشر العلم .
وإمَّا أن يتولَّد من ردوده على شبهات المخالفين شبهات أخرى .

ولعلَّ النتيجة التي أُعيذك بالله أن تصل إليها بهذه المقدمة، أو أن تكون من مقاصدك بهذا المقال، هي التزهيد في علم الجرح والتعديل، وفي كتب الردود، كما حصل من أهل التحزُّب والبدع .
سئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: هل يكفي السلفي أن يعرف الحق من الباطل أم يجب عليه الرد على أهل الأهواء، وذلك مما يميز دعوته ؟
فأجاب حفظه الله:« على السلفي أن يعرف الحقّ ويدعو إليه ويُبينه للناس, عليه أن يقوم بهذا الواجب ويقتضي منه هذا العلم وهذه الدعوة أن يدحض الباطل لأن القرآن الكريم يبين الحق ويدحض الباطل في نفس الوقت.. ولا يستقيم الإسلام أبدا إلَّا بإقامة الحق وتوضيحه وتبيينه ونقد الباطل وبيان قبحه وخبثه والتحذير منه ومن أهله ,وأيّ دعوة لا تقوم بهذا الواجب فهي دعوة فاشلة ؛ ميتة, تحمل جراثيم الموت في ذاتها ,لا تكون الدعوة حيّة إلا إذا كانت ترفع راية الحق وتهين الباطل في نفس الوقت.. الذي لا يردّ الباطل كيف يأمر بالمعروف ؟! كيف ينهى عن المنكر ؟! كيف ؟! أو مثل جماعة التبليغ، يقولون :أنهم يأمرون بالمعروف وهم لا يأمرون بالمعروف ؛التوحيد أعرف المعارف ولا يُعرفون الناس التوحيد.. فما الفرق بينك وبين هؤلاء إذا كنت لا تحارب البدع ولا تحارب الضلالات وترد على أهل الأهواء ,ما الفرق بينك وبينهم ؟ يعني أنت تكثر سواد أهل الضلال إذا كنت تراهم وتسكت عنهم ,أنت مؤيد ومشجع لهم إذا تراهم يعثون في الأرض فسادا وتسكت ! لما ترى اللصوص يسطون على بيوت الناس وما شاء الله تسكت ما هذا ؟هل هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!
فدعاة أهل البدع شرٌّ من اللصوص ,شرٌّ من قطاع الطرق ,يقول ابن أبي زيد وابن عبد البرّ :إنّهم شر من قطاع الطرق المجرمين ,فيجب التحذير منهم دائما وفضحهم وكشف عوارهم وتعريتهم أمام الناس حتى يحذرهم الناس ,لهذا تجد كتب السلف مليئة بنقد أهل البدع والتحذير منهم والتحذير من مجالستهم إلى آخره وما ضاع كثير من المسلمين إلّا بترك هذا الأصل ؛الرد على أهل البدع والتحذير منهم ولهذا أطبق الضلال على الأمة الإسلامية ما يسلم إلا أفراد مساكين لا حول لهم ولا قوة.. .
جاء ابن تيمية ورفع راية الجهاد وبين دين الله الحق واستنقذ الله به أناسا وبرز على يديه أئمة أعلام يعني لا نظير لهم إلا في الأجيال السالفة ,في عهود الصحابة والتابعين ,فصار جهادا ونضالا, لو سكت ابن تيمية ماذا كان ينفعهم ؟ فقط يؤلف هذا, لا يبين, ليس عنده أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ؟ ماذا أفاد الناس ؟ لم يفدهم بشيء .
محمد بن عبد الوهاب سل سيفه ؛ دعوة وبيان وسيف حتى قام دين الله عز وجل.. لو جلس في بيته فقط يحاكي الناس ويُعلِّم وساكت لا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر , ما ذا كان ينفع؟
فالذي يقول : ردود ,ردود ؛هؤلاء فجرة يعني باطلهم ينتشر, ينشرون باطلهم ولا يريدون أحدًا يرد عليهم هذا مقصودهم , افهموا ,ولهذا يشوهون الردود ويقولون :كتب الردود تقسّي القلوب وإلى آخره ,يعني خرافاتهم وبدعهم تليّن القلوب ؟!!! » .
** وقولك أخي محمد في آخر كلامك السابق:« وقد يتولد من ردّهم على الشبهة شبهةٌ، فأين بيان دين ربّنا، وأين بلاغ أمر نبيّنا للعالمين» .
** بيان الدين وإبلاغ سنة النبي صلى الله عليه وسلم حاصلٌ من دعاة السنة على أحسن الوجوه ولله الحمد، قديمًا وحديثًا، لا يُدانيهم في ذلك أحد .
وفي كلامك هذا أخي محمد ما يُشعر بأن دعاة السنة مُقصِّرون في أداء واجبهم الدَّعوي، لا سيما إذا أضفنا إليه قولك في أخر مقالك: « لماذا في هذا الوقت بالذات تهاطلت علينا هذه الهجمات ؟ لماذا هذه الجرأة ؟ أين الخلل ؟
ثم أجبت عن هذه التساؤلات بقولك:
ـ إذا لم نعرض الإسلام عرضا صحيحا، فكيف يعرفه الناس؟
ـ إذا لم نبيّن للناس دين الله ونحمل الأمانة، فمن يبيّن الدين للناس ويحمل أمانة التبليغ؟
ـ إن خُنّا أمانة الله؟ فمن ذا يؤتمن بعدنا؟
إذا أدّينا هذه الواجبات، فوالله سيجعل اللهُ عز وجل العزة للمؤمنين
..» .
** أهل السنة أخي محمد قائمون بهذه الواجبات إن شاء الله تعالى بما يثلج صدر كلِّ سلفي، فهم بإذن الله الطائفة المنصورة التي لا تزال على الحق متمسكة به وداعيةً إليه، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، فلا ينبغي تصويرهم للناس بهذه الصُّور المُشينة، وفقك الله .
ومعذرة إليك أخي محمد على هذه المناقشة التي لا قصد لي منها إلا دفع ما قد يُتوهَّم أو يُفهم من كلامك تجاه دعاة السنة ورجالها الذين هم نقاوة المسلمين وهم خير الناس للناس .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 Feb 2015, 12:56 AM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

بارك الله فيك شيخ إبراهيم على هذه التنبيهات المليحة، والملاحظات السديدة التي لا تصدر إلا من قلب سليم بإذن الله تعالى، قلبٍ غيورٍ على بيان الحق للمسلمين، فأكرر جزاك الله خيرا شيخ إبراهيم.
ولكن شيخ إبراهيم لي بعض الكلمات الموضحة لكلامي:
ـ يعلم الله تعالى أني كتبت هذا الموضوع تذكيرا لي ولإخواني في هذا المنتدى المبارك المعدود من طرق الدعوة إلى الله تعالى، كلٌ بحسب ما آتاه الله عزوجل من فضل وعلم.

بعد قراءتي لملاحظاتك السديدة، رأيت أن معظم التنبيهات جاءت عندما فهمت من كلامي التزهيد في الردّ على أهل البدع والأهواء من المبطلين والمنحرفين ولست كذلك والحمد لله.

بدليل قولك " ثم إن كلامك أخي؛ يُشبهُ إلى حدٍّ كبير- وإن كان بغير قصد منك-، ما يُروِّج له أعداء السلفية، و أهل الأهواء الحزبية عن أهل السنة تنفيرًا عنهم من أنهم شغلتهم الرُّدود على المخالفين عن العلم والدعوة، وأنه لا همَّ لهم ولا شغل إلا ذلك، وكذبوا في ذلك وفجروا "

مع أني قلت في المقال:
ـ على أهل الدعوة إلى دين الإسلام الصافي، ألا يتنازلوا عن البيان، ولا عن البلاغ، لأنهما من أعظم وظائف الدعوة والدعاة، فإن حَجَبوه أو هادنوا فيه مسخوا دين الله عزوجل، وجعلوه ثوبا يرقعه أهل البدع بحسب أهواءهم، فيُصَوَّرُ على أنه الإسلام العظيم، ولا كذلك دينُ سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
هذا البيان وهذا البلاغ كما هو معلوم يشمل الردّ على أهل البدع والأهواء، إذ لابد عند بيان الحق وطريقه بيان طريق المخالف وفساده.
ـ وقلت: أما آن أن نبين للمسلمين خطر البدع في الدين وأهلها، قبل أن يقوم الجهّال بنشرها في وسائل الإعلام وغيرها.
ألا يعتبر هذا دعوة للتحذير من أهل البدع والأهواء، وأنه من الواجب المحتوم حتى يكون البيان والبلاغ موصلا للحق المنشود.

ـ قلت سابقا ـ والله شهيد على ما أقول ـ أني كتبت هذه الكلمات تذكيرا لي ولإخواني في هذا المنتدى المبارك والذين نحسبهم جميعا أنهم من طلاب العلم الذين يسعون ويأملون في نشر دين الله عزوجل، والدعوة إلى الله تعالى من خلال مقالات سلفية تبلغ الأفاق، فركزّت على مخاطبتهم ـ هم ـ ببيان هذا المنهج المبارك الجامع بين نشر العلم والخير ومحاربة البدع وأهلها.
فظهر لي من كلامك أني عنيت وربما انتقصت ـ من خلال مقالي ـ الدعاة الكبار، والعلماء، معاذ الله أن أدخل هذه الحفرة المظلمة، فجهود العلماء وجهود الدعاة السلفيين لا ينكرها إلا مكابر مفتون.
وقد قلت في المقال: مع يقيننا أن ثلة من العلماء الربانيين والدعاة المصلحين قائمون ـ والحمد لله ـ بهذا الأمر العظيم، نسأل الله عزوجل أن يحفظهم، وأن يجعلنا وإخواننا سائرين في طريقهم ثابتين عليه.
ـ فأنا أخاطب عامة السلفيين ـ كما جاء في العنوان ـ ممن تحمّس للدعوة إلى الله عزوجل، وأراد تبليغ هذا المنهج المبارك.
ولعل ما كتبه الأخ الفاضل خالدة حمودة في تعليقه هو ما كنت أرجوه من مقالي
إن أصبت فمن الله عزوجل وأحمده على ذلك، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله على ذلك.

فأقول أخيرا جزاك الله خيرا ـ شيخ إبراهيم ـ على ما قدمته لأخيك الضعيف من ملاحظات، والتي أخذتها والله بعين الاعتبار، سائلين الله لنا ولكم ولإخواننا أصحاب المنتدى المبارك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلنا مدافعين عن هذا المنهج المبارك من كيد الكائدين والمبطلين.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو سهيل محمد القبي ; 15 Feb 2015 الساعة 01:20 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15 Feb 2015, 06:33 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أبا سهيل على مقالك الموفق الذي عالجت فيه مرضا خطيرا وفتاكا أخذ بعقول الكثير من إخواننا، حتى صيّرهم حدّادية يمشون في ثوب السلفيّة.
ووالله لن نخرج من هذا المأزق إلا إذا صدعنا بكلمة الحق في أنفسنا قبل عدوّنا
لقد تعلمنا من أئمتنا وعلى رأسهم حامل الراية أن نقد الطوائف وأهل الأهواء اختصّ الله به قلّة قليلة من أهل العلم، وأما غيرهم فلا مناص لهم من الأخذ بأحكامهم وكذا حكمتهم!!
ومما نُقش في نفسي قول إمام الجرح و التعديل : السلفي يناقش في خطئه أشد من المبتدع لأن خطأه ينسب للدعوة السلفية!
لقد انتشرت اليوم ظاهرة غريبة ورزية عظيمة حيث أصبح السلفي المعروف بدعوته وإخلاصه إذا أوصى وذكّر بالحكمة والرفق في دعوة الناس وبمراعاة المصالح والمفاسد في تقويم الأفراد والجماعات، بمجرد أن يبوح بهذا يرمى بالتهم الباطلة يرمى عن قوس واحد من جماعة ترى في نفسها أنها الناطقة الرسمية باسم دعوة رب العالمين.
فاللهم رحماك

التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 15 Feb 2015 الساعة 07:22 PM
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 15 Feb 2015, 07:04 PM
محمد الجيجلي محمد الجيجلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: ولاية جيجل حرسها الله
المشاركات: 70
افتراضي

جزاك الله خيرا يابا سهيل على هذا المقال الرائع
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 15 Feb 2015, 09:54 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

بارك الله فيك، أخي محمد الجيجلي، وفي أخي الفاضل أبي معاذ محمد على رؤيتك السديدة، كان الله في عونكم جميعا.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 16 Feb 2015, 09:12 PM
أسامة العابد أسامة العابد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 159
افتراضي شكر

مقال رائع ماتع أخي محمد القبي فجزاك الله خيرا
وجزى الله اخواننا الأفاضل خالد حمودة وابراهيم بويران وابو معاذ مرابط على الاضافات النافعة
وفقكم الله لكل خير وزادكم من فضله
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 22 Feb 2015, 09:41 AM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي محمد على مقالك النافع الماتع وعلى إجاباتك على تعليقات إخوانك التي كانت أنفع وأمتع، فإني لمست فيها علمًا وفهمًا وأدبًا، وفقك الله وسدد خطاك.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 23 Feb 2015, 07:36 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا أبا عبد الله، وجزاك الله خيرا على دعائكم.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو سهيل محمد القبي ; 14 May 2017 الساعة 12:45 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013