نصيحة الحافظ الألباني إلى الذين يكتبون في هذا العلم -الحديث- وهم عنه غرباء
نصيحة الحافظ الألباني إلى الذين يكتبون في هذا العلم وهم عنه غرباء
قال العلامة الألباني رحمه الله:
هذا، وبمناسبة ما ابتلينا به من كثرة الشباب وغيرهم الذين يكتبون في هذا العلم وهم عنه غرباء مفلسون، كما يقطع بذلك كل منصف وقف على النماذج الكثيرة من الأوهام، بل والجهالات المتقدمة على هذه الاستدراكات، وفي المقدمة أيضا في هذا المجلد وغيره، - فإني أرى لزاما عليَّ أن أذكر و ﴿ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ ﴾ فأقول:
إني أنصح أولئك الكاتبين والناقدين ألا يتسرعوا بالكتابة - إن كانوا مخلصين – لمجرد أنهم ظنوا أنهم أهل لذلك، بل عليهم أن يتريثوا ويتمرسوا فيه زمناً طويلا، حتى يشعروا في قرارة أنفسهم أنهم صاروا علماء فيه، وذلك بأن يقابلوا نتائج كتاباتهم وتحقيقاتهم بأحكام من سبقنا من الحفاظ والنقاد في هذا العلم، فإذا غلب عليها موافقتهم كان ذلك مؤشراً أنهم قد سلكوا سبيل المعرفة بهذا العلم.
هذا أولا.
وثانيا: أن يشهد لهم بذلك بعض أهل العلم الصالحين المعاصرين بعد أن يطلعوا على شيء من كتاباتهم وتحقيقاتهم، ذاكرين نصيحة الشاطبي المتقدمة (ص 713) فإنها صريحة في أنه من اتباع الهوى أن يشهد المرء لنفسه بأنه عالم! وأنا أقرب هذا لكل مخلص من طلاب العلم بلفت نظره إلى مثل قوله تعالى ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ فإنه يدل بفحوى الخطاب على أن المجتمع الإسلامي من حيث العلم والجهل قسمان:
- أهل الذكر: وهم العلماء بالقرآن والسنة وهم الأقلون.
- والذين لا يعلمون وهم الأكثرون، بنص القرآن وحكم المشاهدة والواقع.
فإذا عُلِمَ هذا، فلينظر أولئك المشار إليهم هل هم من الأقلين أم من الأكثرين، وحينئذ عليهم أن يعودوا إلى رشدهم، ويتوبوا إلى ربهم من حشرهم أنفسهم في زمرة أهل الذكر.
فإذا بدا لهم أنهم من هؤلاء، فعليهم أن يحتاطوا لدينهم وأن يسألوا أهل الذكر حقا، فإن شهدوا لهم بذلك حمدوا الله وسألوه المزيد من علمه، وإلا فهم من المغرورين المعجبين بأنفسهم، الهالكين بشهادة نبيهم صلى الله عليه وسلم القائل: « ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه » وهو القائل: « لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أشد من ذلك: العجب العجب »؟! ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَو أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾.
نهاية المجلد الثاني من السلسلة الصحيحة
وهذه نصيحة الشاطبي -رحمه الله- التي أشار إليها الشيخ
قال الشاطبي في الإعتصام:
والعالم إذا لم يشهد له العلماء فهو في الحكم باق على الأصل من عدم العلم حتى يشهد فيه غيره ويعلم هو من نفسه ما شهد له به، وإلا فهو على يقين من عدم العلم أو على شك، فاختيار الإقدام في هاتين الحالتين على الإحجام لا يكون إلا باتباع الهوى، إذ كان ينبغي له أن يستفتي في نفسه غيره ولم يفعل، وكان من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدمه غيره، ولم يفعل هذا .
قال العقلاء : رأي المستشار أنفع لأنه بريء من الهوى، بخلاف من لم يستشر فإنه غير بريء، ولا سيما في الدخول في المناصب العلية والرتب الشرعية كرتب العلم.
فهذا أنموذج ينبه صاحب الهوى في هواه ويضبطه إلى أصل يعرف به هل هو في تصدره إلى فتوى الناس متبع للهوى أم هو متبع للشرع ؟