منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 12 Jun 2016, 04:31 PM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي بعض الأحكام والفوائد المتعلقة بالصيام "الحلقة السابعة"

صيام التطوع والأيام المنهي عنها
"الحلقة الثانية"
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد :
فهذه الحلقة السابعة فيها ذكر بعض الفوائد والأحكام المتعلقة بالصيام، وبيان الأيام التي أباح الشارع فيها الصيام واستحبه ، والأيام التي نهى عن صيامها أو كرهها ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

حكم إفراد يوم السبت بالصوم في غير الفرض:
تخصيص يوم السبت بالصيام منهيّ عنه على الراجح من أقوال أهل العلم وهذا النهي للتنزيه لا للتحريم وبه قال جماهير السلف والخلف من أهل العلم ، وأما إذا صام يوما قبله أو بعده انتفت الكراهة وأصبح أمرا جائزا وبه تجتمع الأدلة الشرعية.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلا يوما قبله أو بعده.[1]
و عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال أصمت أمس قالت لا قال تريدين أن تصومي غدا –أي: يوم السبت- قالت لا قال فأفطري .[2]
وعن الصماء بنت بسر رضي الله عنها قالت :دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى وذلك يوم السبت فقال : تعالى فكلى . فقالت : إنى صائمة . فقال لها : أصمت أمس ؟ فقالت : لا قال: كلي فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك.[3]
وعن كريب مولى ابن عباس: أن ابن عباس وناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صياماً، قالت: يوم السبت والأحد، فرجعت إليهم فأخبرتهم وكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا وذكر أنك قلت كذا وكذا، فقالت صدق، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت والأحد، كان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم.[4]
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما.[5]
وعن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان واتبعه بستٍ من شوال فكأنما صام الدهر.
والغالب في الذي يصوم يوما ويفطر يوما كذلك الذي يصوم ستا من شوال أنه يوافق أحدها يوم السبت، وقد استحب أهل العلم صيام ست من شوال متتابعة، وأيضاً لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم :وأتبعه ستاً من شوال إلا يوم السبت، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وصيام ثلاثة أيام من كل شهر فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :وصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر.[6]
وهذا مطلق يشمل صوم ثلاثة أيام من الشهر , والسبت أحدها.
وأما حديث الصماء رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا في ما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه. [7]
فدل هذا الحديث على تحريم إفراد صيام يوم السبت ما لم يوافق فرضا أو قضاء أو نذرا.
لكن وردت عدة نصوص شرعية صرفته إلى الكراهية -وقد سبق ذكرها-وأما إذا صام يوم السبت مقرونا بغيره فيصبح أمرا جائزا .
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت.[8]
وقال ابن خزيمة رحمه الله:"باب النهي عن صوم يوم السبت تطوعاً إذا أفرد بالصوم بذكر خبر مجمل غير مفسر بلفظ عام مراده خاص، وأحسب أن النهي عن صيامه، إذ اليهود تُعظمه وقد اتخذته عيداً بدل الجمعة". ثم ذكر حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه السابق. ثم قال: "باب ذكر الدليل على أن النهي عن صوم يوم السبت تطوعاً إذا أفرد بصوم، لا إذا صام صائم يوماً قبله أو يوم بعده". وقال: "في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصام قبله أو بعده يوماً دلالة على أنه قد أباح يوم السبت إذا صام قبله يوم الجمعة أو بعده يوماً ثم قال: باب الرخصة في يوم السبت إذا صام يوم الأحد بعده": ثم ذكر حديث كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما .
وقال ابن قدامة رحمه الله : قال أصحابنا يكره إفراد يوم السبت بالصوم لما روى عبد الله بن بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " ، والمكروه إفراده فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية وإن وافق صوماً لإنسان لم يكره لما قدمناه.[9]
وقال ابن القيم رحمه الله : وقد أشكل هذا الحديث على الناس قديماً وحديثاً فقال أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عن صيام يوم السبت، واحتج الأثرم بما ذكر في النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، يعني أن يقال: يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما إذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه وحده، وعلى هذا تتفق النصوص.
وقال أيضا : وذلك يوجب العمل به ، وسائر الأحاديث ليس فيها ما يُعارضه لأنها تدل على صومه مُضافا ، فيُحمل النهي على صومه مفردا كما ثبت في يوم الجمعة ، ونظير هذا الحكم أيضا كراهية إفراد رجب بالصوم وعدم كراهيته موصولا بما قبله أو بعده .
وقال رحمه الله : وعلى هذا فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم :لا تصوموا يوم السبت ، أي لا تقصدوا صومه بعينه إلا في الفرض ، فإن الرجل يقصد صومه بعينه بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت ، كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت فإنه يصومه وحده .
وأيضا فقصده بعينه في الفرض لا يُكره بخلاف قصده بعينه في النَّفل فإنه يكره ، ولا تزول الكراهه إلا بضم غيره إليه أو موافقته عادة ، فالْمُزِيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضا لا المقارنة بينه وبين غيره ، وأما في النَّفل فالْمُزِيل للكراهة ضمّ غيره إليه أو موافقته عادة ونحو ذلك .
والجمع بين الأحاديث هو المتعيّن.
وقال المناوي رحمه الله -في شرحه لحديث بن بسر رضي الله عنه -:لا تصوموا يوم السبت إلا في فريضة...، وهذا النهي للتنزيه لا للتحريم، والمعنى فيه: إفراده كما في الجمعة، بديل حديث :صيام يوم السبت لا لك ولا عليك، وهذا شأن المباح، والدليل على أن المراد إفراده بالصوم حديث عائشة: إنه كان يقوم شعبان كله، وقوله: إلا في فريضة ، يحتمل أن يراد ما فرض بأصل الشرع كرمضان لا بالتزام كنذر ويحتمل العموم.[10]
وقال الشوكاني رحمه الله:وقد جمع صاحب "البدر المنير" بين هذه الأحاديث فقال: النهي متوجه إلى الإفراد.[11]
وقال ابن عثيمين رحمه الله : إن أفرد فهو مكروه، وإن جمع مع يوم الأحد الذي بعده، أو يوم الجمعة الذي قبله فلا كراهة في ذلك وهذا هو الأقرب.اهـ[12]
ونظير هذا الحكم أيضاً: كراهية إفراد رجب بالصوم وعدم كراهيته موصولاً بما قبله أو بعده ونظيره أيضاً: ما حمل الإمام أحمد عليه حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة في النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان: أنه النهي عن ابتداء الصوم فيه، وأما صومه مع ما قبله من نصفه الأول، فلا يكره.
وخلاصة الأمر أنه لا يكره صيام يوم السبت إذا صام يوماً قبله أو بعده ويكره إفراد يوم السبت بصيام لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ،وهذه الكراهة كراهة تنزيهية، ومن قال بحرمة صيامه مطلقا-أي:يوم السبت- فغير وجيه والله تعالى أعلم وذلك لما يلي:
أولا :
تقديم الترجيح على إمكانية التوفيق والجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض،وهذا خلاف ما عليه الأئمة، ولا يلجأ إلى الترجيح -كما هو معلوم- إلا عند تعذر الجمع و هو غير متعذر في هذه المسألة، وهذا مما لانزاع فيه عند الأصوليين.
قال النووي رحمه الله :ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها.[13]
وقال الشوكاني رحمه الله : قال في "المحصول": العمل بكل منهما من وجه، أولى من العمل بالراجح من كل وجه وترك الآخر، انتهى. وبه قال الفقهاء جميعاً.[14]
وقال أحمد شاكر رحمه الله : إذا تعارض حديثان ظاهراً ، فإن أمكن الجمع بينهما فلا يُعدَل عنه إلى غيره بِحالٍ ، ويجب العمل بهما.[15]
وقال الشنقيطي رحمه الله :وإنما قلنا إن هذا القول أرجح عندنا لأن الجمع واجب إذا أمكن ، وهو مقدم على الترجيح بين الأدلة كما علم في الأصول.[16]
ثانيا :
الترجيح بين أحاديث غير متساوية في القوة ،وترجيح حديث ليس في البخاري أو في مسلم وقد اختلف حكم الأئمة فيه اختلافا كبيرا –فأكثرهم على رده[17]- على أحاديث الإباحة منها ما هو متفق عليه ومنها ما انفرد به البخاري أومسلم التي تلقتها الأمة بالقبول، وهذا مخالف لما أجمع عليه المحدثون من طرق الجمع فتنبه.
قال النووي رحمه الله :الصحيح أقسام: أعلاها ما اتفق عليه البخاري و مسلم، ثم ما انفرد به البخاري،ثم مسلم، ثم على شرطهما، ثم على شرط البخاري، ثم مسلم، ثم صحيح عند غيرهما. قال السيوطي في "التدريب":فائدة التقسيم المذكور تظهر عند التعارض والترجيح.
وقد ذكر أبو زهرة رحمه الله في "أصول الفقه": أن علماء الحديث مجمعون على ما ذكره النووي آنفاً، ثم قال: وقال جمهور الفقهاء: أنه يقدم بعد ذلك ما كثر رواته ...إلخ.
رابعا :
ورود الأحاديث -التي سبق ذكرها- الدالة على الإباحة صرفت دلالة حديث النهي عن صوم يوم السبت منفردا في غير يوم فريضة إلى الكراهة التنزيهية ،ومن المقرر أن الأصل في النهي- إذا تجرد عن القرائن التي تصرفه عن أصله - التحريم ، وإن وجد قرينة تصرفه عن التحريم إلى الكراهة فهو لكراهة التنزيه.
قال ابن تيمية رحمه الله : المقرر عند عامة الأصوليين أن النهي عن الشيء قاضٍ بتحريمه أو كراهته على حسب مقتضى الأدلة.[20]
خامسا:
فتوى عبد الله بن بسر رضي الله عنه -وهو راوي حديث النهي- لمن سأله عن صيام السبت فقال: صيام السبت لا لك ولا عليك، ـ فهو لا يقول بحرمة صيام السبت فقوله رضي الله عنه :"لا عليك"، دليل قاطع على رفع الإثم عن صائم يوم السبت، فحينئذ يحمل النهي على الكراهة إذ لا إثم على من أتى بالمكروه، أما معنى قوله :" لا لك و لا عليك"، فقد قال العلامة المناوي في:صيام يوم السبت لا لك ولا عليك أي لا لك فيه مزيد ثواب ولا عليك فيه ملام ولا عتاب....[21]
قال الشيخ الألباني رحمه الله وقوله: "و لاعليك "هذا معناه أنك إذا صمته فليس عليك وزر تؤاخذ عليه.[22]
فإن عبد الله بن بسر رضي الله عنه هو راوي الحديث المرفوع وجوابه رضي الله عنه هو ما فهمه مما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ففهمه مقدم على فهم غيره لأنه راوي الحديث ،وفيه أنه ينفي الإثم عمن صام يوم السبت.
فقوله الموقوف حجة لأنه لم يعلم له مخالف من الصحابة ولا فهمه خالف نصا شرعيا ،ولم يعرف عنه رضي الله عنه أنه كان يأخذ من الإسرائيليات ، فوجب تقديم فهمه على فهم من بعده وهو فهم السلف في هذه المسألة عبر هذه القرون الذي يجب أن يرجع إليه وذلك لعدم المخالف.
سادسا:
لقاعدة* التي استدل بها بعض أهل العلم -على تحريم يوم السبت في غير الفرض- وهي أن:"الحاظر مقدم على المبيح" وهي من قواعد الترجيح لا الجمع فتنبه ،والذي عليه أهل العلم أنه لايصار إليها إلا عند تعذر الجمع وهو غير متعذر، وهي من قواعد الترجيح من قبل المتن وهذا لا يكون إلا بين الأدلة المتساوية في القوة وقد سقت آنفا عدة نصوص شرعية مفادها إباحة صوم يوم السبت في غير الفرض مقترنا بغيره من الأيام .
منها: ما هو متفق عليه .
ومنها : ما هو في البخاري أو مسلم مما تلقته الأمة بالقبول.
أما حديث النهي عن صيام يوم السبت فأكثر أهل العلم لا يرون ثبوته فضلا عن العمل به لكن الصحيح أنه يحسّن بالشواهد والمتابعات.
قال الشوكاني رحمه الله: ومن شروط الترجيح التي لا بد من اعتبارها أن لا يمكن الجمع بين المتعارضين بوجه مقبول فإن أمكن ذلك تعين المصير إليه ولم يجز المصير إلى التراجيح.[23]
كذلك هذه القاعدة-الحاضر مقدم على المبيح- من الخطأ تنزيلها في مثل هذه المسألة لأن حديث عبد الله بن بسر رضي الله حاضر يقابله حاضر آخر وهو حديث جويرية رضي الله عنها والمسلك الصحيح الجمع بين النصوص الشرعية إذا أمكن لا الترجيح وهو غير متعذر في مثل هذه المسألة.
سادسا:
القاعدة التي اعتمد عليها بعض أهل العلم في تحريم صيام يوم السبت في غير الفرض- وهي تقديم القول على الفعل وهي محلّ تأمّل ،وذلك لما يلي:
حديث جويرية رضي الله عنها قولا ، وحديث ابن بسر رضي الله عنه* قولا ،فقول عارضه قول ، وليس ثمة قول وفعل فتنبّه.
والقول والفعل والتقرير منه r كلّه حجة على السواء ولا يفرق بينها إلا بالمرجحات لا بمثل هذه القاعدة التي اعتمد عليها الشيخ رحمه الله ،وذلك لعموم قوله تعالى :(فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) ،وأمره يشمل قوله وفلعه وتقريره على السواء،ولقوله تعالى : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}الآية ووجه الشاهد أن الفعل والقول وتقريره r كل ذلك يشمله الذكر.
قال شيخنا محمد علي آدم الأثيوبي حفظه الله -رادا على هذه القاعدة- :
اعلم بأن فعله قد احتوى جميع أنواع البيان فانطوى
فالقول والفعل سواء في البيان إذ " لتبين" صريح قد أبان
فلو تعارضا نرجّح بما نرى مرجّحا فهذا المعتمى
إذا تعارض القول والفعل الأرجح أن يسلك فيه مسلك الترجيح .
قال أبو المظفر رحمه الله :وإن تعارض قوله وفعله في البيان ففيه أوجه من أصحابنا-يعني الشافعية- من قال:القول أولى من الفعل لتعدّيه بصيغته.
ومنهم من قال:الفعل أولى لأنه أدل وأقوى في البيان على ماسبق من خبر حلق الرأس في الحديبية.
ومن أصحابنا من قال:هما سواء وعندي أن هذا هو الأولى ولابد من دليل آخر لترجيح أحدهما على الآخر ووجه التسوية ماذكرناه في المسألة الأولى وهو اتفاق الصحابة ي على التسوية بين القول والفعل وأخذهم بيان الشرع منهما على وجه واحد من غير ترجيح والكتاب يدل أيضا على ذلك وهو المواضع التي ذكرناها والله أعلم .انتهى كلام السمعاني رحمه الله ،وهو كلام نفيس وتحقيق أنيس.
وخلاصة القول في المسألة أن الحق أن الفعل والقول سواء في بيان الشرع ؛فلوتعارضا طلب الترجيح ولا يقال :إن القول أولى بالتقديم والأدلة على ذلك كثيرة:
منها :عموم قوله عز وجل{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}الآية ,ووجه ذلك أنه أطلق البيان فدخل فيه الفعل كالقول فهما في البيان سواء.
و منها: قولة تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } الآية،فالائتساء بقوله على سواء.
و منها : ما أخرجه الشيخان، وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تواصلوا "، قالو: إنك تواصل ، قال: " لست كأحد منكم، إني أطعم وأسقى " ووجه ذلك أنه لما نهاهم عن الوصال، ثم واصل ظنوا أنه نسخ، فواصلوا ، فسألهم عن سبب مخالفتهم لنهيه ، فاحتجوا بفعله ، فلو كان القول مقدما لقال لهم : إذا تعارض قولي وفعلي، فخذوا بقولي ، فلما لم يقل ذلك عرفنا أن الفعل مثل القول ، فيكون تعارضه كتعارض القولين ، فيسلك مسلك الترجيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم أقرّ الصحابة على معارضتهم قوله بفعله ، لكنه بين لهم أن هذا من خصوصياته ، وإذا كان الفعل خاصا به، فلا يعارض القول، وهذا الحديث من أقوى الحجج لهذه المسألة، فتأمله بإنصاف،ولاتكن أسير التقليد فإنه حجة البليد،ومتمسك العنيد.
و منها : اتفاق الصحابة ي على ذلك ، كما سبق في كلام السمعاني المذكور، فكان بعضهم يحتج على بعض بالقول ، فيعارضه الآخر بالفعل ، فابن عباس رضي الله عنهمالما سمع أن كسب الحجام خبيث، قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ، ولو كان حراما لما أعطاه ، متفق عليه، وقد سبق أن ابن عمر رضي الله عنهما احتج على جواز استدبار القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، متفق عليه ، وقال جابر رضي الله عنه : نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول ،فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها ، حديث حسن ، أخرجه أحمد، وأصحاب السنن.
وبالجملة لو سلكنا نعدد ما وقع للصحابة ي من هذا النوع لخرجنا عن موضوعنا ، فينبغي مراجعة كتب السنة في ذلك.
وإنما أطلت في المسألة لأني رأيت أهل العلم الجامعين بين الرواية والدراية ، كالشوكاني رحمه الله يقولون دائما :لا يعارض الفعل القول ،فالفعل له، والقول لنا، فلو قرأت كتابه "نيل الأوطار" من أوله إلى آخره لرأيت العجب العجاب من هذا القبيل ، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل، وهو أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب.اهـ[24]
ثامنا:
ومن الأدلة التي استدلوا بها في منع صوم يوم السبت إلا في صوم فرض ،وهي قولهم في حديث الصماء رضي الله عنها أن الاستثناء فيه دليل التناول بحيث أن النهي يتناول كل صور صوم النفل إلا صورة الفرض كقضاء ونذر ونحو ذلك والجواب عليه ما يلي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى.[25]
"فظاهر النص أن شد الرحال مطلقاً وعلى العموم لا يجوز إلا إلى ثلاثة مساجد وهذا النهي من أبلغ النهي وأشدّه.
قال الطيبي رحمه الله: هو أبلغ من صريح النهي كأنه قال لا يستقيم أن يقصد بالزياره إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به.
وقال ابن حجر رحمه الله : والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص وهو المسجد.[26]
ومع ذلك وجد في الأدلة جواز سفر عبادةٍ كالرحلة في طلب العلم كسفر موسى إلى الخضر عليهما السلام ، وسفر الصحابة لذلك ، والسفر لزيارة الأصدقاء وصلة الأرحام كحديث الرجل الذي زار أخاً له في الله وسافر لذلك فأرصد الله على مدرجته ملكاً ، وكمن سافر عن بلده السيء إلى بلد صالح كحديث الذي قتل مائة نفس
وغير ذلك من الأدلة التي تبين أن المراد بشد الرحال لا يقصد به عموم السفر بل إذا قصد به التعبد في بقعة معينة أو لفضل مكان معين غير المواضع المستثناة..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : يتناول المنع من السفر إلى كل بقعة مقصودة، بخلاف السفر للتجارة، وطلب العلم، ونحو ذلك‏.‏ فإن السفر لطلب تلك الحاجة حيث كانت، وكذلك السفر لزيارة الأخ في الله فإنه هو المقصود حيث كان‏.[27]
‏وهذا التفسير أوجبه تلك الأحاديث التي تعارضه ، ولا يقال هنا : إن الحاظر مقدم على المبيح أو القول مقدم على الفعل أو أن الاستثناء دليل التناول فلا يستثنى غيرها ..
فمن قارن بين هذا الحديث ، وبين حديث النهي عن صيام السبت في غير الفرض عرف أن الذي أوجب تفسير الحديث بخلاف ما يظهر منه هو النصوص المعارضة ..
والجمع مقدم على الترجيح..
المثال الثاني:
عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة.[28]
ومع أن الاستثناء دليل التناول ، وعليه يكون معنى الحديث أن دم المسلم لا يحل إلا في هذه الحالات الثلاث ولا يجوز استثناء حالة رابعة حتى لا يكون استدراك على الشرع!!
وهذا غلط،بل قد جاء في الشرع استثناءات أخرى كقتل اللوطي ، وفاعل الفاحشة بالبهيمة.
وعمل من عمل بتلك الأحاديث جمعا بين النصوص..".[29]
صيام يوم الشك :
اختلف أهل العلم في صيام يوم الشك إلى عدة أقوال والصحيح منها قول من قال بتحريم صومه إذا كان من باب الاحتياط ، أو لم يكن له عادة في الصوم -كصيام الإثنين والخميس-وبه قال علي وعمر وعمار وحذيفة وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية وغيرهم.
فعن صلة رحمه الله قال: كنا عند عمار فأتي بشاة مصلية فقال كلوا فتنحى بعض القوم قال إني صائم فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم .[33]
قال الحافظ رحمه الله : استدل على تحريم صوم يوم الشك ، لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه ، فيكون من قبيل المرفوع ؛ قال ابن عبد البر : وهو مسند عندهم لا يختلفون في ذلك.
وعن سماك رحمه الله قال دخلت على عكرمة في يوم قد أشكل من رمضان هو أم من شعبان وهو يأكل خبزا وبقلا ولبنا فقال لي هلم فقلت إني صائم قال وحلف بالله لتفطرن قلت سبحان الله مرتين فلما رأيته يحلف لا يستثني تقدمت قلت هات الآن ما عندك قال سمعت ابن عباس يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة فأكملوا العدة عدة شعبان ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان.
قال ابن القيم رحمه الله : المنقول عن علي وعمر وعمار وحذيفة وابن مسعود المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعا ، وهو الذي قال فيه عمار :من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.[34]
وقال الحافظ -بعد أن ضعف أقوالا في حكمة النهي- : ....والحكمة فيه التقوي بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط ، وهذا فيه نظر لأن مقتضى الحديث أنه لو تقدمه بصيام ثلاثة أيام أو أربعة جاز ، ......،وقيل الحكمة فيه خشية اختلاط النفل بالفرض ، وفيه نظر أيضا لأنه يجوز لمن له عادة كما في الحديث ، وقيل لأن الحكم علق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم وهذا هو المعتمد.[35]
وقال الصنعاني رحمه الله: والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه , وإليه ذهب الشافعي ، و اختلف الصحابة في ذلك : منهم من قال بجواز صومه ، ومنهم من منع منه وعده عصيانا لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم والأدلة مع المحرمين .[36]
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: وهذا هو الحق أنه لا يجوز صيام يوم الشك لا في الغيم ولا في الصحو حتى يرى الهلال أو تكمل العدة ثلاثين وهذا ما خالف فيه ابن عمر فكان يصومه إذا كان غيما.[37]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : -في شرحه لحديث :"لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين .."-:واختلف العلماء رحمهم الله في هذا النهي هل هو نهي تحريم أو نهي كراهة ؟ والصحيح أنه نهي تحريم ، لاسيما اليوم الذي يشك فيه ـ [38]
وقال رحمه الله: أن في ذلك حماية لحدود الشريعة ، فإن النهي عن الصوم قبل رمضان بيوم أو بيومين لئلا يتجرأ أحد فيقول : سأصوم احتياطا ، فإن هذا من تعدي الحدود ، كيف تحتاط في أمر حدده الله عز وجل حيث قال :{ فمن شهد منكم الشهر فليصمه }[39]
التسهيل في صوم يوم الشك:
من لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وكانت السماء ليس دونها غيوم لم يكن له صوم يوم الشك لا فرضا ولا نفلا إلا لمن يوافق صوما كان يصومه وذلك لما ثبت من حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقدّموا رمضان بيوم أو يومين إلا من كان يصوم صوما فليصمه.[40]
وفي رواية : لا تقدموا الشهر بيوم ولا يومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم.[41]
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه ورأى أكثرهم إن صامه فكان من شهر رمضان أن يقضي يوما مكانه.[42]
وقال رحمه الله:حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم: كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول شهر رمضان لمعنى رمضان وإن كان رجل يصوم صوما فوافق صيامه ذلك فلا بأس به عندهم.[43]
قال النووي رحمه الله :وأما إذا صامه تطوعا ، فإن كان له سبب بأن كان عادته صوم الدهر ، أو صوم يوم وفطر يوم ، أو صوم يوم معين كيوم الاثنين فصادفه جاز صومه بلا خلاف بين أصحابنا . . . ودليله حديث أبي هريرة : لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ، وإن لم يكن له سبب فصومه حرام.[44]
ما معنى كراهة تقدم رمضان بالصوم :
قال ابن رجب رحمه الله ولكراهة التقدم عند أهل العلم ثلاثة معان:
أحدها: أنه على وجه الاحتياط لرمضان، فينهى عن التقدم قبله؛ لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى؛ حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم. وخرّج الطبراني وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أناسا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قَبْل النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل اللَّه عزوجل: { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله و رسوله} ؛ ولهذا نهي عن صيام يوم الشك. قال عمار: من صامه فقد عصى أبا القاسم .صلى الله عليه وسلم
والمعنى الثاني: أنه للفصل بين صيام الفرض والنفل. فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع؛ ولهذا حرم صيام يوم العيد. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام. وخصوصا سنة الفجر قبلها، فإنه يُشرع الفصل بينها وبين الفريضة؛ ولهذا يشرع صلاتها في البيت والاضطجاع بعدها. ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر قال له: «آلصبح أربعا؟»[45]. وفي "المسند" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افصلوا بينها وبين المكتوبة، ولا تجعلوها كصلاة الظهر» . وفي سنن أبي داود أن رجلا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلم، قام يَشْفَع، فوثب عليه عمر، فأخذ بمنكبيه فهزه، ثم قال: اجلس؛ فإنه لم يَهْلِك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن لصلاتهم فصل. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره. فقال:أصاب اللَّه بك يا ابن الخطاب[46] .
والمعنى الثالث: أنه أمر بذلك للتَّقَوِّي على صيام رمضان؛ فإن مواصلة الصيام قد تُضْعِف عن صيام الفرض. فإذا حصل الفطر قبله بيوم أو يومين كان أقرب إلى التَّقَوِّي على صيام رمضان، فالفطر بنية التقَوِّي لصيام رمضان، حَسَنٌ لمن أضعفه مواصلةُ الصيام، كما كان عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يَسْرُد الفطر أحيانا، ثم يسرد الصوم؛ ليتقوى بفطره على صومه، ومنه قول بعض الصحابة: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ، ولربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام؛ولهذا يقولون: هي أيام توديع للأكل،وتسمى تنحيسا، واشتقاقه من الأيام النحسات.
ومن قال: هو تنهيس -بالهاء- فهو خطأ منه، ذكره ابن درستويه النحوي ،وذكر أن أصل ذلك مُتَلَقًّى من النصارى، فإنهم يفعلونه عند قرب صيامهم، وهذا كله خطأ، وجهل ممن ظنه.[47]
صوم الدهر :
اختلف أهل العلم في حكم صوم الدهر أو صوم الأبد[48] على أقوال أربعة ،أرجحها من قال بالتحريم، والأدلة على ذلك مايلي :
عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال : جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلميسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلمفلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلمفقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله أتي لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.[49]
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : إنك لتصومُ الدهرَ وتقومُ الليلَ ؟ فقلت : نعم ، قال : إنك إذا فعلت ذلك هَجَمَت له العينُ ونَفِهَت له النفس لا صام من صام الدهر.[50]
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذُكر له صومي ، فدخل عليَّ ، فألقيتُ له وسادة من أَدَم حَشْوُها ليف ، فجلس على الأرض وصارت الوسادة بيني وبينه فقال : أما يكفيك من كل شهر ثلاثةُ أيام ؟ قلت : يا رسول الله ، قال : خمساً ؟ قلت : يا رسول الله قال : سبعاً ؟ قلت : يا رسول الله ، قال : تسعاً ؟ قلت : يا رسول الله ، قال إحدى عشرة ؟ قلت : يا رسول الله ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا صوم فوق صوم داود ، شطرُ الدهر ، صُمْ يوماً وأَفطر يوماً.[51]
وفي لفظ : لا صام من صام الأبد لا صام من صام الأبد لا صام من صام الأبد.[52]
عن عبد الله بن الشِّخّير رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من صام الأبد فلا صام ولا أفطر.[53]
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : سئل –أي :النبي صلى الله عليه وسلم- عن صيام الدهر ؟ فقال : لا صام ولا أفطر ، أو ما صام وما أفطر.[54]
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صام الدهر ضُيِّقت عليه جهنمُ هكذا ، وعقد تسعين.[55]
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : إن فلاناً لا يفطر نهاراً الدهرَ إلا ليلاً ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا صام ولا أفطر.[56]
قال شيخنا محمد علي آدم الأثيوبي حفظه الله:عندي أرجح الأقوال من قال بتحريم صيام الدهر، لظواهر الأدلة كحديث:"لا صام ولا أفطر"،وحديث :"من رغب عن سنتي فليس مني"،قاله النبي صلى الله عليه وسلم لمن قال :أصوم،ولا أفطر،وحديث :"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"،وحديث :" ضيقت عليه جهنم"،وحديث :"كل بدعة ضلالة ،وكل ضلالة في النار"،وغير ذلك.
فإن هذه الأدلة إذا لم تفد التحريم ،فما الذي تفيده ؟ ،إن هذا لشيء عجب عجاب.[57]
تحريم الوصال :
الوصال بالصيام هو أن يصوم يومين أو أكثر بدون أن يفطر ،وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام وكان الله تعالى يعطيه القوة على ذلك ، ولكنه نهى أمته عن ذلك شفقة عليهم ، ورحمة بهم .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تواصلوا . قالوا : إنك تواصل . قال : إني لست مثلكم ، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني . فلم ينتهوا عن الوصال ، قال : فواصل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يومين أو ليلتين ثم رأوا الهلال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو تأخر الهلال لزدتكم ، كالمنكّل لهم.[58]
عن عائشة رضي الله عنها قالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوِصال رحمةً لهم ، فقالوا : إنك تواصل ؟ قال : إني لست كهيئتكم ، إني يطعمني ربي ويسقينِ.[59]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال قالوا إنك تواصل قال: إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى.[60]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والوصال. مرتين قيل إنك تواصل قال : إني أبيت يطعمني ربي ويسقين فاكلفوا من العمل ما تطيقون.[61]
وعنه رضي الله عنه أيضا قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال ، فقال رجل من المسلمين : فإنك يا رسول الله تواصل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأيُّكم مثلي ؟ إني أَبِيتُ يطعمني ربي ويسقيني ، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ، ثم رأوا الهلال ، فقال : لو تأخَّر الهلال لزدتكم ، كالمنكِّلِ لهم حين أبوا أن ينتهوا.[62]
عن أنس رضي الله عنه قال : واصل النبي صلى الله عليه وسلم آخر الشهر وواصل أناس من الناس فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقين.[63]
و عنه رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:لا تواصلوا. قالوا إنك تواصل قال : لست كأحد منكم إني أطعم وأسقى أو إني أبيت أطعم وأسقى.[64]
وعن ليلى امرأة بشير بن الخصاصيَّة قالت : أردتُ أن أصوم يومين مواصلةً ، فمنعني بشير ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، وقال : يفعل ذلك النصارى.[65]
قال ابن قدامة رحمه الله : والوصال مكروه في قول أكثر أهل العلم.[66]
وقال النووي رحمه الله :أما حكم الوصال فهو مكروه بلا خلاف عندنا , وهل هي كراهة تحريم أم تنزيه ؟ فيه وجهان .. (أصحهما) عند أصحابنا وهو ظاهر نص الشافعي كراهة تحريم.[67]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:والذي يظهر في حكم الوصال التحريم.[68]
جواز الوصال إلى السحر:
يجوز لمن أراد أن يواصل في الصيام إلى السحر على الراجح من أقوال أهل العلم ،وبه قال أحمد وإسحاق ، ومحمد بن المنذر وابن خزيمة وابن حجر وغيرهم.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا تواصلوا ، فأيُّكم أراد أن يواصل فلْيواصل حتى السَّحَر ، قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله ؟ قال : إني لست كهيئتكم ، إني أبيت لي مُطْعِمٌ يُطعمني ، وساقٍ يَسقيني.[69]
قال ابن القيم رحمه الله :وهذا القول أعدل الأقوال ، أن الوصال يجوز من سحر إلى سحر ، وهو أعدل الوصال وأسهله على الصائم.[70]
ما معنى قوله " يطعمني ويسقين :
اختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إني أطعم وأسقى" وقوله : "إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني "، على أقوال من أظهرها:
الأول : إن الحديث على ظاهره ، وإن الله عز وجل يطعم النبي صلى الله عليه وسلم من طعام الجنة ، وطعامها لا يفطر ، كرامة له لا تشاركه فيه الأمة .
وقد ردّه العلامة ولي الدين العراقي رحمه الله بقوله : ورد هذا بأنه لو أكل حقيقة لم يكن مواصلا وبقوله في حديث أنس في الصحيحين : "إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني "، ولفظة أظل لا تكون إلا في النهار ولا يجوز الأكل الحقيقي في النهار بلا شك ومن قال هذا الجواب لعله يخص منع الأكل نهارا بطعام الدنيا دون طعام الجنة أو يؤول لفظة أظل على مطلق السكون ويخرجها عن حقيقتها وكلا منها بعيد والله أعلم .[71]
وضعفه النووي وقال : لو كان حقيقة لم يكن مواصلاً.
وضعفه ابن القيم كذلك وقال : إنه غلِط من قال : إنه كان يأكل ويشرب طعاماً وشراباً يتغذى به بدنه لوجوه :
أحدهما : أنه قال ( أظل عند ربي يطعمني ويسقيني ) ولو كان أكلاً وشراباً لم يكن وصالاً ولا صوماً .
الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنه ليس كهيئتهم في الوصال ، فإنهم إذا واصلوا تضرروا بذلك ، وأما هو صلى الله عليه وسلم فإنه إذا واصل لا يتضرر بالوصال ، فلو كان يأكل ويشرب لكان الجواب : وأنا أيضاً لا أواصل ، بل آكل وأشرب ، كما تأكلون وتشربون فلما قررهم : إنك تواصل ، ولم ينكر عليهم ، دلّ على أنه كان مواصلاً وأنه لم يكن أكلاً وشراباً يفطر الصائم .
الثالث : أنه لو كان أكلاً وشراباً يفطر الصائم لم يصح الجواب بالفارق بينهم وبينه ، فإنه حينئذٍ صلى الله عليه وسلم هو وهم مشتركون في عدم الوصال ، فكيف يصح الجواب بقوله : لست كهيئتكم.[72]
الثاني : أن معناه أن الله يخلق فيه من الشبع والريّ ما يغنيه عن الطعام والشراب.
وقد ردّه القرطبي رحمه الله بقوله :وهذا القول يبعده النظر إلى حاله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يجوع أكثر مما يشبع ويربط على بطنه الحجارة من الجوع ويبعده أيضا النظر إلى المعنى وذلك أنه لو خلق فيه الشبع والري لما وجد لعبادة الصوم روحها الذي هو الجوع والمشقة وحينئذ كان يكون ترك الوصال أولى انتهى وأما ابن حبان فإنه ضعف حديث وضع الحجر على بطنه من الجوع بهذا الحديث إما حملا له على ظاهره كما سيأتي في الجواب الذي بعده وإما تمسكا بهذا الجواب الذي نحن فيه فقال هذا الخبر دليل على أن الأخبار التي فيها ذكر وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه كلها أباطيل ، قال وإنما معناه الحجز لا الحجر والحجز طرف الإزار إذ الله جل وعلا كان يطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسقيه إذا واصل فكيف يتركه جائعا مع عدم الوصال حتى يحتاج إلى شد حجر على بطنه ؟ وما يغني الحجر عن الجوع.[73]
الثالث : أن معناه أن محبة الله تشغلني عن الطعام والشراب والحب البالغ يشغل عنهما.[74]
الرابع : أنه صلى الله عليه وسلم أعطي قوة الطاعم الشارب وليس المراد حقيقة الأكل والشرب والمراد منه ما يغذيه الله به من معارفه ، وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته ، وقرة عينه بقربه ، وتنعمه بحبه ، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونعيم الأرواح .
ورجح هذا القول ابن القيم رحمه الله حيث قال : وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان ، ومن له أدنى تجربة وشوق ، يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني ، ولا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قد قرت عينه بمحبوبه ، وتنعم بقربه ، والرضى عنه.[75]
لا تصوم المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه :
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقالت يا رسول الله إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس قال: وصفوان عنده قال فسأله عما قالت فقال يا رسول الله أما قولها يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها قال فقال لو كانت سورة واحدة لكفت الناس وأما قولها يفطرني فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها وأما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس قال فإذا استيقظت فصل.[76]
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء أن يصُمن إلا بإذن أزواجهن.[77]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.


الحواشي :
[1] ـ أخرجه البخارى (1884) ، ومسلم (1144)
[2] ـ أخرجه البخارى (1885)
[3] ـ أخرجه أحمد (27121) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (225)،وفي " صحيح الجامع" (3852).
[4] ـ أخرجه البيهقي (8280)، وأحمد (26750), ،والنسائي في الكبرى (2788)، و ابن حبان في "صحيحه"(3616) وصححه ،و ابن خزيمة في "صحيحه"(2167)،وصححه،والحاكم في "مستدركه"( 1593)وصححه ووافقه الذهبي، كلهم عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن كريب به .
وهوحديث حسن ، خلافا لمن ضعفه بحجة جهالة حال راويين وهما :عبدالله بن محمد بن عمر وأبيه،وهو مردود :
فإن عبد الله بن محمد بن عمر هو : عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو محمد، وأمه: خديجة بنت علي بن الحسين، يلقب بدافن. روى عن: أبيه، عن جده. روى عنه: ابنه عيسى بن عبد اللّه، وابن المبارك، وأبو أسامة، وغيرهم. قال ابن سعد: مات آخر زمن أبي جعفر روى له: أبو داود، انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/ 3546).
ومحمد" بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي أمه أسماء بنت عقيل روى عن جده مرسلا وأبيه وعمه محمد بن الحنفية وابن عمه علي بن الحسين بن علي والعباس بن عبيد الله بن العباس وعبيد الله بن أبي رافع وكريب مولى ابن عباس وغيرهم روى عنه أولاده عبد الله وعبيد الله وعمر وابن جريج وابن إسحاق ويحيى بن أيوب وهشام بن سعد وغيرهم قال بن سعد قد روى عنه وكان قليل الحديث وكان قد أدرك أول خلافة بني العباس وذكره ابن حبان في الثقات قلت وقال روى عن علي ذكره ابن حبان في " الثقات "، وأكثر روايته عن أبيه وعن على بن الحسين. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، والثوري. كنيته: أبو عبد اللّه، وأمه: أسماء بنت عقيل بن أبي طالب، وكثر روايته عن أبيه، وعليّ بن الحسن. وجده: عمر بن علي بن أبي طالب، ذكره ابن حبان. أيضاً في" الثقات "، وقال: يروي عن: أبيه، روى عنه: ابنه محمد بن عمر، قتل سنة سبع وستين، أمه: أم النجوم بنت جندب بن عمرو، وفي " الكمال " قال أحمد بن عبد اللّه: هو تابعي ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه ،انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (12/ 4289) .
قال البرقاني : قلت للدارقطني الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن ابيه عن جده عن علي ،فقال:كلهم ثقات.
وقال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري"(2/711):محمد بن عمر بن علي وثقه الدارقطني وغيره.
وقبل حديثه الألباني / كما في " الصحيحة" (1904)
انظر :"التاريخ الكبير" (5/187)، و"الجرح والتعديل" (5/155)، و"الثقات" لابن حبان (5/353)و"سؤالات البرقاني" (ص22)، و"تهذيب الكمال" (16/94)، و"التهذيب" (6/16)، و"التقريب" (321/ت3595),"ميزان الاعتدال"(3/668)
وممن صحّح هذا الحديث:
ـ شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاقتضاء"(2/575)
ـ ابن القيم الجوزية في" زاد المعاد" 2/79 :((أراه حسنا))
ـ ابن مفلح كما في "الفروع" (3/92)- قال :"صححه جماعة وإسناده جيد"
ـ وحسنه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام(4/269)
ـ الشيخ عبد العزيز ابن باز كما في "مجموع الفتاوى"(15/411)
وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٤٨٠٣) ثمَّ ترجَّح عنده ضعفُ إسناده كما بيَّنه في «السلسلة الضعيفة» (٣/ ٢١٩) وفي «الإرواء» (٤/ ١٢٥)، ثمَّ قال على هامش «الإرواء»: «وقد حسَّنتُه فى تعليقى على «صحيح ابن خزيمة» (٢١٦٨) ولعلَّه أقرب فيعاد النظر».
وقال الشيخ عبد القادر الأرنؤوط وشعيب في تعليقهما على الحديث في «زاد المعاد» لابن القيِّم (٢/ ٧٨): «وسنده حسنٌ لأنَّ عبد الله بن عمر وأباه قد وثَّقهما ابن حبَّان وروى عنهما أكثرُ من واحدٍ».
[5] ـ أخرجه البخارى (3238) ، ومسلم (1159)
[6] ـ أخرجه البخاري (1124)
[7] ـ أخرجه أحمد (27120) ، وأبو داود (2421). والنسائي (2762) ، والترمذى (744) وقال : حسن . وابن ماجه (1726) ، والحاكم (1592) وقال : صحيح على شرط البخارى . والبيهقي (8276) . وابن خزيمة (2164) ، والطبراني (820) ،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(2421).
[8] ـ "سنن الترمذي" (3/120).
[9] ـ "المغني" (3/171).
[10] ـ "فيض القدير" (6/408).
[11] ـ "نيل الأوطار"( 4/340).
[12] ـ "فتاوى منار الإسلام" (2/365-366).
[13] ـ "شرح مسلم" (3/155)
[14] ـ "الإرشاد "(ص :276)
[15] ـ "الباعث الحثيث" (2/482) .
[16] ـ "أضواء البيان" (2/304) .
[17] ـ الأئمة الذين لم يقبلوه:
1 . ابن شهاب الزهري ( ت 124) قال: حديث حمصي ولم يعده حديثاً كما قال الطحاوي.
2. الأوزاعي (ت 157) قال: ما زلت له كاتماً حتى رأيته انتشر.
3. مالك بن أنس (ت 179) قال: هذا كذب.
4. يحيى بن سعيد القطان ( ت 194 ) أبى أن يحدث الإمامَ أحمد به وكان ينفيه.
5. أحمد بن حنبل (ت 241) وقد نقل عنه ذلك الأثرم كما في الاقتضاء لابن تيمية.
6. أبو بكر بن الأثرم ( ت 261 ) قال: شاذ أو منسوخ كما في الاقتضاء.
7. أبو داود ( ت 275) قال: منسوخ، نسخه حديث جويرية .
8. النسائي ( ت 303 ) قال: مضطرب.
9. الطحاوي ( ت 321 ) قال: شاذ.
10. ابن العربي ( ت 543 ) قال: لم يصح فيه الحديث.
11. ابن تيمية ( ت 728) قال في الاقتضاء: شاذ أو منسوخ.
12. ابن القيم ( ت 751 ) قال في "تهذيب السنن": شاذ أو منسوخ.
13. ابن مفلح ( ت 762 ).
14. ابن حجر ( ت 852 ) قال: مضطرب.
15. ومن المعاصرين العلامة ابن باز فقال: منسوخ أوشاذ، وشيخنا ربيع بن هادي وغيرهم.
[18] ـ اتفق العلماء الذين قالوا بصحة حديث عبد الله بن بسر في النهي عن صيام السبت على حمل هذا النهي على الكراهة :
1. الترمذي ( ت 279 ) قال: حسن.
2. ابن خزيمة ( ت 311 ) أورده في صحيحه.
3. ابن حبان ( ت 354 ) أورده في صحيحه.
4. الحاكم ( ت 405 ) قال في المستدرك: صحيح على شرط البخاري.
5. ابن السكن ( ت 353 ) ذكره الشيخ الألباني في المصححين.
6. الضياء المقدسي ( ت 643 ) في المختارة.
7. ابن قدامة ( ت 620 ) قال في الكافي: وهذا حديث حسن صحيح.
8. النووي ( ت 676 ) قال في المجموع : يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له لحديث الصماء.
9. ابن عبد الهادي ( ت 744 ).
10. الذهبي ( ت 748 ) أقر الحاكم على قوله: صحيح على شرط البخاري.
11. العراقي ( ت 806 ) قال: حديث صحيح.
12. ابن الملقن ( ت 804 ) قال: والحق أنه حديث صحيح غير منسوخ.
[19] ـ وأما ما نقله بعضهم عن الإمام الطحاوي : أنه نقل قول السلف بتحريم صيام يوم السبت فليس بصحيح فقد قال في "شرح معاني الآثار"ما نصه (قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بصومه بأساً)
وما ذكره ليس فيه أنهم قالوا بالتحريم أو عدم جواز صيامه بل إنهم قالوا بالكراهة فقط، وهو : يذكر المذهبين المشهورين في هذه المسألة، الأول: كراهة صومه وتزول هذه الكراهة إما باقترانه بغيره أو موافقته لعادة أو عدم تخصيصه بالصوم، و الثاني: عدم الكراهة، فيظهر من ذلك أن من استشهد بكلام الطحاوي على نقله عن السلف القول بالتحريم لا يؤيد مذهبه
[20] ـ "مجموع الفتاوى" (27/201)
[21] ـ "فيض القدير" (4/230)
[22] ـ في الشريط(182) من "سلسلة الهدى والنور"
[23] ـ "الإرشاد"(ص :276)
[24] ـ "المنحة الرضية في شرح التحفة المرضية"(1/433ـ 434)
[25] ـ أخرجه البخاري (1189)ومسلم ( 1397 )
[26] ـ "فتح الباري"(3/64)
[27] ـ "مجموع الفتاوى"(27/21)
[28] ـ أخرجه البخاري (6484) ومسلم (1676).
[29] ـ مابين المعكوفتين نقلته من مقال معنون بــ" القول القويم في استحباب صيام يوم السبت في غير الفرض من غيرتخصيص ولا قصد تعظيم"لأسامة العتيبي.
[30] ـ "إعلام الموقعين"(ص : 283)
[31] ـ "السير" (14/374)
[32] ـ "السير" (14/40).
[33] ـ أخرجه البيهقي (7741)،والحاكم (1542) وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ،والترمذي (686)،والنسائي (2188)،وفي "الكبرى"( 2498)،وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي (686)،وصححه شيخنا محمد علي آدم الأثيوبي في " ذخيرة العقبى"(21/33)
[34] ـ "زاد المعاد"(2/36)
[35] ـ "فتح الباري"(4 /128).
[36] ـ "سبل السلام"(1/558)
[37] ـ"الدرر البهية من الفوائد البازية"(ص :103).
[38] ـ "شرح رياض الصالحين" (3/394)
[39] ـ " شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام"
[40] ـ أخرجه البخاري (1914) ومسلم (1082)
[41] ـ أخرجه الترمذى (684) وقال : حسن صحيح . والبيهقي (7733) . وأخرجه أيضا : أحمد (10455) ، والدارقطنى (2/159)،وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(684).
[42] ـ "سنن الترمذي" (3/70)
[43] ـ "سنن الترمذي"(3/68)
[44] ـ "المجموع" (6/400)،بتصرف يسير.
[45] ـ البخاري (663) ومسلم (711).
[46] ـ أخرجه أحمد (23121)،وأبو يعلى (7166)،وصححه الألباني في "الصحيحة"( 2549).
[47] ـ "لطائف المعارف"(1/ 158)
[48] ـ أي سرد الصوم في جميع الأيام ماعدا الأيام التي لا يصح صومها كالعيدين وإفراد الجمعة ونحوها.
[49] ـ أخرجه البخارى (4776) .
[50] ـ أخرجه البخارى (1878).
[51] ـ أخرجه البخاري (1879).
[52] ـ أخرجه مسلم ( 1159 ).
[53] ـ أخرجه الطيالسى (1147) ، وأحمد (16347) ، والنسائي (2380) ، والحاكم (1590) وقال : صحيح على شرط الشيخين . والضياء (453) .وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 6323).
[54] ـ أخرجه مسلم ( 1162 )
[55] ـ أخرجه ابن خزيمة (2154) ، وابن حبان (3584) ، والبزار (3062) ، وأحمد (19728) ، والطيالسى (513) ، وابن أبى شيبة (9553) ، والبيهقي (8260) . وصححه الألباني في "الصحيحة" ( 3202 ).
[56] ـ أخرجه النسائي (2379)،وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 2379).
[57] ـ "البحر المحيط الثجاج"(21/453).
[58] ـ أخرجه البخاري (7299) ومسلم (1103)
[59] ـ أخرجه البخاري (1863).
[60] ـ أخرجه البخاري (1861)
[61] ـ أخرجه البخاري (1865)
[62] ـ أخرجه البخاري (1864)،ومسلم (1103).
[63] ـ أخرجه البخاري (6814)
[64] ـ أخرجه البخاري (1860)،ومسلم (1104).
[65] ـ اخرجه أحمد (22005)وعبد بن حميد (429)وصححه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة"(ص : 176).
[66] ـ "المغني" (4/436)
[67] ـ "المجموع" (6/357)
[68] ـ "الشرح الممتع" (6/443)
[69] ـ أخرجه البخاري (1862)
[70] ـ "زاد المعاد"(2/30)
[71] ـ "طرح التثريب"(4/133)
[72] ـ "مفتاح دار السعادة"(1/36)
[73] ـ انظر: فتح الباري (4/ 208).
[74] ـ حكاه النووي في "المجموع"(6/358)
[75] ـ "زاد المعاد" (2/30)
[76] ـ أخرجه أحمد (11776)،البيهقي (8282)،والحاكم (1594)،وأبو داود (2459)،وابن حبان (1488)،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2459).
[77] ـ أخرجه ابن ماجه (1762)، وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"( 1762).


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الهضابي ; 28 Sep 2017 الساعة 09:36 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 Jun 2016, 06:04 PM
أبو أيوب صهيب زين أبو أيوب صهيب زين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
الدولة: بسكرة
المشاركات: 351
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31 May 2018, 04:13 PM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي

وإياك أخي الكريم
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تطوع, صيام, فقه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013