منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 Mar 2014, 10:47 AM
أبو يونس دراوي لعرج أبو يونس دراوي لعرج غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 153
افتراضي تقوية باعث الدين

قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله رحمةً واسعة ـ في "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" (ص58):

"فصل:

و أما تقوية باعث الدين فإنه يكون بأمور:

أحدها: إجلال الله تبارك وتعالى أن يعصى وهو يرى ويسمع، ومن قام بقلبه مشهد إجلاله لم يطاوعه قلبه لذلك ألبته.

الثاني: مشهد محبته سبحانه فيترك معصيته محبة له، فإن المحب لمن يحب مطيع، وأفضل الترك ترك المحبين كما أن أفضل الطاعة طاعة المحبين، فبين ترك المحب وطاعته وترك من يخاف العذاب وطاعته بون بعيد.

الثالث: مشهد النعمة والإحسان، فإن الكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه، وإنما يفعل هذا لئام الناس، فليمنعه مشهد إحسان الله تعالى ونعمته عن معصيته حياء منه أن يكون خير الله وإنعامه نازلا إليه، ومخالفاته ومعاصيه وقبائحه صاعدة إلى ربه، فملك ينزل بهذا وملك يعرج بذاك، فأقبح بها من مقابلة.

الرابع: مشهد الغضب والانتقام، فإن الرب تعالى إذا تمادى العبد في معصيته غضب وإذا غضب لم يقم لغضبه شيء، فضلا عن هذا العبد الضعيف.

الخامس: مشهد الفوات وهو ما يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة وما يحدث له بها من كل اسم مذموم عقلا وشرعا وعرفا، وتزول عنه من الأسماء الممدوحة شرعا وعقلا وعرفا، ويكفي في هذا المشهد مشهد فوات الإيمان الذي أدنى مثقال ذرة منه خير من الدنيا وما فيها أضعافا مضاعفة، فكيف أن يبيعه بشهوة تذهب لذاتها وتبقى تبعتها، تذهب الشهوة وتبقى الشقوة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: "لا يزني الزاني حين يزنى وهو مؤمن".
قال بعض الصحابة: "ينزع منه الإيمان حتى يبقى على رأسه مثل الظلة، فإن تاب رجع إليه"، وقال بعض التابعين" "ينزع عنه الإيمان كما ينزع القميص فإن تاب لبسه"، ولهذا روى عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: "الزناة في التنور عراة" لأنهم تعروا من لباس الإيمان وعاد تنور الشهوة الذي كان في قلوبهم تنورا ظاهرا يحمى عليه في النار.

السَّادس: مشهد القهر والظفر، فان قهر الشهوة والظفر بالشيطان له حلاوة ومسرة وفرحة عند من ذاق ذلك أعظم من الظفر بعدوه من الآدميين، وأحلى موقعا وأتم فرحة، وأما عاقبته فأحمد عاقبة، وهو كعاقبة شرب الدواء النافع الذي أزال داء الجسد وأعاده إلى صحته واعتداله.

السابع: مشهد العوض، وهو ما وعد الله سبحانه من تعويض من ترك المحارم لأجله ونهى نفسه عن هواها، و ليوازنه بين العوض المعوض فأيهما كان أولى بالإيثار اختاره وارتضاه لنفسه.

الثامن: مشهد المعية، وهو نوعان: معية عامة ومعية خاصة ، فالعامة اطلاع الرب عليه وكونه بعينه لا تخفى عليه حاله وقد تقدم هذا، والمقصود هنا المعية الخاصة كقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، فهذه المعيَّة الخاصة خير وأنفع في دنياه وآخرته ممن قضى وطره ونال شهوته على التمام من أول عمره إلى آخره، فكيف يؤثر عليها لذة منغصة منكدة في مدة يسيرة من العمر، إنما هي كأحلام نائم أو كظل زائل.

التاسع: مشهد المغافصة والمعاجلة وهو أن يخاف أن يغافصه الأجل فيأخذه الله على غرة، فيحال بينه وبين ما يشتهى من لذات الآخرة، فيالها من حسرة ما أمرها وما أصعبها، لكن ما يعرفها إلا من جربها، وفي بعض الكتب القديمة: "يا من لا يأمن على نفسه طرفة عين ولا يتم له سرور يوم، الحذر الحذر".

العاشر: مشهد البلاء والعافية ، فان البلاء في الحقيقة ليس إلا الذنوب وعواقبها، والعافية المطلقة هي الطاعات وعواقبها فأهل البلاء هم أهل المعصية وإن عوفيت أبدانهم ، وأهل العافية هم أهل الطاعة وإن مرضت أبدانهم، وقال بعض أهل العلم: في الأثر المروي "إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية" فإن أهل البلاء المبتلون بمعاصي الله والأعراض والغفلة عنه، وهذا وإن كان أعظم البلاء فاللفظ يتناول أنواع المبتلين في أبدانهم وأديانهم، والله أعلم.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 26 Apr 2014 الساعة 03:35 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 Apr 2014, 03:36 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاكم الله خيرا على هذا النقل الطيب.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل بما فيه، فإنه من عزيز العلم وجوهر الكلام.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 Jun 2014, 07:47 PM
أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 196
افتراضي

جزاكم الله خيرا موضوع مبارك حقا وأضيف إلى ما سبق بقيت المشاهد التي ذكرها العلامة الإمام ابن القيم في كتابه المذكور والتي بلغت بمجموعها عشرون مشهدا

الحادي عشر: أن يعود باعث الدين ودواعيه مصارعة داعى الهوى ومقاومته على التدريج قليلا قليلا.
الثانى عشر: كف الباطل عن حديث النفس.
الثالث عشر: قطع العلائق والأسباب.
الرابع عشر: صرف الفكر إلى عجائب آيات الله.
الخامس عشر: التفكر في الدنيا وسرعة زوالها.
السادس عشر: تعرضه إلى من القلوب بين أصبعيه وأزمة الأمور بيديه وانتهاء كل شيء اليه على الدوام فلعله أن يصادف أوقات النفحات.
السابع عشر: أن يعلم العبد بأن فيه جاذبين متضادين ومحنته بين الجاذبين جاذب يجذبه إلى الرفيق الأعلى من أهل عليين وجاذب يجذبه إلى أسفل سافلين.
الثامن عشر: أن يعلم العبد أن تفريغ المحل شرط لنزول غيث الرحمة.
التاسع عشر: أن يعلم العبد أن الله سبحانه خلقه لبقاء لافناء له ولعز لا ذل معه وأمن لا خوف فيه.
العشرون: أن لا يغتر العبد باعتقاده أن مجرد العلم بما ذكرنا كاف في حصول المقصود.


كما لا يفوتني أن أتحفكم بمحاضرة جد قيمة للشيخ عبد الرزاق البدر والتي قام جزاه الله خيرا بشرح هذه المشاهد، فسماعا نافعا ..
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=38214
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013