منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 06 Jan 2020, 01:54 PM
فتحي إدريس فتحي إدريس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 48
افتراضي أنعم به معلِّمَ قرآنٍ بصعفقة (ردٌّ على أزهر سنيقرة)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمَّد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد:
فقد وقفت بأَخَرَة على جوابٍ لأزهر سنيقرة متعلِّق بجواز تعلُّم القرآن عند من ينبزونهم بالصَّعافقة، يؤكِّدون فيه التَّبديع الَّذي كانوا ينفونه عن أنفسهم ويخيِّلون إلى أتباعهم أنَّهم بعيدون عنه، فبعد صوتيَّته التي ذكرَ أنَّ من «علامة أهل الأهواء الوقيعة في أهل الأثر» هذه صوتيَّة أخرى تؤكِّد نظرتهم، وأنَّهم تدرَّجوا شيئًا فشيئًا في كلِّ شيءٍ حتَّى يعتاده الأتباع كما تدرَّجوا في فصل الشَّباب عن علمائهم كالشَّيخ ربيع بن هادي المدخلي وعبيد الجابري حفظهما الله وعودوهم انتقاصهم والطعن فيهم حتى تلقَّف ذلك الأتباع وصاروا يدينون به، والله المستعان.
والمقصود أنَّ ما أجاب به، فضلا عن كونه مجانبًا للصَّواب فإنَّه ادعى فيه أشياء خلاف الواقع، فلهذا أحببت أن أقف معه وقفات، لا سيَّما وأن فيه انتقاصًا كبيرًا وحطًّا فظيعًا ممن يلمزونهم بالصَّعافقة، وهذا خلاف العدل والإنصاف، فلذلك كان لا بدَّ من إرجاع الأشياء لنصابها، والله الموفق والمعين.
وهذا نصُّ السؤال وجوابه تامًّا، ويليه الوقفات:
«يقول السَّائل: شيخنا بارك الله فيك هل يجوز تعلم القرآن عند معلِّم صعفوق؟
جواب لزهر سنيقرة: إذا حبيت تدي قرآن بصعفقة؛ لأنَّ هؤلاء لا يصبرون، ما يقدرش يلتزم بتدريس القرآن ويمسك لسانه عن غيره؛ فيعني: السلامة في الدين في المعتقد وفي المنهج هذا لا يعدله شيء، هذا لا يعدله شيء.
والقرآن ولله الحمد والمنة تعليمه ماهوش حكر على الصعافقة، بل الغالب يعني: الصعافقة ما عندهم لا هذا ولا غيره، ربما هذا طفرة في وسطهم هذا المعلم هذا، أسأل الله أن يهديهم وسائر إخوانه لما يحبه ويرضاه، وأن يخرجهم من هذه البوثقة الخبيثة التي دخلوها أو أدخلوها، وجعلوا الطعن في العلماء وأخيار هذه الأمة هو نهجهم وهو صفتهم وعلامتهم فعليك بغيره يا أخي، عليك بغيره والله أعلم».




أوَّلا:
وأوَّل ذلك مع قوله: «إذا حبيت تدي قرآن بصعفقة» ولو حاولنا تقريب الأمر وتصويره حتَّى نفهم المراد من هذا القول المجمل الذي خرجَ مخرج الهزل، فنقف معه بجدٍّ، فإني أتصوَّر هذا المعلم سيفعل مع متعلمه الآتي:
- فإذا مرَّت الآيات التي فيها التَّنفير من الظُّلم كقوله تعالى: «والله لا يحبُّ الظَّالمين»، «أنَّ لعنة الله على الظَّالمين»، «والله لا يهدي القوم الظَّالمين»، وكذلك آيات الاعتداء «إنَّ الله لا يحب المعتدين» فإنَّه يحذِّر من الظلم بأقسامه: أعظم الظلم وهو الشرك بالله عزَّ وجلَّ، وظلم العباد، وظلم النَّفس، لا سيَّما ظلم العباد، لأنَّ حق الله مبني على المسامحة بخلاف حقوق الآدميين فإنَّها مبنيَّة على المشاحَّة؛ فينفِّره من الظلم ويأمره أن يتحلَّى بخلافه وهو العدل في أقواله وأفعاله: «وإذا قلتم فاعدلوا»، «اعدلوا هو أقرب للتقوى»، حتى لو كان هذا مع المخالِف، ومن الظُّلم: اتهام الأبرياء، والطعن في أعراضهم، ونبزهم بأقبح الألقاب وأسوئها، وتأليب الرَّعاع عليهم.
- وإذا بلغوا لسورة الحجرات فإنَّه يخبرهم بأنها سورة الأخلاق، لاشتمالها على الأخلاق العظيمة الكريمة، واجتمع فيها ما لم يجتمع في غيرها، وأوَّل ذلك أن يبيِّن له أنَّه ليس لأحد أن يتقدم بين يدي الله ورسوله، كما قال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله» فإذا أمر الله ورسوله بالاجتماع ونهوا عن الفرقة فليس لأحد أن يتقدَّم بين أيديهم فيأمر بخلاف هذا.
ويبيِّن له أن الله عزَّ وجلَّ أمر بالتثبُّت من الأخبار والنُّقولات والشَّهادات فقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» فلا تقبل كلَّ خبر نقل إليك وتسلِّم به، بل لا بدَّ من التفتيش والتنقيب، وكم من خبر تلقاه الناس وتناقلوه ثم ظهر أنه كذب لا أساس له من الصِّحة، وقد خاضوا اعتمادا واستنادا إليه في كثير من الأعراض.
وأن الله سبحانه وتعالى أمر بالصُّلح وندب عباده إليه إن فئتان من المؤمنين اقتتلوا فقال سبحانه: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما» الآية، فلا تسمع لقولِ من يأمر بعدم الاجتماع ويحض على الفرقة، وفي حال بغت إحداهما على الأخرى فلا بدَّ من الأخذ بيدها وعدم الوقوف في صفِّها بل لا بد من ردِّ ظلمها، إقامة للعدل والقسط الذي أمر الله عز وجل به، ثم أكد سبحانه أن المؤمنون إخوة فقال: «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم»، فإن تمادى الظالم في ظلمه فلا بدَّ من الرَّدِّ عليه والتحذير منه.
ويحذره من التنابز بالألقاب لأن الله عز وجل نهى عنه فقال: «ولا تنابزوا بالألقاب».
وكذلك يحذره من سوء الظن بإخوانه وكم من قصور شيدت وبنيت على ظنون فاسدة سيئة، فلما تثبت من أصحابها وروجعوا تبيَّن أنها سراب، فقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم».
وحذر سبحانه من التجسس والغيبة، فقال: «ولا تجسسوا ولا يغتب بعضهم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه»، وكم حاول بعضهم التجسس بل همَّ بسرقة الهواتف وتتبع العورات، وكم من لحوم نهشت وأكلت بهذه الغيبة في مجامع كثيرة من النَّاس، بل جاوز الأمر الغيبة إلى البهتان، سلمنا الله وعافانا.
- ويبين له خطر الإشاعات وتناقل الأخبار دون تثبت منها إذا بلغ سورة النُّور وأنَّ الله عزَّ وجلَّ ذكر فيها حادثة الإفك التي بقيت عبرةً وعظة، وأنَّ الله وصف حال هؤلاء الذين يتناقلون الأخبار ويتسارعون في نقلها فقال: «إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم».
وكذلك يحذِّره أن يكون ممن يشيع الفاحشة بين المؤمنين بذكر الأخبار الشَّنيعة التي حقُّها أن تستر لو كانت حقًّا فكيف وكثيرٌ منها باطل، لأنَّ الله يقول: «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
- ويبيِّن له فضيلة الرُّجوع لأهل العلم والأخذ بأقوالهم ونصائحهم وتوجيهاتهم فإن الله عز وجل يقول: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم»، فينبغي التحاكم والرجوع لأهل العلم والصدور عن رأيهم، لا أن يطعن فيهم ويتهموا بالبطانة وأنهم سيقة ويطلبون الأدلة ويفتحون أبوابهم للنقاش فلا يذهب إليهم بل يقدح فيهم؛ ويبين له أن الله عز وجل أمر بسؤال أهل العلم فقال: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» ولم يقيدهم سبحانه وتعالى بقطرٍ ولا ببلدٍ، بل هم المعروفون بأوصافهم من أي أرض الله كانوا، فلا يصحُّ قصر الآية على فلان أو فلان.
- ومع تقديره للعلماء الراسخين الربانيين فإنه يحذره من الغلو فيهم لأن ذلك مدرجة إلى الشرك بالله عزَّ وجلَّ، كما قال ربنا سبحانه: «اتَّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلَّا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عمَّا يشركون»، وكما حذر ربنا من الغلو فقال: «قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقِّ ولا تتَّبعوا أهواء قوم قد ضلُّوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلُّوا عن سواء السبيل» وقال سبحانه: «يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحقَّ» الآية.
- وأن طاعتهم طاعة مقيَّدة بطاعة الله ورسوله كما قال سبحانه: «يا أيها الَّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا».
- ويحذِّره من مغبَّة التَّقليد للرؤساء والكبراء، فقد قال سبحانه: «وقالوا ربَّنا إنَّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلُّونا السَّبيلا»، وقال سبحانه: «إذ تبرَّأ الَّذين اتُّبعوا من الَّذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطَّعت بهم الأسباب وقال الَّذين اتَّبعوا لو أنَّ لنا كرَّة فنتبرَّأ منهم كما تبرَّءوا منَّا» الآية.
وبالجملة، فإنَّه يعلمه القرآن ويوقفه على أحكامه وأخلاقه الرَّفيعة العالية ويحثُّه على العمل بها، كما تعلم الصحابة رضي الله عنهم العلم والعمل جميعًا.

ثانيا:
قوله: «لأنَّ هؤلاء لا يصبرون، ما يقدرش يلتزم بتدريس القرآن ويمسك لسانه عن غيره» أمَّا عدمُ سكوتهم على من خالَفهم فإنَّ هذا المناقب والمحامد التي يذكر بها الرَّجل فيثنى عليه، أنَّه لا يسكت عمن خالفه، ويتكلم فيه بيانا للحق ونصرة لدين الله عز وجل، فهذا من المقامات الرفيعة العالية، ولهذا كان السلف رضي الله عنهم لا يسكتون حتى عن آبائهم ويبينون ضعفهم، وكان الواحد منهم يعرض على السيف بغية أن يسكت عمن خالفه.
فكيف تريده أن يسكت عن الظلم البيِّن؟ وكيف تريده أن يسكت وهو يرى السَّلفيَّة وعلماءها يعبث بهم؟ إنَّ هذا منقبةٌ له أن لا يسكت، وهي شهادة منك نقبلها أنَّ من تلمزونهم بالصَّعافقة لا يسكتون عمن خالفهم.

ثالثا:
قوله: «فيعني: السلامة في الدين في المعتقد وفي المنهج هذا لا يعدله شيء، هذا لا يعدله شيء»، وهذا كلامٌ عامٌّ مجملٌ لا يرجع من السَّامع بكبير فائدة، ولا شكَّ أن السلامة لا يعدلها شيءٌ، ولكن ما هي الأصول التي خالف فيها هذا الذي سئلت عنه؟ فالمقام مقام بيان حكم، فإما أن تبيِّن وإما أن تحيل إلى غيرك، أما هذا الكلام والتَّعمية فغير لائق، لا سيَّما وأنَّ الكلام فيه طعن في دين ومعتقد ومنهج هؤلاء الذين تنبزونهم بالصَّعافقة دون حجة وبيان وبرهان، وأنت سئلت عمن لا تعلم حالَه ولا تعلم حالته أيضا، فليس من تنبزونهم بالصَّعافقة على رتبة واحدةٍ، و«الحكم على الشيء فرع عن تصوُّره»، والذي أوقعك في هذا التخبُّط عدم بنائكم للأمر على أصول صحيحة سديدة مستقيمة، بل الظلم وفقط.

رابعا:
قوله: «والقرآن ولله الحمد والمنة تعليمه ماهوش حكر على الصعافقة، بل الغالب يعني: الصعافقة ما عندهم لا هذا ولا غيره، ربما هذا طفرة في وسطهم هذا المعلم هذا»، وهذا الحكمُ بالغالبِ رجمٌ بالغيبِ، والواقعٌ شاهدٌ بخلافِه، ولكنَّهم ألفوا أن يطلقوا الأحكام والأوصاف دون أدنى تأمُّل ولا بحثٍ ولا نظرٍ، وإنَّ هؤلاء الذين تلمزهم بالصعافقة وتصغِّر من شأنهم وتحقِّر منهم، لأنت أوَّل عارف بمن فيهم ومن في زمرَتهم، ففيهم: الأستاذ الدكتور، وفيهم الدكاترة، وفيهم من يحضر في الدكتوراه، وفيهم الأئمة، وفيهم طلبة العلم البارزون، وفيهم معلموا القرآن، وفيهم المؤذنون، وفيهم حتى في المجالات الأخرى من شتى المجالات، بحمد الله تعالى، «قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم»، فالحمد لله على فضله وإنعامه ونسأله سبحانه وتعالى أن لا يكلنا إلى أنفسنا وأن لا يكلنا إلى أمثالكم ممن يحرمون غيرهم كلَّ فضيلةٍ، فليس طفرة فيهم بل هذا الأصل، ونسأل الله أن يكثر من أمثاله وأن يزيدهم.

خامسا:
قوله: «أسأل الله أن يهديهم وسائر إخوانه لما يحبه ويرضاه، وأن يخرجهم من هذه البوثقة الخبيثة التي دخلوها أو أدخلوها، وجعلوا الطعن في العلماء وأخيار هذه الأمة هو نهجهم وهو صفتهم وعلامتهم فعليك بغيره يا أخي، عليك بغيره والله أعلم».
لو نُقِلَ لك هذا الكلام مبتورًا مقطوعًا عن سباقه وسياقه، لقلت لا شكَّ أن لزهر يحذر من الرَّافضة أو يتكلَّم عن فرقَة مارقةٍ، تطعن في العلماء الأخيار، بل تطعن في أخيار هذه الأمَّة، فتفهم لا شكَّ أنهم يطعنون في الصحابة ومن جاء بعدهم من التَّابعين، ولكن يهون الخطب إن كنت تعلم أنَّه يتكلم عمن ينبزهم بالصَّعافقة فحينذاك تعلم أنَّ هذا العموم الفخم المقصود به التخصيص، وهذا التخصيص ليس هو الذي تذهب إليهم من كونهم العلماء المعاصرين السلفيين، بل هو تخصيص التخصيص بحيث يرجع إلى أفراد يعدون بالأصابع هو أحدهم!
وهذا من اللعب على العواطف، التي ما برحوا يستعملونها، فهم ظلموا إخوانهم وحذروا من إخوانهم وطلابهم ظُلما وبغيًا، ولما طولبوا بالأدلة والبراهين لم يذكروا شيئا ولم يأتوا ببيان، ولما طولبوا بالجلوس وضعوا شروطًا وأبوا، ولما دعاهم العلماء الربانيون للمناقشة والمناظرة ولوا الأدبار، ومضوا في طريقٍ هم اختاروه وانتقصوا كلَّ من خالفهم حتى ولو كان من العلماء الربانيين، وأفتوا كما ترى بأن لا يؤخذ القرآن عن منتسب إلى الصعافقة لا ندري هل صحَّ ذلك أم كان مظلوما؟ وأفتوا بحرق كتبهم وبفراق نسائهم، ويأتي بعد كل هذا ويقول يطعنون في خيار الأمَّة، ويقصدُ من حذر من المشايخ دون بينة ولا برهان بل بدعاوى وكلام مجمل، وأبى الصلح والإصلاح، وأعانَ من بان ظلمه، وأمر بالفرقة وغير ذلك.
ومع هذا فأخطر ما فيه أنَّهم جعلوهم فرقة ضالَّة اسمها «الصَّعافقة» وهذه الفرقة لها علامَة وهي «الطَّعن في العلماء وأخيار الأمَّة» وما برحنا نسمع هذا الكلامَ من بداية هذه الفتنة ونحن نرى الطعون تلو الطعون في مشايخنا وطلَّابهم، فإذا حاول أحدنا أن ينبز ببنت شفة وأن يستفصل قالوا: إنك تطعن! ولا زال مفعولها كما تراه إلى اليوم.
وإذا نظرنا إلى الفريقين لنخرج بحكم فصل كما قال ربنا سبحانه: «وكذلك نفصِّل الآيات ولتستبين سبيلُ المجرمين»، فالإجمال عماية ولهذا ركبه أهل الأهواء، بخلاف التَّفصيل فإنه به اتضاح السَّبيل، فلهذا كان شعار أهل الحقِّ.
إنَّ مشايخ الإصلاح وطلَّابهم لم يبدؤوا بالكلام والتَّحذير باتِّفاق، فإنَّ أوَّل من فجَّر الكلام عبد المجيد جمعة وقد كان يطعن في بعض مشايخ الإصلاح في «الحديقة» قبل اندلاع الفتنة أساسا فقد بلغنا كلامه وطعنه في الشَّيخ الدكتور رضا بوشامة -حفظه الله-، وبعد ذلك لما أراد أن يخرِجها إلى العلن، طعن بأوصاف شديدةٍ جدًّا في الفاضل أبي معاذ محمَّد مرابط في «واتسابيته الشَّهيرة» وقد أحدثت خلطًا عجيبًا، فحتى من يثقون فيه هالهم الأمر، وبعد ذلك «رسالته» في الطعن في الطلبة الأفاضل النجباء «الأربعة» ثمَّ بعد ذلك تكلَّم الشَّيخ عبد الغني عوسات -حفظه الله- وزكاهم، فطعن فيه وتكلموا فيه ثلاثتهم «فركوس، وجمعة، وأزهر» حتى نقل عن الشيخ فركوس أنه قال عنه: «يتباكى» وما بكي إلا حرقة على السَّلفيَّة، ثمَّ بعد ذلك رأينا ألوانا من الطعن وتفنُّنا فيه، فأسقطوا «مشايخ الإصلاح» جملةً وتفصيلًا وطعنوا فيهم بالكلام القبيح، جدًّا وسخريَّة، كـ«قضية المشاوي» و«رجعوا بخفي حنين» ونحو ذلك، فلمَّا وقف لهم العلماء الأكابر الربيع وعبيد -حفظهما الله- ظنَّنا أنهم سيتعقلون ويراجعون أنفسهم، فما رأيناهم إلا ازدادوا مُضيا وتقدُّما فتكلموا فيهم كذلك وطعنوا فيهم بمختلف الطعون ورموهم بأنهم: «سيقة» و«بطانتهم سيئة» وغير ذلك.
فهؤلاء عالمان ربانيان راسخان، وثمانية من مشايخ البلد، وأربعة من أنجب الطَّلبة، كلهم قد طُعن فيهم بالطعون الشديدة، وحذِّر منهم، وغيرهم كثيرٌ وفيرٌ.
ثم بعد كلِّ هذه الطُّعون، فلا بدَّ للمرء أن يدفع عن نفسه وعن العلماء الراسخين وعن مشايخِه، فلسنا على مذهب «همِّش وإن كان صادقًا يرفعه الله» بل نحن على قوله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما».
وما تكلَّوا وحذَّروا وبيَّنوا إلا بعد الظُّلم الذي رأوه واقعا عليهم وعلى إخوانهم، وبعد أن تكلم العلماء الكبار ونصحوا ووجَّهوا وطلبوا أن يردَّ الباطل على صاحبه، وقصروا كلامهم على من ردَّ عليهم العلماء الكبار وبينوا خطأهم وسوء صنيعهم، ومنهم الرؤوس الأربعة: «المحمَّدان، وجمعة، ولزهر» وإذا نظرت وجدتها ردودًا علميَّة ومناقشات لما جاؤوا به، وإن كان فيها شدَّة وتحذيرٌ فلا يبلغ مبلغ ما جاء به هؤلاء وأتباعهم.
وهاك أمثلةً: هل رأيت كتابًا واحدًا أحرق لهؤلاء؟ وهل ذكرت سرقاتهم العلميَّة ابتداء؟ وهل ذكرت مواقفهم مع المخالفين ابتداء؟ كلُّ هذا إنما كان السَّبق فيه لهم، وما كان فإنما هو باب الإلزام مع بيان أصل المسألة وأنَّها لا تقتضي الَّذي قرَّره أولئك فيها.
ثمَّ بعد كلِّ هذا، يأتون فيطلقون هذه الأوصاف تعميمًا وتدليسا وتلبيسا «يطعنون» وهم إنما «ردُّوا» و«بيَّنوا» كما نصح بذلك العلماء، و«في أخيار الأمَّة وعلماءها» وهاهم العلماء الأخيار كالفوزان، واللحيدان، وعبد المحسن العباد، والربيع، وعبيد وغيرهم، فهل تكلموا في واحدٍ منهم، وهل طعنوا في واحدٍ منهم، بل وفي غيرهم، إنما قصروا كلامهم على من «حذَّر منهم العلماء» أو «ردُّوا عليهم وأمروا بذلك» وإذا جئت وجدتهم أفرادًا معدودين.
وبالجملة فقابلَ عدد من طُعنَ فيهم ممن ينبزونهم بالصَّعافقة، والأقوال التي قيلت فيهم، ثم ارجع فانظر في مقابل ذلك، تدرك حقيقة من يطعن في خيار الأمة ومن الطَّعن سمته وطريقته.
وإنَّما أطلتُ نوعًا ما في هذه المسألة، لأنَّها من أكثر المسائل التي يتخذونها مطيَّة للتَّحذير ممن ينبزونهم بالصَّعافقة، وهي لا زالت تحتاج إلى مزيدِ كلام حولَها، لأنَّ كثيرًا من الناس قد تلقفها وتلقَّاها، والله المستعان وعليه التُّكلان.
أسأل الله أن يرفع عنا هذا البلاء، وأن يهدينا سبيل الرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


وكتب/ فتحي إدريس
11/جمادى الأولى/1441

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06 Jan 2020, 02:16 PM
أبو معاذ محمد مرابط أبو معاذ محمد مرابط غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 350
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي فقد لقّنت هذا الظالم درسا في الفهم والعلم.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07 Jan 2020, 02:02 PM
أبو فهر وليد أبو فهر وليد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 115
افتراضي

ماشاء الله! مقال نافع مفيد.
جزاك الله خيرا أخي أبا حذيفة ونفع بك.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07 Jan 2020, 05:45 PM
عمر رحلي عمر رحلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 111
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي على دفاع الموفق
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09 Jan 2020, 05:06 AM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي

بارك الله فيك أخي فتحي فقد طوفت بنا فيما يسمونه اليوم بالتفسير الموضوعي ويقصدون به تتبع آيات موضوع ما والربط بين معانيها وإبراز هداياتها، وكذلك فعلت حفظك الله فقد تتبعت آيات الترهيب من الظلم والأمر بالعدل والحث على اجتماع الكلمة ونبذ الفرقة والانتصار للمظلوم، والنهي عن سوء الظن والتثبت من الأخبار والتخويف من تقديس الشيوخ وتبيين المسلك الصحيح في النوازل، فأبرزت هدايات هذه الآيات وربطت بينها بأسلوب جزل فجاء مقالك جامعا ماتعا.
وهو مع ذلك معاقبة للجاني بنقيض قصده، فقد أراد التنفير من التعلم عند من نبزهم بالصعافقة فبينت له ماذا سيعلمون طلابهم؟ فأنعم به من معلم قرءان بصعفقة.
نفع الله بك وبمقالك
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09 Jan 2020, 07:53 AM
يوسف شعيبي يوسف شعيبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
المشاركات: 107
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي على قمع هذا الدخيل على العلم والفتوى المتضلع بالجهل والهوى، الذي وجد بين يديه بشرا بلا عقول وأشباحا بلا أفئدة، فجلس يهذي بما تمليه عليه نفسه الظالمة، ويتخرص على عباد الله بالكذب المكشوف، زاعما أن الصعافقة يطعنون في خيار الأمة، وما أكذبها من كلمة! فإنها كافية في إسقاط أحكام هذا الرجل المبطل وترك الالتفات إلى أقواله رأسا. ويكفي في إلجام هذا المتقول مطالبته بتسمية هؤلاء الأخيار الذين طعن فيهم من يسميهم صعافقة؛ فإنه لا يسمي إلا من نفذت فيهم كلمة أهل الشأن وصدقت فيهم فراسة أهل الحق، ونحن نقول بقولهم ونقفو قفوهم، فأنتم يا أزهر ومن معك متحزبة حدادية، مفرقة ظلمة. وليس معكم في ظلمكم وبغيكم أحد من أخيار الأمة وعلمائها، فأرح نفسك ولا تغش سامعيك، فإن الأخيار طالبوك بالصلح والاجتماع مع إخوانك فأبيت إلا خلافهم، فكيف تكون منهم ؟!
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09 Jan 2020, 08:54 AM
أبو حذيفة عبد الحكيم حفناوي أبو حذيفة عبد الحكيم حفناوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2018
المشاركات: 214
افتراضي

جزاك الله خيرا.
كتبت فوفيت.
ليته يعمل بنصائحك فيرتاح ويريح.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09 Jan 2020, 01:59 PM
أبو عبد الباري أحمد صغير أبو عبد الباري أحمد صغير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 191
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي وأجزل لك المثوبة.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09 Jan 2020, 06:36 PM
أبو أويس موسوني أبو أويس موسوني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 81
افتراضي

جزاك الله خيراً أخي الحبيب فتحي فتت كلامه بالأدلة الشرعية من كتاب رب العالمين ومن سنة سيد المرسلين
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09 Jan 2020, 08:50 PM
أبو دانيال طاهر لاكر أبو دانيال طاهر لاكر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 130
افتراضي

التفاتات بهية جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 09 Jan 2020, 09:22 PM
منصور بوشايب منصور بوشايب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 88
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي لردك على هذا الجاهل الكذاب المفتري،والله لقد فضحتهم هذه الفتنة بعدما كانوا مستورين،نسأل الله العافية
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 09 Jan 2020, 10:01 PM
أبو معاذ صالح الجزائري أبو معاذ صالح الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
الدولة: مدينة بشار الجزائر
المشاركات: 46
افتراضي

هكذا يكتب الفحول بارك الله فيك.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12 Jan 2020, 10:36 AM
محسن سلاطنية محسن سلاطنية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 320
افتراضي

لقد أراد لزهر الظالم شينا فقال زينا فمدح المعلم السلفي من حيث أراد شينه ثم تخبط وتخرص كعادته وهو الظالم الباغي ، عامله الله بعدله وكف عن السلفيين شره وشر صاحبيه.
جزاك الله خيرا أخي فتحي فقد أجدت وأفدت نفع الله بك.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 04 Feb 2020, 08:16 AM
أبو عبد الإله فارس البجائي أبو عبد الإله فارس البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2019
المشاركات: 9
افتراضي ما شا الله

مقال طيب أخي فتحي نفع الله بك وهدى به سائر من أورده زيغه الموارد.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013