فقد سُرِرنا كثيراً بما علمناهُ من خلال ما نُشر في منتدانا الطيب و المبارك بإذن الله ، و بُشرنا به جميعا ما حدث من صُلح بين الإخوة السّلفيِّين في مدينة سطيف - حرسها الله - وهذا بإشراف شيخنا أبا عبد اللّه أزهر سنيقرة - حفظه اللّه ومتّعه بالصحة والعافية - و تقبل منه .
و كذلك مجلس الصلح الذي عقده بين الإخوة السلفيين في ولاية الشلف بلدية الشطية فضيلة الشيخ عبد الحكيم دهاس و بعض الإخوة الأئمة طلبة العلم و الذي كانت ثمرته صلح و اتفاق على مسائل الخصام و لله الحمد و المنة .
فانطلاقا من هذه البشائر المتوالية و المفرحة و المثلجة لصدور أهل السنة ، التي نحمد الله عليها ونشكرهُ الّذي بنعمته تتمّ الصّالحات ، و مصداقا لقوله سبحانه و تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال:1]، وقول تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، و كذلك قوله سبحانه : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114]
ألتمس بإلحاح ، أصالة عن نفسي ونيابة عن كل من آلمتهُ من إخواني تلك النزاعات القائمة بين بعض اتباع المنهج السلفي الواحد ، والخلافات التي ذبت وسطهم ، أن ندعوا كل الإخوة المتخاصمين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى أولا فإنه بهم رقيب ، ثم المسارعة والمبادرة الى التصالح والصلح و التسامح بينهم وبين اخوانهم ، بترك التشاحن والتقاطع ، والتنابز و التخاصم ، مستحضرين ما جمعته هٰذه الدعوة السلفية من الخير العظيم والفضل العميم على الجميع في هذه البلاد وغيرها في الدنيا و في الآخرة بإذن الله ، و أن لا تحرموا أنفسكم الفضائل العظيمة للصلح و التصالح و التسامح و جمع الكلمة و ما سيعود على إثرها من خير و نفع كثير و أثر طيب على جميع إخوانكم خاصة وعلى الدعوة السلفية عامة بإذن الله.
" فمن فضائل الإصلاح بين الناس أنه نفع متعدي أفضل من الاشتغال بنوافل الصيام والصلاة والصدقة، لتعدي نفعه، وأن نفعه متعدي يقول صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بما هو أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة"، قالوا بلى يا رسول الله، قال: " إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة "، ومن فضائله أنه عمل يرضي الله ورسوله، يقول صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب: " ألا أخبرك بعمل يرضي الله ورسوله"، قال نعم، قال: "أصلح بين الناس إذا فسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا"، ومن فضائله أن المصلح بين الناس قد تصدق على نفسه وقابل نعم الله بشكرها، يقول صلى الله عليه وسلم: " يُصبح على كل سُلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة"، ومن فضائل الإصلاح بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للمصلح الكذب مع أن الكذب من كبائر الذنوب لكن أباح للمصلح الذي يقصد الخير أن يكذب توسلاً إلى جمع الكلمة وقطع دابر الفساد، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينوي خيراً أو يقول خير"، ومن فضائله أن المصلح لو احتاج إلى بذل مال في سبيل إطفاء فتنة وتقارب القلوب لأُعطي من الزكاة مقدار ما دفع ولو كان غنياً فإن الله يقول في الصدقة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ) [التوبة:60]، قال العلماء رحمهم الله: إن الغارم على قسمين: غارم لمصلحة نفسه كمن تحمل حقوق الناس لمصلحة نفسه الخاصة فعجز وتعب عن ذلك من غير سرف ومن غير مغامرة فيعطى من الزكاة ما يقضي به دينه، وكذلك من غرم لمصلحة الآخرين وهو الذي يصلح بين الناس فبذل مالاً في سبيل ذلك فإنه يُعطى من الزكاة مقدار ما بذل ولو كان غنياً. " (1)
فالله الله معشر الأحبة في المبادرة بإصلاح ذات البين و عرض الصلح على إخوانكم الذين بينكم وبينهم خصومة ، و على من عُرض عليهم الصلح أن لا يترددوا في قبول ذلك و أن يخشوا و يحذروا أنهم بردهم لطلب المسامحة و التصالح من إخوانهم أنهم سيؤثمون و سيُفوتون على أنفسهم وعلى إخوانهم أجرا عظيما وخيرا كثيرا .
فهؤلاء مشايخنا مشايخ الإصلاح جزاهم الله عن الإسلام و عن هذه الدعوة و عن هذه البلاد و عنا خيرا لن يدخروا بإذن الله أي جهد في بذل النصح و الحضور لمجالس الصلح بين الإخوة في أي مكان من هذه البلاد الغالية والطيبة بإذن الله .
واضعا بين يدي إخوتي وفقهم الله ، وصية نافعة لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله - العمل بها سيزيل العديد من الخلافات بين السلفيين بإذن الله ، سائلا الله جلّ في علاه أن يحفظ مشايخ السلفية وعلمائها عامة فى كل مكان ، و مشايخ الإصلاح في الجزائر خاصة وان بنفعنا بهم ، وأن يوفقهم جميعا لخيري الدنيا والآخرة كما أسأله سبحانه أن ينفع بهذه الدعوة ، و هذه الوصايا إخواني وأن تجمع بعد إذن الله و فضله كلمتهم إنه ولي ذلك والقادر عليه ، رزقني الله وإياكم و جميع مشايخنا و علمائنا الإخلاص في الأقوال والأعمال .
هذا والله تعالى أعلم فإن اصبت فمن الله وحده و توفيقه له الحمد والمنة ، و إن اخطأت فمني ومن الشيطان ، فأرجو تصويبي في مواطن الخطأ وتنبيهي إليها كي استدركها، و الله أسأل أن يغفر لي ذنوبي و أن يتجاوز عني وعن إخوتي إنه وحده القادر على ذلك و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ملاحظة : الوصايا ( الصوتية ) في المرفقات أدناه بإذن الله .
كتبه بإذن الله الفقير الى عفو ربه
إبنكم وأخوكم أبو إكرام وليد فتحون
ليلة الإثنين 11 ذو القعدة 1437 هـ
الموافق لـ 14 أغسطس 2016 م
(1) من خطبة فضل الإصلاح بين الناس لسماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو إكرام وليد فتحون ; 15 Aug 2016 الساعة 03:17 PM
جزاك الله خيرا أخي وليد على هذه الكلمات الطيبة ، نسأل الله أن ينفع بها .
أمين و إياك أخي الطيب سالم ، و أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب و يرضى و أن يؤلف بين قلوب كل إخواننا السلفيين في كل مكان على الحق ويجمعهم على الهدى،وأن يرفع بهم كلمته و أن لا يجعل الدنيا أكبر همهم ولا مبلغ علمهم ، وأن ينصر بهم سنة نبيه ، و أن يجمع الأمة كلها على كتاب الله و سنة رسوله عليه الصلاة و السلام ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.