منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 Feb 2011, 06:55 PM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر MSN إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Yahoo إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى سفيان الجزائري
افتراضي توحيد الله عز وجل واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم: هما الغاية لا الانتصار للديمقراطية والتعديلات ..

توحيد الله عز وجل واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم: هما الغاية
لا الانتصار للديمقراطية والتعديلات الدستورية


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن اتبع هداه،
أما بعد، فإن الله عز وجل لم يترك الخلق هملاً يعيشون بلا غاية، بل أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ ليدرك المكلفون الغاية العظمى من خلق هذا الكون، ألا وهي: أن يُعبَد الله وحده، وأن يُتَبَع رسله عليهم الصلاة والسلام.
فلما تحيد أمة الإسلام عن هذه الغاية المنشودة في أودية شتى شرعها الكفّّار، فإن هذا لأمر جللٌ يحتاج إلى وقفة.
ولقد اتصل عليَّ عددٌ من الشباب المتطلع للحقِّ يشتكون فيه من دعاوى دعاة المظاهرات والمتعصِّبين لهم في مصر بعد أن حقَّقوا بعض أهدافهم التي خرجوا من أجلها، واعتبروه انتصارًا مؤزرًا، بل اعتبره بعضهم نصرًا وفتحًا من الله، ومن ثَمَّ ادعوا أن خروجهم كان في سبيل الله.
وقبل أن أفنِّد هذه الدعاوى، أقول: إن هؤلاء المتظاهرين وأنصارهم كانوا على عقائد ومناهج متباينة، ويندرجون تحت هذه الطوائف الخمس:
الليبراليون، أي: المتحرِّرون من أحكام الدين.
النصارى.
شباب جاهل ليس له انتماء لحزب بعينه، وإنما يرفعون شعار الوطنية.
حزب الإخوان المسلمين.
القطبيون التكفيريون خوارج العصر، وهم من إفرازات حزب الإخوان.
وهذه الطوائف الخمس اشتركوا في مطالب مشتركة، على رأسها ثلاثة مطالب هي:
تنحية الرئيس المصري.
إجراء تعديلات في بعض مواد الدستور المصري الوضعي تحقِّق الديمقراطية المنشودة.
التحقيق مع وزراء ومسئولي الحكومة السابقة فيما نُسِب إليهم من نهب لأموال وممتلكات الدولة.
وبعضهم خرج لأخذ الثأر من الحكومة لظلم وقع عليه، وآخرون خرجوا للمطالبة بزيادة الأجور، ورفع مستوى المعيشة ..إلخ.
وكما ترى لا ذكر للإسلام في هذه المطالب لا من قريب أو بعيد، وهذا أمر لا غرابة فيه بالنسبة لأول طائفتين؛ حيث إنهما يظهران البغض الصريح للإسلام، ويناديان بإقامة دولة مدنية لا اعتبار للدين فيها، والطائفة الثالثة كذلك –وإن لم تظهر العداء للإسلام-، إلا أنهم يسيرون على المبدأ الذي أرسته ثورة 1919: "الدين لله والوطن للجميع"، لكنه يستغرب من آخر طائفتين، حيث إن كل طائفة منهما تدَّعي أنها تدعو إلى الإسلام.
فهؤلاء الخارجون – بطوائفهم الخمس لم يخرجوا في سبيل الله رافعين راية دين الإسلام القائم على الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، وإنما خرجوا تحت رايات جاهلية تعادي الإسلام أو تنحيه عن واقع الناس، فصار خروجهم -وسيلة وغاية- لا يرضي الله سبحانه؛ حيث إن وسيلة تحقيق مطالبهم –وهي المظاهرات والاعتصامات- مأخوذة عن الكفَّار الثوَّار، وركبها خوارج العصر؛ فهي محرمة في شريعة الإسلام، لمخالفتها الصريحة لعدة نصوص شرعية([1]) بجانب ما يعتريها من مفاسد ظاهرة لا ينكرها عاقل.
وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ ».
والغاية – التي هي الديمقراطية غاية جاهلية؛ لأن الديمقراطية تعني حكم الشعب بالشعب، فالشعب هو مصدر السلطات التشريعية والتنفيذية، لا شريعة الله سبحانه، والله عز وجل يقول في محكم كتابه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}، ثم قال سبحانه: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
فهذه هي بُغية هؤلاء: الانتصار لنعرة جاهلية بوسيلة محرمة شابهوا فيها الكفَّار.
والإخوان يسيرون على قاعدة: "نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، ومن ثَمَّ اجتمعوا مع هذه الطوائف التي تعادي الإسلام؛ لمشاركتهم لهم في المطالب المذكورة أعلاه.
وأذكر مثالاً واحدًا من الأحداث الأخيرة يؤكد مدى الخنوع في عقيدة الولاء والبراء عند الإخوان والتكفيريين من خلال تطبيق هذه القاعدة المشؤمة:
نقل أحد محرري الجرائد المصرية هذا الخبر بتاريخ (16/2/2011): "ومن المشاهدات المؤثرة –أي في ميدان التحرير-: ..وها هم المسيحيون يقومون بعمل كردون لحماية المسلمين أثناء الصلاة، وكذلك فعل المسلمون وأحاطوا بالمسيحيين أثناء إقامة القدَّاس بالميدان، ومن الطريف أن المسلمين كانوا يرددون آمين عندما تبدأ تلاوة الصلاة، وها هو نفس الصديق المسيحي يتدثر ببطانية مع أحد الشباب السلفيين منظر لا أتصور حدوثه لولا أنني رأيته بعيني".
قلت: وبالطبع هذا الصحفي لا يفرق بين السلفي والخارجي، فظن هذا الملتحي سلفيًّا لالتزامه بالهدي الظاهري دون النظر إلى حقيقة معتقده ومنهجه !
وتصدرت الصحف صورة تتضمن: يد أحد هؤلاء الثوَّار يرفع المصحف بجانب آخر يرفع الصليب !!
فأي منكر أعظم من هذا: أن يوضع كتاب الله: كتاب التوحيد، بجانب رمز الشرك والوثنية؟!
وكيف يتسنى لداعية يدَّعي التزام المنهج السلفي أن يصف هؤلاء الشباب بالشباب التقي النقي؟! ويصف ثورتهم بأنها ثورة مباركة ؟!
وإنما هذا الداعية وأمثاله ما هم إلا إفرازات حزب الإخوان الذي أخرج أجيالاً ممسوخة في عقائدها ومناهجها.
وقد أثبتت الوقائع التاريخية أن الإخوان المسلمين ومن تفرع عنهم هم من أجهل الطوائف بأحكام الله الشرعية، وبسنن الله الكونية، وبالواقع والتاريخ، وقد ظهر هذا جليًّا في أحداث مصر الأخيرة.
· فمن جهلهم بأحكام الله الشرعية: جهلهم بالتنزيل الصحيح للنصوص الشرعية على هذه الأمور المستحدثة نحو المظاهرات والاعتصامات والإضرابات، وأنها من سنن الكفار السيئة في المطالبة بالحقوق، ولذلك الكفَّار يحثُّون المسلمين عليها، ويثنون على القائمين بها منهم في جرائدهم ويجعلونهم أبطالاً؛ لأنهم عن طريقهم يحقِّقون أهدافًا لهم لإسقاط حكومات والإتيان بأخرى تكون أكثر موالاة لهم أو أقدر على تحقيق أهداف جديدة لهم.
ولست أدافع بكلامي هذا عن الحكومة السابقة، ولا أقر الفساد الذي تسببت فيه، وإنما القصد بيان الوسائل الشرعية لإصلاح هذا الفساد، فإن الفساد لن يصلح بفساد مثله.
ومن جهلهم بسنن الله الكونية: جهلهم بأن الله سبحانه لا يجري الإصلاح في الرعية عن طريق إسقاط سلطان أو حاكم، إذا كانت الرعية فيها فساد، وإنما يكون الإصلاح عن طريق إصلاح الرعية لأنفسهم؛ فيُولَّى عليهم مَن يُصلح، وهذه السنة مذكورة في الآيات التالية:
{ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}.
فلمَّا كانت الرعية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، كان الحاكم أفضل هذه الأمة بعد رسولها صلى الله عليه وسلم، وهو الصديق أبو بكر رضي الله عنه ، ثم تبعه الفاروق عمر رضي الله عنه، ثم تبعه ذو النورين عثمان رضي الله عنه، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولما باتت البدع والأهواء تنخر في جسد الرعية، وصار لها دعاة وحماة، وقلَّ أهل الفضل، كان الحكَّام في هذه الأمة: المأمون والواثق ونحوهما من أنصار البدع.
وكلَّما أطلت الخوارج بقرنيها، زاد الشر وقلَّ الخير، فما خرج الخوارج على حاكم، وتمكنوا من قتله أو عزله بالقوة، إلا كان الذي بعده أقل في الفضل أو أشرٌّ من سابقه، وهذا مرأي رأي العين فيمن تأمل التاريخ، فلمَّا قتل الخوارج عثمان رضي الله عنه، جاء بعده علي رضي الله عنه وهو على المشهور المنصور من قول أهل السنة أقل في الفضل من عثمان، ولما قتل الخوارج عليًّا تولَّى بعده معاوية رضي الله عنه، وهو باتفاق أهل السنة أقل فضلاً من علي رضي الله عنه، وهلم جرًّا.
وما زالت أحوال الرعية في تدهور وانحدار، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من زمان يأتي إلا الذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم"، فتولَّى عليهم أناس جاروا عليهم في دينهم ودنياهم؛ تبعًا لظلم الناس لأنفسهم في دينهم ودنياهم {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}، {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}، {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ}، { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا}.
فهذه سنة ربانية لا تتخلَّف عن أحد، وقد صاغها بعض العلماء في عبارة: "كما تكونوا يولَّى عليكم".
فهؤلاء يضادون الله سبحانه في سننه الكونية، ظانين أنه سوف يتسنى لهم الإتيان بسلطان صالح، مع تفشي الفساد في الرعية، وما هذا إلا لاعتناقهم المذاهب الفكرية الفاسدة في السياسة من ديموقراطية واشتراكية.
ومن جهلهم بالسنن الكونية والأحكام الشرعية: ظنُّهم أن منبع الفساد هم الحاكم الفاسد فقط، وأن ذهابه سيأتي بالخير!!
والصواب: أن أصل منبع الفساد هم رءوس الضلال والبدع، وأن ذهاب هذه الرءوس يزيد الخير ويقل الشر، وعلى النقيض: ذهاب العلماء الربانيين به يقل الخير ويزيد الشر، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ليس عام إلا والذي بعده شر منه، لا أقول: عام أمطر من عام، ولا عام أخصب من عام، ولا أمير خير من أمير، لكن ذهاب علمائكم وخياركم، ثم يحدث أقوام يقيسون الأمور بآرائهم؛ فيهدم الإسلام ويثلم».
فهم يكرسون دعوتهم للإطاحة بالحكام الفاسدين، مع حمايتهم لدعاة الضلال والبدع من رافضة وصوفيه وأشاعرة ومعتزلة وعلمانية، ومناصرتهم والتعاون معهم؛ لتحقيق مصالحهم السياسية المنافية للشرع، فمن ثَمَّ يزيد الشر ويقل الخير.
فمن أعضاء الحكومة السابقة: المفتي علي جمعة الذي يعادي منهج السلف أشد المعاداة، ويزين الشرك الأكبر بأمكر الشبهات وأخس الوسائل، ويطعن في أئمة أهل السنة بأخبث الطعون، ويوالي الرافضة، وله فتاوى شاذة في عدة مسائل لم نجد من حزب الإخوان وأدعياء السلفية أي إنكار عليه، أو تحذير من انحرافاته المتعددة، بل وجدنا منهم التعظيم والتبجيل له !
فإن كان وزراء الحكومة السابقة سرقوا أموال الشعب، فإن هذا الرجل ارتكب ما هو أعظم إن كانوا يعقلون، حيث أفسد معتقدات الشعب ولبَّس عليهم أمر دينهم.
فمن فتاويه الشاذة التي خالف بها جماهير علماء المسلمين:
إباحته التوسل بالموتى !!
إباحته التبرك ببول النبي صلى الله عليه وسلم !!
إباحته للمرأة أن ترضع زميلها في العمل !!
ادعاؤه أن الإمام محمد بن عبدالوهَّاب –رحمه الله- كان من الخوارج الذي خرجوا على الدولة العثمانية ..إلخ.

فوالله إن هذا المفتي لهو أشد ظلمًا من رئيس الدولة، وأشد ضررًا على عموم الناس منه، ولكن القوم لا يفقهون هذا؛ لأنهم يجرون خلف إصلاح دنياهم، وتناسوا إصلاح آخرتهم، فهان عليهم أمر دينهم بجانب دنياهم.
ولو كانت المظاهرات جائزة، فكان الأحرى بالعقلاء أن يتظاهروا مطالبين برحيل المفتي وأمثاله من دعاة الضلال الذين أفسدوا الدين والدنيا.
ومن جهلهم بالواقع والتاريخ، وعدم تعلمهم من تجاربهم السابقة: أنهم منذ أن نشأ حزبهم وهم يسلكون مسلك الخوارج في التهييج على الحكَّام وسبِّهم، وكلَّما خرجوا على حاكم كان الذي بعده أشرّ، وامتد شرُّه إليهم فنكَّل بهم، فأول حاكم مسلم عاصره حزب الإخوان هو الملك فؤاد، ويحكي شيخنا محمد عبدالوهَّاب البنا –رحمه الله تعالى- كيف خرج عليه حزب الإخوان بالقول، تبعته محاولات خروج بالسلاح، حيث قال رحمه الله في مقدمته على كتابي "التفجيرات والمظاهرات من منهج الخوارج":
"وكان أول من سنَّ بدعة الخروج على الحكَّام في العصر الحديث هو: حسن البنا، وذلك عن طريق المظاهرات والانقلابات، ولقد كنت فتًى في مُقتبل العمر حينما ظهر حسن البنا على الساحة، وأسَّس حزب الإخوان الـمفلسين([2])، وكنت أصاحب شباب الـخوان([3]) وأنا عمري حوالي تسع سنوات إلى قصر الـملك فؤاد -ملك مصر في ذاك الوقت ونقول:
1. 2. 3. 4. 5. 1. 2. 3. 1. 2. 3. 4.
إلى أنقرة يا ابن الْمَرَا([4])َ
وذلك أن الملك فؤاد أصله تركي.
وفي حوالي سنة 1936م التحقت بأنصار السنة، وكان من ضمن أصفيائي ثلاثة شباب: حسن جـمالي، ومـحمد مُنْجي، ومـحمد بشار، وهؤلاء الثلاثة كانوا من التنظيم السري لـجماعة الإخوان، رغم أنهم كانوا سلفيي العقيدة، وكان حسن جمالي ومـحمد منجي دائمًا يجهران بالعقيدة السلفية، وحسن البنا يجاريهما بذكر كلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن عبد الوهاب([5])، وهذا من عجيب أمرهم: فقد كانوا يعلمون السلفية ولا يعملون بها كحال بعض الأدعياء في هذه الأيام، وقد استأجروا فيلا في عزبة النخل، كانوا يصنعون فيها القنابل، وكان أجرؤهم حسن جمالي؛ فهو الذي كان يحمل القنابل ويرميها في المحلات التجارية، وفي الـمجتمعات".اهـ
قلت: فلمَّا تولَّى الملك فاروق الحكم بعد أبيه، استمرت سياسة الإخوان الخارجية معه، وهذه نماذج منها:
قال فتحي العسال في كتابه المذكور (ص106) نقلاً عن حسن البنا أنه قال: إننا لا نثق بهؤلاء الطغاة..الذين يستمدون سلطانهم من الطاغية الأكبر..وكان يسميهم (العبارقة) أي عبيد فاروق.
قلت: هكذا ربا حسن البنا منذ نعومة أظافره حزبه على منهج الخوارج في الإنكار على السلطان الجائر، وقد تشرب تلاميذه هذه اللَّكنة الخارجية الاعتزالية فبثوها في كتاباتهم، فقال فتحي العسال في كتابه: الإخـــوان المسلمون بين عـــهدين... قصــــة الإفساد الديني (ص106): وكم كانت روحانية حسن البنا تضيء قلوب إخوانه، وكم كان يعلم أن المجد وأن العزة وأن الحرية لن تنال بمغرم يتصدق عليه به طاغية مجرم مفتون -يقصد الملك فاروق.
وقال في (ص107): لقد كان ذلك الفتى الرقيع - فاروق - يحكم مصر ويعاونه في حكمه شرذمة حقيرة باعوا ضمائرهم وهتكوا أعراضهم لمفاتنه في سبيل مغنم حقير.
إلَى أن قال: لا يسعنا أن نقول لمثل هؤلاء ونوجه إلى كل آثم منهم ﴿ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ﴾[الزمر: 8].
قلت: قارن هذه النزعة الخارجية بما قاله أهل السنة الذين عاصروا الملك فاروق وكيف أنهم لزموا الجادة السلفية في التعامل معه، بإظهار الخير الذي عنده أملاً في مزيد من الصلاح على يديه، وبالدعاء له لا بسبِّه وتفسيقه أو تكفيره، حتى وإن صدرت منه بعض الكبائر المفسِّقة، فقال الشيخ محمد حامد الفقي في مجلة الهــــدي النبــــوي (عـــــدد شــــوال 1360) (ص39-40) تحت عنوان: جلالة الملك الصالح فاروق يحيي السنة الحسنة: أحيا جلالة الملك الصالح فاروق السنة الحسنة باستماع الدروس الدينية في شهر رمضان من حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الإمام الشيخ المراغي... يرى الناس جــــلالة الملك العظيم يجــــلس خــاشعًا منصتًا لتلك الآيات الحكيمة يفسِّرها شــــيخ الأزهر، ويقرأ في صفحة وجه الملك الفاروق حينئذ شدة انفعالاته النفسية وعظيم ما يعتلج في صدره من أماني صادقة وآمال جسام، وما يجول بخاطره من وضع للخطط التي تحقق تلك الآمال فتقر عين الإسلام يوم يكون الحكم بما أنزل الله، يوم تبرأ مصر ومعاهدها من علة الذين ذكر الشيخ المراغي أنهم في تقليدهم وفي أحكامهم يتخذون آيات الله هزوًا ويشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله، فعندئذ تصفو العقائد وتزكو النفوس....
إلَى أن قال: ونسأل الله أن يبارك في الفاروق ويعزه بالحق ويعز الحق به وينشر به لواء العمل بالكتاب والسنة وإقامة الحكم بما أنزل الله. اهـ
قلت: فضلَّ الإخوان بمخالفتهم المنهج الرباني في التعامل مع الحاكم الظالم أو الفاسق إلى أن بلغ السيل الزبد، فتضافر الإخوان مع الضباط الأحرار والاشتراكيين، من أجل إسقاط فاروق فلمَّا سقط فاروق، وأرادوا أن يستأثروا بالحكم دون أعوانهم، جاءتهم الضربة من أحد أتباعهم الذي انفصل عنهم، وهو جمال عبدالناصر، فغدر بهم، ونكَّل بهم، وألقاهم في المعتقلات؛ فكانت عاقبتهم سوءًا، ومكر الله سبحانه بهم كما مكروا بفاروق، وغدروا به.
قال:
وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هم يعيدون الكرَّة ويتآلفون مع هذه الأحزاب العلمانية والنصرانية بغية إسقاط الرئيس السابق، ونجحوا في إسقاطه كنجاحهم في إسقاط فاروق، فماذا بعد؟!
هل سيأتون بالخليفة الراشد بعده أم ماذا؟!
ونحن ما زلنا ننتظر إنزال العقوبة القدرية من ربِّ البرية بهم، إن لم يتوبوا إلى ربِّهم وينيبوا ويصلحوا ما أفسدوا؛ فليحذروا تنكيل الله بهم مرة أخرى!!
فهل ينفعهم بعد كل هذا الوبال أن يقوموا بحملة باهتة أطلقوها من "الفيس بوك" سمّوها بحملة الدفاع عن هوية مصر الإسلامية.
وأي مرجعية يطالبون الناس بالرجوع إليها؟ هل هي مرجعية الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؟
والجواب واضح مما سبق: إنما هي شرعية الأحزاب الضالة التي خلطت الحق بالباطل، وميَّعت عقيدة الولاء والبراء، التي هي أوثق عرى الإيمان، وحيَّدت الدعاة عن منهاج الأنبياء في الدعوة إلى الله.
هي شرعية لا تجعل التوحيد والاتباع هما الغاية، إنما تطالب بالديمقراطية، وتعلي من شأنها وتعظِّمها!
هي شرعية تستخدم التقية الدنيئة لتحقيق أهداف سياسية منحرفة عن التشريع الإسلامي الحقّ !
ومن تلاعبهم بهذه الشرعية: مشاركتهم الأحزاب العلمانية في هذه الثورة، مع علمهم التام بأن هذه الأحزاب تطالب بدولة مدنية لا مكان للدين فيها إلا في دور العبادة، ولا فرق فيها بين الإسلام وغيره من الملل الكافرة.

يتبع إن شاء الله ....

وصلى اللهم على محمد وعلى آله وسلم.

وكتب: أبو عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري

.................................................. .................................................. ........

([1]) والتي ذكرت بعضها خلال مقال: "يا دعاة المظاهرات: الله الله في دماء المسلمين"، ومقال: "النصوص النبوية وآثار السلف في تحريم الخروج على الحاكم ولو كان جائرًا".
([2]) كما كان يسميهم محدث اليمن: العلامة مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-.
([3]) هكذا بحذف الألف، أي أنهم خائنون للإسلام والمسلمين بنشر البدع والفتن، ومحاربة السنة وأهلها باسم إقامة الدولة الإسلامية.
([4]) وهذا اللفظ صار في عُرف بعض أهل الْحَضر من أهل مصر سبًّا قبيحًا يستحي المرء أن يذكره، وقد آثر الشيخ محمد عبد الوهاب حفظه الله ذكره كما قالوه إمعانًا في بيان سوء خُلُق هؤلاء الحزبيين الْمُخالف للهدي النبوي النبوي، والسمت السلفي، وسلفه -سلمه الله- في ذلك هو حديث النبي × فيمن يدعو بدعوى الجاهلية: "عُضوه بِهُن أبيه ولا تُكنوا، والـهُن هو الذَكَر.
وقال أحمد تيمور في مُعجم الألفاظ العامية (5/336): "مَرَة: حذفوا منها -أي من مرأة- الألف وهمزتها وحركوها؛ فقالوا: مَرَة..اهـ
([5]) قال الشيخ حسن عبد الوهاب -حفظه الله- تعليقًا على هذا الموضع-: "وقد استقطبهم حسن البنا وإخوانه كما استقطبوا كثيرين آخرين من هيئات وجمعيات مُملين مُمَنين إياهم بتحرير البلاد والحكم بالشريعة الإسلامية، وهُم مع الأسف لا يعرفون شيئًا من أصول أهل السنة إلا قليلاً، بل يـحاربون من يدعو إليها، وفاقد الشيء لا يعطيه.اهـ


التعديل الأخير تم بواسطة سفيان الجزائري ; 24 Feb 2011 الساعة 07:00 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013