منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08 Mar 2018, 01:06 PM
أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: مدينة تقرت، الجزائر
المشاركات: 320
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق
افتراضي [جديد] تفريغ محاضرة العلامة محمد بن هادي في التعليق على أثر مفضل فِي التحذيرِ من طرقِ أَهلِ البدع / الجزء الثالث والأخير

بسم الله الرحمن الرحيم


فهذا هو ((الجزء الثالث والآخير)) من تفريغ محاضرة الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- والتي ألقاها فضيلته يوم السبت ١٥ صفر ١٤٣٩هـ على إخوانه وأبناءه في مركز أبي بكر الصديق الإسلامي بمدينة هنترامك، ميتشجن بأمريكا الشمالية، وكانت بحضور وتقديم الشيخ عبد الرحمن العميسان -وفقه الله-، والتي هي بعنوان:
((التَّعْلِيقُ عَلَى أثَرِ الإِمَامِ "مُفضَّلٍ بنِ مُهلهلٍ" فِي التَّحِذيرِ مِنْ طُرُقِ أَهْلِ البِّدَع))
وليعلم القرّاء الكرام أنني قد قسَّمتُ المحاضرة إلى محاور أساسية حسب ما بدى لي من موضوعها، وعَنوَنْتُ لكل واحدة منها بما يناسبها -إن شاء الله- ، ووضعته بين معقوفتين مميزا إياه باللون الأحمر، وكذا ما تراه بين معقوفتين عَقِب الآيات والأحاديث والآثار مما هو داخل في العزو فهو في جملة العمل المتواضع الذي أضفته إلى أصل المحاضرة، وكل هذا خدمةً وتيسيراً على القرّاء ، فأسأل الله أن ينفع بهذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم -جل وعلاّ-.
ملاحظة: إستفدت في تفريغ الفصل الرابع من المادة التي نشرها الأخ أبو هريرة موسى بختي هنا -جزاه الله خيرا وأجزل له المثوبة- .
وحان أوان الشروع في المقصود وعلى الله التكلان:


******************************


[رابعاً/ فصلٌ في: بَيَان حَالِ الصَّعَافِقَة وَالتَّحذِير مِنْهُمْ]

( وأيضا، هناك جنسٌ آخرٌ قريبونَ من أهل الأهواء، وإن تظاهروا بالسنّة في هذا العصر في عصرنا هذا في أيّامنا هذه؛ وهم ((الصّعافقة)) ، فإنّهم ملحقون بأهل الأهواء ، وستكشف لكم الأيّام ما عليه هؤلاء الصّعافقة الفراريج الذين ظهروا علينا في هذه الأزمان، وفي هذا الزّمن خاصّة، في كل مكان ظهروا، هؤلاء الصّعافقة، الأغمار، الصغار، الأحداث ، أحداث الأسنان وسفهاء الأحلام، ويتظاهرون بلزوم المشايخ أو القرب من المشايخ؛ وإذا ما جاء طالب العلم وجلس إليهم لن يبدؤه بهذا، لن يبدؤه بنشر ما عندهم من الباطل.
وإنما يتظاهرون بأنهم مع الأكابر ومع العلماء ومع الشّيوخ؛ وهم كذّابون، والله كذّابون ،طعّانون في العلماء، في مجالسهم الخّاصة، يطعنون فيهم ويلمزونهم، إذا خلا بعضهم إلى بعض، تكلم بعضهم مع بعض بما هم عليه في الحقيقة والواقع.
وقد ابْتُلِينا بصنف من هؤلاء، فاحذروهم معشر الأحبة؛ فإذا وردتم على بلاد العلم فلا تجلسوا إلاّ إلى العلماء، إلى الكبار، إلى المشايخ، و احذوا هؤلاء الصّعافقة الذين يقطعون الطريق عليكم.

فلهم شبهة الآن قريبة من شبهة أهل البدع :"لزوم الأكابر... لزوم الأكابر... ونحن مع الأكابر"، وهم كذّابون، ﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ﴾ [آل عمران:119] ، يطعنون في العلماء وفي المشايخ في مجالسهم الخاصّة.
وهؤلاء شرّ على طلاب العلم، وشرّ على طلاب السنّة، وشرّ على أبناء السنّة في كل مكان ، وفي تواصلهم معهم البلاء العظيم، عن طريق وسائل التّواصل في "تويتر" أو في "الفيسبوك" أو في "انستجرام" أو فيما يتعلق "بالواتساب" أو نحو هذه الأشياء الجديدة الحادثة .

فإن المشايخ كانوا في السابق ينظرون و يسمعون، وبعضهم يتابع المواقع فيسمع ما فيها، أمّا الآن فمع وسائل التّواصل وأدوات التّواصل هذه الجديدة، فكلُ واحد من عنده، فمتى لعلك تتابع هؤلاء جميعا !
ولكن الله -جلّ وعلا- فضح هؤلاء وأخرج خبيئتهم، في "تغريداتهم" وفي "رتويتاتهم" وفي "توتراتهم" وفي "فسبكاتهم" وفي "وتسباتهم" ونحو ذلك.
أظهرهم الله على حقيقتهم، فهم مجموعة من الصّعافقة، ومجموعة من الجهلة، ولعل بعضهم قد اندسّ في أهل السنّة والعلم عند الله -جل وعلا-.
بعضهم لم يُعرفوا إلا من سنين قريبة، سنتين أو ثلاثة أو نحو ذلك، فجاءوا بعد ذلك يحكُمُون على أهل العلم !ويطعنون في أهل العلم! ويتكلمون في أهل العلم! ويقطعون الطريق على طلبة العلم في الوصول إلى أهل العلم !

فاحذروهم معشرة الأحبة، فإنهم والله فيهم شبه كبير من هؤلاء الذين ذكرناهم قبل قليل، لأنكم إذا جلستم معهم لن يحدثوكم بما هم عليهم في بُدُوِّ أمرهم، وإنما يتكلّمون بذلك إذا استثبتوا منكم، ورأوا مَيْلَكم إليهم، واستحكموا الأمر، وعلموا من قلوبكم أنها قد اطمأنّت إليهم ، فإذا ركنتم إليهم أرسلوا إليكم سهامهم و رشقوكم بها، وافرغوا فيكم سمومهم.
فاحذروهم كل الحذر معشر الأحبّة ، ولا تنظروا في مواقعهم ، ولا تستمعوا إلى كلماتهم، فإنهم -والذي لا إله إلا هو- شرّ على المسلمين وعلى أهل السنة عامة في كل مكان .
فاحذروهم غاية الحذر، لأنهم والله لا يستفيد منهم إلا أعداء الدعوة السلفية، فإنهم قد جاؤا بالفضائح والقبائح، وأهل السنّة إذا ما اطّلعوا على مقالاتهم عرفوا جهالاتهم ، و لكن الذي لم يطّلع لا يعرف."ومن علم حجة على من لم يعلم".

و ليُعلم أنهم قد أصبحوا حجة للمبطلين على أهل السنة، فأصبحوا يستدلون بهم، وعلى أنهم هم تلاميذ المشايخ وعلى أنهم هم الذين يتكلمون بإسم المشايخ، لا والله كذبوا ورب الكعبة ؛ فلا تأمنوهم ولا تسمعوا لهم ولا تأخذوا عنهم، فإن هؤلاء قطّاع الطريق على طلبة العلم، قطاع الطّريق على أهل السنة، يقطعون الطريق في ما بينهم وبين أهل العلم.
فاحذروا -حفظكم الله- أهل الأهواء، واحذروا من المتشبّهين بطلبة العلم والعلماء، فإنهم متشبّهون وليسوا منهم في الحقيقة؛ هؤلاء شرّ و بلاء، ويوشك الله -وجل وعلا- أن يفضحهم، ويهتِك سترهم، ويفضح أمرهم، ويُظهر خِزيَهم على رؤوس الأشهاد -نسأل الله العافية و السلامة-.

فاحذروا معشرة الأحبة من الرُّكون إلى هؤلاء كما تحذرون من الركون إلى أهل الأهواء، فإن في ذلك الخير الكثير وفي ذلك دفع الشرّ كله بإذن الله عنكم وعن الدعوة و عن أهل السنة في كل مكان، فاحذروا و تنبّهوا حفظكم الله، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا و إياكم .

وعليكم إذا نزل بكم الأمر، أن تأخذوا عن أئمة الهدى في السابق، عن علماء الهدى والإسلام والسنّة في هذا العصر في اللّاحق؛ وإياكم أن تأخذوا عن هؤلاء الأغمار الأغرار، الذين هم في الحقيقة حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام ، الذين يقولون ما لا يفعلون -نسأل الله العافية والسّلامة-.

احرصوا كل الحرص على أن يكون التفافكم حول أهل العلم والمشايخ، فإن النّاس لا يزالون بخير ما جاءهم العلم من قبل كبرائهم وشيوخهم فإذا جاءهم من قبل سفهائهم وصغارهم وأشرارهم هلكوا كما قال ذلك ابن قتيبة [انظر: الفقيه والمتفقه: 2 /379] في تفسيره لأثر ابن مسعود وابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-.

فاحذروا كل الحذر معشر الأحبّة ، احذوا كل الحذر من هؤلاء الصّعافقة، الّذين خرجوا علينا في هذه الفترة وفي هذه الآونة؛ وملؤا الدّنيا ضجيجا وصُراخا وعويلا، وهم والله ليسوا على شيء ، فأحذِّركم معشر الأحبّة، واعلموا أن الخير كلّ الخير في لزوم ركب أهل العلم، ولزوم غرز أهل العلم، والعودة إلى كلام أهل العلم، واحذروا كلّ الحذر من المبتدعة ومن يجالسهم ومن يتشبه بهم في طريقتهم وإن ادّعى أنه على السنة.

أسأل الله -سبحانه وتعالى- بأسماءه الحسنى وصفاته العلى- أن يثبّتنا وإياكم جميعا على الحق والهدى حتى نلقاه، وأن يرزقنا وإياكم جميعا الفقه في دينه، والبصيرة فيه، وأن ينوِّر بصائرنا، وأن يجعلنا من الثابتين على السنّة حتى نلقاه، كما أساله -جل وعلا- أن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يصرِف عنا وعنكم وعن المسلمين عامة في كل مكان هذه البلايا وهذه المصائب، كما أساله -سبحانه- أن يصلح حالنا وحالكم وأحوال جميع المسلمين حكّاماً ومحكومين، وأن يهدي ضال المسلمين، وأن يردَّ إلى الحق من علم في بقاءه خيرا للإسلام والمسلمين، وأن يقطع دابر من علم في بقاءه شرا للإسلام والمسلمين، إنه جواد كريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

[خامساً/ الأسئـلة والأجوبة ]
[ السؤال الأول ]
هذا سائل يقول -وهي معاناة- يقول: أحببتُ الدعوة السلفية وعلم الجرح والتعديل، وسمعتُ العلماء، ثم بعد ذلك ارتبطت ببعض الشباب ممن يجالس بعض العلماء، وأرى في نفسي الآن غلواً، حتى إني صرتُ أنقبض عندما أسمع المشايخ يتكلمون عن الألفة والرفق في الدعوة إلى الله -عز وجل-، ووقَع في قلبي الطَّعن على إخواني أهل السنة ومن هم معي وعلى منهجي الصحيح ووقع في قلبي هذا المرض، فماهي نصيحتكم لي فضيلة الشيخ ؟، فإني قد تعبتُ من ذلك وصرتُ لا أثق في أحد ودبَّ في قلبي الوسوسة.

[ الجواب]
الحمد لله،
هذا الذي ذكرت هو الذي حذرتكم منه قبل قليل، فإن العلماءَ الجرحُ والتعديلُ عندهم على قسمين:
القسم الأول:
ما يتعلق بالرواية، ما يتعلق بالأسانيد، أسانيد الأحاديث المروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والآثار الموقوف على أصحابه –رضي الله عنهم-، فهذا قد دوِّن وفُرِغ من تدوينه.
صحيح قول من [قال] انتهى علم الجرح والتعديل هذا صحيح من هذه الناحية، لكن مع ذلك ليس بصحيح من ناحية أخرى وهو أننا لا نزال نستعمل هذا الجرح والتعديل في الروايات إلى الآن تصحيحاً وتضعيفاً، فهل الجرح والتعديل انتهى؟، لم ينتهي، لا نزال نُعمل هذه الأقوال المدونة في كتب الجرح والتعديل الذين دونوا لنا هذه الكتب ونستعين بها على معرفة الصحيح والضعيف من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقوال أصحابه -رضي الله عنهم- .
إذن فالمقالة على إطلاقها "علم الجرح والتعديل انتهى" ليس بصحيح، هو انتهى تدوينا لكن اعتمادا واشتغالا به واعتناء به وممارسة له وتطبيقا له على كتب السنة وعلى الأسانيد الواردة فيها باق إلى أن تقوم الساعة.
الشق الثاني:
الجرح والتعديل لأهل الأهواء، الجرح والتعديل للناس، الطعن في الناس بسبب عقائدهم، وبسبب مناهجهم، هذا باق إلى أن تقوم الساعة، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أنه: "لَا تزَالُ طائفة مِنْ أُمَّتِه على الحق ظاهرين، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ"[ انظر: مسلم (1920)، أبو داود (4252)، الترمذي (2229) ] ، وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة كما نص على ذلك أئمة الهدى: كالإمام أحمد ويحي وعلى والبخاري وابن المبارك وغيرهم من أهل العلم نصوا على أنهم أهل الحديث، وإن لم يكونوا أهل الحديث فلا يدرون من هُم ، فهؤلاء هم الذين حفظ الله –جل وعلا- بهم الدين، وهؤلاء هم الذين يحثُّون على الألفة ويحذِّرون من الفُرقة، وهم الذين يحذِّرون من أهل الأهواء والبدع، وهم الذين يحذِّرون من الطعن والوقيعة في علماء الإسلام وعلماء الأمّة، ولكن لأنك -أيها الأخ الكريم- قد جالستَ هؤلاء الصّعافقة والتفوا عليك ولم تتسع عُقولهم ولا قلوبهم لفهم ما ورد عن علماء الإسلام في هذا الباب، ولم تحتَمِله قلوبهم، فما استطاعوا الجمع، فذهبوا يغلون في هذا الباب غلواً عظيماً، فأهلكهم الغلو ، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ ، فَإِنَّماَ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ) [أحمد (1/215،347)، والحاكم (1/466) وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي] ، فالغلو أيها الأحبة ويا أيها الأخ السائل من هؤلاء بسبب قلّة علمهم.

أنا أقول لك هؤلاء الصّعافقة وهؤلاء الفراريج -الذين التفوا عليك ورَضيتَ بأن تكون معهم- لما ضعفت عُقولهم عن إدراك الجمع بين الدِّفاع عن الجرح والتعديل وأنه باقٍ وأن الطعن في الناس لديانتهم ومذاهبهم وعقائدهم وطرائقهم ومناهجهم المخالفة باقٍ إلى يوم القيامة، ولما سمعوا بعض أهل العلم يقولون "الجرح والتعديل انتهى" لم تهتدي عقولهم إلى الجمع بين ذلك وبين ما يقولُه العلماء وما يفعلونه وما يحثّون عليه، ما يقولونه من تطبيق الجرح والتعديل على أهل الأهواء، وما يفعلونه أيضا من تطبيق الجرح والتعديل على الروايات، وبين ما يحثُّون عليه من التآخي بين أتباع المنهج الواحد وأبناء المنهج الواحد وأبناء العقيدة الواحدة وأبناء الطريقة الواحدة، فلما لم تتسع عقولهم لذلك ولم تتسع قلوبهم لذلك ولم تفهمه، أخذوا بجانب منه، لأنهم حُدَثاء الأسنان -معشر الإخوة ومعشر الأحبة وأنت أيها الأخ السائل الكريم- هؤلاء حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام لا يعقلون، لأنهم ما تعلّموا وما تأصَّلوا، والذين لم يتأصّلوا لن يتوصلوا إلى الجمع بين كلام أهل العلم فيرَوْن أن ظاهره التعارض والتناقض فيذهبون يطعنون فيهم، فيقولون لك: "هذا مُمَيِّع! وهذا الشيخ متناقض! وهذا الشيخ فيه كذا وكذا!" ، وكذبوا والله، لكن لجهلهم وقلة بضاعتهم ركبوا هذا المركب، ولقلة فهمهم ولصغر عقولهم وسفاهة أحلامهم وقعوا في هذا الأمر المنكر.

فأوصيك أيها الأخ ألا تَبقى مع هؤلاء، وعليك أن تترُكَهم، وعليك أن تلزم أهل العلم الذين يبينون لك ما أشكل، فإن الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم، فإذا أتاهم من قبل صغارهم وشرارهم،هلكوا، فهؤلاء قد اجتمع فيهم صغر السن وسوء القصد فهم شرار عياذا بالله من ذلك، فاتركهم وعد إلى طريقة أهل العلم، نسأل الله العافية والسلامة، فهؤلاء جهلة جهلا مركبا والجاهل المركب هو الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، وهذا الذي ينطبق عليه قول الشاعر:
قــــَالَ حِمَارُ الحَكِيمِ تُومَا *** لَوْ أَنْصَفُونِي لَكُنْتُ أَرْكَبْ
لأَنَّــنِـي جَــاهِـــلٌ بَسِيـــطٌ *** وَصَـاحِبِـي جَــاهِلٌ مُرَّكَّــبْ
والجاهل المركب: هو الذي لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.
إِذَا كُنْتَ لاَ تَدْرِى وَلَسْتَ كَمَنْ دَرَى *** فَمَنْ لِي بَأَنْ تَدْرِي بَأَنَّكَ لاَ تَدْرِي
[جاءت بألفاظ نحوها عن أبي القاسم الآمدي: انظر مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي (2/ 158)]

فأوصيك أيها الأخ الكريم والكلام للجميع أن تبتعدوا عن هؤلاء الصّعافقة وعن هؤلاء الأغمار وعن هؤلاء السُّفهاء سُفهاء الأحلام حُدَثاء الأسنان الذين لا تتّسع قلوبهم لفهم مثل هذا الكلام، لأن عقولهم لم تفهمه، فلما ضعُفَت عقولهم عن إدراكه ضاقت قلوبهم عن تطبيقه، عياذا بالله من ذلك.
فعقلوهم لم تصِل إلى تصديقه، وقلوبهم لم تقُم بتطبيقه، فنعوذ بالله منهم، فاحذرهم أيها الأخ الكريم وفارِقهم، وإذا فارقتهم فإنك ستجد الخير العظيم عاجلا بإذن الله -تبارك وتعالى-.

[السؤال الثاني]
بعض الإخوة يحدث عنده التناقض بين ما يسمع من أثار السلف في المقارنة بين البدع والمعاصي، فتراه يركب المعاصي، ثم إذا نُصِح في المعاصي فإنه يقول: "الأهم أني لست من أهل البدع"، فتجد عنده تهوينٌ في هذا الباب، فهل هذا الاستدلال صحيح؟، وكذلك يستدل بسلامة معتقده، فماهي نصيحتكم شيخنا –حفظكم الله- ؟
[الجواب]
نصيحتي لهذا أن يقرأ القرآن ويتدبره ويعرف الآيات الواردة في هذا، قال –جل وعلا- : ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر: 32]
فإذا نظر إلى هذه الآية، فلينظر هل هو مع المقتصدين؟
المقتصدون: هم الذين أدَّوا ما أوجب الله عليهم، ولم يزيدوا على الفرائض شيئا، لكنهم لا يذهبون إلى المعاصي، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَانهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» [رواه البخاريُّ (7288)، ومسلِمٌ (1337)].
فالمقتصد: هو الذي جاء بالفرائض وحافظ عليها وإن لم يأتي بالنوافل لكنه لم يوبق نفسه بالمعاصي-عياذا بالله من ذلك.
والسَّابق: هو الذي جاء بالفرائض وزاد عليها بالنوافل.
وأمّا الظالم لنفسه: فهو الذي أوبقها بالمعاصي –عياذا بالله من ذلك-.

فالمعاصي خطرها عظيم، والمعاصي وإن كانت ليست كالبدع إلا أنها تضعف الإيمان وتنقصه، فيجب على المؤمن أن يبحث إلى ما يكمل ايمانه ويقوي ايمانه ويزيد ايمانه، فعليك ان يبتعد عن المعاصي فإن أصحاب المعاصي على خطر عظيم، فهو إن كان على عقيدة سليمة فهل يأمن أن يدخل الجنة من أول وهلة ؟! هذا بلاء، وهذا فهم منكوس لكتاب الله –جل وعلا- ولسنة رسوله –صلى الله- فإن النبي –عليه الصلاة والسلام- : «الإيمَانُ بِضْعٌ وسَبْعُونَ شُعْبَةً» [مسلم: 35] ويقول: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً» [أبوداود (4682) ، الترمذي (1162) وحسّنه] والمعاصي تنافي كمال الأخلاق والدين، فشربُ الخمر لا يتفق مع الإيمان الصحيح، يقول النبي -صل الله عليه وسلم- : «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» [البخاري(2475)، مسلم (57)] لا شك، «لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» [تتمة الحديث السابق]، يعني كمال الإيمان منفي عنه، وإذا لم يكن الإيمان كاملا فهو ناقص، والعبد معرِضٌ نفسه للعقوبة، قال -عز وجل- : ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ (11)﴾ [الليل:5-11]، إلى أخر الآيات.
فالذين آمنوا وعملوا الصالحات هؤلاء هم الذين يرجون الفضل من الله -تبارك وتعالى- وهم : ﴿الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا﴾ [المؤمنون:60] مِنَ الطَّاعَاتِ، ﴿وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون:60]
فكيف هذا الذي يأتي المعاصي ويحتج بهذه الحجة هذا كلام باطل، فلا يحتج علينا بهذا، وهذا من قلة العلم وضعف العقل، فالمعاصي تضعف الايمان وتنقص الإيمان.

فالواجب على العبد أن يحذر كل الحذر من المعاصي، ولكن نحن نقول لا شك أن المعصية ليست كالبدعة لان المعصية لا ينسبها صاحبها إلى الدين ويؤمل فيه أن يتوب، بينما صاحب البدعة ينسبها إلى الدين ويتدين لله بها، فلا يرجى منه أن يتوب عنها،كيف يتوب عن الدين والديانة التي يراها ديانة ؟

لكن ليس معنى هذا فتح الباب على مصراعيه لأهل الفجور والفسوق، ويقول: أنا أعصي الله -جل وعلا- ويكفيني أني على اعتقاد صحيح، لو كان الاعتقاد صحيحاً وقوياً لحملك على البعد عن المعاصي، فإن العبد إذا ضعف إيمانه وقع في المعاصي كما سمعنا قبل: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، يعني يضعف إيمانه، فهل يحب أن يكون ضعيفا الإيمان؟ هذا يدل على ضعف العقل وقلة العلم وسفه التصور فالواجب معشر الأحبة أن يُبتَعَد عن المعاصي فإنها ضرر على العبد في دينه ودُنياه وليعلم أنها شؤم عليه في دنياه كما قال –جلاوعلا-: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [طه: 124] ، ضنك، صاحب المعاصي معيشته ضيقة ضنك شقاء تعاسة وبؤس وضيق وهَمٌّ وغَمٌّ وانقباض في القلب وأيضا ظُلمة في الوجه وضيق في الرزق نعوذ بالله من ذلك كما قال عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- [ذكره إبن القيم في الداء والدواء: فصل آثَارِ الْمَعَاصِي، ص52] ، فالواجب على العبد المسلم أن يتقي الله –جل وعلا- ولا يلعب عليه الشيطان ولا يلبس عليه بمثل هذا المقال ونسأل الله-جل وعلا- التوفيق للجميع.

[خاتمة و وصايا نافعة ]
[وبعد أن قام المقدّم للمحاضرة الشيخ عبد الرحمن العميسان –وفقه الله- بمداخلة طيبة، شكر فيها الشيخ وبلّغه مشاعر الإخوة نحوه ونحو غيره من العلماء وأخبر عن حال الإخوة هناك من إقبالهم على أخذ العلم من العلماء،
أردف الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي –حفظه الله- قائلاً:]


وبارك الله فيكم جميعاً، وأنا أيضا أبادلُهم الشُّعور نفسه، وأسلّم عليهم جميعاً؛ فـــ ((سلام الله عليهم جميعاً ورحمته وبركاته)).

والذي أوصيهم به هو ما ذكرتُه لهم قبل قليل؛ أن يحرصوا كل الحرص على أهل العلم وأن يحذروا أهل البدع والأهواء ومجالَسَتهم، وأن يحذروا من يتشبَّه بأهل الأهواء في طرائقهم؛ من الصّعافِقة حُدثاء الأسنان سفهاء الأحلام الذين ظهروا علينا في الآونة الأخيرة.

وأوصيكم وإياهم جميعا أن -أيضا- تعتنوا بالأخذ عن أهل العلم وأن تهتموا به، وأن تبتعدوا كل البعد عن هؤلاء الذين ذكرتهم لكم أنفا، وقد بيّنتُ حال هؤلاء وكثيراً من صورهم في كلمتي -قبل ليال- التي ألقيتها إلى إخوانكم في الديار المغربية تعليقاً على أثر ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- وهو قوله: «البركة مع أكابركم» أو مع الأكابر [صح مرفوعا بهذا اللفظ، وقد رواه الطبراني في الأوسط والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وانظر الصحيحة /1778، بينما قد روى الطبراني أيضا في الكبير (9 /114)، وابن المبارك في الزهد (815) أن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (لن يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أكابرهم، وذوي أسلافهم، فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم هلكوا).] ، فأوصي أبنائي وإخوتي جميعاً أن يستمعوا لذلك، وأن يستفيدوا منه، أسأل الله –جل وعلا-أن ينفعني وإياكم وإياهم جميعاً به.

وأوصيهم أيضا بأنهم إذا قدموا إلى بلاد الحرمين -خاصة- أن يحذروا من هؤلاء الصّعافقة كل الحذر، فإنهم والله قطّاع الطريق على طلبة العلم، وهم الذين يحاربون العلم باسم العلم، ويحاربون أهل العلم باسم أهل العلم، واللهُ -جلا وعلا- سيكشف سترهم ويهتِكُه ويفضح أمرهم عاجلاً قريباً؛ فإنه من تلبَّس بما ليس من لباسه كشفه الله -جل وعلا-.

ونسأل الله –جل وعز- أن يثبتنا وإياكم معشر الأحبة على الحق والهدى حتى نلقاه، وأن يجنبنا وإياكم جميعاً مضلات الفتن وخاصة هذه الفتنة العظيمة التي دخلتْ علينا ((فتنة الصّعافِقة)) في هذه الأيام وفي هذه الآونة، هؤلاء السفهاء؛ سفهاء الأحلام، حُدثاء الأسنان، أسأل الله –جل وعلا- أن يجنبنا وإياكم فتنتهم، وأن يجنبنا وإياكم فتنة المميِّعين وفتنة الملبِّسين على الناس بمجالسة أهل الأهواء، إنه جوادٌ كريم، وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين. ) اهــ



انتهى من تفريغها والاعتناء بها
أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق
الخميس 20 جمادى الآخرة 1439 هـ
الموافق لـ 08 مارس 2018 م
تقرت/ الجزائر




والحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, أثرالمفضل, محمدالمدخلي, مسائل, الجزءالثالث

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013