منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 30 Jun 2019, 07:59 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي مساكين أهل الدّنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها!!!








مساكين أهل الدّنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها!!!.





معرفة الله غاية مطالب البريّة

للشيخ عبدالرزّاق بن عبدالمحسن العباد البدر حفظهما الله.


إنّ من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرّفيعة معرفةَ الربّ العظيم والخالق الجليل بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدّين العظيمة ، وأصل من أصول الإيمان المتينة ، وقِوام الإعتقاد وأصلُه وأساسُه .

وما أعظمَه من مقام وما أجلَّها من منزلة وما أعلاها من رتبة حين يعرف المخلوق خالقه وربّه وسيّده وموجده ومولاه ، فيتعرّف على عظمته وجلاله وجماله وكبريائه ، ويتعرّف على أسمائه الحسنى وصفاته العلا.

ولا ريب أنَّ هذه المعرفة أشرف العلوم الشّرعية، وأزكى المقاصد العليّة وأعظم الغايات السَّنِيَّة؛ لتعلُّقه بأشرف معلوم وهو الله تعالى، فمعرفته سبحانه والعلم بأسمائه وصفاته وأفعاله أجلّ علوم الدّين كلّها، وإرادة وجهه أجلّ المقاصد، وعبادته أشرف الأعمال، والثناءُ عليه بأسمائه وصفاته ومدحُهُ وتمجيدُه أشرفُ الأقوال، وذلك أساس الحنيفية ملَّة إبراهيم، وهو الدّين الذي اجتمع عليه جميع النّبيِّين، وعليه اتّفقت كلمتهم وتواطأت مقالتهم وتوارد نصحهم وبيانهم، بل إنّه أحد المحاور العظيمة التي عليها ترتكز دعوتهم من أوّلهم إلى خاتمهم محمّد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وفي هذا يقول العلَّامة ابن القيِّم: «إنَّ دعوة الرّسل تدور على ثلاثة أمور: تعريف الربِّ المدعو إليه بأسمائه وصفاته وأفعاله، الأصل الثاني: معرفة الطريقة الموصلة إليه، وهي ذكره وشكره وعبادته التي تجمع كمال حبّه وكمال الذلّ له، الأصل الثالث: تعريفهم ما لهم بعد الوصول إليه في دار كرامته من النعيم الذي أفضله وأجلّه: رضاه عنهم وتجلّيه لهم ورؤيتهم وجهه الأعلى وسلامه عليهم وتكليمه إياهم»[«الصواعق المرسلة» (4/1489)].

ولـنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم من ذلك النصيب الأوفى «فعرَّف النّاس ربّهم ومعبودهم غاية ما يمكن أن تناله قواهم من المعرفة، وأبدى وأعاد، واختصر وأطنب في ذكر أسمائه وصفاته وأفعاله، حتى تجلَّت معرفته سبحانه في قلوب عباده المؤمنين، وانجابت سحائب الشك والريب عنها كما ينجاب السحاب عن القمر ليلة إبداره، ولم يَدَع لأمَّته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله ولا إلى من بعده، بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51]» [«جلاء الأفهام» (ص/285 ـ 286)].



وكتاب الله جلّ وعلا فيه آياتٌ متكاثرة ونصوصٌ متضافرة فيها الدّعوة إلى معرفة الله ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا ، وبيان ما يترتّب على هذه المعرفة من الآثار الحميدة والنهايات الرشيدة والمآلات الطيبة يقول الله تعالى { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأعراف:180] ، ويقول الله تعالى: { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110] ، ويقول الله تعالى: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } [طه:8] ، ويقول الله جل وعلا: { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الحشر:22–24] .

بل جاء في القرآن الكريم آياتٌ صريحة ونصوصٌ واضحة فيها الدعوة إلى تعلّم الأسماء والصفات ومعرفتها ومعرفة الله تبارك وتعالى بها ، وفي القرآن الكريم قرابة الثلاثين آية فيها الدعوة إلى العلم بأسماء الله وصفاته كقوله جل وعلا: { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة:209] ، وقوله تبارك وتعالى: { اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة:98] ، وقوله تبارك وتعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}[البقرة:267] ، وقوله تبارك وتعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [البقرة:244] ، وقوله تبارك وتعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } [محمد:19] ، وقوله جلّ وعلا: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }[الطلاق:12] والآيات في هذا المعنى كثيرة .

وبهذا ندرك شَرَف هذا العلم وفضلَه وأنَّه من الأسس العظام التي قامت عليها دعوات المرسلين، وأنَّه السّبيل الوحيد لعزِّ العبد ورفعته وصلاحه في الدنيا والآخرة، وعليه فإنَّ «مَنْ في قلبه أدنى حياة أو محبّة لربّه وإرادة لوجهه وشوق إلى لقائه، فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته وازدياده من التّبصّر فيه وسؤاله واستكشافه عنه، هو أكبر مقاصده وأعظم مطالبه وأجلّ غاياته، وليست القلوب الصّحيحة والنّفوس المطمئنَّة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر، ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظّفر بمعرفة الحق فيه» [«الصواعق المرسلة» (1/161)].



وهذه المعرفة هي التي عليها مدار السّعادة وبلوغ الكمال والتّرقّي في درج الرفعة، ونيل نعيم الدنيا والآخرة، والظفر بأجلِّ المطالب وأنجح الرغائب وأشرف المواهب، والنّاس في هذا بين مُسْتَكْثِر ومُقِلّ ومحروم، والفضل بيد الله يؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

ومتى كان العبد عارفًا بربِّه محبًّا له قائما بعُبُوديَّته ممتثلا أمره مبتعدا عن نواهيه؛ تحقّق له بهذه المعرفة والعبودية اللّتين هما غاية الخلق والأمر كمالَ الإنسان المرجو وسموَّه المنشود، بل «ليست حاجة الأرواح قطّ إلى شيء أعظم منها إلى معرفة بارئها وفاطرها ومحبَّتِه وذكرِه والإبتهاج به، وطلبِ الوسيلة إليه والزُّلفى عنده، ولا سبيل إلى هذا إلَّا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلّما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل وإليه أكره ومنه أبعد، والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه» [«الكافية الشافية» (ص/3 ـ 4)].

فـمعرفة الله تقوِّي جانب الخوف والمراقبة وتعظّم المحبّة والرّجاء في القلب، وتزيد في إيمان العبد، وتثمر أنواع العبادة، وبها يكون سير القلب إلى ربّه وسعيُه في نيل رضاه أسرعَ من سير الرّياح في مَهابِّها، لا يلتفت يمينا ولا شمالا، والتّوفيق بيد الله، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله.

فهي غاية مطالب البريّة، وهي أفضل العلوم وأعلاها، وأشرفها وأسماها، وهي الغاية التي شمَّر إليها المشمرّون، وتنافس فيها المتنافسون، وجرى إليها المتسابقون، وإلى نحوها تمتدّ الأعناق، وإليها تتّجه القلوب الصّحيحة بالأشواق، وبها يتحقّق للعبد طيب الحياة «فإنّ حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه، ولا حياة لقلبه إلَّا بمعرفة فاطره ومحبّته وعبادته وحده والإنابة إليه والطّمأنينة بذكره والأُنس بقربه، ومَنْ فقد هذه الحياة فقد الخير كلَّه، ولو تعوَّض عنها بما تعوّض من الدّنيا، بل ليست الدّنيا بأجمعها عوضا عن هذه الحياة، فمِنْ كلِّ شيءٍ يفوت عوضٌ، وإذا فاته الله لم يُعوِّض عنه شيءٌ الْبَتَّة» [«الجواب الكافي» لابن القيِّم (ص/132 ـ 133)].

والعجب من حال أكثر النّاس «كيف ينقضي الزّمان، وينفد العمر، والقلب محجوبٌ ما شمَّ لهذا رائحة، وخرج من الدّنيا كما دخل إليها وما ذاق أطيب ما فيها، بل عاش فيها عيش البهائم، وانتقل منها انتقال المفاليس، فكانت حياتُه عجزًا، وموتُه كمَدًا، ومعادُه حسرةً وأسفًا» [«طريق الهجرتين» لابن القيِّم (ص/385)] ،

فيخرج من الحياة وما ذاق أطيب ما فيها، ويغادر الدّنيا وهو محروم من أحسن ملاذها؛ كما قال بعض السلف: «مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: معرفة الله ومحبّته والأنس بقربه والشّوق إلى لقائه» [ ذكره ابن القيم في «الجواب الكافي» (ص/123)].

فإنّ اللَذَّة التّامة والفرح والسرور وطيب العيش والنّعيم إنما هو في معرفة الله وتوحيده، والأنس به والشّوق إلى لقائه، وأنكدُ العيش عيشُ قلبٍ مشتَّت، وفؤاد ممزَّق ليس له قصدٌ صحيح يبغيه ولا مسار واضح يتَّجه فيه، تشعّبت به الطُّرُق، وتكاثرت أمامه السُّبُل، وفي كل طريق كبوة، وفي كل سبيل عثرة، حيرانَ يهيم في الأرض لا يهتدي سبيلا، ولو تنقل في هذه الدروب ما تنقل لن يحصل لقلبه قرار، ولا يسكن ولا يطمئن ولا تقر عينُه حتى يطمئنَّ إلى إلهه وربِّه وسيِّده ومولاه، الذي ليس له من دونه وليٌّ ولا شفيع، ولا غِنًى له عنه طرفة عين.

المصدر:

موقع الشيخ عبدالرزّاق البدر وفّقه الله.








الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	معرفة الله وعبادته.png‏
المشاهدات:	2567
الحجـــم:	1.09 ميجابايت
الرقم:	6828   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	بسم الله.png‏
المشاهدات:	1756
الحجـــم:	12.7 كيلوبايت
الرقم:	6830  
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg التوحيد ملاذ المؤمنين.jpg‏ (66.4 كيلوبايت, المشاهدات 2408)
نوع الملف: jpg بعضهم يقول مساكين أهل الدنيا.jpg‏ (69.1 كيلوبايت, المشاهدات 578)
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013